فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم April 17, 2015, 02:34 PM
 
رد: رواية عبرات الحنين للكاتبة زهور اللافندر


بسم الله الرحمن الرحيم.

الـــــــــــفـــصــــل الــــــعــــــاشـــــــــــر


~~~~~~~~~

~ جِــــــــــمَارُ الـــــــــــــدم ~


******************



دَعِ المَقادِير تَجْري فِي أعنّتها .. و لا تَنَامنّ إلا خَالي البَالِ

مَا بَيْن غَمْضَةِ عَيْنٍ و انْتِباهَتِها .. يُغير اللهُ مِنْ حَالٍ إلى حَال


*************************



الرياض


منطقة صحراوية نائية


35 : 12 صباحًا




تحت السماء المظلمة التي تناثرت في أعماقها نجوم لامعة متفرقة ، توسطت تلك الأرض الخالية خيمة صغيرة معدة بعناية ، جلس أمامها ثلاثة شبان على فَرشٍ خاص و أمامهم نار مشتعلة على الحطب و عدد من أباريق الشاي .

انفجر مالك بالضحك : لا .. و سيقانها تقول عمدان شارع .

شاركه رامي في ضحكه وهو يضربه بخفة على رأسه : الله يخسك يالملعو* .

استرخى فارس في مجلسه و هو يرتشف من كوب الشاي ، رفع رامي أحد حاجبيه و سأله : الحين ممكن أعرف اشلون عايش و انت ما تقدر تشم ؟؟ .

رمقه فارس بنظرةٍ جانبية مخيفة و قال : ابلع لسانك يالجبان اللي للحين و انتم ما سويتم اللي وعدتو فيه .

التفت رامي إلى مالك الذي هتف : أقووول يا أبو الشباب ولد عمك ذا صويحي و يبيله ضربه بلفات .

وضحك و هو يتكأ على جانبه الأيمن : خلنا الحين ننبسط و أبشر باللي تبيه بعد كم يوم ، يعني بعد ما أفكر و أخطط .

مط فارس شفتيه و هو يفتح أزرار قميصه و غمم : أقول انت واياه .. انقلعوا الحين و هاتوا العشا .. تراني ميت من الجوع .

نهض مالك البدين هاتفًا : أنا بجيبه لأني مشتهي شي معين.

و التفت إلى رامي آمرًا : و انت انقلع و هات باقي الأغراض من البقاله بسرعه .

ثم غادر إلى سيارته و رامي يقف و هو يوجه حديثه إلى فارس : إلا .. الوالد ما دق عليك ؟؟.

ضحك فارس في سخرية و هتف : أكيد كسّر الدنيا .. بس أنا مقفل كل شي .. أبي أرّووووووووق الحين و إذا فقت فكرت أرجع .

هز رامي كتفيه و هو يسير قائلاً : براحتك .. بس ما أظن بيعديها لك .

سكب فارس لنفسه كوبًا آخر من الشاي و غمم : خله ينفلق عجوز القايله .

تركه رامي و غادر المكان إلى سيارته ، و بقي فارس وحيدًا في تلك المنطقة النائية التي لا يأتي إليها إلا من يعرفها حق المعرفة ، بقي هناك .... و رمال الصحراء تحيط به من كل جانب .


@@@@@@@@@@@@


الرياض


فيلا أبو ياسر


40 : 12 صباحًا


خرج إلى المجلس الكبير و التقط هاتفه المحمول ثم توجه إلى الباب الخارجي ، تأفف في غيض عندما سمع رنين الهاتف .. نظر إلى الرقم و زوى ما بين حاجبيه هامسًا : يا رب سترك .

وضع السماعة على أذنه و هو مستمر في سيره : ألو .

أتاه صوت إبراهيم : السلام عليكم .

امتطى أبو فيصل السلالم الصغيرة و هو يجيبه : و عليكم السلام و رحمة الله .. بشّر يا إبراهيم ؟؟ .

: الحمد لله .. وافقوا على التسويه و

قاطعه أبو فيصل و هو يركب السيارة : لا .. قصدي موضوع فارس .

غمم إبراهيم بحيرة : كلمت ياسر قبل شوي .. ما علمك ؟؟ .

تحدث أبو فيصل في حدة : لا .. واش لقيت ؟؟ .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


المنطقة الصحراوية


00 : 1 صباحًا


وضع يديه خلف رأسه ثم أسنده إلى المسند و هو يغمم : هدى جايه هالأسبوع .

وضحك و هو يردف : الليالي الكئيبه بتزين يا فارس .

مضت ربع ساعة .. و إذ .. بضوء سيارة يلوح في الأفق ، قطب حاجبيه و هو يغمم : مسرع جا الثور ؟؟.

و عندما اقتربت السيارة أكثر ، أدرك أنها لا تمت لصديقيه بصلة ، هب من مكانه و يده تحسس جيبه بحذر ، توقفت السيارة الفضية على مقربة من المكان ، لم يتمكن فارس من رؤية قائدها لأن ضوئها الشديد كان يحجب الرؤية ، و ضع يده فوق عينيه و

اتسعتا في صدمة وهو يهمس : يــــــــــــــــــــــــــــاســـــــــر ؟!!!!!!!!.

خرج ياسر من السيارة بعد أن أطفأ محركها و هتف باقتضاب : حيا الله فارس .

لم يحرك فارس ساكنًا بل قال مستهزئًا : حيا الله حبيب البابا ؟؟.

تجاهل ياسر سخريته و تقدم منه أكثر و هو يقول ببرود : ليش مقفل جوالاتك .. و مخلي عمي يقلب الدنيا لجلك .

رمقه فارس بنظرة صارمة و هو يجيبه : موب شغلك .

قبض ياسر على كفه بحنق و هو يقترب منه أكثر حتى توقف أمامه مباشرة ، لا تفصل بينهما سوى بضعة سنتيمترات اخترقتها رياح الصحراء الباردة بهديرها المخيف .

خفق قلب فارس بخوف عميق ..كان يتوقع بمقدار 94 في المائة أن الموضوع متعلق بعروب و لكنه لم يتوقع أن يعرف ياسر بالأمر بتاتًا.

تطّلع إليه ياسر بصرامة الدنيا كلها و قال ببطء : و اش كان بينك و بين سرياتي ؟؟.

هوى قلب فارس بين ضلوعه .... الآن فقط لم يعد هناك مجال للشك ...... لقد كُشف أمره ......

احتوى خوفه و لم يظهر شيئًا على ملامح وجهه سوى البرود : من ؟؟؟؟.. أول مره أسمع باسمه ؟؟!! .

منع ياسر نفسه من الانفجار و صك على أسنانه و هو يقول : الحقير اللي كنت تقابله من فتره لفتره .

و اقترب منه أكثر و هو يردف بهدوء مخيف : و كنكم تخططون لشي .

ضحك فارس يخفي ارتباكه و هتف : أنا تربطني بذاك السواق ؟؟؟ صدق مجنون .

دار على عقبيه و تصلبت أقدامه عندما قبض ياسر على ذراعه بقسوة، التفت إليه في حدة هاتفًا : نـــــزل يدك .

قبض ياسر على ذراعه بشدة أكبر و أنفاسه الحارة تلفح وجه فارس و هو يغمم : الحين تذكرت إنه السواق ؟؟؟.

امتقع وجه فارس عندما أوقع نفسه في الفخ ، نفض يده بتوتر صائحًا : أقلك ابــــــــــــعــد .

صرخ ياسر وهو يمسك بتلابيبه : قــــــلي .. و اش كان بينك و بينــــــه .. تــــــــــــــــــكـــــــــــلم .

دفعه فارس بشدة و هو يصيح : ابــــــــــــــــعــد انـــــــــــــت و الــــــــــــمــخــرف ولـــــــــد عــــمــك الـــلـــي تـــــــــــتــــبـــــــــلـــون عــــــــــــــــــليّ .

لم يفهم ياسر ما يقصده و لم يبالي .. بل اندفع نحوه و أسقطه أرضًا و هو يصيح بغضب : عــــــــــــــــلـــى ويــــــــــــــن ؟؟!!!!!!!!!!!! .

صرخ فارس في حنق إثر ارتطامه بالأرض الصلبة : ياحــــــــــــــــــــــــــيـــواااااااا*

جثم ياسر على أنفاسه بقوة و هو يصيح بغضب هادر : اعــــــــــــتــرف الــــــــــــــــــــحيــــــن .

ابتسم فارس بسخرية عندما أدرك أن ياسر لن يتراجع أبدًا ، اشتعلت الدماء في عروق ياسر لمرأى تلك الابتسامة الساخرة ، صرخ في عصبية و هو يلكمه على أنفه : تــــــــــــــــكـــلــم .

صرخ فارس بألم شديد : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .

تفجرت الدماء الحمراء من أنفه و سالت على شفتيه ، زمجر بعصبية وهو يمسك بحفنة كبيرة من الرمال و يلقيها على وجه ياسر صائحًا: يــــــــــــــــــــــــالـــكـــلـــــ*

ارتد ياسر في عنف و هو يحاول أن يفتح عينيه اللتين تضررتا من الرمال ، وصلته ضحكات فارس الشامتة ، فتح عينيه بصعوبة و هو يزمجر بغضب .... و اتــــــســــــعـت عيناه رغم الألم .....

لوّح فارس بسلاح بإحدى يديه و بيده الأخرى يحاول إيقاف الدماء التي تنزف من أنفه بغزارة ، اتسعت ابتسامته المقيتة و هو يهتف : الظاهر تبي تلحق بأختك ؟؟؟؟.

و انفجر بضحك هستيري وسط صدمة ياسر الكبيرة ، استدرك فارس حديثه شامتًا : قلـــــــي .. كيفها بعد سرياتي اللي تـ

شهق في صدمة عندما اندفع ياسر نحوه و في عينيه غضب الدنيا كلها ، تراجع فارس إلى الخلف ..وخطته بإخافة ياسر بذلك السلاح الفارغ من أي رصاصة تــــنـــهــار .. لأنه من الصعب أن يوقف شخصًا تــــــــــــــــأكـــــــــــــل المرارة كيانه أكلاً ، تعالى صرير إطارات في المكان و لم يأبه ياسر بالأمر بل أمسك بياقة فارس و الــــــــــــــــغــضــب كل الــــــــــــــــــــغــضــب يزلزل أركانه : يـــالـــــــــــــــــــــــــحـــــــــــيــوووو ووااااااااااااااااااااااااا*

و قبل أن يمد يده ليلكمه..

انطلقت تلك الصيحة المدوية : فــــــــــــــــــــــــــــــااااااااااااااااااا اااارس

و اخـــتـــــــــــــــــرق الـــــــــــــــهـــواء خـــــــــــيــط مــــــــــــن الـــــــــــــضــوء بدوي حاد ليرتــــــــــــطــم بــيـــاســر ........

خفق قلب ياسر بعنف و آلام شديدة تندفع إلى جسده و شيء سائل يتسلل على ظهره ، جحظت عيناه في ألم و الدنيا تظلم أمام عينيه ، همس بصعوبة : لا لـ

و انهار على الأرض و سيل من الدماء الحمراء يغرق ثوبه ، رفع فارس بصره و صاح في عمق صدمته : يـــــــــــــــــــــــــــــــــــا الــــــــــــــــــــمــــجــــــــــــــنـون .

خفض رامي سلاح الصيد في ارتباك شديد و هو يهتف : كان بيتقاتل معك و

قاطعه فارس بتوتر أشد وهو يندفع للأمام: بـــــــــســـرعه لم الأغراض وخلنا نمشي قبل ما يجي أحد .

شاركه رامي و الذعر المتفجر في وجهه يسري في جسده النحيل ، حملا الحاجيات بسرعة و وضعا كل شيء في السيارة ، استقلاها .. و هربا بعيدًا عن ذلك الجسد المسجى وحيدًا في وسط الصحراء المظلمة ، ذلك الجسد الذي اصطبغت الرمال قربه بـــــــــــــالدماء ، دارت عينا صاحبه في محجريهما و هو يهمس : لا .. فـ

و اختنقت الكلمات في صدره ..... لــيغرق في الظــــلام .


@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


فيلا الجازي


00 : 5 فجرًا



أنهت أذكارها ثم نهضت من مصلاها ، انحنت و أمسكت بالسجادة ، لفتها مع ثوب الصلاة و أعادتهما إلى الخزانة المخصصة ، زفرت و هي تحرك شعرها بكفها و تجلس على سريرها ، مالت عيناها إلى الهاتف المحمول الذي تميز بلونه الوردي المشرق ، اغتصبت ابتسامة و هي تقاوم غصة في صدرها .. أي حنان ذاك الذي يملأ قلبه الكبير ؟؟!!! شعرت به و إن لم ينطق ......

أطرقت برأسها و هي تتذكر كيف وقف إلى جوارها يوم وفاة والدتها .. بل يوم أنقذها من ذلك المعتدي .. يوم أن أخرجها من المصعد .. و قبل أيام قليلة عندما أحضر لها هذا الهاتف .

ز فرت و هي تستلقي و تسبل عينيها و زقزقة العصافير مع الصباح الباكر تنعش حجرتها الصامتة ، لمعت الدموع على رمشيها وذلك الصدى يتردد في عقلها


■ ■ ■ ■


: و الله منتي صاحيه .. ياسر رجال وألف مين يتمناه .. و انتي زوجته و حلاله و ما تبغين تصلحين اللي بينكم ؟؟.


■ ■ ■ ■


وضعت كفها على عينيها و هي تهمس بصوت باكي : أية زوجه يا مرام ؟؟؟ .. أية زوجه ؟؟؟.

شهقت لتنفجر باكية ، انقلبت على جانبها الأيمن و غربة تجتاح مشاعرها النقية .. قسوة تلك التي يصعقها بها تارة .. و فيض من الحنان الخفي يحتويها به تارةً أخرى .. فمن هو يا ترى ؟؟ .. أي مشاعر يكنها لها ؟؟ .. ما موقعها من حياته بالضبط .. أحشرة حقيرة يتمنى أن يدوسها بقدمه اليوم قبل الغد ليفنيها من سجل حياته .. أما ذبابة عابرة ينفضها بيده لتطير بعيدًا و تريحه من أزيزها المزعج ... أم ماذا بالضبط ؟؟؟.

أجهشت ببكاء أشد .. لأنها تعلم يقينًا أنها لو كانت حرة من القيد المقدس الذي يربطها به .. لكانت الآن أسعد .. فلا مجهول يحيط بها و يفزعها بكوابيسه كل ليلة ، و لا أفكار تنخر عظامها صبح مساء و تنحر روحها على منصة الضياع ألف مرة ، و لا صور تربطها به و تبعثر تفكيرها يمنة و يسرة ، لا ذكريات تشتت كيانها في إعصار من المشاعر المختلفة .. مشاعر تلقي بروحها من ارتفاع شاهق لترتطم بعنف بأرض الـــــواقــــــع .

استبد برد الحجرة بجسدها فأمسكت باللحاف و غطت نفسها .. تشعر بدفء حُرمت منه روحها ، أغمضت عينيها و استكانت بذكر الإله .


@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


فيلا تركي


30 : 5 فجرًا



ابتسمت و هي تسترق النظر إليها من تحت اللحاف ، تتقلب في انزعاج شديد كأنها عاجزة عن اصطياد ذلك النوم ، كتمت ضحكتها و هي تستمع إلى تأففها ، رفعت أحد حاجبيها و رنين هاتفها يعلو ، هتفت الأخرى بضيق : خالتووووووووووووووو .. و النهايه مع جوالك ؟؟؟؟؟ .

رفعت مرام اللحاف عن جسدها و هتفت مداعبة : و الله إنتي اللي مصره أبات عندك مع إن فيه أكثر من غرفة نوم .

غطت جوري وجهها باللحاف و هي تزفر في غيض من شدة التوتر الذي يعصف بكيانها ، هزت مرام رأسها و الابتسامة مرسومة على شفتيها و أمسكت بهاتفها ، خفق قلبها بعنف و هي ترى اسم المتصلة ، اعتدلت جالسة و هبت من سريرها و هي تهتف لجوري : دقايق و راجعه .

فتحت جوري إحدى عينيها و تبعتها ببصرها حتى اختفت ، ثم همست بصوت مختلج : يا ربيييي .. بموووت من الخوف .


.


.


وضعت خصلة من شعرها خلف أذنها و هي تقول : إيوه يا هديل .

أتاها ذلك الصوت المخنوق : السلام عليكم .

جلست على الفور و الخدر يسري في قدميها من شدة الخفقات التي أشعلت دمائها : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .

صمتت هديل للحظة ، قبل أن تهتف متسائلة بذلك الصوت الباكي : مرام وينها رهف ؟؟!!!.

امتقع وجه مرام و هي تضع يدها على جبينها و همست : هديل .. والله إلى الآن ما جاني أي خبر عنها .

شهقت هديل و هتفت بحرقة : من زمان و أنا أسألك و كل مره تكررين نفس الإجابة .. كيف يعني .. أخــــتـــي مـــــــــــــــــــاتـــــــــــــت و لاّ حــــــــــــــــيـــة ؟؟؟؟؟.

ارتعدت أطراف مرام وسرت رعشة في جسدها كله ، و دوي الكلمة يتفجر في عقلها كقنبلة غاشمة ، هتفت بحرقة مماثلة و دموعها تتفجر : هديل لا تقولين كذا الله يسعدك .. الله يخليك يا هديل لاااا .

صاحت هديل بقهر : أجل اش تبغيني أقول و أنا فوق الشهرين ما سمعت صوتها .. إذا انتي القريبه منه ما أخذتي منه شي أنا اش أقول ؟؟!!! .. مازن له أسابيع يحاول يوصلّه و مو قادر .. و الله إنه يفكر يسويله مصيبه و أنا اللي أمنعه و أقله اصــبر .

ارتعدت شفتا مرام و قلبها يضج بخفقات مجنونة .. مـــــــــــــصــــيـــبــة .. مـــــــــــــصــــيـــبـــة لـــتـــركـــي ؟؟!!!!!! ... ربـــــــــــــــاه ؟؟!!! .. أي شيء هذا الذي استيقظ في أعماقها بعد ســــبـــات .. سبـــــــــــــات طـــويــل ..

شي انتعش في أعماقها بعد كلمة هديل و عاد لنشاطه بعد ســـــــــنـــــوات ....

مــــصـــيــبـة ؟؟!!!! .. ألا يكفيه ما تخفيه في صدرها ؟؟؟.. ما أغلقت عليه و دفنته في عمق الظلام .. ألا يكفيه ما سمعت ؟؟؟.. ألا يكفيه أمر خُفي عنه ؟؟؟.. أمر قـــــــــــاتــل .. ما أشد مراراته .. ما أقسى وقعه .. هي نفسها لم تحتمله .. خُلع قلبها من شدة هوله .. فكيف به و هو يتعلق بحياته .. كــــيــــف ؟؟؟!!!.

أجهشت في بكاء مرير و هي تهتف : معليش يا هديل .. اصبري عليا الله يخليكِ .. اصبري و قولي لمازن يستنى .. راح أحاول .. أحاول و أردلك .. إن شاء الله إنها بخير .. إن شاء الله .

همست هديل بصوت متحشرج : راح أصبر يا مرام .. راح أصبر و مو أكثر من أسبوع .. و بعدها ما أقدر أرد مازن أكثر .

ارتجف قلب مرام و هي تهتف : الله يخليكِ قوليله يستنى قد ما يقدر .. و أنا أوعدك بكره إن شاء الله أكلمه .

همست هديل : طيب .. أنتظر اتصالك .

مسحت مرام دموعها المتدفقة و همست : توصين على شي ؟؟ .

أجابتها بخفوت : لا .. في أمان الله .

سحبت المنديل من العلبة أمامها و هي تهمس : مع السلامه .

أنهت المكالمة و وضعت الهاتف على الطاولة أمامها ، مسحت أنفها بالمنديل .. ثم أسندت جبينها إلى ذراعيها و خصلات شعرها السوداء تنسدل على وجهها .. لتخفي ملامحًا تشرّبت من الحزن أقساه ، و من المر لوعته ... قلبها ينصهر عذابًا و صورة تركي بتلك الابتسامة التي تذكرها تتوهج في عقلها ، شهقت بعنف و رأسها ينهار بسيول جارفة من دموع محرقة ، رفعت ساقيها و دفنت وجهها بينهما و هي تهمس : يا ربي .. يا ربي كيف أعلمه كيف ؟؟!! .. كيف أعلمه بالحقيقه .. كيف ؟؟؟ .. يا الله .. ما أقدر .. ما أقدر ..صعب .. صعب .. صعب .

لفت ذراعيها على ساقيها و احتضنت نفسها و هي تطلق لدموعها العنان .


@@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


شقة في أحد أحياء الرياض


00 : 7 صباحًا



هب من مكانه و ركض إلى دورة المياه ليفرغ ما في جوفه ، لوا مالك شفتيه باشمئزاز و هو يشيح ببصره إلى فارس المستلقي على الأريكة ، تجرع من زجاجة الخمر التي يمسكها ثم هتف : الحين انت و هو ولد عمك ما صابتك هالفجعه اللي تخليك تفر للحمام كل دقيقه .

غمم فارس بحنق و ذراعه على جبينه : خله يستاهل .. هو اللي أطلق و يتحمل النتيجه .

ثم اعتدل في جلسته و رمق باب دورة المياه بنظرة حادة و هو يهمس : و إذا جات الشرطه بيتحملها لوحده .

زوى مالك مابين حاجبيه و تطلّع إليه و هو ينهض من مكانه و يصيح بقهر : الحين لو وصل للعجوز أي خبر و ربي ما بشم ريحة الفلوس مره ثانيه .. عساه بالـــــــــــسم .

و دلف إلى إحدى الحجرات و هو يغلق الباب خلفه بعنف ، التفت مالك إلى الباب الذي خرج منه رامي و يده على معدته و هو يتأوه في إعياء شديد ، ألقى بجسده المنهك على الأريكة و أسبل عينيه ، ارتشف مالك رشفةً أخرى و بصره شارد في المستلقي ، همس بعد برهة : و يبيني أطيّر ولد عمه الثاني ؟؟!!! .

و التفت إلى حيث اختفى و تمتم : الظاهر تحسبني غبي يا فويرس .. مو أنا مالك اللي يرمي نفسه بين أسنانك .

و هب من مكانه و هو ينفض بنطاله مغممًا بحنق : ما يكفي إني تورطت بسبتكم و الحين مضطر أختفي معكم فـ هالمقبره .

ثم توجه إلى حجرة أخرى و أغلق الباب و رامي يركض من خلفه إلى دورة المياه .


@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


المستشفى


00 : 1 ظهرًا



أصوات مختلطة ، هدير مزعج ، صرخات مفزعة ، أناس ، أطفال يـبكون و

" ياسر "

توترت عضلات وجهه و سواد يطغى على المكان من حوله ، شعر بنفسه يغرق و يغرق و

" ياسر تسمعني ؟؟"

اشتعلت أضواء شديدة في وجهه ، حاول أن يفتح عينيه بصعوبة و هو يهمس : مين ؟؟ .

" افتح عيونك و طالعني "

فتح عينيه بضعف شديد ، لم تستقر حدقته على منظر معين ، إلى أن اتضحت الصورة فطالعه وجه مبتسم : الحمد لله على سلامتك .

زوى ما بين حاجبيه و هو يتأمل الرجل بمعطفه الأبيض ، همس بإعياء : أنا وين ؟؟ .

ربت الطبيب عليه قائلاً : لا تخاف .. انت في المستشفى .

همس بقلق : مستشفى ؟؟؟ كـ

اندفعت الذكريات إلى عقله في شراسة فشهق في ذعر : فـــــــــــــــارس !!! .

فغر الطبيب فاه و تبادل نظرة مع الطبيب الآخر قبل أن يقول : انتظر .. الشرطه بتجي بعد شوي .

خرج الطبيبان من الحجرة ووضع ياسر يده على رأسه و هو يغمم : يا الله يـ

: يــــــــــــــــــــاســــــــــــــــر!!!!!!!!!!

همس بصدمة و هو يفتح عينيه : أبوي ؟؟!!! .

اقترب منه في فرحة شديدة و ضمه هو يهتف : الحمد لله على سلامتك يا ولدي .. الحمد لله .

ثم استطرد في توتر و هو يبتعد عنه : علمني و اش اللي صار .. من الكلـ* اللي سوى فيك كذا ؟؟.

امتقع وجه ياسر و لكن أنقذه الطبيب الذي دلف بقوله : لا تجهده الحين .. اذا جت الشرطه يقص الحكايه مره وحده .

أشاح ياسر بوجهه للحظة ، و إذ بدوار شديد يعصف برأسه ، همس بضعف : ليش أحس بدوخه ؟؟.

أجابه الطبيب مطمئنًا : جسمك الآن تحت تأثير المخدر .. شوي و يرجعلك نشاطك .

التفت إلى الباب الذي يطرقه شخص ما و قال : لحظه .

و خرج ليقابل الرجلين .


.


.


هتف الشرطي في غضب : و اشلون ما علمتوه للحين ؟؟ .

حرك الطبيب يده مبررًا : قلتلك صعب نعلمه الآن .. طبيعي بينهار .. كيف بتستجوبونه وقتها ؟؟ .

عقد الشرطي الآخر يديه أمام صدره و هو يقول في صرامة : ضروري يكون عنده خبر بإصابته .. ممكن يتنازل عن المجرم اذا ظن نفسه سليم .

هز الطبيب رأسه نفيًا و غمم : ما أتوقع .

تبادل الشرطيان نظرةً صامتة قبل أن يقول الأول : تم .. بس خل أبوه يطلع .. نبي نستجوبه لوحده .


.

.


.


جلس أحدهما على المقعد المجاور للسرير و هو يوجه حديثه لياسر : ممكن تحكيلنا عن اللي صار ؟؟ .

تنحنح ياسر قبل أن يقول بخفوت : رحت أدور على ولد عمي اللي مختفي من فتره طويله .. و

احتقن وجهه للحظة كأنه يجد صعوبة في استخراج الكلمات ، استحثه الشرطي : و .. ايش ؟؟ .. كمل ؟؟ .

غمم ياسر : كنت واقف معه و .. و .. سمعت صوت واحد يناديه و ما اهتميت و مـ .. ما دريت إلا بشي يضرب فـ ظهري .. و .. ظلمت الدنيا فـ عيوني .

لم ترق قصته للشرطي الذي سأله بشك : ثم ؟؟ .

أغمض ياسر عينيه في إرهاق و هو يغمم : لقيت نفسي فـ المستشفى .

مال الشرطي بجسده إلى الأمام و هو يقول بحذر : ياسر .. حنا قبضنا على عمك أبو فيصل .

انخلع قلب ياسر و هو يفتح عينيه و يهتف بحدة : كــــــيــف ؟؟!!.

أردف الشرطي قائلاً : هو اللي بلغنا بالحادث .. و يوم جينا و حققنا في الموضوع لقينا انه المتهم الوحيد و

قاطعه ياسر بعصبية : لاااا .. عمي موب المسؤول .

ابتسم الشرطي في خبث و قال: و اشلون عرفت انه موب المسؤول و قصتك تقول إنك ما شفت الجاني ؟؟ .

هتف مجيبًا بغضب : لأني سمعت صوت اللي نادى ولد عمي و اللي أشك إنه أطلق علي .

سأله الشرطي على الفور : و ميزت الصوت ؟؟!!.

هز رأسه نفيًا و هو يجيبه بصدق : لا .

أومأ الشرطي برأسه و هو يكتب بعض الملاحظات في الدفتر الصغير الذي يحمله : و اش اسم ولد عمك اللي كنت تدور عليه ؟؟.

شعر ياسر بقبضة باردة تعتصر قلبه ، و شي غاب عن عقله يـــــكــــــــــــوي أحــــــــــاســــيـــســه

■ ■ ■ ■


1410 هـ


ضحك في مرح شديد و هو يتطلّع إلى وجهه الذي رسم معالم الدهشة ، طرق على المكتب بيده و هتف ضاحكًا : حياك حياك أبو فيصل .. اقلط اقلط يا رجال .

تحرك نحوه و الابتسامة تشرق على وجهه و هو يهتف : تتنطز علي يا سوير ؟؟!!.

هب ياسر من فوق المقعد و هم بالركض لولا أن أمسك به عمه من الخلف و رفعه إلى الأعلى ليطلق صيحات مرحة : خلااااااص يا عمي .. توبه والله توبه .. والله والله معاد أجلس على كرسي المكتب .

ضحك أبو فيصل و هو يدغدغه : توبه ؟؟!!! .. هذي كم مره سمعتها منك يالملسون ؟؟!!.

انفجر ياسر بضحك شديد و الدموع تتفجر من عينيه : خلااااص واللي يعافيك .

و ضعه أبو فيصل على الأريكة المجاورة و هو يقول : آخر مره تجلس هنا وتلعب بالأغراض .. لا تغث نفسك بهالشغلات الحين .. توك صغير .

هز ياسر رأسه نفيًا و هو يبتسم : لاااااااا .. أبي أروح معك الشركه باكر يعني باكر .

داعب أبو فيصل شعره بحنان و هو يقول : أبشر يا حضرة المدير .

ثم أردف بحنان أكبر : كل يوم أشكر ربي على إنك رضعت مع فارس .

وضع ياسر يديه على خاصرته و هو يهتف باستعلاء : ايه .. بس أنا أحسن من فويرس .

زفر أبو فيصل و جلس على المقعد المقابل ، ثم ابتسم مغممًا : ليت عيالي كلهم مثلك يا ولدي يا ياسر .


■ ■ ■ ■


: أخ ياســــــــــــــــــر .

رمشت عيناه بارتباك و هو حائر في ما يقول .. قد يضع فارس في مشكلة كبيرة .. كيف سيتقبل عمه هذا الخبر ؟؟؟؟.. أبو فيـــصل .. والده .. عمه الذي يحب ... كيف ؟؟!!!!!!!!!! كيف يجازيه على ما مضى بتوريط ابنه ؟؟!!!! .. ولكنها أخته أيضًا .. شــرفه .. عرضه ذاك الذي انتهك و بأبشع صورة .. ماذا يفعل ؟؟ ... ماذا ؟؟!!!!!!!!! .. صحيح أنه ليس الجاني و

: أخ ياسر عجّل إذا سمحت .

تنحنح قبل أن يقول بخفوت : فارس .

دقق الشرطي النظر إليه و سأله : و اسم أبوه ؟؟.

اختنقت الكلمات في صدر ياسر و قلبه يشتعل بدماء من نار .. ، همس قائلاً : خالد .

قلب الشرطي في الدفتر الذي يحمله ثم قال و هو يتوقف عند صفحة معينة : قبل فترة بسيطة كانت لك قضيه مع شخص هجم على فيلا عمك .. صحيح ؟؟ .

تطلّع إليه ياسر و هو يجيب باختصار : إيه .

رفع الشرطي بصره متسائلاً : هل لك أي أعداء تشك فيهم ؟؟!!.

أشاح ببصره إلى السقف : لا .. مالي أعداء و الحمد لله .

مط الشرطي شفتيه و هو يقول : و .. ولد عمك فارس كم له مختفي عنكم ؟؟ .

قبض على أصابعه بحنق و هو يغمم : فوق الشهرين .

حرك الشرطي القلم في يده قائلاً بحذر : كونه مختفي هالفتره كلها .. و خلاك بعد إصابتك و هرب .. هذا دليل قوي على إن له يد فـ الموضوع .

لم ينبس ياسر ببنت شفه و لم يبدي أية ردة فعل .. بل كتم غضبه الهادر في أعمق أعماق قلبه ، سأله الشرطي و هو يعتدل في جلسته : فيه شي ثاني تبي تضيفه ؟؟.

أجابه ياسر بالنفي فأغلق الدفتر الذي يحمله و هو ينهض : شكرًا على تعاونك

رمقه ياسر بنظرة حادة مشوبة بشي من القلق و هتف : طلعوا عمي من الحجز .. والله بريء.

أومأ الشرطي برأسه و قال : لا تشيل هم .

و خرج من الحجرة قبل أن يلحقه زميله ، رآهما أبو ياسر و هما يغادران المكان فهتف بأحدهما : لحظه .. واش اللي صار ؟؟!!.

لوح أحد الشرطيين بيده و هو يلتفت إليه : ما شاف الجاني .. لكن بنتحرى عن ولد عمه و بنوصله إن شاء الله .

رفع أبو ياسر حاجبيه باستنكار و هتف بصدمة : و لد عمه ؟؟!!!!!!!!!!!!!!.

توقف الشرطي و واجهه و هو يقول : هذا اعترافه .. يقول إنه كان يكلم ولد عمه اللي اسمه فارس و سمع صوت شخص يناديه و جاته الطلقه قبل ما يعرف المنادي .

صعق أبو ياسر و هو يحدق فيهما بنظرات ذاهلة ، حيّاه الشرطي برأسه و هو يلحق برفيقه الذي سبقه ، همّ أبو ياسر بالدخول للحجرة بوجهه الممتقع و مشيته المتثاقلة و لكن الطبيب منعه بيده : لحظه يا أبو ياسر .. ولدك توه اللي فاق و نفسيته أكيد تعبانه بعد الحادث .. أجّل النقاش معه لوقت ثاني و خلني الحين أفحصه عشان أشخّص حالته تشخيص نهائي ، و أنا بخبرك بالوقت المناسب اللي تكلمه فيه .. صحته و راحته الحين أهم .

قبض أبو ياسر على أصابعه و هو يتراجع بضعف و يجلس على المقعد خلفه و قلبه يرتعش و أنفاسه مختنقة ،

ربت الطبيب على كتفه في تعاطف ثم استدار لباب الحجرة ، فتحه و دلف للداخل و الابتسامة تعلو شفتيه: ياسر.. ممكن تساعدني شوي ؟؟.

زوى ياسر مابين حاجبيه و هو يقاوم الدوار و هتف بضيق : واش تبي ؟؟ .

أغلق الطبيب الباب خلفه و تقدم منه ليربت على كتفه قائلاً : أبي أفحصك .

تطلّع إليه ياسر وهو يكشف الغطاء الأبيض عن قدميه و يخرج من جيبه قطعة معدنية على شكل أنبوب ، مرر القطعة المعدنية بحركات خاصة على طول القدم و عيناه الخبيرتان تلحظان ردة فعل الأعصاب من تحتها ، ضاقت عيناه و هو يمررها طلوعًا و نزولاً بيده الخفيفة .. و لم تُبد الأعصاب أي استجابة ، زفر و هو يعيد القطعة إلى جيبه و ياسر يسأله بحيرة قلقة : ليش ما أحس بالحديده على رجلي ؟؟!.

رفع الطبيب بصره مجيبًا: لا تشيل هم .. هذا محتمل يكون من تأثير الضربة و بعدين لا تنسى إنه جسمك ما تخلص من كل المخدر ؟؟ .

ثم مد يديه و بدأ يضغط بهما على نقاط معينة لقدمي ياسر ، نقاط يحفظ أماكنها جيدًا .. أخذ يحرك يديه و يضغط هنا و هناك .. و لا أثر لاستجابة الأعصاب .

اعتدل في وقفته بعد أن انتهى من فحصه و ياسر يسأله بعصبية : ليس ما أحس بشي .. انتم زايدين الكميه ؟؟؟.

اغتصب الطبيب ابتسامة زائفة و هو يجيبه : لا .. بس مخدر جديد و الظاهر مفعوله ممتاز و أرجع و أقلك الإصابة لها ردة فعل قويه يعني لا تشيل هم .. ارتاح الحين و برجعلك فـ الليل.

رمقه ياسر بنظرة شك و همّ بسؤاله و لكن شيء ما منعه ، ابتلع ريقه و ضع رأسه على الوسادة من شدة الدوار الذي يلف رأسه .


@@@@@@@@@@@@@@@@@

جده


فيلا تركي


00 : 6 مساءً


ابتسمت و هي تتراجع للخلف ، و تتأمل تلك الأيدي الخبيرة التي بدأت عملها لتجهيز العروس ، التقت عيناها بعيني جوري عبر المرآة ، فاتسعت ابتسامتها حتى بدت أسنانها البيضاء ، بادلتها جوري ذات الابتسامة .. ثم انشغلت بمتابعة تلك اليدين اللتين تتحركان على شعرها لتجفيفه ، تنفست مرام الصعداء و خرجت من الحجرة الكبيرة إلى الصالة الرئيسية ، تصاعد رنين هاتفها ، هزت رأسها و هي تضع السماعة على أذنها و هتفت : يا بنت الناس تراكِ رجتيني .. و الله والله مو زواجك اليوم .

وصلها صوت ساره العصبي : أدري مو زواجي علّك بالعافيه .. سويتي شي فـ نفسك و لا لسا ؟؟!!!.

ضحكت مرام و هتفت و هي تجلس على الأريكة : لا .. ما لي نفس دحين .. بآكلّي لقمتين بعدين أخليهم يبدؤون فيني .. بعدين أنا ما أبغى شي مفشخر بزياده ، شي خفـ

قاطعتها صيحة ساره المنفعلة : خفيف فـ عينك يا لعصلاااااا .. خالة العروس إنتي .. لازم يطلع شكلك شيك ، ولا ناسيه اني بعرفكِ على القبيله كلها .

حركت مرام شعرها بيدها و هتفت ضاحكة : أقول فارقي و رتبي كشتكِ البهيه .. يمكن مجّووود يطلب يشوفك اليوم .

و انفجرت بالضحك و هي ترفع السماعة عن أذنها حتى لا تصلها صيحات ساره و شتائمها الحانقة ، قربت السماعة من شفتيها و هتفت : خلاااااااااااااااااااص .. انقــــــــــلعي .

و أنهت المكالمة و هي تنهض واقفة ، سارت إلى المطبخ و تعالى رنين هاتفها مجددًا ، ابتسمت و هي تفتح الرسالة التي وصلتها :

-------- من حبي الوحيد ----------

مساء الحب يا غايب .. يا سكر بالعسل ذايب

عسانا بس في بالك .. عسا ظني مهو خايب
___________________


رفرف قلبها بسعادة لا نهائية و هي تبحث عن تلك الرسالة

احترت بأغلى شي يفداك و أعطيك

مابي أقدم شي وتقول معروف

ودي بشي مني جد يرضيك

شي تضمه ضمة القلب بالجوف

ماعندي إلا قول واحد يوفيك

سطرته لشخصك بأبيات وحروف

اقسم قسم إني احبك وشاريك

وانك تساوي بنظر عيني الشوف


ضغطت زر الإرسال ثم رفعت رأسها لمسمع تلك الضحكات البريئة المختلطة بذلك الصوت الرجولي القوي

: الله .. برّو عريس دحين .

نهشها الفضول ، فاقتربت من الباب القريب و مالت برأسها تنظر إلى الداخل .. لتجد البراء يقف بثوبٍ أبيض مناسب لحجمه ، و طاقية و شماغ أحمر فوق رأسه ، ابتسمت بلا تفكير .. كم كان منظره رائعًا .. تراجعت إلى الخلف عندما دنا منه تركي و هو يقول بمرح : يلا .. تنزله دحين عشان لا يتوسخ و بعدين ترجع تلبسه مره ثانيه .

انقبض قلبها و هي تتراجع للخلف أكثر و أصوات الماضي السحيق تتداخل في عقلها


■ ■ ■ ■


رجب


1426 هـ


سعل بشدة و الآخر يهتف : لا ترهق نفسك يالوليد .. لا ترهق نفسك .

تحدث بصوت مبحوح : عــ ـباس .. الـ .. الشريط اللي أعطيتك إياه أمس .. الـ

و انقطع صوته أخرى من شدة السعال ، هتف عباس بألم : الله يخليك يالوليد خلاص و

قاطعه بذات النبرة : سلّمه لتركي بعد ما ينفّذ الوصيه اللي قلتلّك عليها .. سلمه لتركي يا عباس من يوم ما .. مـ .. ما يخلص الوصيه .

سأله عباس بحيرة : و ليش نسخته ؟؟ مو انتا أعطيت عـ

قاطعه الوليد بصعوبة : لـ ..لا .. الشريط اللي أعطيتك فيه


■ ■ ■ ■


هزت رأسها بعنف لتقطع الذكرى و الدموع تتساقط من عينيها ، وضعت كفها على شفتيها و صوته المرح و هو يلاعب البراء يملأ المكان من حولها .. ندت من بين شفيتها شهقة باكية جعلتها تركض بعيدًا عن المكان و أعصابها تصرخ بألم لا مثيل له ، دلفت إلى حجرتها و استندت على الباب و هي تصرخ باكية : ليتني ما دخلت هذاك اليوم .. ليتني ما دخلت .. ليتني ما دخــــــــــــــــــــــــــــــلت .

غطت وجهها بكفيها و هي تنهار على الأرض باكية .. تداري حزنًا رهيبًا بين جـــــنــــــــــبـــيــهــا .


@@@@@@@@@@@@@

الرياض


المستشفى


في نفس اللحظات



جلس الطبيب على مقعده و هو يقول : شف يا أبو ياسر .. أنا ما بخبي عليك شي و بشرحلك الحاله من إلى .

أومأ أبو ياسر برأسه استعداداً لتلقي الأخبار ، فتح الطبيب الملف الذي أمامه و استخرج عدة صور للأشعة و هو يقول : حنا لجئنا مباشرة لأشعة الرنين المغناطيسي mri لأنها توضح نوع الإصابة و مكانها بدقة شديدة .

نهض من مكانه و وضع صورة من الأشعة على شاشة بيضاء مضيئة معلقة على الجدار و بدأ يشير بإصبعه و هو يردف : الرصاصة كسرت الفقرة الـ 12 في العمود الفقري و للأسف العظام المكسورة تحركت و ضغطت على الحبل الشوكي ..و .. أدت لشلل الأطراف السفلية .

هوى قلب الأب بين ذراعيه و عيناه تتسعان في هلع شديد ، تنهد الطبيب و هو يشير إلى مكان الإصابة بدقة : و فورًا تدخلنا جراحيًا لجل نرد الكسر و نثبته بالمسامير و الشرايح .

سأله أبو ياسر في توتر و هو يقبض على أصابعه : انزين.. و يعني .. بيرجع يمشي ؟؟؟!!!! .

خلع الطبيب نظارته و هو يجلس على مقعده : الحقيقه يا أبو ياسر .. العصب تأثر بشكل كبير.. و ..

هتف الأب بحرقة : و إيـــــــش ؟؟!!!!!!..

تراجع الطبيب في مقعده مجيبًا : حاليًا ما بيقدر يمشي .

حدّق أبو ياسر في الطبيب بذعر و سكين مسمومة تُغرس في قلبه ، همس بصدمة الدنيا: و اشـ ــ ــ ـلون ؟؟؟!!!!!!!.

ران صمت مهيب على المكان ، و عيناه المتسعتان تجولان في وجه الطبيب ؛ علّه يجد ثغرة في ملامح وجهه تمده بخيط من الأمل .. و لمّا طال الصمت ، تراجع أبو ياسر في مقعده و قلبه يخفق بلوعة مريرة ،هتف بصوت ملتاع : أكيد في علاج يا دكتور .

نظر الطبيب إلى الأشعة مجددًا و طرق بقلمه على الطاولة كأنه يعيش حالة من التفكير العميق ، ثم غممّ و هو يواجه أبو ياسر مجددًا : أبو ياسر .. أنا ما أقدر أأملك بأي شيء حاليًا.. خصوصًا إنه مسألة العلاج محتاجه نقاش طويل أبلغك به فـ وقت ثاني بعد ما أجمع كل التحاليل و الفحوصات الممكنه عن حالة ياسر لكن الآن .. ما أقدر أعطيك جواب قاطع .

ساد الصمت على الحجرة و أبو ياسر بوجهه الممتقع عاجز عن النطق أو الحديث .. كأن وقع الخبر أرهقه فلم يعد قادرًا على التساؤل أكثر، أغلق الطبيب الملف و هو يزفر : لازم أبلغه بتفاصيل حالته الحين ، خصوصًا إنه معصب من الخدر اللي صايب رجوله .

رمشت عينا أبو ياسر للحظة ، ابـــــــــنـــه البكر .. ابــنـه البار .. ابنه القريب إلى قلبه أصبح عاجزًا ؟؟!!!!! أصبح عاجزًا بين ليلة وضحاها ؟؟!!!!!

وضع وجهه بين كفيه لتنساب دموعه الساخنة على وجنتيه في صمت جريح ، نهض الطبيب من مكانه مغممًا : أفضّل إنه يكون لوحده .. لو شافك و انت بهذي الحاله بيزيد تعبه .

لم ينبس ببنت شفه ، فقال الطبيب و هو يغادر : خذ راحتك في المكتب .


.


.


.



زاد شعوره بالاختناق و الخدر الذي يعربد في رجليه يزيد من عصبيته ، دلف الطبيب إلى داخل الحجرة و هو يهتف : هاه يا ياسر .. كيفك الحين ؟؟ .

هتف ياسر بحدة و هو يلتفت إليه : و اش ذا المخدر اللي كاتينه فـ جسمي .. للحين رجلي مخدره ؟؟ .

تجاهل الطبيب سؤاله و هو يجلس على المقعد بجوار السرير : ليش خايف ؟؟ .

صاح ياسر في حنق : يوم بتعلمني بحالتي برتاح .

ربت الطبيب على كتفه مغممًا: اهدى .. الحين بقلك كل شي عن إصابتك .


@@@@@@@@@@@@@@@


جده


فيلا تركي


00 : 9 مساءً



احتضن تركي في فرحة غامرة بعد أن انتهى الشيخ من عقد القرآن ، ربت تركي على ظهره هاتفًا : مبروك يالعريس .

ابتعدا عن بعضهما و أحمد يقول بمرح : الله يبارك فيك يا أبو رحم .

صاح هاني بمرح شديد : مــــــــــبروك يا عبقرينووووووووووووووووو .. العقبى عندي إن شاء الله .

ضربه والده على ظهره هاتفًا : استحي على وجهك يالملسون .

مسح على ظهره بألم و طارق ينفجر بالضحك و هو يشير إليه : كاااااااك .. قصدك العقبى عندي يالمسواك .

رمقه هاني بنظرة شذرة و هو يهمس : يالدبلي يالمنفوخ نتفاهم بعدين .. ما ينفع دحين في وجود وزارة الداخليه.

قهقه طارق و هو يجلس إلى جوار أحمد الذي تنطق السعادة في ملامحه.

كان الحفل مختصرًا على أعمام أحمد و خاله الوحيد بالإضافة إلى أشقائه وزوج أخته و عمـّار .

ربت أحمد على رأس البراء الذي يجلس إلى جوار تركي بثوبه الأبيض و هتف : هاااه .. كيف البطل اليوم ؟؟.

ابتسم البراء له و تركي يضمه بيده و يقول بابتسامته الجذابة : الحمد لله طيب.. بس زعلان لأنك بتآخذ جيجي منه .

ضحك أحمد و هو يمد يده ليمسك بيد البراء و يتظاهر بمصافحته : لا تخاف .. بخليها تلعب معاك كل يوم .

.


.


.


في الدور الثاني


30 : 10 مساءً



زغردت ساره و هي تقف في حجرة جوري : ألــــــــــفــ مــــــــــــــبـروووووووووووووووك يا حرم خالي .. ألف ألف ألف مبروووووووووك .

نكست جوري رأسها بخجل ...

كانت .. كأميرات الأساطير .. بجمالها الفتّان ، كل ما فيها ينطق بالروعة .. فستانها الأبيض الفخم الملائم لجسدها الفتي ، شعرها الطويل الذي صبغت أرضيته باللون البني و أضفت عليه خصلات متنوعة .. شقراء ثلجية عريضة ، و عسلية متوسطة ، و نحاسية رفيعة .. مضموم إلى الأعلى و الطرحة تتدلى منه ، و خيوطها اللامعة تتلألأ .. كتلألؤ أقراطها الطويلة و بقية حليها الفاخرة .
أما مكياجها بخليط اللون الوردي الناعم .. زادها فتنة و جمالاً .
.

قبضت بخجل على باقة الورد الطويلة .. التي تتدلى نزولاً بفروع خضراء رفيعة ، تزينها ورود صغيرة وردية اللون محشوةٌ بلآلئ بيضاء لامعة .

.


مرام .. بفستانها الأصفر الذي صمتت قطعه أنامل مصمم عالمي .. لم تقوى على النطق و الغصة تخنق حلقها ، أجبرت نفسها على الابتسام و خرجت من الحجرة على الفور ، لاحظت ساره امتقاع وجهها ذاك ، فابتسمت لجوري هاتفةً : يلا يا قلبي .. ما بقي كثير و تقابلين خالي الحبووووووب .

أشاحت جوري بوجهها فضحكت ساره هاتفة : أنا نازله مع خالتك للضيوف .

لحقت بمرام و لكنها وجدت الصالة خالية ، هتفت : مـــيــمــــي ؟؟!!!!!!.

لم تتلقى أي رد ، تلفتت حولها .. ثم ما لبثت أن توجهت للسلالم و هي تمسك بفستانها الذي تميز بلون البحر و همست تحدث نفسها : أكيد نزلت .

و قبل أن تطأها قدماها .. سمعت صوت بكاء حار ميزت من خلاله صوت مرام ، وضعت يدها على قلبها و ركضت إلى مصدره هاتفةً بخوف : مــــيـــمــي ؟؟!!!!!!.

و جدتها .. تبكي أمام المغاسل ، شهقت و هي تضمها : اخص عليك يالدب .. المفروض تفرحيلها مو تقعدين تصيحين .. بعدين كان أجلتيها شويه .. لسا حتى ما انزفت .

هزت مرام رأسها نفيًا و الدموع تسيل على وجنتيها و همست بألم : لا .. مو جوري .. مو جوريييي .

تطلّعت ساره إليها في خوف و هتفت : أجل مييين ؟؟ .

أخفت مرام وجهها بين ذراعي ساره و هي تصيح بقهر : رهـــــــــــــف .. رهــــــــــــف يا ساره .. رهف اللي محد يدري عنها ويــــــــــــــــــــــــن .

شهقت بقوة .. شهقة مزقت قلبها .. ، زمت ساره شفتيها و دموعها تفر من مقلتيها .. وضعت وجهها على كتف مرام وهمست باكية : ربي عالم بمكانها يا مرام .. ربي يحفظها و يحميها.

صرخت مرام بحرقة : أنا أحس نفسي خاااااااينه .. خااااينه .. ما حاولت أضغط على تركي .. ما حاولت أعرف وين مكانها .. يا حبيبتي يا رهف .. يا حبيبتييييي .

فلتت كلماتها اللجام الذي أمسكت به ساره دموعها الساخنة المتدفقة ، همست بألم : حتى خالي ما أخذ منه حق ولا باطل .. بس .. بس صدقيني هذاك المتوحش عنده قلب .. و لاّ ما كان اهتم بولد صاحبه و رباه كأنه ولده .. يعني اهدي شويه .. إن شاء الله إنها بخير .

ابتعدت عنها مرام و هي تضغط على جانبي رأسها في انهيار : تعبت يا ساره .. تعبت و أنا أحاول أكلمه و هوا يصد .. تعبت والله تعبت .

اهتز جسدها و هي تردف بحرقة : كانت راح تلبس زي فستان جوري .. و تفرح زي فرحتها بس .. بس

و بترت عبارتها و هي تجثو على ركبتيها و جسدها يهتز و أنفاسها تتلاحق : الصبح كلمتني هديييييييل .. ما عرفت اش أقلها .. ما عرفت اش أرد عليهاااااااااااااا .. تسأل عن أختها ويييين ؟؟ .. ليش معاد تسمع صوتها .. .. و أنا ما أدريييي .. هيا حيه و لا ميييييييته .

غطت وجهها بكفيها و انفجرت تبكي بعصبية أشد ، انتفض جسد ساره من هول الكلمة و صمتت للحظات و الصدمة متفجرة على وجهها ، ثم هزت رأسها كأنها ترفض الفكرة برمتها و جلست إلى جوار مرام هاتفة: خلاااص يا مرام .. الله يخليكِ خلااااااص .. راح نتساعد أنا ويّاك و نوصلها .. بس دحين اصبري شويه عشان جوري .. اليوم فرحتها يا مرام خلينا نوقف جنبها .. كفايه إنه أمها مي فيه .

ابتلعت مرام غصتها و هي تومأ برأسها ..و صورة رهف .. تلاحقها أينما ذهبت.


.


.



.



** الاثـــــــــــــــــــــــــنـــــــــــــيــن **


00 : 12 صباحًا



دلف تركي إلى المجلس و ابتسم لوالد أحمد وهو يتقدم منه ، توقف أمامه قائلاً باحترام : تفضل يا عمي لبنتك .

و نظر إلى أحمد : يلا يا عريسنا .

نهض أحمد من مكانه و ساعد والده على النهوض ، صاح طارق بحماس :أحلاااااااااااااااااااااااااااا .. بيدخل الرجال .

وضع هاني يديه على جانبي فمه و هو يصيح : فتّح عيونك لا تطيح و انتا ماشييييي و انتبه الجدار قدامك لا تصقع.

ضحك طارق و هو يضرب يد هاني على طريقة ( كفك ) ثم هتف و هو يرفع حاجبيه : نسينا وحده .

و التفت إلى أحمد هاتفًا : حط ثلج على خــــــــدودك لا تــــــــــحـــمّــر .

قهقه هاني بشدة و أحمد يلتفت إليهما و يرمقهما بنظرة حادة جعلتهما ينفجران بالضحك ، سار بجوار تركي صعودًا إلى الدور الثاني و ابتسامة الطفلة البريئة تتوهج أمام عينيه ، لمح تركي و هو يتوقف أمام أحد الأبواب و يقول باسمًا : تفضل ..حياك .

رفع بصره إلى الأمام و دلف إلى الحجرة ..

.


.


لا ..

إنها ليست تلك الطفلة التي يذكرها ، ليست تلك الصغيرة التي كان يلعب برفقتها ..

إنها ..

امرأة فاتنة ، متشحة بكل خصال الجمال و الروعة ، اهتز قلبه بمشاعر مختلفة رغم أن الطرحة الشفافة لا تزال على وجهها ..

: أبو حـــميد

التفت إلى تركي المبتسم الذي يقف إلى جوارها ، تقدم أحمد منها فقبضت على باقتها أكثر و ضربات قلبها تملأ أذنيها ..

: بِسْ.. بِسْسْسْ .. جيجي .. ابتسمي .

: لا تفجعين خالي بتكشريتك يا خبله .

ابتسمت رغمًا عنها و هي تستمع إلى همسات مرام و ساره المختبئتين خلف الباب القريب ، توقف أمامها مباشرةً ، أمسك الطرحة بيديه و رفعها ..

~ فـــــــتـــنــة ~

انتفض لها قلبه و ابتسمت لها شفتاه بفرحةٍ صادقة و سعادة لا متناهية ، وضع كفه على جبينها و قرأ الدعاء ثم رفع يده و قبل موضعها برقة ، أغمضت عينيها و الدموع وشيكة .. إنه أحمد .. أيعقل ؟؟؟!! .. تحقق الحلم أخيرًا ؟؟!!!! .

: مبروك يا جيجي .

نفس الصوت و نفس النبرة ، ابتلعت غصتها الباكية و هي تهمس بشفتين مرتعدتين : الله يبارك فيك .

و قف إلى جوارها و تقدم والده للسلام عليها بحنان الأب: ألف مبروك يا بنتي .. ألف مبروك .. الله يجمع بينكم على خير يا رب .

سلمت عليه بخجل شديد جدًا ، ثم ابتسم وهو ينظر إلى أحمد و قال بنبرات مرحة : يلا يا ولدي .. أنا كذا تطمنت عليك .

قبل أحمد يد والده و رأسه : الله يخليك ليا يا لغالي .

ربت عليه والده و هو يقول : الله يوفقك يا ولدي الله يوفقك و يستر عليك .

و توجه للباب هاتفًا : سلام عليكم .

ردوا السلام و تركي يسير برفقته و هو يهتف : دخلوا أم العريس .

أغلق الباب خلفه فالتفت أحمد إلى عروسه و همّ بفتح فمه لولا أن قاطعه دخول ساره : ياااااااااااااااااااااااااااااااااااي .. أخــــــــــــــيرًا شفت كشتك البهيه منوره يا عبقرينو .

كتمت جوري ضحكتها و أحمد يهتف : إنا لله .. دحين ما بقي إلا انتي تجين تسلمين عليا هنا ؟؟.

اندفعت نحوه و ضربته على كتفه و هي تهتف بحنق : يا معففففففففن .. هذا بدل ما تشكرني و تجيبلي هديه على الهيصه و البيصه اللي مسويتها تحت عشان أشعلل زواجك .

و التفتت إلى جوري هاتفة بمرح : وانتي الثانيه .. ما توقفينه عند حده ليه ؟؟!!! ترى والله ما يدهن رجولي بالفكس إلا انتي .

احمر وجه جوري من شدة كتمها لضحكتها و أحمد يضرب ساره على ظهرها بخفة : أقووووول عاد .. إلا زوجتي .. قال تدهنلك بالفكس قال .. محد قلك ارقصي .

: ســــــــــــويره ؟؟!!!.

اتسعت ابتسامته و هو يرفع بصره للباب : يا هلا .. يا هلا والله بأم العريس و أخته .

اقتربت أمه بمساعدة أم هاني فسبقهما أحمد و سلم عليها : يا هلا بالغاليه .

حاولت الأم أن تمنع دموعها و هي ترى ابنها الأصغر مع عروسه ، هتفت بصوت متهدج : الله يبارك فيك يا ولدي و يسعدك دنيا و آخره و يستر عليك يا رب .

التفت للخلف و فغر فاه عندما و جدها خلفه ، دنت على أمه و هي تسلم عليها بخجل شديد : كيفك يا خاله ؟؟.

ابتسم و هو يتراجع للخلف و أمه تضمها بفرحة شديدة وحنان أشد : بخير يا وجه الخير .. بخير الله يسعدك يا عمري و يبارك فيك .

ذابت جوري من شدة الخجل ، فانتشلتها أم هاني و هي تسلم عليها ، هتفت ساره و هي تلوح بيديها : إيوه .. إيوه يا جده .. الدعاوي الحلوه كلها لولدك و العروسه .. و أنا المسكينه اللي رجولي تكسرت من الريحه و الجيه مالي حرف واحد حلو .

رمقتها الجدة بنظرة عصبية و هي تهمس : أقول اهجدي لا أجرك دحين مع شوشتك اللي رتبتيها اليوم .

شهقت ساره بعنف و جوري تشيح بوجهها و ضحكة خفيفة تفلت من بين شفتيها ، ابتسم أحمد و ساره تضع يديها على خاصرتها و همس مرام من الباب خلفها يثقب أذنيها

: ســـــــــــــويييره .. البنت بتموت .. يلا .

ضحكت ساره و هتفت : طييييييب يا جدتي الحلوه مقبوله منك .. يلا .. اش رايكم نفضي الجو للعرسان ؟؟.

اتسعت ابتسامة الجدة و هي تهتف : هذي ما يبغالها إذن يا سويّر .. يلا يا أم هاني .

و ألقت على ابنها و عروسه نظرةً أخيرة حملت سعادتها الكبيرة قبل أن تخرج مع ساره و أمها و ..أُغلق الباب .

التفت أحمد إليها و أمسك بكفها برقة و هو يهمس : نجلس ؟؟.

أشاحت بوجهها في خجل و هي تجلس على الأريكة الوثيرة المزينة و تحرر كفها من قبضته ، ظل واقفًا يتأملها بحنان قبل أن ينضم إليها و عيناه لم تفارقا وجهها الساحر ، قال بخفوت : كيف جوري اليوم ؟؟ .

شعرت و كأن قلبها سيخرج من مكانه و هي تغتصب الحروف لتخرج من بين شفتيها : الحمد لله .

مد يده مجددًا و التقط كفها و هو يهمس : إلين دحين ماني مستوعب إنه القمر هذا ليا أنا .

ضغط على كفها بحنان عندما تذكر أنها بدون أم ، كتمت أنفاسها وجهها يشتعل حرجًا

** يا ربيييي .. حاسه نفسيييي مخنووووووقه **

لاحظ ارتباكها و رعدة جسدها فربت على ظهرها ليقشعر جسدها أكثر ، قال بتعاطف : جيجي .. خذي نفس .

كادت أن تنفجر ضحكًا و لكنها كتمت ذلك بكل قوة ، حتى هنا يمارس عمله كطبيب ، استنشقت كمية من الأكسجين .

.

هو..

لم يدر بماذا ينطق ، ربما لو كانت هناك ملكة سابقة لكان الأمر الآن أسهل بكثير ، و لكن الظروف حتمت ذلك ..

سألها برقة : مستعده للسفر بكره إن شاء الله ؟؟ .

أومأت برأسها دون أن تنطق فضحك بخفة متسائلاً : و ولدنا ؟؟.

ابتسمت و خصلة من شعرها تميل على عينها ، همّت برفعها و لكنه سبقها ، ابتلعت ريقها و هو يضع الخصلة خلف أذنها و يهمس : تغير شكلي عن زمان ؟؟ .

قبضت على باقتها بخوف و قلبها يخفق ** يالخبييييث .. يبغاني أطالع فيييه .. لو ينفلققق **

لم ترد عليه فأمسك بذقنها و رفع وجهها و هو يهمس : أقدر أشوف العيون السود ؟؟ .

تشنج جسدها من شدة الخجل ولم ترفع بصرها إليه ..

: يالوحـــــــــــــــــــــشششش .

رفعت بصرها إليه بحدة فظهرت على وجهه ابتسامته الجذابة : كذا الصورة أحلى .

أشاحت بوجهها على الفور و قلبها يرفرف في اضطراب ، رأته .. رأته بوضوح ، لم يتغير كثيرًا هو نفسه .. العينان اللوزيتان و الأنف الأنيق و اللحية السوداء .

تعالى طرق الباب فتركها و اعتدل في جلسته و إذ بساره تطل من خلف الباب و هي تهتف : خلاااااااااااااص .. خلينا نزفها و بعدين اشبعبها .

غطت جوري وجهها بكفيها و قلبها يتفتت حرجًا ، تلفت حوله و أمسك بزينة بسيطة على الطاولة و ألقاها عليها و هو يهتف : يـــــــــــــالــمــلــســـونـــــه .

ضحكت ساره وهي تميل جانبًا لتفادي الضربة : أقووووووول .. يلا .. وراكم سفر بكره .

نهض من مكانه و مد يده لعروسه ، كانت ستقف بدونها .. لكنه أمسك بكفها رغمًا عنها قائلاً بحنان: يلا يا عروستي .

سار معها إلى خارج الحجرة و أوصلها إلى بداية الدرج و تعليقات ساره تملأ الأجواء: يلا يا أخويا .. شرفنا و استنى فـ السياره .

لم يلتفت إليها .. بل .. قبّل يد جوري ، رفعت بصرها بصدمة خجولة و أشاحت ساره ببصرها في حرج : ياليحاااااااااا .. خفّف يا خالوووووو .

تجاهل حديثها و همس لجوري : أنتظرك .. لا تطولين .

نبض قلبها بمشاعر شتى و هو يستدير على عقبيه مغادرًا المكان ، تعلق بصرها به للحظات و دموع غريبة تتجمع في عينيها ..

: هيييييييييييه .. يلااااا .

انتبهت لوجود ساره بعد أن نسيته.. فمن كان برفقتها أنساها الكثير .. و اختطفها إلى عالمه .


.


.


و زُفت

زُفت و شريط حياتها يدور أمامها ، طفولتها .. والدها بابتسامته الحنونة وعينيه اللامعتين و التجاعيد المحيطة بهما ، لحيته السوداء التي تتخللها شعيرات بيضاء ، صوته، حضنه الدافئ ، رائحة عطره .. لحظاته الأخيرة قبل وفاته .

.


أمها ..

و لحظاتها الجميلة معها ، تلك اللحظات القليلة التي تدرك يقينًا الآن أنها مجرّدة من أية مشاعر ، لحظات زائفة .. تتحطم الآن .... و تنتهي الآن .

.

شقيقها ..

تركي .. منبع الطيبة ، منبع الحنان .. رغم أنه كان يخفي ذلك ببروده و غموضه .. و

: لا لا .

التفتت إلى خالتها مرام التي هتفت و هي تلوح بيدها : لا تبكييييين .. المكيااااج .

ابتسمت بحزن و مرام تدفع الهواء باتجاه وجهها وتنفخ : الله يخليكِ و لا دمعه .

.


.


و بعد عدد من الرقصات و الصيحات التي كانت نجمتاها مرام و ساره ، رن جوال مرام و رأت اسم > تركي <

تمتمت ساره بغيض : هذا مو صاحي .. العروسه المفروض ما تنزف إلا ثلاثه أو أربعه الفجر و حضرته دحين يبغاها تطلع ؟؟.

ابتسمت مرام و لم تعلق ، تطلًعت إلى جوري و همست في أذنها : يلا يا عسل .

قبضت على كف خالتها و هي تهمس بنبرة خائفة : خالتو .

ابتسمت مرام و هي تهمس في أذنها مطمئنة : بمشي معاكِ يلا .

أخذتها مع يدها و سارت إلى جوارها برفقة ساره إلى أحد الأبواب المطلة على الحديقة حيث سيارة أحمد..

: جـــــــــوري .

سمعت صوت تركي و هو ينادي فردت عليه مرام هاتفةً : جــــــــــــــــــــــــــايـــــــــــه .

ضمت ساره العروس و هي تهتف بمرح : انتبهي لخالي .. لا أوصيك عليه .

اكتفت جوري بابتسامة خجولة و ساره تتراجع للخلف و تلوح بيدها عائدة للمجلس : أنا رايحه أكمل رقص. أكملت هي طريقها مع مرام و رأت تركي و هو يحمل البراء ، ربتت مرام على كتفها و قالت : يلا يا قلبي .

التفتت جوري إلى خالتها و ضمتها بعمق ، هتفت بصوت خائف متهدج : خالتوووو .

ربتت عليها مرام بحنان و هي تحاول منع دموعها ، لا تريد أن تبكي أمامها خشية أن تزيد من خوفها و رهبتها ، هتفت بنبرة مخنوقة حاولت أن تصبغها بالمرح : لا تخافييييين .. بنط عندك كل شويه و أغثك إلين تقوليلي يا خاله فكيني .

ضحكت جوري ضحكة مخنوقة بالدموع و مرام تلتفت إلى إحدى الخادمات التي أحضرت عباءة و غطاء لجوري ، ساعدتها مرام على ارتداءهما ثم قبلت وجنتيها و هتفت : يلاااا .. تلاقين زوجك طق فـ السياره .

التفتت إلى يمينها و لم تجد تركي ، غمّمت مرام و هي تنقل بصرها من المدخل إلى جوري : تلاقينه جوا .

ودعتها جوري بابتسامة مرتبكة و هي تحث الخطى حيث الباب و بالفعل .. و جدته واقفًا مديرًا ظهره إليها و البراء يجلس على المقعد بجواره ، همست عندما اقتربت منه : تركي .

التفت إليها بابتسامته الحنونة و ..

~~~ تــــــــــــــــفـــــــجـــــــــرت الــــــــــــــــــــــــــدمـــــــــــــوع ~~~

ألقت نفسها بين ذراعيه و انخرطت في بكاء حار ، أغلق عينيه و هو يضمها إلى صدره ..
ستفارقه .. طفلته .. ستترك المنزل و ترحل .. طفلته .. التي قضى معها 18 عامًا .. عامًا بعد عام .. سترحل .. طفلته .. التي حملها بين يديه و أطعمها بكفيه .. طفلته .. التي احتملت بروده و جفاءه في السنوات الثلاثة الأخيرة و لم تغير نظرتها فيه .. بل بقي في عينيها .. الأمان .. و الحنان .. و الراحة .. و الاطمئنان .. ، طفلته التي كفكف دموعها مرارًا و مسح على شعرها أيامًا .. ستتركه الآن .. و ترحل ..

.

قلبه يتفطر حزنًا و يبكي دمًا .. و لكن عزاءه الوحيد أنها برفقة .. أحمد .

.

ابتعد عنها و مسح دموعها بأصابعه و هو يجبر نفسه على الابتسام ، تحدث بصوت متحشرج : لسا .. راح أشوفك بكره .

زمت شفتيها بألم و دموعها تسيل ..... ستفارقه .. ستفارق ملجأها بعد الله ، ستفارق من وقف إلى جانبها في ليالي مرضها و كفكف دموعها في لحظات حزنها و ضمها إلى صدره في غمرات خوفها ، ستفقد الأب و الأخ و الصديق .

.

ابتسمت بدورها و هي تهمس : و أنا بكمل وداعي بكره إن شاء الله .

ضمها إلى صدره أخرى و هو يقبل جبينها : انتبهي لنفسك .

شهقت بحزن عنيف فربت على ظهرها بلطف و هو يهمس: اششش .. خلااااص .. ترى زوجك ثواني و يقتلني .

ابتسمت بحرج وعدّل هو من وضع غطاءها ثم حمل البراء المتسائل بحيرة : ليه تبكي ؟؟.

ابتسم تركي له وهو يمسك كف جوري بيده الأخرى و يغمم : عشانها بنتي .

أوصلها إلى أحمد الذي فتح لها باب السيارة و عاونها على الصعود برفق ، أغلق الباب و التفت إلى تركي الذي يقف خلفه و الذي ربت على كتفه قائلاً : لا أوصيك عليها .

ابتسم أحمد بهدوء و هو يربت على ذراعه : فـ عيوني يا تركي .

تراجع تركي إلى الخلف و أحمد يستقل سيارته ، لوح لتركي و حرك السيارة .

تنفس تركي الصعداء و هو يهمس براحة : الله يوفقك يا قلبي يا جوري .


@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


فيلا أبو ياسر


00 : 9 صباحًا



زفرت الأم في قلق و هي تنظر إلى سماعة الهاتف ، همست بضيق : وينك يا ولدي من ليلة الملكه ما شفتك ؟؟ .. هذا كله شغل ؟؟!!!! .

و أغلقت السماعة و هي تلوح بيديها بقلة حيلة و قلبها يخفق قلقًا على ابنها البكر ، صحيح أنها اعتادت على سفره و تركه للمنزل لأيام و أشهر .. و لكنه كان يطمئنها يوميًا باتصالاته ، إذًا لماذا لم يفعل ذلك هذه المرة ؟؟!!! ... تحدثت إلى زوجها و اكتفى بقوله : بخير بخير .

لا تدري لماذا تشعر بقلق شديد ينهشها و كأن أمرًا جسيمًا قد حصل ، زفرت أخرى و قلبها يشتعل ، ترقرقت الدموع في عينيها و هي ترفع السماعة مرة أخرى و

: يــــــــا ولـــد .

أغلقت السماعة و اعتدلت في جلستها و هي تمد يدها إلى رأسها تتحسس تلك الطرحة قبل أن تهتف : اقلط يا ولدي يا نواف .. اقلط الله يحيك .

دلف نواف إلى داخل المكان و ابتسامة خفيفة مرسومة على شفتيه ، هتف قائلاً : السلام عليكم يا عمتي .

نهضت الأم من مكانها و هي ترد عليه السلام ، مد يده و صافحها بحرارة : واشلونك عمتي .. بشرينا عنك .. عساك بخير ؟؟ .

اغتصبت ابتسامة بسيطة من شدة قلقلها على ابنها و غممت : بخير الله يسلمك و يعافيك يا ولدي .

جلس على الأريكة القريبة و هتف قائلاً : إلا وين مرتي ؟؟ .

جلست الأم و هي تهتف بدورها : أخبرها فـ الصاله مع أختها .. الحين أناديها .

همّت بالنهوض و لكنه أشار بيده : استريحي يا عمه .

و رفع صوته و هو يلتفت للباب : مـــروانوووه .. يالدبلي يا مروووواااااااااان .

هزت الأم رأسها و هي تسمع هتاف ابنها من البعيد : مالدبلي أبو كريشه إلا انت يا فوّانووووه .


.




في الصالة الواسعة ، عقدت جبينها و هي تتوقف عن الركض و تصيح بحنق : عـــــــــــــــبـبييييير أقــــلـــك هــــــــــــــــاتـــــــــــي الـــــــــــــــجــــوال .

هزت عبير رأسها نفيًا و هي تحرك حاجبيها بخبث : مافي .. تحلفين إنك تدقين عليه و بعدها أعطيك .

احمر وجهها من شدة الغضب لأن الموضوع متعلق بذلك الذي لا تطيقه ، وصاحت : أول شي الحلف مو لعب .. و بعدين مجنونه انتي تبيني أدق عليه من صباح الله خير ؟؟!!!!!!!!!!!!!!.

همّت عبير بالحديث و لكن دخول مروان قاطعها ، هتف بحنق : يا عرعر يالحولاااااا .. نوافوه الدب يبيك فـ حجرة المعيشه .. عجّلييييييييييييي .

هتفت عبير بصوت مرتفع و هي تتراجع للخلف: انزيـــــــــــــــــن .

اقتربت منها عروب و هي تحرك شعرها الطويل للخلف بضيق و صاحت : عبيررروووه .. الحين واش اللي مجلسك هنا من بعد الملكه .. انقلعي بيت وزجك و فكينيييييييي .

انفجرت عبير بالضحك و هي تفر راكضة للردهة : تحــــــلّمييييييييييي .

ركضت خلفها و صاحت بحنق : عبـــــــــــــــــير ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!.

اندفعت عبير إلى حجرة المعيشة و هي تضحك ، توقفت عروب في مكانها و ضربت على فخذيها و هي تزمجر : علّك بالبزران اللي ينتّفون شعرك .

هتف مروان ضاحكًا و هو يغادر المكان : و أنا بشجّعهم .

زفرت بقهر ثم توجهت للباب الزجاجي المطل على الحديقة ، فتحته و خرجت و هي تهمس لنفسها : ووين الثاني ياسر اللي طس .. من يوم الملكه ما شفته .

ارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة و هي تضع كفها أمام عينيها من حرارة الشمس التي لفحتها ، همست بحنان : طول عمرك و الشغل آكل دماغك يا أخوي .. الله يرزقك باللي تحطك فـ عيونها ياااارب .

اقتربت من الكراسي المظللة أمام حوض السباحة ، جلست على أحدها و عيناها معلقتان بالمياه الصافية التي تتحرك بنعومة كأنها تلاعب الهواء و عقلها .. يحاول أن يتناسى ذلك الــعزام .


@@@@@@@@@@@@@@
رد مع اقتباس
  #32  
قديم April 17, 2015, 02:35 PM
 
رد: رواية عبرات الحنين للكاتبة زهور اللافندر

جدة


البيت الأخضر


00 : 10 صباحًا

احتضنت الوسادة الحمراء بيديهاو أخذت تتأمل النقوش المختلفة في السجادة ، كانت الحجرة باردة جدًا و الهدوء يغلف المكان مما جعل النعاس يتسلل إلى عينيها ..... و قبل أن تنطبقا ..

: رهـــــــــــــف!!!!!

انتفضت في هلع و التفتت إلى فدوى التي هتفت : ازيك يا حبيبتي النهار ده بعد ما تحررت إيدك ؟؟ .

ابتسمت برقة و هي تجيبها : الحمد لله .

اقتربت منها فدوى و جلست إلى جوارها هامسةً : حاسه بحاقه ؟؟ .

هزت رأسها نفيًا و عادت إلى تأملاتها ، تركتها فدوى قليلاً ثم أمسكتها مع يدها و همست : أيه رأيك نعملّنا أكله خفيفه ؟؟ .

هتفت رهف و هي تلتفت إليها : دحين ؟؟.

أومأت فدوى برأسها : آه .. ليه لا .


.


.



و بعد عدة دقائق ، كان القدر على النار و فدوى تمسك بالخلاط و تكمل قصتها

: و حطت الملح مكان السكر .. و انتي تصوري البائي .

ابتسمت رهف و هي تجلس إلى الطاولة و تقطع الطماطم و لكن .. ما لبثت أن ماتت ابتسامتها .. ترددت قليلاً قبل أن تقول : آه .. دكتوره فدوى .

التفتت إليها فدوى هاتفةً : مالك يا حببتي ؟؟ .

وضعت رهف الطماطم في الطبق و هي تغمم : ما جاك أي خبر عـ

و خنقتها غصة مريرة منعتها من مواصلة الحديث ..

رفعت فدوى حاجبيها في حنان ثم تركت كل ما في يديها و توجهت إلى رهف ، كانت مطرقةٍ برأسها تداري دموعها الوشيكة ..

: حببتي .. حاولت أكلمه امبارح بس تلفونه كان مغلق .

غطت رهف وجهها بكفيها و انخرطت في بكاء حار ، احتوتها فدوى بين ذراعيها و هتفت : ايه يا رهوفه .. احنا اتفئنا على ايه ؟؟ .

شهقت رهف و هي تهتف : ايوه يا دكتوره .. بسسسس ..أنا خايفه .. خايفه .

مسحت الطبيبة على شعرها و قالت : بصي يا رهف .. أنا صحيح معرفهوش .. لكن .. أنا متأكده إنه راقل طيب أوي و بيحبك .

تشبثت رهف فيها أكثر و هي تهتف بدموعها المتفجرة : كيف يحبني و أنا من يوم ما فقت ما شفته ..

ليه ما جا يزورني .. يكلمني .. و هوا عارف اني .. اني

قاطعتها الطبيبة و هي تبتعد عنها : فوفو .. عوزاكِ تفهميني كويس .

رفعت رهف رأسها تنظر إلى عيني تلك المرأة الحنون التي قالت : سكّنك فـ فيلا كبيره و حلوه أوي .. و أصر إني أبئى معاكِ هنا .. و معنى ده إنه خايف عليكِ و عاوزك تبئي كويسه .

أشاحت رهف بوجهها و صدرها يعلو و يهبط من فرط الشهقات و فدوى تردف : أكيد راح يتصل أريب أوي عشان ترقعي للأصر .

خفق قلب رهف بعنف و أغروقت عيناها بالدموع مجددًا و هي تهمس : بس .. أنـ

قاطعتها فدوى بحسم : ما فيش بس .. موضوع زاكرتك دا انسيه ، شيليه من دماغك خالص و ابدئي معاه حياه قديده .. و أنا متأكده انه حيساعدك .

مسحت رهف دموعها بأصابع مرتعدة ، فابتسمت فدوى و هي تهمس بحنان : ما تخافيش .. أنا ححاول اليوم أكتر من مره و حتصل بيوسف كمان.. و لما نعرف امتى راح يرقع ..ملزومه تعمليله مفاقئه تفرّحيه فيها .. عشان تسبتيله إنك رهف اللي هوا بيحبها .

أجبرت رهف نفسها على الابتسام و عقلها يرسم صورًا مختلفة عن زوجها المجهول ..

: و بصييييييي .. نسينا الإدر ع النار .


@@@@@@@@@@@@@@@@





جده


أحد الفنادق الفاخرة


في نفس اللحظات




ابتسمت لنفسها و هي تضع اللمسات الأخيرة على مكياجها الناعم ، نهضت من مكانها و داعبت شعرها الحريري قليلاً و هي تجول ببصرها على الفستان الأنيق بسيط التصميم من – الشيفون- الوردي المشجر بألوان ناعمة ، أنثوي القصة ومعبر عن قوامها الجذاب ، سمعت طرقًا على الباب خفق له قلبها .. التفتت إليه و هي حائرة في ما تقول ، حركت يدها بتوتر و سارت نحوه على عجل .. قبل أن تفتحه ببطء و تفسح له المجال للدخول ، ابتسم لحسنها و نعومتها الآسرة و هي مطرقة برأسها في خجل ، همس برقة : تذكرت إني أبغى حاجة من الغرفة قبل ما نطلع .

وضعت خصلة من شعرها خلف أذنها بارتباك فاتسعت ابتسامته و هو يدلف للداخل و يجذبها مع كفها ، رفعت بصرها بخجل شديد و جلست إلى جواره على الأريكة الوثيرة ، هربت من النظر إليه إلى تأمل كفيها المزدانين بنقش الحناء المتقن ، رفعت حاجبيها بدهشة و هي تنظر إلى تلك العلبة المخملية الحمراء في يده ، اتسعت ابتسامته و همس بحب : هدية صباحيتك يا عروستي .

لم تحرك ساكنًا و هي تفرك يديها من شدة حرجها ، ندت من بين شفتيه ضحكة خفيفة و هو يفتح العلبة : تحسسيني إنك أول مره تشوفيني .. و ين جيجي اللي ما كان يمر يوم إلا و ترقعني فيه بحاجه ؟؟.

أشاحت بوجهها في خجل شديد **.. الله يخرب ابليسك .. كم سنه ما شفتك ؟؟..** اختنقت أنفاسها عندما أحاط عنقها بيديه ، همس و هو يغلق قفل ذلك العقد الماسي : هدايا الدنيا كلها ما توفي جيجي .

أغمضت عينيها و وجنتاها تشتعلان ، شهقت بخفوت و هو يقبل وجنتها بحركة سريعة قبل أن يتراجع إلى الخلف و يقول ضاحكًا : والله .. أنا الوحش حمّودي اللي كنتي تتضاربين معاه .

ارتسمت على شفتيها ابتسامة خجولة و هي تتحسس ذلك العقد الثمين ، تأملها بحنان و سعادة غامرة تجتاح قلبه .. سعادة لم يعرفها من قبل .. كل هذه البراءة .. كل هذا الجمال .. كل تلك الرقة أصبحت ملكًا له .. شيء لم يحلم به يومًا ... تلك الطفلة المرحة الشقية أصبحت زوجةً له الآن !!!!.

أمسك بكفها الآخر و همس : يلا يا قلبي نطلع نفطر .

و نهض من مكانه و وقفت هي برفقته و روحها تحلق في سماء السعادة ، ذلك الحنون .. عذب الروح .. أصبح نصفها الآخر بعد أحلامٍ كانت تنسجها ، ضغطت على كفه بحنان و هي تخرج برفقته إلى حجرة الجلوس قبل أن تلتقط عباءتها و تستعد للخروج .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


أمام فيلا أبو ياسر


10 : 10 صباحًا



زفر في ألم و هو يغلق سيارته ، قبل دقائق فقط أتاه الخبر المرير المفزع بإصابة ابن عمه العزيز من مجهول ، كان سيركض للمستشفى ليقف إلى جواره في هذه اللحظات العصيبة و لكن والده الذي لم يخبره بتفاصيل الحادثة منعه و أجبره على الذهاب لإخبار عروب بالخبر بحكم أنه زوجها الآن .

لم يحدثها بالهاتف أو يراسلها .. كل ذلك لأنه ينتظر الفرصة المناسبة و الآن يُجبر على نقل ذلك الخبر الأليم .... و ياله من خبر ؟؟؟؟؟!!!!!!! .. ستكرهه أكثر .

وضع مفاتيحه في جيبه و توجه إلى الباب الخارجي حيث استقبله نواف الذي قال بخفوت : أقنعك أبوي .

زفر و هو يغمم بضيق : نواف حل عن سماي .

هز نواف رأسه بتفهم و قال بخفوت : علمت عمتي و عبير و مروان الحين معهم .. و زوجتك عند المسبح .

و أشار بيده إلى جهة اليمين ، شكره عزام باقتضاب و دار حول المنزل متوجهًا إلى جهة المسبح الكبير لـ ..

~ يراها ~

خفق قلبه بعنف .... كانت تجلس أمام حوض السباحة .. ترتدي تنورة إلى منتصف ساقيها بلون القشدة و قميصًا بنيًا قد زينت مقدمته كتابات بلون التنورة ، يداها معقودتان أمام صدرها و شعرها الأسود الطويل يتحرك بدلال مع نسمات الهواء ، وعيناها السوداوان ساهيتان في المياه .

أطرق برأسه عندما شعر بتعالي خفقات قلبه .. حزم أمره و توجه إليها بهدوء .. كانت ساهية إلى درجة أنها لم تلحظ وجوده ، تنحنح بارتباك فانتفضت و رفعت رأسها بحدة ، اتسعت عيناها في صدمة و ابتسم هو برقة قائلاً : السلام عليكم .

حدقت فيه للحظة كأنها تتأكد أنه حقيقة ثم أطرقت برأسها على الفور و يداها ترتعدان في حجرها ..

** .. هذا و اش اللي جابه اليووووووم و في هالوقت ؟؟؟؟!!!!! و الله لو درى أبوي عنه بيسلخ جلده .. **

ابتلعت ريقها و همست : و عليكم السلام .

وضع يده على الكرسي المقابل لها و همس بلطف : ممكن أجلس ؟؟ .

همّت بالنهوض و لكنها شعرت بسخافة الفعل ، ضغطت على أعصابها و لم ترد عليه و اكتفى بذلك ليأخذ الموافقة .. سحب الكرسي الأبيض المقابل لها و جلس عليه ، حاول أن يصرف بصره عنها علّه يخفف من وطأة خوفها ، قال : اشلونك عروب ؟؟ .

تراجعت إلى الخلف قليلاً فتعالى صرير الكرسي ، أغمضت عينيها بحرج شديد و الدماء تندفع إلى وجنتيها بغزارة ، ابتسم عندما أدرك مرادها لكنه لم يعلق بل قال : ما ودك تشاركيني الكلام ؟؟.

ترقرقت الدموع في عينيها و هي تشعر بقلبها يشتعل ، عقلها يرفض الوضع الحالي .. يرفض وجوده في حياتها ، الأمر ليس بيدها .. روحها تتعذب من صوته و قربه ، و كيانها يحاول أن يمحي وجوده و ينسى الواقع ، صورة الحادث تشل كل مشاعر الحب و القبول ، و تثير مشاعر الكره و الخوف في روحها .

تنهد .. الأمر أصبح أكثر صعوبةً الآن .. كيف سينقل إليها خبرًا مثل هذا ؟؟؟؟!!!.

** .. الله يسامحك يبه ..**

تراجع في مقعده و هو يقول : عروب .. و اش رايك نروح نزور ياسر ؟؟ .

زوت ما بين حاجبيها ** .. ذا و اش يخربط ؟؟ ..**

و .. انتفض قلبها عندما تذكرت أنها لم ترى شقيقها منذ فترة ، رفعت رأسها و بصرها معلق بالمسبح ، فهِم أنها تريد توضيحاً أكثر ، اعتدل في جلسته و هو يقول بهدوء : و اش رايك نمشي الحين ؟؟ .

و دفعها قلقها على شقيقها لتنطق : انت واش تقول ؟؟ .

كان صوتها رقيقًا .. ضعيفًا .. خافتًا ، طرق بإصبعه على الطاولة و هو يجيبها بنبرات هادئة : بس شوية جروح بسيطه و

التفتت إليه بحدة و هتفت : جروح؟؟؟؟؟!!!! .. جروح ايش ؟؟!!!!!! .

تطّلع إليها و اغتصب نبرات مرحة : ما تعرفين أخوك و هبقاته .. طاح بعد الملكه و تعور شوي و

هبت من مكانها و صاحت بهلع : تــــــــــــــــعــور ؟؟!!!!.

نهض هو الآخر .. لا بد أن يوصل إليها الخبر كاملاً حتى لا تنهار عند رؤية شقيقها ، قال بخفوت : حادث بسيط .

صرخت و هي تضع يديها على شفتيها و انهمرت الدموع ، رفع يديه مهدئًا : لا تخافين .. و الله بخير .. و بتروحون تسلمون عليه .

تصاعد لهيب أنفاسها و شعر بها .. تكاد تسقط و هي تتراجع للخلف ، صرخت بانهيار : انت كذاااااااب .. لو هو طيب كان عبير أو أمي علموني .

ركضت إلى داخل المنزل بدموعها المتناثرة و .....

انخلع قلبها عندما شعرت بنفسها بين ذراعيه و ظهرها يلامس صدره ، نظرت إلى يديه بحده و ارتعد جسدها بعنف و هي تهتف بنبرات مخنوقة : خلني .. نزل يدك .. نزلها.

همس في أذنها : عروب .. اهدي .. ياسر محتاج لوجودك .. ياسر معاد بيقدر يمشي .

: لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااا

صرخت و هي تنفجر باكية ، صرخت روحها ، صرخ قلبها .. صرخ هلعًا على شقيقها .. ،هزت رأسها بعنف و هي تحاول الفرار من بين يديه و تبكي بدموع ملتهبة : لاااااااااااااا .. كــــــــــــــــــذاااااااااااااب .. انــــــــــــت كــــــــــــــــــــــــــــــــــذاااااااااااب .

ضمها أكثر ، ينشد تهدئتها و هو يغمم بحنان : استهدي بالله .. إنما الصبر عند الصدمة الأولى .. الحمد لله عايش وصحته بخير.. بتقدرين تشوفينه و تجلسين معه و بتقدرين تكلمينه و تسمعين صوته .

أنّت في مرارة و أعصابها تلتهب أكثر ، معدتها تشتعل و الغثيان يشتد ، صاحت بصوت متحشرج : خلنيييييييي خلني بروحي ما أقــــــــــدر مـ

بترت عبارتها و تـــــــــــــــــــقـــيـــأت بـــــــــــــــعـنـف ، اتسعت عيناه في هلع و هتف: عـــــــــــــــــــــــــــــــروب؟؟!!!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!

ضغط على بطنها على الفور و هو يحني ظهرها للأمام لتفرغ ما في جوفها ، شعرت بطعم الدموع يختلط بمرارة لسانها ، بكت أكثر و الاشمئزاز يملأ نفسها ، مسح على ظهرها بحنان و قلبه يتألم لحالها ، اقشّعر جسدها و همست بإعياء باكي نزف له قلبه : عزام .. و اللي يخليك اتركني .. و الله مو بيدي .. و الله .

تراجع و تركها حرة ، و ركضت هي و كفها على شفتيها ، ركضت هربًا منه .. هربًا من وجوده .. هربًا من رقته و حنانه ، ركضت ... و من بين شفتيها تحررت صيحة حملت اسم يــــــــــاســـر ، صيحة حملت كل ما تجيش به نفسها من اللــــــوعة و الــــــــــــــذعر .

اكتفى بمتابعتها حتى اختفت داخل المنزل ، نظر إلى يديه اللتين أمسكتا بها ، أغمض عينيه و هو يزفر و خفقات قلبه تملأ أذنيه ، اهتز جيبه .. أدخل يده و وضع السماعة على أذنه على الفور هاتفًا : هلا عمي .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


فيلا تركي


00 : 5 عصــرًا



داخل تلك الصالة الزجاجية، أحاط كتفيها بذراعه و هو يسير معها حول المسبح: و كيف أبو حميد معاكِ ؟؟.

توردت وجنتاها خجلًا وهي تهمس : الحمد لله .

ابتسم قائلاً : و ليش حضرته لسا ما شرّف ؟؟ .

التفتت جوري إليه و قالت: يبغاني آخذ راحتي معاك .

توقف عن المشي وقرصها مع وجنتها : لسا تستحين منه ؟؟ .

هتفت باستنكار : أووه .. توتوووووووووو !!!!!!!!!!.

وضعت كفها على وجنتها و هتفت بحنق : دبه!! .. لسا مالي يوم معاه .. كيف ما تبغاني أستحي ؟؟ .

: جوري!!!!!!!!

انطلقت تلك الصيحة الطفولية بالراء الملتوية في المكان فصاحت في فرحة كبيرة : برّووووو !!!!!.

ركضت إليه بفرح و انحنت و هي تضمه بين ذراعيها في حنان بالغ هاتفةً : وحشتنيييييييييييي .

اقترب منهما تركي ويداه في جيبي بنطاله و غمم : خيانه .

ضحكت في مرح و هي تحمله و تعتدل واقفة : تستااااهل .. أخيرًا طنّشك و ناداني .

مسح تركي على شعر البراء برفق وهو يخاطب جوري : اهب عليك يالدب .. لسا أمس تزوجتي و اليوم مخلفه ؟؟!!!.

ضربته على ذراعه و هي تصيح بحرج : تـــــــــــــــركييييييييييييي !!!!!!!!! .

مسح مكان الضربة الحارة و عيناه معلقتان بمدخل الصالة و قال : أمس أعطيتك اياها و اليوم تخرّجها مجرمه .

همّت بالصراخ لكنها ابتلعت لسانها عندما رأت أحمد يدلف إلى المكان بطوله الفارع و ثيابه الأنيقة ، قال ضاحكًا : و الله أنا واثق فـ حرمتي .. أكيد ما ضربتك إلا عشان شي .

ذابت جوري خجلاً و حاولت أن تلهي نفسها بمداعبة البراء ، و تركي يضرب أحمد على كتفه : انتا اللي يبغالك تنضرب عشان هذي الكلمه .

ضحك أحمد و هو يسلم عليه و قال و هو يتراجع للخلف: شنط الحلو وصلت للسياره و الممرضه هناك.

أومأ تركي برأسه و سأله : متى بتحركون ؟؟ .

نظر أحمد إلى ساعته : و الله المفروض الآن .

رفعت جوري بصرها ، توترت أعصابها و هي ترى .. أن الوداع يقترب ..

سأل أحمد تركي بابتسامته : ما بتقدر تجي معانا للمطار ؟؟ .

هز تركي رأسه نفيًا : كنت أتمنى .. لكن ورايا مشوار ضروري .

ثم ابتسم و هو يعانقه ، و عندها أدركت جوري .. كم يتشابهان ، نفس الطول .. نفس الجسم .. فقط ملامح الوجه التي تختلف .

و ..كم غبطتهما في داخلها على تلك الصداقة العميقة التي تجمعهما ، يكفي أن ينظر أحدهما إلى الآخر ليدرك مقصده .

و عندما ابتعدا ، شد تركي على راحة أحمد في حرارة و هو يقول : أمانتين سلمتك اياهم .

ربت أحمد على كتفه مجيبًا : في الحفظ و الصون .

وضع نظارته الشمسية على عينيه و غادر المكان .. ليترك لجوري متسعًا لوداع شقيقها .

وضعت البراء على الأرض ولفت يديها حول عنق أخيها قبل أن تدفن وجهها في صدره و تبكي ..

ربت تركي على ظهرها و هو يقول ضاحكًا : ما خلصت دموعك أمس ؟؟.

هتفت من بين شهقاتها : دببببب .. و الله راح أفتقدك يالنكدي .

آلمه قلبه .. فهمس في أذنها بحنان حازم : جيجي ..حطي زوجك فـ عيونك و لا تخلينه يحتاج شي ..

و إذا اختلفتي معاه مره .. حاولي تعالجين الموضوع بنفسك و بشطارتك بدون ما تدخلين أحد بينكم.

ضحكت و هي تتراجع إلى الخلف قائلةً : حاضر يا بابا .

مسح دموعها و قال : يلا .. لا تأخرينه .

أمسك البراء ببنطال تركي و أخذ يجره و هو يهتف : يلا روح باي .. يلاااا .

تنفس الصعداء و نزل إلى الأرض ، استند على إحدى ركبتيه و رفع الأخرى ، نظر إلى عيني الصغير ..تلك العينان الزرقاوان ، قاوم دموعه و احتضنه في عمق و هو يشم فيه رائحة عادل ، وضعت جوري كفها على شفتيها و أشاحت بوجهها خشية أن تنفجر بالبكاء مجددًا .

ضمه تركي إلى صدره أكثر و أكثر ، كأنه يريد أن يدخله إلى قلبه .. أغمض عينيه بألم .. يستعيد كل ذكرى برفقة هذا الصغير ..قرابة الأربع سنوات و هو بمثابة ابنه ، كم ليلة نام فيها بجواره ، و كم مرةً حمله فيها بين ذراعيه ، و كم مرةً ركض فيها ملاعبًا إياه ..

كم ..

و كم ..

و كم ..

إنه .. جزء من قلبه ، احتل مكانة لم يحتلها أحد من قبل ، ابتعد عن الصغير الذي نظر إليه ببراءة ، ابتسم تركي بصعوبة و هو يهمس : اسمع كلام جوري .. طيب .

و مسح على شعره قبل أن يقبل وجنتيه و جبينه ، هتف البراء بانزعاج : تركيييييي !!.

همس تركي بحنان : عيونه .

أغمضت جوري عينيها بألم و شهقاتها تخونها ، حمله تركي بين ذراعيه و هو يهتف للبراء : يلا يا قلبي .. ما نبغى نأخر خالو أحمد .

نظر إلى جوري هاتفًا : يلا يا ماما .

بلعت غصتها و غادرت المكان معهما ، و صلوا إلى الباب الخارجي حيث سيارة أحمد ، لفت جوري طرحتها على رأسها و التفتت إلى شقيقها ، مست وجنته بكفها الرقيق و هتفت بهمس باكي : انتبه لنفسك .

رجف قلبه و لمعت عيناه .. لماذا يشعر أنه لن يراها مجددًا ؟؟؟!! .. لماذا ؟؟!!!!! .

ابتسم بلطف دون أن ينبس ببنت شفه و ارتدت هي حجابها كاملاً ثم أخذت البراء من بين يديه ، فتح لها تركي باب السيارة لتتخذ موقعها إلى جوار أحمد ، الذي تبادل مع تركي نظرةً .. فهمها الأول ..أومأ أحمد برأسه و هو يرسم على شفتيه ابتسامةً مطمئنة ، أغلق تركي الباب و حرك أحمد السيارة ، لوح لهم بيده و انتظر حتى اختفت عن ناظريه ثم عاد إلى داخل الفيلا مجددًا و هو يقول بصرامة : دحين بتفرغلك يا ساميه .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


فيلا أبو ياسر


30 : 5 عصرًا



بكت الأم في حرارة شديدة و هي تسير في صالة المنزل ذهابًا و إيابًا ، لوحت بيدها في عصبية و هي تهتف : لييييه مانعني لييييييييييييه .. أبي أروحله .. أبي أشوف ولدي .. أبي أشوووووفه .

التزم مروان الصمت و قد أخفى وجهه بوسادة الأريكة ليسكب دموعه بصمت ، نهضت عبير من مجلسها و هي تمسح دموعها الغزيرة و هتفت : يا يمه .. قالولك بخير و الحمد لله .. لا تشيلين همه .. و يوم الدكتور يسمح بالزياره بيخبرونك .

صاحت الأم بقهر و هي تضرب صدرها : أنا أمــــه .. أمــــه .. ما تفهمين ؟؟!!!!!!!.

و انهارت على الأريكة تضرب على فخذها بألم و دموعها سيول على وجنتيها : يا ربي استر عليه .. يا ربي استر عليه يا رب .. يا ربي قوّمه بالسلامه يا رب .. يا ربي قومه بالسلامه .

غطت وجهها بطرف طرحتها و أجهشت ببكاء مرير ، هزت عبير رأسها في أسى و هي تتذكر كلمات والدها الشديدة الصارمة التي منعتهم من الذهاب إلى هناك إلا بأمر منه .. حتى أنه لم يخبرهم باسم المستشفى ..و نواف كذلك التزم الصمت .

لوحت الأم بيديها و جسدها لا يهدأ من شدة التوتر : على الأقل أكلمه .. أسمع صوته .. هذا ولدي يا عالم .. ولـــــــــــــــــــدي .. ولــــــــــــــدي .

و شهقت و هي تهز رأسها بألم

: أم يـــــــــاسر !!!

انتفضت في مكانها عندما اخترق عقلها ذلك الصوت القوي القاسي ، أغمضت عينيها و أطرقت برأسها في انكسار ، التزمت عبير الصمت و عيناها تتطلّعان إلى والدها الذي دلف إلى المنزل لتوه ملقيًا نظرات معاتبة على زوجته : قلتلك ولدك بخير و الحمد لله .. بس نفسيته تعبانه شوي ورافض يكلم أي أحد .. و الدكتور نبه علينا ما نضغط عليه .

لم تنبس ببنت شفه و قلبها يتفطّر ألمًا و حزنًا ، أردف زوجها و هو يحث الخطى للمصعد : باكر إن شاء الله بتشوفينه .. اجهزي الصبح .

دلف إلى داخل المصعد و أُغلق الباب خلفه ، و اكتفت هي بترديد عباراتها السابقة بذات الألم و اللوعة ، شهقت عبير بخفوت و اقتربت من مروان ، ثم همست بحنان و هي تضع يدها على الوسادة التي يغطي بها وجهه : نيمو حبيبي .. اطلع فوق .. أمي ما بتسكت لو ظليت على هالحاله .

هز رأسه بعنف و هب من مكانه ركَضًا للدور العلوي عبر السلالم ، زفرت عبير بأسى و عادت للجلوس إلى جوار والدتها .

.


.


.


.


.


رفعت بصرها الباكي إلى باب حجرتها ، تجمعت الدموع في عينيها أكثر و هي تراه يقف بوجهه الدائري المحمر و الدموع تغرق وجهه ، تسارعت أنفاسه و ملامح وجهه تشتد ، همّت بالحديث إلا أنه صاح و هو يندفع نحوها : عــــــــــــروب !!.

ألقى نفسه بين ذراعيها و تشبثت بها في شدة و هو ينفجر بالبكاء و يهتف : أنا خايف .. خايف .. أبي أشوف ياسر .. أبي أشوف أخوي .. الله يخليك يا عروب خلينا نروح .. ليه أبوي ما يبينا نشوفه .. لييييييه .. لييييييييييييييه ؟؟!!!! .

احتضنته بعمق و هي تربت على ظهره بحنان و تهمس من بين دموعها الغزيرة التي تملأ حلقها : لا تخاف يا قلبي لا تخاف .. الحمد لله عايش و صحته زينه و بتقدر تشوفه و تكلمه .. بس انت اصبر .. و خليك رجال مثل ما كان يعلمك دايمًا .

تفجرت دموعه أكثر مع كلماتها و صيحات باكية تنبعث من بين شفتيه في خوف حقيقي ، ضمته إلى صدرها أكثر و شهقاتها تخونها : مروان حبيبي .. اصبر الله يخليك .. اصبر .. و قول إنا لله و إنا إليه راجعون .. هذا ابتلاء يا قلبي .. ابتلاء .

و ضعت رأسها على رأسه و هي تربت عليه ، رغم أنها في أشد الحاجة إلى من يواسيها و يربت عليها .. أغمضت عينيها و قلبها يخفق بحزن شديد على أبيها الثاني .. شقيقها الذي وقف إلى جانبها في كل لحظة .. ساندها بروحه منذ ذلك الحادث حتى ارتباطها بعزام ، شقيقها الذي بذل كل ما في وسعه ليخرجها من الألم الذي كانت تعيشه بفضل الله ثم كلماته التي كانت تصّبرها و تذكرها بالصبر و الاحتساب ، زمت شفتيها قبل أن تهمس بحزن عنيف : يا حبيبي يا أخوي .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

رد مع اقتباس
  #33  
قديم April 17, 2015, 02:36 PM
 
رد: رواية عبرات الحنين للكاتبة زهور اللافندر

جده


فيلا تركي


في نفس اللحظات



أغلق حقيبته السوداء و رفع سماعة الهاتف ، ضغط على الرقم الذي يريده ثم رفع بصره عندما تناهى إليه طرق الباب و قال : ادخل .

فّتح الباب ، لم يحرك ساكنًا و هو يرى القادم بل أشاح بوجهه و هو يقول : ألو .. عوّاد جات أي أخبار من اللي أرسلتهم ..... إلى الآن يدورون ؟؟!!! .. اسمع .. قلهم يمرون على جهة البحر .. إيوه ... احتمال كبير .... المهم الآن .. بلغ الموظفين بتأجيل الاجتماع لبكره الصباح .. ايوه الكل ... في حفظ الله .

أغلق السماعة و استند إلى ظهر مقعده و هو يطالع أحد الملفات قائلاً بجفاء : نــــعم ؟؟ .

دلفت إلى الحجرة بهدوء و أغلقت الباب خلفها ، رفع بصره إليها ببرود مغممًا: في شي ضروري تبغينه ؟؟ .

تقدمت إلى الأمام حتى توقفت أمام مكتبه و وضعت يديها عليه و هي تتطلّع إليه قائلةً بصرامة : أبغى دقايق من وقتك .

لم يرد عليها .. بل كأنه لم يسمعها و هو منهمك في مطالعة البيانات المرصودة في الملف ، جلست على المقعد أمامه و هي تقول : وين رهف ؟؟!!.

أغلق الملف بقوة انتفض لها جسدها ، قال بجفاء : شي ما يخصك .. اطلعي دحين لأنك ما بتآخذين مني شي .

صاحت في عصبية : ما راح أطلع يا حقير ما راح أطلع إلين تقلي هيا وين ؟!!! .. أهلها يسألون عنها و انتي قابرها ولا راضي تفتح فمك .. حتى ما ندري هيا حيه و لا ميته .

رفع بصره إليها بنظرات مخيفة : و ربّي .. كلمة ثانيه عن الموضوع و بتشوفين شي ما يسرك .. اطلعي برا و هذي آخر مره راح أعيدها .

ارتجف قلبها بين ضلوعها و هي ترى هذا الصدود المؤلم منه ، بعد أن كانت علاقتهما في ما مضى من أجمل ما يكون .. ، تجمعت الدموع في عينيها و حادثةٌ أخرى تندفع إلى روحها و تطغى على موضوع رهف : بعد ساعتين مسافره على ألمانيا .. و جايه أنهي كل شي قبل ما أمشي .

قال بجفاء : تنهين ايش؟؟ كل شي انتهى من زمان .

صاحت بحنق : لا .. انتا مو فاهم شي .

ابتسم بسخرية : من جد ؟؟ طيب أنا أريحك .. مو لازم أفهم شي لأني

و أردف بصرامة شديدة : شفت كل شي بعيوني .

قبضت على كفها بعصبية و هتفت : أنا ما لي ذنب فـ شي .

صك على أسنانه بغيض و هو يقول : ذنبك انك جلستي تتجسسين على شي ما يخصك .

لم تحتمل دموعًا أوجعتها و انسابت من عينيها و هي تهتف : حتى لو سمعت .. ما ضريتك بشي و لا علمت أحد عن شي .

نهض من مقعده في حدة : كذبك ما راح يفيدك .. كشفتك انتي و اياهم ودحين اطلعي براا .

زوت ما بين حاجبيها و هي تهتف بحيرة : أنا ومــــيـــــن ؟؟؟؟!!!!

ضرب بيده على المكتب و صاح : بتطلعين ولا أطلّعك بنفسي ؟؟.

هتفت بعصبية شديدة : لااا .. ما راح أطلع و بتسمعني للنهاية .

تحرك في سرعة و جرّها مع ذراعها لتهب واقفةً على قدميها و هو يصرخ في وجهها : قلتلك ما راح أسمع .. اطلعي برا .

و دفعها نحو الباب ، أغمضت عينيها بألم و هي تشهق و صوته الغاضب يتفجر من حولها : بتطلعين و لاّ أسحبك سحب ؟؟.

غطت وجهها بكفيها و هي تتذكر تلك الكلمات و ذلك الاجتماع قبل قرابة الثلاث سنوات ، لا تقدر ..المصيبة كبيرة .. كــــــــــبــيــرة .. و الخبر مـــــــفــــزع .. و لكن لا بد أنتنكشف الحقيقة ، الآن أو غدًا .. لا بد أن تنقذه .. لابد .. ، زمت شفتيها قبل أن تهتف بحرقة : عباس رأفت .

حدق فيها بصدمة غاضبة و هي تردف في سرعة باكية : تلاقي عنده شريط فيديو تركه أبوك .. شوفه و بتعرف كل شي ..بتعرف الحقيقه كلها .. كلها .

و اندفعت خارج الحجرة و سياط الألم و الرعب تــــــــــــــســلـخ روحها و نيران الدموع تحرق وجنتيها ، صرخت في انهيار و هي تركض : لـــــــــــــــــــيــــه يـــــــــــــــــــا لــــولـــــــــــيــد .. لـــــــيييييه ؟؟!!!!!!.


.



.



أما هو ، فقد شلت الصدمة أطرافه عن الحركة .. عباس رأفت ؟؟!!!! العميد عباس رأفت ؟؟!!!!!!!!!.

صديق والده المقرب !! و شريط فيديو !!!!.و حقيقة ؟؟!!!!!!!.. هل يعقل ؟؟ .. هل يعقل ؟؟!! ..

هز رأسه و قلبه يخفق بانفعال ، شكوك كثيرة كانت تساوره منذ أن تحدث إليه والده بشأن الوصية و لكنه كان يحرقها بنار الصرامة و البرود و الرغبة في تحقيق الهدف ، ربما تنازل أن يقابل الأمر بالمثل بسبب ذلك الشك .. و لكنه قام بما أوصاه والده الذي لم يحدد طريقة الفعل و ترك له المجال مفتوحًا .

و الآن .. تعود تلك الشكوك المميتة و تحيا من جديد ؟؟!!!!!!!!.

نظر إلى صورة والده التي تزين الجدار و اشـــــــــــتـــعــلـت نيران القلق في صدره .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@





الرياض


المستشفى


00 : 6 مساءً



ليس من كلمات تصف حزنه ، تصف ألمه .. تصف صدمته .. من يصدق ؟؟!!!! ..

لحظة واحدة فقط محته من سجل القادرين على المشي لتنقله إلى سجل آخر ، لحظة واحدة قلبت أفكاره و مشاعره رأسًا على عقب .

أي دموع تلك التي تكفي للتعبير عن ما يعتمر في صدره ؟؟؟؟!!! ... أي صرخات ؟؟؟!! .. أي آهات ؟؟ .. أي أنّات ؟؟؟؟!! ، أغمض عينيه و آية واحدة تتردد في عقله ، آية تلاها أحد الأئمة ذات مرة بصوت رخيم

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )

ارتعش قلبه و انسابت دمعته الحارة، همس بصوت متهدج : يا الله .. إنا لله و إنا إليه راجعون .

خنقته الدموع ، و ضع يده على عينيه و ترك العنان لتفكيره يغرق به حيث شاء .

.


.


.


.


هتف أبو ياسر بضيق : و لمتى يعني ؟؟!!!! .. أبي أكلمه ، أفهم منه القصه و اش علاقة ولد عمه بالموضوع .

أجابه الطبيب في خفوت : خله يا أبو ياسر .. الصدمه طاحت فوق راسه و صعب يفكر فـ شي ثاني .. خله يمتص الصدمه براحته .. صدقني .. وجودكم بيوتره أكثر و يضغط على أعصابه ..عطوه الوقت الكافي .

أشاح أبو ياسر بوجهه في عصبية ليقع بصره على شقيقه الأكبر ، كان شاحب الوجه شارد البصر ، هتف مناديًا : أبو فيصل .

رفع أبو فيصل رأسه : سم .

اقترب منه أبو ياسر و قال: انت مرهق .. قم للبيت و ارتاح .

هز رأسه نفيًا في عناد : لا .. أشوفه بالأول و أفهم قصة فارس .

تدخل الطبيب قائلاً : أبو فيصل صحتك أهم .. صدقني دوركم بيجي بس مو الآن .

نهض أبو فيصل من مكانه و هو يزفر : انزين .. أنا ماشي .

و قبل أن يغادر سأله شقيقه : كلمت نواف ؟؟ .

أومأ أبو ياسر برأسه : ايه .. قلتله يجيبهم باكر الصبح .

هز رأسه بتفهم ثم توجه إلى المصعد و عقله يدور و يدور و يدور ..

لماذا ذهب ياسر إلى هناك ؟؟ لماذا ذهب إلى حيث يجلس فارس ؟؟ لماذا ذهب وحيدًا دون أن يبلغه ؟؟ .

رحمة من الله أحاطت به و جعلته يتوجه إلى نفس المكان و بسرعة كبيرة ، كان كل همّه أن يجد ابنه و لكنه وجد ياسر غارقًا في دمه على أرض تلك الصحراء المقفرة .

سألته الشرطة .. كيف علم بوجوده في ذلك المكان ؟؟ و يا له من سؤال ؟؟!!!!!

هو نفسه يشك في أن ابنه العاق المسؤول عن كل شيء .. و لو أخبرهم بالحقيقة فقد يورط ابنه و في نفس الوقت هو لا يملك دليل الإدانة ، ياسر وحده من يملكه .. لكنه بالرغم من ذلك حزم أمره و صارح الشرطة بكل شيء ..موضوع ابنه الغائب و طلبه لإبراهيم بالبحث عنه إلى آخر القصة التي خُتمت بوصوله إلى جسد ياسر المصاب .. فهو نفسه .. لن يــــــــــــــــغــفـر لفارس إذا تأكد أنه المسؤول..إذًا .. فلتأخذ العدالة مجراها .

.


و ضع يده على رأسه و عيناه محتقنتان بسيل من الدموع ، دموع لم يتمكن منها ؛ لأنها هزمته و انتصرت نزولاً على وجنتيه ، همس بصوت مخنوق : حسبي الله عليكِ يا فارس .. حسبي الله عليك .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


مطار الملك عبد العزيز الدولي


في نفس اللحظات



كانت تطرق الأرض برجلها في توتر و موضوع تركي يوجع قلبها ، مسحت دموعها الغزيرة من تحت الغطاء خفيةً ، و هي تخشى أن يراها عمّار الذي ذهب لشراء شيء ما ، أمسكت هاتفها المحمول بيديها و تمتمت بصوت مخنوق : يا الله .. لازم أساعده .. لازم .. بس .. بس كيييييف ؟؟ .

تنحنحت حتى تصفي صوتها ثم أغلقت عينيها للحظات قبل أن تهمس بصوت مختلج : ايوه .. عزام قريب منه .. أكيد بيقدر يساعدني .

فتحتهما و ترددت لحظة و هي تعبث في المفاتيح .. إلى أن اتصلت على عزام .. و ضعت السماعة على أذنها و قلبها يخفق بخوف ، و ما هي إلا لحظة حتى قالت : ألو .. هلا عزام .. كيفك يا قلبي ؟؟ .............. الله يسلمك ..الحمد لله ........... ايوه .. بلغت أبو فيصل .. لا .. مابقي شي عن الرحله ...........آه .. قبل ما أمشي ..أبغى أكلمك فـ موضوع ... بس بيني وبينك .......... لا .... صعب شويه و أحتاجك ............ اسمعني .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


البيت الأخضر


10 : 7 مساءً



دلفت إلى حجرة فدوى ذات الباب المفتوح ، جالت ببصرها في المكان و قالت : الظاهر لسا ما رجعت .

همّت بالخروج .. إلا أن ذلك الشيء لفت انتباهها ، حدّقت فيه للحظة و هي ترفع يدها إلى قلبها الذي يرتجف بين ضلوعها .. رمشت عيناها و مشاعرها تثور في بركان من الحيرة و الرهبة .. قبضت على أصابعها و سارت ببطء إليه .. مدت يدها الخائفة و أمسكت به ، تطلّعت إليه للحظات في صمت مرتعد ، ثم همست : شكلها نسيته .

ضغطت على أحد المفاتيح فظهرت لها الشاشة ، و في زاويتها السفلية من جهة اليمين قرأت " الأسماء " ، تعرقت يداها و شفتاها ترتعدان .. ضغطت عليها و أخذت تحرك إصبعها على عجل تبحث عن ذلك الاسم الذي تتلهف لقراءته .. و وجــــدته .....

تصلبت يدها و أنفاسها تختنق في حلقها و هي ترى اسمه " الأستاذ تركي " أغروقت عيناها بالدموع و قلبها ينتفض في غمرة الموقف ، شهقت بحرقة و دموعها تسيل على كفها .. همست بـ يا رب .. و ضغطت على الرقم .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


أحد شوارعها


سيارة تركي


قبل الزمن الحالي بخمس دقائق



لم يهدأ عقله .. بل مضى يدرس كل ما مرّ به حتى الآن ، قبل ثلاث سنوات في القصر يوم أن كان والده يلفظ أنفاسه الأخيرة في رجب من عام 1426 هـ ، كان في الخارج .. يؤدي عملاً خاصًا بالشركة و عندما و صله الاتصال ، انطلق كالسهم عائدًا و كانا هناك .. عبد الله صلاح و عبّاس رأفت ، دلف إلى حجرة والده الذي يحتضر ، دلف إليها وحيدًا و أغلق الباب ، و تلقّى وصيته كاملةً و يــــــــــــــــا لــهــا مـــن وصـــــــــيـة !!!!!!.

حـــــطـــمـــتــه ، حــــطــــمـــت روحــــه .. و كـــــيـــانـــه ، و أحالته إلى قطعة من الصخر ، جلّدته بالبرود و الجمود و الجفاء .

كانت صعبة ، .. و لكن عليه أن ينجزها فهي مطلب والده الأخير ، عليه أن ينجزها لأنها متعلقة بها تلك الـ

قطع أفكاره رنين الهاتف ، زوى ما بين حاجبيه عندما رأى اسم الدكتورة فدوى يضيء على الشاشة ، زفر و هو يضغط على السماعة الخضراء و يضع الهاتف على أذنه : ألو .

انتظر للحظة ، و عقد جبينه عندما لم يسمع ردها ، كرر مجددًا : ألو .... دكتوره فدوى ؟؟!.

رفع أحد حاجبيه و هو يقف أمام الإشارة و يبعد الجهاز عن أذنه لينظر إلى شاشته ، لا زالت على الخط ؟؟!!.

زفر و هو يضع السماعة على أذنه مجددًا : دكـتـ

انقطعت أحرفه و شهقات باكية تخترق عقله ، شهقات رقيقة مخنوقة معذبة .. تنزف ألمًا و حرمانًا ، شهقات اختلجت بشوق عميق قاتل ، شهقات شعر بها تجثم على أنفاسه حد الاخــــتــناق ، تخنقه حد الــــمـــوت.. يده متصلبة و شفتاه عاجزتان عن النطق .. و جاءت حروفها عبر الأثير ، انتظمت في عقد همسة خائفة .. همسة جمعت آلام الدنيا و عذابها في أحرف أربعة : تركي ؟؟!!!.

تــــــــــــفــــــــــــجــــر في كيانه شيء رهــــــــــيـــب ، و صــــــــــــــرخ عقله باسمها في صمت مـــــهــيب ، اشــــتــعـلـت أمامها صورها المعذبة في القبو ، اشــتـعـــلـت بنيران محرقة .. أجـــــجــتها دموعها الساخنة للحظات لا زال يذكرها ..... انتفض و صوت الأبواق ينتشله من أفكاره ، أنهى المكالمة و هو يحرك السيارة و بصره جامد كجمود الآلة ، جمود لم يعكس ما في نفسه .. لم يعكس بـــــراكــــــــيـنًا تتصارع في داخله ، لم يعكس أعاصـــــــــيرًا تكتسح روحه حد الوجع ، انعطف بالسيارة لطريق جانبي و عقله متوقف عند صوتها الكسير ، لم يقوى على مجاوزته .. لم يقوى .. صوتها الذي طعنه طعنةً عميقة .. طعنة دمرته حتى الـــــــــنـــخــاع ؛ لامتزاجه بتلك الشهقات الباكية المخنوقة ، قبض على عجلة القيادة و هاتفه يهتز أخرى ، نظر إلى الشاشة بحدة و زوى ما بين حاجبيه في قلق عندما رأى اسم الضابط عبد العزيز ، أجاب على الفور و باقتضاب شديد : ألو .

أتاه صوت الضابط المتوتر : تركي .. عندي أخبار سيئه .

قبض تركي على المقود بشدة هاتفًا : خيير ؟؟!!!!!! ..

هتف الضابط على الفور : حـــــــــــــــــســـن شـــرد من السجن .

اتسعت عينا تركي في صدمة و هو ينقل قدمه للمكابح و يصيح : كـــــــيف ؟؟؟؟!!!!!! .

هتف عبد العزيز بتوتر : اليوم جاني الخبر و تحريت عن الموضوع .

صاح تركي في عصبية و قلبه يخفق : طيب ؟؟!!!.

همس في توتر : لازم أشوفك .. صعب أشرحلك الموضوع في الجوال و

قاطعه تركي بعصبية و هو ينعطف بسيارته أخرى : دحين أقابلك في مقهى ******

أغلق هاتفه و الشرر يتطاير من عينيه .. هذا الذي لم يحسب له حسابًا أبدًا .. هذا الذي لم يتوقعه و لم يفكر فيه بتاتًا .. كيف ؟؟ .. كيف ؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!! .


@@@@@@@@@@@@@@@@


جده



البيت الأخضر


في نفس اللحظات



انهارت على الأرض و هي تصيح كالمجنونة ، تبكي بانهيار هستيري .. ، وضعت يديها على جانبي رأسها و هي تصرخ بصوت معذب ، تصرخ بكلمات مبهمة رددها قلبها قبل شفتيها

: رهــــــــــــــــــف .. رهـــــــــــــــف ؟!!!!!!!!!!!!.

ركضت إليها فدوى بعباءتها التي لم تخلعها بعد .. نزلت إليها و ضمتها بين ذراعيها و هي تهتف بصوت ملتاع : مالك يا حببتي .. مالك فيه ايه .. قرى ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.

صرخت رهف بعصبية منهارة : لييييييييييييييه ما يبغاني يا دكتوره فدوى .. ليييييييييييه .. ليه ما يبغى يكلمني ليييييييييييييييييييييييه ؟؟!!! فهمينييييييييي .. ليييييييييييييييييييييييه ؟؟ .

رفعت فدوى حاجبيها و عيناها تصطدمان بهاتفها الذي نسيته ، خفق قلبها بعنف و هي تهتف : اتصلتي فيه ؟؟!!!!!!!

لم تجبها رهف و هي تدفن وجهها بين كفيها و تصيح بدموع محرقة .. قلبها لا يقوى .. لا يقوى سيلاً من طعنات المجهول التي تعاني منها ليل نهار .. قلبها لم يعد يقوى على العيش وسط تلك الدوامة السوداء التي تسحبها إلى أعماقها أكثر يومًا بعد يوم .. قلبها لم يعد يقوى على تحمل تلك المشاعر التي تحملها لمن في الصورة .. صورة رافقتها منذ أن فتحت عينيها و علمت أنها بشر في هذه الدنيا ، حبل خانق التف حول عنقها و اعتصر كلماتها اعتصارًا لتفر هربًا مع سيل الدموع و حرقة الشهقات .

ربتت فدوى عليها و هي تصارع دموعها ، هي الأخرى لم تنطق بشيء و إن كانت تجهل مالذي حصل بالضبط .. جلست على الأرض ثم جذبت رهف ووضعت رأسها على فخذها ، رفعت كفها و وضعته على رأسها المثقل بالآم موجعة ، همست تقرأ بآيات من القرآن و هي تمسح بيدها الأخرى على ظهرها الذي ينتفض من فرط البكاء ، تدفقت دموعها هي الأخرى و هي تقرأ .. و تقرأ .. علّ الآيات البينات تخفف عليها من عذاب الدنيا الــــــــــــــكـئــيبـة .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@



جده


المقهى


30 : 7 مساءً



دلف إلى داخل المقهى و جال ببصره في المكان و إذ بتركي يلوح له من البعيد ، حثت أقدامه الخطى نحو الطاولة و لم يكد يجلس إليها إلا و بادره تركي بالسؤال و التوتر يعصف بكلماته : اش اللي صار بالضبط ؟؟ .. فهمني .. كيف قدر يشرد ؟؟ .

مال عبد العزيز بجسده إلى الأمام و هو يتحدث في خفوت متوتر : من أول ما وصلني الخبر بديت أنبّش هنا و هناك.. لأني مستغرب كيف قدر يشرد مع كل الحراس الموجودين .

صك تركي على أسنانه : طيب ؟؟ .

استطرد عبد العزيز : و بعد مراقبه بالدس و تحري اكتشفت إن هروبه مخطط له من فتره .

هتف تركي بصدمة : مخطط له ؟؟ .

أومأ عبد العزيز برأسه و استطرد : ايوه .. الحراس اللي ساعدوه عشان يشرد .. جاهم الأمر من

و تلفت حوله بارتباك ، قبض تركي على كفه بحنق : مييييين ؟؟ .

همس عبد العزيز :العميد عبّاس رأفت .

ارتد جسد تركي في عنف و همس : عباس رأفت ؟؟!!!!!!!!!.

أومأ الضابط برأسه مجددًا و هو يهمس : ايوه .. العميد عباس رأفت .. عميد معروف فـ شرطة تبوك .. بالرغم من إن عمله هناك .. لكن الظاهر اتصالاته واصله .

سأله تركي بغضب دفين: و دحين .. اش راح تسون للكلـ* اللي شرد ؟؟.

تراجع عبد العزيز في مقعده و هو يجيبه: التحقيق قايم فـ المركز عشان سبب الهرب .. الظاهر لسا ما عرفوا إن عباس المسؤول .. و فيه مجموعه مكلفه إنها تدور على حسن .

اشتعل الغيظ في أعماق تركي و تفجر الغضب في ملامحه ، هب من مقعده و قال بصرامة : اسمع .. لا تعلم أي أحد بموضوع عباس إلين أتأكد من كل شي بنفسي .. و إذا وصلك أي خبر جديد علمني على طول .. أنا مضطر أمشي دحين.

هتف الضابط به : استنى في شي ثاني .

سأله بعصبية : اش هوا ؟؟ .

تمتم بخفوت : عبّاس رأفت أمس وصل جده .. أخذ إجازه من العمل .

وضع تركي يده على الطاولة و سأله بخفوت متلهف: عارف و ين مكانه؟؟.

أومأ برأسه و قال : ايوه .. أقدر أدلك على فلته .

رفع تركي رأسه و قد كسا ملامحه تحدٍ عجيب و حزم غريب ، غممّ و بصره معلق بالفراغ : تمام .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


المستشفى


50 : 7 مساءً


لم يذق طعم النوم منذ الحادث ، الإرهاق الشديد يعلو محياه الحزين و عقله يأبى أن يهدأ ، لا بد أن يتأكد من مخاوفه .. لا بد ، سار إلى آخر الممر .. إلى تلك الحجرة التي يعرفها .. طرق الباب بهدوء .

: تفضل .

فتح الباب و وقع بصره على ياسر و عيناه معلقتان بالسقف ، أغلق الباب و هو يقول : مساك خير .

انتفض جسد ياسر و التفت في حدة إلى عمه : عــــمي!!!

كتم أبو فيصل دموعه و هو يرى حال ابن أخيه ، وجهٌ شاحب و عينان زائغتان ، اغتصب ابتسامة حنونة و هو يجلس على المقعد المجاور للسرير و يقول : اشلونك يبه ؟؟.

شعر ياسر بغصة تمنعه من الكلام ، فأشاح بوجهه و هو يومئ برأسه ، تنفس أبو فيصل الصعداء و غمم : أدري إنك ما تبي تقابل أحد و الدكتور منعني .. بس .. أنا أصريت .

خفق قلب ياسر و اعتصر لحاف سريره بين أصابعه ، جمع أبو فيصل طاقته التي تتلاشى و قال بصوت متحشرج : ليه يا ولدي .. ليه لحقت فارس هناك و مشيت من غير ما تعلمني .. ليه ؟؟ .

انخلع قلب ياسر و أغمض عينيه بألم ..**أرجوك يا عمي لا .. أرجوك **

صمت أبو فيصل للحظة و هو يتأمل ردة فعل ياسر ، و عندما طال الصمت .. مد يده و قبض على كفه و هو يقول بحزم : اسمعني زين .. و ربي العالم إن معزتك فـ قلبي فوق معزة كل عيال عمانك .. و فوق معزة فيصل و فارس .

فتح ياسر عينيه في صدمة فاستطرد أبو فيصل و هو يشد على يده أكثر : يكفي انك ما كسرت كلمتي فـ يوم و انك تدور على راحتي وين ما كنت .. انت ولدي اللي ما جبته يا ياسر .

رمشت عينا ياسر في تأثر و امتلأ حلقه بدموع حبيسة ، اقترب منه أبو فيصل و قال بنبرات راجية : و الحين .. اذا كنت صدق تعزني علمني و اشلون آذاك الكلـ* .

سرت رعدة خفيفة في أطراف ياسر و شعر بها عمه ، غمم ياسر : عمي أنا مـ

بتر عبارته و هو يبحث عن كلمة يتم بها حديثه ، هتف عمه بحزم : أنا موب غبي لهالدرجه و متأكده ان ذاك الحيوا* سوالك شي .. علمني و ريّح قلبي يا يبه .. علمني الله يخليك .. قلي و اش اللي سواه لك .. قلي واش اللي بينكم ؟؟ .

أغمض ياسر عينيه و قلبه يشكو الألم .... ماذا يقول ؟؟ بماذا يعترف ؟؟ أيحطم قلب عمه و يصدمه صدمة العمر بكشفه لمصائب ابنه ؟؟ أم ماذا يفعل ؟؟ .

رفع أبو فيصل صوته المشوب بنبرة عصبية : يـــــــاســر.. ان ما نطقت .. بتأكد ان فارس المسؤول .

تنفس ياسر الصعداء و خناجر الألم تطعن روحه ، حرك شفتيه ببطء محاولاً الحديث .. و لكن انهارت عزيمته بغتة ، ضعف شديد يسيطر عليه و يمنعه من الكلام ، تراجع أبو فيصل في مقعده و التزم الصمت للحظات قبل أن يغمم : انت تتوقعني بنصدم .. لا .. أنا أدري إن الموضوع متعلق بعروب .

جحظت عينا ياسر في صدمة شديدة و هو يحدق في عمه ، الذي هز رأسه بأسف و هو يتمتم : عزام بلغني .

شعر ياسر بالاختناق .. أخـــــــــــبــــره ؟؟ و لكن كيف ؟؟ أيعقل أن عروب حدثته بالقصة كلها في هذا الوقت القصير؟؟ .

أردف أبو فيصل بأحرف تنزف قهرًا و غلاً : انت موب أول واحد يتقاتل معه .. تذكرت مطاقة عزام أيام العزا و حلّفته انه يعلمني بالسبب .. و قلي كل شي .

لم يفهم ياسر شيئًا .. معركة ؟؟!!! .. العزاء ؟؟!!!انتفض قلبه انتفاضةً كادت تمزق ضلوعه و هو يحلل الكلمات .. عـــــــــــــروب و فـــــــــــــــارس ؟؟!!!! .

اعتدل أبو فيصل واقفًا و هو يقول بخفوت : ما يخالف .. أنا كذا تأكدت من شكوكي .

و استطرد بصوت صارم مهيب : و الله ما بسامحه.

استدار عائداً إلى الباب ..

: عمي .

أطرق أبو فيصل برأسه لحظة ، قبل أن يلتفت إلى ياسر قائلاً : سم .

تحدث ياسر بضعف : موب فارس اللي أطلق علي .

زوى عمه ما بين حاجبيه في حيرة : اشلون ؟؟ .

أردف ياسر قائلاً : أنا صحيح لحقت فارس هناك و صارت بينا مطاقه و وقت ما كنت أتقاتل معه .. سمعت صوت سياره .. لكني ما اهتميت .. و بعد لحظه بسيطه .. سمعت صوت واحد ينادي باسم فارس .. و ما دريت إلا بشي يضرب فـ ظهري و طحت على الأرض .. و يوم صحيت لقيت نفسي فـ المستشفى .

ساد الصمت للحظة ، ثم هز أبو فيصل رأسه بتفهم و هو يغمم : براحتك .. لكن ما في شي بيخليني أسامحه .. تركه لك فـ ذاك المكان و انت مصاب أكبر دليل على خبثه الحقير .. لكن أنا أوريه قدره زين .

نهض من مكانه و ياسر يتبعه ببصره في قلق ، ابتسم أبو فيصل مهدئًا : لا تشيل هم .. و اسمح لأمك و أخواتك يزورونك .. تراهم قلقانين عليك واجد .

امتقع وجهه و هو يهمس باقتضاب : إن شاء الله .

و دّعه أبو فيصل و خرج .. و في عقله مئة فكرة .. تنتظر التنفيذ .

أسبل ياسر عينيه و هو يقبض على أصابعه و يقاوم هيجانًا داخليًا هادرًا ، همس بصوت مخنوق : سامحني يا عمي .. سامحني .. لكن والله و الله .. وربي في سماه

وضغط على حروفه و القهر يعتصر قلبه : لو رجعت أمشي ما بيمنعني من قتله شي .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


فيلا وجدي


00 : 8 مساءً



وضعت كوب القهوة السوداء جانبًا و قالت و هي تتحدث في السماعة : إيوه يا رهام .. كلمتها خلاص .. إيوه ... بكره راح أكون عندها و أشوف اش اللي تقدر تسويه ... ما أدري .... لا ... هذي أول مره .. بس ميسون مدحتلي شغلها كثير ...... لسا بنتفق على السعر و بشوف طلباتها..... ما أدري ... بس لا يقل عن خمسين ألف .

انفجرت بالضحك و هي تهتف : طبعًا قليله فـ حق إني أتخلص منه الـ #########.

التفتت إلى الباب و ابتسمت و هي ترى القادم الذي سار ببطء و جلس إلى جوارها ثم أحاط كتفيها بذراعه ، ابتسمت له و هي تقول للأخرى : خلاص .. أشوفك بعدين .. باااااي .

و أغلقت الهاتف و هي تلتفت إليه قائلةً : إيوه .. وينك من الصباح يا سي فوزي ؟؟.

ضحك وهو يربت عليها : موجود يا سوسو .. بس انشغلت مع وجدي فـ كم شغله .

ثم تراجع في مجلسه و هو يسألها : هاه .. أكدّتي سفرتك على باريس بكره ؟؟ .

مطت شفتيها و هي تداعب خصلة من شعرها : إيوه خلاص .. الساعه وحده الليل طيارتي .

و زفرت و هي تضع رأسها على كتفه و تهمس بدلال : ليش ما تبغى تطلع معايا ؟؟!!!.

ابتسم و هو يمسح على شعرها : قلتلك يا قلبي عندي 3 صفقات عمل و ما أقدر أضيعها .. و بعدين روحي غيري جو أسبوع بعيد عن الكل .. و بالمره ترجعين ودماغك فاضي و تقدرين تخططين على الـ ##### بمزاج رايق .

ضحكت بدلال و هي تهتف : على قولتك .

: فـــــــــــــوزي .

انتفض و هو يلتفت إلى الباب و هتف بضيق : انتا ما تعرف تدق الباب ؟؟ .

لوح وجدي بيده بلا مبالاة مغممًا : أقول اخلص و خلينا نمشي .. الفلوس ما تستنى .

و غادر المكان و الآخر يمط شفتيه و هو ينهض قائلاً : معليش يا قلبي .. مضطر أمشي دحين و برجع على هنا .

ابتسمت بهيام و هي ترسل له قبلة في الهواء : تروح و ترجعلي بالسلامه يا قلبي .

لوح لها مودعًا ثم لحق بوجدي .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


فيلا عباس رأفت


00 : 8 مساءً


دلف إلى حجرة مكتبه الكئيبة بقامته الطويلة و جسده المتوسط ، حك رأسه الذي ابتلع الصلع مقدمته حتى المنتصف ، و باليد الأخرى أمسك هاتفه المحمول و هتف قائلاً : لااااا ما بلغت أحد .. ناقص غثا انا .. خليها تنفلق هيا و عيالها .

تعالى رنين الهاتف القابع على المكتب و الذي يصله بالحارس مباشرةً ، عقد جبينه و استطرد في حديثه : أقلك فارق عني دحين .. الظاهر الشغل ملاحقني حتى في إجازتي .

أغلق السماعة و توجه إلى المكتب ليرفع الأخرى بعصبية : نــــــــــــعــم؟؟!!! .

: في واحد اسمه تركي بن الوليد يـ

جحظت عيناه و صاح : مــــــــــــــــــــــــــــيــن ؟؟!!!!!!!!!! .

: تركي بن الوليد يبغى يقابلك ضروري .

زمجر بعصبية و صرخ : الله يآخذك يا حيوا* .. انتا أصلاً ليه قلتله ان العنوان صح ؟؟!!!!!.. صرّفه .. قله مو فيه .. خرج .. راح .. أي شي .

أغلق السماعة بعنف و أطفأ إضاءة الحجرة قبل أن يركض إلى النافذة المطلة على الشارع و تحديدًا على الباب الرئيسي للفيلا ، و رآه ..

~ تركي ~

الذي أنهى من حديثه مع الحارس و عاد إلى سيارته مجددًا ، قبض عبّاس على كفه في حنق و همس : الـ##### .. اش اللي جابه دحين .. اش معنى لمّا شرد حسن ؟؟؟.

تابع السيارة حتى غادرت المكان ثم توجه إلى مقعده و جلس عليه و هو يهمس : الظاهر إنه منصّب شياطين ..أقص يدي اذا ما كان عارف إني المسؤول .

استرخى في مقعده قبل أن .. ينفجر ضاحكًا بسخرية : و الله لأجننك إلين تنفذ كلام أبوك بحذافيره.

و تحسس الحقيبة السوداء التي أمامه و همس بخبث : و بعدين يا روحي .. تجيك الصدمه الحقيقة .

و انخرط في ضحكه مجددًا ..


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


جده


سيارة تركي


في نفس اللحظات



همس محدثًا نفسه : طيب يا عبًاس .. حركتك هذي أكبر دليل على إنك خايف و متأكد اني عرفت بمصيبتك ..لكن هين .. أنا أعرف كيف أطلع كل شي من عيونك .

التقط هاتفه على الفور ، و وضعه على أذنه بعد أن طلب الرقم : ألو .. ياسين وينك ..؟؟؟.......كيف؟؟........ لسا في الرياض ؟؟!!!!!!!!!!..... قصدك مؤتمر الـ **** ***** ***** ........... طيب اسمعني .. اترك كل شي في يدك لـ عبد الملك و اركب أول طياره على جده ........بسرعه ..أحتاجك ضروري.

أنهى المكالمة ثم قبض على المقود بعصبية عندما تذكر .. أنه يملك ذلك الملف الذي يسيل لعاب حسن للحصول عليه ، و بالتالي لا شك أنه سيحاول البحث عن ابنته ليغسل مخها .. و الخبيث سيفعل المستحيل ليحقق ذلك .

اشتدت ملامح وجهه أكثر و هو يتذكر تلك الــــمـــكـــالـــمــة ، همس بحنق : ما في مفر .

و انطلق بسيارته إلى حيث يكره .. إلى ..

الـــــــــــــــــــبـــيـــت الأخـــــــــــــــــــضــر .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


يُـتــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــ ع
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية رواية بعثرت أرواح عاشقة للكاتبة إكراموا Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 31 March 30, 2015 05:47 PM
رواية وش فادني صبري ومقطان الحنين اللي سرق عطري سنين للكاتبة أنا روح حال Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 64 March 20, 2015 04:05 PM
ملخص رواية سلالم النهار -رواية للكاتبة فوزية شويس السالم Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 May 8, 2014 10:41 AM
تعرفي علي مراحل نمو الجنين في الثلاث شهور الاولى Yaqot امومة و طفولة 0 April 19, 2014 03:32 PM


الساعة الآن 08:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر