كيف ابتسم من قلب الالم

وقفت في صمت و ذهول اتامل جسدك المسجي أمامي................مازالت قدماك دافتين و مازال الجرح الغائر في صدرك ينزف ..........و كانه اخر دليل علي الحياة التي كانت هاهنا منذ وقت قريب..

بالأمس كانت روحك المرحة تسكن هذه الدار..........تسال عن الجميع كبارا و صغار
و تطوف علي الصور المعلقة بالحائط.........فتعانق منها من حال بينها و بينهم العجز و بعد المسافات....

بالامس فقط كان صوتك العذب يهمس بكلمة امي كاجمل لحن في الوجود......فتترك كل شيئ و تاتيك بجسدها المنهك علي عجل رغم سنين عمرها الطويلة المثخنة بالجراح........ و اولها جرحك.

بالامس فقط كانت غرفتك مليئة بالزوار.......فتامر بقناني العطر قبل أباريق الشاي.........تديرها علي الحاضرين في مرح......عدا كلامك العطر الذي ينساب من بين شفتين اعياهما الانين.....فيعبق المكان بالاطاييب......و كانه قبس من روحك.

اذكر بالامس القريب........عندما طلبت مني أن اخرج زجاجة عطر من الدولاب-تلك كانت طريقتك الخاصة في الضيافة- و انثرها علي قريباتك اللواتي حضرن لعيادتك...
واذكر كيف أسكتني بنظرة ماكرة و ضحكة مكتومة.....عندما حاولت تنبيهك انه عطر رجالي.

اذكر كيف عادت الروح لتسكن جسدك مرتين.......... بعد ان صرخت والدتك من لوعة فراقك الدي بات و شيكا.............. فتحضرني اغنية لمارسيل خليفة-و اعشق عمري لاني اذا مت اخجل من دمعي امي ......فاستغرب كيف تصر ان تبقي حنونا حتى آخر رمق..

كنت أتعجب لك و منك.........رغم عجزك........و رغم الكرسي المتحرك الذي صار جزئا منك و من كينونتك......و من صورتك الراسخة في ذاكرتي..........و رغم عقد و نيف من المعاناة........اتعجب كيف واظبت علي الابتسام ....

اعطيتني دروسا كثيرة بحياتك........و بموتك علمتني كيف يكون قضاء الله ارحم و كيف ابتسم من قلب الالم

اشكرك علي الابداع

__________________