فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم February 28, 2014, 03:58 PM
 
أروع مقال أدبي عن الخوف الأبيض


الخوف الأبيض


منتصف الليل إلا قليلاً، لأول مرة أبدأ كتابة شيء ما على صفحة بيضاء، لكن انتظاري الدائم للاشيء ونظرتي المتفحصة لساعتي الأثرية جعلاني أخوض مغامرة الخوض في الورقة البيضاء لأول مرة، ولأن الخلفية الموسيقية للمغامرة تخلق لها أبعاداً أخرى تجعلها أكثر رحابة واتساعاً وإثارة، ولأن الكتابة على ورقة بيضاء تماماً هي بمثابة مغامرة، لهذا لم يكن هناك أفضل من أغنية الأطلال للسيدة أم كلثوم، مصحوبة بهتافات المستمعين وتصفيقهم لها، لأسترسل في كتابة هذا «الشيء»، معتبرة أنهم يصفقون لي أنا تقديرا لشجاعتي، وهل هناك شجاعة أكثر من الخوض في المجهول؟ وهل هناك مجهول أكثر من الوقوف أمام ورقة بيضاء دون معرفة الشكل النهائي لما يمكن لتلك الورقة البيضاء أن تكتنفه من كلمات تحمل بداخلها أفكاراً قد تغير العالم بأكمله؟ ألم تبدأ كل الاختراعات في جميع العصور بورقة بيضاء موضوعة أمام عقل عظيم، ليمنحها كلماته أو معادلاته أو نظرياته التي سوف يتغير العالم بسببها فيما بعد؟
12:8.. أن أكتب شيئاً عن نظرتي الدائمة للساعة بين كل حين وآخر حتى اكتسابي خبرة في معرفة الوقت دون النظر للساعة، عندما أكون بعيدة عنها أو خارج المنزل، فأنا لا أرتدي ساعة يد، لكن وجه ساعتي الأبيض ذا العقارب السوداء بإطارها الخشبي المهترئ ماثل في خيالي باستمرار، وكأني أراه أمامي ودائما أنجح في معرفة الوقت دون النظر لساعات أخرى غيرها، أعتمد عليها وكأن ما أنتظره سيخرج من أحشائها، لم أعرف أبدا ما أنتظر، فقط أنظر لساعتي وأتفحصها وكأني في انتظار اعتراف تاريخي منها لوقائع مائة عام مَرَّت من عمرها، بدلا من وجهها الصامت المثير للرثاء، وحبيبات النحاس التي ترصع جسدها وأكاد أجزم أنها لاتزال تؤلمها حتى الآن، منذ قرر صانعها ذات مساء دقَّها في جسدها، كان الأحرى بها أن تحكي لي هذا «الشيء» الذي أنتظر كتابته، لكنها صامتة بلا دقات، تيك توك تيك توك، وبلا رنين أيضاً، «ص ا م ت ة».
12:15 .. كانت النظرة الأربعمائة وثلاث وستون لهذا اليوم، أعرف موقع كل ثانية ودقيقة بالساعة حتى إنه بإمكاني صنع خريطة تفصيلية لحركة العقارب، وتحديد متى يمران بسرعة ومتى يتوقفان ليعانقا بعضهما في شوق للقاء، بعيداً عن باقي أرقام الساعة ذات العقرب الثقيل الذي لا يمر من فرط ما انتظرته يمر، فلم يمر.
12:23.. ياللدقة، وهي الدقة التي ربما تجعل البعض يتهكم من اعتبار الفارق شاسعاً بين نطق الوقت بالتحديد واعتبار الدقيقة زمناً في حد ذاته لا ينبغي الاستهانة به، أو نطقه بشكل غير مكترث بما إذا كانت هناك دقيقة زائدة أو ناقصة، فالفارق شاسع بين 12:23 وبين 12:30، إنها سبع دقائق، سبع دقائق قد يتغير العالم بأكمله خلالها، لهذا أعتبر ساعتي هي الآلة الأهم بين تلك الآلات الكثيرة التي أقبع في منزلي محاطة بها وبأسلاكها المتشابكة.
12:40.. «كان صرحا في خيالي فهوى»، تصفيق حاد تقشعر له ورقتي البيضاء التي بدأ بياضها ينمحي شيئاً فشيئاً لتزول الرهبة مني، وأستطيع البدء في كتابة هذا الـ «شيء» المجهول.
1:6.. أعتقد أنى كتبت ما يكفي لأن أكتشف أنها في النهاية مجرد ورقة بيضاء، فأي مضطربة نفسياً تلك التي تخشى بياض الأوراق؟!
10: 1.. « أعطني حريتي أطلق يديا»، كانت أم كلثوم تقولها لحبيبها بينما كنت أقولها لمخاوفي، مخاوفي من الجلوس أمام ورقة بيضاء، مجرد ورقة بيضاء لا ينبغي أن تخيف أحدا.




نرمين يسر






رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أهم مقال أدبي عن الطريق إلى الموكشا Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 February 28, 2014 03:58 PM
أروع وأحدث مقال عن حكاية من كردستان Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 February 24, 2014 11:24 PM
أروع وأجمل مقال عن ارواح السكر الشريره Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 February 24, 2014 11:20 PM
أروع أفكار للحمامات رائعة وحصرية باللون الأبيض Yaqot الفنون الجميله 0 January 14, 2014 01:51 PM
نصائح طبية للتخلص من الخوف،علاج الخوف،الخوف وعلاجه RiiFi مقالات طبية - الصحة العامة 0 August 18, 2013 11:59 AM


الساعة الآن 10:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر