فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم February 24, 2014, 11:24 PM
 
أروع وأحدث مقال عن حكاية من كردستان

حكاية من كردستان


يحكى أنه في قديم الزمان، كانت توجد على أطراف العالم مملكة أسطورية عظيمة، يحكمها ملك مهيب ذو نزعة نرجسية مخيفة، يكره الأخبار السيئة، ويحب خيله كثيرا، وكان يحب خيله جميعاً بالدرجة نفسها عدا مهر صغير، كان هو الأقرب إلى قلبه، حتى إنه كان دائم التحدث عنه، وعن مدى جماله وقوته في مجالسه الخاصة، ذلك الحديث الذي كان دوماً ما ينتهي بترديد تلك الجملة التي أخافت المقربين منه كثيراً، «باستطاعتي تقبل أسوأ الأحداث، إلا أن يأتيني أحدهم بنبأ موت مهري الصغير، هذا هو ما لن أقبله أبداً، وهو الخبر الذي سوف أقطع رأس من يبلغني إياه».
ذات صباح، وبينما سائس خيل الملك يقوم بعمله في الحظيرة فوجئ بالمهر ميتاً، ارتجف السائس، ولم يدرِ ماذا يفعل أو كيف يخبر الملك بالنبأ الحزين. واستقر تفكيره على عدم التلفظ بشيء. بعد مرور أيام عدة، كانت رائحة المهر الميت قد باتت ملحوظة لكل ذي أنف، وعندها ذهب السائس للوزير، وقبل الأرض بين قدميه، متوسلاً إياه أن يتولى هو هذه المهمة الصعبة، ويخبر الملك بالنبأ.
في الصباح التالي، دخل الوزير على الملك قائلاً: مولاي أطال الله لنا في عمرك، وأدام لنا هناءك وسعدك، لقد مضت ثلاثة أيام كنت أتفقد فيها أحوال الشعب والرعية، ولقد وجدت الجميع سعداء، والحمدلله، ويدعون لك بدوام الصحة وطول العمر، فسأله الملك: وما أخبار مهري العزيز؟ فأجابه الوزير: منذ أيام عدة، ومهرك العزيز مستلق على ظهره، وهو يرفع قوائمه الأربعة للسماء ليدعو لك أيضا يا مولاي بدوام الصحة وطول العمر، ففزع الملك وقال: إذن مات المهر، وهنا قال الوزير: نعم يا مولاي، لكنك أنت من قلت إنه مات، وليس أحد آخر.
حكاية شعبية قديمة من كردستان، تؤكد أهمية انتقاء الكلمات بعناية، وأنه كما قد تذهب كلمة برأس قائلها، فإن كلمة أخرى قد تنقذ هذا الرأس، حيث أنقذت الكلمة الحسنة المنتقاة بعناية وسط سياقها المناسب رأسي كل من الوزير والسائس، تلك الكلمة الحسنة التي- للأسف- اختفت من قاموس تعاملاتنا اليومية، حيث استبدلنا بها مجموعة من الإبر الشائكة، ليصبح حديثنا أقرب إلى الوخز منه إلى الحديث، وتصبح كلماتنا أقرب إلى «قطع الطوب» منها إلى الكلمات.
لقد أثبتت الدراسات بالفعل أن للكلمة سحرها، الذي يؤثر بطريقة مباشرة على كيمياء المخ، ففي حالات التعرض للانتقاد والهجوم، يفرز المخ الإدرينالين، فيزداد الشعور بالضغط النفسي، بينما في حالات المديح والثناء، يفرز المخ بعض المواد المثبطة، كالأندروفين الذي يؤثر على مراكز الأعصاب، فيقلل من الشعور بالألم والضغط النفسي. إنها الكلمات، تلك التي ننطقها منذ ولادتنا وحتى مماتنا من دون أن نتوقف ونفكر ونسأل أنفسنا: «هل نتلفظ بالكلمات المناسبة في الأوقات المناسبة للأشخاص المناسبين؟!».
لهذا، لا تتحدثوا عن الموت والموتى أثناء زيارة مريض في المستشفى، ولا تنهروا مرضاكم بدلا من الابتسام في وجوههم إذا كنتم أطباء، ولا تعتبروا رسوب ابنكم غير كافٍ لجعله يشعر بالحزن، فتقرروا الإجهاز عليه بكلمات اللوم والتعنيف إذا كنتم آباء وأمهات.
الآن، أنتم لستم مهددين بقطع رؤوسكم في حال التلفظ بكلمة خاطئة، حيث انتهت عصور الملوك قاطعي الرؤوس، الآن أنتم فقط مهددون بضياع إنسانيتكم في حال استمراركم في فقدان شعوركم بأهمية الكلمة، تلك الكلمة التي بدأت بها حكايتنا البشرية بأسرها، بعد أن أمر الله الكون بكلمة «كُن»، فكان كل ما تعيشونه الآن.





نرمين يسر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أجمل وأحدث مقال عن الوحدة Yaqot روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 February 24, 2014 11:22 PM
أروع وأحدث مطوية رياضيات جاهزة للطباعة Yaqot عروض البوربوينت 0 February 20, 2014 05:53 PM
أجمل صور مناظر طبيعية فى كردستان العراق ‎ , صور رائعة للسياحة فى كردستان العراق ‎ Yaqot السياحة و السفر 0 November 20, 2013 10:58 AM


الساعة الآن 09:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر