#1
|
||
|
||
الطب النبوى
فصل في هديه صلى الله عليه واله وسلم في علاج المصاب بالعين روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم العين حق ولو كان شىء سابق القدر لسبقته العين وفي صحيحه ايضا عن أنس أن النبي صلى الله عليه واله وسلم رخص في الرقية من الحمة والعين والنملة وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم العين حق وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين وفي الصحيحين عن عائشة قالت أمرني النبي صلى الله عليه واله وسلم أوأمر أن نسترقى من العين وذكر الترمذي من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقى لهم فقال نعم فلو كان شىء يسبق القضاء لسبقته العين قال الترمذي حديث حسن صحيح وروى مالك رحمه الله عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة عذراء قال فلبط سهل فأتى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عامرا فتغيظ عليه وقال علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت اغتسل له فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح مع الناس وروى مالك رحمه الله ايضا عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه هذا الحديث وقال فيه إن العين حق توضأ له فتوضأ له وذكر عبد الرزاق عن عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه مرفوعا العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين فإذا استغسل أحدكم فليغتسل ووصله صحيح قال الترمذي يؤمر الرجل العائن بقدح فيدخل كفه في فيه فيتمضمض ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ثم يغسل داخله إزاره ولا يوضع القدح في الأرض ثم يصب على رأس الرجل الذي يصيبه العين من خلفه صبة واحدة والعين عينان عين إنسية وعين جنية فقد صح عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه واله وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سعفة فقال استرقوا لها فإن بها النظرة قال الحسين بن مسعود الفراء وقوله سعفة أي نظرة يعنى من الجن يقول بها عين أصابتها من نظر الجن أنفذ من أسنة الرماح ويذكر عن جابر يرفعه إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يتعوذ من الجان ومن عين الإنسان فأبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين وقالوا إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل ومن أغلظهم حجابا وأكثفهم طباعا وأبعدهم من معرفة الأرواح والنفوس وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره وإن اختلفوا في سببه ووجهة تأثير العين فقالت طائفة إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيتضرر قالوا ولا يستنكر هذا كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك فكذلك العائن وقالت فرقة أخرى لا يستبعد أن ينبعث من عين بعض الناس جواهرلطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه فيحصل له الضرر وقالت فرقة أخرى قد أجرى الله العادة يخلق ما يشاء من الضرر عند مقابلة عين العائن لمن يعينه من غير أن يكون منه قوة ولا سبب ولا تأثير أصلا وهذا مذهب منكري الأسباب والقوى والتأثيرات في العالم وهؤلاء قد سدوا على أنفسهم باب العلل والتأثيرات والأسباب وخالفوا العقلاء أجمعين ولا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأوراح قوي وطبائع مختلفة وجعل في كثير منها خواص وكيفيات مؤثرة ولا يمكن العاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام فإنه أمر مشاهد محسوس وأنت ترى الوجه كيف يحمر حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحي منه ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه هذا كله بواسطة تأثير الأرواح ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها وليست هي الفاعلة وإنما التأثير للروح والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بينا ولهذا أمر الله سبحانه رسول أن يستعيذ به من شره وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية وهو أصل الإصابة بالعين فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة وتقابل المسحود فتؤثر بتلك الخاصية وأشبه الأشياء بهذا الأفعى فإن السم كامن فيها بالقوة فإذا قابلت عدوها انبعث منها قوة غضبية وتكيفت نفسها بكيفية خبيثة مؤذية فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين ومنها ما يؤثر في طمس البصر كما قال النبي صلى الله عليه واله وسلم في الأبتروذي الطفيتين من الحيات إنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحبل ومنها ما تؤثر في الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير أتصال به لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة بل التأثير يكون تارة بالاتصال وتارة بالمقابلة وتارة بالرؤية وتارة بتوجيه الروح نحو من يؤثر فيه وتارة بالأدعية والرقي والتعوذات وتارة بالوهم والتخيل ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية وقد قال تعالى لنبيه وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر وقال قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد فكل عائن حساد وليس كل حاسد عائنا فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد وإن صادفته حذر أشاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء فهذا من النفوس والأرواح وذاك من الأجسام والأشباح وأصله من إعجاب العائن بالشيء ثم يتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين وقد يعين الرجل نفسه وقد يعين بغير إرادته بل بطبعه وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء إن من عرف بذلك حبسه الإمام وأجرى له ما ينفق عليه الى الموت وهذا هو الصواب قطعا فصل والمقصود العلاج النبوي لهذه العلة وهو أنواع وقد روى أبو داود في سننه عن سهل بن حنيف قال مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت فيه فخرجت محموما فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال مروا أبا ثابت يتعوذه قال فقلت يا سيدي والرقي صالحة فقال لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة والنفس العين يقال أصابت فلانا نفس أي عين والنافس العائن واللدغة بدال مهملة وغين معجمة وهي ضرب العقرب نحوها فمن التعوذات والرقي الإكثار من قراءة المعوذتين وفاتحة الكتاب وآية الكرسي ومنها التعوذات النبوية نحو أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ونحو أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ونحو أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ماذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان ومنها أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه من شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ومنها اللهم أني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته أللهم أنت تكشف المأثم والمغرم اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك سبحانك وبحمدك ومنها أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته إن ربي على صراط مستقيم ومنها اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لا حول ولا قوة إلا بالله أعلم أن الله على كل شيء قدير وإن الله قد أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا اللهم إني أعوذ بك من من شر نفسي وشر الشيطان وشركه ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم وإن شاء قال تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء واعتصمت بربي ورب كل شيء وتوكلت على الحي الذي لا يموت واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الرب من العباد حسبي الخالق من المخلوق حسبي الرازق من المزروق حسبي الله هو حسبي حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا وليس وراء الله مرمى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ومن جرب هذه الدعوات والعوذ عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها وهي تمنع وصول أثر العائن وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها وقوة نفسه واستعداده وقوة توكله وثبات قبله فإنها سلاح والسلاح بضاربه فصل وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين فليدفع شرها بقوله اللهم بارك عليه كما قال النبي صلى الله عليه واله وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف ألا بركت أي قلت اللهم بارك عليه ومما يدفع به إصابة العين قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئا يعجبه أو دخل حائطا من حيطانه قال ما شاء الله لا قوة الا بالله ومنها رقية جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه واله وسلم التي رواها مسلم في صحيحه باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك ورأى جماعة من السلف أن يكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها قال مجاهد لابأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ومثله عن أبي قلابة ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لأمرأة يعسر عليها ولادها آيتان من القرآن يغسل ويسقى وقال أيوب رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع فصل ومنها أن يؤمر العائن بغسل مغابنه وأطرافه وداخلة إزاره وفيه قولان أحدهما أنه فرجه والثاني أنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده من الجانب الأيمن ثم يصب على رأس المعين من خلفه بغتة وهذا مما لا يناله علاج الأطباء ولا ينتفع به من أنكره أو سخر منه أو شك فيه أو فعله مجربا لا يعتقد أن ذلك ينفعه وإذا كان في الطبيعة خواص لا تعرف الأطباء عللها البتة بل هي عندهم خارجة عن قياس الطبيعة تفعل بالخاصية فما الذي ينكره زنادقتهم وجهلتهم من الخواص الشرعية هذا مع أن في المعالجة بهذا الاستغسال ما تشهد له العقول الصحيحة وتقر لمناسبته فاعلم أن ترياق سم الحية في لحمها وأن علاج تأثير النفس الغضبية في تسكين غضبها وإطفاء ناره بوضع يدك عليه والمسح عليه وتسكين غضبه وذلك بمنزلة رجل معه شعلة من نار وقد أراد أن يقذفك بها فصببت عليها الماء وهي في يده حتى طفئت ولذلك أمر العائن أن يقول اللهم بارك عليه ليدفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذي هو إحسان إلى المعين فإن دواء الشيء بضده ولما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد لأنها تطلب النفوذ فلا تجد أرق من المغابن وداخله الزار ولا سيما إن كان كناية عن الفرج فإذا غسلت بالماء بطل تأثيرها وعملها وأيضا فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص والمقصود أن غسلها بالماء يطفى تلك النارية ويذهب بتلك السمية وفيه أمر آخر وهو وصول أثر الغسل إلى القلب ومن أرق المواضع وأسرعها تنفيذا فيطفى تلك النارية والسمية بالماء فيشفى المعين وهذا كما أن ذوات السموم إذا قتلت بعد لسعها خف أثر اللسعة عن الملسوع ووجد راحته فإن أنفسها تمد أذاها بعد لسعها وتوصله إلى الملسوع فإذا قتلت خف الألم وهذا مشاهد وإن كان من أسبابه فرح الملسوع واشتفاء نفسه بقتل عدوه فتقوى الطبيعة على الألم فتدفعه وبالجملة غسل العائن يذهب تلك الكيفية التي ظهرت منه وإنما ينفع غسله عند تكيف نفسه بتلك الكيفية فإن قيل فقد ظهرت مناسبة الغسل فما ناسبة صب ذلك الماء على المعين قيل هو في غاية المناسبة فإن ذلك الماء أطفأ تلك النارية وأبطل تلك الكيفية الرديئة من الفاعل فكما طفئة به النار القائمة بالفاعل طفئت به وأبطلت عن المحل المتأثر بعد ملابسته للمؤثر العائن والماء الذي يطفأ به الحديد يدخل في أدوية عدة طبيعية ذكرها الأطباء فهذا الذي طفىء به نارية العائن لا يستنكر أن يدخل في دواء يناسب هذا الدواء وبالجملة فطب الطبائعية وعلاجهم بالنسبة إلى العلاج النبوي كطب الطرقية بالنسبة إلى طبهم بل أقل فإن التفاوت الذي بينهم وبين الأنبياء أعظم وأعظم من التفاوت الذي بينه وبين الطرقية بما لا يدرك الإنسان مقداره فقد ظهر لك عقد الإخاء الذي بين الحكمة والشرع وعدم مناقضة أحدهما للآخر والله يهدي من يشاء إلى الصواب ويفتح لمن آدام قرع باب التوفيق منه كل باب وله النعمة السابقة والحجة البالغة فصل ومن علاج ذلك ايضا والاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها عنه كما ذكر البغوي في كتاب شرح السنة أن عثمان رضي الله عنه رأى صبيا مليحا فقال دسموا نونته لئلا تصيبه العين ثم قال في تفسيره ومعنى دسموا نونته أي سودوا نونته والنونة النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير وقال الخطابي في غريب الحديث له عن عثمان أنه رأى صبيا تأخذه العين فقال دسموا نونته فقال أبو عمرو سألت أحمد بن يحيى عنه فقال اراد بالنونة النقرة التي في ذقنه والتدسيم التسويد أراد سودوا ذلك الموضع من ذقنه ليرد العين قال ومن هذا حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خطب ذات يوم وعلى رأسه عمامة دسماء أي سوداء أراد الاستشهاد على اللفظة ومن هذا أخذ الشاعر قولهما كان أحوج ذا الكمال إلى عيب يوقيه من العين فصل ومن الرقي التي ترد العين ما ذكر عن أبي عبد الله التياحي أنه كان في بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة وكان في الرفقة رجل عائن قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه فقيل لأبي عبد الله أحفظ ناقتك من العائن فقال ليس له إلى ناقتي سبيل فأخبر العائن بقوله فتحين غيبة أبي عبد الله فجاء إلى رحله فنظر إلى الناقة فاضطربت وسقطت فجاء أبو عبد الله فأخبر أن العائن قد عانها وهي كما ترى فقال دلوني عليه فدل فوقف عليه وقال باسم الله حبس حابس وحجر يابس وشهاب قابس رددت عين العائن عليه وعلى أحب الناس إليه فأرجع البصر هل ترى من فطور ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير فخرجت حدقتا العائن وقامت الناقة لا بأس بها فصل في هديه صلى الله عليه واله وسلم في العلاج العام لكل شكوى بالرقية الإلهية روى أبو داود في سننه من حديث أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول من اشتكى منكم او اشتكاه أخ له فليقل ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك وأمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء فأجعل رحمتك في الأرض واغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة من عندك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ بإذن الله وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال يا محمد اشتكيت قال نعم فقال جبريل عليه السلام باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شرك كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك فإن قيل فما تقولون في الحديث الذي رواه أبو داود لا رقية إلا من عين أو حمة والحمة ذوات السموم كلها فالجواب أنه صلى الله عليه واله وسلم لم يرد به نفي جواز الرقية في غيرها بل المراد به لا رقية أولى وانفع منها في العين والحمة ويدل عليه سياق الحديث فإن سهل بن حنيف قال له لما أصابته العين أو في الرقي خير فقال لا رقية إلا في نفس أو حمة ويدل عليه سائر أحاديث الرقي العامة والخاصة وقد روى أبو داود من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم لا يرقأ وفي صحيح مسلم عنه أينما رخص رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في الرقية من العين والحمة والنملة فصل في هديه صلى الله عليه واله وسلم في رقية اللديغ بالفاتحة أخرجنا في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال أنطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء فهل عند أحد منكم من شيء فقال بعضهم نعم والله إني لأرقي ولكن استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد الله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشى وما به قلبة قال فاوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقتسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتىنأتي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فتذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فذكروا له ذلك فقال وما يدريك أنها رقية ثم قال قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم سهما وقد روى ابن ماجه في سننه من حديث علي قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خير الدواء القرآن ومن المعلوم بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته قال تعالى وتنزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين و من ههنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا أصح القولين كقوله تعالى وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها المتضمنة لجميع معاني كتب الله المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب ومجامعها وهي الله والرب والرحمن والرحيم وإثبات المعاد وذكر التوحيدين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية وتخصيصه سبحانه بذلك وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفرضه وما العباد أحوج شيء إليه وهو الهداية إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه إلى الممات ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بمعرفته الحق والعمل به ومحبته وإيثاره ومغضوب عليه بعدوله عن الحق بعد معرفته له وضال بعدم معرفته له وهؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر والشرع والأسماء والصفات والمعاد والنبوات وتزكية النفوس وإصلاح القلوب وذكر عدل الله وإحسانه والرد على جميع أهل البدع والباطل كما ذكرنا ذلك في كتابنا الكبير في شرحها وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من الأدواء ويرقى بها اللديغ وبالجملة فما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء على الله وتفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم كلها وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم من أعظم الأدوية الشافية الكافية وقد قيل إن موضع الرقية منها إياك نعبد وإياك نستعين ولا ريب أن هاتين الكلميتن من أقوى أجزاء هذا الدواء فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل والالتجاء والاستعانة والافتقار والطلب والجمع بين أعلى الغايات وهي عبادة الرب وحده وأشرف الوسائل وهي الاستعانة به على عبادته ما ليس في غيرها ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه وفقدت الطبيب والدواء فكنت أتعالج بها آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارا ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام ثم صرت اعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع بها غاية الانتفاع فصل وفي تأثير الرقي بالفاتحة وغيرها في علاج ذوات السموم سر بديع فإن ذوات السموم أثرت بكيفيات نفوسها الخبيثة كما تقدم وسلاحها حمتها التي تلدغ بها وهي لا تلدغ حتى تغضب فإذا غضبت ثار فيها السموم فتقذفه بآلتها وقد جعل الله سبحانه لكل داء دواء ولك شيء ضدا ونفس الراقي تفعل في نفس المرقي فيقع بين نفسيهما فعل وانفعال كما يقع بين الداء والدواء فتقوى نفس المرقى وقوته بالرقية على ذلك الداء فيدفعه بإذن الله ومدار تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال وهو كما يقع بين الداء والدواء الطبيعتين يقع بين الداء والدواء الروحانيين والروحاني والطبيعي وفي النفث والتفل استعانه بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية والذكر والدعاء فإن الرقية تخرج من قبل الراقي وفمه فإذا صاحبها شيء من أجزاء بانه من الريق والهواء والنفس كانت أتم تأثيرا وأقوى فعلا ونفوذا ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية وبالجملة فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة وتزيد بكيفية نفسه وتستعين بالرقية وبالنفث على إزالة ذلك الأثر وكلما كانت كيفية نفس الراق أقوى كانت الرقية أتم واستعانه بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها وفي النفث سر آخر فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبثة ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان قال تعالى ومن شر النفاثات في العقد وذلك لأن النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة وترسل أنفاسها سهاما لها وتمدها بالنفث والتفل الذي معه شيء من ريق مصاحب لكيفية مؤثرة والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة وإن لم يتصل بجسم المسحور بل ينفث علىالعقدة ويعقدها ويتكلم بالسحر فيعلم ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة فتقابلها الروح الزكية الطيبة بكيفية الدفع والتكلم بالرقية وتستعين بالنفث فأيهما قوي كان الحكم له ومقابلة الأرواح بعضها لبعض ومحارتبها وآلتها من جنس مقابلة الأجسام ومحاربتها وآلتها سواء بل الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح والأجسام آلتها وجندها ولكن من غلب عليه الحسن لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها لاستيلاء سلطان الحسن عليه وبعده من عالم الأرواح وأحكامها وأفعالها والمقصود أن الروح إذا كانت قوية وتكيف بمعاني الفاتحة واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة فأزالته والله اعلم فصل في هديه صلى الله عليه واله وسلم في علاج لدغة العقرب بالرقية روى ابن أبي شيبة في مسنده من حديث عبد الله بن مسعود قال بينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يصلي إذ سجد فلدغته عقرب في إصبعه فانصرف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقال لعن الله العقرب ما تدع نبيا ولا غيره قال ثم دعا بإناء فيه ماء وملح فجعل بضع موضع اللدغة في الماء والملح ويقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حتى سكت ففي هذا الحديث العلاج بالدواء المركب من الأمرين الطبيعي والإلهي فإن في سورة الإخلاص من كمال التوحيد العلمي الاعتقادي وإثبات الاحدية لله المستلزمة نفي كل شركة عنه وإثبات الصمدية المستلزمة لإثبات كل كمال له مع كون الخلائق تصمد إليه في حوائجها أي تقصده الخليقة وتتوجه إليه علويها وسفليها وفي الوالد والولد والكف عنه المتضمن لنفي الأصل والفرع والنظير والمماثل ما اختصت به وصارت تعدل ثلث القرآن ففي اسمه الصمد إثبات كل الكمال وفي نفي الكفء التنزيه عن الشبيه والمثال وفي الأحد نفى كل شريك لذي الجلال وهذه الأصول الثلاث هي مجامع التوحيد وفي المعوذتين الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا فإن الاستعاذة من شر ما خلق تعم كل شر يستعاذ منه سواء كان في الأجسام أو الأرواح والاستعاذة من شر الغاسق وهو الليل وآيته وهو القمر إذا غاب تتضمن الاستعاذة من شر ما ينتشرفيه من الآرواح الخبيثة التي كان نور النهار يحول بينها وبين الانتشار فلما أظلم الليل عليها وغاب القمر انتشرت وعاثت والاستعاذة من شر النفاثات في العقد تتضمن الاستعاذة من شر السواحر وسحرهن والاستعاذة من شر الحاسد تتضمن الاستعاذة من النفوس الخبيثة المؤذية بحسدها ونظرها والسورة الثانية تتضمن الاستعاذة من شر شياطين الإنس والجن فقد جمعت السورتان الإستعاذة من كل شر ولهما شأن عظيم في الاحتراس والتحصن من الشرور قبل وقوعها ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه واله وسلم عقبة بن عامر بقرائتهما عقب كل صلاة ذكر الترمذي في جامعة وفي سر عظيم في استدفاع الشرور من الصلاة إلى الصلاة وقال ما تعوذ المتعوذون بمثلهما وقد ذكر أنه صلى الله عليه واله وسلم سحر في إحدى عشرة عقدة وأن جبريل نزل عليه بهما فجعل كلما يقرأ آية منهما انحلت عقدة حتى انحلت العقد كلها وكأنما نشط من عقال وأما العلاج الطبيعي فيه فإن في الملح نفعا لكثير من السموم ولا سيما لدغة العقرب قال صاحب القانون يضمد به مع بزر الكتان للسع العقرب وذكره غيره أيضا وفي الملح من القوة الجاذبة المحللة ما يجذب السموم ويحللها ولما كان في لسعها قوة نارية تحتاج إلى تبريد وجذب وإخراج جمع بين الماء المبرد لنار اللسعة والملح الذي فيه جذب وإخراج وهذا أتم ما يكون من العلاج وأيسره وأسهله وفيه تنبيه على أن علاج هذا الدواء بالتبريد والجذب والإخراج والله أعلم وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة فقال أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك واعلم أن الأدوية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله وتمنع من وقوعه وإن وقع لم يقع وقوعا مضرا وإن كان مؤذيا والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصول الداء فالتعوذات والأذكار إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب وإما أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها بحسب كمال المتعوذ وقوله وضعفه فالرقي والعوذ تستعمل لحفظ الصحة ولإزالة المرض أما الأول فكما في الصحيحين من حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد والمعوذتين ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يد من جسده وكما في حديث عوذة أبي الدرداء المرفوع اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم وقد تقدم وفيه من قالها أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسى ومن قالها آخر نهاره لم تصبه مصيبة حتى يصبح وكما في الصحيحين من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه وكما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه واله وسلم من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك وكما في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان في السفر يقول بالليل يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما يدب عليك أعوذ الله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن ساكن البلد ومن والد وما ولد وأما الثاني فكما تقدم من الرقية بالفاتحة والرقية للعقرب وغيرها مما يأتي فصل في هديه صلى الله عليه واله وسلم في رقية النملة قد تقدم من حديث أنس الذي في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه واله وسلم رخص في الرقية من الحمة والعين والنملة وفي سنن أبي داود عن الشفاء بنت عبد الله قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأنا عند حفصة فقال ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة النملة قروح تخرج في الجنبين وهو داء معروف وسمى نملة لأن صاحبه يحس في مكانه كأن نملة تذب عليه وتعضه وأصنافها ثلاثة قال ابن قتيبة وغيره كان المجوس يزعمون أن ولد الرجل من أخته إذا حط على النملة شفى صاحبها ومنه قول الشاعر ولا عيب فينا غير حط لمعشر كرام وأنا لا نحط على النمل وروى الخلال أن الشفاء بنت عبد الله كانت ترقى في الجاهلية من النملة فلما هاجرت إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم وكانت قد بايعته بمكة قالت يا رسول الله إني كنت أرقي في الجاهلية من النملة وإني أريد أن أعرضها عليك فعرضتها فقالت باسم الله صليت حتى يعود من أفواها ولا تضر أحدا اللهم اكشف الباس رب الناس قال ترقى بها على عود سبع مرات وتقصد مكانا نظيفا وتدلكه على حجر بخل خمرة حاذق وتطليه على النملة وفي الحديث دليل على جواز تعليم النساء الكتابة قد تقدم قوله لا رقية إلا في عين أو حمة الحمة بضم الحاء وفتح الميم وتخفيفها وفي سنن ابن ماجه من حديث عائشة رخص رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في الرقية من الحية والعقرب ويذكر عن ابن شهاب الزهري قال لدغ بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حية فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم هل من راق فقالوا يا رسول الله إن آل حزم كانوا يرقون رقية الحية فلما نهيت عن الرقي تركوها فقال ادعوا عمارة بن حزم فدعوه فعرض عليه رقاه فقال لا بأس بها فأذن له فيها فرقاه أخرجا في الصحيحين عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح قال بإصبعه هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها وقال باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا ليشفى سقيمنا بإذن ربنا هذا من العلاج السهل الميسر النافع المركب وهي معالجة لطيفة يعالج بها القروح والجراحات الطرية لاسيما عند عدم غيرها من الأدوية إذ كانت موجودة بكل أرض وقد علم أن طبيعة التراب الخالص باردة يابسة مجففة لرطوبات القروح والجراحات التي تمنع الطبيعة من جودة فعلها وسرعة اندمالها لا سيما في البلاد الحارة وأصحاب الأمزجة الحار فإن القروح والجراحات يتبعها في أكثر الأمر سوء مزاج حار فيجتمع حرارة البلد والمزاج والجراح وطبيعة التراب الخالص باردة يابسة أشد من برودة جميع الأدوية المفردة الباردة فتقابل برودة التراب حارة المرض لا سيما إن كان التراب قد غسل وجفف ويتبعها أيضا كثرة الرطوبات الرديئة والسيلان والتراب مجفف لها مزيل لشدة يبسه وتجفيفه للرطوبة الرديئة المانعة من برئها ويحصل به مع ذلك تعديل مزاج العضو العليل ومتى اعتدل مزاج العضو قويت قواه المدبرة ودفعت عنه الألم بإذن الله ومعنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء فيمسح به على الجرح ويقول هذا الكلام لما فيه من بركة ذكر اسم الله وتفويض الأمر إليه والتوكل عليه فينضم أحد العلاجين إلى الآخر فيقوى التأثير وهل المراد بقوله تربة أرضنا جميع الأرض أو ارض المدينة خاصة فيه قولان ولا ريب أن من التربة ما تكون فيه خاصية ينفع بخاصيته من أدواء كثيرة ويشفى بها أسقاما رديئة قال جالينوس رأيت بالأسكندرية مطحولين ومستسقين كثيرا يستعملون طينمصر ويطلون به على سوقهم وأفخاذهم وسواعدهم وظهورهم وأضلاعهم فينتفعون به منفعة بينة قال وعلى هذا النحو فقد يقع هذا الطلاء للأورام العفنة والترهلة الرخوة قال وإني لأعرف قوما ترهلت أبدانهم كلها من كثرة استفراغ الدم من أسفل انتفعوا بهذا الطين نفعا بينا وقوما آخرين شفوا به أو جاعا مزمنة كانت متمكنة في بعض الأعضاء تمكنا شديدا فبرأت وذهبت أصلا وقال صاحب الكتاب المسيحي قوة الطين المجلوب من كنوس وهي جزيرة المصطكى قوة تجلو أو تغسل وتنبت اللحم في القروح وتختم القروح انتهى وإذا كان هذا في هذا التربات فما الظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها وقد خالطت ريق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقارنت رقيته باسم ربه وتفويض الأمر إليه وقد تقدم أن قوي الرقية وتأثيرها بحسب الراقي وانفعال المرقى عن رقيته وهذا أمر لا ينكره طبيب فاضل عاقل مسلم فإن انتفى أحد الأوصاف فليقل ماشاء روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجعا يجده في حسده منذ أسلم فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل باسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ففي هذا العلاج من ذكر اسم الله والتفويض إليه والاستعاذة بعزته وقدرته من شر الألم ما يذهب به وتكراره ليكون أنجع وأبلغ كتكرار الدواء لإخراج المادة وفي السبع خاصية لا توجد في غيرها وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يعود بعض أهله يمسح عليه بيده اليمنى ويقول اللهم رب الناس أذهب الباس واشف أنت الشافي لاشفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماففي هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته وكمال رحمته بالشفاء وأنه وحده الشافي وأنه لا شفاء إلا شفاؤه فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
النبوى, الطب |
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ملف كامل للتداوى بالاعشاب (من الطب النبوى ) | ملك حنون | مقالات طبية - الصحة العامة | 2 | November 2, 2013 02:11 PM |
من معجزات الطب النبوي .....!!!!!! | قلب حائر | الطب البديل | 1 | June 4, 2010 12:26 AM |
الطب النبوي | مجموعة أنسان | الطب البديل | 8 | November 13, 2008 07:57 PM |
بعض النصائح من الطب النبوي | halaa | الطب البديل | 1 | August 16, 2007 02:05 PM |