فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم June 15, 2014, 05:17 PM
 
النقد السياسي والتاريخي في كتاب فواصل الجمان

النقد السياسي والتاريخي في كتاب
"فواصل الجمان" ل محمد غريط:
لقد ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إرهاصات جلية للنقد الأدبي في المغرب ومن أعلام هذا النقد نجد محمد بن العباس القباج وأحمد النميشي ومحمد بوجندار ومحمد الشنقيطي ومحمد غريط وغيرهم ممن كانت تتشكل الدراسات الأدبية لديهم على شكل مسامرات ومطارحات وشروح.
وقد تنازعت المجهودات النقدية في هذا العصراتجاهات مختلفة تراوحت بين المنهج البلاغي القديم والتاريخي الحديث موازاة مع التحولات السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية التي عرفها المغرب.
ويعد محمد غريط من الأدباء والنقاد الذين اعتمدوا المنهج التاريخي في دراستهم للأعمال الأدبية خاصة أنه ينحدر من سلالة أندلسية عالمة هاجرت إلى المغرب هروبا من بطش النصارى.
وتشمل الفترة التي درسها وأرخ لها في كتابه "فواصل الجمان" مرحلة حكم ست سلاطين، كان لها الأثر البالغ في تحديد مصير المغرب ومستقبله، كما أرخ لعهد الاضطرابات السياسية خاصة في عصر السلطان المولى عبد الرحمان الذي كان مضطربا وشق فيه الكثيرون عصا الطاعة، فنجد مثلا "عامل فاس يعبث بنسوة الأعيان"[1]، مما جعل السكان يثورون لكرامتهم ،فجهروا بالفتك به، لولا أن السلطان عين مكانه عاملا آخر هو القائد الأحمر.
كما أعلن "جيش الوداية" عصيانهم في فاس بسبب ارتفاع شأن جيش البخاري في عهده مثلما كانوا في عهد المولى سليمان .
للإشارة فقد تحدث غريط كثيرا عن مجموعة من المدن كمراكش و الدار البيضاء وتازة وفاس التي ظلت بيعتها "عاملا حاسما في إثبات مشروعية السلاطين وبالتالي سلطت كتب الحوليات والتراجم على أحداث فاس أضواء لم يسلط مثلها على أحداث المدن الأخرى"[2], لكونها كانت تكتسي أهمية علمية واستراتيجية .
وفي عهد نفس السلطان آثر أهل الرباط العصيان ضد العامل السوسي فلم يمتثلوا لأوامره، كما قاد الآخرون تمردات مختلفة كابن الطالب عامل فاس، مما عمل على تدهور الحالة الاقتصادية بسبب كثرة تجهيز الجيوش والفقر والإفلاس، فارتفعت الأسعار، وكان من بين أسباب ذلك أيضا منح امتيازات الأعمال التجارية التي حظي بها النصاري، فكثر النهب واندلعت الفتن وانعدم جو الاستقرار.
ورغم ذلك "يرسم غريط للمولى عبد الرحمان شخصية محنكة قوية استطاع بها أن يواجه كل هذه المشاكل بحكمة وتبصر مثلما فعله مع "جيش الوداية" وما فعله مع عامل الرباط متفقا بذلك مع صاحب الإستقصا "[3] عند حديثه عن حزم السلطان وضبطه وكمال عقله وتأنيه في الأمور وتبصره في أخده القرارات وشتى الأحكام المتعلقة بمصير الدولة.
كما يتحدث الكتاب أيضا عن السلطان المولى محمد بن عبد الرحمان الذي لم يكن أفضل من عهد أبيه، لكون سمعة المغرب بعد انهزامه في معركة ايسلي جعلت الدول الأوروبية تطمع في استعماره ونهب خيراته.
لقد مهدت الفترة السياسية المتأزمة لنشوب الحروب وقيام الفتن وتكاثر العصيان ومن أهم الثورات التي اهتز لها المخزن، نجد أنها كانت مرتبطة بهشاشة الوضع السياسي.
ففي عهد المولى محمد بن عبد الرحمان قامت ثورة الجيلاني الغرباوي المعروف "بالمعكاز" سنة 1278، حيث " تعدد تابعه وأحجم منازعه وطمت أمواجه وكثر إلجامه وإسراحه، وألقى العصا والحبال والاقتناص أهل السهول والجبال "[4]، حيث أدخل الخوف والرعب على الناس وقصد زرهون هاربا بنفسه بعد هزيمته أمام الجيش الحكومي "فانتزعه أحد الشرفاء العلويين من مقعده وأغمد خنجره في جسده... فقطع رأسه ومحى من سماء الوجود نحسه"[5]
وفي عهد السلطان الحسن الأول، عرف المغرب فتنا وثورات لعل أشهرها ثورة أبي عزة الهبري، الذي أعلن التمرد على السلطان برفقة عشيره، لكن السلطان سجنه إلى أن قضي في السجن، وقد وصفه المؤلف بالسحر والكهانة والمداهنة، لأنه كان يدعي الورع والزهد وهو في قرارة نفسه يعصى الله بأفعاله، ويستمر غريط في سرد الوقائع السياسية والتاريخية، فيذكر ثورة أهل فاس التي أدت إلى نهب "دار بنيس" ومن ثم إعلان العصيان على السلطان الذي عمل على إخمادها وإعادة المياه إلى مجاريها .
ويذكر أن الحالة السياسية في عهد المولى الحسن الأول كانت مستقرة نسبيا، حيث وجه عددا كبيرا من البعثات إلى أوربا للتعلم، كما أشرف على تأسيس قوات بحرية، أوكَل أمر تدريبهم إلى أوروبيين متخصصين كما تبادل السفراء مع عدد من الدول الأجنبية.
كما يبين الكاتب ضعف شخصية المولى عبد العزيز نظرا لاستفراد الحاجب أحمد بن موسى بالحكم، فقد كان بيده الحل والعقد، فكان يعتقل من شاء اعتقاله، ويسرح من يشاء تسريحه، وبلغ به عمله إلى أن يجاري السلطان في موكبه، فكثرت الأطماع المحدقة بالمغرب، بغية تقسيمه ونهب خيراته.
وقد ساهم غياب الحاجب أحمد بن موسى إلى انتشار الثورات، كثورة "قبيلة كروان" التي أخمدها المخزن وكسر شوكتها.
ولعل أبرز الثورات وأخطرها التي شهدها المغرب، "ثورة بوحمارة" والتي جاءت في سياق "بعض الاضطرابات التي ترجع أهم أسبابها الحقيقية إلى سوء الإدارة المحلية وانعدام سياسة توازن اقتصادي بين المناطق الفقيرة والغنية"[6].
فقد وصف غريط بوحمارة بأنه "شيطان طلع نجمه، فنجم بهتانه، وقوي جرمه لما ضعف إيمانه، ساحر شق عصا الإسلام وباع الإنارة بالإظلام"[7]، كما يتهمه غريط بالمداهنة والتناقض في الأفعال، فكان ماكرا خداعا لكنه كان "يترائى بشعار العابدين، ويظهر خشوع الزاهدين، فلا يرى إلا في جامع أو زاوية، بطوية من الإخلاص خاوية "[8].
وقد استمال بوحمارة عددا كبيرا من القبائل إلى صفه حيث ادعى التقوى والورع "وكادت أن تضل به الجمال ضلال عبدة الأوثان" [9]، لولا أن تم القضاء عليه بطريقة مهينة.
ولعل من أسباب ضعف الدولة في هذه المرحلة هو "كبار القواد خاصة الجنوبيين منهم، فإن البعض منهم كانوا يتصرفون في مناطقهم تصرف المتفردين بالسلطة الإقتصادية، دون زاجر فحسبوا أنفسهم حكاما من الدرجة الثانية، مستقلين لا يقبلون بالسلطان ويظلون دوما جزءا من بلاد السيبة"[10].
لذلك ففي عهد المولى عبد العزيز"اتضحت صعوبات المخزن واحتدام الصراع الأجنبي على البلاد خاصة بعد وفاة الحاجب باحماد عام 1900م، وبعد عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء عام 1906م واحتلال البيضاء والشاوية في السنة الموالية فازدادت مصاعب المخزن، وأصبح الجميع في هيجان "[11] وفي هذه الأجواء والظروف السياسية المحتقنة، يظهر نجم المولى عبد الحفيظ والذي يصل إلى سدة الحكم بمساعدة قواد الجنوب خاصة "كلاوة والرحامنة" ليمهد طريقه إلى الحكم، والقيام ببعض الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ففي عهده تم القضاء على بعض الثورات كثورة بوحمارة التي أنهكت ميزانية الدولة لتلي بعد ذلك فترة فرض الحماية على المغرب سنة 1912م.
عبد المطلب المسناوي
كاتب وناقد-المغرب

[1] فواصل الجمان ص78.

[2] "المدينة في تاريخ المغرب العربي" منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانΙΙ- ابن مسيك الدار البيضاء نونبر -1988 مقال عبد الأحد السبتي- ص 135.

[3] كتاب فواصل الجمان وتأثر النثر المغربي ..." الحسن الشاهدي ص 60 .

[4] "فواصل الجمان"ص 89.

[5] نفسه ص 89.

[6] "المغرب عبر التاريخ" ابراهيم حركات ج 3 - ص253.

[7] -فواصل الجمان -ص 124.

[8] - نفسه- ص 124.

-[9] نفسه- ص 125.

[10] - تاريخ المغرب في القرن العشرين –تأليف روم لاندو- ط2 -1980 بترجمة نيقولا زيادة -بيروت دار التقافة- ص42.

[11] - السلطة المركزية والزعامات المحلية بالجنوب المغربي-منشورات كلية الآداب بالرباط- ط 2010-الحسن شوقي -ص79.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحميل كتاب بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 April 25, 2014 05:38 PM
تحميل كتاب الجمان في تشبيهات القرآن وردة الثلج كتب منوعه و أخرى 1 October 6, 2013 09:33 PM
تحميل كتاب تحفة الخلان في أحكام الأذان للدمرداشي وردة الثلج كتب اسلاميه 0 January 12, 2012 09:37 PM
تحميل كتاب قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان ألاء ياقوت كتب اسلاميه 0 July 20, 2010 08:47 AM
تحميل كتاب عقود الجمان للسيوطي ألاء ياقوت كتب الادب العربي و الغربي 0 June 3, 2010 10:00 PM


الساعة الآن 08:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر