فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم July 2, 2015, 12:45 PM
 
فضل الدعاء فضل الدعاء الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضل الدعاء



الحمد لله غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب، ذي الطَّول، لا إله إلا هو إليه المصير، الرحمن الرحيم، يَقبَل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، وهو القائل في مُحكَم كتابه: ï´؟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ï´¾ [البقرة: 186]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، دعا الله تعالى في السراء والضراء، فكان الله معه مستجيبًا وناصرًا ومؤيدًا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الذين طهَّروا أنفسهم عن الحرام، ومأكلهم ومشربهم عن الحرام، ودعوا الله فاستجاب دعاءهم، أولئك هم المؤمنون حقًّا، لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم.

أما بعد، فيا أيها الناس:
اتقوا الله ربكم، واخشوا يومًا لا يَجزي والد عن ولده ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئًا، اتقوا مَن وعدُه الحق، وحديثه الصدق، وعِلمه الشامل، واطِّلاعه الكامل، يَعلَم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، وهو معكم أينما كنتم، والله بما تعملون بصير.

اتقوا الله يوم تُولُّون مُدبِرين ما لكم من الله من عاصم، يوم يُبعثَر ما في القبور، ويُحصَّل ما في الصدور، عبادَ الله، كيف يُتَّقى هذا اليوم؟ وكيف يخشى منه؟

إن ذلك بألاَّ تقع رؤية الله منك على مكروه، وليكن اطلاعه منك على كل محبوب له، فالله يحب المتقين، وهذه المراقبة تتحتَّم وتَجِب في كلِّ وقت وحين، وفي كل مكان وزمان، وبها يَصدُق على المسلم الإسلامُ، وبالغفلة عن هذه المراقبة يَحصُل نقصُ الإيمان أو الكفر والنفاق، إن الله سبحانه يُثيب على الإحسان إحسانًا، ويجزي الذين أساؤوا بما عمِلوا؛ ï´؟ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ï´¾ [غافر: 40]، واعلموا أننا في وقت يجود فيه الرب بالفضل والمنِّ والعطاء، وقد اجتهد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بالإكثار من العبادات، وإنفاق الصدقات، وتلاوة القرآن، والإلحاح على الرب بالدعوات، فتأسَّوا بنبيِّكم، تَكثُرْ أجوركم، وتتيسَّر أموركم، أُمِرتم بالدعاء ووُعِدتم بالإجابة؛ ï´؟ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ï´¾ [غافر: 60].

وإن أحدكم لَيَغضَبُ إن سُئل، والله يغضب إذا لم يُسأل؛ ï´؟ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ï´¾ [البقرة: 186]، وليُحضِر الداعي قلبَه، وانكساره وذلَّه، وخشوعه وخضوعه بين يدي ربه، ويُثني على الله تعالى في بَدء دعائه، ويصلي على نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وليَحرِص الداعي أن يتَّصِف بأسمى الآداب، وأحسن الصفات؛ بأن يكون في صلاة أو مستقبل القبلة إذا كان بغير صلاة، ومُتطهِّرًا، ويتَحيَّن أوقات الاستجابة في آخر الليل، وآخر النهار، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وعند صعود الإمام لخطبة الجمعة حتى انتهاء الصلاة، وأدبار الصلوات، وآخر ساعة من يوم الجمعة؛ فإن ذلك كله من أسباب الإجابة، وليكن حَذِرًا من موانع الإجابة؛ فمن أتى بالأسباب لاستجابة الدعاء، ولم يحذر من الموانع، فدعاؤه غير مُستجاب، ولا يَدْعُ بإثم؛ كقطيعة رحِم أو ظلم أو عقوق، أو بأي إثم كان؛ ففي الحديث: ((يستجاب لأحدكم، ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رَحِم))[1]، وليتجنَّب الحرامَ؛ فأي جسد نبت من سحتٍ، فالنارُ أولى به، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمَرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ï´¾ [المؤمنون: 51]، ثم ذكر الرجلَ يُطيل السفرَ، أشعث أغبر، يَمُد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب! ومطعمُه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنى يُستجاب له؟!))[2].

وقد قرئ عند النبي صلى الله عليه وسلم قولُه تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ï´¾ [البقرة: 168]، فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله، ادعُ الله أن أكون مُستجاب الدعوة، فقال: ((يا سعدُ، أطِبْ مطعمَك، تكن مستجاب الدعوة، والذي نفسي بيده، إن الرجل ليَقذِف اللقمة الحرام في جوفه ما يُتقبَّل منه أربعين يومًا)).

وإن من موانع الاستجابة أن يتعجَّل العبدُ الدعاء ويستبطئ الإجابة، وفي الحديث: ((يستجاب لأحدكم ما لم يَعجَل؛ يقول: دعوتُ فلم يُستجَب لي))، فاجتهدوا في هذه الأوقات التي جعلها الله مواسم خير وبركة، وفيه عِتْق من النار، يرحم الله عبادَه فيمحو ما عليهم من الذنوب والآثام، وأفضل رمضان الليالي العشر الأواخر؛ ففيها من الفضل ما ليس في غيرها، وخصَّها الله تعالى بهذا الفضل؛ كرمًا منه على خلْقه؛ ليُدرِكوا الأجر الكثير في هذه الليالي المحدودة، التي هي ليالي الإعتاق من النار، نسأل الله أن يعتقنا من النار وجميع المسلمين.

وفِعْل الرسول صلى الله عليه وسلم صريحٌ أن هذه الليالي فرصة لا ينبغي للمسلم تفويتها، فتَحكي عائشةُ رضي الله عنها ما اطَّلعتْ عليه من فِعل الرسول، وهو: إحياء الليل، وشد المئزر، وإيقاظ أهله، وإحياء ليله: عبارة عن الاستيقاظ؛ أي: إحياؤه بالطاعة، وبتعبير عائشة عن الاستيقاظ بالإحياء؛ لأن النوم أخو الموت الذي هو ضد الحياة، ومعنى شدِّ المئزر؛ أي: اعتزال النساء والجِدُّ في قيام الليل، وإيقاظ أهله للصلاة كما روت أم سلمة: لم يكن صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يُطيق القيام إلا أقامه؛ كل ذلك تشريعًا لأمته، ومحبة الخير لهم، وامتثالاً لقوله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ï´¾ [التحريم: 6]، وقوله تعالى: ï´؟ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ï´¾ [طه: 132]، وقال تعالى مادحًا نبيه إسماعيل: ï´؟ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ï´¾ [مريم: 55]، وفي العشر الأواخر ليلة القدر التي فضَّلها الله - سبحانه وتعالى - على ألف شهر، بمعنى أن العبادة فيها تفوق على العبادة في غيرها بألف شهر؛ ولهذا شرع الله الاجتهاد فيها، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً ممن كان قبلنا حمل السلاح في سبيل الله ألف شهر، فتعجَّبوا من صبره ومثابرته وأجره الذي يحصل عليه، فأنزل الله تعالى هذه السورة العظيمة.

فاتقوا الله أيها المسلمون، وشَمِّروا عن سواعدكم، وانتهزوا مواسم الغفران، وأكثِروا من الدعاء بقلوب صافية، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ï´؟ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ï´¾ [القدر: 1 - 5].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] رواه مسلم برقم 25 (2095).

[2] مسلم (1015، 65).





المصدر \ موقع الألوكة
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم April 7, 2016, 12:48 PM
 
رد: فضل الدعاء فضل الدعاء الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم

الإكثار من الذكر .. فالذكر من أعظم أسباب التثبيت، قال تعالى {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آَمَنوا إِذَا لَقِيتم فِئَةً فَاثبتوا وَاذكروا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكم تفلِحونَ} [الأنفال: 45]

فعليك بكثرة الإستغفار .. عن عبد بن بسر رضي الله عنه قال سمعت النبي صل الله عليه وسلم يقول "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفار كثير"[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]

وأكثر من الصلاة على الحبيب صل الله عليه وسلم .. فإنها من أعظم المكفرات وهي الدليل إلى الجنة، قال رسول الله صل الله عليه وسلم "من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني]
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعاء .. الدعاء أوقات وأحوال وأماكن يُستجاب فيها الدعاء اقرأالقرآن وأذكر ربك النصح و التوعيه 0 December 20, 2012 11:13 AM


الساعة الآن 01:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر