فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم February 19, 2014, 05:13 PM
 
كتاب التخييل والشعرية العربية بقلم محمد الديهاجى

النبش في مفهوم الخيال باعتباره الآلة المحركة والمنعشة لفعل الكتابة الشعرية يقتضي بالضرروة العودة إلى أروقة البحث والاستقصاء في المفهوم من داخل حقل معرفي فرضت إواليات منطلقاته ومقاصده احتضان هذا الفعل التخييلي المارد والمتزأبق، ويتعلق الأمر بالدر س الفلسفي. فكل الدارسين يقرون بحقيقة انتقال مفهوم "الخيال" من مجال الفلسفة إلى مجال الأدب، بعد أن انقشعت شمس سمائه المعتمة. هذا الارتباط القسري بين مفهومين بطبيعتين متناقضتين، واحدة تؤمن بطاقة العقل الصادق وحصافة نموذجه القضوي البرهاني (الفلسفة)، وأخرى لا تنضح سوى بفيوضات الملتبس، جعل من الخيال كائنا يعيش هدنة طويلة في رحاب الفلسفة الأرسطية تحديدا ويتقوت من ميتافيزيقاها، إذ لن يسترد تخومه القصية، ولن يأخذ أبعاده الثاوية في الممكن واللامفكر فيه، إلا حين تحرر من مركزية وسلطة العقل فيما بعد.
-أولا: في الخيال الشعري

1- حد الخيال عند أرسطو:
وبالعودة إلى المبحث الفلسفي اليوناني، نجد أن أرسطو أول من أعاد الاعتبار للشاعر والمخيلة من خلال تصوره الجديد للمحاكاة، بعد أن عاشت (المخيلة) نوعا من الإقصاء الفج والسافل من طرف المحاكاة الأفلاطونية التي جعلت الشعر يبتعد عن الحقيقة بثلاث درجات. لقد اعتقد أرسطو يقول إحسان عباس أن «خيال الشاعر نوع من "الجنون العلوي"، وظل هذا الاعتقاد عند أفلاطون الذي كان يرى أن الشعراء "متبعون" وأن الأرواح التي تتبعهم قد تكون خيرة وقد تكون شريرة، ولكننا نعرف كيف أن أفلاطون لم يميز بين بعض أنواع الشعر وبين أصحاب الحرف، في قوة الخيال، وأن أرسطو طاليس هو الذي اعترف لصاحب الملكة المتخيلة، بالمكانة اللائقة به، ومجد تلك الملكة التي تستطيع الجمع بين الصور، وأثنى على القدرة في المجاز»1.
ولقد عبر أرسطو عن الخيال بمفهومين هما "المحاكاة" في كتابه "فن الشعر" و"الفانطاسيا" في كتاب "في النفس"، وهو يعتبر الخيال قوة ضرورية في القول الشعري. ومن هذه الحافة، حاول استنباط كل قوانين الأنواع الشعرية وضروبها، ولم يغب عن ذهنه البتة، في الوقت نفسه، أنه الفيلسوف الذي يبحث في دوائر العقلانية قصد إدراك الوجود في نسغه المتجلي، سالكا المنهج العقلاني الصارم كسبيل لبلوغ هذا المبتغى. فكان أن ربط بين الخيال والوهم على اعتبار أن جموحهما يقفز بالإنسان من كل ما هو واقعي مدرك إلى كل ما هو متخيل يتجاوز الواقع لإدراك الجوانب الوجدانية من الحياة النفسية ودوائرها الغائرة والتي تحتاج إلى قدرات إدراكية تفوق قدرات العقل.
من هنا كان أرسطو يرفض فكرة تحرير الخيال بشكل مطلق من صرامة العقل، بل إنه أكد ما مرة على لا جدوى الخيال ما لم يشتغل تحت إمارة العقل ووصايته وذلك تحت يافطة "فكرة الإقناع". فكل أسلوب شعري، في مستوياته التخييلية، ينبغي أن يأخذ في اعتباره ضرورة الاقناع المنطقي والوضوح في اكتشافه للحقائق ودوائرها، إذ لا ينبغي على الخيال أن يصل درجة عالية من التمويه حتى لا يتفلت من رقابة العقل2. إن الشاعر في اعتقاد أرسطو حين يركب بساط الخيال محلقا في عوالم الغرابة والمتناقضات بالشكل الذي لا يسمح للعقل متابعة عملية تبسيط وتوضيح الحقائق أمام السامع-المتلقي بأسلوب إقناعي إنما يخرج عن دائرة المحاكي إلى دائرة المغلط والموهم.
فالمحاكاة-الخيال، هنا تقاس بدرجة الصدق والكذب، فكلما كانت أقل كذبا كانت أكثر وضوحا وإقناعا بالحقيقة، وكلما كانت أكثر كذبا كانت أكثر غموضا وبعدا عن الحقيقة والإقناع فيصبح هذا القول ضربا من ضروب الخرافات المخترعة ذات البعد التمويهي لا الإقناعي.يقول ابن رشد في تلخيصه لكتاب أرسطو: «فليس يحتاج في التخيل الشعري إلى مثل هذه الخرافات المخترعة، ولا أيضا يحتاج الشاعر المفلق أن تتم محاكاته بالأمور التي من خارج، وهو الذي يدعى نفاقا وأخذا بالوجوه. فإن ذلك إنما يستعمله المموهون من الشعراء، أعني الذين يراؤون أنهم شعراء وليسوا شعراء. وأما الشعراء بالحقيقة فليس يستعملونه إلا عندما يريدون أن يقابلوا شعراء الزور له. وأما إذا قابلوا الشعراء المجيدين فليس يستعملونه أصلا. وقد يضطر المفلقون في مواضع أن يستعينوا باستعمال الأشياء على التمام.بل لأشياء ناقصة تعسر محاكاته بالقول، فيستعان على محاكاتها بالأشياء التي من خارج، وبخاصة إذا قصدوا محاكاة الاعتقادات لأن تخيلها يعسر، إذ كانت ليست أفعالا ولا جواهر. وقد تمزج هذه الأشياء التي من خارج بالمحكيات الشعرية أحيانا كأنها وقعت بالاتفاق من غير قصد، فيكون لها فعل معجب، إذ كانت الأشياء التي من شأنها أن تقع بالاتفاق معجبة»3.
وليس من شك أن كل محاولة من الخيال لتفجير كنه الأشياء عبر أوليات تخرق أنالوجية المعطى، هي محاولة لا قيمة لها ولا جدوى منها في بلوغ الحقيقة، والشاعر في هذا المقام هو شاعر مموه ومغلط والسبب في ذلك «أنه لما كان الشاعر المجيد هو الذي يصف كل شيء بخواصه وعلى كنهه، وكانت هذه الأشياء تختلف بالكثرة والقلة في شيء من الأشياء حقيقتها»4.
هذا ولقد اهتمت الفلسفة الأرسطية بالخيال في جانبه التخييلي أكثر من اهتمامها به في جنابه التخيلي. والفرق بين الجانبين كبير جدا. فالتخييل هو محاولة ضبط القوة المتخيلة عند المتلقي وكذا توجيهها من طرف العقل الذي رسم مسبقا حدود التخيل عند المبدع، وهذه الالتفاتة إلى المتلقي يمكن اعتبارها الإرهاصات الأولى لبزوغ تصورات من جملة ما تهتم به، المتلقي. إن هذا الاهتمام بالتخييل عند المتلقي هو ما اصطلح عليه عند أرسطو بالتطهير (الكاطرسيس) الذي ينتهي الأمر، من خلاله، بالمتقي إلى «اتخاذ وقفة سلوكية خاصة، تتجلى في فعل أو انفعال، قادته إليه مخيلته التي تأثرت بالتخييل واستجابة له»5.
وأما التخيل الذي هو صورة جمالية أسمى لذات المبدع الخاصة والمتفردة، إذ لم يعره أرسطو الاهتمام اللائق به بسبب قوته الزئبقية المنفلتة باستمرار من صرامة العقل والتي تقود صاحبها حتما إلى عوالم الهلوسة والجنون، فقد لجمت النزعة العقلانية جموحه بضابط المعقول والحسي والواضح، فكان التخيل بذلك تخيلا عقليا ينضبط أولا لحدود المنطق. يقول جابر عصفور في هذا الصدد: «وهنا لا بد أن نلاحظ أن الفلاسفة لم يتوقفوا طويلا عند الشاعر باعتباره كائنا يتميز بقدرات تخييلية فائقة، ولم يتعرضوا للحديث عن ملكة التخيل عنده، أو قدرة هذه الملكة على جمع الأشياء والتأليف بينها، بالقدر الذي كنا نتمناه. لقد ركزوا على فعل "التخييل" أكثر مما ركزوا على فعل "التخيل" أعني أنهم اهتموا بما يمكن أن نسميه "سيكولوجية التلقي" أكثر من اهتمامهم بسيكولوجية الإبداع. قد نستنتج من بعض إشارتهم العارضة تصورهم للموضوع، ولكن ذلك التصور يظل شاحبا جدا. بالقياس إلى حديثهم الواضح والصريح عن الإثارة التخييلية التي يحدثها الشعر في الملتقى. وما يترتب على هذه الإثارة من نزوع وسلوك...»6.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحميل كتاب الإسلام والحضارة الغربية ، د. محمد محمد حسين ، ونسخة أخرى معالجة ومخفضة وردة الثلج الكتب المعالجة والمخفضة 4 July 20, 2013 04:10 PM
أسرار التخييل الروائي - نبيل سليمان المقدام كتب الادب العربي و الغربي 8 June 20, 2013 06:55 PM
أكثروا من ذكر هاذم اللذات ... بقلم المهندس لواءالدين محمد عبدالرحمن أحمد لواءالدين محمد النصح و التوعيه 3 June 12, 2010 04:24 PM
قصة ولد وبنت من العصر الحديث ... بقلم المهندس لواءالدين محمد عبدالرحمن أحمد لواءالدين محمد روايات و قصص منشورة ومنقولة 4 June 5, 2010 02:17 AM


الساعة الآن 09:25 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر