معلومات هامة عن التوت الفرنجي

الطبيعة في عفويتها خير من التقدّم في ادعائه اذا تكلمت المدنيات قد لا تعني شيئا، واذا تكلمت الطبيعة اعلنت حتما الحياة كلها.
الولاء للارض والطبيعة هو الجامع المشترك لاحاسيس وطنية في وطننا التعددي على الخصوص. هذا الاخلاص على بساطته ابقى واسلم واقرب الى الواقع من الغنائىة القومية او من صوفية الوطن الغارقة في الانفعال المبطّن لردات فعل باترة حتما للوجود.
اهداني صديق الطفولة المطران ميخائيل ابرص كتابه (بالاشتراك مع اني انترانيك طوروسيان) «عالم النبات في الكتاب المقدس» (منشورات طريق المحبة، 2012، 256 صفحة). وبصفتي نباتيّا حديث العهد تذكرت ان الفيلسوف فونتنيل الذي قضت عليه علله ان يعيش مقعدا في اواخر حياته كان يقول: «اذا بقيت في قيد الحياة الى موسم قطف «الشليك» (التوت الفرنجي) فإن عمري سيمتدّ اعواما كثيرة». وقد عمّر هذا الفيلسوف حتى المئة سنة وكان - كسائر علماء الصحة والطب الطبيعي - يؤثر التداوي بالمواد النباتية لانها سهلة الامتصاص والتمثل في البدن في حين ان العقاقير او الاطعمة الحيوانية قد تؤثر سلبا في الجسم فتسبب مرضا اشد وادهى من الوضع المراد معالجته.
بفضل حبر جليل واختصاصية اعشاب، من شأن طبعنا ان يغلب تطبعنا ويتمكن القارئ النبيه من القضاء على جانب من العلل التي نشأت عن مدنيتنا المزيّفة او المقلّدة. فحياتنا انتحار بطيء، وما نقتات به كثيرا ما يهدم عقولنا وقلوبنا. والتهافت على المأكولات المعلّبة والمواد المؤكسدة والمحافظة والملوّنة يقوّض اركان المجتمع كما صرّح الفلاسفة والاولياء.
مدنيتنا المزعومة مصدر بؤسنا وعلّة شقائنا. ولو كان للظلام لسان لروى لنا انباء يندى لها جبين التقدّم والنخوة وتبكي لفظاعتها عيون الفضيلة.
فهل انطوت ارشادات الكليم وتعاليم الناصري، واحاديث الرسول العربي في لجج النسيان؟
الكتاب مرجع وجيز يلقي اضواء كاشفة على ضرورة التمييز بين الثقافة والسخافة وبين النعمة والنقمة. فيه اشارات الى تجّار خنقوا مشاعرهم بأيديهم ووضعوا ضمائرهم في جيوبهم وحبسوا الاشفاق بين حديد خزائنهم.
العودة الى الطبيعة، اوصت بها اسفارنا الإلهية المقدّسة وشأنها ان توحد بيننا. ومن «الطبيعي» ان يسكت عن هذه الحقيقة الطبيعية رهط من المتاجرين بالدين والاخلاق والعلم حبّا بضمان سيادتهم وعملا لترويج بضاعتهم في بيئة استهوت معظم اهلها الترهات والخرافات والمساومات الرخيصة.


في الكتاب المقدس بعهديه، اشارات وافرة الى اهمية الطبيعة في حياة الانسان.
الدين المسيحي ليس دين طبيعة بل دين طبيعي. ولا شك في ان المعلّم الإلهي هو الذي جسّد، بتجسده وموته وقيامته، توفيقا بهيّا مميّزا بين الطبيعة بتجلياتها الداخلية (الانسان) والخارجية (البيئة) من جهة وحقيقة الطبيعة الإلهية. وفي رحلة الى بلاد العم سام قرأت حتى سفرا حول طعام السيد المسيح في زمانه وهو طعام يعتبره اطباء في الغرب مثاليا ضامنا لحياة مديدة الايام.
يقيم الكاتبان برهانا قاطعا على مكانة الطبيعة في حياتنا الزمنية والروحية. للطبيعة تأثير بالغ في خلق عالم جديد يسوده التعاون والوئام. ولا غرو، فالطبيعة بكل معانيها وتجلياتها وليدة الروح الخالدة وربيبة بارئ الاكوان. اما التطبع فهو الى فناء طال الزمان ام قصر. وشتان ما بين ما تصوغه الروح المنبثقة من نفس الله وما ينتجه انقلاب هذا او ذاك من البشر على طبيعة الله!