فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم June 15, 2014, 04:59 PM
 
أهم قراءة في ديوان تغيب فاسرج خيل ظنوني


حسني التهامي




بداية أريد أن اتوقف عند " المدخل الأول " الذي تصدر ديوان سعدية مفرح وذلك لاستكناه عالمها الشعري. لقد تجولت عبر صفحاته متأملا ومحمولا باندفاع لمواصلة استجلاء هذه الكائنات الحيوية النشطة والمتشظية أحيانا لتخلق عالما ممتلئا بالأسماء و الأسرار والإيماءات :
" سيأتيك الحرف وما فيه و كل شيء ظهر فهو فيه و سيأتيك منه اسمي و أسمائي سري وسر إبدائي ، وسيأتيك منه العلم و في العلم عهودي إليك و موصياتي . وسيأتيك منه السر وفي السر محادثتي لك وإيمائي فسيدفعونك عنه فادفعهم عن نفسك "
فالحرف هو المبتدأ وهو الكلمة و هو العالم . فالشعر حرف و القصيدة تنسج قبعاتها من الحرف. و الشعر يهب الأسماء التي تخلق للأشياء كينونتها وتضفي عليها سمتا وحياه.
و سعدية مفرح - رغم جنوح بعض قصائدها لمسحة من الحزن المشوبة بالياس - شاعرة فرحة. ففي شعرها تحاول أن تحيل العالم إلي كلمات تناغي ذلك الواقع اليابس المتكلس ، وتجابه الاحساس الذي يتسرب إلى قلبها بالعدم و انفلات أوانها بانفلات الزمن الفائت المتشح بخضرة الحياة فتلجأ إلى الحرف كمعادل موضوعي تنفذ من خلاله إلى أعماق واقعها المتفجر بالسأم و المتربص بها وهي تحاول أن تخلق لها كينونة:
تدلى أواني
من زمان جميل
مضى وانتهى
والفتون الجميل
الذى مازال ينبع من مسام القصيد
تدلى
نحو جب
موغل في الكلام
البعيد
تدلت عناقيد حزني
تدليت
تدلى أواني
ولكنني
لم أزل موغلة
في زماني
وهذه المحاولة في الإيغال في أعماق الزمن إنما هي محاولة للتموقع المسبوق بأمنية ملحة ورغبة في البقاء و آداء دور مرح لتخفيف حدة الطرق الزمني وهي تلجأ لمحو المسافة بينها وبين الآخر المتمثل في الحبيب / الشعر الغائب الحاضر ناسجة بذلك ثنائية الحزن والفرح ، مما يوحى لنا برغبتها الخالصة في تبديد تهويمات الخوف وفتونها بالحياة. والشاعرة تستخدم غنائية الإيقاع الموسيقي الموحي والراقص معا في قصيدة " تغيب فأسرج خيل ظنوني " وقد نجحت إلى حد كبير في تغييب مسحة الحزن وإعلاء نغمة المرح السريعة من خلال التنميق اللفظي واستدعائها لبعض ألفاظ المرح مثل " يراقصن " "حناءهن " " الخلاخيل " و " " عرائس " . والشاعرة في هذا المشهد الملائكي تجنح إلى علرض يوتوبياها الحالمة بعيدا عن سأم الحياة وفتورها:
أخضب كل عرائس شوقي ملائك حب ، و أفرش
كل عرائس قلبي أرائك لعب لهن ، فأجلوهن
و ألبسهن خلاخيلهن و أبرزهن نهارا جهارا
يصرن شموسا يراقصن موجك منتشيات
بهذا العلى الأبي الفتي ، و ينثرن حناءهن الجميلة
طيورا على الماء تنقر سبع نوافذ خضر وتشعل
سبع شموع ، وينداح فيض الهديل العليل صلاة
لطقس النخيل المخضب بالعود و الورد و الند و اطلل
الموسمي البليل ، و الخلاخيل هذي التي فضضت ليل
وجهك تدعوك سبعا
و قصائد " ملامح ككائن نبيل " " لا عزاء لها " " ليتني أستطيع " " فنان تشكيلي " الرهان الأخير " و " فتنة الشجر المشتعل " تتوفر فيها حيوية خاصة حيث تخف فيها حدة الالتزام بالقافية المكرورة كما في قصيدة " سطو " التي تتكرر فيها كلمة قلبي ثماني مرات :
غابة من صديد
تسطو
على أفق قلبي
تصادر
شطآن قلبي
عصافير قلبي
أمواج قلبي
أشجار قلبي
أقمار قلبي
ينابيع قلبي
تقاتل أشعار قلبي
و قبل أن تخرج من أبواب قلبي
تلوي عنقها ... إلخ .
إن هذه القصائد التي أشرنا إليها تحظى بانسيابية شعرية بغض النظر عن الموضوع الذي تقدمه . فالعمل الفني كما يقول هنري مور " ينبغي أن تتوفر له حيويته الخاصة .. إنه قد يتضمن طاقة مكبوتة . حياة خاصة مكثفة بغض النظر عن الموضوع الذي تقدمه " . و الحيوية الفنية التي تسعى لترسيخها هذه القصائد تحمل شعلة التصدى الواعي للزخرفة التشكيلية الهادمة للعمل الفني و تعود بالشعر إلى منابعه الفطرية :
حديثك غيم
و حزني
رمال اليباس القديم
فكيف بنا إذ يجيء المطر
و تأتي قصيدة " كيف أتم القصيدة " التي تختم بها الشاعرة ديوانها حاملة عبق فكرة المدخل الأول المتصدر ديوانها و كأنها تريد أن تجعل المدخل و الخاتمة " قوسين " يحملان نفس فكرة الحرف / القصيدة و يحويان داخلهما العالم الذي تمتلكه القصيدة و تحيله إلى كلمات كما ألمحنا من قبل .
فالشاعرة قد بدأت " حرفيها " بالفعل لكنها فجأة تستشعر صعوبة الدخول إلى قلب العالم و صعوبة إتمام هذا الشيء المعجز فهى تتساءل أتغني ؟ أم تقوم بمراوغة جادة و ذكية لاستحضار الذكريات و تعيشها رغم سقمها . فنراها تراقص طلع النخيل و تنشطر بعض الوقت عن الكائنات و عن لحظتها الآنية متحدة و منطوية في ثنايا الذكريات الأليمة كي تكمل الحرف المستحيل لكنها خائفة من أن يستعصي عليها ذاهبا في تعنته وغيابه :
هل أغني ؟
أم أستميح البشاشة غدرا
أتلصص عزرا
أنكوي بلظى الذكريات السقيمة .
و تسترسل الشاعرة - بمد الخط الدرامي - في القصيدة من خلال تساؤلات الحائر المحير : كيف أتم القصيدة ؟
و عرض بعض التساؤلات الأخرى المناوئة للسؤال المتكرر مما يضفي على القصيدة دهشة و عمقا . أن هذه الدرامية التي تمتاح من الخطاب الشعري بين الأنا و الآخر سمة تخرج بالقصيدة من النثرية و الغنائية و الوضوح المبتزل التي أوقعت الشاعرة في مأزق شعري في قصيدتها " سطو "
أن هذه الدرامية تبعث في النص حيوية خاصة و تحفظ للشعر عمقه و تفجر فيه طاقات لغوية تعمد لامتلاك العالم و بذلك تكون القصيدة قد أدت رسالتها التي كتبت من أجله.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة القدمين تحل محل قراءة الكف هل تريد أن تعرف أكثر عن شخصيتك؟ قمرالنهار قسم تحليل واختبار الشخصيات 31 May 13, 2010 09:03 AM
ياصدمتي في اكثر احبابي وياخيبة ظنوني ,,, ورقة المشمش كلام من القلب للقلب 13 December 30, 2009 11:29 AM
يا صدمتي في أكثر أحبابي ..ويا خيبة ظنوني .. كيان ورده كلام من القلب للقلب 5 August 28, 2009 04:39 AM
قراءة نقدية في ديوان الشعر العربي السعودي المقدام كتب الادب العربي و الغربي 1 January 2, 2009 01:00 AM


الساعة الآن 04:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر