فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم February 28, 2014, 03:58 PM
 
أهم مقال أدبي عن الطريق إلى الموكشا


الطريق إلى «الموكشا»


أنتم أحرار بقدر ما استطعتم التخلي عما تمتلكونه من أشياء وعادات وتقاليد وأفكار بالية، لا الثراء ولا الرفاهية ولا السلطة ولا حتى الثورات هي الضمانات القادرة على إشعاركم بأنكم بالفعل أحرار، فبينما يضمن «الثراء» ورفيقته الأبدية «الرفاهية» شعور الإنسان بامتلاك قراره الكامل، من دون عقبات مادية، حيث تصبح قرارات، مثل قضاء إجازة نهاية الأسبوع في جامايكا، أو الذهاب للتسوق في باريس، معتمدة فقط على رغبة هذا الإنسان في فعل ما يود فعله من عدمه، إلا أنهما لا يضمنان أبداً ـ الثراء والرفاهية ـ الشعور المستمر بالسعادة. كم مرة شاهدتم البطل الثري في أفلام السينما وهو يشعر بالتعاسة ويتوق إلى أشياء لا تستطيع نقوده شراءها كقلب امرأة يحبها ولا تحبه مثلاً؟ هذا بالإضافة إلى أنكم كلما امتلكتم الأشياء، فإن تلك الأشياء تمتلككم هي الأخرى بدورها، لتصبحوا مع الوقت عبيداً للمستوى المادي المرتفع الذي اعتدتم عليه، مما يترتب عليه اختلاف - أو إذا أردنا توخي الدقة انحراف - تعريفاتكم للأشياء والمواقف، حيث تصبح المأساة هي عدم قدرتكم على تغيير السيارة كل ثلاثة شهور على أقصى تقدير، بينما تتحول النكبة إلى انخفاض رصيدكم في البنك إلى 17 مليار دولار فقط، بعد أن كان قد كسر حاجز العشرين ملياراً!
«لا شيء أملكه ليملكني»، هكذا يدلو الرائع دوماً، الشاعر الكبير محمود درويش بدلوه في ما يخص موضوع الحديث، والملكية هنا ليست حكراً على الممتلكات المادية المحسوسة والملموسة فقط، وإنما تتعداها لتشمل أفكاركم وتصوراتكم الخاصة عن الحياة، لهذا ينبغي عليكم الآن أن تعيدوا حساباتكم في بعض تصوراتكم عن تلك الحياة، ينبغي عليكم معرفة أن الأشياء في ذلك العالم نسبية، فما يسعدكم متغير على حسب تغير الزمان والمكان والموقف وحالتكم المزاجية، والأمر نفسه بالنسبة لما يؤلمكم، وبناءً عليه إذا ضبطتم أنفسكم ذات يوم متلبسين بمحاولة قياس حالتكم المزاجية، بالمعايير المتعارف عليها بين البشر، فاعلموا أنكم لم تتحرروا بعد، وأنكم لازلتم عبيداً للتصورات المعلبة والتابوهات المتوارثة، اعلموا أنكم لازلتم بعيدين عن نيل حريتكم الداخلية.
أن تكون حرا، هي القيمة الأسمى على سطح ذلك الكوكب، التي يمكن لإنسان أن يحيا من أجلها. في اللغة النيبالية تشير كلمة حرية إلى الرب، ويستخدمون كلمة «موكشا» أو «نيرفانا»، للتعريف بكلمة الحرية أو التخلص من الأنا، ليكون المتبقي بداخلك فقط هو الأنا المطلق أو الحرية المطلقة أو بمعنى أدق روح الإله.
ابحثوا داخل أنفسكم لكي تتحرروا، لكي تصلوا إلى تلك الحالة من السلام النفسي والصفاء الذهني، أو «الموكشا» بلغة أهل نيبال، ابحثوا بداخل أنفسكم ذلك المعمل الشاسع الذي يخبئ الملل في دهاليز السعادة والكراهية بين طيات الحب.
الحرية ليست منحة من أحد يملك إعطاءها لأحد آخر، الحرية تنبع من ذواتنا في الأساس، حرروا أنفسكم من عقدكم النفسية، من أمراض المجتمع المتناقض الأخطر بمراحل من أمراض الجسد.
يوما ما ستنسون أحلامكم، موتاكم، ذكرى ميلادكم وميلادهم، الطريق المختصر للكورنيش، أسعار الخضراوات، ستنسون كراهيتكم وعنصريتكم وشهواتكم، ومرارة احتساء القهوة وحيدين في الشتاء، إلا أن ما لا يمكنكم أن تنسوه أبداً تلك اللحظة، التي رفعتم فيها راية تحرركم من التصورات المغلوطة على قمة جبل روحكم، لحظة ذوبان الكل في الجزء والجزء في الكل، لحظة التحام أجزاء أرواحكم الممزقة والموزعة على تفاصيل الحياه التافهة، لحظة الوصول إلى «الموكشا».
وعلى الرغم من ضرورة الفناء في عشق الروحانيات كطريق للوصول إلى هوية الذات الإنسانية، وعلى الرغم مما يتضمنه ذلك من ضرورة تجاهل بعض ملذات الحياة والسمو فوق غرائزها ومادياتها، إلا أني أحيانا - غصب عني طبعاً - لا أستطيع منع قلبي من الخفقان شوقاً لقطعة «تشيز كيك»، على أن تكون غارقة في صوص «البلو بيري» بطعمه الآثم، اللهم اخزيك يا شيطان!


--





نرمين يسر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقال الدكتور "محمد البرادعي" الذي أقال إبراهيم عيسى من الدستور @abdelrahman@ قناة الاخبار اليومية 2 October 8, 2010 10:41 AM
مقال وصفي و تعبير و تقرير عن الحج و العمرة ، مقال عن الحج والعمرة Yana بحوث علمية 1 April 24, 2010 02:24 PM
مقالات مقال شخصي مقال اجتماعي Yana بحوث علمية 0 April 14, 2010 04:14 PM
كتبت هذه الكلمات في أول لقاء مع حبيبتي وكان آخر لقاء سهر الساهرين بوح الاعضاء 4 October 29, 2008 03:14 AM


الساعة الآن 11:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر