فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم March 28, 2014, 03:02 PM
 
تحليل مسرحية قراءة في سيرة قاتل مجهول

العرض الأخير



قاسم فنجان





مونودراما


" قراءة في سيرة قاتل مجهول "
( االممثل في غرفة للتشريح يتأمل الجمهور وحيداً )

النص

تأخر ، تأخر كثيراً ، هاهي عقارب الساعة تشير الى منتصف الليل و لم يأتوا به بعد ، سيأتون به حتماً ، لن يتركوه في العراء أبداً، هنا محطته الأخيرة ، على هذه الطاولة الباردة سأختلي به أخيراً " أصوات خارجية يتحرك على أثرها الممثل نحو النافذة" لاشيئ غير سكون الليل ونباح الكلاب المتحلقة حول هذا المكان العطن ، لا شيئ غير الروائح النتنة التي تبعثها الجثامين الخاوية من الأرواح ، " يعود الى مكانه السابق " آه ٍ ، هذه ليلتي الحاسمة و لاينبغي أن أرتاع فيها من أي شيئ ، قليل من الصبر وسيصل محمولاً على عربته، سوف أضع شفتيّ على شفتيه الزرقاوتين ، ساقضمهما بشدة ، سوف أشرّحه بأظافري المتسخة و أقطعه بأسناني الصفراء ، ساجتث أعضاءه السوداء و أمزقها شر تمزيق ، لن أشفق عليه الليلة أو أرفق به قط ، إنه وليمتي ، و ليمة ليلتي هذه ، ليلة إنتقامي الأخيرة " موسيقى على أثرها تدخل جثة متوشحة بالبياض على عربة الى منتصف المسرح يرفعها أحدهم ويسجيها على طاولة التشريح ويخرج "ها قد وصلت أخيراً الى محطتي التي سيصلها الجميع أخيراً " يتلمسه " بارداً كما عهدتك كالصقيع، لاتتعجل ستصل حرارة أكفي المستعرة الى جوفك المتجمد وستمور بالحياة من جديد"ينزع قميصه ويرتدي قميص التشريح"هانحن معا متوحدان في غرفة مرّوعة وموحشة تزينها مشارط وشفرات ومخازر ولفائف قطنية وخيوط، انظر اليها ايها الساكن وتملى فيها جيداً، انها ملكوتك الذي قتلت الجميع من أجله،غرفة للتشريح في مشفى مدينة ملعونة،وطاولة باردة كالثلج تشاطرك عليها في كل لحظة أشباح من شرحتّهم يداك سابقا.
أعلم ان المكان لايليق بك لذا سأعمل جاهداً على إحالته الى فردوس يشبه فراديسك البالية،"يتحرك ويفتح باب ثلاجة الموتى فتُضاء أدراجها بأكثر من جثة"ًهاهو النور الذي لا يُحّد ينساب بغزارة ليشرّح عتمة الأشياء،سأنزع عنك هذا الغطاء الثقيل لتراه جيداً"يسحب الغطاء من الأسفل فتتجلى جثة لها هيئة مخيفةعلى أثرها يرتد الممثل الى الوراء مكمماً أنفه بكفه"ماهذه الرائحة العطنة،عذراً ياسيدي لاأعني رائحتك، انها روائحهم! روائح تلك الجثامين المهملة في براد الموتى،انك تعرفهم جيداً، انهم يائسون قتلوا حسب أوامرك الرحيمة،لذلك ينبغي أن تطمئن ياسيدي تماماً،انهم ميتون وأنا لاأقوى على تشريح من أمتهن القتل والظلم والبطش،اطمئن فلن يمس جلدك الرقيق مشرطي الأعمى،لن تمسك كفاي بسوء قط،سوف أقطعهّن إن إمتدتا إليك بشرٍ طفيف،ولكن"يدفع الطاولة صوب البراد المفتوح"تعال معي لنكتشف معاً سُبل الخراب التي رسمتها حكمتك الباطلة،تعال لترى مافتكت به يداك المجرمتان"يسحب أحد الأدراج فيستحيل الدرج الى عمود منتصب موثقة اليه جثة هزيلة"انظر الى هذه الضحية،انظر الى عينيها الجريحتين،انهما تحدقان من أعلى بعينيك الجامدتين،انظر انه سامق ومعتدل في موته ،أما أنت فمنحنٍ وخانع تحته،لاتقوى أن تحجب عينيك عن رؤية مشهد موته المروع"يرفع الجثة من فروة رأسها" هيا أنظر هذه اللوحة الموجعة لترى ماهو أقسى من الموت ،انه الألم ياسيدي الرحيم" يترك الرأس بهدوء" عذراً فأنا أقسمت على أن لاأمسك بسوء ولكن ثمة من يريد أن يراك وينبغي أن تراه،هيا تعال"يحرك الطاولة الى الخلف ويسحب أحد أدراج البراد الذي يستحيل الى طاولة للكتابة منكفئة عليها جثة لكاتب مقتول"وهذا نعرفه كلانا انه صاحب لسان وفكر،جلبتموه وطلبتم مني أن أكتب في تقريري عن موته أثر نوبة قلبية،كتبت كما أُمرت لكنني لم أكتب الكدمات الزرقاء على جلده ولاأخدود الحبل العميق الذي حزَّ بوحشية عنقه الرقيق،ولاالطعنات التي رقشت جسده النحيل،هاهو ياسيدي قائماً بموته أمامنا تسائلنا عيناه المتوسلتان عن لسانه الذي تدلى بعد شنقه وقطعتموه،بماذا أجيب،بماذا؟ وأنا قطعته بشفرتي هذه ورميته لكلاب المشفى، لكن الكلاب كانت أرحم منا حينما تنكرت لكلبيتها وولت هاربة بعدما راعها مارأته في محيط الخراب هذا" يسحب الدرج الأخير فتستقيم جثة في الفضاء"وهذه ضحية أخرى مازالت روحها الهائمة تطوف في فضاء هذه الجيفة العفنة ،لطالما اربكني حضورها المخيف في الليل فقط،في الليل عندما يعم السكون المكان تغادر هذه الضحية البائسة درجها في البراد وتسير أمامي كالأعمى متعثرة بالأشياء،تسائلت في سري : ترى عماذا تبحث هذه الجثة المتخبطة في الظلام؟ماذا تنتظر من وراء دوارنها المهووس في الليل،انتظرت حتى تسلل النور فوجدتها ياسيدي جثة بلا رأس"يرفع الغطاء فتظهر جثة معتدلة بلا رأس" انها تبحث عن رأس مقطوع تزين به جسدها الناقص،هل عرفتها ياسيدي القاتل؟ لقد وجدوها ملقاة على زبالة المدينة مسورين معصمها بورقة مكتوب عليها مجهول الهوية،والآن بعد أن قطعّت رأسها ومسخت هويتها أسألك عن هويتك بعد أن أحالك الموت الى جنازة منكسرة ترنو لمن يرأف بها ويهيل التراب عليها،ولكن لا ،سأرجئك كما رجأتني دائماً،لن أضع مشرطي الحاد على جلدك البائد،لن أوخزه بمخرزي المشحوذ بالنار ولن أدع القطن في فمك أو أذنيك،سأفعل مايحلو ليّ الليلة فأنا المحطة الأخيرة للجناة، أنا من سيعيد التوازن للأشياء المقلوبة، لذا سأفصل رأسك بوحشية وأهبه لمن لارأس له ولسانك ياسيدي سأقطعه ولن أعطيه لكلاب المشفى بل لقططها الجائعة ،إنه أواني يا سيدي وقد حان أخيراً" ماأن يضع الشفرة على رقبة الجثة حتى ينبثق أنيناً شديداً في الفضاء يرتد على أثره الممثل الى الوراء"ياالهي ماهذا الأنين وهذه التأوهات لمن ؟ان الأنين ينبعث حتماً من هنا" يتحرك للجثث الساكنة" انهم فرحون بماآل اليه مصير قاتلهم الوحيد ،لذلك هم يأنو.."يتوقف"كان حرياً بهم أن يهللوا بدلاً من أن يأنوا سأتأكد من ذلك"يضع رأسه بالتتالي على صدور الجثث"صمت موحش وصدور صامتة وخواء عميق"ينهض"انه من الخارج حتماً "يتحرك للنافذة"لاشيئ غير حفيف الأشجار البعيدة وصرير الرياح المرعب ونباح الكلاب القريبة"يوصد النافذة ويعود"ان الأنين ينبعث من هنا، لقد بحثت في كل مكان ولم يبق "يتوقف بخوف " سواه ! مستحيل انه ميت لايمكن أن يكون حيًا ،أجل انه ميت "يقترب من الجثة بخوف شديد ويرتد مذعوراً الى الخلف" ياإلهي ان الأنين ينبعث ممزوجاً بالتأوهات من الجثة "للجمهور"ماذا فعلت؟ ان موته المزيف كان كميناً قاتلاً ، دفعني إليه بدهاء ليستجلي نواياي الكامنة ،أجل لقد علقت من جراء غبائي بكمين شائك ومميت،انه مازال على قيد الحياة، انه حي ، حي ويمور بالحياة،سحقاً للساني الطويل الذي سيقطعه ويرميه لكلاب المشفى،مالعمل الآن بعد أن أصغى لكل هلوساتي الجريئة،ماأشد حماقتي وأعتى غبائي حينما قلبت الموازين على رأسي"يخطو بحذر صوب الضحية الأولى ويحاورها بصوت عالٍ"تستحق ياهذا القتل والألم الذي تلقيته قبل موتك كان قليلاً بحقك،لوكنت هناك في لحظة القتل لطالبتهم وبألحاح على قتلك لأكثر من مرة،كان يجب أن تموت ليحيا، مالضير من موتك وهنالك الكثيرون من أمثالك مازالوا يتطلعون الى شرف الموت على يديه،انهم بعدد الحصى أما هو فلم تنجب الحياة إلا قلائل منه وهم على عدد الأصابع،لتمت كي يحيا" للجمهور" لتموتوا كي يحيا" يرفع رأسه ويصرخ" ليمت كل من عليها وليحيا"يتحرك صوب الضحية الثانية" وأنت مالذي دفعك للثرثرة والهذر اللامجدي،هل تعتزم التغيير ممن لايتغيير،انت واهم إن كنت تريد مناصرة الحق ،لأنك باطل مثل كل شيئ باطل،باطل لأنك أردت أن تطيح به وتستولي على مكانه في القلب،كيف يمكن للقلب الواحد ان ينشغل بأثنين بآن واحد،كيف ياأحمق؟ تستحق أن تشنق لأكثر من مرة وتستحق أن يقطع لسانك ويرمى للكلاب التي أعرضت عن أكله ، هل تعلم لماذا ؟ لقذارته و روائحه المسمومة !" يتحرك للضحية الأخيرة"وأنت أما آن الأوان لك أن تتوقف عن البحث عن رأسك المفقود،ماذا يعني أن تموت بلارأس،الأمر سيان هنا،لقد مات الكثيرون ولم يعثروا حتى على غبار أجسادهم،يجب أن تشكره على هذا الفناء الرائع ،انك ميت في كل الأحوال وفي الموت لايهم أن تكون برأس أو من دون رأس،"ينحني بخشوع أمام الطاولة" آثمون ياسيدي ويستحقون قصاصك العادل،هيا ياسيدي إنهض من رقادك المؤقت وأفتك بهم جميعاً،وسأكون آنذاك معك مثلما كنت سابقاً معك،لقد تيقنت الآن جيداً أن مثلك لايموت،أما هذا الموت الأفتراضي الذي تلبسته فلن ينطلي عليّ أبدا ولن أنخدع به ثانية، انه إختبار لولائي وأنت تعلم أن ولائي لك دائما وكذلك وفائي،هيا ياسيدي ان سكونك يربكني ويفزعني كثيراً، هيا أيها الحي البارع في ادعاء الموت" يرفع الجثة من وسطها لتستوي بوضع الجلوس على الطاولة"ًهيا أعتدل في جلستك بشموخ ومجد ريثما أوصد الباب على أعدائك الميتين " يفلته ويتحرك صوب الثلاجة فتهوي الجثة على ظهرها مخلفة صوت ارتطام شديد يلتفت على أثره الممثل فزعاً "ياإلهي ماهذا ؟ هناك دم يسيل ، انه يتقاطر من جسده الحي" يتشمم الدم "انه دم، لونه أسود كالظلام، وماهذه"يتفحص الجثة"انها جروح كثيرة على جسد واحد،أجل هذه آثار طلقات قاسية أخالها مسمومة وهذه الكدمات لأعقاب أحذية ثقيلة وهذه أيضاً لأخامص أسلحة مختلفة، ماكل هذه القسوة ياإلهي،من المحال أن يكون حامل كل هذا حي ،انه ميت أجل ميت والدليل هذا الدم المتخثر وهذه الكدمات الزرقاء، إنه ميت وسأمزقه بلاخوف ، ميت وسأشرحه من هنا "ماأن يضع الشفرة على الرقبة حتى ينبعث في الحال صوت لطفل خائف" "لاتخنقني أرجوك،لاتخنقني،لن أفعلها ثانية، لن أتأخر عن البيت ياأبي، سأعود مبكرا ، سأعود ، سأعود .. " لن أنخدع ثانية ولن تثني عزمي هذه الأوهام الباطلة،سأشرحك وأتجاهل هذه الأصوات المزيفة،انها أصوات كاذبة يصدرها رأسي المنهوك،أصوات لن تشل إصراري على تقطيعك، لكنني كما تعلم رؤوف بالآخرين لذا سأشفق عليك وأبدأ من رأسكً "يغرس الشفرة في الرأس فينبثق منه صوت رخيم لرجل غاضب" إرفع رأسك عالياً، إياك أن تنحني، سوف يمتطونك ياخنثي مثلما يمتطون الدواب، أرفعه عالياً وإلا ..، " أصوات لأسواط تتوالى بقسوة على جسد عارٍ تصاحبها تأوهات خافتة " ماهذا ! التأوهات ثانية ، إنك تريد أن أرتد وأعدل عن عملي، انك واهم ، لقد مرت على هذين الكفين آلاف الجثث،قمت بتمزيقها بمبضعي هذا ولم يرفَّ لي جفن ،لن أخافك بعد الآن والأصوات التي تتردد هنا هلوسات يبعثها داخلي المأزوم بك،انها أوهامي وسأدحضها عندما أزرع شفرتي في القلب "ماأن يغرز الشفرة في صدر الجثة حتي ينبعث منها صوت آمر " أقتله ،هيا أقتله ولاتتردد، إسفك دمه أمام الناس، أقتله وأزرع الهلع في قلوب الآخرين،هيا أقتله ، أقتله، أقتله.." " يرتد الممثل مبهوتاً الى الخلف " لِمَ أنا خائف من جثة لاتقوى على الحركة والكلام،مالسر المكنون فيها،لماذا ترتدالأصوات البعيدة صو كلما أمتدت كفاي لها، انها الأشياح، أجل الأشباح الموكلة بهذا المكان اللعين ،هيَ من تتكلم وتربك عملي ومرادها أن تحول بيني وبينه،لكنني لن أنقاد لها بل سأجهز عليها قبله، انها هنا سابتة في عدة التشريح "يصرخ" سأتخلص من هذه الأدوات المسكونة بالأشباح وسأشرحك بأسناني "يقلب طاولة الأدوات على الأرض وينحني على صدر الجثة ليعضّها فينبثق صوت أنثوي حزين " ها ياولدي لِمَ تلعقه،انه دم أخيك البرئ،اتركه ياولدي ولاتفعل،اتركه إن هذا حرام،حرام،حرام.."أخي ! ماهذا الهراء، أيها المهووس المقيت تريد أن تستتر عن عقابي ،لن أمنحك هذه الفرصة قط،سأزرع أصابعي الناشفة في جرمك النحيف وسأجتث كل ماهوسابت في جوفك القميئ ، سأمزقك بأظافري هكذا" يزرع كفاه في بطن الجثة بقوة فينبثق صوت رجل حالم " آه .. ماذا تفعل يامجنون إنك تؤلم ذكرياتي " تنبعث في الفضاء أغنية وجدانية يطرب لها الممثل " هذه أغنيتي المفضلة،كيف يمكن لهذه الجثة الموبؤة أن تحمل في ثناياها هكذا أغنية،ياألهي ،ترى ماذا يكمن لي في هذه الجنازة التي تقترب في أحوالها مني،انني حتماً أهذي "يتفحص جبهته "أجل انني أهذي "بهستيرية" يجب أن أقطع هذا التواصل المخيف بيني وبينها ،انها ذريعة ناجعة أخرى تفتعلها هذه الجثة لتدرأ عنها خطري المفزع،سأهوي عليها بأي شيئ ، أي شيئ ..."يعثر على فأس قريب،يتناولها ويهم بها على الجثة فيستوقفه الصوت الأنثوي" لاتقتل نفسك ياولدي،لاتقتلها،ان القتل حرام، إنك تؤلمني، تؤلمني لا يا ولدي لا " لا ، لايمكن ان يكونني هذا القاتل المرعب ، لا انه مجرم ووحش مخيف، أما أنا فحمل خانع ولطيف"ينكمش على نفسه"حمل مازال رأسه الصغير يضج بالأحلام الصغيرة،أرنو لحياة تزركشها خضرة الود والأمان،أتملى بالدنيا واشياؤها الزاهية وأخزن في ذاكرتي الود للجميع، لم يعرف الشقاء طريقه نحوي فالرضا كان شعاري الوحيد،كنت سعيداً وأنا أنموهادئاً يكتنز جسدي الصغير بالسعادة التي كنت اراها في داخلي، لذلك قررت أن أتابعها خارج بيتي،خرجت وكلي إصرار على رؤية العالم الجديد ، سحرتَّني نغمة الحياة وموسيقاها حتى أدركني المساء، عدت وفي جعبتي حكايات كثيرة عما رأيت ، كنت أود أن أرويها لأبي لكن أبي أطبق على خناقي بكلتي يديه القاسيتين " يطبق الممثل بكفيه على رقبته ويصرخ " كان يخنقني فأصرخ وأصيح لا ، لاتخنقني ياأبي لن أفعلها ثانية ، لن أتأخر عن البيت ،سأعود مبكراً ياأبي سأعود ! يكفي أرجوك يكفي، توقف ياأبي عن جلدي أرجوك، توقف ، توقف ، لكن أبي لم يتوقف عن جلدي، كان يجلدني بقسوة وعنف ولم يهب أي أحد لنجدتي، كان كلما يمعن في جلدي أمعن في عنادي حتى قرر ذات يوم ان يطردني من البيت "يتوقف أمام الجمهور"عدوت الى الشارع العريض بداخل مدبوغ بالخراب والوحشية،لاهم لي سوى النفخ في جذوة الحقد الخامدة،أيقظتها بالحرق أولاً، أجل الحرق! كنت مولعاً بحرق الكلاب لأتها ترمز للوفاء،لذلك أخذت أسرق من أجلها الدجاج من الجيران وأستدرجها لملكوتي القاتل بعد أن تألفني ثم أصطحبها بود الى هياكل مهجورة وهناك وبلذة القاتل المحترف كنت أقيم على مرأى من شيطاني حفل الشواء المخيف،أراقب بنشوة المنتقم تفحم الجرم الحيواني وتحوله الى رماد،كانت روائح ضحاياي وشواطها الشديد يغمرني بالقسوة ويغرس بي مخالب وحش مخيف،صرت أنمو في الهياكل المهجورة بمنأى عن الآخرين مشيداً قامة لمجرم قاتل وخطير،يكللني الشيطان في عدوي الماجن بالنجاح في كل مرة ويعلنني على الملأ بؤرة للرعب والخطيئة، لذلك ارتديت ثوب اللعنة وقررت الموت على الآخرين،مضيت ناشراً الشر في كل بقعة من محلتي الصغيرة حتى ذاع صيتي عالياً وأصبحت في ليلة وضحاها الرئيس"صمت قصير"رئيس لمجموعة منكسرة مثلي لاهم لها إلا الشبع،أشبعتهم ترفاً وخوفاً حتى أنقادوا لي كالعميان، كنت على رأسهم وهم يسرقون وينهبون ويسلبون ويحرقون! لكنني لم أسمح لهم بالقتل ،لم أقتل ولم أتذوق طعم الدم البشري حتى جاءت الحرب وحولتني الى قاتل محترف لاهم له إلا الولوغ في دم أعدائه المارقين، قتلتهم جميعاً حتى أصبحت ساحة الخصم خالية منهم تماماً،بحثت عمن أقتله فنداء القتل كان يمور في داخلي كالبركان،واللذة المالحة للدم كانت تزمجر في داخلي كالأعصار،لم يكن أمامي بعد أن غاب الأعداء سوى الأصدقاء، قررت أن أروي بهم ضمأي الجارف،أمعنت في البطش والفتك والقتل حتى أصبحت الرمز للمجرمين والمنقذ للمارقين، التفوا حولي جميعاً وأحالوني في غفلة من العقل الى بطل ومخلص وزعيم " زعيم ماهذا الهراء! اذا كنت انا الزعيم، هذه الجثة لمن اذن؟ لي أو له،انها له،لا،بل لي،كيف وأنا المشرح وليس الزعيم،انها له وليس لي وهذا جسده وليس جسدي،ولكن مالفرق وكلانا يشرح الآخرين ولكن بمبضع مختلف،لِمَ لاأكون أنا الزعيم وليس المشرح وهذه الجثة المسجاة على الطاولة الباردة جثتي"يتفحص جسده"انني بارد مثلها ولاأقوى على الأمساك بأي شيئ هنا،أناملي متحجرة ولاهدير لدمي الفوار فيها وكذلك عيناي جامدتان لاتحدقان بشيئ هنا إلا فيها" بغضب" ياللجثة اللعينة سأطمرك بلا تشريح وأقبر معك كل أوهامك المخيفة"ماأن يقلب الجثة حتى يتهادى منها حبل أحمر"ماهذا الحبل المملوء بالدم، انه حتماً دمه يستعر ويفور وينبض بشدة،سأقطعه بأسناني"يطبق على الحبل ويقضمه ويصرخ" آه ياالهي انه يوجعني،لمن هذا الحبل المملوء بالدم القاتم،لن أتهاون معه،سأتابعه وسأعثر على وكره اللعين وسأجتث رأسه ألأفعواني بلا رحمة"يمسك الحبل بكفيه ويتابعه حتى ينتهي بجسده" ياالهي "ينزع قميصه ليظهر جذعه المكفن بالحبل تماماً"ماهذا الخراب الذي يكبلني، انه حبلي،حبلي السري،بؤرة وجودي القديم وحبل شقائي البدين،مالذي شده بقسوة إلى هكذا جثة ملعونة،انها جثتي حسب الحبل،جثتي ولكن أنا مَن أنا؟جسد المشرح المأفون أم روح الزعيم المعطوبة،انني حتماً روحه،أجل روحه المرتقبة الوصول الى الخلاص،احاول ان أنزع عن جثتي البائسة دمامل شرورها القميئة،لكنها تكبلني بقوة،انها تأبى أن تحررني من أفعالها الدنيئة،مالعمل وطوفان نتانتها يحيل روحي الناصعة النقية الى جثة مخيفة،أما مِن منقذ ينزع عني لعنتها الأبدية،أما مِن محررٍٍ يحرر روحي لتحلق بعيداً عن جثتها،اني أتوق للأنعتاق كما الميتين الى النوم،ارنو لهدوء سباتهم اللذيذ،لكن الحبل الدموي الملعون يشدني لكل ماهو قاسٍ ومرير،سأحررني وأخنق حبل الشر هذا"يطبق بكلتا يديه على رقبته ويأخذ الحبل بالألتفات عليه من خلال دورانه"هيا أطبق أيها الحبل اللعين على روحي،هيا يامن صيرتني مطية بائسة لجثتي النافقة،إخنقني وأذقني طعم الألم الذي لم أتذوقه،هيا أمسخني بقصاصك العادل الى كلب حارس لجثة منبوذة ،هيا إخنقني ولاتكترث لأوجاعي ،هيا انه آوان القصاص وقد آنَ للمقتولين،هيا،هيا،هيا،"يتهادى الممثل على الأرض ويقعي بعد أن تتحول هيئته الآدمية الى كلب من جراءالتفاف الحبل الطويل عليه ،يأخذ بالدوران حول جثته القديمة مع بدأ الموسيقى ومع خفوتها يبدأ صوت نباح بعيد يتلاشى بالتدريج مع خفوت الأضاءة وانسدال الستار"


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسرحية مسافر بلا متاع .. للكاتب الفرنسي جان أنوي , مسرحية مسموعة معرفتي كتب صوتية , كتب مسموعة 59 June 12, 2017 04:32 PM
تحليل مسرحية عاد الغائب Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 March 28, 2014 02:59 PM
مسرحية رابعة العدوية - يسري الجندي - دعوة إذاعية الى مسرحية معرفتي كتب صوتية , كتب مسموعة 1 February 15, 2013 03:49 PM
مسرحية آل باريت من شارع ويمبول - تأليف رودلف بيزييه , مسرحية مسموعة معرفتي كتب صوتية , كتب مسموعة 1 February 15, 2013 03:48 PM
قمبيز - مسرحية شعرية - أمير الشعراء أحمد شوقي , مسرحية مسموعة معرفتي كتب صوتية , كتب مسموعة 3 February 14, 2013 08:58 AM


الساعة الآن 04:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر