فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم September 9, 2008, 07:18 PM
 
يجب ان نعيش في عالم (ربما)

يحكى أن فلاحا فقد حصانه، فقال له الجيران: كم أنت تعيس الحظ، فقدت حصانك! قال ربما هكذا وربما غير ذلك. بعد ثلاثة أيام عاد حصانه وقد أحضر معه من البرية حصانا غير مروض. فقال له الجيران: كم أنت سعيد الحظ، لقد صار لك حصانان! قال لهم: ربما هكذا وربما غير ذلك. بعد أيام رأى الجيران ابن الفلاح وساقه مجبورة ومتكئا على عكازة، وعرفوا أن الشاب كسرت ساقه وهو يروض الحصان الجديد. فقالوا للفلاح: كم أنت تعيس الحظ، لقد كان الحصان الجديد سببا في كسر ساق ابنك الظريف. فقال لهم: ربما هكذا وربما غير ذلك. بعد أيام جاءت مجموعة من العسكر لطلب ابنه إلى الجيش، ولكن لأن ساق الشاب مكسورة لم يأخذوه إلى الخدمة الإلزامية. فقال له الجيران: كم أنت سعيد الحظ، كسرت ساق ابنك حتى لا يؤخذ إلى الجيش. وماذا قال لهم؟ كما توقعتم. قال لهم. ربما هكذا وربما غير ذلك.
هذا الفلاح يتقبل اللحظة وما يأتي مع اللحظة ولا يصدر أحكاما وتقييمات بينما كل من حوله يقيمون اللحظة والحدث: جيد! سيىء! سيىء، لا جيد. وهكذا يفعل معظم الناس. ولكن الحياة تدور وما ظنناه جيدا قد لا يكون، وما كرهناه قد يتحول إلى أحسن النتائج، وهكذا دواليك. عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم. وقديما قالت العرب لا يكن حبك كلفا ولا يكن بغضك تلفا. أي لا تجعل الأحداث الخارجية ترمي بك إلى أطراف الحياة القصوى. عاليا وسافلا ويمينا ويسارا، وهياما وكراهية. أي عش في حالة من الطمأنينة النفسية، والتوازن. لا تركض بك الرياح من هنا ثم ترميك إلى هناك. أسلم لرب العالمين. فقمة المعرفة ليست حتى ذرة في هذا الكون الشاسع.
والإنسان السعيد، ولا أقصد هنا بالسعادة سرور اللحظات العابرة، وإنما حالة السعادة والانشراح التي تجري دائما تحت ظروف حياته وكأنه ماء عذب يغذيه مهما حدث حوله، يقف ساكنا حكيما يراقب تقلبات الحياة بلحظاتها الجميلة والمرة، عارفا أن من المحال دوام الحال. فإن أصابه مكروه عرف أن الزمن كفيل بتغيير الأمور، ودمل الجراح، وإن أصابه الخير لم يغتر ويختال.
تقول الكاتبة سوزان جيفيرز إن الحياة في عالم «ربما» تحرر الإنسان وتخرجه من القفص. وتصوروا أيضا ما يحدث لهذا الإنسان. فأنا كنت أحدثكم عن حالة السكون والرضا في داخله، ولكن الذي يعيش في عالم ربما يتأثر سلوكه الخارجي، فيزداد لطفا ورحمة مع من حوله. إذا كنت متأكدة من شيء، فإني بعيدة جدا عن احتمالات ربما، وسأجادل الآخرين وأدافع عن أفكاري، وأهاجمهم وأعاديهم. ولكن إن شعرت بأني ربما أنا مخطئة، وربما الآخر محق، عندها سأكون مستعدة للإنصات. وعندما أكون مستعدة للانصات الحقيقي، سينصت الطرف الآخر. ربما. هل نمتلك الحق الحقيقي المطلق النهائي الإلهي الأزلي. هل يخطر في بالنا أن نسأل هذا ونتواضع قليلا. من نحن حتى نظن أننا نعرف نهايات وحقائق أي شيء في هذه الحياة وفي هذا الكون؟ مجرد وجهات نظر. حتى العلم والمخابر والدراسات تأتي دائما بالجديد، وتغير ما كان عندها. ولا نعرف درجات الحق إلا بالنتائج، وتظل هذه النتائج تتغير، وحتى هذا أحيانا يأخذ حينا من الدهر. وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم أكبر مثال على اللطف في الحوار، والصبر على عدم رؤية النتائج. في حالته كانت النتائج سريعة جدا. ثلاثة عشر عاما! فإذا كنا نشعر هذا عندما نقرأ التاريخ، فلماذا لسنا مستعدين أن نعطي الآخرين دقيقتين، أو حتى يومين؟ حتى الله أعطى الشيطان فرصة أن يثبت نظرياته ومنهجيته في التغيير، وقال له إنك من المنظرين.
ورغم أن علماءنا الأقدمين كانوا بتواضع رائع يكتبون في نهاية الفصل، «والله أعلم،» إلا أننا نحن الآن نعيش في عصر نستطيع أن نعرف فيه أنهم لم يكونوا يتركون الكثير لله، خاصة مع الخصوم. يكفرون بعضهم ويستتيبون بعضهم. وكم من عالم وإمام مات في السجن أو قتل لأن علماء آخرين فتوا بدمه. واحسرتاه. ولكن هذا ما حدث، ونحن علينا أن نتقبل أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم. وتأكدهم خارج عالم ربما كان مدمرا. ربما! والله أعلم. وهذه أمة قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا. ونحن علينا أن نستفيد من أخطائهم، ونبدأ فعلا بالدخول في عالم، «والله أعلم» ونرتبك من تكفير الآخرين. فربما ربما ربما نتوقف عن قتل بعضنا، ونصحو من الغمرة كما بدأت الأمم الأخرى تفعل..
__________________
كُن صديقاً للحياه وإجعلِ الإيمانَ رايه

وإمضي حُراً في ثبات إنها كُل الحكايه
رد مع اقتباس
  #2  
قديم December 13, 2009, 03:27 AM
 
رد: يجب ان نعيش في عالم (ربما)

بارك الله فيك أخي
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم December 15, 2009, 01:31 AM
 
رد: يجب ان نعيش في عالم (ربما)

يحمل عالم ربما شيئا من التشاؤم لا يلبث حتى يوازنه التفاؤل

ولا أعلم لم َ لم أفكر في تطبيقه...

لكن "ربما" لأني أفضل الوضوح أكثر..إما أبيض أو أسود

شاكرة لك طارق موضوعك..

موفق


__________________
أزح الهم عنها يا الله~

لم يعد قلبي يحتمل ألماً

أقرؤه في عينيها~

كلما نظرت إليها
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
حدث, ربما, عالم, نعيش

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نحن نعيش....عبارات جميلة أبـو زياد المواضيع العامه 13 December 20, 2010 01:56 PM
لماذا نعيش ؟ الأمل وراء هذه الكلمات hossamf18 كلام من القلب للقلب 12 October 10, 2008 04:30 AM
أرحمي صمتي وعجز اللسان بويل1 كلام من القلب للقلب 8 June 29, 2008 09:11 AM
:•* لماذا نعيش..؟!! *• RiiMii كلام من القلب للقلب 3 June 15, 2008 10:56 PM


الساعة الآن 09:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر