فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > شعر و نثر

شعر و نثر اكتب قصيده , من انشائك او من نِثار الانترنت , بالطبع , سيشاركك المتذوقين للشعر مشاعرك



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم April 26, 2020, 08:19 PM
 
رد: البوصيري

إلهي عَلَى كلِّ الأمورِ لَكَ الحمْدُ
فليس لما أوليت من نعمٍ حدُّ

لك الأمرُ من قبل الزمانِ و بعدهِ
و مالكَ قبلٌ كالزمانِ و لا بعدُ

و حُكْمكَ ماض في الخلائِق نَافذٌ
إِذا شئتَ أمراً ليس من كونِه بُدُّ

تُضلُّ و تهدي منْ تشَاءُ منَ الوَرَى
و ما بِيد الإنْسَان غَيٌّ و لا رُشْدُ

دعوا معشر الضلال عنا حديثكم
فلا خطأٌ منه يجابُ و لا عمدُ

فلو أنكم خلقٌ كريمٌ مُسختمْ
بقَوْلِكُم لكن بمَنْ يُمْسَخُ القِرْدُ؟

أتانا حديثٌ ما كرهنا بمثلهِ
لكُمْ فِتْنَة ً فيها لمِثلِكُمُ حَصْدُ

غَنِيتُمُ عَنِ التأْويلِ فيه بظاهرٍ
وَ مَن ترَكَ الصّمْصَامَ لم يُغَنِهِ الغِمْدُ

وَ أَعْشى ضياءُ الحقِّ ضَعْفَ عُقُولِكمْ
و شمسُ الضُّحَى تَعْشَى بها الأَعيُنُ الرُّمْد

و لن تدركوا بالجهل رشداً و إنما
يُفرقُ بين الزيفِ و الجيد النقدُ

وعظتم فزدتمْ بالمواعظِ نسوة ً
و ليسَ يفيدُ القَدْحُ إن أَصْلَدَ الزَّنْد

و ما لَيَّنتْ نار الحجازِ قلوبكمْ
وَ قد ذابَ مِن حرِّ بها الحَجَرُ الصَّلْدُ

وَ ما هِيَ إلا عينُ نَارِ جَهنَّم
تَرَدَّدَ مِنْ أَنفاسِها الحرُّ وَ البَرْدُ

أتت بشواظٍ مُكفَهِرٍ نحاسهُ
فلوِّحَ منها للضحى و الدجى جلد

فما اسودَّ من ليلٍ غدا و هو أبيضٌ
وَ ما ابيضَّ منْ صبْحٍ غَدا وَ هْوَ مُسْوَدُّ

تُدَمِّرُ ما تأتي عليه كعاصفٍ
من الرِّيح ما إن يُستطاعُ لهُ رَدُّ

تَمُرُّ عَلَى الأرض الشديد اختلافُها
فَتُنْجِدُ غَوْراً أوْ يغورُ بها نَجْدُ

وَ تَرْمِي إلى الجوِّ الصُّخورَ كأنما
بِباطِنهَا غيظٌ على الجَوِّ أوْ حِقْدُ

و تخشى بيوتُ النارِ حرَّ دُخانها
وَ يَزْدَادُ طُغيانا بها الفُرسُ و الهِنْدُ

فلو قَرُبَتْ مِنْ سَدِّ يأجُوجَ بَعْدَما
بَنَى منه ذُو القَرْنَيْنِ دُكَّ بها السَّدُّ

وَ لَمَّا أساء الناسُ جِيرة َ ربِّهِمْ
و لمْ يَرْعَها منهم رئيسٌ وَ لا وَغْدُ

أَراهم مَقاماً ليسَ يُرْعَى لِجَارِهِ
ذمامٌ و لم يحفظ لساكنه عهدُ

مدينة نارٍ أحكمت شرفاتها
و أبراجها و السورُ إذ أبدع الوقدُ

و قد أبصرتها أهل بصرى كأنما
هي البصرة الجاري بها الجزر و المدُّ

أضاءت على بعد المزار لأهلها
من الإبلِ الأعناقُ و الليلُ مربدُ

أشارت إلى أن المدينة قصدُها
وَ لله سِرٌّ أنْ فَدَى ابنَ خَلِيلِهِ

يروحُ و يغدو كلُّ هولٍ و كربة ٍ
على الناس منها إذ تروح و إذ تغدو

فلمَّا التَجَوْا للمصطفى و تَحرَّمُوا
بساحتهِ و الأمرُ بالناسِ مشتدُّ

أتوا بشفيعٍ لا يردُّ و لم يكنْ
بِخَلْقٍ سوَاهُ ذلك الهَوْلُ يَرْتَدُّ

فأُطْفِئَتِ النارُ التي وَقَفَ الوَرَى
حيارى لديها لم يعيدوا و لم يبدوا

فإنْ حَدَثَتْ مِنْ بَعْدِها نارُ فِريَة ٍ
فما ذلك الشيءُ الفَرِيُّ وَ لا الإِدُّ

فللَّه سِرُّ الكائناتِ و جَهْرُها
فكمْ حِكم تَخْفَى وَ كَمْ حِكَم تَبْدُو

و قدماً حمى من صاحب الفيلِ بيتهُ
و لمَّا أَتى الحَجَّاجُ أَمْكَنَهُ الهَدُّ

فلا تنكروا أن يحرمَ الحرمُ الغنى
و ساكنه من فخره الفقر و الزهدُ

و قد فديت من ماله خير أمة ٍ
وَ لو خُيِّروا في ذلِكَ الأمرِ لَمْ يُفدُوا

فَواعَجَباً حتى البِقاعُ كَريمَة ٌ
لها مثلُ ما للساكِنِ الجاهُ وَ الرِّفْدُ

فإِن يَتَضَوَّعْ منه طِيبٌ بِطَيْبة ٍ
فما هو إلاَّ المندلُ الرطبُ و الندُّ

و إن ذهبت بالنار عنه زخارفٌ
فما ضَرَّهُ منها ذَهابٌ وَ لا فَقْدُ

أَلاَ رُبما زادَ الحَبيبُ مَلاَحَة ً
إذا شُقَّ عنه الدرعُ و انتثرَ العقدُ

و كم سُتِرَتْ لِلْحُسْن بالحَلْي مِنْ حُلًى
و كم جَسَدٍ غَطَّى مَحَاسِنَهُ البُرْدُ

و أهيبُ ما يُلقى الحسامُ مجرَدَّاً
و رَوْنَقُهُ أنْ يَظْهَرَ الصَّفْحُ وَ الحَدُّ

و ما تلكَ للإسلامِ إلا بواعثٌ
على أَنْ يجِلَّ الشَّوْقُ أوْ يَعْظُمَ الوَجْدُ

إِلى تُرْبَة ٍ ضَمَّ الأَمانَة َ و التُّقَى
بها و النَّدى و الفضلَ من أحمدٍ لحدُ

إلى سَيِّدٍ لم تأْتِ أُنْثَى بِمِثْلِهِ
وَ لاَ ضَمَّ حِجْرٌ مِثْلهُ لاَ وَ لاَ مَهْدُ

و لم يمشِ في نعلٍ و لا وطىء َ الثرى
شبيهٌ له في العالمين و لا ندُّ

شَب و قد أُحْكِمَتْ آياتُهُ و تشابَهَتْ
فَلِلْمُبْتَدِي وِرْدٌ لِلمُنْتَهي وِرْد

و إن كان فيها كالنجوم تناسخٌ
فطالعُهَا سَعْدٌ و غاربُها سعْدُ

و إن قصرت عن شأوها كل فكرة ٍ
فليست يدٌ للأنجم الزهرِ تمتدُ

فلمَّا عَمُوا عنها و صَمُّوا أَراهمُ
سيوفاً لها برقٌ و خيلاً لها رعدُ

و من لم يلن منه إلى الحق جانبٌ
بِقَولٍ أَلانَتْ جَانِبَيهِ القَنا المُلْد

و قد يُعجِزُ الدَّاءُ الدَّواءَ مِن امرِىء ٍ
و يشفيه من داء به الكي و الفصدُ

فغالبهم قومٌ كأن سلاحهم
نيوبٌ و أظفارٌ لهم فهم أسدُ

ثقاتٌ من الإسلامِ إن يعدوا يفوا
و إن يسألوا يهدوا و إن يقصدوا يجدوا

وَ أَمَّا مكانُ الصِّدقِ منهم فإِنه
مقالهُمُ وَ الطّعْنُ و الضَّرْبُ و الوعْدُ

إِذا ادَّرَعُوا كانتْ عُيُونُ دُرُوعِهِمْ
قلوباً لها في الرَّوْحِ مِنْ بَأْسِهِم سَرْدُ

يشوقك منهم كل حلمٍ و نجدة ٍ
تَحَلَّتْ بِكلٍّ مِنْهما الشِّيبُ وَ المُرْدُ

بهاليلُ أما بذلهم في جهادهم
فأنفسهم و المالُ و النصحُ و الحمدُ

فلله صديقُ النبيِّ الذي له
فضائلُ لم يدرك بعدٍّ لها حدُّ

وَ مَنْ كانَ لِلْمُخْتَارِ في الغارِ ثانياً
وَ جَادَ إلى أنْ صارَ ليسَ لهُ وَجْد

فإِنْ يَتَخَلَّلْ بالعباءَة ِ إنه
بذلك في خُلاَّتهِ العلمُ الفردُ

و من لم يخف في الله لومة لائمٍ
وَ لم يُعْيِهِ قِسْطٌ يُقامُ وَ لا حَدُّ

و لا راعه في الله قتلُ شقيقهِ
ألا هكذا في الله فليكن الجَلدُ

و منْ جَمَعَ القرآنَ فاجْتَمَعَتْ به
فضائلُ منه مثل ما اجتمعَ الزبدُ

و جهَّزَ جيشاً سار في وقت عسرة ٍ
تعذَّر من قوتٍ به الصاعُ و المدُّ

و من لم يُعَفَّر كَرَّمَ الله وجهه
جبينٌ لغير الله منه و لا خدُّ

فَتَى الحَربِ شَيْخُ العِلْمِ و الحِلْمَ
و الحِجَى عَلِيُّ الذي جَدُّ النَّبيِّ لَهُ جَدُّ

و مَن كانَ مِنْ خيرِ الأَنامِ بِفَضْلِهِ
كهارونَ مِن موسَى و ذلكمُ الجَد

و إن عجمت أفواهها عودَ بأسهِ
أَفادَتْكَ عِلْماً أَنَّ أفواهَها دُرْدُ

يُوَرِّدُ خديهِ الجلادُ و سيفهُ
فذَاكَ إِذَا شَبَّهْتَهُ الأَسَدُ الوَرْدُ

و عندي لكم آل النبي مودة ٌ
سَلَبْتُمْ بها قلبي و صارَ له عِنْدُ

على أنَّ تذكاري لما قد أصابكم
يُجدِّدُ أشجاني و إن قدم العهدُ

فِدًى لكُمُ قَوْمٌ شقُوا وَ سَعِدْتُمُ
فدارُهمُ الدنيا و دارُكمُ الخُلْدُ

فلاَ قَبِلَ الرَّحْمنُ عُذْرِي عُداتِكم
فإِنهم لا يَنْتَهُونَ و إِنْ رُدُّوا

إليك رسول الله عذري فإنني
بِحُبِّكَ في قَوْلِي ألِينُ وَ أَشْتَدُّ

فإن ضاع قولي في سواك ضلالة ً
فما أنا بالماضي من القول معتدُّ

و ما امتد لي طرفٌ و لا لان جانبٌ
لِغَيْرِكَ إلا ساءني اللِّينُ والمَدُّ

أأشْغَلُ عَنْ رَيْحَانَتَيْكَ قَريحَتِي
بشيحٍ و رندٍ لا نما الشيح و الرَّندُ

و أَدْعُو سِفاهاً غيرَ آلِكَ سادتي
و هل أنا إنْ وُفقتُ إلا لهم عبدُ

فلا راح معنياً بمدحي حاتمٌ
و لا عُنِيَتْ هندٌ بِحبِّي و لا دَعْدُ

و لا هيَّجت شوقي ظباءٌ بوجرة ٍ
و لا بعثتْ وصفي نقانقها الربدُ

و يا طِيبَ تَشْبِيبي بِطَيْبَة َ لاثَنَى
عنان لساني عنك غورٌ و لا نجدُ

فَهَبْ لي رسولَ الله قُرْبَ مَوَدَّة ٍ
تَقَرُّ بِهِ عَيْنٌ و تَرْوَى بِه كِبْد

و إني لأَرجو أنْ يُقَرِّبَنِي إِلَى
جَنابِكَ إِرْقالُ الرَّكائِبِ و الوخْد

و لولا وثوقي منك بالفوزِ في غدٍ
لما لَذَّ لي يَوْماً شَرابٌ وَ لاَ بَرْدُ

علَيْكَ صلاة ُ الله يُضْحِي بطيْبَة ٍ
لَدَيْكَ بها وفْدٌ و يُمْسِي بها وفْدُ

@ البوصيري
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من شروح وحواشي ونسخ وطبعات (قصيدة البردة) للإمام البوصيري رحمه الله تعالى أبو زيد 110 كتب اسلاميه 0 June 29, 2017 11:17 PM
قراءة في بردة البوصيري وشعره mostasharkm كتب اسلاميه 1 August 31, 2010 01:24 AM
قصة اسلام الدكتور التنصيري الامريكي صاحب موقع الاسلام اليوم الشيخ يوسف استس flying tiger النصح و التوعيه 1 January 10, 2010 03:03 PM


الساعة الآن 03:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر