فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم December 3, 2012, 08:35 PM
 
هـنـا ســـوريـا


هنا سوريا




ان تحمل بندقية فقط أمام دبابة ومدفع وطائرة ميغ وبراميل تي ان تي وتحلم بالنصر ... فاعلم أنك في سوريا ... واعلم أن الله معك ...

ان تخرج لتحضر الخبز فتمضي الساعات وعندما تعود وانت تحاول ان تحسب كيفية توزيع هذه الأرغفة القليلة على العوائل الثلاث المهجرة التي تقطن معكم في نفس البيت ولا تجد لها حلا وتدعو بأن يا رب يسر ... تفاجأ بأن البيت الذي خرجت منه بات أنقاضا ولم يتبق من أهله أحد .. تتذكر دعائك .. تحمد الله وتبتسم برضا لتقديره سبحانه ... فاعلم أنك في سوريا
أن تفاجأ بصوت هائل يوقظك وأهلك من ( نوم ) .. يقع السقف فوقك وتتناثر أشلاء أهلك بين الركام ... ركام البيوت التي أنكرها الناس .. والله يعلمها بتفاصيلها ... يحاول الناس جمع بعض الاشلاء فلا يجدون سوى خاتم تعرفه ... خاتم أمك النحاسي ... تحمله وتقبله بلهفة وتحمد الله أن تبقى لك من أهلك شيء ... فاعلم أنك في سوريا
ان تكون طفلا في العاشرة ... وتهتف بك أمك ان اركض اركض انج بنفسك .... تموت هي وتبقى كلماتها تلك اخر ما تذكره فاعلم انك لست في قصة خيالية ولا أسطورة حزينة ... أنت في سوريا


ان يداهم المجرمون بيتك الآمن ... تحاول ان تتذكر جريمتك فلا تذكرها فانت وابنائك لم تغادروا البيت منذ أمد لهول ما يحدث ... تبحث في عقلك عن سلاح كنت تخفيه يوما ما لتدافع به عن بيتك الذي بنيته بكدك وتعبك .. وابنائك الذين ذقت المر لتربيهم وتراهم يكبرون فلا تجد ... يسحبون ابنك البكر ذو ال17 ربيعا ويجزون عنقه أمامك وهو يحدق بك ولا يإن لكي لا يؤلم قلبك ... لستَ في ادعاءات الهولوكوست الخرافية ... أنت في الشام المقدسة
ان يغدو الرجل كهلا من هول ما يراه ... ويغدو الطفل رجلا لكي يحمل مع والديه همهما وهو يعلم بأنه اكبر همومهما اليوم كما لم يكن من قبل .. نقطة ضعفهما وخوفهما ... فاعلم انك في سوريا
ان تصرخ الحرة .. فيجيب الصدى .. ويخيب الظن .. وظنها بالله لم ولن يخيب .. .اعلم أنك في سوريا
ان تغتصب النساء "موضة قديمة " .... أن تغتصب الحرائر امام محارمهن إمعانا في الذل " فعلها اليهود من قبل " .... أما ان يـُغتصب الرجل أمام زوجته ويتركونهما للحياة ... وأي حياة ... اخلع نعليك أنت في سوريا
ان يتمنى الأب موت ابنه المصاب لكي لا يتألم أكثر ...
أن لا يجد الطبيب خيوطا يربط بها اصابة جريح فينزف حتى يستشهد...
ان يحرس القناص ببندقيته من أصابه حتى يتصفى دمه كاملا ...

ان يصاب الاخ ... فيهب اخوه لانقاذه فيقتل ... يركض الأب نحو وحيديه فيقتل .. تهرع الثكلى نحو كل ما تملكه في هذه الدنيا زوجها وأبنائها فيقتلونها ايضا ... ثم يأتون الى المصاب " الطعم " ويجزون عنقه جزا ... فلا تبكي فأنت في حضرة الشام

ان تعانقي جثة أخبروك انها لابنك بعد خمسة أيام فقط في الأسر ... تنظرين نحوه وقد اختلف فيه كل شيء ... كل شيء حتى لون البشرة ولا تتعرفين عليه سوى من ترتيب اصابعه المميز لك وحدك لأنك أمه ... فاعلمي أنك أم مباركة .. فأنت ِ من أهل الشام

ان تُضحي أنت الرجل الهادىء المتسامح الوقور الذي كان يتنازل عن حقوقه بخلقه الدمث خالصا لوجه الله الكريم .. أنت الذي كنت تحلم عند بداية هذه المعمعة ان تكون في غنمك مع بيت شعر في قفر ما تحمل أبنائك معك وتعيش بهدوء ونقاء ذلك الحلم الذي كنت تعلم بأنه حلم فما أنت بتارك وطنك خلف ظهرك ... ان تغدو اليوم مليئا بالبغض والكره والانتقام ... اعلم انك رأيت من الظلم ما لا تستطيع الجبال تحمله ... اعلم أنك من أهل الشام المقدسة .. اعلم أنك في سوريا
ان تصور بكاميرا هاتفك النقال الصواريخ التي تقصف مدينتك ... الدبابات التي تدمر حيك ... الزبانية الذين يقتلون ابنائك ... والطلقة التي تستشهد بها ... فاعلم أنك في سوريا
ان يقتلك الغريب ... ويتآمر حولك الأعداء ... ويتركك الاصدقاء ... ولا يلتفت نحوك احد فتترك في أعين الناس بلا معين ... فلا تناظر النصر إلا من عند رب العالمين ... من غير منة في الدنيا ولا تبعة في الآخرة ... فاعلم أنك في أشرف البلاد وبين أشرف العباد لا فضل لأحد عليهم ... اعلم أنك في سوريا ..
ان تكون في التاسعة من العمر ... طلقة اخترقت ظهرك ... الألم يحرق جسدك كله ... وأنت تقرأ بصوت عال معوذات القرآن الكريم بدلا من أن تتأوه وتصرخ ... فاعلم أنك في سوريا
أن تنجب ابنة ... تتعلق بها كما يتعلق كل أب بابنته ... عينان زرقاوان لا يشبهانك ... ووجه أبيض كوجوه الملائكة ... وبضع كلمات باتت تنطقها مؤخرا فقط .. تفقدها وهي بين يديك ... في بيتك ... في حضنك .. تعلم حينها لم كانت بعينين زرقاوين لأنها أقرب إلى السماء منها إلى الأرض ... لم تكد تصل حتى غادرت ... اعلم أنك أب في سوريا

ان تهرب بعرضك وفي الأرض مستقر ومتسع ... تصل لأرض يفصلونك فيها عن لحمك بحجة تأمين مساكن غير مختلطة ... يغتصبون النساء ... تهرب من ظلم الى ظلم ... هنا أهل سوريا
ان تحتضن ام ابنها الرضيع ... ولا حليب ... تهدهده وتزرعه في صدرها لتمنحه بعض الدفىء في برد الصحراء القارص ... تغفل عينها قليلا وتصحو لتجده قد تجمد بردا ... استشهد بجرم لم يقترفه وبأرض لا حرب فيها ... ولا كهرباء ... ولا دفىء .... هنا قدر اطفال سوريا

ان تهاجر الى أرض أجرتَ اهلها من قبل ... فبعيدونك وأهلك ويسلمونك الى المجرمين من جديد ليقـتصوا منك بكل الطرق التي لا تقرأ ولا تكتب ولا يُــسمع عنها ... هي ترى فقط ... ترى هنا في الشام العظيم
ان تناظر اهلك واصدقائك واهل حيك واهل مدينتك وتحاول ان تفهم خطة الموت ... ترى من سيسبق من في الشهادة اليوم ... تنظر حولك وكأنك تناظر مشاريع شهادة ... شهداء يدبون على الأرض الان ولا تدري بعد دقائق هل ستشهد بعينينك بداية قصصهم ام سيحملونك على أكتافهم ويهتفون بصوت واحد " الله أكبر.. شهيد جديد " ... هنا سوريا ... هنا دمشق ... هنا حلب ... هنا دير الزور ... هنا درعا ... هنا نستشهد ولا نموت ... نبتعث ولا نموت ... نضحك ولا نبكي ... نصبر ولا نستسلم ... نكتشف رجولتنا الخرافية ونربي جيلا جديدا لا أحد قادر على تركيعه ... هنا سوريا مصنع الرجال

طفلة تحتضن زهرة برية وتأخذ صورة رائعه ... أجمل ما في الصورة هي تلك الفتاة المذهلة أجمل من الزهرة ... أخبروها بأنها من طلائع البعث ... فأبي الله سوى أن يجتث البعث ويبتعثها برحمته شهيدة الى الجنة ... هنا سوريا

  #2  
قديم December 3, 2012, 08:36 PM
 
رد: هـنـا ســـوريـا




سوريا ياجرحَ النرجسْ والسكينْ

ياعبقَ العشقْ المنثُور علَى أرصفةَ الذكرياتْ

سورياَ لكِ السلامْ
  #3  
قديم December 3, 2012, 08:39 PM
 
رد: هـنـا ســـوريـا




سوريتي
مر عامين
وما تزالين
نهراً من دماء
وغيمة من بكاء


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع



الساعة الآن 11:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر