فيسبوك تويتر RSS


  #25  
قديم March 7, 2020, 03:05 PM
 
رد: مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد)

مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة
########$$$###

الحنفية قالوا : إذا توارت رأس الإحليل، أو قدرها في قبل أو دبر من يجامع مثله بدون حائل سميك يمنع حرارة المحل، وجب الغسل على الفاعل و المفعول به سواء أنزل أو لم ينزل، و يشترط في وجوب الغسل عليهما أن يكونا بالغين، فلو كان أحدهما بالغاً، و الآخر غير بالغ، وجب الغسل على البالغ منهما، فإذا أولج غلام ابن عشر سنين في امرأة بالغة، وجب الغسل عليها دونه، أما هو فيؤمر بالغسل ليعتاده، كما يؤمر بالصلاة، و مثل الغلام في ذلك الصبية، و لا يجب الغسل بتواري رأس إحليل البالغ في فرج بهيمة أو ميتة، كما لا يجب بالإيلاج في فرج الخنثى المشكل، لا على الفاعل، و لا على المفعول، و كذا لو أولج الخنثى في قبل أو دبر غيره، فإنه لا يجب عليهما الغسل، أما إذا أولج غير الخنثى في دبر الخنثى، وجب الغسل على البالغ منهما.

الشافعية قالوا :
إذا غابت رأس الإحليل، أو قدرها من مقطوعها في قبل أو دبر وجب الغسل على الفاعل و المفعول، سواء كانا بالغين أو لا، فيجب على ولي الصبي أن يأمره به، و لو فعله يجزئه، و إلا وجب على الصبي بعد البلوغ، سواء كان المفعول مطلقاً للوطء أو لا، و سواء كان على رأس الإحليل حائل يمنع حرارة المحل أو لا، سواء كان المفعول آدمياً أو بهيمة، حياً أو ميتاً، أو خنثى مشكلاً، إذا كان الوطء في دبره، أما إذا كان الوطء في قبل الخنثى، فلا يجب الغسل عليهما، كما لا يجب عليهما بالإيلاج من الخنثى في قبل أو دبر غيره، و يشترك أن يكون الإيلاج الذي في القُبُل في محل الوطء، فلو غيب بين شفريها لم يجب الغسل عليهما إلا بالإنزال.

المالكية قالوا :
تحصل الجنابة، و يجب الغسل منها بإيلاج رأس الإحليل في قبل، أو دبر ذكر أو أنثى أو خنثى، أو بهيمة سواء كان الموطوء مطيقاً، و على الموطوء المكلف إن كان الواطئ مكلفاً، فمن وطئها صبي لا يجب عليها الغسل، إلا إذا أنزلت، و يشترط في حصول الجنابة للبالغ أن لا يكون على رأس الإحليل حائل يمنع اللذة. و إن تجاوز ختان المرأة لقوله صلى الله عليه و سلم :
" إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".

الحنابلة قالوا :
إن توارت رأس الإحليل في قبل أو دبر من يطيق الوطء بدون حائل، و لو رقيقاً، وجب الغسل على الفاعل و المفعول، إذا كان الذكر لا ينقص عن عشر سنين، و سن الأنثى لا تنقص عن تسع سنين، و يجب الغسل لتواري الحشفة، و لو كان المفعول به بهيمة أو ميتة، و إذا أولج الخنثى ذكره في قبل أو دبر غيره لم يجب الغسل عليهما، و كذا لو أولج غيره في قبله لم يجب عليهما، أما لو أولج غير الخنثى في دبر الخنثى وجب الغسل عليهما لكونه محقق الأصالة.
هذا، و ليس في مثل هذا الموضوع كبير فائدة، لأن معظمه صور نادرة الوقوع، كنت أريد حذفها، و لكن قد يحتاج إليها في بعض الأحكام أو في بعض البلدان .

الشافعية قالوا :
خروج المني من طريقه المعتاد يوجب الغسل بشرط واحد، و هو التحقق من كونه منياً بعد خروجه، سواء كان بلذة أو بغيرة لذة، و سواء كانت اللذة بسبب معتاد أو غير معتاد، بأن ضربه أحد على صلبه فأمنى، أو مرض مرضاً يسبب خروج المني، و لذا قالوا:
إذا جامع الرجل زوجه، فلم ينزل، ثم اغتسل، و نزل منه المني بعد الغسل بدون لذة فإنه يجب عليه إعادة الغسل، لأن المعول على خروج المني، على أن لهم في المرأة تفصيلاً، و هو أنها إذا اغتسلت، ثم نزل منها مني بعد الاغتسال، فإن كانت قد أنزلت قبل الغسل فإنها يجب عليها إعادة الاغتسال لاختلاط مائها بماء الرجل، أما إذا لم تكن قد أنزلت قبل الغسل فإنها لا تجب إعادة الغسل لأن هذا الماء الذي رأته يكون ماء الرجل وحده. نزل منها بعد الغسل فلا شيء عليها.
الحنابلة قالوا :
لا يشترط في وجوب الغسل خروج المني بالفعل، بل الشرط أن يحس الرجل بانفصال المني من صلبه، و تحس المرأة بانفصال المني عن ترائبها و الترائب هي - عظام الصدر التي تلبس عليها المرأة القلادة؛ من حلي ونحوه.
فالغسل عن الحنابلة يجب بهذا الانفصال؛ و إن لم يصل المني إلى ظاهر القبل، فإذا جامع الرجل زوجته، و لم ينزل منه ماء ثم اغتسل، و نزل منه المني بعد الغسل، فإن نزل بلذة، فإنه يجب عليه غسل جديد، و إن نزل بدون لذة، فإنه ينقض الوضوء فقط، و لا يوجب الغسل، و مثل ذلك ما إذا خرج المني بسبب ضربة أو مرض.
و بذلك تعلم أن الحنابلة يشترطون اللذة في خروج المني بدون جماع، و لا يشترطون خروج المني إلى ظاهر القبل، بل الشرط انفصاله من مقره، و هي حالة معروفة، أما الشافعية فهم على العكس من ذلك، إذ لا يشترطون اللذة أصلاً، و يشترطون انفصال المني على ظاهر القبل في الرجل، و إلى داخل قبل المرأة، و التحقق من كونه منياً.
الحنفية قالوا :
خروج المني بسبب من الأسباب الموجبة للذة غير الجماع له حالتان:
الحالة الأولى :
أن يخرج إلى ظاهر الفرج على وجه الدفق و الشهوة. فإذا عانق زوجته فأمنى بهذه الكيفية من غير إيلاج، فإن عليه الغسل، و ستعلم أن الإيلاج يوجب الغسل، و لو لم ينزل، و يعتبر المني خارجاً بشهوة متى التذ عند انفصال المني من مقره، فإذا انفصل المني بلذة، ثم أمسكه، و لكنه نزل بعد ذلك بدون لذة، فإنه يوجب الغسل، و يشترط في وجوب الغسل أن ينفصل المني من مقره، و يخرج خارج الذكر؛ فإذا انفصل و لم يخرج، فإنه لا يوجب الغسل .
الحالة الثانية :
أن يخرج بعض المني بسبب الجماع أو غيره، ثم يغتسل من الجنابة قبل أن يبول أو يمضي عليه زمن يتحقق فيه من انقطاع المني، ثم بعد الاغتسال في هذه الحالة ينزل منه ما بقي من المني بلذة أو بغيرها. و في هذه الحالة يجب عليه أن يعيد الغسل عند أبي حنيفة، و محمد. و لا يعيده عند أبي يوسف. و إنما يجب عليه الغسل في هذه الحالة عند أبي حنيفة، و محمد بشرط أن لا يبول قبل الاغتسال أو يمشي. أو ينتظر زمناً بعد خروج المني. فإن فعل شيئاً من هذه الأشياء ثم اغتسل و نزل منها المني بعد ذلك فإنها لا غسل عليه أما المني الخارج لا بسبب لذة كما إذا ضربه أحد على صلبه فأمنى أو كان مريضاً مرضاً يترتب عليه نزول المني بدون لذة فإنه لا غسل عليه.
و بهذا تعلم أن الحنفية مختلفون في ذلك الحكم مع الشافعية، والحنابلة، لأنهم يشترطون في وجوب الغسل خروج المني إلى ظاهر الفرج، و الحنابلة يكتفون بانفصالة عن صلب الرجل، و ترائب المرأة ويشترطون انفصاله عن مقره بلذة. وإن لم تستمر اللذة حتى يخرج. و الشافعية يشترطون خروجه، و إن لم يكن بلذة، فلحنفية يوافقون الشافعية في ضرورة خروج المني إلى ظاهر القبل، و يخالفون الحنابلة في الاكتفاء بانفصاله عن مقره، و إن لم يخرج بالفعل، و يوافقون الحنابلة في أنه لا يوجب الغسل، إلا إذا كان بلذة، و يخالفون الشافعية في ذلك.
المالكية قالوا:
إذا خرج المني بعد ذهاب لذة معتادة بلا جماع وجب الغسل، سواء اغتسل قبل خروجه أو لا؛ أما إذا كانت اللذة ناشئة عن جماع، كأن أولج و لم ينزل، ثم أنزل بعد ذهاب اللذة، فإن كان قد اغتسل قبل الإنزال، فلا يجب عليه الغسل .
الشافعية قالوا :
إذا شك بعد الانتباه من النوم في كون البلل منياً، أو مذياً لم يتحتم عليه الغسل، بل له أن يحمله على المني فيغتسل، و أن يحمله على المذي فيغسله و يتوضأ، و إذا تغير اجتهاده عمل بما يقتضيه اجتهاده الثاني، و لا يعد ما عمله باجتهاده الأول من صلاة و نحوها.
الحنابلة قالوا :
إذا شك بعد النوم في كون البلل منياً أو مذياً، فإن كان قد سبق نومه سبب يوجب لذة كفكر، أو نظر، فلا يجب عليه الغسل، و يحمل ما رآه على المذي، و إن لم يسبق نومه سبب يوجب لذة، فيجب عليه الغسل .
الأمر الرابع من موجبات الغسل :
دم الحيض، أو النفاس، و هذا القدر متفق عليه في المذاهب، فمن رأت دم الحيض، أو دم النفاس، فإنه يجب عليها أن تغتسل عند انقطاعه، ومن النفاس الموجب للغسل الولادة بلا دم (الحنابلة قالوا: الولادة بلا دم لا توجب الغسل) .

الحنفية قالوا :
يشترط في تغسيل الميت المسلم أن لا يكون باغياً، و البغاة عند الحنفية هم الخارجون عن طاعة الإمام العادل، و جماعة المسلمين ليقلبوا النظم الاجتماعية، طبقاً لشهواتهم، فكل جماعة لهم قوة يتغلبون بها، و يقاتلون أهل العدل هم البغاة عند الحنفية، فإذا تغلب قوم من اللصوص على قرية، فإنهم لا يكونون بغاة بهذا المعنى، و من مات منهم يغسل .
الحنابلة قالوا:
إذا أسلم الكافر، فإنه يجب عليه أن يغتسل، سواء كان حنباً أو لا

الحنفية قالوا:
أكثر مدة الحيض عشرة أيام، و أكثر مدة النفاس أربعون يوماً. فإذا انقطع دم الحيض بعد انقضاء عشرة أيام، و انقطع دم النفاس بعد انقضاء أربعين يوماً من وقت الولادة، فإنه يحل للزوج أن يأتي زوجه، و إن لم تغتسل، مسلمة كانت، أو كتابية؛ أما إذا انقطع الدم لأقل من ذلك، كأن ارتفع حيضها بعد سبعة أيام مثلاً، و ارتفع دم نفاسها بعد ثلاثين يوماً، أو أقل، فإنه لا يحل لزوجها أن يأتيها إلا إذا اغتسلت، أو مضى على انقطاع دمها وقت صلاة كامل، مثلاً إذا انقطع الدم بعد دخول وقت الظهر فلا يحل له إتيانها، إلا إذا انقضى ذلك الوقت بتمامه، و صارت صلاة الظهر ديناً في ذمتها، أما إذا انقطع الدم في آخر وقت الظهر، فإن كان باقياً منه زمن يسع الغسل و تكبيرة الإحرام، فإنه يحل له إتيانها بانقضائه، أما إذا لم يبق من وقت الظهر إلا زمن يسير لا يسع ذلك، ثم انقطع حيضها، فإنه لا يحل إتيانها إلا إذا اغتسلت أو مضى عليها وقت صلاة العصر كله بدون أن تجد دماً، لا فرق في ذلك كله بين أن تكون الزوجة مسلمة، أو كتابية
الحنابلة قالوا :
لا يشترط تقدم الاستنجاء على الغسل، بخلاف الوضوء، فإنه يشترط فيه ذلك.
الشافعية قالوا :
إن من شرائط صحة الوضوء أن يكون المتوضئ مميزاً، فإذا توضأت المجنونة التي لا تمييز عندها، فإنّ وضوءها لا يصح، و هذا ليس شرطاً في الغسل، فلو حاضت و اغتسلت، و هي غير مميزة، فإنه يحل لزوجها أن يأتيها .

الحنفية قالوا :
فرائض الغسل ثلاثة:
أحدها: المضمضة .
ثانيها: الاستنشاق .
ثالثها: غسل جميع البدن بالماء .
فهذه هي الفرائض مجملة عند الحنفية، و يتعلق بكل واحد منها أحكام فأما المضمضة فإنها عبارة عن وضع الماء الطهور في الفم، و لو لم يحرك فمه، أو يطرح الماء الذي وضعه في فمه، فمن وضع ماء في فمه، ثم ابتلعه، فقد أتى بفرض المضمضة في الغسل، بشرط أن يصيب الماء جميع فمه، و إذا كانت أسنان الذي يريد الغسل مجوفة - ذات فلل - فبقي فيها طعام، فإنه لا يبطل الغسل، و لكن الأحوط أن يخرج الطعام و الأوساخ من بين أسنانه. و من فوق لثته حتى يصيبها الماء، و أما الاستنشاق فهو إيصال الماء إلى داخل الأنف بالكيفية التي تقدمت في الوضوء، فإذا كان في أنفه مخاط يابس، أو وسخ جاف فإن غسله لا يصح إلا إذا أخرجه، و لعل في ذلك ما يحمل المسلمين على النظافة دائماً، فإن وجوب إخراج هذه الأقذار من الداخل، و غسل ما تحتها دليل تام على عناية الشارع بالنظافة المفيدة للأبدان داخلاً و خارجاً، و أما غسل جميع البدن بالماء، فإنه فرض لازم في الغسل من الجنابة باتفاق، بحيث لو بقي منه جزء يسير يبطل الغسل، و يجب على من يريد الغسل أن يزيل من على بدنه كل شيء يحول بينه و بين وصول الماء إليه، فإذا كان بين أظافره أقذار تمنع من وصول الماء إلى ما تحتها من جلد الأظافر بطل غسله، سواء كان من أهل المدن، أو من أهل القرى، و يغتفر الدرن من تراب و طين و نحو ذلك.
فإنه إذا وجد بين الأظافر لا يبطل الغسل، و قد اختلفت في الآثار التي تقتضيها ضرورة أصحاب المهن كالخباز الذي يعجن دائماً، و الصباغ الذي يلصق بين أظافره صباغ ذو جرم يتعسر. زواله و نحوهما، فقال بعضهم:
إنه يبطل الغسل، و قال بعضهم:
لا يبطل، لأن هذه الحالة ضرورة و الشريعة قد استثنت أحوال الضرورة، فلا حرج على مثل هؤلاء، و هذا القول هو الموافق لقواعد الشرع الحنيف، و لا يجب على المرأة أن تنقض ضفائر شعرها في الغسل، بل الذي يجب عليها أن توصل الماء إلى أصول شعرها - جذوره -، و إذا كان لها ذؤابة - قطعة من شعرها نازلة على صدغيها - فإنه لا يجب عليها غسلها، فإذا كان شعرها منقوضاً غير مضفور، فإنه يجب إيصال الماء إلى داخله، و إن لم يصل الماء إلى جلدها، و إذا وضعت المرأة على رأسها طيباً ثخيناً له جسم يمنع من وصول الماء إلى أصول الشعر، فإنه يجب عليها إزالته حتى يصل الماء إلى أصول الشعر، و إذا كانت لابسة أسورة ضيقة أو قرطاً - حلقاً - أو خاتماً، فإنه يجب تحريكه حتى يصل الماء إلى ما تحته، فإذا لم يصل الماء إلى ما تحته، فإنه يجب نزعه، و إذا كان بالأذن ثقب ليس فيه قرط - حلق - فإنه يجب أن يدخل الماء إلى ما تحته، فإنه يجب نزعه، و إذا كان بالأذن ثقب ليس فيه قرط - حلق - فإنه يجب أن يدخل الماء إلى داخل الثقب، فإن دخل وحده فذاك، و إلا فإنه يجب على الرجل أن يوصل الماء إلى داخل شعر لحيته، و أن يوصله إلى أصول اللحية، سواء كان شعره مضفوراً أو غير مضفور؛ و يجب إدخال الماء إلى الأجزاء الغائرة في البدن، كالسرة و نحوها، و ينبغي إدخال إصبعه فيها، و لا يجب على الأقلف - و هو الذي لم يختن - أن يدخل الماء إلى داخل الجلدة، و لكنه يستحب له أن يفعل ذلك.
المالكية قالوا :
فرائض الغسل خمس، و هي :
النية .
تعميم الجسد بالماء .
دلك جميع الجسد مع صب الماء، أو بعده قبل جفاف العضو .
الموالاة .
غسل الأعضاء مع الذكر و القدرة، تخليل شعر جسده جميعه بالماء .
فهذه فرائض الغسل عند المالكية .
فأما النية فقد عرفت أحكامها في "الوضوء" و هي هنا كذلك فرض عن المالكية يصح أن يتأخر عن الشروع في الغسل بزمن يسير عرفاً، و محلها في الغسل غسل أول جزء من أجزاء البدن؛ و قد عرفت مما تقدم في "فرائض الوضوء" أن النية سنة مؤكدة عند الحنفية، أما الحنابلة فقالوا:
إنها شرط لصحة الغسل، و سيأتي مذهبهم، فلا يصح إلا بها، و لكنها ليست داخلة في حقيقته.
و الشافعية اتفقوا مع المالكية على أن النية فرض، إلا أنهم قالوا:
لا يجوز تأخيرها عن غسل أول جزء من أجزاء البدن بحال.
الثاني:
من فرائض الغسل تعميم الجسد بالماء، و ليس من الجسد الفم، و الأنف، و صماخ الأذنين، و العين، فالواجب عندهم غسل ظاهر البدن كله .
أما غسل باطن الأشياء التي لها باطن، كالمضمضة و الاستنشاق فليس بفرض، بل هو سنة، كما ستعرفه، نعم إذا كان في البدن، تكاميش، فإن عليه أن يحركها ليصل الماء إلى داخلها .
الفرض الثالث، الموالاة، و يعبر عنه بالفور، و هو أن ينتقل من غسل العضو إلى غسل العضو الثاني قبل جفاف الأول، بشرط أن يكون ذاكراً قادراً، و قد تقدم بيان ذلك في الوضوء، فارجع إليه إن شئت .
الفرض الرابع:
دلك جميع الجسد بالماء، و لا يشترط أن يكون الدلك حال صب الماء على البدن، بل يكفي الدلك بعد صب الماء و نزوله من على البدن، بشرط أن لا يجف الماء من على العضو قبل دلكه، و لا يشترط في الدلك عندهم أن يكون بخصوص اليد، فلو دلك جزءاً من جسمه بذراعه، أو وضع إحدى رجليه على الأخرى، و دلكها بها فإنه يجزئه ذلك؛ و كذا يكفي الدلك - بمنديل أو فوطة - أو نحو ذلك على المعتمد فمن أخذ طرف الفوطة بيده اليمنى، و الطرف الآخر بيده اليسرى، و دلك بها ظهره و بدنه فإنه يجزئه ذلك، قبل أن يجف الجسم، و لو كان قادراً على الدلك بيده على المعتمد، و مثل ذلك ما إذا وزن في كفه كيساً، و دلك به، فإنه يصح بلا خلاف؛ لأنه دلك باليد، و من عجز عن دلك بدنه كله أو بعضه بيده، أو بخرقة، فإنه يسقط عنه فرض الدلك على المعتمد، و لا يلزمه أن ينيب غيره بالدلك.
الفرض الخامس من فرائض الغسل:
تخليل الشعر، فأما شعر اللحية؛ فإن كان غزيراً ففي تخليله خلاف فبعضهم يقول: إنه واجب، و بعضهم يقول: إنه مندوب، و أما شعر البدن، فإنه يجب تخليله في الغسل باتفاق، سواء كان خفيفاً أو غزيراً، و يدخل في ذلك هدب العينين و الحواجب، و شعر الإبط، و العانة، و غير ذلك، لا فرق في كلٍ هذا بين الرجل و المرأة، و إذا كان الشعر مضفوراً فلا يخلو إما أن يكون بخيوط من خارجه، أو مضفوراً بغير خيوط، فإن كان مضفوراً بخيوط، فإنه لا يجب - حله - إن كانت هذه الخيوط ثلاثة فأكثر، أما إن كانت هذه الخيوط أقل من ثلاث، فإنه لا يجب نقضه، إلا إذا اشتد ضفره و تعذر بسبب ذلك إيصال الماء إلى البشرة، و كذا إذا كان ضَفره شديداً يتعذر معه إيصال الماء إلى البشرة، وجب نقض الشعر، و إلا فلا.
و الحاصل أن الشعر المضفور بثلاثة خيوط فأكثر يجب نقضه بدون كلام؛ لأن الشأن فيه أن يكون شديداً يمنع من وصول الماء إلى البشرة، أما إن كان مضفوراً، فإن اشتد ضفره وجب نقضه، سواء كان مضفوراً بخيط، أو مضفوراً بغير خيط، و إن لم يشتد ضفره، فلا يجب نقضه و يستثنى من ذلك كله شعر العروس إذا زينته، أو وضعت عليه طيباً و نحوه من أنواع الزينة، فإنها لا يجب عليها غسل رأسها في هذه الحالة، لما في ذلك من إتلاف الماء، بل يكتفي منها بغسل بدنها، و مسح رأسها بيدها، حيث لا يضرها المسح، فإن كان على بدنها كله طيب و نحوه و تخشى من ضياعه بالماء، سقط عنها فرض الغسل، و تيممت.
هذا، و قد تقدم في "مباحث الوضوء" حكم الخاتم الضيق و الواسع، فكذلك الحال هنا، فإن كان ضيقاً، و لكن يباح له لبسه، فإنه لا يجب نزعه، و إن لم يصل الماء إلى ما تحته، بل يكتفي بغسله هو إلى آخر ما تقدم.
الشافعية قالوا:
فرائض الغسل اثنان فقط، و هما النية، و تعميم ظاهر الجسد بالماء.
فأما النية فيجب أن تكون عند أول مغسول، بحيث لو قدمها قبل غسله أول عضو من بدنه بطل الغسل، كما تقدم في "الوضوء" فارجع إليه إن شئت؛ و أما تعميم ظاهر الجسد فإنه يشمل الشعر الموجود على البدن، و يجب غسله ظاهراً و باطناً؛ لا فرق في ذلك بين أن يكون الشعر خفيفاً أو غزيراً، على أن الواجب هو أن يدخل الماء في خلال الشعر، و لا يجب أن يصل إلى البشرة إذا كان غزيراً لا ينفذ منه الماء إلى البشرة؛ و يجب نقض الشعر المضفور إذا منع ضفره من وصول الماء إلى باطنه؛ لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة؛ فإن كان الشعر متلبداً بطبيعته بدون ضفر فإنه يعفى عن إيصال الماء إلى باطنه، و يجب أن يصل الماء إلى كل ما يمكن إيصاله إليه بلا حرج، حتى لو بقي جزء يسير من البدن لم يصبه الماء بطل الغسل؛ و يجب أن يعم الماء تجاويف البدن، كعمق السرة و موضع جرح غائر، و نحو ذلك، و لا يكلف بإدخال الماء إلى ما غار من بدنه بأنبوبة، بل المطلوب منه أن يعالج إدخال الماء بما يستطيعه بدون تكلف و لا حرج، و يجب أن يزيل كل حائل يمنع وصول الماء إلى ما تحته، من عجين و شمع و قذى في عينه - عمّاص - كما يجب أن ينزع خاتمه الضيق الذي لا يصل الماء إلى ما تحته إلا بنزعه، و يجب على المرأة أن تحركه قرطها الضيق - حلقها - و إذا كان بأذنها ثقب ليس فيه قرط، فإنه لا يجب إيصال الماء إلى داخله، لأن الواجب عندهم إنما هو غسل ما ظهر من البدن، و الثقب من الباطن لا من الظاهر، و يجب غسل ما ظهر من صماخي الأذنين - الصماخ هو خرق الأذن - أما داخلها، فإنه لا يجب غسله، و كذا يجب إيصال الماء إلى ما تحت القلفة - القلفة هي الجلدة الموجودة في قُبُل الرجل قبل أن يختن - فإذا لم يمكن غسل ما تحتها إلا بإزالتها، فإن
إزالتها تجب، و إن تعذرت إزالتها يكون حكمه كحكم من فقد الماء و التراب الذي يتيمم به، و يقال له: فاقد الطهورين، و إذا مات الأقلف يدفن بلا صلاة عليه على المعتمد؛ و بعضهم يقول: يقوم شخص بتيميمه، و يصلي عليه، و بذلك تعلم أن الاختنان واجب عند الشافعية و هو من مقتضيات الصحة في زماننا فمن لم يختن فهو جاهل قذر.
الحنابلة قالوا:
فرض الغسل شيء واحد، و هو تعميم الجسد بالماء، و يدخل في الجسد الفم و الأنف، فإنه يجب غسلهما من الداخل، كما يجب غسلهما في الوضوء، و الشعر الموجود على البدن يجب غسله ظاهراً و باطناً، بحيث يدخل الماء إلى داخله. و إن لم يصل إلى الجلد إذا كان غزيراً و يجب على الرجل إذا ضفر شعره أن ينقضه حال الغسل، أما المرأة فإنها لا يجب عليها نقض ضفائر شعرها في الغسل من الجنابة لما في ذلك من مشقة و حرج، بل الواجب عليها تحريك شعرها حتى يصل الماء إلى جذوره - أصوله - نعم يندب لها أن تنقض ضفائرها فقط.
هذا في الغسل من الجنابة، أما في الغسل من الحيض فإنها يجب عليها أن تنقض ضفائر شعرها و ذلك لأنه لا يكرر كثيراً، فليس فيه حرج و مشقة، و يشمل ظاهر البدن داخل القلفة، و قد تقدم بيانها إذا
لم يتعذر رفعها، و إلا فلا يجب، و يجب إيصال الماء إلى ما تحت الخاتم و نحوه، على أن الحنابلة قالوا :
إن التسمية فرض في الغسل بشرطين:
أن يكون القائم بالغسل عالماً، فلا تفترض على الجاهل، و أن يكون ذاكراً، فلا تفترض على الناسي، وهذا الحكم خاص بهم لم يشاركهم فيه أحد الأئمة.
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس
  #26  
قديم March 8, 2020, 07:21 PM
 
رد: مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد)

مبحث سنن الغسل، و مندوباته و مكروهاته :
############

قد ذكرنا في "مباحث الوضوء" تعريف السنة و المندوب و المكروه و نحوها عند كل مذهب فمن شاء معرفتها فليرجع إليها، و سنذكر هنا سنن الغسل و مندوباته مفصلة، أما مكروهاته فإنه عبارة عن ترك سنة من سننه، و إليك بيانها مفصلة في كل مذهب، تحت الخط الذي أمامك :
$$$$#####$$$$

مبحث الأمور التي يسن عندها الغسل أو يندب
قد عرفت مما قدمنا لك في "موجبات الغسل" الأمور التي توجب الغسل و تجعله فرضاً لازماً، وهناك أمور يسن من أجلها الغسل أو يندب، و في هذه الأمور تفصيل في المذاهب :
###$$$$$###
الحنابلة
عدوا سنن الغسل - كما يأتي -:
الوضوء قبله، و قد عرفت أن المضمضة و الاستنشاق فرض عندهم، إزالة ما على بدن الذي يريد الغسل من القذر؛ تثليث غسل الأعضاء، تقديم غسل الشق الأيمن على الأيسر؛ الموالاة و يعبر عنها بالفور، و هي عبارة عن أن يبدأ في غسل العضو قبل أن يجف الذي قبله، الدلك، إعادة غسل رجليه في مكان غير الذي اغتسل فيه، فلو كان واقفاً في طست، و عمم الماء رجليه، فإنه يندب له أن يعيد غسلهما خارج الطست، و أما التسمية في أول الغسل فهي فرض، بشرط أن يكون عالماً بأحكام الغسل و نحوها، ذاكراً، و تسقط عن الجاهل و الناسي، و لذا لم يذكروها من فرائض الوضوء، و لا فرق عند الحنابلة بين المندوب و السُّنة؛ و هم متفقون مع الشافعية في ذلك، كما تقدم في "الوضوء" .

الحنفية :
عدوا سنن الغسل كالآتي:
البداءة بالنية بقلبه، و أن يقول بلسانه:
نويت الغسل من الجنابة أو نحو ذلك، و التسمية في أوله، و غسل يديه إلى كوعيه ثلاثاً، و أن يغسل فرجه بعد ذلك، و إن لم يكن عليه نجاسة، و إزالة ما يوجد على بدنه من النجاسة قبل الغسل، و أن يتوضأ قبله كوضوء
الصلاة، إلا أنه يؤخر غسل رجليه إن كان في مستنقع يجتمع فيه الماء؛ كطست و نحوه، أما إذا كان واقفاً على حجر، أو لابساً في رجليه نعلاً من الخشب - قبقاب - فإنه لا يؤخر غسل رجليه، و ذلك لأنه في الحالة الأولى يكون واقفاً في الماء الذي ينزل من بدنه، و ربما كان عليه شيء من الأقذار، فلذا كان من السنة تأخير غسل الرجلين في هذه الحالة، و البدء بغسل رأسه قبل غسل بدنه ثلاثاً :
أولاها فرض، و الأخريان سنتان، و الدلك، و تقديم غسل شقه الأيمن على غسل شقه الأيسر، و تثليث كل منهما، و أن يرتب أعمال الغسل على الصفة المتقدمة، و كل ما كان سنة في الوضوء فهو سنة في الغسل، و قد تقدمت.
و أما مندوباته فهي كل ما سبق أنه مندوب في الوضوء، إلا الدعاء المأثور، فإنه مندوب في الوضوء لا في الغسل، لوجود المغتسل في مصب الماء المستعمل المختلط غالباً بالأقذار.
الشافعية عدوا سنن الغسل كالآتي:
التسمية مقرونة بنية الغسل، و غسل اليدين إلى الكوعين، كما في الوضوء و الوضوء كاملاً قبله، و منه المضمضة و الاستنشاق، و إذا توضأ قبل أن يغتسل، ثم أحدث فإنه لم يحتج إلى إعادة الوضوء، لأنه قد أتى بسنة الغسل، و بعض الشافعية يقول. إذا انتقض وضوءه قبل أن يغتسل تطلب منه إعادته، ودلك ما تصل إليه يده من بدنه في كل مرة، و الموالاة، و غسل الرأس أولاً؛ وستر العورة و لو كان بخلوة، و تليث الغسل وتخليل الشعر و الأصابع، و ترك حلق الشعر، و قلم الظفر قبل غسله، و الذكر الوارد في الوضوء، و ترك الاستعانة بغيره إلا بعذر، و استقبال القبلة، و أن يغتسل بمكان لا يصيبه فيه رشاش الماء، و ترك نفض البلل عن أعضائه، و ترك الكلام إلا لحاجة، و أن تضع المرأة داخل فرجها قطنة عليها مسك أو عطر أو غير ذلك من الطيب إن وجد، بشرط أن لا تكون متلبسة بالإحرام و أن لا تكون صائمة، و أن لا تكون في حداد على زوجها الميت، و إلا فلا تفعل ذلك، و غسل الأعالي قبل الأسافل إلا مذاكيره، فإنه يسن غسلها قبل الوضوء حتى لا ينتقض وضوءه بالمس، و يخصها بنية رفع الحدث عنها؛ و السنة و المندوب عند الشافعية واحد، كما تقدم.
المالكية :
عدوا سنن الغسل أربعة، و هي:
غسل يديه إلى الكوعين، كما في الوضوء و المضمضة، و الاستنشاق، و الاستنثار، و هو إخراج الماء من الأنف، و مسح صماخ الأذنين.
و عدّوا مندوبات الغسل عشرة: و هي :
التسمية في أوله، و البداءة بإزالة ما على فرجه أو باقي جسده من نجاسة؛ أو قذر لا يمنع وصول الماء إلى البشرة، و إلا وجبت إزالته، و فعله في موضع طاهر، و البداءة بعد ذلك بغسل أعضاء الوضوء ثلاثاً، و غسل أعالي البدن قبل أسافله؛ ما عدا الفرج؛ فيستحب تقديم غسله؛ خشية نقض الوضوء بمسه لو أخره، و ألحقت المرأة بالرجل، و إن لم ينتقض وضوءها بمس فرجها، و تثليث غسل الرأس، بحيث يعمها بالماء في كل مرة، و تقديم غسل الشق الأيمن ظهراً و بطناً، و ذراعاً إلى المرفق على الشق الأيسر، و تقليل صب الماء بلا حد، بحيث يقتصر على القدر الذي يكفيه لغسل الأعضاء؛ و استحضار النية إلى تمام الغسل و السكوت إلا عن ذكر الله أو الحاجة.
المالكية قالوا:
الاغتسالات المسنونة ثلاثة:
أحدها:
غسل الجمعة لمصليها، و لو لم تلزمه و يصح بطلوع الفجر و الاتصال بالذهاب إلى الجامع؛ فإن تقدم على الفجر أو لم يتصل بالذهاب إلى الجامع لم تحصل السنة فيعيده لتحصيلها .
ثانيها:
الغسل للعيدين؛ فإنه سنة على الراجح و إن كان المشهور ندبه، و يدخل وقته بالسدس الأخير من الليل؛ و ندب أن يكون بعد طلوع فجر العيد، و لا يشترط اتصاله بالتوجه إلى مصلى العيد، لأنه لليوم لا للصلاة، فيطلب و لو من غير المصلي .
ثالثها :
الغسل للإحرام حتى من الحائض و النفساء.

و الاغتسالات المندوبة ثمان، و هي:
الغسل لمن غسل ميتاً،
و الغسل عند دخوله مكة، و هو للطواف، فلا يندب من الحائض و النفساء .
و الغسل عند الوقوف بعرفة؛ و هو مستحب كذلك من الحائض و النفساء .
و الغسل لدخول المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة و السلام .
و الغسل لمن أسلم، و لم يتقدم له موجب الغسل .
و الغسل لصغيرة مأمورة بالصلاة وطئها بالغ .
و الغسل لصغير مأمور بالصلاة وطئ مطيقة .
و الغسل لمستحاضة عند انقطاع دمها.

الحنفية قالوا :
إن الاغتسالات المسنونة أربعة، و هي :
الغسل يوم الجمعة لمن يريد صلاتها فهو للصلاة لا لليوم، و لو اغتسل بعد صلاة الفجر، ثم أحدث فتوضأ و صلى الجمعة لم تحصل السنة .
و الغسل للعيدين، و هو كغسل الجمعة للصلاة لا لليوم .
و الغسل عند الإحرام بحج أو عمرة .
و الغسل للوقوف بعرفة .
و يندب الغسل في أمور:
منها الغسل لمن أفاق من جنونه، أو إغمائه أو سكره إن لم يجد أحدهم بللاً، فإن وجده فتيقن أنه مني أو شك في أنه مني أو مذي، وجب الغسل، فإن شك في أنه مذي أو ودي لم يجب عليه الغسل، كالنائم عند انتباهه؛ و منها الغسل بعد الحجامة؛ و ليلة النصف من شعبان، و ليلة عرفة و ليلة القدر، و عند الوقوف بمزدلفة صبيحة يوم النحر، و عند دخول منى يوم النحر لرمي الجمار، و عند دخول مكة لطواف الزيارة، و لصلاة الكسوف و الخسوف و الاستسقاء، و لفزع أو ظلمة شديدة أو ريح شديد و لدخول مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم، و لحضور مجامع الناس، و لمن لبس ثوباً جديداً، و لمن غسل ميتاً، و لمن تاب من ذنب، و لمن قدم من سفر، و لمستحاضة انقطع دمها، و لمن أسلم من غير أن يكون جنباً و إلا وجب غسله و قد عد بعض الحنفية قسماً آخر، و هو الغسل الواجب و جعلوا منه غسل الميت. و الصحيح أنه فرض كفاية على المسلمين، و كذا عد بعضهم غسل من أسلم جنباً، أو بلغ بالاحتلام واجباً. و الصحيح أنه فرض. و أما من أسلمت بعد انقطاع حيضها فيندب لها الغسل، كمن أسلم غير جنب للفرق بينهما و بين من أسلم جنباً، فإن الجنابة صفة لا تنقطع بالإسلام، أما حيضها فقط فقد انقطع قبل إسلامها.

الشافعية قالوا:
إن الاغتسالات غير المفروضة كلها سنة إذ لا فرق بين المندوب و السنة عندهم، و هي كثيرة:
منها غسل الجمعة لمن يريد حضورها، و وقته من الفجر الصادق إلى فراغ سلام إمام الجمعة، و لا تسن إعادته، و إن طرأ بعده حدث .
و منها الغسل من غسل الميت، سواء كان الغاسل طاهراً أو لا؛ و يدخل وقته بالفراغ من غسل الميت، و يخرج بالإعراض عنه، و كغسل الميت تيممه؛ و منها غسل العيدين، و لو لم يرد صلاتهما، لأنه للزينة، و يدخل وقته من نصف ليلة العيد، و يخرج بغروب شمس يومه؛ و منها غسل من أسلم خالياً من الحدث الأكبر، أما إذا لم يخل منه فيجب عليه الغسل، و إن سبق منه غسل في حال كفره لعدم الاعتداد به، و يدخل وقته بعد الإسلام، و يفوت بالإعراض عنه، أو طول الزمن و منها الغسل لصلاة استسقاء، أو كسوف، لمن يريد فعلها و لو في منزله، و يدخل وقته بالنسبة لصلاة الاستسقاء بإرادة الصلاة إن أرادها منفرداً أو باجتماع الناس إن أرادها معهم، و بالنسبة لصلاة الكسوفين بابتداء تغير الشمس أو القمر و يخرج بتمام الانجلاء، و منها الغسل من الجنون و الإغماء، و لو لحظة، بعد الإفاقة إن لم يتحقق الإنزال، و إلا وجب الغسل؛ و منها الغسل للوقوف بعرفة، و يدخل وقته من فجر يوم عرفة و يخرج بغروب الشمس؛ و منها الغسل للوقوف بمزدلفة إن لم يكن قد اغتسل للوقوف بعرفة، و إلا كفى الأول، و يدخل وقته بالغروب؛ و منها الغسل للوقوف بالمشعر الحرام، و سيأتي تعليل ذلك في "مباحث الحج"؛ و منها الغسل لرمي الجمار الثلاث في غير يوم النحر؛ و منها الغسل عند تغير رائحة البدن؛ بما يعلق به منعرق، و أوساخ، و نحو ذلك؛ و منها الغسل لحضور مجامع الخير، و هذا من محاسن الشريعة، فإنه لا يليق بالإنسان أن يكون مصدراً لإيذاء الناس بما ينبعث منه من رائحة البدن؛ بما يعلق به من عرق، و أوساخ، و نحو ذلك؛ و منها الغسل
لحضور مجامع الخير، و هذا من محاسن الشريعة، فإنه لا يليق بالإنسان أن يكون مصدراً لإيذاء الناس بما ينبعث منه من رائحة قذرة؛ و منها الغسل بعد الحجامة و القصد لأن الغسل يعيد للبدننشاطه، و يعوضه ما فقد من دم؛ و منها الغسل للاعتكاف، لأنه يحس بمن يريد أن ينقطع لمناجاة مولاه أن يكون نظيفاً، و لدخول مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم، و في كل ليلة من رمضان؛ و منها غسل الصبي إذا بلغ بالسن. أما إذا بلغ بالاحتلام، فإنه يجب عليه الغسل، كما سبق؛ و منها الغسل عند سيلان الوادي بالمطر أو النيل في أيام زيادته، لما في ذلك من إعلان شكر الله عزوجل، و منها غسل المرأة عند انتهاء عدتها، لأنها بذلك تصبح عرضة للخطبة، فيحسن أن تكون نظيفة.

الحنابلة:
حصروا الاغتسالات المسنونة في ستة عشر غسلاً، و هي الغسل لصلاة جمعة يريد حضورها في يومها إذا صلاها، و الغسل لصلاة عيد في يومها إذا حضرها و صلاها، و هو للصلاة لا لليوم، فلا يجزئ الغسل قبل الفجر و لا بعد الصلاة، و الغسل لصلاة الكسوفين، و الغسل لصلاة الاستسقاء، و الغسل لمن غسل ميتاً، و الغسل لمن أفاق من جنونه، و الغسل لمن أفاق من إغمائه بلا حصول موجب للغسل في أثنائهما، و الغسل للمستحاضة لكل صلاة، و الغسل للإحرام بحج أو عمرة، و الغسل لدخول الحرم، و الغسل لدخول مكة، و الغسل للوقوف بعرفة، و الغسل للوقوف بمزدلفة، و الغسل لرمي الجمار، و الغسل لطواف الزيارة، و هو طواف الركن، و الغسل لطواف الوداع .
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس
  #27  
قديم March 10, 2020, 08:57 AM
 
رد: مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد)

مبحث ما يجب على الجنب أن يفعله قبل أن يغتسل من دخول مسجد، و قراءة قرآن، و نحو ذلك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يحرم على الجنب أن يباشر عملا من الأعمال الشرعية الموقوفة على الوضوء، قبل أن يغتسل، فلا يحل له أن يصلي نفلا أو فرضا و هو جنب، إلا إذا فقد الماء أو عجز عن استعماله لمرض و نحوه مما يأتي "في مباحث التيمم" أما الصيام فرضا أو نفلا، فإنه يصح من الجنب فإذا أتى الرجل زوجه قبل طلوع الفجر في يوم من رمضان، و لم يغتسل بعد ذلك، فإن صيامه يصح، كما يأتي في "مباحث الصوم" و من الأعمال الدينية التي لا يحل للجنب فعلها، قراءة القرآن، فيحرم عليه قراءة القرآن وهو جنب، كما يحرم عليه مس المصحف من باب أولى، لأن مس المصحف لا يحل بغير و ضوء، و لو لم يكن الشخص جنبا، فلا يحل مسه للجنب من باب أولى، و منها دخول المسجد، فيحرم على الجنب أن يدخل المسجد، على أن الشارع قد رخص للجنب في تلاوة اليسير من القرآن و في دخول المسجد، بشروط مفصلة في المذاهب فانظرها تحت الجدول الذي أمامك.
############
المالكية قالوا :
لا يجب للجنب أن يقرأ القرآن إلا بشرطين أحدهما:
أن يقرأ ما تيسر من القرآن، كآية و نحوها في حالتين.
الحالة الأولى :
أن يقصد بذلك التحصن من عدو و نحوه.
الحالة الثانية :
أن يستدل على حكم من الأحكام الشرعية، و فيما عدا ذلك، فإنه لا يحل له أن يقرأ شيئا من القرآن؛ كثيرا كان، أو قليلا، أما دخول المسجد، فإنه يحرم على الجنب أن يدخله ليمكث فيه، أو ليتخذه طريقا يمر منها، و لكن يباح له دخول المسجد، فإنه يحرم على الجنب أن يدخله ليمكث فيه، أو ليتخذه طريقا يمر منها، و لكن يباح له دخول المسجد في صورتين؛ الصورة الأولى :
أن لا يجد ماء يغتسل منه إلا في المسجد، و ليس له طريق إلا المسجد، فحينئذ يجوز له أن يمر بالمسجد ليغتسل، و مثل ذلك ما إذا كان الدلو، أو الحبل الذي ينزع به الماء في المسجد، و لم يجد غيره، فإن له أن يدخل المسجد ليأخذه، و هذه الصورة كانت كثيرة الوقوع في القرى التي ليست بها أنابيب المياه - مواسير - أما الآن، و قد عمت الأنابيب، و بطلت المياضئ و المغاطس، و أصبحت دورة المياه مختصة بباب، فإنه ينبغي للجنب أن يدخل من باب الدورة، و لا يمر في المسجد، فإذا وجد مسجد ليس فيه مواسير، و ليس له باب دورة، و انحصر ماء الغسل فيه، فإن له أن يدخل المسجد ليغتسل، و يجب عليه أن يتيمم قبل الدخول.
الصورة الثانية :
أن يخاف من أذى يلحقه؛ و لم يجد له مأوى سوى المسجد، فإن له في هذه الحالة أن يتيمم، و يدخل، و بيبت فيه حتى يزول ما يخاف منه.
هذا إذا كان الشخص مقيما في بلدته سليما من المرض؛ أما إذا كان مسافرا، أو كان مريضا و كان جنبا، و لم يتيسر له استعمال الماء، فإنله أن يتيمم، و يدخل المسجد، و يصلي فيه بالتيمم، و لكن لا يمكث فيه إلا للضرورة؛ و إذا احتلم في المسجد، فإنه يجب عليه أن يخرج منه سريعا، و إذا أمكنه أن يتيمم، و هو خارج بسرعة كان حسنا.
و بالجملة فلا يجوز للجنب أن يدخل المسجد إلا في حالة الضرورة.

الحنفية قالوا :
يحرم على الجنب تلاوة القرآن، قليلا كان، أو كثيرا، إلا في حالتين: إحداهما:
أن يفتتح أمرا من الأمور الهامة - ذات بال - بالتسمية، فإنه يجوز للجنب في هذه الحالة أن يأتي بالتسمية مع كونها قرآنا.
ثانيهما :
أن يقرأ آية قصيرة ليدعو بها لأحد، أو ليثني بها على أحد، كأن يقول:
{رب اغفر لي و لوالدي}
أو يقول :
{أشداء على الكفار رحماء بينهم}
و نحو ذلك؛ و كذلك يحرم على الجنب دخول المسجد، إلا للضرورة، و الضرورة في مثل هذا تقدر بما يناسب، فنها أن لا يجد ماء يغتسل به إلا في المسجد، كما هو الشأن في بعض الجهات ففي هذه الحالة يجوز له أن يمر بالمسجد إلى المحل الموجود فيه الماء ليغتسل، و لكن يجب عليه أن يتيمم قبل أن يمر، و من ذلك ما إذا اضطر إلى دخول المسجد خوفا من ضرر يلحقه، كما يقول المالكية، و عليه في هذه الحالة أن يتيمم.
و الحاصل أن تيمم الجنب بالنسبة لدخول المسجد تارة يكون واجبا، و تارة يكون مندوبا فيجب عليه أن يتيمم في صورتين، الصورة الأولى :
أن تعرض له الجنابة، و هو خارج المسجد ثم يضطر لدخول المسجد، و في هذه الحالة يجب عليه التيمم.
الصورة الثانية :
أن ينام في المسجد و هو طاهر، فيحتلم، ثم يضطر للمكث به لخوف من ضرر، و في هذه الحالة يجب عليه أن يتيمم فالتيمم لا يجب عليه إلا في هاتين الصورتين، و ما عداهما فإنه يندب له التيمم. فيندب لمن عرضت له جنابة في المسجد، و أراد الخروج منه أن يتيمم، أو اضطرته الضرورة إلى الدخول و هو جنب؛ و لم يتمكن من التيمم ثم زالت الضرورة، و خرج، فإنه يندب له أن يتيمم، كي يمر به و هو متيمم، و على كل حال فإن هذا التيمم لا يجوز أن يقرأ به، أو يصلي به.
هذا، و سطح المسجد له حكم المسجد في ذلك كله، أما فناء المسجد - حوشه - فإنه يجوز للجنب أن يدخله بدون تيمم، و مثله مصلى العيد و الجنازة، و الخانقاه - متعبد الصوفية - فإنها جميعها لها حكم المسجد، أما المساجد التي بالمدارس، فإن كانت عامة لا يمنع أحد من الصلاة فيها، أو كانت إذا ألقت تتكون فيها جماعة من أهلها، فهي كسائر المساجد، لها أحكامها، و إلا فلا.

الشافعية قالوا:
يحرم على الجنب قراءة القرآن، و لو حرفا واحدا، إن كان قاصدا تلاوته، أما إذا قصد الذكر، أو جرى على لسانه من غير قصد، فلا يحرم، و مثال ما يقصد به الذكر أن يقول عند الأكل:
بسم الله الرحمن الرحيم.
أو عند الركوب :
{سبحان الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين} .
كما يجوز لفاقد الطهورين أن يقرأ القرآن في صلاته التي أبيحت له للضرورة، و هي صلاة الفرض، و كذلك الحائض أو النفساء، أما المرور بالمسجد، فإنه يجوز للجنب و الحائض و النفساء من غير مكث فيه، و لا تردد بشرط أمن عدم تلوث المسجد، فلو دخل من باب و خرج من آخر جاز، أما إذا دخل و خرج من باب واحد، فإنه يحرم؛ لأنه يكون قد تردد في المسجد، و هو ممنوع، إلا إذا كان يقصد الخروج من باب آخر غير الذي دخل منه، و لكن بدا له أن يخرج منه، فإنه لا يحرم، و يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمكث في المسجد لضرورة، كما إذا احتلم في المسجد؛ و تعذر خروجه منه لغلق أبوابه، أو خوفه على نفسه أو ماله، لكن يجب عليه التيمم بغير تراب المسجد إن لم يجد ماء أصلا؛ فإن وجد ماء يكفيه للوضوء وجب عليه الوضوء.

الحنابلة قالوا:
يباح للمحدث حدثا أكبر بلا عذر أن يقرأ ما دون الآية القصيرة أو قدره من الطويلة، و يحرم عليه قراءة ما زاد على ذلك. و له أن يأتي بذكر يوافق لفظ القرآن؛ كالبسملة عند الأكل؛ و قوله عند الركوب:
"سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين".
أما المرور بالمسجد و التردد به بدون مكث، فإنه يجوز للجنب و الحائض و النفساء حال نزول الدم إن أمن تلويث المسجد. و يجوز للجنب أن يمكث في المسجد بوضوء و لو بدون ضرورة. أما الحائض و النفساء فإنه لا يجوز لهما المكث بالوضوء، إلا إذا انقطع الدم) .
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة عبدالله الصحراوي النصح و التوعيه 3 January 23, 2015 05:21 PM
المذاهب الفقهية الأربعة شادي مجلي سكر النصح و التوعيه 1 December 12, 2011 04:37 PM
تحميل كتاب مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز في الأعلام وردة الثلج كتب اللغة والبلاغة 0 November 30, 2011 04:48 PM
تحميل كتاب القواعد الفقهية و تطبيقاتها في المذاهب الأربعة وردة الثلج كتب اللغة والبلاغة 0 November 30, 2011 04:26 PM
تحميل كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ألاء ياقوت كتب اسلاميه 0 July 20, 2010 09:15 AM


الساعة الآن 11:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر