فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم June 3, 2008, 02:06 AM
 
الابتلاء النافع


الإبتلاء النافع
لقد قذفت ودفعت أم موسى عليه السلام به في اليم خوفاً من ظلم فرعون بقتله، فربط الله على قلبها، وعاد موسى إليها يحوطه فروعون بحمايته، ويدفع لها أجر إرضاعها لإبنها، وخرج موسى فتًى خائفاً يترقب قتل فرعون له يافعاً قوياً، فسكن خوفه، وسُدَّ جوعه، وأشبعت عواطفه بزواجه، وعاد نبياً معه ربه يسمع ويرى فأنجى الله به شعبه وقومه وأهلك عدوّه.
* لقد أنقذ الخضر سفينة المساكين بخرقها، وأراح الوالدين بقتل ولدهما، وأمكن اليتيميْن من كنزهما بلؤم وبخل أصل قريتهما، ولم تَنْج سفينة الصالحين ومعهم نوح إلا بالطوفان الذي أغرق الأرض، ولم يَحْيَي المسلمون في بلادهم بلا خوف وفي أمان إلا بقتل أبنائهم شهداء، ولا يبلغ المؤمنون الجنة إلا بسبب ما مَسَّهم البأساء والضَّرَّاء، وما نجا مَن نجا إلا بركوب الصِّعاب واقتحام العقبات.

* يقول الله تعالى:) وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ( إن الخالق يطلعنا على طباع المرأة: تؤدِّي أنت لها أوَّلاً بالمعروف، فتعاملك بالمثل، فلا سبيل لك عليها إلا إذا أديتَ لها حقها بالمعروف، فليس الحق يؤدَّى وفقط.. .. ولكن لابد من المعروف، المعروف شرعاً، والمعروف عُرفاً، والمعروف الذي تنله المرأة معروفاً عندها وليس ما تراه أنت معروفاً. إن خطاب القرآن في هذه الآية يتحدث بصيغة مَن غاب. )وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ( إنه لا يخاطب النساء والرجال مباشرة بصيغة الخطاب ولكن يخبر عنهم وعن طباعهم. وللرجال عليهن درجة في هذا السياق يشير إلى أن المسئولية على الرجال أولاً، لأن لهم الطاعة عليهن فعليهن القيام بإعطائن ما لهن حتى يُطعْنَهم، إنها درجة مسئولية وليست درجة أفضلية.

* لقد أخبر القرآن بأسلوب كاشف عن حاجة الرجل للمرأة لستر عوْرة جوعه الفطري الغريزي، وأنه لولاها لانكشفت دخائله الضعيفة التي لا يجب أن يعلمها غيره، وأنه يحتاج إليها قبل حاجتها إليه فقال سبحانه وتعالى: ) هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ( إن الله تعالى جعلهما ستراً يستر كل الآخر، وإلا لبدت سوْءاتهما للخلق، والرجل أحْوَج لهذا الستر، فهنَّ اللباس أولاً ثم بعد ذلك هم اللباس لهن، والرجل أحْوَج لهذا الستر، فهنَّ اللباس أولاً ثم بعد ذلك هم اللباس لهن، لذلك نفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: " يَعْمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد !! فلعله يضاجعها من آخر يومه " رواه البخاري ومسلم.
* ليس هناك مخلوق أحسن إليك بعد والديك من زوجتك، فإن كانت أمك حملتك وولدتك وأرضعتك وربتك وخدمتك، فجزاها الله خيراً عنك وأزمك الله برَّها والدعاء لها. أما زوجتك فهي تخدمك وتحنو عليك مثل أمك، ولكنها لا تحملك وتلدك وترضعك وتربيك، وإنما تحمل ولدك وتلده وترضعه وتربيه وتخدمه، ولكن زوجتك تزيد على أمك أنها تمتِّعك وتشبع رغبتك ورجولتك، كما أنها تزيد على أمك أنها تطيعك وأنت تطيع أمك، وإن كانت أمك أرضعتك من ثديها فزوجتك أعطتك كل جسدها، وإن كانت أمك ولدتك فزوجتك تلد لك مرات ومرات، وإن كانت أمك ترحمك وعندها الرحمة بولدها فزوجتك جعل الله لك عندها المودة بجانب الرحمة بل تزيد الزوجة عن الأم أن عندها لك السكينة، وأنت كنت عند أمك أمانة وتابع وهي مسئولة عنك، وأنت زوجتك تابع له وأنت قيّمُ عليها ومسئول، وأنت كنت تطيع أمك مرضاة لله وزوجتك تطيعك أنت مرضاة لله، فكم بعد الله تعالى لزوجتك عليك من أيادي !!؟
* يقول الله تعالى: )وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ( ويقول عز وجل:) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ( لقد اشتمل التشريع الحنيف جميع الكليات المتناولة لما لا ينحصر من الجزئيات، لذلك كان تشريعاً خالداً أبدياً، ولولا ذلك لما كان الردّ إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء إلى يوم القيامة، وليست كل الأفعال التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأقرَّها تستوعب جزئيات العالم التي تلدها العصور فلا انحصار لها، وإلزام العلام كله عادة واحدة وصورة واحدة منافٍ لما نعلمه قطعاً من قواعد الشريعة وأنها رُُوعي فيها اختلاف الطبائع البشرية واختلاف العوائد في الأزمان والأقطار والأشخاص، وماذا كنا نقول في حكم الآيتين المذكورتين لو كانت هذه النوازل والجزئيات المتجدّدة في كل عصر بقيت بدوت تشريع لها ؟؟ فأين البيان الشامل والكمال في التشريع لو ألزمنا العالم بعادة العرب وأشكال ملابسهم ومساكنهم وصناعاتهم ونظمهم للحياة البسيطة والأمور والعلاقات المحدودة ؟؟ لقد روى التاريخ أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما قَدِم الشام وجد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قد اتَّخذ المراكب النفيسة والغباب الهائلة الغالية، واتخذ الحُجَّاب وسلك سلوك الملوك، فسأله عن ذلك فقال: إنَّا بأرض قوم نحن فيها بحاجة إلى هذا، فقال له عمر: لا آمرك ولا أنهاك. ذكر ذلك محمد حسين هيكل في كتابه عمر الفاروق.
__________________
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم June 7, 2008, 05:55 PM
 
رد: الابتلاء النافع

جزاك الله خيرا موضوع رائع واكثر من رائع ولا اخفيك سرا اكثر ما اعجبني بل ابهرني فضل الزوجة على زوجها ومالها من حقوق يجب ان تودى بالمعروف ...
جعل الله ماكتبت في موازين حسناتك
__________________
(( فدعا ربه اني مغلوب فانتصر))
رد مع اقتباس
  #3  
قديم June 8, 2008, 03:30 AM
 
رد: الابتلاء النافع

اختي جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكي واسال الله ان تكوني قد انتفعتي بما كتبت ولك جزيل الشكر علي المرور
__________________
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الابتلاء, النافع

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع



الساعة الآن 11:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر