فيسبوك تويتر RSS


  #34  
قديم March 19, 2020, 05:33 PM
 
رد: مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد)

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##########

مبحث بيان القدر المفروض مسحه من الخف:

لم يشترط الشارع مسح جميع الخف الساتر للقدم، مع أن المسح هنا قائم مقام الغسل، و قد فرض غسل جميع القدم، و ذلك لأن المسح على الخف رخصة خاصة، فوسع الشارع في أمرها مبالغة في الرأفة بالناس، أما القدر المفروض مسحه من الخف، ففيه تفصيل المذاهب .
مبحث إذا لبس خفاً فوق خف، و نحوه
و إذا لبس خفاً فوق - شراب - ثخين يصلح أن يكون خفاً أو لبس خفاً فوق خف آخر، كأن كان الخفان من جلد ناعم، أو لبس جرموقاً فوق خف؛ و الجرموق: هو غطاء للقدم مأخوذ من الجلد، كالذي يلبس فوق الحذاء ليحفظه من الماء أو الطين، فإنه يكفي أن يمسح على الأعلى منهما. بشروط مفصلة في المذاهب .
مدة المسح عليهما :

يمسح المقيم يوماً و ليلة ، و يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليها، سواء كان السفر سفر قصر مباحاً أو لا ، و سواء كان الماسح صاحب عذر أو لا . و ذلك لما رواه شريح بن هانئ، قال:
سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين، فقالت:
سل علياً، فإنه كان يسافر مع النبي صلى الله عليه و سلم .
فسألته فقال:
جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أيام و لياليهن للمسافر، و يوماً و ليلة للمقيم.
رواه مسلم
و يعتبر مبدأ تلك المدة من أول وقت الحدث بعد اللبس فلو توضأ و لبس الخف في الظهر مثلاً، و استمر متوضئاً إلى وقت العشاء ثم أحدث، اعتبرت المدة من وقت الحدث، لا من وقت اللبس.
مكروهاته :
يكره تنزيهاً في المسح على الخفين أمور:
منها الزيادة على المرة الواحدة .
و منها غسل الخفين، بدل مسحهما، إذا نوى بالغسل رفع الحدث، أما إن نوى به النظافة فقط، أو إزالة ما عليهما من نجاسة من غير أن ينوي رفع الحدث، فإنه لا يجزئ عن المسح. و عليه أن يمسح الخفين بعد ذلك الغسل .
و منها انقضاء مدة المسح، و لو شكا .
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس
  #35  
قديم March 20, 2020, 04:42 PM
 
رد: مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد)

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##########

المالكية قالوا :
يجب تعميم ظاهر أعلاه بالمسح، و أما مسح أسفل الخف فمستحب، و قيل: واجب، فلو ترك مسحه فإنه يعيد الصلاة في الوقت المختار، الآتي بيانه في "مواقيت الصلاة" مراعاة للقول بالوجوب، و المراد بأسفل الخف نعله الذي يباشر الأرض، و يعبر عنه بعضهم بباطن الخف، و غرضه بالباطن نعل الخف الذي يطأ به الأرض، لا داخل الخف، فإنه إذا كان الخف واسعاً، و أمكن أن تدخل فيه اليد، فإنه يكره مسحه.
الحنفية قالوا:
يفترض أن يمسح من ظاهر الخف جزءاً يساوي طول ثلاث أصابع و عرضها من أصغر أصابع اليد، بشرط أن يكون ذلك الجزء مشغولاً بالرجل.
الشافعية قالوا:
يفترض أن يمسح أي جزء من ظاهر أعلى الخف، يتحقق به المسح، و لو بوضع إصبعه المبتل من غير إمرار، قياساً على مسح الرأس، فلا يجزئ المسح في غير ما ذكر مما يحاذي الساق، أو العقب، أو الحروف، أو الأسفل، أو الجوانب، أو نحو ذلك، بخلاف المسح على ما يحاذي الكعبين فإنه يجزئ، و لو كان بظاهر جلد الخف شعر فوقع عليه، و لم يصل الجلد بلل لم يصح بالمسح، و كذلك إذا وصل البلل إلى الجلد، و كان يقصد بالمسح الشعر فقط، فإنه لا يصح المسح.
الحنابلة قالوا:
يفترض أن يمسح أكثر ظاهر أعلى الخف، و أما مسح أسفله فمستحب، فإن تركه نسياناً أتى به وحده، و لو طال، بأن زاد عن مدة الموالاة بين غسل الأعضاء في الوضوء، أما لو تركه عمداً، فيأتي به وحده إن قرب، و أما في البعد، فيندب إعادة الوضوء كله، و كذا إعادة الصلاة التي صلاها قبل مسح الأسفل إن بقي وقتها المختار .

الحنفية - اشترطوا في صحة المسح على الأعلى ثلاثة شروط:
أحدها :
أن يكون جلداً فإن لم يكن جلداً، و وصل الماء إلى الخف الذي تحته كفى، و إن لم يصل الماء إلى الخف لا يكفي
ثانيها:
أن يكون الأعلى صالحاً للمشي عليه منفرداً، فإن لم يكن صالحاً و لم يصح المسح عليه، إلا إذا وصل البلل إلى الخف الأسفل .
ثالثها:
أن يلبس الأعلى على الطهارة التي لبس عليها الخف الأسفل، بحيث يتقدم لبس الأعلى على الحدث، و المسح على الأسفل.
الشافعية فصلوا في ذلك فقالوا:
إن كان الأعلى والأسفل ضعفين لا يصلحان للمسح عليهما وجب غسل الرجلين، و لا يصح المسح، و إن كان الأسفل ضعيفاً غير صالح للمسح، فالحكم للأعلى، و لا يعد ما تحته خفاً، و إن كان الأسفل قوياً و الأعلى ضعيفاً، أو كانا قويين، فيصح المسح على الأعلى، و لا يعد ما تحته خفاً، و إن كان الأسفل قوياً وا لأعلى ضعيفاً، أو كانا قويين، فيصح المسح على الأعلى إن وصل البلل للأسفل يقيناً، و قصد بمسح الأعلى مسح الأسفل، أو قصدهما معاً، و كذلك لو أطلق. أما لو قصد الأعلى وحده، أو قصدر الأسفل، و لم يصل الماء إليه فلا يصح المسح.
الحنابلة قالوا:
من لبس خفاً على خف قبل أن يحدث، يصح المسح له على الخف الأعلى و لو كان أحدهما مخروقاً، لا إن كانا مخروقين، و لو كان مجموعهما يستر القدم، و لو أدخل يده من تحت الخف الأعلى، فمسح الأسفل صح إن كان الأسفل سليماً، و قالوا أيضاً:
إن مسح على الأعلى، ثم نزعه وجب عليه نزع ما تحته، و غسل رجليه.
المالكية قالوا:
الحكم في المسح في هذه الحالة للأعلى، فلو نزعه وجب عليه مسح الأسفل فوراً، بحيث تحصل الموالاة الواجبة في الوضوء مع الذكر و القدرة .

المالكية قالوا :
الكيفية في المسح مندوبة لا مسنونة، و المندوب فيها عندهم أن يضع يده اليمنى فوق أطراف أصابع رجله اليمنى، و يضع يده اليسرى تحت أصابعها، و يمر بيديه على خف
رجله اليمنى إلى الكعبين، و يفعل في خف رجله اليسرى عكس ذلك، فيضع يده اليسرى فوق أطراف أصابع رجله اليسرى، و اليمنى تحتها، و يمر بهما، كما سبق.
الشافعية قالوا:
المسنون في الكيفية، أن يضع أطراف أصابع يده اليسرى مفرقة تحت عقب رجله. و يضع أطراف أصابع يده اليمنى مفرقة على ظهر أصابع رجله، ثم يمد اليمنى إلى آخر ساقه، و اليسرى إلى أطراف الأصابع من تحت، فيكون المسح خطوطاً

الحنابلة، و الشافعية: قيدوا للسفر بكونه سفر قصر مباحاً، فلو سافر أقل من مسافة القصر، أو كان السفر سفر معصية، فمدته كمدة المقيم، يمسح يوماً و ليلة فقط، و زاد الشافعية أن يكون السفر مقصوداً، ليخرج الهائم على وجهه، فإنه لا يقصد مكاناً مخصوصاً، فليس له أن يمسح إلا يوماً و ليلة، كالمقيم .

المالكية قالوا:
إن المسح على الخفين لا يقيد بمدة، فلا ينزعهما إلا لموجب الغسل، و إنما يندب نزعهما كل يوم جمعة لمن يطلب منه حضور الجمعة، و لو لم يرد الغسل لها، فإن لم ينزعهما يوم الجمعة ندب له أن ينزعهما في مثل اليوم الذي لبسهما فيه من كل أسبوع .

الحنفية قالوا:
تعتبر هذه المدة لغير صاحب العذر، أما هو فإن توضأ و لبس الخف حال انقطاع حدث العذر، فحكمه كالأصحاء، لا يبطل مسحه إلا بانقضاء المدة المذكورة؛ أما إن حال استرسال الحدث، أو لبس الخف حال استرساله، فإنه يبطل مسحه عند خروج كل وقت، و يجب عليه أن ينزع خفيه، و يغسل رجليه وحدهما إن لم يكن وضوءه قد انتقض بشيء آخر غير حدث العذر.
الشافعية قالوا:
تعتبر هذه المدة لغير صاحب العذر، أما هو فإنه ينزع خفه، و يتوضأ لكل فرض، و إن جاز له المسح على الخفين للنوافل .
الشافعية فصلوا في الحدث:
فجعلوا ابتداء مدة المسح أو وقت الحدث إن كان حدثه باختياره، كالمس و النوم، و أما إذا كان حدثه اضطرارياً، كخروج ناقض من أحد السبيلين، فأول المدة؛ آخر الحدث.
الحنفية قالوا:
إذا غسل الخف، و لو بغير نية المسح، كأن نوى النظافة أو غيرها، أو لم ينو شيئاً أجزأه عن المسح و إن كان الغسل مكروهاً.

الحنفية قالوا:
لا يبطل المسح الا بخروج أكثر القدم إلى ساقي الخف على الصحيح، أما إذا خرج بعضه، و كان قليلاً، فإنه لا يبطل المسح.
المالكية قالوا:
المعتمد أن المسح لا يبطل إلا بخروج كل القدم إلى ساق الخف، فإن بادر عند ذلك إلى غسل رجليه بقي وضوءه سليماً، و إن لم يبادر، فإن كان ناسياً بنى على ما قبل الرجلين بنية مطلقاً، طال، أو لم يطل، و إن كان عامداً بنى ما لم يطل.
الشافعية قالوا:
إذا طرأ في الخف خرق يظهر منه شيء من محل الغسل المفروض، و لو كان مستوراً بساتر - كشراب، أو لفافة - فإنه يبطل المسح، فإن طرأ ذلك الخرق، و هو متوضئ وجب عليه غسل رجليه فقط بنية، و لا يعيد الوضوء، و إن طرأ و هو في صلاته لبطلان المسح، و عليه غسل الرجلين فقط، ثم يبتدئ الصلاة.
الحنابلة قالوا:
إن كان في الخف خرق يظهر منه بعض القدم، و لو كان يسيراً، و لو من موضع خرزه، لا يصح المسح عليه، إلا إذا انضم بالمشي لحصول ستر محل الغسل المفروض، فإذا طرأ ذلك الخرق، أو غيره، مما يوجب بطلان المسح، كانقضاء المدة، أو طرو جنابة، أو زوال عذر المعذور، وجب نزع خفيه، و إعادة الوضوء كله، لا غسل الرجلين فقط، لأن المسح يرفع الحدث، و متى بطل المسح عاد الحدث كله، لأن الحدث لا يتجزأ عندهم.
المالكية قالوا:
يبطل المسح بالخرق إذا كان قدر ثلث القدم فأكثر، فإن طرأت هذه الخرق و هو متوضئ ببعد أن مسح على الخف، بطل المسح لا الوضوء، و يلزمه أن يبادر بنزعه، و يغسل رجليه مراعاة للموالاة الواجبة في الوضوء، فإن تراخى نسياناً، أو عجزاً لا يبطل الوضوء، و عليه غسل الرجلين فقط أيضاً: و إن تراخى عمداً، فإن طال الزمن بطل الوضوء و إن لم يطل لم يبطل إلا المسح، و عليه أن يغسل رجليه، و إن طرأ ذلك الخرق و هو في الصلاة، قطع الصلاة و بادر إلى نزعه، و غسل رجليه على الوجه المتقدم.
الحنفية قالوا:
لا يصح المسح على الخف، إلا إذا كان خالياً من الخرق المانع للمسح، و قدر بثلاث أصابع من أصغر أصابع الرجل، و إنما يمنع الخرق صحة المسح إذا كان منفرجاً، بحيث إذا مشى لابس الخف ينفتح الخرق، فيظهر مقدار ثلاث أصابع من رجله. أما إذا كان الخرق طويلاً لا ينفتح عند المشي، فلا يظهر ذلك المقدار منه، فإنه لا يضر و كذلك إذا كان الخف مبطناً بجلد أو بخرقة مخروزة فيه، و لو رقيقة و ظهر مقدار ثلاث اصابع من بطانته، فإن لا يضر أيضاً. أما إذا كان مبطناً بغير جلد؛ أو كان ما تحته غير مخروز فيه - كالشراب و اللفافة - و انكشف منه هذا المقدار بالخرق، فإنه يبطل المسح، و لا فرق بين أن يكون الخرق في باطن الخف - أي في ناحية نعله - أو ظاهره، أو في ناحية العقب، أما إذا كان الخرق في ساق الخف فوق الكعبين، فإنه لا يمنع صحة المسح، و إذا تعددت الخروق في أحد الخفين؛ و كانت لو جمعت تبلع قدر ثلاث أصابع تمنع من صحة المسح، و إلا فلا؛ أما إذا تعددت في الخفين التي جمعت تبلغ قدر ثلاث أصابع تمنع من صحة المسح، و إلا فلا؛ أما إذا تعددت في الخفين معاً، بل كانت في أحدهما قدر إصبع، و في الآخر قدر إصبعين، فإنها لا تمنع صحة المسح، و الخروق التي تجمع هي ما أمكن إدخال نحو المسلة فيها. أما ما دون ذلك فإنه لا يلتفت إليه، و إنما يصح المسح على الخف الذي به خروق يعفى عنها، بشرط أن يقع على الخف نفسه، لا على ما ظهر تحت الخروق، فإذا طرأ على الخف بعد مسحه خرق قدر ثلاث أصابع على الوجه المتقدم بطل المسح، و وجب غسل الرجلين فقط، إن كان متوضئاً، و كذلك يفترض على المتوضئ أن يغسل رجليه فقط عند طرو أي مبطل للمسح دون الوضوء، و لو كان في الصلاة، نعم تبطل صلاته ببطلان المسح، فيعيدها بعد غسل رجليه؛ و لا تشترط في المسح النية.
المالكية قالوا:
لا يبطل المسح بانقضاء مدة، لأن المدة غير معتبرة عندهم، كما تقدم.
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس
  #36  
قديم March 21, 2020, 06:30 PM
 
رد: مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد)

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###########

مباحث التيمم
********************

يتعلق بالتيمم مباحث :
أحدها: تعريفه، و دليله، و حكمة مشروعيته.
ثانيها: أقسامه .
ثالثها: شرطه .
رابعها: الأسباب التي تجعل التيمم مشروعاً .
خامسها: أركان التيمم، أو فرائضه .
سادسها: سننه .
سابعها: مندوباته و مكروهاته .
ثامنها: مبطلاته .
و إليك بيانها.

تعريف التيمم و دليله و حكمة مشروعيته

معناه في اللغة: القصد، و منه قوله تعالى: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } فمعنى - تيمموا تقصدوا، و معناه في الشرع مسح الوجه و اليدين بتراب طهور على وجه مخصوص (١) ، و ليس معناه أن يعفر وجهه و يديه بالتراب، و إنما الغرض أن يضع يده على تراب طهور، أو حجر، أو نحو ذلك من الأشياء التي سيأتي بيانها، و هو مشروع عند فقد الماء، أو العجز عن استعماله لسبب من الأسباب الآتي بيانها. و قد ثبتت مشروعيته بالكتاب و السنة و الإجماع.
فأما الكتاب فقد قال تعالى:
{ وإن كنتم مرضى أو على صفر، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء، فتيمموا صعيداً طيباً، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه، ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}.
فهذه الآية الكريمة قد دلت على أن التيمم شرع للناس عند عدم الماء: أو العجز عن استعماله.
و حكمة مشروعيته هي أن الله سبحانه قد رفع عن المسلمين الحرج و المشقة فيما كلفهم به من العبادات، و قد يقال:
إن رفع الحرج يقتضي عدم التكليف بالتيمم عند فقد الماء، أو العجز عن استعماله، فتكليفهم بالتيمم فيه حرج أيضاً و هذا قول فاسد، لأن معنى رفع الحرج هو أن يكلفهم الله سبحانه بما في طاقتهم، فمن عجز عن الوضوء أو الغسل، و قدر على التيمم، فإنه يجب عليه أن يمتثل أمر الله تعالى، و لا يناجيه إلا بالكيفية التي بينها لنا، لأن الغرض من العبادات جميعها إنما هو امتثال أمر الله تعالى، و إشعار القلوب بعظمته، و أنه هو وحده الذي يقصد بالعبادة، ثم إن بعض الأمور التي أمرنا أن نعبده بها لنا فيها مصلحة ظاهرة،كالغسل - و الوضوء، و الحركة في الصلاة، و البعد عن الملاذ في الصيام، و نحو ذلك من الأمور التي تنفع الأبدان، و بعضها لنا فيه مصلحة باطنة، و هو طهارة القلوب بامتثال أمره، و هذه تفضي إلى المنافع الظاهرة، لأن من خشي ربه و امتثل أمره حسنت علاقته مع الناس؛ فسلموا من شره، و انتفعوا بخيره، و ذلك ما يطالب به المرء في حياته الدنيا، فامتثال الأوامر الإلهية خير و مصلحة للمجتمع الإنساني في جميع الأحوال، و مما لا ريب فيه أن التيمم إنما يفعل امتثالاً له عز وجل، فهو من وسائل طاعته الموجبة للسعادة.
و قد يظن بعض من لا يفقه أغراض الشريعة الإسلامية التي تترتب عليها سعادة المجتمع، و تهذيب أخلاق الناس أن التراب قد يكون ملوثاً - بالميكروبات - الضارة، فمسح الوجه به ضرر لا نفع فيه، و الذي يقول هذا لم يفهم معنى التيمم، و لم يدرك الغرض منه، لأن الشارع قد اشترط أن يكون التراب طاهراً نظيفاً، و لم يشترط أن يأخذ بالتراب، و يضعه على وجهه، بل المفروض هو أن يأتي بكيفية خاصة تبيح له العبادة الموقوفة على الوضوء و الغسل، و الذي يقول: إن وضع اليد على الرمل النظيف أو الحجر الأملس النظيف، أو الحصى، و نحو ذلك ينقل الميكروبات الضارة جدير به أن لا يضع يده على الخبز، أو الفواكه، أو الخضر، و جدير به أن يحجر على الناس العمل في المعادن، و دبغ الجلود، و صنع الأحذية، و الخشب، بل جدير به أن لا يضع يده على شيء من الأشياء؛ لما عساه أن يكون قد علق بها شيء من الميكروبات، إن هذا قول من يريد أن ينسلخ عن التكاليف ليكون طليقاً في باب الشهوات التي تطمح إليها النفوس الفاسدة فتفضي بها إلى الهلاك و الدمار؛ و إلا فإننا قد شاهدنا العمال الذين يباشرون تسميد الأرض - بالسباخ - و يباشرون تنقية المزروعات من الافات أقوى من هؤلاء المستهترين بالدين صحة، و أهنأ منهم عيشاً، فما بال الميكروبات لم تفتك بهم؟ على أن الدين الإسلامي يحث الناس دائماً على الطهارة و النظافة، و يأمرهم باجتناب الأقذار، و البعد عن وسائل الأمراض، و لذا اشترط أن يكون التراب الذي يضع عليه المتيمم يده طاهراً نظيفاً، كالثوب النظيف، و المنديل النظيف فإن كان قذراً ملوثاً، فإنه لا يصح التيمم به.
بقي شيء آخر، و هو أن يقال: لماذا شرع التيمم في عضوين من أعضاء الوضوء، و هما الوجه و اليدان دون باقي الأعضاء؟
و الجواب: ان الغرض من التيمم إنما هو التخفيف فيكفي فيه أن يأتي ببعض صورة الوضوء، على أن العضوين اللذين يجب غسلهما دائماً في الوضوء هما الوجه و اليدان: أما الرأس فإنه يجب مسحها في جميع الأحوال، و أما الرجلان فتارة يغسلان، و تارة يمسحان، و ذلك فيما إذا كان لابساً الخف، فالله سبحانه أوجب التيمم في العضوين اللذين يجب غسلهما دائماً، و لا يخفى ما في ذلك من التخفيف.

و أما دليل مشروعية التيمم من السنة: فأحاديث كثيرة:
منها ما رواه البخاري، و مسلم من
حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى رجلاً معتزلاً، لم يصلّ مع القوم، فقال :
"ما يمنعك يا فلان أن تصلي في القوم؟
فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة و لا ماء .
فقال: عليك بالصعيد، فإنه يكفيك"،
و قد أجمع المسلمون على أن التيمم يقوم مقام الوضوء و الغسل، و إن اختلفت آراؤهم في أسباب التيمم، و فيما يصح عليه التيمم من أجزاء الأرض، و سنبينه لك مفصلاً في موضعه قريباً.

أقسام التيمم:

ينقسم التيمم إلى قسمين ( ٢ ) ، الأول:
التيمم المفروض .
الثاني: التيمم المندوب.
فيفترض التيمم لكل ما يفترض له الوضوء أو الغسل من صلاة، و مس مصحف، و غير ذلك و يندب لكل ما يندب له الوضوء، كما إذا أراد أن يصلي نفلاً و لم يجد ما يتوضأ به، فإنه يصح له أن يتيمم و يصلي، فالنفل مندوب، و التيمم له مندوب؛ يعني أن يثاب عليه ثواب المندوب، و إن كان الصلاة لا تصح بدون التيمم، فهو شرط لصحة الصلاة مع كونه في ذاته مندوباً، بحيث لو تركه و ترك الصلاة النافلة التي يريد أن يصليها به، فإنه لا يؤاخذ.

شروط التيمم:

يشترط لصحة التيمم أمور :
منها دخول الوقت ( ٣ ) ، فلا يصح التيمم قبله.
و منها النية ( ٤ ) .
و منها الإسلام .
و منها طلب الماء عند فقده على التفصيل الآتي.
و منها عدم وجود الحائل على عضو من أعضاء التيمم، كدهن و شمع يحول بين المسح و بين البشرة.
و منها الخلو من الحيض و النفاس .
و منها وجود العذر بسبب من الأسباب التي ستذكر بعد.

هذا، و للتيمم شروط وجوب ( ٥ ) أيضاً، كالوضوء و الغسل، و قد ذكرت الشروط مجتمعة عند كل مذهب في أسفل الصحيفة.
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة عبدالله الصحراوي النصح و التوعيه 3 January 23, 2015 05:21 PM
المذاهب الفقهية الأربعة شادي مجلي سكر النصح و التوعيه 1 December 12, 2011 04:37 PM
تحميل كتاب مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز في الأعلام وردة الثلج كتب اللغة والبلاغة 0 November 30, 2011 04:48 PM
تحميل كتاب القواعد الفقهية و تطبيقاتها في المذاهب الأربعة وردة الثلج كتب اللغة والبلاغة 0 November 30, 2011 04:26 PM
تحميل كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ألاء ياقوت كتب اسلاميه 0 July 20, 2010 09:15 AM


الساعة الآن 05:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر