شخصية العام بقلم عمر طاهر

**معرفتي** · #1 December 25, 2017, 09:51 PM

شخصية العام
بقلم
عمر طاهر

السبت 23-12-2017

عزيزى توم هانكس..
تسألنى عن شخصية العام من وجهة نظرى، اسمح لى بأن أرشح زوجتى للقب، هى التى تتلقى صفعات الغلاء بنفسها يوميا بالنيابة عن كل من فى البيت، أستطيع أن أميز هيئتها وهى عائدة من السوبر ماركت أكثر من تمييزى لها وهى عائدة من الكوافير. هى التى تبنت تنفيذ خطة البيت للدفاع عن عداد الكهرباء خوفا من رفعه بعد الفواتير العالية، تقبلت خطة أن يعمل السخان الكهربائى بمواعيد و«كل واحد وحظه» وأن نور البلكونة لا معنى له وضرورة أن يظل الصالون مظلما طالما لا يوجد ضيوف.. أو حتى لو فيه. تقدم فقرة الساحر يوميا على مسرح مصروف البيت، وتطارد طول اليوم أشخاصا قصار القامة يعيشون معنا محملة مرة بالطعام ومرة بالبامبرز ومرة بالدواء، ثم أتابعها فى السادسة صباحا من تحت البطانية وهى تسحبهم لتسلمهم لأتوبيس المدرسة، «شقا» أنظر إلى علاقتى به فأجد «كبيرى» هو «الزغزغة» مع الأطفال لمدة عشر دقائق يليها أوامر جافة لهم أن «يحلوا عن سمايا خالص».
أكافئها فى نهاية اليوم بعد نوم الأطفال بكوبين من الشاى بالنعناع والفضفضة، لكن أزمة الشاى التى «أخدت بالى» منها مؤخرا هى المواضيع التى أختارها، نسهر الليل أحدثها عن شفيق والأجهزة السيادية ومصير أبوهشيمة والدين الخارجى وخطابات الرئيس، لم تعترض يوما وتتفانى فى أن تؤنسنى بالحوار فى المواضيع التى حددتها. يحسب لها أصلا قدرتها على مواصلة العيش فى رفقة واحد أكل عيشه قائم على التحليق والتفكير والصمت والانعزال وتجربة الأفكار الجديدة فى كل من حوله فى أى وقت يخطر على باله، رفقة واحد هوايته التهور ويتفنن فى إيجاد أفكار يقطع بها عيشه من مكان مل العمل معه، رفقة واحد «فقرى» يحب محيى ويشجع الزمالك وسعيد به ويتمنى طول الوقت لو عاد الزمن به ما خرج من مدينته فى جنوب الصعيد، شخص ناقد بطبعه أكثر ما يجيده اصطياد العيوب. رفقة واحد لا يشبه الآباء الذين يخططون لمستقبل عائلاتهم بالاستثمار فى مقدم شقة أو سيارة جديدة بالتقسيط، لكنه يرى أن الاستثمار أفضل فى السفر والتعليم والخروج بالأطفال واصطياد تفاصيل وقتية مبهجة فى المكتبات وقاعات السينما والفكهانية وعشوة عند البرنس، أشعر أحيانا أنها تعيش فى خطر لكن هذا لا يثنيها عن تحمل نصيبها وبعض من نصيبى فى المسؤولية، اخترت أن ألعب دور «بريزنتيشن» هذه الأسرة، الراعى الرسمى الموجود اسمه فى لوحة على باب الشقة، لكن التفاصيل اليومية أتابع نتائجها وأتدخل فقط إذا ما تعقدت الأمور. أحترم أنها تكافح وتقدم خبرتها المهنية فى أكثر من محل عمل فى الوقت نفسه دون أن تثنيها التزاماتها العائلية عن ذلك، تحاول أن تؤمن منطقة دفاعية يمكن الرجوع إليها فى أى هجمة التزامات مرتدة.
عزيزى توم.. اسمح لى بأن أوسع الدائرة وأضع فيها كثيرات فى معظم بيوت مصر، يكملن مسيرة أمهاتنا اللواتى كن وزيرات التموين والمالية والصحة والتعليم فى بيوتنا، يفعلن ذلك فى ظل مجتمع لم تنضج علاقته بالمرأة بعد، وفى ظل ظروف اقتصادية تحير أمة بأكملها، وأجواء يهل «القلق» من كل جانب فيها، وضع يجعل الممسكات بـ«الأمومة» فيه كالممسكات بالجمر.
صحيح أن الواحد بحكم الفترة الطويلة التى قضاها وحيدا يفكر أن الحياة ستكون أسهل وأكثر خفة لو أنه استعاد «العزوبية»، يطل هذا الشعور يوميا فى عقل الرجل من مرتين إلى 18 مرة تقريبا، لكن عندما يدقق الواحد فى استعادة العزوبية الآن يراها أشبه باستعادة البدلة من الدراى كلين «ناقصة الجاكيت».
محبتى.. عمر

نقلا عن جريدة المصري اليوم

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
لا يوجد فول بـ«جنيه» بقلم عمر طاهر	معرفتي	مقالات الكُتّاب	0	December 21, 2017 04:23 PM
بضاعة يناير مقال بقلم عمر طاهر	معرفتي	مقالات الكُتّاب	0	December 21, 2017 04:18 PM
فلوس المصريين بقلم عمر طاهر	معرفتي	مقالات الكُتّاب	0	December 13, 2017 02:11 PM
ما أفسده الإصلاح بقلم عمر طاهر	معرفتي	مقالات الكُتّاب	0	November 22, 2017 07:52 PM
بهاء طاهر خمس وسبعون عاماً من البوح الجميل بقلم احمد صلاح محمود	احمد صلاح محمود	شعر و نثر	2	March 8, 2010 02:58 PM

شخصية العام بقلم عمر طاهر

مقالات الكُتّاب