فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم April 4, 2014, 10:59 PM
 
التعريف بالأدب العربي الحديث والتنكر للتراث بقلم عبد المجيد بن محمد

ظهر في العالم العربي في ربع القرن الأخير جيل جديد من الأدباء والنقاد يفيد من إنجازات النقد الغربي المعاصر، ويتبناهاويـبشر بها، مديرًا ظهره إلى التراث العربي الذي أنجزته أمته خلال خمسة عشر قرنـًا، ويدعو إلى قطع كل صلة بالمنجز النقدي والأدبي العربي القديم، ويكتب أدبـًا غير مفهوم؛ سائرًا في تيار الحداثة الغربي، ولا يكُفّ بعض هؤلاء عنمعاداة عقيدة الأمة، والطعن في نصوح الوحيين اللذيْن يعوقان مشروع التجديد في زعمهم وفي مفهومهم الذي يعني الانحياز إلى إنجاز العقل والتنوير، وكأن الإسلام أو الوحييُعادي العقل الحقيقي أو يدعو للظلام. فهؤلاء يرون أن الدين تجربة مجتمع، ونتاجظروف وبيئة معينة، ويرون أن الاجتهاد الذي تحتاجه ثقافتنا العربية هو الجهد البشري المطلق من كل قيد، الذي لا علاقة له بالنصوص. كما أنهم يسعون إلى تحسين وتزيين مصطلحات خسيسة زائفة لا علاقة لها بالإسلام؛ كمصطلحات: الحتمية، والعقلنة، والأصولية، والتنوير، والحداثة، والعلمنة، والمعاصرةونشرها على الألسن حتى تصيرَ مستساغة مقبولة، وتجدَ بين المسلمين من يدعوإليها.

إن هذا التيار المشؤوم واجه التراث العربي القديم مواجهة عنيفة؛ إما برفضه بالكلية واعتباره من مخلفات عصور الظلام والانحطاط والتخلف -كما عند غلاةالعلمانية- أو بإعادة قراءته قراءة عصرية -كما يزعمون- لتوظيفه توظيفـًّا علمانيـًّا من خلال تأويله على خلاف ما يقتضيه سياقه التاريخي من قواعد شرعية، ولغة عربية، وأعراف اجتماعية. ولعل من الأمثلة الصارخة للرافضين للتراث، والمتجاوزين له: كاهن الحداثةأدونيس، و محمود درويش، والبياتي، وجابر عصفور، وفؤاد زكريا، والطيب تيزيني، ومنسلك دربهم وشايعهم.


أما الذين يسعون لإعادة قراءته وتأويله وتوظيفه فمن أشهرهم: حسن حنفي، ومحمد أركون، ومحمد عابد الجابري، وحسين أحمد أمين، ومن على شاكلتهم، ولمينج من أذاهم شيء من هذا التراث في جميع جوانبه.

وقد يعجب القارئ حين يتبين له أن أولئك الغربيين الذين يفتخر بهم هذا التيار الحداثي، ويعتز بهم في كل مجلس ومحفل، من المثقفين الأوروبيين والمستشرقين وغيرهم، لهم موقفهم الساخر المستَغْرَبمن ركام ما سموه بالشعر الحر، وغيره من أدب التغريب: يقول المستشرق الإيطاليإيجنازيو سيلوني للأدباء العرب: "إن الطبيعة تأبى أن تعترف بأدب عام لأقوام اختلفتأمزجتهم وعقلياتهم، وتفاوت ميراثهم النفسي والحضاري، ولهذا نود أن نقرأ أدبكم عربيـًا متميزًا؛ لأنه إنما يأخذ مكانته أدبـًا عالميـًّا بتفرده وأصالته".

عبارةهذا المستشرق هي أبلغ ردّ على دعوى العالمية البلهاء التي يدّعيها الحداثيون سواءفي الشعر أم في النثر، ويسوّغون بها مسلكهم الشائن في التغريب، وسقوطهم كالذباب علىموائد الغرب. فالأدب لا يكون عالميـًّا بالمحاكاة الفجة، ولكن بالتفرد والأصالة.والأديب العربي لا يكون عالميـًّا إلا بأصالته العربية.
وثمة مقولة أخرى صدرت عن الناقد الإنجليزي ستيفن سبندر عندما حضر مؤتمر الأدب العربي المعاصر لذي انعقد في روما في أوائل الستينيات، فقد استمع سبندر إلى أدونيس، وهو يلقي كلمة يدعو فيها صراحةً إلى هدم القديم، يومها وصف سبندر كاهن الحداثيين المارق بالتطرف، ووضع أمامهنماذج للتجديد والمجددين في الأدب الإنجليزي الحديث، وكيف أن هذه النماذج المجددة قد بدأت من أرضية الأصالة؛ فالشاعران: إليوت، وماثيو أرنولد وهما من الشعراءالكبار، وهما في الوقت نفسه ناقدان أصيلان، لم يهملا التراث الشعري القديم، بلهضماه هضمـًا، وأبقيا منه ما هو جدير بالبقاء، ثم زادا عليه، فجاء الشعر عندهمامبنيـًّا على أسس متينة وجذور عميقة، ثم انتهى الناقد الإنجليزي إلى أن وصف منحىأدونيس ويوسف الخال بالتطرف والضياع وعدم الحكمة.

إننا لا نرفض التجديد، ولايرفضه مثقف لديه أدنى قدر من الوعي بحركة الحياة ومسيرتها الحتمية نحو التطور.لكننا نرفض التغريب الذي يستهدف تذويب هذه الأمة والقضاء على كيانها وهويتها والتنكر لوجودها وأصالتها، تحت ستار العالمية، نرفض هذه الفوضى الضاربة بأطنابها فيكل مكان، في الساحة الأدبية الثقافية، فوضى باسم الإبداع، وفوضى باسم النقد، وانغلاق دائرة التواصل بين حملة الأقلام من جانب والقراء من جانب آخر، فالشعار المرفوع الآن على الساحة الأدبية: "إذا أردت أن تنضم إلينا فاكتب ما لا يفهم وقلما لا يفهم" انغلاق في الإبداع، وانغلاق في النقد، وانغلاق في الدراسات اللغوية؛ فهناك مجلات تكتب بلغة خاصة، وكتب تؤلف بلغة خاصة، لغة فيها غموض وإيهام، ورموز وطلاسيم، ورداءة وتكلف، وركاكة باردة، وألفاظ متنافرة، ومعان سخيفة ساذجة.

وثمةكلمة أخرى للمستشرق الفرنسي الشهير شارك بيلاّ فيها:"أنا أقرأ الأدب العربي القديم وحده ولا أقرأ الحديث؛ لأنه أدب أوروبي مكتوب بحروف عربية". ونقول لأدبائنا ونقادنا ممن يسيرون هذا المسار: إذا كان الكتاب المقدس هو العمود الفقري للآداب الأوروبية في شتى عصورها كما يقول عبد الواحد لؤلؤة، فلماذا انصرفتم عن كتابكم المقدس القرآن الكريم الذي أعيا البلغاء والفصحاء عن أن يأتوا بمثله! لماذا تنكرتم له وخلفتموه وراءكم، لماذا سلكتم في الدعوة إلى الكفر والإلحاد شعابا، والتشكيك في الدين طرائق عديدة، منها الطعن في اللغة الجاهلية من منظوم ومنثور، وقذف رواتها بخلق الإفك وشهادة الزور، ودعوة الناطقين باللسان العربي المبين إلى هجرأساليب الأولين، واتباع أساليب المعاصرين، واستبدال اللغة العامية بلغة القرآن؟! إن الغرض من هذا وذاك هو صد المسلمين عن هداية الإسلام، وعن الإيمان بإعجاز القرآن، فإن مَنْ أوتي حظـًّا من بيان هذه اللغة، وفاز بسهم رابح من آدابها، حتىاستحكمت له ملكة الذوق فيها، لا يملك أن يدفع عن نفسه عقيدة إعجاز القرآن ببلاغتهوفصاحته، وبأسلوبه في نظم عبارته.

إن هؤلاء يريدون من الأديب العربي أن يكفربأدب لغته التليد، ويترك السبح في بحارها، والاقتباس من أنوارها، وينسلخ من سليقتهالعربية، ويتبرأ من فطرته الإسلامية، ويتكلف تقليد الغربيين في ترك القوافي والأوزان العربية، ويتنحل المعاني اللاتينية الإغريقية، فيكون في عداد المجددين، ويهدم ما استطاع مما لأمته من لغة وأدب ودين.
ومن الغريب أن عمدة دعاة الزندقة في هدم مقومات هذه الأمة ومشخصاتها وصفها بـ (القديمة)، وشبهتهم أن كل قديم فهوقبيح يجب تركه، ومن المعلوم بداهة أن حسن الأشياء وقبحها الحقيقيين في ذاتها وفائدتها، لا في قدمها وجديتها، وما من قديم إلا وقد كان جديدًا، ولا جديد إلاوسيكون قديمـًا، ومَنْ لا قديم له لا جديد له؛ بل لا وجود له، وإنما الأمم بتاريخها،ومَثَلُ مَنْ يحاول هدم تاريخ الأمة لأجل تجديدها كمثل مَنْ يحاول هدم بنية كل فرد منها ليجدد له بنية أحسن منها، نَعَم كل حي يحتاج من حين لآخر إلى جديد يكون مددًا لقديمه لا هادمـًا له، ومصلحـًا لما فسد منه، ومن عجيب أمر هؤلاء أننا نراهم يدعون انتحال ما هو أقدم مما يذمون من قديم أمتهم كالأدب الإغريقي، والشعر الإغريقي، الذي هو دونالأدب والشعر العربي الجاهلي والإسلامي، والحق أن كلمة الجديد والتجديد كلمة خادعةللشباب الناشئ، مستهوية لخيالهم، لأنهم لا يريدون إلا جعل هذه الأمة لقمة سائغة لسادتهم المستعمرين، بتقطيع ما يربط بعضها ببعض من لغة وأدب وتشريعودين.


المراجع:
- مجلةالبيان-العدد 134 شوال 1419هـ/فبراير 1999م(ص: 38(.
- مختار المنار ، عبد العزيز آلالشيخ (3/46(.
- البحث عن المعنى ، عبد الواحد لؤلؤة (ص97).


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التعريف بالأدب وأنواعه وتاريخه Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 February 19, 2014 05:14 PM
تحميل كتاب المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع وردة الثلج كتب اللغة والبلاغة 0 December 4, 2011 07:15 PM
التسمية الغربية للجنس العربي عدائية (لنصحح تاريخنا العربي المجيد) imabel مقالات الكُتّاب 0 November 4, 2010 09:53 PM
رحم الله شيخ الأدب العربي المعاصر بقلم محمد عباس عرابي محمس عربي مقالات الكُتّاب 0 August 21, 2010 02:19 PM
قصة ولد وبنت من العصر الحديث ... بقلم المهندس لواءالدين محمد عبدالرحمن أحمد لواءالدين محمد روايات و قصص منشورة ومنقولة 4 June 5, 2010 02:17 AM


الساعة الآن 07:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر