سيناريوهات 25 يناير بقلم سامح عيد

سيناريوهات 25 يناير

بقلم
سامح عيد
2015-12-07

لماذا ينتاب الأجهزة القلق من 25 يناير القادم؟

كيف ستواجه الدولة إذن استحقاقات الدستور القادم؟
الكل يعلم أن هناك دعوات من هنا ومن هناك بالنزول يوم 25 يناير وهذه هي الذكرى الخامسة لـ25 يناير، ولكن بدأت التهديدات مبكرًا من مذيعين معروفين بعدائهم لـ25 يناير، ولكن المشكلة أن يصل بالإعلامي والنائب عن "حب مصر" مصطفى بكري، أن يتحدث عن السحق، وقال باللفظ الواحد سنسحقهم:
سمعت الكلمة دي فين يا سامح سمعتها فين... آه! نفس كلمة طارق الزمر بالحرف الواحد سنسحقهم، وقد امتلأت بها الشاشات والإعلام، وكانت دليلا على الهمجية والعنف من قبل الجماعات المتطرفة، وكانت أحد أسباب النزول والحشد الكبير، عندما خرج الرئيس السيسي -الفريق السيسي وقتها- وقال سنحمي المواطنين، والجيش هو جيش الشعب، وإن كان سينزل عدد من الشباب فلا أعتقد أنها ستكون أعدادا كبيرة، لأن الغالبية من الشعب ما زال لديها أمل في تحسن الأوضاع، ربما يكون هناك قطاع ما من الشعب غير راضٍ عن الأداء العام، ولكن لم يصل إلى النقطة الحرجة التي تدفعه للنزول. إذن النزول في حدوده الآمنة على النظام، ربما سيكون ضاغطا عليه لتنفيذ بعض المطالب، وهذا دور التظاهر الحقيقي الذي كفله الدستور وأهدره القانون، وهو قانون غير دستوري، فهل سيوافق البرلمان القادم على قانون غير دستوري، أعتقد أنه سيحدث وستكون أول أخطاء هذا البرلمان، بل ربما تكون خطيئة وليس خطأً وعارًا سيواجه البرلمان القادم، لأنه من المؤكد في هذه الظروف، أن هذا القانون سيكون له ضحايا، سيتحملهم الآن البرلمان مع مَن أصدر القانون في البداية، وماذا ستفعل الدولة إذن مع الاستحقاقات الدستورية، سواء المادة 15 أو المادة 73؟
مادة (15)
الإضراب السلمى حق ينظمه القانون.
مادة (73)
للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أى نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون.
وحق الاجتماع الخاص سلميا مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه.
يستخدم النظام فزاعة الإخوان وفزاعة الجماعات المسلحة، ولا أعتقد أن الإخوان أو الجماعات الإرهابية ستنزل إلى الشارع، أولا الإخوان نزلوا مظاهرات على مدار عامين تكبدوا فيها خسائر فادحة على مستوى الأرواح أو أحكام السجن، أو حتى التشريد والهرب، فقد كانت الملاحقات تتبع أي تظاهر في أي مكان، فهم لن ينزلوا، أما اندساس عناصر كما تقول الإشاعات، فهذا دور الدولة في حماية مواطنيها والتدخل في الوقت المناسب، ومن الطبيعي أن يكون للأجهزة عناصر، للسيطرة على أي حالة عنف محتملة، وهذا أيضا غير متوقع، لأن الإرهاب عرف طريقه الآن وهو بالتأكيد ليس طريق التظاهر، أما اللعب على الترويع بهذا الشكل، فهذا ربما يؤتي أكله هذه المرة، ولكن ليس هذا هو الحل، فهناك مطالب اجتماعية تتزايد، واحتمالات تزايدها في الفترة القادمة كبيرة، وبخاصة إذا لم يلبّ هذا المجلس طموحات المواطنين، فعلى النظام أن يعتاد الإضرابات والمظاهرات المتناثرة هنا وهناك، وهي بالطبع لن تكون مظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام، ولكنها ستكون مظاهرات للمطالبة بأرباح هناك وعلاوات هنا وتعيينات من قبل بعض الشباب، وربما انقطاع المياه عن قرية أو حوادث على طريق ما ومطلب بكوبري مشاة وهكذا، خاصة أن فكرة نزول الإخوان قد ابتذلت بشكل كبير، عمال المحلة يضربون، يقولون الإخوان، حَمَلَة الماجستير والدكتوراه يتظاهرون يقولون الإخوان، وبعدين لغاية إمتى؟!
على النظام أن يتعامل مع الموضوع بهدوء وعلى أساس أنه شيء عادي وطبيعي، ومتوقع، وسيكثر في الفترة القادمة، ودور الدولة التعامل مع الأمر والوقوف عند استحقاقاتها الحقيقية، وتأثيرات الترويع كارثية على المستويين الداخلي والخارجي، فعلى المستوى الداخلي هي حالة إشاعة جو من عدم الاستقرار، ترفع معدلات الرغبة من قِبل فئات الطبقة العليا للرغبة في السفر والهجرة، وهذا له أضرار بالغة على الاقتصاد القومي، لأن خروج هؤلاء سيكون خروجًا بمدخراتهم المالية، ويمثل هذا إضعافا مضافا للاقتصاد القومي، ما دامت الدولة مفزوعة وتتحدث عن الإخوان والجماعات المسلحة وكأنها غير قادرة على السيطرة على ميدان التحرير ووسط البلد، هذه أجواء فزع ورعب لا تعطي الآمال، وترفع حالة الترقب، ويتبعها حالة ركود كبيرة، ولكن العابثين لا يدرون أصداء ترويعهم.
وعلى مستوى الخارج، تراجع السياحة المتراجعة، وموات أكثر، وهذا أولى المصائب، فضلًا عن إلغاء مسابقة الأسكواش التي كان مقررًا انعقادها في مصر بسبب اعتذار عشر دول من ضمن 22 دولة، على أساس أنها غير مستقرة، فإذا كانت الدولة غير قادرة على حماية لاعبين أوليمبيين وحماية دورة في مساحات صغيرة، هي النادي الأهلي ونادي الجزيرة وفندق الماريوت، فهذه إساءة للدولة، ولا يقول أحد إنها مؤامرة أجنبية، وإعلامك نازل ترويع في كل المواطنين.
هذا دور السفارات والملحقات الثقافية.. رصد الإعلام ومتابعته، وإبلاغ دولها، النظام في حاجة إلى الهدوء والاسترخاء وعدم الانفعال. فتوقعاتي أعداد بالعشرات أو بالمئات على أكثر تقدير لن تصل إلى ألف، ستنزل الميدان مطالبة بمطالب الثورة، وأمام الدولة سيناريوهان للتعامل، فإما التعامل بخشونة، وربما تزداد الخشونة فيقع ضحايا وربما هذا يفاقم الوضع أكثر، وإما أن تتعامل بتحضر وهدوء وتحدّهم في مكان معين على رصيفٍ ما وتتركهم يرفعون بعض الشعارات وربما بعض الهتافات أو حتى يتحركوا إلى مجلس الشعب في حماية الجهاز الأمني ليصل صوتهم إلى مجلس النواب، وعند المساء سيتفرقون وينتهي الأمر، وتصل رسالة للعالم بأن النظام واثق من نفسه ومن شعبيته.
مشكلة النظام اللي بيفكر بطريقة (مش عايز صداع) ولو سمحنا للمظاهرة دي، هتكون ضوء أخضر لمزيد من المظاهرات، أن هذه طريقة تفكير غير سياسية بالمرة، ولو كان هناك حكومة سياسية ما فعلت هذا، بل على العكس، التظاهر يصل بنبض الناس للحكومة إذا كان هناك برلمان ينافق ولا يصل بصورة حقيقية للحكومة، وإما أن تكون تلك المطالب مشروعة فتسعى الحكومة لتنفيذها، وإما أن تكون غير مشروعة فترفضها الحكومة بكل ثقة، وتوضح المبررات للشعب وينتهي الأمر، وعندها ستتراجع المظاهرات، ولن يتظاهر أحد إلا بعد سلوكه طرق التفاوض بأنواعها للمطالبة بحقوقه، ولن يتظاهر إلا وحقوقه مشروعة، فاحذروا الفزع واحذروا الغشم أيضًا.

الحمد لله في السراء والضراء .. الحمد لله في المنع والعطاء .. الحمد لله في اليسر والبلاء