فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > اقسام الحياة العامه > النصح و التوعيه

النصح و التوعيه مقالات , إرشادات , نصح , توعيه , فتاوي , احاديث , احكام فقهيه



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم December 7, 2013, 02:17 PM
 
مقاصد الشريعة

مقاصد الشريعة


جاءت الشريعة الإسلامية رحمة للعالمين، قال تعالى في بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين)، وقال في شأن القرآن الكريم: (وننزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، فكون الرسول رحمة، وكون القرآن شفاءً ورحمة كل ذلك يدل على أن الشريعة جاءت رحمة للعباد. إلاّ أن كون الشريعة جاءت رحمة هو النتيجة التي تترتب على الشريعة وليس الباعث على تشريعها، أي أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أن حكمته من تشريع الشريعة هو أن ينتج عنها أن تكون رحمة للعباد لا أن الذي حَمل على تشريعها هو كونها رحمة.

وعلى ذلك فإن كون الشريعة رحمة للناس هو غاية الشارع التي يُهدف إليها من تشريع الشريعة وليس السبب الذي من أجله شُرعت. والدليل على ذلك هو نص الآيات التي دلت على كونها رحمة، فالله يقول: (وما أرسلناك إلاّ رحمة) (وننزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة)، وهذا لا يفيد العلّيّة، فهو كقوله تعالى في شأن فرعون مع موسى: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحَزَناً)، وقوله في إمداد الله للمسلمين بالملائكة: (وما جعله الله إلاّ بشرى)، وقوله: (ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمؤمنين)، وقوله: (فإنه نزّله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين) فإن المراد منها أن النتيجة التي تحصل من إرساله هو أن يكون رحمة للناس، وقوله عن القرآن: (ما هو شفاء ورحمة) هو وصف للشريعة من حيث نتيجتها وليس علّة لتشريعها، ولا توجد ولا آية في صيغتها التعليل. فالصيغ كلها لا تدل على التعليل، ولذلك تنتفي العلّيّة وتبقى الآيات على مدلولها من حيث أن حكمة الله من تشريع الشريعة أن تكون رحمة. وبذلك انتفى التعليل فانتفت العلّيّة، فصار كون الشريعة رحمة للعالمين ليس علّة تشريع الشريعة وإنّما هو النتيجة التي تحصل من الشريعة.

ولا يقال إن هذه الآيات قد عرّفتنا مقصود الشارع من الشريعة كما عرّفتنا الآيات التي بيّنت علّة الشريعة، ولذلك تكون علّة للشريعة. لا يقال ذلك لأن هذه الآيات وإن عرّفتنا قصد الشارع وهدفه من تشريع الشريعة ولكنها لم تعرّفنا أنها الدافع له لتشريع الشريعة. ففرقٌ بين الغاية وبين الدافع. فالآيات عرّفتنا الغاية التي يمكن أن تنتج من الشريعة ولكنها لم تعرّفنا الدافع لتشريعها، ولا توجد نصوص تدل على الباعث على تشريع الشريعة أي على الدافع لتشريعها، لا من القرآن ولا من السنّة، وإنّما كل الذي هناك هو نصوص تدل على الغاية من الشريعة وهذه لا تفيد علّيّة فلم تكن علّة.

وعلى ذلك لا يوجد في النصوص الشرعية أي نص يدل على علّة تشريع الشريعة، وما هو موجود من النصوص إنّما يدل على الغاية التي تنتج عن الشريعة، وهذه هي مقاصد الشريعة، ولا يوجد للشريعة ككل مقصد من المقاصد غير ما ينتج عنها من كونها رحمة للعباد.

ومقاصد الشريعة هذه هي مقاصد الشريعة ككل، أي مقاصد الدين الإسلامي ككل وليست هي مقاصد كل حكم بعينه، فإن الدليل الذي دل عليها واضح فيه أن الرحمة التي تنتج إنّما تنتج عن الشريعة ككل لا عن كل حكم بعينه إذ قال: (وما أرسلناك إلاّ رحمة) أي الرسالة رحمة، وقال: (وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة)، و(من) هنا للبيان أي ننزل القرآن شفاء ورحمة، وليس معناها ننزل بعض القرآن شفاء ورحمة، فإن مفهوم المخالفة أن بعضه ليس كذلك، وهذا مناقض للشريعة نفسها وقام الدليل العقلي والشرعي على بطلانه، فيكون الشفاء والرحمة هو القرآن كله وليس بعضه. فالدليل جاء صريحاً في أن الرحمة هي الغاية من الشريعة من حيث هي ككل وليس فيه أي دلالة على أن الرحمة هي الغاية من كل حكم بعينه أو من كل نص من نصوص الشريعة.

ولذلك نجد الشارع في الوقت الذي بيّن فيه مقاصد الشريعة من حيث هي ككل بيّن مقصده من شرع بعض أحكام بعينها، فقال عن خلق الجن والإنس: (وما خلقتُ الجن والإنس إلاّ ليَعبدون)، وقال غير ذلك في كثير من الأحكام، فيكون الله بيّن مقصوده من شرع الشريعة ككل وبيّن مقصده من شرع بعض الأحكام فلا يكون مقصد الله من شرع حكم معين هو مقصده من الشريعة ككل، ولا يكون مقصده من الشريعة ككل هو مقصده من كل حكم بعينه، بل يُعرف مقصد الله من الدليل في الموضوع الذي دل عليه ولا يتجاوزه إلى غيره، فيوقف عند دلالة الدليل. وعليه فإن مقاصد الشريعة ككل هي حكمة الله من تشريعها، والغاية التي يهدف إليها من تشريعها، وأن هذا المقصد وهو كونها رحمة للعالمين ليس هو مقصد كل حكم من أحكام الشريعة بعينه بل هو مقصد الأحكام الشرعية من حيث هي، أي مقصد الشريعة ككل.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحميل كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية وردة الثلج كتب اسلاميه 2 September 17, 2014 10:52 AM
مدخل إلى مقاصد الشريعة الإسلامية عزم الارادة النصح و التوعيه 4 December 7, 2013 02:16 PM
مقاصد الشريعة الإسلامية زيـــن العـآبديـن كتب اسلاميه 29 October 27, 2012 07:40 AM
تحميل مجموعة الكتب في مقاصد الشريعة وردة الثلج كتب اسلاميه 4 April 6, 2012 04:26 PM
أوراق مؤتمر مقاصد الشريعة وتطبيقاتها المعاصرة درر العلم علم الاقتصاد 2 December 13, 2009 04:25 PM


الساعة الآن 06:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر