فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم April 1, 2014, 02:57 PM
 
تعرف علي لغة الحوار في الرواية لهيثم حسين

العالم الروائيّ عالمٌ يمتاز بالغنى والثراء، ويتأتّى له ذلك من مقدرة الرواية الاستيعابيّة، التي تعيد إنتاج الأساليب المختلفة، لتظهرها بحلّتها الروائيّة، فتتضمّن الشعر، والكثير من القصص، والتنظيرات الأدبيّة والفكريّة، والتحليلات النفسيّة، والتكهنّات المستقبليّة... إلخ. وكلّ ذلك يتمّ من خلال تلبيس الروائيّ ما يريد أن ينقله إلى قارئه، لبوساً روائيّاً،‏ في سياق لا يبدو فيه أنّه قد جاء مُقحَماً أو مضافاً في غير موضعه.. وليس للرواية طريقة تقيّدها، أو أسلوباً يكبّلها، بل تأتي قوّتها من الانفتاح على الطرق والأساليب المتنوّعة، حيث أنّ باب الاجتهاد ما يزال مفتوحاً على مصراعيه، وهذا ما يدأب الروائيّون بمختلف أجيالهم وانتماءاتهم، على العمل عليه وبلوغه. وكما يقول جاك بريفير: إنّ الرواية تنمو كالعشبة البرّيّة.. ولا يُقصَد بها ذاك النموّ العشوائيّ، بل أنّ التنامي الروائيّ يكون من خلال تحكّم الكاتب الشديد ببصائر ومصائر شخصيّاته، التي قد لا توافق توجّهاتها ورؤاها هذا الواقع أو ذاك، لكنّها بالنتيجة تعبّر عن وجهات نظر موجودة، ومعمولاً بها، ومأخوذة على محمل الجدّ، حتّى تلك المستسخفة، تعود بجذرها إلى الجدّيّة المبالغة أحياناً، فليس بالضرورة أن يقال كلّ شيء هامّ بجدّيّة وصرامة، بل أنّ هنالك كثيراً من الأمور التي تناقش قضايا مصيريّة، تطرح بواقعيّة على لسان شخصيّات لا تعقّد أيّ شيء، وهذا ما قد يولّد نفوراً أو استنكاراً من بعض القرّاء، حول وجوب تقديم تلك القضايا بأساليب تليق بها، وبحجمها وعظمتها، لا بتلك الطريقة التي تنال منها، تحت ادّعاءات أو مسمّيات الانتصار لها. تنبني الرواية على عدّة أركان رئيسة، إحدى أهمّ تلك الأركان: الحوار. والحوار بشكل عام يعرَّف على أنّه طريقة من طرق التواصل هدفه المراجعة في الكلام للوصول إلى الصواب أو الأكثر صواباً. وفيه حجة ودليل. وقد يكون نقاشاً وتبادلاً للحديث بين طرفين. أمّا في العالم الروائيّ فإنّه يعتبر عنصراً أدبيّاً هاماً، يشكّل مدماكاً رئيساً في العمارة الروائيّة، ولكن أيّ مدماك يكون، هل يكون داعماً مسانداً لهذه العمارة أو يكون مضعضِعاً مُضعفاً لها. نتساءل عن الكيفيّة التي قد يأتي بها، مُضمّناً في الرواية، مقولاً على ألسنة الشخصيّات، وهل يجوز أن نتساءل عن إمكانيّةٍ أو احتمالٍ في العالم الروائيّ، أم أنّ الحدود مفتوحة، ولا قيود إلاّ ما تفترضه العملية الإبداعيّة، ورؤية الكاتب في كتابته؟‏
كيف يكون الحوار في الرواية؟ هل يعبّر عن ثقافة الشخصيّات وآرائها..؟! هل هو تقويل الكاتب أم أقوال أبطاله؟ لماذا يكون اللجوء إلى الحوار من قبل البعض، ولماذا الرغبة عنه وتهميشه من قبل آخرين؟ هل يستقيم البنيان الروائيّ بدون الحوار؟ هل يجوز أن تكون الرواية كلّها حواراً/ حواريّة؟ هل اكتفاء الروائيّ بسرد الرواية على لسان راويه نيابة عن الحوار يقوّي أم يضعف الرواية؟
لا شكّ أنّ الحوار ركن أساسيّ تتكون عن طريقه ملامح الشخصيّة وتكتسب المواقف قوّة الإقناع أو التبرير. ومن إحدى الإشكاليّات أو التحدّيات التي تواجه الروائيّ كيفيّة التعامل مع اللغة، وكيفية إجراء حوار بين الشخصيات، وهل يعتمد اللهجات وحدها أم الفصحى أم يزاوج بينهما لتكون هناك لغة وسطى.. يردم من خلالها الفجوة بين الشخصيّة وعالمها الروائيّ، والقارئ وعالمه الواقعيّ.‏
وقد اجتهد كثيرون من الروائيّين في هذا الحقل الروائيّ، وأبدعوا فيه، من دون أن يلغوا غيرهم، أو أن يستبدّوا برأيهم. فقد تمكّن نجيب محفوظ من تقديم إنجازات لافتة ومهمّة في لغة الحوار، حيث أنّ الشخصيّة في كثير من أعماله، تتكلّم وفق ثقافتها، حتّى لَيظن القارئ أنّه لا دخل أو تدخّل للروائيّ فيما يحصل، وذلك وفق استراتيجيّة مدروسة، وتخطيط واعٍ.. وقد عِيب عليه ذلك من قبل بعض النقّاد.. وهذا أيضاً يحتمل الأخذ والردّ، لكنّه لن يكون من منطلق الإقصاء يقيناً. كما نجد الحوار عند آخرين يأتي بلغة السرد نفسها، بتلك السويّة العالية، كالحوار في روايات سليم بركات، إذ لا فرق بين أيّ متحدّث وآخر، من حيث السويّة، فكلام الإنسان البسيط يأتي ككلام العالم أو المثقّف، مكثّفاً مفعماً باللغة الجزلة التي لا تليق وثقافة الشخصيّة، لأنّ السارد هو الذي يأخذ على عاتقه تفكير الشخصيّات بفكره، رغم محاولة أيّ كاتب تقمّص شخصيّاته حين كتابتها، ذلك حتّى تكون دالّة على الشريحة التي تعبّر عنها، أو تمثّلها.. وقد يأتي الحوار متأرجحاً بين بين بحسب تطويع الكاتب للغته، ونجد هذا الاجتهاد في بعض من روايات رشيد الضعيف الذي يخلط بين أكثر من لغة حين الحديث، كما في روايته «أوكي مع السلامة»، التي يستخدم فيها عدّة مستويات وسويّات، تتكامل فيما بينها مشهداً مشهداً، منتجة المشهد العامّ.‏
وهناك من الروائيّين من اعتمد الحوار بشكلٍ مطلق لبناء روايته، كالروائيّ اللبنانيّ شربل داغر في روايته «وصيّة هابيل»، التي جاءت على شكل حوار بينه وبين نفسه، أناه المنقسمة على نفسها، المحاورة لهواجسها وآمالها طوال الرواية، إذ تقترب الرواية من المَسْرحة، ذلك أنّ الحوار الروائيّ الذي يفترض به أن يكسر بعضاً من الملل الذي يتولّد جرّاء استطالة السرد، يتمسرح، ويكاد القارئ يشتاق إلى قراءة بعض السرد بين طيّات الحوار الذي لا ينتهي إلاّ بانتهاء الرواية نفسها. وقد يعتمد بعض الكتّاب على الحوار في بناء فصول بعينها، من دون أن يكون له الحيّز كلّه، وجاء استخدام ذلك بذكاء من قبل الروائيّ محمّد أبو معتوق في روايته «القمقم والجنّيّ»، حيث نقرأ فصولاً، شبه كاملة، حواريّة، حيث الجمل تكون طويلة، من دون أن تنقطع الفكرة، إذ يغدو الحوار سرداً للأحداث، وشرحاً وتفصيلاً لبعض الحوادث الأخرى، وذلك من دون أن يطغى على السياق العامّ. أي يترقّى الحوار ليؤدّي عمل السرد أحياناً، ويبادل بينه وبين السرد في المهمّة، يغني روايته بهما معاً، من دون أن يستغني عن أحدهما بالإضافة إلى التقنيات الأخرى المستخدمة من قبله بحِرفيّة.‏
ولا نعدم وجود بعض ممّن يرون في الحوار الروائيّ فرصة من الكتّاب لدسّ أفكارهم بين ثنايا أقوال وأفكار الشخصيّات، وأنّ اصطناع أو إقحام الحوار ما هو إلاّ التفاف مكشوف من قبلهم، أو هو ضعف في امتلاك الأدوات، إذ لا يجوز أن يفلت النصّ من بين يدي كاتبه، ويجب عليه أن يكون حريصاً وواعياً لاسترساله أو إسهابه، عندها لا يكون في حاجة إلى الاستعانة بالحوار لكسر رتابة السرد، أو تشكيل منعطف منبّه إلى أنّ هناك تنويعاً ملموساً في الرواية.‏
يبقى نجاح وتفعيل الحوار الروائيّ شرطيّاً غير مكتمل إلاّ باكتمال العناصر كلّها، ذلك لأنّه قد يؤدّي عكس المراد منه، عندما لا يجاد استخدامه وتجييره، فلا عبث ولا مصادفة في الرواية، كلّ ما يتسرّب إليها، لابدّ أنّه يكون بناء على تخطيط كاتبها، ورغبته واجتهاده.‏
هل يجوز تقعيد أو إيجاب في الرواية؟ أليست من إحدى فضائل الرواية أنّها لا تقف عند حواجز أو تنظيرات تحاول تقييدها، ولا تنقاد لمزاعم تربكها وتقلّل من هيبتها بتضييق شساعة عوالمها، بل تختطّ كلّ يوم، خطّها الذي ينفتح في الفراغ ويمتدّ فيه، ذلك أنّ وضع نهاية للاجتهادات يعني قتل كلّ المبدعين، كما أنّ استلاب المبدعين وجهات نظرهم يعتبر تعدّياً على حرّيّة التفكير والتعبير التي تؤمّنها الرواية كميدان عصيّ على الإحاطة والتسوير. وهذا من بعض ما يقوّي قواعد الرواية ويبني أسساً متينة يقوم عليها البنيان الروائيّ الذي يتهندس تبعاً للروائيّ ونظرته إلى العالم.
(ملحق "الثورة" الثقافي، دمشق، 23-12-2008).


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعرف علي ادب الحوار واحترام الاراء Yaqot علم النفس 0 February 24, 2014 02:00 PM
الشروق تصدر "يأكلهن سبع عجاف" لهيثم دبور FARES_MASRY الأخبار الثقافية وعروض الكتب 1 August 16, 2013 06:11 PM
أهمية الحوار داخل الأسرة.مسؤولية الوالدين . الحوار ثم الحوار ثم الحوار . RiiFi الاسرة والمجتمع 0 February 8, 2013 09:20 AM
عاوز كتاب المادة 212 لهيثم دبور M.Ibrahim أرشيف طلبات الكتب 3 November 11, 2011 01:55 AM
تعرف على فنون الحوار والإقناع بو راكان علم البرمجة اللغوية والعصبية NLP وإدارة الذات 6 February 9, 2009 01:47 PM


الساعة الآن 10:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر