فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الحياة الاجتماعية > امومة و طفولة

امومة و طفولة كيف تعتنين بمولودك الجديد , تربيه الابناء ,ماقبل الولاده , الحمل, ملابس الطفل الجديد



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم March 27, 2014, 04:41 PM
 
أروع قصة عن يوميات عائد من فلسطين للأطفال

اليوم الأول

وعلى وَعدٍ من حضرته
وهنا - في قصر الدوحة - عانَقَني
وأمام المدعوِّين اختمَرت آمالُ العودة
خمسون خريفًا مُسِحَت مِن ذاكرتي
وكأنَّ الأرض انكمشَت
أضحَت في نظري بيتًا أسكُنه
في حِضن فلسطين
تعبتُ مِن التطواف
تعبتُ... تعبتُ.... فيا قلبي، اهدأ
وادَّخر الحُبَّ ليوم العَودةِ
فالصُّبحُ قريبٌ
والنصرُ قريب
مزهوًّا سأُصلِّي في (القدس)
مرفوع الهامةِ أدخل مسجد (إبراهيم) بلا خوفٍ
سأعيش كريمًا في وطَني
وكباقي الناسِ
سأُعلِّم أطفالي أن الحق - ومهما طال الظُّلم - سيَعلو
والأرض تعودُ... ولو شِبرًا شبرًا.
للصالح منَّا
الحلم الآن حقيقة
لا تَحمِل أمتعةً
اترك للأحباب شعارًا
مَن جدَّ وجَد
واسرِق نفسَكَ مُندفعًا مِن شَرَك النِّسيانِ
مشاكل قائدنا تُنسي الصبرَ مرارته
فالصُّلح لديه خيارٌ حرص المهديُّ عليه
فوقع لكفارٍ بيومٍ شبهه صُلح دنيَّه
انكفأ السِّحر على الساحرِ أضحى
وبقُدرة رحمنٍ فتحَا
ويُعيد التاريخ نفسَه
وركبتُ وحيدًا
ودخلتُ الجسرَ الخشبي يُسمَّى (جسر أَلِنبي)
كلِّي أمل بالوجه العربي يُقابلني
ويُعانقني
في الباصِ سرحت أصوِّر بيتي وأُشكِّله
وأشَمُّ روائح أزهاري
وأُسطِّر أروع أشعاري
وأفقتُ على صوت يَهوديٍّ:
زوَّار القدس هنا
انتظروا..... صُفُّوا... انتظروا...
سِرنا طابورًا مُنتظِمَا
وتقدَّمتُ بتصريحي ليهوديٍّ أقسم بيهوذا
أن القدس ستَبقى
أبدًا عاصمةً لا تقبَل قِسمة
أهلاً بالزائر أهلاً
نتمنى لك أسعد أيام تَقضيها
في أرض العزَّةِ إسرائيل
تفضَّل.. ادخُل بسلام
بسمتُه أعرَضُ مِن قُطر الأرضِ
وأعمق مِن قطر البحر الميت
أهلاً... أهلاً.... في إسرائيل
جعلوك الضيفَ..... وهم أهل البيتِ
فكن حذرًا... فالبردُ شديد.. البردُ شديد
خفَق القلبُ إليها
ودعا الله بأن يَحفظ للقائد عِزَّته ومهابته
والصبر جَميل
هانت يا عيسى... هذي الجنَّة مَوعِدُنا
ستَصول بشِعرك فيها
يَكفيكَ نسائم واديها
وصداح الطير على الأَفنان
تُسبِّح في الأشجار لباريها
رمضان الخير انتصفَت بالحَمدِ لياليه
ستُقيم الليل وتحمَد ربك في الأقصى
يكفي أنَّك فيه

اليوم الثاني

وصلْتُ إلى المَحسومِ.... وقابَلني أبناء العمِّ يُحيُّون
أنت من الأردن؟ ادخل....
وذهبتُ إلى المرآب..... ركبتُ إلى غزة
أتأمَّل صُنع الله بأرضٍ - كانت للأجدادِ - فلسطين
فحقول القمح وقد شمخَت بسنابلها
والطرُق المأمونة قد بُسِطت لراكبها
أتمنى قشرة موز... قِطعة ثوبٍ... أكياس قمامة
أجد التمثال... وشارات النصر.. وأعلام الزهو علامة
لا زالت دبابات (القسطَل) رابضةً في موقِعها
تُطلى.... تُدهَن في عيد النصر
تُزارُ كما نذهَب للكعبة حُجَّاجًا في كل عام
لا تلقى إلا عربيًّا يتعدَّى.... أو يتجاوز في سُرعته.... أو يتلصَّص
أسمح لحظات للفكر.. أحقًّا هذي الأرض لأجدادي؟
هل حقًّا يأتي اليوم الموعود
لتنطِقَ أحجارٌ وتُنادي:
يا مُسلم، يا عبد الله، ورائي قَذِرٌ فتَعال اقتلْه
سبحان اللهِ
قتلوك مرارًا ومرارَا
وتخمتَ شنارًا وشنارَا
وقطعت بحارًا وبرارَا
ورأيت الجنة وارفةً
يحضنها أرذل شعبٍ - إن صدقوا -
أنت المطرودُ - بلا ذنب
تتعذب في نار الدُّنيا
وتقاد إلى المسلَخِ يومَا
وتريدُ العودةَ مزهوَّا؟!
اخفِض رأسك أكثر من قدمَيك لترضى عنك يهودُ
فتحظى بدخول الجنَّة فوق الأوراق
إياك تُنادي بالصحوة
إياك تُطالبُ بالعودة
إياك تقول بأن المسلم مدعوٌّ للقاء الله على أرضٍ
كانت يومًا قِبلتَنا
قد صارت ملكًا للمَغضوب عليهم
رسموا كل شوارعِها وازدانَت بالنخل لتوهم مَن يأتي
أن يهود - كما الأعرابِ
تزدان شوارِعُهم بذوات الأكمام
نقَشوا آيات السلم مُطرزة
في كل مكان
فالقُدس اليوم - كما شاؤوا
عاصمة العالم بالألوان
دخلتُ بلا استئذانٍ
قالوا: إن الرمز يُقابِل حتى الحمَّار وبائع حلوى متجوِّل
ويُحقِّق ما أملوا
فكيف بمَن جاء على وعدٍ مِن أرض الطُّهرِ؟
أكيد سوف يُقابلني
ويُعانقني... كالأمسِ... وفي قصر الدوحةِ... مزهوَّا
وأخذت أرتِّب في ذاكرتي:
ماذا يسأل؟ كيف أُجيب
ما مقدار الأُلفة؟
ما ثمن الترحيب؟
القائد يَحضُر بعد التاسعةِ
يشرب شايًا - يُفطر... يقرأ كل جرائدنا - ثم يُقابِل بعد الظُّهر أوَمَجنونٌ أنت؟
أتريدُ مقابلة وبلا ميعاد؟
ولكني موجود
لا يُمكن أبدًا
بل يُمكِن
لا يُمكِن أبدًا... فتسمَّرْ في ذاك الكرسي
ولمَّا يأتي سيَكون الإذنُ
لا بأسَ... سأَنتظِر
وجلست... سمحتُ لنفسي أن تَرصُد كل دوافِعِهم
فعظيم يَصعَدُ.... عظيم يَنزِل
ووزير الإعلام كما النَّحلة - كالمنشارِ
يروحُ.... يَجيءُ.... يُفكِّر
فالمِسكين يُهيئ للحَفلةِ
فالرمز سيُقسِم بالله... ومنذ اليوم سيُصبِح أول مَن حكَموا
في الواقع ما استَبقى مِن شعب فلسطين
وقلتُ لنفسي ساعتَها
كيف سيَحكم شعب فلسطين؟ بلا أرضٍ... وبلا وطنٍ... وبلا جيش؟
آه صحيح... فالحامي والخافِض والرافع مضمونُ
هذه الطياراتُ تَروح وتغدو
تَخترِق مجال الصوت وتبرقُ .... ترعد
وسألت الضابط: ما هذا الإرهاب؟ وما هذا الضغطُ؟ لماذا التخويف؟
فابتسَمَ طويلاً... واستأسد إذ قال:
هذي لحمايتِنا
لحمايتنا؟ ممَّن؟
من إرهاب يهود كفَروا بالسِّلم ونادوا بالتَّقتيل
يا أرض، انشقِّي..... وابتَلعيني
أويُعقَل هذا؟!
سُبحان مُغيِّر أحوالٍ
كُنا خُدَّامًا مُضطهَدين فصِرنا أحرارًا مُضطهِدين
وقهقه يسخر مِن ليفي... ومن رابين
يُحيِّي في نفس الوقت أبا عمار
ووزير الإعلام يَروح..... يَجيء..... يعودُ بصُحبة اثنَين
أشار إلى برواز ضخمٍ يَحضن قبَّة الصخرة.... يُحاوِل أن يَخلعه، لكن الصخرة ثابتة فقلت: لماذا؟
قال الضابط: يُحضِّرُ للحفلِ.... أبو عمار يُقسِم هذا اليوم.... سيأخذها للحفلِ
سيكون الحفل بلا طعمٍ إن غاب القدْس عن الأنظار
لا يُمكن أبدًا أن يَخلعها؟ سيُشوِّه منظرَها.
بل يُمكن
انظر.. "يَهمِس في وجه الآمِرِ".
يأخذ عمالاً ويعود.... يَحمِل واحدةً أصغَر منها.
ليُصارع أحقاد التلمود.
وتدب الهِمَّة في الموجودين... ويأخذ كلٌّ موقعه
ويُناديني الضابط: اخرُج ..... اخرُج
لن أخرج إني مُرتبِط بالوعدِ
اخرج لا تُحرِجنا.... اخرج وتعال غدًا.
لن أخرج....
أمسَكَني اثنان وشدَّاني....
اخرج بالذَّوق وإلا
القائد ينزل والوفد الصحفي يُصوِّر
غدًا تأتي وتُقابله...
لم أشعر بالوقت ولا بالضَّرب ولا بالدَّفعِ
ولم أستيقظ إلا والصوت المألوف يُنادي:
أوراقُك في الأرشيفِ.... إلى الأرشيف خُذوه
وضعوني في سيارتهم تجري.... تلهث مُتعبةً
والألم الأمل يخدِّر إحساسي بالظُّلم
اصبر وتحمَّل
ساعات تُصبِح يا...... من أهل الحظوة
وستُصبح يا هذا رقمًا وطنيًّا
وهويتك الأصلية مألوفة
وسيُصبِح وجهك معروفًا
فعليه شعار السُّلطة
ستعيش بقية أيامك في وطنِ العُشَّاق
ولو رسموه على الأوراقِ
سيأتي المُنبطِحون يزفُّون
ويأتي الأهلُ ويأتي الصحبُ
وسيارات السُّلطة
أعلام تَخفق وحناجر تَهتف بنشيد العودة
يا أشرف مَن ناضل مِن أجلِ الحق وأجل الدِّين
مرحى.... مرحى.... يا ابن فلسطين
عادت أبناؤك بالنصر هنيئًا
ستكون الرتبة أكبر
سيُحيط بك العسكَر
تأمُر.... تنهى .... تحكم... تَظلِم أو تتكبَّر
ستكون وزيرًا
والرتبة في الجيش المَزعوم عقيد
يا صاحب هذا القلم المُتعَب
لا تَكتُب... ولمن تكتُب؟
لا بأس فشِعرُك مضيعة للوقتِ وهذا مَطلوب
في زمن يتمنَّى المغدور به أن يَركُض بالمقلوب
نافِق.... تاجرْ بشعارات العودةِ
والصق كل قذارات العارِ سعيدَا
تُصبِح محبوبًا وقريبَا
هل يحنث بالوعد رئيسٌ والصِّدق شعار الواعِد
والعودة أضحَت مضمونة
والضامن قدر مكتوب في اللوح المحفوظِ
بأرشيف السُّلطة ... حقًّا إني محظوظ....
فتحَتْ باب الأرشيف... الحاجَّة (يُسْرَى)
تَرتسِم على جبهتِها كل هموم فلسطين
من أنتَ؟ وماذا تبغي؟
أوراقي عندَكِ
من أرسلك؟
القائد أرسلني
ما اسمك؟ هات جوازك
داعبَت الحاسوبَ أصابعُها
وارتجَفَ القلبُ
اقتربت ساعة حسمِ مَصيري
ظهر الاسم على الشاشة باللون الأخضَر
فتفاءلت بخير
عادت قالت: مبروك.... لحظة
رجعت للحاسوب ودقَّت.... خرجَت ورقة
خُذ.... مبروك... راجع في (رام الله)
أخذت الورَقة أقرؤها
فإذا هي مِن مكتبِ سيدنا
والسيد لوزير العودة يأمره أن يتَّخذ الإجراءات مع الشُّكر
ووزير الصورة في "رام الله" يُحبِّر أوراقًا وقوائم يُرسِلها
ليُوافِق (بيريس) عليها .... أو
يشطب مَن دان بدِين لا يُعترَف به
أعني دِين أبي عمار
وأنا المسكينُ فماذا أفعل؟
في الماضي آمنت بهذا الدِّين، ولمَّا انقلب الميزان وصارت سُلطتنا علمانية
حفظت الدِّين بقلب يؤمِن بالله.... ولكن جاهدتُ بلكن,
لكنَّ الأمل وبالله كبير
سرتُ بلا هدف.... أضرب أخماسًا في أسداسِ
قادتني قدماي إلى شاطئ غزة
ورأيتُ البحر الأبيض أسود
يرغي.... يزبد.... يربد
والموج يُزمجِر مُندفِقَا
والصيادين وقد عادوا .... لا شيء جديد
فالبؤس يُعشِّش فوق مراكبِِهم
وشباكهم تَبكي
والطيران الإسرائيلي يحومُ ويرسُم نجمةَ داود فوقهم
وصلت لمحسوم (أريتس)
والشمس تمهِّد مضجَعَها
والباصاتُ - كموج البحر - تَقذِف بالعمال وقد عادوا كالنَّمل
وقد هدَّم بيته
بعض يَحمِل كرتونَا
بعض يَحمِل أخشابَا
آخر يَحمِل ماسورة
والبعض الباقي وضعوا أيديهم تحت الإبط.... البردُ شديدٌ والمطرُ بعيد
يسيرون كيوم الحشر وفي سردابٍ صنَعوه بأيديهم خصِّيصَى
يوصِّلهم بالواقع.... بالعالم الآخَر
ما أتعسهم.... ما أتعسَهُم... ما أتعسهم....
في تلك اللحظة آمنتُ بأن الواقع شيء والأحلام هباء
أن الأعوام الخمسين وقد مرَّت.... ما كانت غير هواء
أن الثورة مُذ قامت... ما قامت إلا مِن أجل الزُّعماء
أن الشعب المِسكين قطيعٌ يتربَّى.... يُذبَح كيف يشاء
أن فلسطين إذا ضاعت لن تُصبِح أُمًّا للغُرباء
أن الزُّعماء جميعًا باعوا كل فضائلهم في سوق مزادٍ باسم الشهداء
وباسم الشرفاء
يا خيبة مَن جاهد أو فاضَلَ... فالحيُّ الميِّت مَن عاش ليالي رمضان
بغزة في هذي الأثناء
وسألت السائق عن أحوال الناس فقال:
مَن تعني؟ الناس اثنان
زعيم كان عميلاً جاسوسًا أعني أصبح يَحكُم، يرسُمُ كيف يشاء
فهو الآن عقيدٌ في الشرطة لا يَعبُد غير المال وغير الجِنسِ
بلا دِين.... وبلا صومٍ... يشربُ... يسكَر.. يزني.. والسلطة ستر وغِطاء
والآخر مَتعوس يتمنى أن لو بقيَت إسرائيل مُهيمِنةً
فالرزق شَحيح، والعار قبيح
وأين كتائب عز الدين، أين حماس؟
أين جهادٌ؟ أين النخوة؟ أين العزة.... أين الإحساس؟
ضحكَ حزينًا.... ودموع الكبتِ على خدٍّ
لا تسألني.... اسأل عبَّاسًا... كانت موجودة... في شرم الشيخ اتَّفقوا
إسرائيل ارتاحت... إذ أوجدَتِ السُّلطة
لتُقاضي وتُحاكم .... وتُطارِد وتُهاجِم
يا سُبحان الله.. فلسطين لمن؟ للسلطة أم للناس؟
للسلطة يا صاحي... والسُّلطة جاءت من هذي الناس
كنا محكومين لإسرائيل... وصارت سُلطتُنا تَحكُمنا باسم القانون
قلَّ الداخل.... تضاعفَت الضرائب - مَن مات ارتاح فيا ليت ارتحنا

اليوم الثالث

في اليوم الثالث أسرعتُ إلى (رام الله)
تسلَّحتُ بسورة (يس) وآيات العزَّة والقُدرة
وطلبت من السائق يوصلني للسلطة فيها
وتفاءلت كثيرًا حين نزلتُ
فعلى مبنى كتبوا بالخط الكوفيِّ على بابه
آيات تُوحي بالخير
ودلفتُ إلى حيث الاستعلامات فقالوا
أوراقك عند معاليه
اذهب للمكتَب... رتِّب فيه مقابلةً.. اشرح فيها وضعَك
وذهبتُ إليه.... فقُوبلتُ بحسناوات أربع
إحداهنَّ تُدخِّنُ!
والأُخرى تُحكِم تسريحتَها!
والثالثة اسرتخَت بدلالٍ ترشُف فنجان القهوة!
والرابعة انتصبَت واقفة والسيجارة في فمِها!
قالت: كيف دخلت بلا استئذان؟ ليس الوقت مراجعة
وسيادته لم يَحضُر بعدُ
اجلس - إن شئت تُقابله -
وجلستُ
أهذي حقًّا سُلطتنا؟!
الإفطار العلنيُّ تعوَّده كل رجال الشرطة
والسروال اللاصق يُبرز ما يَسلُب عقل حليمٍ
ضحكاتٌ... ونِكاتٌ... شهقاتٌ... غنجات
يا خيبة مَسعاكَ... ويا ضيعة صومِك... اهرب... اهرب..
اهرب فالوضْع خطير
اخرج واقرأ لوحة إعلانات وتسلَّى ليَضيع الوقت
تسلَّلْتُ إلى اللوحة أقرأ ما فيها
إن هو إلا إعلان:
للإخوة مَن عاد إلى الوطن الغالي مِن أبناء السُّلطة
لوحظ أنهم امتلَكوا
أفخم سيارات فارهةٍ... وبلا جُمرك
وقد اضطرَّ - معاليه - إلى إيقاف استيراد السيارات إلى أَجَلٍ
فالسُّلطة مُرهَقة تدفع آلافًا للجُمرك للمَعبودة إسرائيل
ازدحمت ردهات وزارتِنا
والكل يُريد معاليه
ويمرُّ الوقت بطيئَا
وأنا أجلس حينَا .... أتمشَّى حينَا..
أقرأ في سري ما علق بقلبي من آيات الرحمن
أطلب وِردًا من ربي.... أرجو أن يَحضُر حالاَ
فالوقت المفروض تلاشى
وتسلَّل أكثرهم للخارج
وأخيرًا.. دخل رئيس الحُراسِ
تفقَّد كل مكانٍ قبل دخول معاليه
ساد الصمت رهيبًا والكل يُسمِّر عينه على باب المكتب
أشرق نور في الخمسين تلمَّع آخر تلميع
تتدلى حول العنُق السلسلة الذهبية
انتصَب الجَمعُ وحيَّا
وتقدَّمتُ إليه.... وسلَّمت عليه
وأبرزت (الفاكس) فأمسكه
هل فكَّر.. هل قدَّر... يضحَك مفتونًا ويقول:
وتريدُ العودة يا هذا
إن شاء الله، لقد سَمح القائد بالعودة
هذا لا يكفي، ارجع للقائد حتى يَكتُب خطيًّا وبتوقيع من حضرته
لا حول ولا قوة إلا بالله.... ألا يكفي... هذا التوقيع
إسرائيل توافق بدخول العائد من (فتح) وبتوقيع مِن قائدنا
ارجع واطلب منه العودة.. وألقَى في وجهي (فاكس) أبي عمار
جرجرتُ ذيولي... أترجَّى... لا
أتوسَّلُ.... لا
وخرجتُ... سألتُ عن (الأمُّور) فقالوا:
بالأمس عميلٌ وحقيرٌ واليومَ وزير
يا صاحب هذا القلب المُتعَب ..... لا تغضَب
إن شئت تقيم على أرضٍ نافِق.. عربِد.. وتجسَّس... تسعد
إن صرتَ عميلاً ترضَى عنك يهودُ
بل تُصبِح مسؤولاً... وتسُوَّد
في تلك اللحظة لا أدري.. كيف انتابتْني ومضة ضعف
أتمنى لو أني حين استُدعيت على الجسر إلى غرفتِهم
وافقت على أن أعمل معهم لحصلتُ اليومَ على أعظم أجر
فرَضُوه على السلطة فرضًا
وكثيرٌ أمثاله
إن وافق وَقَّع (بيرس)
وحصلتُ على رقم وهوية
سلَّمت الأمر إلى اللهِ
وأسرعت إلى الأقصى
صلَّيت العصر
طلبتُ من الله الصبر
وتهوين الأمر

اليوم الرابع

أبرقت إلى الرمز أُحيِّيه
أرجو منه وفاءً للوعدِ... وأطريه
أشرح ما حصل الأمس، فوزير العودة مُنشغِلٌ
بعمامته... وتجارته.... وإحياء لياليه
وشفعتُ جوابي بذهابي ثانيةً
علِّي أحظى بالصكِّ... ومِن حضرته
يأمُر فيه وزير الحُكم بعودة مذبوحٍ
يتمنى أن يرقُد فوق ثرى إبراهيم.....
الصمت يُخيِّم، والناسُ نيامٌ
إلا مِن سيارات الشرطة
هذا اليوم امتنعت إسرائيل عن استقبال العُمالِ
فذِكرى (يَحيى عياش) تُطارِدهم
هذا الأسد الضاري أزعجهم حيًّا... أزعجهم ميتَا
نصَبوا أعينهم في كل مكانٍ
وكلاب السُّلطة ساهِرةٌ
لا تسمح إطلاقًا بالتكبير وبالتهليل
ففي التكبير وفي التهليل التحريضُ على الثورة
والثورة في أيدي السُّلطة
والسُّلطة يَحكُمها سلم
والسلم استِسلام وقَّعه بطل مُكرَه
سرتُ وحيدًا أتملَّى
أتفرَّج في طرقات مُسخَت كل معالمها
فنفايات الناس مكدَّسة
وتُحاصِرها بِرَك الوحلِ وزحف الرَّمل
فيا سُبحان الله متى نتعلم أن نُصبِح مثل الناس
وصلتُ إلى أرض السُّلطة
هذا بيت أبي عمار
في مرتفع تحضنه دبابات خُضر، وتوجِّه كل مدافعِها نحو البيت
وحُرَّاس القائد - حراس الأمن - كما هم
وتقدَّمت إلى حيث يُقابِل قائدُنا مَن يرضى عنهم
استوقفَني الحارس... قال: اذهب لرئيس الأمن هناك
رئيس الأمن وقور جدًّا
أغلق باب المكتب... منظره" حقًّا راعب
والسيجارة لا تبرَح فمه
ويداعِب مجترئًا أُنثى
يتحسَّس أخبار مفاتِنها
ماذا تبغي في هذا الوقت؟
أُريد أُقابل قائدَنا
ادخُل في القاعة
ما دقَّق، ما سأل لماذا؟ فهو الآن في شُغلٍ
إذ أوصد باب المكتب بالمفتاح
ودخلتُ القاعة مُعتدًّا... وأُسجِّل اسمي في الموعودين
وقد جلَسوا
البعض أتى يطلُب ترقيةً
والآخر يسأل مَكرُمة
وأنا أسأل: ماذا؟
صعد الأول والثاني.. والثالث... والرابع قالوا لي:
اذهب لمقابلة الدكتور - رئيس المكتب
أُريد مقابلة القائد
القائد مشغول.... سيُقابِل وفدًا صحفيًّا... لا تغضَب
ولماذا أغضب؟
يسألني الدكتور عن اسمي... واسم أبي.. والعائلة المُحترَمة، واسم الأم الكامل أيضَا ويُسجِّل كل بيانات العودة في ورقة.... ويقول:
أخيرًا.. ماذا تطلب؟
ماذا أطلب؟ أتمنَّى أن أبقى في أرض فلسطين
لا بأس..... ستَنال الرقم الوطني
سيكون لك ولأولادك أرقام وهويَّات.... لكن
راجِعْنا بعد ثلاثة أشهُر
أبشر بالعودة مُنتصِرَا
وانسَ مرارة إبعاد
جهِّز نفسَكَ .... واستبشِر
لا تقلق.... فالعود حميدٌ.. وعلى الأبواب

اليوم الخامس

وأعود إلى قَطَرٍ وكأنِّي مصلوبٌ في زنزانة هذا الوعدِ
بلا روح .... وبلا جسد
أعود أُحدِّث إخواني
عن دولتنا المسْخِ وعن سُلطتنا
عن مُستقبلِنا
وظلال الحيرة والشك تُغلِّف حاضر أُمتِنا
سألوني عن إسرائيل هل انسحبَت؟
قلت: هُراء... أحكمت الطوق الأمني علينا
باسم السلطة والقانون اختطَّت طرُقًا تُنبئ عن نيتها
والأمن؟ والاستقرار؟
هذا مُحالٌ... فرجال الشرطة أكثرهم بالأمس جواسيس أنذال
وباسم القانون ورغبة إسرائيل امتهَنوا الشرطة في الحال
فالرائد زيد مختصٌّ بالكوك
والرائد عيد مختصٌّ بشراء الأرض
والضابط علاَّن تاجر بالجِنس وبالعِرض
وفلان أخذتْه العزة
فتقوقع ينعى البزَّة
في صحراء التِّيه.... أو في غزة
فالنسر العربي عليها
يَحضن في زهوٍ عَلمَ فلسطين
وشعارات - آهٍ يا تُجار - استوطنَتِ الشارع والمسجد والسجن
البعض يُبارك، والآخَر فارك
يتهدَّد أو يتوعَّد
والسُّلطة تَدعو بالمَجدِ لمن عادوا
والشارع مُزدحِم بالألوان وبالأشكال ولكن
أميبا الشرق مهيمنة
سألوني عن حُجَّاج القدس وزوَّار الأقصى
حدِّث عن راعية الدِّين بلا حرَج
آلاف الحُجَّاج يُصلُّون
زاروا ... صلَّوا... طافوا لكنَّ يهودًا راعية
باسم الحرية تدعوهم فيُلبُّون
يَفِدون بلا عددٍ وابن القدسِ المِسكين
لا يدخل ساحتَها إلا بالتَّصريح... وبعد سنين
فيا عجبًا، كيف يكون؟
سألوني عن مَجلسِنا التشريعي فقُلتُ
انتِخابات شهدَت بطهارتِها ونزاهتِها الأعداءُ
الحمدُ لمن شرَع العدل وقرَّر أن الشورى دستورٌ لا يُعلى
ما شهدت أرض يهودا.. عفوًا أرض فلسطين سوى
أبطال وُصفوا بالزهد وحُسن بلاءٍ في الهَيجاء
صفوا بالألوان على الجدران
والفائز منهم معروف قبل الفرز وبعد الفرز
وقد سُرقت واستُبدِلَت الأصوات
نضح الفلاَّحُ بوجه المدنيِّ وقد كادت تَسري نار القبليَّة
ورجال السلطة قد رشُّوا آلاف وآلاف الآلاف
لينجح زيد ويَسقُط رعد
وحماس انكفأت تتفرَّج.. إذ أفتَت بالتحريم
كما شاؤوا سارت
نجح المرضيُّون
وخابت آمال بوجود الصوت العالي ضدَّ القهر
نزَل الوزراء إلى الميدان وقد نجَحوا
أكثرهم فوزًا أقربهم للسُّلطة؛ أعني إسرائيل
أخذوا يرتشِفون المجدَ، وما صنعوه لأنفسهم، وباسم فلسطين
أبطال الماضي، هم أبطال الحاضر، لا شيء جديد
ما أوقحَهم .... ما أوقحهم...
تركوا مَن مات شهيدًا.... سرقوه
ومَن عاش طريدًا طردوه
افترَشُوا الديباج غرورَا
لبسوا الأثواب حريرَا
وتُكلِّمهم تحسبهم أيقاظَا
وجوابهم الفُحش وزورَا
والناسُ حيارى... اختلط الحابل بالنابل
فالكل يلوم الكلَّ، والخلُّ يعادي الخِلَّ
أسمعتُم عن أموال الدعم لمن وصلَت؟
للمسؤولين .... نعم وصلَت
وكروشهم تشهدُ... ولياليهم تشهدُ أيضَا
وبطانتُهم تشهد
قالوا: إنَّ فلانًا يأكُل من مال الصدقاتِ
وقد علََّق فوق البيت (الستلايت)
أبناء الشهداء المرضيين افترَشوا السجاد وناموا في أنعم حال
والمال بأيديهم يَجري ويفيضُ على الخلان
أبناء الشهداء المنسيِّين افترَشوا الغَبراء
وناموا.. حلموا بالنصر... فساروا في درب الآباءِ
والمطرودون يُقال بأنَّهُم سيعودون
ولكن مثلي....
أرقامًا وقوائم تستجدي السلطة باسمهم
ليَعيش الأحرار هنيئَا
ونظل - كما نحن - المنبوذين
قالوا: إسرائيل اتَّفقَت معنا في تعريف النازح بعد ثلاث سنين
واعترفَت بمائتي ألفٍ سيَعودون
تباعًا في دُفعاتٍ...
حسبوا وجَدوا أنَّا سنعودُ ولكن
بعد ثلاث مئات سنين
مرحى.... مرحى... أهل الكهف تَعودون
ولكن كيف؟
المُعجِزة انطفأت... وبحدِّ القهرِ
فطوبى... طوبى للغرباء

اليوم الأخير

اليوم فقط آمنتُ بأني بعتُ الدِّين
وبعتُ تراب فلسطين
بغياب الوعي وإحجام الضدِّ
وفصل الداخل عن أبناء الخارج
ضاع الحقُّ
وباسم الشرعية ضاعت كل فلسطين
يا خيبة آمالٍ نبضَت في السبعينات فضائلُها
فالحيُّ هو الميِّتُ.... والميت هو الحيُّ
ويا ليت الاثنين سواء
في غزة هذي الأيام تَساوى من عاش طريدًا مع من مات شهيدًا
من ينتظِر مواعيد الزعماء
كأبي عربٍ يتنفَّس آثام الصعداء
يتحوَّل مدُّ (الفتح) إلى جزرٍ
يتربَّع في النعش وحيدَا
سيَصير الحزب الأكبر - لا سمح الله - له حق التقرير
وتُسلَّط كل كرابيج السلطة تنهَش لحم المخدوعين
كذلك باسم فلسطين تُنادي
لا عاش فلسطينيٌّ لا يرضى بالعلمانية بدلَ الدِّين
فسلام الشُّجعان لنا هدف، وسلام الشُّجعان لنا دِين
تركوك وحيدًا في الميدان تُصارع كل العالم... ما أوقحَهم؟!
ودعوا بالتوفيق.... وأكثرهم جُندًا يعلم أنك لا تَملِك حقَّ خروجِك من غزة
أو من رام الله إلا بموافقة مُسبقةٍ منهم
نأسف يا حضرة إنا
نحترم أوامر قائدنا.... وقوانين الجيشِ
انتظر اللحظة تأتيك موافقةً
تبتلع سلام الشُّجعان ولا تدري
أن الذُّلَّ تغلغل حتى الغدَّة فيك
وإني مجنون؛ إذ صدَّقتُ بأنك تَملِك صكَّ العودة
عادت أبناؤك يا أمُّ هنيئَا
ففريق في الجنة قد سَعدوا
وفريق في قصر النار
وأنا في الأعرافِ أُنادي في أمثالي
يا ستير..... يا ستير...

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعرف علي قصة جاري العزيز ، أروع قصص إنسانية للأطفال Yaqot امومة و طفولة 0 March 21, 2014 06:57 PM
تعرف علي قصة الغريب الوحيد ، أروع قصص خيالية للأطفال Yaqot امومة و طفولة 0 March 21, 2014 06:52 PM
أروع بطاقات تعليمية باللغة الإنجليزية للأطفال Yaqot امومة و طفولة 0 March 12, 2014 03:22 PM
أروع قصص بوليسية للأطفال , قصة المغامرون الخمسة Yaqot امومة و طفولة 0 February 26, 2014 08:23 PM
يوميات الرئيس جمال عبد الناصر عن حرب فلسطين اريج الزهوور كتب السياسة و العلاقات الدوليه 3 February 8, 2010 04:57 PM


الساعة الآن 04:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر