برلمان في مصر 2015.. خوف وطموح بقلم أحمد بان

**معرفتي** · #1 December 7, 2015, 07:40 PM

برلمان 2015 في مصر .. خوف وطموح

بقلم
أحمد بان

2015-12-07

انتهت منذ أيام قليلة مراحل انتخابات مجلس نواب مصر، فى ظل واقع سياسى واجتماعى محتقن وفى ظل عواصف تضرب الإقليم والعالم لم تتأخر رياحها فى مصر أيضًا، التى أنجزت هذا الاستحقاق الثالث بشرعية إجرائية هى الأفضل، مقارنة بغيرها من الانتخابات، نتحدث عن التغطية الأمنية الكثيفة وحرية وصول الناخب إلى لجنته الانتخابية، والقدرة على تحديد مكان اللجنة ورقم القيد عبر رسالة تليفونية قصيرة، هى آخر انتخابات تتم تحت إشراف قضائى، حيث ستحل محل اللجنة العليا للانتخابات مفوضية دائمة للانتخابات، أصبح من حق المرشحين الحصول على محضر بنتائج الفرز بموجب المادة 28 التى كانت أحد مكاسب ميدان التحرير، الذى لم يعد أحد يلتفت إليه، ويبدو المغدور الأول فى هذه الانتخابات، فعلى الرغم من الشرعية الإجرائية المعقولة التى عايناها فى الانتخابات، فإن الشرعية الموضوعية تبدو غائبة، وهى التى تحدد إلى أى مدى كانت الانتخابات قادرة على ترجمة إرادة الشارع المصرى، ربما التأمل فى النتائج المتاحة حتى الآن يقول الكثير.

كانت أكثر الملاحظات وضوحًا تدنى نسبة المشاركة إلى 28.3% فى المرحلتين معًا، وهى أقل من نصف نسبة المشاركة فى برلمان 2012 الذى يحب معارضو الإخوان تسميته ببرلمان الإخوان، وهى تسمية مغرضة فعلى الرغم من أن الحزب الوطنى الحاكم تم حله بحكم قضائى فقد سمح له بتأسيس أحزاب جديدة وصلت إلى أكثر من عشرة أحزاب، نجح بعضها وفقًا للقائمة النسبية فى تأمين الحصول على 27 مقعدًا فازت بها سبعة أحزاب محسوبة على هذا الحزب، كانت الأحزاب هى البوابة التى سمحت بمرورهم حيث لم يكن المزاج العام وقتها قابلاً لمرورهم بشكل فردى، مثل الحزب الوطنى العدو الأول للشعب، وأحد أهم أسباب اشتعال ثورة يناير، وعلى الرغم من ذلك دخلوا البرلمان بنسبة 5% تقريبًا فى هذه الانتخابات، دخلت العديد من أحزاب محسوبة على الوطنى فضلاً عن اجتياحهم المنافسة على المقاعد الفردية كمستقلين، فضلاً عن اجتذابهم من قبل قائمة تصدرت المشهد هى قائمة "فى حب مصر"، التى اعتمدت منطق الاحتراف فى كرة القدم واجتذبت منهم من يملك ماكينة تصويتية ومالية تسمح بالمرور، عبر انتخابات كان من المعروف أنها لن تحظى بمشاركة شعبية واسعة، لأسباب ليس من بينها الإرهاق الانتخابى ولا بسبب استقرار العملية السياسية التى تجعل نسب المشاركة كذلك أسوة بكل الدول الديمقراطية الراسخة، فلم ترسخ الديمقراطية بعد ولا أظن أننا نمضى فى طريق تكريسها أو ترسيخها، فاز مرشحو الحزب الوطنى السابق بعدد 84 مقعدًا وربما أكثر، أى 15% تقريبًا، أى ثلاثة أضعاف ما حصل عليه فى الانتخابات السابقة، حزب النور الممثل الوحيد لليمين الدينى الذى احتل أكثر من 70% سابقًا والذى حاز فيه حزب النور 22% من المقاعد، انحدر نصيبه ليصل إلى ما يقرب من 2% من المقاعد، حيث لم يحصل سوى على 12 مقعدًا، الحزب على الرغم من حملة الشيطنة التى توافقت فيها على نحو نادر أصوات الإخوان مع بعض القوى المدنية على شيطنته وممارسة أحط لون من الدعاية السوداء بحقه، صمد لكل ذلك وخاض معركة صعبة ولولا نظام القائمة المطلقة لحاز النسبة التى توقعها لنفسه وهى 7% على الرغم من تلويحه بـ20% فى تكتيك انتخابى مفهوم، لم يترشح أحد من الإخوان أو باقى حلفائهم فى هذه الانتخابات ومثلت مشاركة حزب النور ضربة حرص عليها النظام وتحسبت لها الجماعة، حيث أضفت مشروعية على البرلمان لا تتيح اتهامه باستبعاد أو إقصاء الإسلاميين، لن نتحدث عن السياقات السياسية والإدارية التى سبقت الانتخابات والتى سمحت باستبعاد بعض القوى المحسوبة على ثورة يناير وعلى الحركة الوطنية المصرية التى كانت نقيضًا لجملة السياسات التى جسدها نظام مبارك، فمورست ضغوط واضحة دفعت الكثيرين منهم للإحجام عن المشاركة، حتى الآن لا يرغب ولا يطمئن النظام السياسى لوجوه بما يستحثه على إنجاز قانون انتخابى محكم يستعصى على الطعن، ليبقى البرلمان نهبًا للحل فى أى وقت بسيف القضاء أو بغيره، كثير من النتائج لا تفصح عنها الأرقام فعلى الرغم من أن نسبة الفائزين من المستقلين حسب اللجنة العليا 56.9 فليس من المؤكد أن كل هؤلاء مستقلون بالفعل، فبعضهم ينتمى لأحزاب موجودة أو غائبة وستكشف الممارسة والسلوك انتماءات كل عضو، أيضًا الحديث عن ارتفاع حظوظ الأحزاب إلى 43.1% غير دقيق فكثير ممن فازوا على قوائم حزبية انضموا للحزب قبل الانتخابات بأيام أو ساعات بمنطق الاحتراف فى كرة القدم كما أسلفنا، لسنا بصدد بنى حزبية حقيقية لها برامج ورؤى متميزة كل الأحزاب الفائزة هى يمينية منحازة لأنماط رأسمالية لاعلاقة لها بأهداف يناير، رغم رفع البعض منها شعار القضاء على الفقر أخشى أنهم سيقضون عليه من خلال القضاء على الفقراء، حزب الوفد الذى حصل على 8% من مقاعد برلمان 2012 لم تتراجع حظوظه كثيرًا فقد حاز هذه المرة 5.6% من المقاعد، أما المصريون الأحرار الذى فاز بـ3% سابقًا، فقد تصدر السباق بنسبة 11.44% من المقاعد، متقدمًا على المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذى تقدمه بمقعد واحد حاصلاً على 16 مقعدًا ليتراجع نصيبه إلى 4 مقاعد، حيث أسهمت العديد من العوامل فى هذه النتيجة لعل من بينها استقالة رئيس الحزب عشية الانتخابات، من الملاحظات اللافتة حزب التجمع الذى حاز فى برلمان الإخوان على 3 مقاعد، بينما لم يحز سوى مقعد واحد، يتحدث البعض أنه غير محسوب على التجمع بقدر ما هو محسوب على شخصه وحضوره الخاص.
من المؤشرات الهامة أيضًا هذه المرة ارتفاع تمثيل الأقباط إلى 36 مقعدًا، وكذلك المرأة إلى 71 مقعدًا قد ترتفع فى حال تعيين الرئيس 14 لتصل الكتلة النسائية إلى 85 عضوة هى الأكبر فى تاريخ البرلمان، أيضًا من اللافت دخول أكبر عدد من ضباط سابقين بالشرطة والجيش 50 عضوًا تقريبا، أى 8.8% من المقاعد، فى تأكيد على أن الشعب والشرطة والجيش إيد واحدة فى الميدان والبرلمان معاكم معاكم.
تركيبة تبدو الأغرب وسياقات هى الأعقد والأخطر، لكن المؤكد أن تجربتى برلمان 2010 و2012 ماثلة فى الأذهان تنبه وعى النواب الجدد، الذين ستكشف أجندتهم التشريعية والرقابية وانحيازاتهم ماذا ستخلف فى نفوس الشعب صحة الخوف الذى يفتح أبواب المجهول أو الطموح الذى يطرق أبواب المستقبل.

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
استراتيجية حماية الطفل في عصر العولمة بقلم محمد عباس محمد عرابي	محمس عربي	امومة و طفولة	0	June 16, 2011 02:44 PM
الدكتور محمد رجب البيومي واقترح بتكريمه بقلم محمد عباس عرابي	محمس عربي	مقالات الكُتّاب	0	August 10, 2010 06:21 PM
هنا برلمان الابتسامة ........برلمان حر ....آراؤه حرة	م . أحمد نصرالله	مقالات حادّه , مواضيع نقاش	25	June 18, 2010 05:23 AM
فلنعرف لعلمائنا حقهم علينا بقلم محمد عباس محمد عرابي	محمس عربي	النصح و التوعيه	3	March 23, 2010 02:34 PM

برلمان في مصر 2015.. خوف وطموح بقلم أحمد بان

مقالات الكُتّاب