فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم March 18, 2015, 12:47 PM
 
رواية بعد الغياب للكاتبة أنفاس قطر

أضع بين أيديكم تجربتي الأولى في كتابة الرواية.. أعتقد أنها تجربة مختلفة جدا..والرأي الأول والأخير لكم.. أنشرها بنفسي في عدة منتديات بالتزامن معا.. ولكن في حال رغب أحد القراء الأفاضل في نقلها لا مانع لدي، ولكن أتمنى ألا ينسى اسمي فقط #أنفاس_قطر#

بعد الغياب

الجزء الأول

- أوووووف..البنات اليوم جننوني..
كانت هذه هي جملة الدكتورة جواهر اللي قالتها، وهي تطلق تنهيدة طويلة، وتحط شنطة لابتوبها على طاولة مكتبها بيد، وتخلع نقابها باليد الثانية، وتعلقه على الشماعة القريبة من مكتبها.
ردت عليها زميلتها وصديقتها المقربة الدكتورة نجلاء اللي قاعدة وراء مكتبها، وتقلب أوراق في يدها، وهي تبتسم بإرهاق: ليه عسى ماشر؟؟
لفت جواهر وجلست على كرسي المكتب، وهي تحرر شعرها الأسود الناعم والكثيف اللي يوصل طوله لتحت أكتافها بشويتين من الشيلة ومن الشباصة وتنثره على أكتافها ليرسم سواد شعرها الحريري المسترسل مع صفاء بشرتها المصقولة الشفافة لوحة مبهرة يعجز أعظم رسام عن رسمها لأنها من صنع الخالق، وسبحانه جل شانه ما أبدع ما صنع في هذه الأنثى الاستنائية.
(لا أميل مطلقا إلى فكرة البطلات الخارقات الحسن، وكأنه لا يوجد في عالم القصص عاديات الجمال، ولكن لجمال جواهر هنا ضرورة قصصية ملحة ستعرفونها لاحقا/ #أنفاس_قطر#)
وتقول جواهر وهي تعدل جلستها: محاضرتين ورا بعض والبنات كلهم يقولون: تكفين دكتورة الجو حلو ومغيم، خلينا نأخذ المحاضرة برا في الحديقة، أو طلعينا بدري، دخلوا في مخي، حنانات درجة أولى، الله يعين أهلهم عليهم.
ردت نجلاء وهي ترتب الأوراق وتدبسهم ببعض: هذا عشان أنتي معطتهم وجه، ومدلعتهم.
كشرت جواهر بابتسامة: إذا أنا مدلعتهم أنتي شنو؟؟ ، أنا أحترمهم وهم يحترموني، أمسك العصا من النص.عشان عمر التدريس الجامعي ماكان كبت وكسر لشخصية الطالب الجامعي، وفي نفس الوقت موب تسيب وفلتان.
نجلاء بصوت مرهق: خلاص عمتي جواهر فتحت موضوعها المفضل، من بيسكتها؟!
ابتسمت جواهر ابتسامة واسعة بينت أسنان رائعة في بياضها وتناسقها من خلف شفتين ناعمتين مكتنـزتين..ابتسامة ساحرة تجسد الفتنة الأنثوية في أوجها، الأنوثة الناضجة الممتزجة بملامح براءة غامضة تصنع سحرها الخاص بها هي فقط: يا قلبي يا نجلاء، التدريس الجامعي أنه إحنا نصنع شخصيات واثقة وملتزمة واستقلالية في ذات الوقت، أعرف إنها معادلة صعبة بس موب مستحيلة.
- واللي يخليج جيجي ماني ناقصتج اليوم. حمادة مسهرني البارح حرارته 40، واضطريت أنزل وأخليه عند عمتي عشان امتحان البنات اليوم، وجايه مواصلة بدون نوم.
- تدرين نجلاء إنج بايخة، وثقيلة دم، وماعندج سالفة.
- وليه كل هذا يا دكتورة؟.(قالتها نجلاء وهي تبطل عيونها بكسل)
- تطلعين وتخلين حمودي تعبان، عشان امتحان وأنا موجودة!! كان أرسلتيه مع السواق لي، وأنا برسم الخدمة: أحضر بدالج المحاضرة وأوزعه عليهم.
- فديت عمرج يا جواهر، بس إذا كان حبيبك عسل، ما أبي أثقل عليج، كفاية محاضراتي اللي حضرتيها بدالي الأسبوع اللي فات، مالي وجه، وجهي طاح، ياوجه استح.
- والله ثم والله تقومين تروحين لبيتج الحين، وإلا هذا أخر ما بيني وبينج، قومي طسي لبيتج، وهاتي الامتحان.
- بس يا جواهر......
- مافيه بس..هاتيه.. يعني أنا وش وراي أستعجل عليه...(وتنهدت جواهر بحسرة)
- كله منج، لو تبين كان تزوجتي من زمان، واليوم قبل بكرة، وبكرة قبل اللي بعده.. أخوي مخلي خطبته مفتوحة. وصحيح أخوي مافيه منه، بس ألف غيره يتمنونج.
ضحكت جواهر ضحكتها الصافية اللي تشبه رنين أجراس الكريستال الفاخر، واللي لو كان رجّال هو اللي سمع رنين ضحكتها كان تكهرب220 فولت وضربه زلزال بقوة 8 درجات على مقياس ريختر: عدااال.. اللي يسمعج تقولين خطاب، يقول بنية أم 18، أنا عجّزت ياقلبي، بعد كم شهر بيصير عمري 31، يالله حسن الخاتمة بس.
قالت نجلاء وهي تجمع أغراضها عن المكتب وتلبس عبايتها: أنتي والله اللي قليلة خاتمة، شنو 31، يعل 31 جاموسة تترفس في بطنج يمكن ترجع لج عقلج، أنتي قمر يا بنت، تعرفين شنو قمر، أنتي ماعندكم مرايا في بيتكم، وعادج في عز شبابج وأنوثتج...... الحين ماني متفرغة لج، بكرة نتفاهم، خذي الامتحان، وتراهم مجموعة 2 اللي محاضرتهم بعد ربع ساعة.
تنهدت جواهر: لا بكرة ولا بعده، روحي لحمودي، وانا بأمر عليج العصر، أتطمن عليه.
خذت جواهر الأوراق من نجلاء، ورجعت تجلس وراء مكتبها، وهي تراقب بهدوء ومودة نجلاء،
وهي تلبس عبايتها وتشد شيلتها على رأسها وتثبتها عدل..تدخل شعرة طايرة، وتلبس نظارتها الشمسية،
كانت ملامح نجلاء الهادئة الحنونة تذكرها بملامح أمها الله يرحمها، صدق إنها ملامح يمكن ما تلفت انتباهك ببساطتها وكونها تمر عليك كل يوم، لكن لما تعرف أصحابها ينقشون أنفسهم في القلب نقش، بحضورهم الإنساني المتسع اللي على قد امتداد الكرة الأرضية.
حست جواهر بنغزة جامدة في عمق قلبها، مو قادرة لحد الحين تتجاوز وفاة أمها رغم مرور أكثر من سنة. تكره الرجعة للبيت لأن كل زاوية من زواياه فيه ريحة أمها وذكراها وهمساتها، لولا وجود أخوها اللي أصغر منها عبدالعزيز في حياتها، كان يمكن جنّت بعد وفاة أمها مع الذكريات القديمة اللي مو راضية ترحم قلبها وكيانها، واللي كانت أمها تلهيها عنها شوي..
عبدالعزيز البلسم الشافي الحنون، بقلبه الطاهر، بروحه المرحة.. لاشعوريا ابتسمت وهي تتذكر تنكيت عبدالعزيز عليها: ما يسميها إلاَّ الزرافة، عشان طولها 173، بينما هو قصير شوي، طول طفولته كان يتمنى يكون طويل طويل مثل........ هزت رأسها بعنف وكأنها تحاول نفض ذكرى "الطويل" من رأسها.. لكن غصبا عنها ذكرى "الطويل" حضرت بعنف، مثلها مثل كل أحزانها اللي ما تغادرها ولا لحظة.
رجعت ذكراها لحوالي 18 سنة ورا، وبنات المدرسة يضحكون عليها ويقولون: صدق يقولون إنج بتاخذين واحد (مرت بباي).. ضحكت من مصطلح (مرت بباي).. لكن الضحكة الميتة الـمُنتزعة من خواء قلبها أعقبها شهقات وشهقات وبكاء عنيف. قامت جواهر تقفل بسرعة باب المكتب، لا يدخل عليها حد من زميلاتها أو الفرّاشة، استعاذت بالله من الشيطان الرجيم، ومسحت وجهها بمناديل المكياج اللي معها بشنطتها، وقربت الزبالة منها ومسحت وجهها بماي بارد، بعدها طالعت في المرايه اللي بمكتبها وحطت ماسكرا على السريع على رموشها الطويلة الكثيفة، وحطت غلوس في محاولة أنها تخلي شكلها فريش وتخبي أثار البكاء، بعدها لبست شيلتها ونقابها، وخذت امتحان طالبات نجلاء وطلعت بعد ما قفلت باب مكتبها هي ونجلاء من برا.
**************

في بيت نجلاء، كانت عمتها (أم زوجها جاسم) جالسة في الصالة اللي تحت، وفي حضنها ولد ولدها، الولد مريض وحرارته مرتفعة، وينادي أمه، و وأم جاسم حاضنته بحب وتقرأ عليه آيات من القرآن، وتنفث على وجهه، وتمسحه بماي بارد، دخلت عليهم نجلاء مثل الصاروخ، دنقت على رأس عمتها وباسته، وشالت الولد من يدها، وهي تقول بقلق: أشلونه يمه؟
هزت أم جاسم رأسها: تعبان يمه، فديته ما نزلت حرارته كلش ويناديج، قومي وديه المستشفى.... إيه قبل أنسى ترا جاسم كلم ويقول بيتأخر كم يوم..
انتفضت نجلاء: عسى ما قلتي له شيء عن تعب حمودي، ما نبي نخرعه بدون سبب.
ردت أم جاسم بهدوء: لا ما قلت له شيء، بس هو خنت حيلي كأنه حاسس بشيء، كل شوي يقول أنه أنتي مو عوايدج تكلمينه باختصار ومستعجلة كذا.
- يوووه يمه، تدرين أنا ما أعرف ما أخبي، أكلمه بسرعة، أخاف يشدد في السؤال عن حمد أخورها، وأهل الأولي والتالي، ويزعل أنه صار له كم يوم تعبان وأنا ما قلت له. يالله أنا طالعة للمستشفى... ثم نادت نجلاء بصوت عالي ومستعجل:ماريا يالله نادي السواق وأمشي معاي نروح المستشفى. التفتت نجلاء تكلم عمتها: مسكينة ماريا توها جابتني من الجامعة، يمكن مالحقت تأكل شيء.
- ابتسمت عمتها ابتسامة مرهقة: يالبي قلبج يا نجلاء، مالوم جاسم في حبج، شايلة هم خلق الله.
- هذولاء في ذمتنا يمه ومسؤلين عنهم يوم الحساب. اللهم ثبتنا يارب وخلي لي وليدي وعافه يارب العالمين.
- آمين..أي مستشفى بتروحين يمه؟؟
- ما أدري يمه، يمكن عيادة الدوحة، وإلا طوارئ السد، بأشوف.
******************


في نفس اليوم في قاعة من قاعات جامعة قطر، البنات يدخلون القاعة باقي على المحاضرة دقايق، 3 بنات يمشون مع بعض ثنتين لابسين عباياتهم ونقاباتهم والثالثة بعباية وشيلة، دخلوا مع بعض للقاعة وهم يسولفون، وجلسوا في الصف الأول، خلعوا البنتين نقاباتهم ودخلوها في الشنط، وطلعوا المرايا يتأكدون من أشكالهم، وضبطوا الغلوس على شفايفهم.
سحبت فاطمة المراية من مها: عطيني أشوف شكلي.
رجعت مها مرايتها في الشنطة: وقالت: مهوب حولي، يا أنااا ياااو، تبين تشوفين شكلش، مفرعة 24 ساعة وكاشفة الخشة الشينة، وش اللي بيخرب شكلش.
ردت فاطمة عليها وهي تمد لسانها لها: محترة مني ومن خشتي الحلوة، ياالقردة.
ردت عليها مها: القردة جابتها أمش مع احترامي لخالتي أم صالح.
- أنا قردة يالسحلية.
- سحلية يالضب.
- شنو ضب هذا، صج بدوية.
قبل ما ترد مها اللي كانت تجهز الضربة القاضية، مسكت منيرة إيديهم: تايم آوت، الحكم وصل، عقب المحاضرة، نكمل الجولة، لا ألب كل وحدة منكم على علباها.
قالت فاطمة: إلا صج الحكم العود وينه، وين الدكتورة ما وصلت للحين؟؟
منيرة: إيه والله!! مهوب عوايد عين السيح.
مها: أنتي وعين السيح!! صايرة دواس على أخر الزمن، باقي مانع وخطر ونكمل مسلسل الحيالة.
منيرة: هذا حنا كملنا، مانع أنتي وخطر فاطمة.
فاطمة: بسم الله علي، مالقيتي إلا خطر.
ضحكت مها: ايه والله فيها منش لمحات، بس حرام.. أمش تكرم عن حكيمة.
ضحكت فاطمة: زين حشمتي أمي.
مها: أفا عليش كله ولا الكبير، أحطه على رأسي، بس أنتي وخويتش اللي وراش حثالة مجتمع، ماتستاهلون الاحترام.
منيرة: رجعت مها أم لسانين علي.. مو منس إلا من بلاوي الريجيم اللي تشربينها ياالدبة، أنتي وراس ما تحترمين عمتس منيرة؟
مها: عمت عينش، قولي آمين.... إلا صدق تأخرت دكتورة جواهر، نطلع وإلا نتناها؟؟
فاطمة: شنو نتناها هذي؟؟
منيرة: نتناها نتناها ؟؟سبع سنين مخاويتنا وماحفظتيها، خلينا نسوي ترجمة:أمممممممم يعني ننطرها..ياالمسبهه على قولتكم.
فاطمة:هاه ننطرها، مافيه داعي ننطرها لأنها كاهي وصلت، ومافيه مسبهه غيرج.
فاطمة ومها ومنيرة صديقات من أيام الأعدادية، وفي الجامعة دخلوا نفس التخصص، كانوا مثل روح توزعت في ثلاث أجساد، كل وحدة منهم تفهم الثانية بدون كلام، وكل وحدة منهم تكمل شيء ناقص في الثنتين الباقين، كانوا نموذج نادر للصداقة الفريدة.
دخلت جواهر القاعة بعد تأخير عشر دقايق، دخلت مستعجلة وهي تحط لابتوبها على الطاولة وتخلع نقابها، وتقول: السلام عليكم بنات، آسفة جدا على التأخير، طالبات دكتورة نجلاء تأخروا وهم يحلون الامتحان، وأنا ما حبيت أعجلهم، ودكتورتهم موب عندهم.
همست منيرة لفاطمة: يا لبا قلبها.. حنينة من يومها، يا جعلني فدا لسبدها وعيونها اللي تذبح.
مها همست لفاطمة اللي جالسة في النص: قولي للي جنبش تلايط وتسكر حلقها المخنـز، تدرين الدكتورة ما تحب الكلام الجانبي على قولتها.
فاطمة لمنيرة: تقولج مها تلايطي وسكري حلقج المخنـز، وماعلى الرسول الا البلاغ.
منيرة: زين شغلها عندي.رفعت منيرة صوتها: احم احم دكتورة دكتورة.
التفت عليها جواهر: نعم منيرة تبين شيء؟
ابتسمت منيرة بخبث: مو أنا اللي أبي، هذي مها تشرب على الريق شاي ريجيم، وشكله بدأ مفعوله، ومستحية تستأذن.
ضحكت جواهر ضحكة مكتومة وقالت: اطلعي مها لو تحبين.
مها مثل اللي صبوا على رأسها ماي بارد، وجهها صار إشارة مرور، مها على طولة لسانها مع صديقاتها، إلا أنها تستحي موت وخصوصا من اللي أكبر منها وخصوصا الدكاترة.
بصوت فيه البكية: لا دكتورة مافيه شيء. والله ما أبي أطلع.
ابتسمت جواهر لها برقة: خلاص براحتج، نبدأ درسنا.
شبكت جواهر اللابتوب بجهاز بروجكتر/الداتا شو ووجهته على الوايت بورد، في الوقت اللي كانت مها تخز منيرة وتتوعدها. وتأشر لها الاشارة الشهيرة وهي تمرر يدها على حلقها.


في نفس اليوم بالليل، وفي بيت من بيوت الدوحة، كانت الأضواء والكشافات تضيء الحديقة الواسعة المنسقة بذوق رفيع، وخلفها تظهر الواجهة الرخامية للفيلا المتوسطة الحجم والتي يظهر فيها هي أيضا ملامح الذوق الشديد الرقي والخصوصية.. في الحديقة على كرسي خيزران تجلس بهدوء ووداعة وعيونها مسكرة، وهي تضع شال صوف على أكتافها، ما حست فيه وهو يقترب بحذر، ويجلس على الكرسي المقابل لها.. يتأملها بهدوء، حاس بحزنها ويأسها مثل السكاكين اللي تنغزر بقلبه بدون رحمة، يحاول دائما أنه ينسيها حزنها، بس عارف إنها حتى لو مثلت عليه السعادة، أن حزنها أصبح جزء من تكوين شخصيتها. كانت العلاقة بينهم علاقة فريدة: كانوا أشبه بالتوأم حين، أب وبنته حين، أم وولدها حين ثالث، كان الفرق بينهم ست سنوات.
تنحنح بهدوء، وقال وهو يهز ذراعها بحنية: أم عبدالعزيز، أم عبدالعزيز.. قومي فديت قلبج أنا، الجو بارد عليج.
قامت جواهر وهي مفزوعة وتسمي بالرحمن: خرعتني الله يقطع أبليسك، وألف مرة قايلة لك لا تناديني أم عبدالعزيز. قالتها وهي تضربه ضربة خفيفة على كتفه.
تصنّع الحزن وقعد يمسح دموع وهمية: أفااااا.. ما تبين أقول لج أم عبدالعزيز، عيل من أمي؟؟
تنهدت جواهر: لا تفتح جروحي واللي يرحم والديك، أنت عارف أنا وش أقصد، إذا رجع عبدالعزيز، قول يا أم عبدالعزيز.
تنهد عبدالعزيز تنهيدة أطول، وهو يمسح لحيته المتوسطة الطول، اللي تزين وجه لطيف الملامح: ليه هو جروحك تسكرت عشان أفتحها. ما أدري أنتي متى بتنسين وتكملين حياتك طبيعي، لمتى وأنتي تنطرين عبدالعزيز وأخته؟؟
طالعته جواهر بحدة: ياه على هالموال اللي ما يخلص، ومن قال أني ما كملت حياتي طبيعي، هذا أنا كملت دراستي وعوضت فترة الانقطاع، ومو بس دراستي إلا خذت ماجستير ودكتوراه وفي زمن قياسي، وكاني أستاذة جامعة، يعني حياتي ما وقفت بعد اللي صار.
ابتسم عبدالعزيز بضعف: جواهر مو علي هالكلام، لو تخبين على الدنيا كلها أنا لا.. لمتى هالحزن؟؟ مو أنتي أول أم تفقد عيالها؟ الدنيا لازم تمشي، والبقاء لله، وأنتي إنسانه مؤمنة ومصلية. الموضوع صار له سنين طويلة، كل شيء في الدنيا ييدأ صغير ويكبر، إلاَّ الحزن يبدأ كبير ويصغر، وأنتي حزنج شاب بقلبج.
كانت جملة عبدالعزيز القشة اللي قصمت ظهر البعير، من بعد وفاة أمها -اللي كانت شاغلتها بمرضها وحاجتها للعناية الدائمة- وإحساسها بفقد عيالها متضاعف، وكانت تتجنب فتح حوار من هالنوع مع عبدالعزيز اللي كان طول عمره مرايتها، اللي تشوف نفسها فيها. انهارت جواهر فجأة على الأرض كأنها كانت تحمل جبل على كتفها ينتظر انهيارها، انتحبت بعنف: أبي عيالي يا عبدالعزيز، أبيهم، أبيهم،لو هم عند ربي أبي أموت أبي أشوفهم. ليه ياربي ما خذتني معهم، ليه ما خذتني مع أمي؟؟
نزل عبدالعزيز على ركبه وهو يحضنها بقوة ودموعها غرقت كتفه: جواهر ياقلبي استعيذي بالله من الشيطان، وش هالكلام؟؟ وأنا بتخليني لمن؟؟ يهون عليج حبيبج عزوز.
مسحت جواهر وجهها بظهر كفها: أنت بتتزوج قريب، وبيكون لك حياتك، بس أنا خلاص مالي حياة.
شدها عبدالعزيز من يدها وقومها وهو يدخلها للبيت: شنو مالج حياة،جامعتج وطالباتج وطموحاتج، وقبل كل شيء أنا وانتي.. بنظل طول العمر مع بعض، وإذا ما تبين تتزوجين خلاص بكفيج، أحسن، هذا الله يحبني، رزقني أنا ونورة (بيبي ستر) تربي عيالنا ببلاش،، لا وخوش بيبي ستر، مزيونة ومعاها دكتوراة، وين نحصلها ذي إلا في الأحلام. سوبر ناني جات برجولها.
ضحكت جواهر ضحكة قصيرة مبحوحة، ابتسم عبدالعزيز: جعلني ما خلا من هالضحكة، قولي أمين.
مسحت جواهر وجهها، وهي تجلس على الكنبة: ولا يحرمني منك، ومن شوفة عيالك، تعال تعال أجلس جنبي وأنا أمك. جلس عبدالعزيز جنبها وهو يحط غترته اللي بدون عقال على الكرسي.
حاولت جواهر بفشل أنها ترسم ابتسامة وهي تسأله: شأخبار شغلك؟؟
- يسرك الحال
- والعرس.. متى نويت إن شاء الله؟ ترانا طولنا على الناس. صار لكم متملكين سنة ونص، من يوم ألغي زواجكم بعد وفاة أمي ما حددنا موعد جديد.
- متى ما بغيتي أنتي؟
- خلاص خلني أشوف القاعات وحجوزاتها، وأشوف رأي خالي وأم فهد.
- أنتي خيطي وأنا ألبس، بس أنتي أكيد عارفة أني ماراح أدخل عند الحريم وهالسوالف التعبانة؟؟.
- أكيد أدري بدون ما تقول.
- بس الشيء الثاني أني ما أبي نورة تجلس قدام الحريم بعد.
- أنت وفهمناها، ونورة ليه بعد (قالتها جواهر وهي تخزه باستفهام)
- لأنه جلسة العروس قدام الناس ماهوب في الشرع، وأنتي عارفة.
- بس صار عادة، وأنا ما أحب أكسر بخاطر بنت خالي.
- أنا بعد ما أحب أنه ينكسر خاطرها، قولي لها هذي رغبتي، ولو هي تبي تجلس خلاص براحتها.
- ياقلبي عليك يالحنون، يا حليلك يا عزوز، والله أنك بتصير عريس الموسم.
- وليه يعني؟؟
- عريس لابس ثوب شانيل؟؟ وضحكت ضحكة ناعمة مازالت رنة البكاء واضحة فيها.
- شنو شانيله بعد؟؟
- خلاص عديها، الله يثبتك على طاعته.
- آآآآآآآآآآمين، وياج. هاه أشلون النفسية الحين؟
- خلني أنسى ياعبدالعزيز يومي قبل يومك.
- المشكلة أنه أنتي ما نسيتي، واللي أنا خايف منه أنه أنتي تكتمين بصدرج، فضفضي لي وانا أخوج، ليش كل شيء تكلميني فيه بارتياح، إلا لما نوصل لموضوع عيالج، 20 سنة وانتي صاكة عالموضوع في صدرج.
- 17 وشهرين يا عبالعزيز، 17 وشهرين يا خالهم. قالتها جواهر والغصة أكبر من أنها تبلعها، حاسة أنها بتختنق فيها، وكملت وعيونها هايمة بالسقف،" قبل شهرين كملوا 17 سنة"
حاول عبالعزيز أنه يفرفش الجو: (حد يقول أن هالغزال عنده عيال شباب) لكنها كانت محاولة فاشلة، وندم على الجملة اللي قالها.
لأن جواهر انخرطت في بكاء حاد وهي تشهق: أبيع شبابي المزعوم وعمري وعيوني، عشان أشوفهم مرة.. بس مرة، ليه ياربي قسيت علي كذا، والله ما أذنبت في شيء أستحق عليه هالعقاب؟؟
انتفض عبدالعزيز: استغفري ربك استغفري ربك.
انتفضت جواهر مثل اللي لدغتها حية: اللهم أني أستغفرك وأتوب إليك، آلهي لا تآخذني أنك تعلم بثي وحزني.... أنا أم موجوعة يا عبدالعزيز.. موجووووووووعة موجوووووعة، مو قادرة أنساهم أو أتناسهم، إلا مستحيل، ولا تقول ليه واشلون،والله أحس بريحتهم في الجو، ملمس بشرتهم الناعمة والله بعده بين أصابعي.
قاطعها عبدالعزيز بحدة: أكيد ماراح تنسين، وأنتي كل ليلة ما تنامين إلاَّ على ثيابهم مفروشة على سريرك.
تفاجأت جواهر: وأنت إشدراك؟؟
تنهد عبدالعزيز: يعني بتدسين علي هذي؟!!
تنهدت جواهر تنهيدة حارة منـزوعة من أعمق أعماق قلبها: تدري عبدالعزيز، أنا لو متأكدة أنهم صدق ربي خذ أمانته عنده، كان احتسبتهم عند رب العالمين، وأنت أكثر واحد عارف إيماني بالله، بس هذا التأرجح، الأمل والشك يقتلني، كل ليلة أنام وأنا أحلم أني يمكن يجي بكرة أتصبح بوجيههم. يمكن أضمهم لصدري وأشم ريحتهم..آه ياعبدالعزيز آه ..انحرمت من شوفتهم يكبرون قدامي، انحرمت اسمع أول كلمة، وأشوف أول خطوة، وأتحسس أول سن، وأكلهم أول وجبة أكل، انحرمت من كل متعة تنتظرها الأم بلهفة مع عيالها..انحرمت حتى من أبسط حق، أسمعهم يقولون لي ماما.. آآآآآآآآآه ياعبدالعزيز آآآآآآآآه..انحرمت من طفولتي ومراهقتي، وكان والله ثم والله إنه عندي عادي وأكثر من عادي عشان عيونهم اللي حسيت كأني ملكت الكون لما شفتها بعد ولادتهم، حسيت لحظتها وتيقنت أنهم هم طفولتي وشبابي وكل اللي باقي من حياتي، أنه ربي كأنه خلقني في الدنيا عشانهم،حسيت كأني أطير في السما والله أطير.. آآآآآه ياأخوي وسندي آآآآآآآه، انحرمت منهم ، ونزلت من السما لسابع أرض، الله ينتقم من اللي حرمني منهم، الله يأخذ حقي منه يوم نتقابل أمام وجهه الكريم. الله ينتقم منه.
- جواهر لا تدعين على.......
قاطعته جواهر بعنف بنبرة تنضح بالكراهية: لا تقول اسمه، لا تقول اسمه قدامي.
قال عبدالعزيز بلين: أنتي مثل اللي يمسك في القشور ويخلي اللب، ولو ما قلت اسمه، هو بشخصه حاضر، لأنك كل ما تذكرتي عيالك لازم تتذكرينه معهم.
ابتسمت جواهر ابتسامة خفيفة وهي خلاص تبي تنهي الموضوع اللي استهلك كل طاقتها وانفعالاتها: تعشيت يا قلبي؟؟
تفهّم عبالعزيز رغبتها في انهاء الموضوع مع أنه كان حاب أنهم يتكلمون عشان تفضفض عن اللي بداخلها، لأنه هذي من المرات القليلة اللي تكلمت عن عيالها، قال بحنية: تعشيت ياعلني ما خلا منك، طلعنا أنا والشباب من الدرس، وحلف علينا راشد نصلي في المسجد اللي عند بيته ثم نتعشى عنده، وتوني الحين جاي من عنده.
ابتسمت جواهر وهي تتذكر راشد أكبر شيطان في الفريج وهو صغير ما حد سلم من شره، كان مفلع كل عيال الفريج، بس هو كان بذرة طيبة الله يرحم أمه، ورغم أنه مو مطول اللحية ولا مقصر الثوب مثل عبدالعزيز، إلا أنه شديد التدين والتفقه في الدين مع أنه أصغر من عبدالعزيز ب3 سنين، نفضت الذكرى عنها وهي تقول لعبدالعزيز: يوه كنت بأنسى، بكرة الأثنين أكيد صايم؟؟
- إن شاء الله.
- خلاص بأحط لك سحور في حافظات في الصالة، عشان لا قمت تصلي التهجد تتسحر.
- يا جواهر ماله داعي، توني متعشي.
- إلا لازم.. ليل الشتاء طويل وبتجوع

**************
هذا اليوم كان يوم شبه اعتيادي من حياة بطلة روايتنا.. عجبتكم الرواية أكملها أو أنسحب بكرامتي أحسن؟؟؟
#أنفاس_قطر#
رد مع اقتباس
  #2  
قديم March 18, 2015, 12:48 PM
 
رد: رواية بعد الغياب للكاتبة أنفاس قطر

أولا أشكر كل اللي مروا من هنا وعطروا كلماتي بمرورهم العذب
هاهو الجزء الثاني دليل حسن نية، بعدها سينزل الجزء صباح كل أحد، وأوعدكم بالالتزام
ولا تخافون القصة شبه مكتملة، أنا بس حابة أسمع أرائكم، عشان أعمل تعديلاتي على أساسها

وتفضلوا الجزء الثاني إن شاء الله يعجبكم
وعلى فكرة هالرواية بتمر فيها أحداث ولا عمركم قريتو شبيه لها برواية قبل.


بعد الغياب/ الجزء الثاني/23/12/2008

في نفس اليوم بالليل.
جواهر بغرفتها، تأكدت أنها سكرت الباب بالمفتاح.
بأصابع مرتجفة، فتحت الدولاب، وطلعت صندوق خشب صغير فاخر جدا

أول مافتحته فاحت منه ريحة عود قوية وساحرة.
مسكت الصندوق وهي حاضنته
كأنها خايفة حد يأخذه منها.

جلست على السرير، وفتحت الصندوق بحنية كأنها تلمس مخلوق حي.

طلعت منه قطع ملابس مختلفة لمواليد صغار باللونين الأزرق والوردي.

طلعتهم بشويش وهي تتأكد من كل زاوية فيها أنها سليمة، ما فيها نتش أو قطع.

ظلت تمسح على الملابس وتشمهم
وتهمس لهم بكلمات غير مفهومة
كأنها تمسح على عيالها نفسهم وتكلمهم

بعدها حست أنها خلاص مو قادرة تستحمل الانفعال
حطتهم على السرير وحطت رأسها عليهم
وبدأت دموعها اللي ما تجف تسيل بهدوء، في تكرار لمسلسل ليلي لا توجد له حلقة أخيرة.

وهي على هذا الوضع، رن موبايلها.
انتفضت بعنف ورنين الموبايل ينتزعها من عالمها الخاص.

مسكت الموبايل تشوف من اللي يتصل هالوقت.
كانت نجلاء، حاولت جواهر أنها تتماسك وردت:
- ألو..
- هلا والله بصادقة الوعد.. (نجلاء بعيارة)

- أسفة والله نجلاء بس صار اجتماع في القسم وماطلعت من الجامعة الا المغرب، ودقيت عليج، لقيت موبايلج مسكر. (جواهر بصوت حاولت أنه يكون متماسك.


- ماصار إلا الخير.. إلا صوتج وش فيه؟
- فيه إنج مزعجة وصحيتني من النوم.
- نعنبو.. نايمة الساعة 10 يالدجاجة؟؟
- ليه فيه مانع نجلاء هانم؟؟

- فيه إنج وعديتني تمرين علي ما جيتني، أنا عادي وأدري مالي خاطر عندج، بس حمودي المسكين، أنا قلت له إنج بتجين، والمسكين قاعد متزهب.


- صج كلاكة كذابة، أبو سنة وقاعد يتزهب، لاصار عمره خمس سنين، بيجي يأخذني من البيت على سيارته اللي يسوقها بنفسه.

- أكيد!!! هذا حمد بن جاسم على سن ورمح.
- يا حليلج يانجلاء، زين ينفع أمرج الصبح، ما عندي محاضرات إلا الظهر.
- ينفع ونص، بس تعالي لي بدري، أبي أسولف معج شوي.
- الله يستر منج ومن سوالفج.
- أنتي بس تعالي ويصير خير، والحين تصبحين على خير.
- وأنتي من أهله.

سكرت جواهر من نجلاء ورجعت تسند رأسها على ملابس عيالها وتشمها بعمق

ماعاد فيها إلا ريحة العود اللي هي تبخرالثياب فيه على طول
بس حاسة أنه فيهم ريحتهم وملمس جلدهم

بتموت من الحنين والشوق واللهفة والوجع..
الوجع اللي يمشي في عروقها مجرى الدم، حتى امتلت كل مسامات جسدها فيه..

نبهت منبهها على الساعة 3 عشان صلاة التهجد، وحطت رأسها على ملابسهم، وهي تحاول تنام.

*********


ثاني يوم..الصبح الساعة 9..

في بيت نجلاء.. جواهر ونجلاء قاعدين بمجلس الحريم.

نجلاء بترحيب صادق: ياهلا والله بالشيخة جواهر.
- حياج الله وأبقاج.. هاه وينه حمودي.
- نايم
- وإذا هو نايم أنا جاية عشان من؟؟
- يمه منج، زين احترمي مشاعري الرقيقة شوي، جامليني، حرام كسر الخواطر.
- أنتي شبعانة منج في الجامعة.

- بس أنا ما شبعت منج، أنا الفضول بيقتلني، واليوم صدتج، في الجامعة ما أقدر أسالك براحتي، أخاف البنات يدخلون ، يقطعون السالفة وما ترضين تكملين لي عقب.. وعندي عمتي دايم موجودة بس هي اليوم عند بنتها... وعندج ما أزورج إلا بنات خالج ناطين لنا، اليوم ماراح يفكج مني شيء.


- وش هالموضوع المهم اللي بتموتين وتعرفينه؟؟

- أممممم بصراحة هم موضوعين مو واحد، الأول سالفة زواجج من طقطق للسلام عليكم، أنا بس أعرف إنج تزوجتي وعمرج 12 سنة في سنة الـ 90، بس حتى هذاك الوقت ماعاد الناس يزوجون بناتهم في هالسن الصغيرة، يعني ما كنا الستينات ولا الخمسينات........ الموضوع الثاني: دراستج، أنا أعرف إننج تركتي المدرسة 3 سنين بعد زواجج، أشلون قدرتي تكملين بهالسرعة، وتأخذين الدكتوراة وأنتي عمرج 27، يعني خلال فترة قياسية جدا.

جواهر بتوتر: أشرايج أحكي لج الموضوع الثاني وبلاها الموضوع الأول واللي يخلي لج حمودي.

نجلاء بإصرار: لا لا لا .. الموضوع الأول أهم من الثاني، يا حبيبتي يا جواهر، احنا صديقات وخوات، صح؟؟
جواهر بصدق: والله أكثر من خوات..

نجلاء بحنان: افتحي قلبج يا جواهر ..لازم تتكلمين عشان تتجاوزين حساسية هالموضوع، لو قعدتي مسكرة عليه بهالطريقة، عمرج ماراح تتجاوزين الموضوع..

جواهر بألم: بس الكلام عنه يجرح كل شيء فيني، أنوثتي، أمومتي، وحتى إنسانيتي..

نجلاء بصدمة: لهالدرجة؟؟

جواهر تفرك إيديها ووتتنهد: وأكثر يا نجلاء وأكثر، بس تدرين أنا خلاص بأحكي لج كل شيء، والسالفتين مع بعض زواجي ودراستي، لأنهم مرتبطين..

تنهدت جواهر ومرة ثانية، وخذت الكوشية من جنبها، حطتها بحضنها وتسندت عليها بتعب وهي تقول:

توفى أبوي الله يرحمه وأنا عمري 12 سنة ووقتها كنت مخلصة ثالث إعدادي وفي إجازة الصيف مو في أول إعدادي مثل ما كانوا البنات اللي بسني.

نجلاء باستغراب: أشلون؟؟

جواهر وعيونها تحاكي بحيرة من الألم: تذكرين أنه كان عندنا في قطر من زمان، وما أدري لو عاده موجود أو لا، نظام يتيح للطالب المتفوق أنه يدرس مواد سنة كاملة في الصيف، ويقدم اختبارات مع طلبة الدور الثاني، ولو نجح، يختصر سنة، وينتقل للسنة اللي بعدها.

- ايه صح أذكر..
- أنا كنت شاطرة كثير في المدرسة، ولما كنت في رابع، مدرستي الله يذكرها بالخير، هي اللي أصرت أني أقدم صف خامس في الصيف وأطلع على سادس، لأنها حست مستواي أعلى من مستوى باقي البنات، وفعلا سويتها بمساعدتها ونجحت، وبعدها عجبتني الحكاية، ورجعت سويتها لما خلصت أول إعدادي، ونجحت في ثاني إعدادي في الصيف، وطلعت لثالث، وتوفي أبوي الله يرحمه بعد يومين من اخر اختبار لي في ثالث إعدادي

- والله سالفتج سالفة، وعقب؟؟ نجلاء بتلهف وترقب.


- أبوي كان عنده ولد خالة اسمه محمد، كانوا مثل الأخوان، ومحمد كان مريض الله يرحمه بعد، فأصر على ولده اللي كان توه راجع متخرج من أمريكا، وعمره 23 أنه يتزوجني.
- تكلمين جد؟؟ نجلاء باستغراب

- والله جد.. (جواهر بألم أرجعته الذكرى لها) وكملت جواهر:

تخيلي فرق 11 سنة بيني وبينه، هو كان رجّال وأنا طفلة، بس أبوه أصر، لأنه ماكان لنا حد من القرايب، ومحمد كان خايف علينا، أنا بنت صغيرة وأمي وقتها بعدها بنص عمرها، وعبدالعزيز طفل عمره سبع سنين.

قاطعتها نجلاء: وخالج أبو فهد وينه؟؟ أدري انه اللي تكفل فيكم؟؟

جواهر: انطري علي جايتج في الحكي، خالي أبو فهد، جلا برا قطر وأنا عمري سنتين ، في قتل خطأ، وخاف من أهل القتيل يقتلونه، ولا حد كان يعرف طريقه.

نجلاء: صراحة فيلم هندي..

جواهر بابتسامة حزينة: بعدج ما سمعتي شيء

نجلاء بترقب: كملي بليز كملي.

جواهر: فولد خالة أبوي أصر على زوجي سابقا أنه يتزوجني، عشان يكون مصدر حماية
جعل أمحق حماية، شوفات وبزر على قولة ولد خالة أبوي.

نجلاء باستفهام: إلا صدق عمرج ما قلتي لي اسم زوجج، اقصد سابقا.

جواهر بحقد: ما أحب أقول اسمه، موب لازم. ولو تبين موب لازم أكمل خلاص..

نجلاء: لا لا واللي يرحم والديج ..كملي كملي بليز.

جواهر بتأمل وهي تعصر الكوشية بين يديها:

أمي اقتنعت مع ولد خالة أبوي إن هذا هو الحل الوحيد.. لأنه كنا محتاجين رجّال معانا..
المهم تزوجت بعد وفاة أبوي بشهر واحد،وطبعا بدون طقطقة ولا حتى معازيم،
لانه أمي كانت في الحداد، وكان إصرارهم على الزواج في هالوقت، عشان حد يقدر يدخل بيتنا ويجيب طلباتنا..
وأنا كنت مو مصدقة نفسي... طفلة، مبسوطة بالثوب الأبيض، وإنها صارت عروس...

جواهر رجعت ذاكرتها لـ18 سنة ليلة زواجها وهي تشرك نجلاء معاها في الذكرى كأنهم يشاهدونها معا:

جواهر جالسة في غرفة نومهم
وجهها ملطخ بمكياج ما يتناسب مع عمرها
وهو جالس في الزاوية البعيدة
وجهه مدفون بين إيديه، ظل على هالوضع لأكثر من ساعة، كأنه أسد حبيس، ينتظر إطلاقه من القفص

بعدها وقف فجأة
ارتعبت جواهر عمرها ما شافت حد بهالطول والنحافة
كان بالنسبة لها كأنه عمود نور، خافت وانكمشت على نفسها.

سمعت صوته بدون ما تشوف وجهه
كان صوت رجولي شديد العمق فيه بحة حزن واضحة:
لا تخافين جواهر، ماراح أذيج ولا أسوي لج شيء، أنا مثل اخوج الكبير، أو أبوج لو بغيتي.

بعدها التفت لجواهر بتثاقل
قدرت تشوف ملامحه بوضوح
كان وجهه نحيف..
بس ملامحه حادة مرسومة بإتقان مثل ملامح تمثال أغريقي..

دار في الغرفة عدة دورات
ورجع يجلس على كرسيه وهو يرجع يدفن وجهه بين ايديه..................

قطعت نجلاء سيل الذكريات وهي تقول:
يعني كان أخينا إياه مزيون والموت الحمر.. وبعدين شنو سالفة أخوج وإلا أبوج ذي ، والعيال منين جاو، من الهوا؟؟ ( نجلاء بعيارة وخبث)

جواهر بخجل ممزوج بالحزن: صج قليلة أدب، يعني هذا اللي هامج من الموضوع؟؟

نجلاء بابتسامة: تدرين عاد.. أنا دكتورة جامعة، ولازم كل شيء يمر بمنطقية قدامي عشان أقتنع.. اقنعيني والا مافيه شيء بيفكك من يدي....

قاطعتها جواهر: كل شيء جايج بالحكي، اليوم أنا أنفكت عقدتي الكلامية..

رجعت جواهر تتذكر، وهي تشرك نجلاء معها في ذكرياتها........

جواهر الصغيرة جالسة تشوف التلفزيون مع أمها بانتباه كانت أخبار اجتياح العراق للكويت معبية التلفزيون، وجواهر اللي كان عقلها أكبر من سنها، كانت مهتمة جدا بالاخبار..

دخل زوج جواهر عليهم، وهو شايل أكياس كثيرة، دخلها للمطبخ ونزلهم، ورجع دنق على رأس عمته بعد ماسلم عليهم.

أم جواهر: جهيّر.. قومي يمه رتبي الأغراض اللي جابها رجلج، يا علنا ما نخلا منه.

هو: ولا منج يمه..

قامت جواهر ترتب الأغراض، ولما تأكدت أمها إنها دخلت المطبخ وخلاص ما عادت تسمعهم، التفتت عليه، وهي تسأله باهتمام:

- يمه.. صار لي مدة أبي أسألك عن شيء.. بس مستحية..

رد عليها بجدية: أفا يمه تستحين مني أنا مثل ولدج..

أم جواهر: واغلى من ولدي والله عالم، ودي أسألك عن شيء وجاوبني بصراحة.

- تفضلي يمه..

- من يوم تزوجت جواهر وأنا شايفتك تنام بالمجلس، جواهر مزعلتك بشيء، لو مزعلتك قل لي، جواهر ياهل، وأنا بأعلمها لو هي مقصرة في حقك، مع أني ملزمة عليها ما تقصر فيك.

- كح (هو) متفاجيء من السؤال، وتنحنح: لا يمه جواهر ما سوت شيء، بس على قولتج جواهر ياهل، وأنا أحب أعطيها حريتها شوي، واخليها تتعود علي قبل..

ردت أمها بجدية وتفكيرها تفكير حريم أول: بس جواهر مره كاملة.. وأنت فاهم قصدي..

كح مرة ثانية، وهو يحس أنه بيموت من الإحراج، وحاول يغير الموضوع: إلا حبيبي عزوز وينه؟؟؟

مع إنهاءه لجملته، كان ظهور عزوز المزعج طوق النجاة له من أسئلة عمته المحرجة

نط عبدالعزيز على ظهره وهو يقول: كاني جيت، يالله قوم شيلني خلني ألمس المروحة..

(هو) بمرح: حاضرين كم عزوز بو تمبة عندنا..

عزوز بزعل طفولي: أنا موب بو تمبة، وإذا كبرت بأصير طويل مثلك، لا أطول منك بعد...

جواهر اللي دخلت في هالوقت: إيه إحلم إحلم أنك بس بتصير طويل.. قالتها وهي تمد لسانها له

عزوز وهو راكب على ظهر زوج أخته ويلمس المروحة بانتصار: إيه بأصير طويل مثل (....) وأنتي مو ربي، ربي بيخليني طويل إن شاء الله مو قصير مثلج.......................

رجعت نجلاء تقاطع سيل الذكريات وهي تقول باستغراب:
شنو حكاية قصيرة أنتي كنتي قصيرة يالزرافة..؟؟

ضحكت جواهر ضحكة مبحوحة: إيه والله كنت قصيرة وقصيرة وايد بعد.. أنا اصلا كنت توني بلغت قبل زواجي بثلاث شهور، وما طلت هالطول كله إلا بعد ما جبت عيالي...

نجلاء باندهاش شديد: يعني زوجج الطويل ما عرفج الا وانتي قصيرة؟؟

جواهر بابتسامة حزينة: إيه والله، تصدقين كنت يا دوب يوصل طولي نص صدره، تقريبا يمكن كنت 150 او 155 سانتي..

نجلاء بتمعن: تدرين جواهر سالفتج كل مالها تصير مثيرة أكثر... بليز كملي لي.. وأهم شيء العيال منين جاو يوم إنه الأخ متكي في المجلس؟؟..كملت نجلاء بخبث

رجعت جواهر تتذكر.. وتكمل لنجلاء..

#أنفاس_قطر#
رد مع اقتباس
  #3  
قديم March 18, 2015, 12:49 PM
 
رد: رواية بعد الغياب للكاتبة أنفاس قطر

بعد الغياب/ الجزء الثالث/ 23/12/2008


في مبنى النشاط الطلابي/بنات/ جامعة قطر
الساعة 10 صباحا

مها وفاطمة ومنيرة جالسين على الكنبات..
توهم خلصوا من محاضرة، وينتظرون محاضرتهم اللي بعد ساعة..

فاطمة ويدها على بطنها: يووه.. حدي ميتة من اليوع.. قوموا نتريق..

مها بعيارة: يا ملا الشقاق.. أنتي ما تشبعين 24 ساعة زط متواصل.. ريحي كرشش شوي..

فاطمة وهي تضحك: الشقاق يشق كرشج أنتي يا أم كرش

مها وهي تحسس على بطنها: كله ولا كرشي المصون، هذي أم الشحم واللحم.. العزيزة الغالية اللي ما تبي تفارق مع كل محاولاتي الدؤوب..

منيرة وهي ميتة من الضحك: حلوة الدؤوب ذي.. منين جبتيها مس مهاوي؟؟

مها بضحكة: سرقتها .. من ربعنا قسم اللغة العربية..

منيرة: وخذي ذي.. سرقتها عشانس:
عيون المها بين الرصافة والجسر...جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

مها وفاطمة: الله.. الله.. صح لسانش/لسانج

منيرة: بس لا جيتي للصدق، صحيح اسمس مها، بس مافيس من المها إلا اسمه وبس، أشلون انخطبتي ما أدري، أكيد أهل المسكين غاضبانين عليه، ويبون يعاقبونه فيس..

مها تصنّع الزعل: تهبين أنتي ووجهش.. قومش تبين نظارة وإلا كان شفتي زيني الفضّاح..

منيرة تفرك عيونها، وبعدين تحط يدها على جبين مها، وتصنّع لهجة القلق: من اللي زينه فضّاح؟؟ بسم الله عليس الرحمن الرحيم.. مسخنة؟؟

فاطمة وهي تضحك: مهاوي ماعليج من مناري، في هالجامعة ماعندها حد زين إلا الدكتورة جواهر..

مها وهي تمد لسانها لمنيرة: أنا أزين منش ومن دكتورتش أم عيون..

منيرة بعيارة: كله ولا عين السيح، مافيه في الدوحة بكبرها من يسواها..

فاطمة اللي ما كانت منتبهة معاهم كانت تطالع في بنتين مروا عليهم.. عقبه التفت لمنيرة ومها:
بسبس.. بسبس

مها: بسبس تخرق عيونش وش عندش تبسبسين لنا شايفتنا قطاوة..

فاطمة بهمس: طالعوا البنت اللي راحت تجلس هناك..

مها ومنيرة وهم يطالعون ناحية ما أشرت، وبهمس: أي بنت؟؟

فاطمة: البنت اللي عبايتها فيها تطريز فضي، وشايلة شنطة فضية..

مها: وش فيها؟؟

فاطمة: مو تشابه دكتورة جواهر؟؟

منيرة باستنكار: من هذي اللي تشبه الدكتورة جواهر؟؟

مها: البنية صدق حلوة.. بس مافيه مجال للمقارنة، لاجينا للحق دكتورة جواهر صاروخ مهيب مره..

فاطمة: صج ما تعرفون للشبه.. طالعوها عدل.. صدق مو بنفس جمال الدكتورة.. بس فيه شبه..

مها ومنيرة: ما ندري يمكن.. كملت منيرة.. خلونا نقوم نشرب كوفي قبل المحاضرة..

مها وفاطمة وهم يلقون نظرة أخيرة على البنية اللي كان فيها فعلا لمحة شبه من الدكتورة جواهر: يالله

بعدها شالت منيرة ومها نقاباتهم اللي كانت مطوية على الطاولة، ولبسوها متوجهين كلهم للكافتيريا اللي في كليتهم يشربون هناك كوفي قبل المحاضرة...

*************


في بيت نجلاء
الساعة 10 ونص الصبح
بعدها جواهر تكمل لنجلاء حكايتها غير المعقولة
اللي تشبه أفلام السينما وأغرب

جواهر تتذكر..

بعد شهرين من زواجها..

زوجها بعده ينام بالمجلس، وهي مبسوطة من هذا الترتيب اللي أعفاها من واجبات زوجية هي أصلا مو فاهمتها..

كانت نادرا ما تشوفه، إلا لو هو جايب لهم أغراض وفي الليل يجي ينام في المجلس، ويطلع من الصبح بدري لشغله، وملابسه في دولاب صغير مسكر في المجلس..

عمره ما وجه لها سؤال أو كلمها..
كلامه القليل كان مع أمها..
بس كان يحب عبدالعزيز كثير ويدلعه، ويحاول يعوضه عن حنان الأب، كان حنون كثير على عبدالعزيز، لأنه بعده صغير على اليتم...

(الأحداث اللي تجي.. أنفاس قطر تحكيها لكم، لأن جواهر ماعندها خبر فيها، بس هي مرتبطة بالذكريات اللي كانت جواهر تحكيها لنجلاء، عشان تكتمل الصورة عندكم، على أمل أنها تكتمل عند جواهر يوم)

في يوم جمعة: صار الوقت ضحى، وهو كان نايم بالمجلس مابعد صحا لأنه ماعنده دوام اليوم..
وكانت المفاجأة أنه أبوه دخل عليه يتوكأ على عصاه ويسنده سواقه الباكستاني (أفضل) اللي كان أبوه مربيه من وهو صغير..

طالعه الشايب بغضب و نغزه في بطنه بالعصا..

صحا من النوم وهو مصدوم، نط واقف وهو يحب خشم أبوه:
هلا يبه حياك.. والله أني صليت الفجر ورأسك الغالي

الشايب بلهجة غضب واضح: ما سألتك عن الصلاة، أدري
أنك مصلي الله يثبتك على طاعته..

ولده: عجل وش اللي مزعلك مني، جعلني ما خلا من ذا اللحية الغانمة..

الشايب: وش مرقدك هنا؟؟ أنت زعلان من مرتك؟؟

ولده وهو توه ينتبه لورطته: لا يبه جعلني فدا خشمك، بس أنا انسدحت هنا بعد صلاة الفجر، تبيني أجيب جواهر تسألها؟؟

الشايب: مافيه داعي.. بس والله لا أدري أنك مزعل بنت منصور اليتيمة وإلا زعلان عليها، أنه زعلي عليك دنيا وآخرة..

ولده برعب: لا جعلني ماذوق حزنك، كله ولا زعلك..

الشايب بعد ماقرر المواجهة: توني البارح مكلم عمتك.

هو يبلع ريقه: عمتي؟ اشتكت لك مني؟؟ وإلا أني مقصر عليهم بشيء؟؟

الشايب: إلا تشكر فيك وفي شيمتك وكرمك..

تنفس براحة: عجل وش فيه يبه؟؟

الشايب وهو يطالعه بنظرة لها معنى: فيه اللي أنا وأنت عارفينه..

هو بحذر: شنو يبه؟؟

الشايب مثل اللي كأنه بيفجر قنبلة: فيه أنك من يوم عرسك وأنت تمسي في المجلس.. وش فيك أنت؟؟ منت برجال؟؟

هو حس أنه خلاص بينفجر: أعتقد أن حياتي الخاصة شيء خاص فيني.. وما لحد حق يتدخل فيها..

الشايب وهو ينتفض من الغضب: أمحق تربية ربيتك وأحسب أني اربي رجال، وأمحق تعليم يوم خليتك تروح لبلاد الكفار.. هذا اللي علموك إياه.. تطول لسانك على أبوك..

هو.. وهو يركع ليد أبوه يحبها ويحطها على رأسه: طالبك يبه ما تزعل علي.. طالبك طلبة

وقتها (أفضل) اللي كان مثل أخ له وولد لابوه ما أستحمل وطلع من المجلس ينتظر في السيارة وهو يبكي..

أبوه بغضب: قوم الحين ما أبي أشوفك.. عقب صلاة العشا تعال لي البيت أبيك بسالفة.. قوم سند لي أروح للسيارة، بأروح المسجد أقعد هناك لين الخطبة.

**********

جالس في سيارته، بعد أقل من ساعة من لقاءه مع أبوه، كان يكلم خالته، اللي أكبر منه بأربع سنين، واللي تركها وراه في أمريكا تدرس طب، يكلمها من تلفون السيارة (هذي كانت الموضة قبل الموبايلات).. مع أنه في بيت أبوه خط دولي، بس ماكان يبي أبوه يسمع وش بيقول..

- صباح الخير عيوش..
خالته بصوت فيه النوم : عيوش في عينك، تدري كم الساعة؟؟ ما أعتقد أنك لحقت تنسى التوقيت؟

هو بصوت حزين: أدري عائشة أنه الساعة وحدة بالليل.

عائشة: ويوم أنت تدري.. وش له متصل هالحزة؟؟ لا تقول شفقان؟؟ ماني مصدقتك؟؟

هو بألم واضح: تعبان خالتي تعبان..

عائشة اعتدلت من نومها وبققت عيونها عدل: أفا.. تعبان.. كملت بحنان: وش فيك يا قلب خالتك؟

- تزوجت هالبزر عشان خاطر الشايب.. وحاطها هي وأهلها في عيوني، ومو مخلي عليهم قاصر.. وبعد مو عاجب..

- وش صار جديد حبيبي، توك قبل أسبوع مكملني وكنت ممشي الموضوع.


- والله مستحي خالتي، ما أدري شأقول لك؟

- السالفة فيها مستحي.. أنت تعرف السحا أنت!! يالله اعترف بدون تعذيب..

تنهد بصوت مسموع حست خالته اللي كانت هي صديقته وأمه بألمه: وش فيك ياروح خالتك لا تعذبني معك، تدري ما أستحمل شيء عليك..

انفجر وقتها من الغضب: يبوني أعيش معها مثل الأزواج..

عائشة بصوت هادئ بعد ما أنطفأ توترها: وهذي كل السالفة؟؟

هو بغضب: شنو عيوش؟ أحر ما عندي أبرد ما عندج؟؟

عائشة: أنا أشوف الموضوع عادي، زوجتك ومافيها شيء..

- خالتي أنتي أكثر وحدة فاهمتني، شنو زوجتي؟؟ هذي طفلة عمرها 12 سنة، ما تخافون الله فيها..

- يعني شنو؟؟ بتقعد تنطرها لين تكبر؟


- ما أدري خالتي؟؟ ماعاد عندي مخططات لأي شيء.. هالزواج قلب كياني..

- هي شنو مو مره بالغة؟؟


- بلى خالتي مره بالمعنى اللي تقصدينه، بس موب هذي السالفة؟؟

- خالته بخبث: خلاص أنا عرفت: أكيد مو حلوة؟؟ لو حلوة كان جذبت على الأقل رجولتك.


- لحول خالتي.. وش هالكلام؟؟

- جاوبني أول: حلوة وإلا لا؟؟


- عادية بس هذي موب قضيتي؟؟

- ايه قول إنها عادية وأنت مزيون وحاس أنك خسارة فيها؟


- خالتي حرام عليج، والله البنية ماعليها قاصر، وعليها شعر سبحان اللي خلقه حرير لحد ركبتها.. بس طفلة خالتي.. طفلة.. أنا خايف ربي فيها..
-
- والحين وش تبي تسوي؟؟
- ما أدري.. بس حبيت أفضفض لج.. رخصي لي الحين.. بأروح ألحق صلاة الجمعة..

- مرخوص ياقلبي وطمني عليك..


- أكيد عيوش.. من لي غيرج..

********

نرجع لجواهر ونجلاء.. وهم بعدهم يسولفون..

نجلاء باستفهام: تقولين أنه أنتي ما كنتي حلوة وأنتي صغيرة.. ما أصدقج.. من وين جبتي هالحلا كله.. طلع بين يوم وليلة..
نمتي قبيحة.. وصحيتي حلوة مثل الرسوم المتحركة.

جواهر تضحك: موب كذا يالغبية؟؟

- عيل فهميني؟؟

- تعرفين البنات في مرحلة البلوغ.. أبشع مرحلة يمرون فيها، وأنا بعد كنت بزود بزود.. الخشم كان وش عرضه.. والبشرة داكنة ومحفرة حب شباب تحفير.. الشيء الوحيد اللي حلو فيني كان شعري.. كان طويل..


- صج ووين راح؟؟

- قصيته؟


- نجلاء بتحسر: وليه حرام عليج؟

- جواهر بحزن: حسيت ماله قيمه بعد عيالي، وحتى اني ماعاد اعتنيت فيه.. فأول مرة أقصه قصيته بوي.. تخيلي..


- بوي؟؟ من جدج أنتي؟؟ (نجلاء ياستغراب)

- إيه والله.. الحين أطول مرة أخليه بدون قص.


- ايه واللي يعافيج جواهر لا تقصينه.. يجنن عليج كذا.. ويالله كملي لي قصتك/ أو فلمك الهندي..... بعدني ما عرفت العيال من وين جاو.. ومافيه تهربين من هالسؤال..

- جواهر بابتسامة: خلاص أنا بأقول لج سالفة العيال أشلون جاو.. عشان تريحين بالج.. وتخليني أكمل السالفة.....

رجعت الذاكرة بجواهر لنفس يوم الجمعة اللي أبو زوجها زاره فيه.. بس في الليل متأخر كانت جالسة بغرفتها تقرأ في منهج أولى ثانوي اللي خذته من بنت جيرانهم.. استعدادا للسنة الجديدة اللي باقي عليها شهر.. رغم أنها مابعد تكلمت مع زوجها، عن هالموضوع، ولا حتى يعرف هي أي صف

فوجئت بزوجها يدخل غرفتها مثل الأعصار لأول مرة بعد ليلة زواجهم.. ووجهه محتقن وأحمر وباين عليه الغضب الشديد..

#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الرابع/24/12/2008


مواقف البنات/ جامعة قطر
الساعة 11 صباحا

مواقف البنات في جامعة قطر لمن لا يعرفها، مبنى طويل شوي تدخل السيارات من تحته، من عدة بوابات، والبنات بقدرون يشوفون طوابيرالسيارات من فوق، من خلال زجاج عاكس

كانت البنت -اللي لابسة العباية بالتطريز الفضي والشنطة الفضية اللي كان كانت ماركة باريسية معروفة- توها واصلة المواقف وتسولف مع صديقتها.

صديقتها: ياليتج قعدتي معاي شوي؟؟

البنت: كفاية عليج الساعة اللي قعدتها معاج.. أبوي حافظ جدولي، وما يحبني أطول في الجامعة إلا لو عندي سبب وجيه.

البنت وهي تنفض يدها بحماس: يوووووووه على أبوج بس، يوم شفته معاج هذاك اليوم على الكورنيش بالسبورت تريننغ الأسود..عذاااااب.. شنو هالأبو.. والله فكرته أخوج.. شنو.. كأنه نجم سينما وإلا بطل كمال أجسام وإلا ملك جمال، وإلا الثلاثة في واحد..أنا خقيت من قلب

البنت بزعل: الله وأكبر عليج هنودة، أذكري الله.. لا تطسين أبوي بعين..

هند تضحك: لا تزعلين نوف.. ماشاء الله لا إله إلا الله..

نوف تضحك: ذكريتني بأيام أمريكا.. الأمريكيات إذا مر أبوي من جنبهم يصفرون له.. تخيلي؟.. يموتووون في المعضل.. ولازم يعبرون عن إعجابهم.. ما يقدرون يكبتون في نفسهم ياعلهم الماحي.. وأنا أموت من القهر.. وأتمنى لو أنه قعد نحيف، ولا رفع الأثقال والرياضة اللي يسويها، وخلته معضل بهالطريقة.

هند: شنو تغارين على أبوج يعني؟؟

نوف: أكيد أغار عليه.. وأخاف تجي وحدة تخطفه منّا، هو أمي وأبوي.. الله يخليه لي.

هند باستفسار: إلا قولي لي نوف: أنتو كم سنة قعدتوا بأمريكا؟؟

نوف بصوت هادئ: حوالي 12 سنة.. مارجعنا فيها الدوحة كلش..

هند بدهشة: معقولة؟؟ وأهلكم ما تشوفونهم..

نوف: مالنا قرايب إلا خوال أبوي.. وهم كان عندهم شغل ومصالح في أمريكا، فكانوا يزورونا دايم.. وأبوي كان دايم مشغول، أول في دراسة الماجستير والدكتوراة، وعقب شغله في السفارة، ولو ماطلبت منه الدولة يرجع عشان محتاجينه هنا، ما أدري.. يمكن كنا لحد الحين هناك.

هند بعيارة: على طارئ أبوج: من بيجي بيأخذج اليوم؟؟ لو أبوج تراني خويتج اليوم..

نوف تضحك: لا بيجي عمي أبو محمد ومعاه الشغالة..

هند: أنتي من جدج تنادين هالباكستاني عمج.

نوف بزعل حقيقي: هند.. كله وإلا أنج تجرّحين في عمي أبو محمد.. أبو محمد عمي وأكثر من عمي..

هند وهي حاسة بغلطتها: خلاص نوف أنا أسفة مو قصدي.

نوف بعدها متضايقة: ماصار إلا الخير، وكاهو عمي أبو محمد وصل ما أحب أتاخر عليه.. قالتها نوف وهي تشدد على كلمة (عمي)

************


في منزل نجلاء
الساعة 11 وعشر دقايق..

نجلاء وهي تشرب حليب الكرك ومبققة عيونها، كأنه تخاف تسكرها يفوتها شيء من السالفة:
هاه وبعدين؟؟

جواهر تتنهد، وهي تتذكر: صحيح أمي كانت مفهمتني ومعلمتني وشارحة لي الطبخة كلها، بس الكلام غير، والتجربة غير..

جلست أبكي بانهيار، وهو جنبي كان يرتعش مثل مريض حرارته 40 صبوا عليه ماي مثلج..
بعدها نط للحمام في قفزة وحدة.. ما ادري كم قعد في الحمام، وقت طويل مر.. وأنا أبكي وأسمع صوت الدوش ومعاه صوت ضربات مكتومة، أعتقد أنه كان يشوت الطوفة أو يضربها.

بعدها طلع.. لابس روبه المعلق في الحمام ماحد لمسه من يوم زواجنا، كان الروب ملفوف على جسده النحيل
شعره مبلول وعيونه حمراء وفيها حزن غير مفهوم

قرب مني.. كنت حاسة كأنه قرفان مني.. فانكشمت بخوف.. حسيت أنه انكماشي جرحه.. وقف قريب مني، مسكني من عضودي بيديه الثنتين.. ووقفني..

وقفت جواهر عن الكلام وهي ترتعش..

نجلاء بترقب وكأنها بتضرب جواهر: واللي يرحم والديك.. مو وقت انفعالاتك.. كملي لي..

جواهر تبلع غصتها: حضني بقوة..
وقال بصوت مليان حزن: سامحيني جواهر.. سامحيني.. أدري أنه غلطتي أكبر من سماحج.. بس أنا ما كنت في وعيي، غضبي سيرني.. أدري أنج موب فاهمة علي.. وأدري أنج تكرهيني عقب الشيء الحقير اللي سويته.. بس أوعدج أني ما أخليج تشوفين وجهي الكريه مرة ثانية..

نجلاء بترقب قاتل: وعقب؟؟

جواهر وهي تلمس شفايفها، كأنها تتحسس مكان قبلته الوحيدة: نزل قامته الطويلة و باسني، وراح.. كانت أول وأخر مرة يلمسني، يحضنني.. ويبوسني.. وراح..

نجلاء بتلهف: وين راح؟؟

جواهر وعيونها كأنها تراقب شيء غير مرئي: أخر مكان ممكن يخطر ببالك؟؟

نجلاء بنفاذ صبر: وين يعني؟؟

جواهر برنة حزن: الجبهة / للخفجي


************


في نفس ليلة الجمعة الشهيرة، قبل صلاة الفجر بساعة في الدوحة
والساعة 6 مساء في الولاية اللي تسكن فيها عائشة..
تلفون شقتها يرن، التقطت السماعة، وردت بصوتها الرزين المعتاد: هالو

صوت بكاء مكتوم على الطرف الثاني
عائشة بقلق:who's that??

يرد بصوت باكي: أنا يا خالتي

عائشة حست أن قلبها انتزع من مكانها بكل قسوة، وحد داس عليه بوحشية وبدون رحمة، عمرها ما شافته أو سمعته يبكي، حتى يوم ماتت أختها قبل كم سنة، مع أنه كان مراهق صغير، ماشافت له دمعة، كانت تدري أنه يبكي بغرفته، بس ماسمح لأحد يسمعه أو يشوفه
شنو هالشيء الكبير اللي صار، وخلاه يبين ضعفه قدامها لهالدرجة، عائشة بصوت خانقته العبرة: حبيبي وش فيك؟؟ أبوك صار له شيء؟

- هو بحزن: لا
- عيل ليش تبكي يا قلبي؟؟

- انخرط في بكاء حاد، خلا قلب عائشة يموت ألف مرة في الدقيقة: أنا حيوان يا خالتي، حيوان وحقير، وأستحق الذبح.. ما أستحق أكون إنسان يمشي على الأرض.. الحيوانات أحسن مني

عائشة مو قادرة تستوعب سيل الشتائم اللي هو قاعد يشتم نفسه فيهم: حبيبي قل لي وش فيك، حرام اللي تسويه فيني..

بصوت حزين: أنا حيوان وهمجي ومنحط، وش تبين أقول لج أكثر من كذا.. أنتي أصلا لازم تتبرين مني، لأنه حرام وحدة عندها أخلاق عالية مثلج، يكون ابن اختها إنسان منحط مثلي..

عائشة وهي خلاص بتنجن: لا تجنني، أنا أكثر وحدة تعرف أخلاقك وتدينك، أدري أنك ماراح تسوي شيء غلط..

هو بغضب: لا سويت، كله من أبوي الله يسامحه، استفزني بانتقاصه لرجولتي، باتهاماته اللي ماقدرت استحملها... وإلا ليش أحط السبب على أبوي، كلام أبوي حرر بس الحيوان اللي داخلي

عائشة ارتاحت شوي وكأنها بدت تستوعب الحكاية: أنت لمست جواهر؟؟

هو بغضب ناري: شنو لمستها؟؟ هذي كلمة إنسانية راقية.. أنا اغتصبتها، اغتصبت طفلة.. قلت لج أنا حقير ونذل وحيوان.. أكيد إنج تكرهيني الحين..

عائشة وهي تبتسم لأفكار ابن أختها المثالية زيادة عن اللزوم: يا حبيبي..هذي زوجتك، ليس سويتها قضية أكبر من اجتياح العراق للكويت

هو وهو يتنهد: على طارئ الكويت، أنا طالع بكرة الجبهة.

عائشة بصدمة حقيقية: أنت مجنون؟؟

هو بغضب: أنا مجنون من يوم وافقت أبوي على هالمهزلة

عائشة: فديتك أنت، وغلاتي عندك، حرام عليك أبوك الشايب، أبوك ماعنده غيرك، وفي أخر أيامه، وزوجتك وأهلها مالهم غيرك.. وأنا...

هو بحسرة: خلاص خالتي والله مو طايق نفسي، أنا أصلا من بداية الحرب، وأنا أبي أنضم للمتطوعين، بس أبوي و أهل جواهر هم اللي كانوا مربطين يدي، بس الحين خلاص ما أقدر أحط عيني بعين حد. وأنا وصيت أفضل عليهم كلهم، وأدري أنه بالشوفة، ويسد مكاني.. وأنتي يا خالتي.. ماشاء الله عليج ما تحتاجين حد، وجدي وخوالي موجودين الله يخليهم لج..

عائشة بحزن: هذا قرارك النهائي؟؟

هو بحزن أكبر: إيه عيوش.. أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..

***********

عودة لبيت نجلاء ومسلسل الأسرار اللي بدأته جواهر

نجلاء باستغراب: الجبهة مرة وحدة؟؟

جواهر بحزن: تخيلي لهالدرجة كان قرفان مني وموب طايقني.. مستعد يرمي نفسه تحت دبابة عشان يخلص مني..ومن مجرد فكرة أنه تنازل ولمسني..كأنه لمس حشرة قذرة مو إنسانة.... ياليته داسته دبابة وقتها وارتحت منه.. يمكن وقتها كنت حزنت عليه.. وظلت له بقلبي ذكرى طيبة..ومأساة حياتي ماصارت..

نجلاء باستفهام: ليه شاللي صار عقب؟؟

جواهر بحسرة: المهم هو اللي صار عقب؟؟

#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الرابع/24/12/2008


مواقف البنات/ جامعة قطر
الساعة 11 صباحا

مواقف البنات في جامعة قطر لمن لا يعرفها، مبنى طويل شوي تدخل السيارات من تحته، من عدة بوابات، والبنات بقدرون يشوفون طوابيرالسيارات من فوق، من خلال زجاج عاكس

كانت البنت -اللي لابسة العباية بالتطريز الفضي والشنطة الفضية اللي كان كانت ماركة باريسية معروفة- توها واصلة المواقف وتسولف مع صديقتها.

صديقتها: ياليتج قعدتي معاي شوي؟؟

البنت: كفاية عليج الساعة اللي قعدتها معاج.. أبوي حافظ جدولي، وما يحبني أطول في الجامعة إلا لو عندي سبب وجيه.

البنت وهي تنفض يدها بحماس: يوووووووه على أبوج بس، يوم شفته معاج هذاك اليوم على الكورنيش بالسبورت تريننغ الأسود..عذاااااب.. شنو هالأبو.. والله فكرته أخوج.. شنو.. كأنه نجم سينما وإلا بطل كمال أجسام وإلا ملك جمال، وإلا الثلاثة في واحد..أنا خقيت من قلب

البنت بزعل: الله وأكبر عليج هنودة، أذكري الله.. لا تطسين أبوي بعين..

هند تضحك: لا تزعلين نوف.. ماشاء الله لا إله إلا الله..

نوف تضحك: ذكريتني بأيام أمريكا.. الأمريكيات إذا مر أبوي من جنبهم يصفرون له.. تخيلي؟.. يموتووون في المعضل.. ولازم يعبرون عن إعجابهم.. ما يقدرون يكبتون في نفسهم ياعلهم الماحي.. وأنا أموت من القهر.. وأتمنى لو أنه قعد نحيف، ولا رفع الأثقال والرياضة اللي يسويها، وخلته معضل بهالطريقة.

هند: شنو تغارين على أبوج يعني؟؟

نوف: أكيد أغار عليه.. وأخاف تجي وحدة تخطفه منّا، هو أمي وأبوي.. الله يخليه لي.

هند باستفسار: إلا قولي لي نوف: أنتو كم سنة قعدتوا بأمريكا؟؟

نوف بصوت هادئ: حوالي 12 سنة.. مارجعنا فيها الدوحة كلش..

هند بدهشة: معقولة؟؟ وأهلكم ما تشوفونهم..

نوف: مالنا قرايب إلا خوال أبوي.. وهم كان عندهم شغل ومصالح في أمريكا، فكانوا يزورونا دايم.. وأبوي كان دايم مشغول، أول في دراسة الماجستير والدكتوراة، وعقب شغله في السفارة، ولو ماطلبت منه الدولة يرجع عشان محتاجينه هنا، ما أدري.. يمكن كنا لحد الحين هناك.

هند بعيارة: على طارئ أبوج: من بيجي بيأخذج اليوم؟؟ لو أبوج تراني خويتج اليوم..

نوف تضحك: لا بيجي عمي أبو محمد ومعاه الشغالة..

هند: أنتي من جدج تنادين هالباكستاني عمج.

نوف بزعل حقيقي: هند.. كله وإلا أنج تجرّحين في عمي أبو محمد.. أبو محمد عمي وأكثر من عمي..

هند وهي حاسة بغلطتها: خلاص نوف أنا أسفة مو قصدي.

نوف بعدها متضايقة: ماصار إلا الخير، وكاهو عمي أبو محمد وصل ما أحب أتاخر عليه.. قالتها نوف وهي تشدد على كلمة (عمي)

************


في منزل نجلاء
الساعة 11 وعشر دقايق..

نجلاء وهي تشرب حليب الكرك ومبققة عيونها، كأنه تخاف تسكرها يفوتها شيء من السالفة:
هاه وبعدين؟؟

جواهر تتنهد، وهي تتذكر: صحيح أمي كانت مفهمتني ومعلمتني وشارحة لي الطبخة كلها، بس الكلام غير، والتجربة غير..

جلست أبكي بانهيار، وهو جنبي كان يرتعش مثل مريض حرارته 40 صبوا عليه ماي مثلج..
بعدها نط للحمام في قفزة وحدة.. ما ادري كم قعد في الحمام، وقت طويل مر.. وأنا أبكي وأسمع صوت الدوش ومعاه صوت ضربات مكتومة، أعتقد أنه كان يشوت الطوفة أو يضربها.

بعدها طلع.. لابس روبه المعلق في الحمام ماحد لمسه من يوم زواجنا، كان الروب ملفوف على جسده النحيل
شعره مبلول وعيونه حمراء وفيها حزن غير مفهوم

قرب مني.. كنت حاسة كأنه قرفان مني.. فانكشمت بخوف.. حسيت أنه انكماشي جرحه.. وقف قريب مني، مسكني من عضودي بيديه الثنتين.. ووقفني..

وقفت جواهر عن الكلام وهي ترتعش..

نجلاء بترقب وكأنها بتضرب جواهر: واللي يرحم والديك.. مو وقت انفعالاتك.. كملي لي..

جواهر تبلع غصتها: حضني بقوة..
وقال بصوت مليان حزن: سامحيني جواهر.. سامحيني.. أدري أنه غلطتي أكبر من سماحج.. بس أنا ما كنت في وعيي، غضبي سيرني.. أدري أنج موب فاهمة علي.. وأدري أنج تكرهيني عقب الشيء الحقير اللي سويته.. بس أوعدج أني ما أخليج تشوفين وجهي الكريه مرة ثانية..

نجلاء بترقب قاتل: وعقب؟؟

جواهر وهي تلمس شفايفها، كأنها تتحسس مكان قبلته الوحيدة: نزل قامته الطويلة و باسني، وراح.. كانت أول وأخر مرة يلمسني، يحضنني.. ويبوسني.. وراح..

نجلاء بتلهف: وين راح؟؟

جواهر وعيونها كأنها تراقب شيء غير مرئي: أخر مكان ممكن يخطر ببالك؟؟

نجلاء بنفاذ صبر: وين يعني؟؟

جواهر برنة حزن: الجبهة / للخفجي


************


في نفس ليلة الجمعة الشهيرة، قبل صلاة الفجر بساعة في الدوحة
والساعة 6 مساء في الولاية اللي تسكن فيها عائشة..
تلفون شقتها يرن، التقطت السماعة، وردت بصوتها الرزين المعتاد: هالو

صوت بكاء مكتوم على الطرف الثاني
عائشة بقلق:who's that??

يرد بصوت باكي: أنا يا خالتي

عائشة حست أن قلبها انتزع من مكانها بكل قسوة، وحد داس عليه بوحشية وبدون رحمة، عمرها ما شافته أو سمعته يبكي، حتى يوم ماتت أختها قبل كم سنة، مع أنه كان مراهق صغير، ماشافت له دمعة، كانت تدري أنه يبكي بغرفته، بس ماسمح لأحد يسمعه أو يشوفه
شنو هالشيء الكبير اللي صار، وخلاه يبين ضعفه قدامها لهالدرجة، عائشة بصوت خانقته العبرة: حبيبي وش فيك؟؟ أبوك صار له شيء؟

- هو بحزن: لا
- عيل ليش تبكي يا قلبي؟؟

- انخرط في بكاء حاد، خلا قلب عائشة يموت ألف مرة في الدقيقة: أنا حيوان يا خالتي، حيوان وحقير، وأستحق الذبح.. ما أستحق أكون إنسان يمشي على الأرض.. الحيوانات أحسن مني

عائشة مو قادرة تستوعب سيل الشتائم اللي هو قاعد يشتم نفسه فيهم: حبيبي قل لي وش فيك، حرام اللي تسويه فيني..

بصوت حزين: أنا حيوان وهمجي ومنحط، وش تبين أقول لج أكثر من كذا.. أنتي أصلا لازم تتبرين مني، لأنه حرام وحدة عندها أخلاق عالية مثلج، يكون ابن اختها إنسان منحط مثلي..

عائشة وهي خلاص بتنجن: لا تجنني، أنا أكثر وحدة تعرف أخلاقك وتدينك، أدري أنك ماراح تسوي شيء غلط..

هو بغضب: لا سويت، كله من أبوي الله يسامحه، استفزني بانتقاصه لرجولتي، باتهاماته اللي ماقدرت استحملها... وإلا ليش أحط السبب على أبوي، كلام أبوي حرر بس الحيوان اللي داخلي

عائشة ارتاحت شوي وكأنها بدت تستوعب الحكاية: أنت لمست جواهر؟؟

هو بغضب ناري: شنو لمستها؟؟ هذي كلمة إنسانية راقية.. أنا اغتصبتها، اغتصبت طفلة.. قلت لج أنا حقير ونذل وحيوان.. أكيد إنج تكرهيني الحين..

عائشة وهي تبتسم لأفكار ابن أختها المثالية زيادة عن اللزوم: يا حبيبي..هذي زوجتك، ليس سويتها قضية أكبر من اجتياح العراق للكويت

هو وهو يتنهد: على طارئ الكويت، أنا طالع بكرة الجبهة.

عائشة بصدمة حقيقية: أنت مجنون؟؟

هو بغضب: أنا مجنون من يوم وافقت أبوي على هالمهزلة

عائشة: فديتك أنت، وغلاتي عندك، حرام عليك أبوك الشايب، أبوك ماعنده غيرك، وفي أخر أيامه، وزوجتك وأهلها مالهم غيرك.. وأنا...

هو بحسرة: خلاص خالتي والله مو طايق نفسي، أنا أصلا من بداية الحرب، وأنا أبي أنضم للمتطوعين، بس أبوي و أهل جواهر هم اللي كانوا مربطين يدي، بس الحين خلاص ما أقدر أحط عيني بعين حد. وأنا وصيت أفضل عليهم كلهم، وأدري أنه بالشوفة، ويسد مكاني.. وأنتي يا خالتي.. ماشاء الله عليج ما تحتاجين حد، وجدي وخوالي موجودين الله يخليهم لج..

عائشة بحزن: هذا قرارك النهائي؟؟

هو بحزن أكبر: إيه عيوش.. أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..

***********

عودة لبيت نجلاء ومسلسل الأسرار اللي بدأته جواهر

نجلاء باستغراب: الجبهة مرة وحدة؟؟

جواهر بحزن: تخيلي لهالدرجة كان قرفان مني وموب طايقني.. مستعد يرمي نفسه تحت دبابة عشان يخلص مني..ومن مجرد فكرة أنه تنازل ولمسني..كأنه لمس حشرة قذرة مو إنسانة.... ياليته داسته دبابة وقتها وارتحت منه.. يمكن وقتها كنت حزنت عليه.. وظلت له بقلبي ذكرى طيبة..ومأساة حياتي ماصارت..

نجلاء باستفهام: ليه شاللي صار عقب؟؟

جواهر بحسرة: المهم هو اللي صار عقب؟؟

#أنفاس_قطر#

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية روان للكاتبة كول 2009 Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 10 March 14, 2015 12:31 PM
ملخص رواية سلالم النهار -رواية للكاتبة فوزية شويس السالم Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 May 8, 2014 10:41 AM
تحميل رواية حلمت بلقياك بعد ماطال الغياب كاملة SEO روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 October 27, 2012 02:52 PM
رواية ملحمة العشاق / للكاتبة سهر SEO الروايات والقصص العربية 0 October 22, 2012 02:05 PM
رواية مدينة النجوم للكاتبة فرح الصُماني دانة.. روايات و قصص منشورة ومنقولة 2 May 3, 2012 10:01 PM


الساعة الآن 10:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر