فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > قسم الاعضاء > الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة

الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة للترحيب والتهاني والمناسبات لأعضاء وأصدقاء المجلة



Like Tree19Likes

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #493  
قديم March 20, 2018, 03:42 PM
 
رد: غير مسجل هاهي مجلة الإبتسامة الإلكترونية ’’ننتظر تواجدك معنا ,,

مسرحية "وأد على الشريعة "
عالية طالب
هذا هو المسرح، هكذا قلت لنفسي حين انتهيت من قراءة مسرحية "ايمان الكبيسي" الموسومة " وأد على الشريعة " ، كانت صوت كل النساء العربيات او نساء الانسانية في بلدان تفتقد المعنى الحقيقي للإنسانية ، صرخة حواء التي يكيل لها المجتمع كل التهم منذ الخليقة الى اليوم والى مستقبل لا نعرف مداه، متهمة لأنها امرأة ، وخانعة لهذه الصفة لكونها تعرف كينونتها التي نمت عبر نساء ولدن من ذات الرحم الذي ما رحب به الرجل حين اخرج انثى لا بد من تضييق الخناق عليها قبل ان تتسبب بعار يلحق بسمعته وعشيرته وقبيلته.
انثى " الدمية" هي المرأة التي تجيد مسخ نفسها لترضي رجلا يقف قاب قوسين او ادنى من روحها التي احبته يوما واكتشفت جلادا يعرف كيف يلوح بسوطه اينما تلفتت بعيدا عن صوته الذي يطالبها بالرضوخ دائما.
هذه المرأة هي صورة الواقع الممسرح الذي وقفت "ايمان" في منتصفه لتنزع عن النساء اكذوبة " الانثى" ولتجعل صدق المرأة موجودا في كل المسامات.. بذات المسامات التي نضحت قيحا على مر سنوات بدء الخليقة الى اليوم ، لنصغي جيدا الى صوت الكاتبة التي دربت نسائها جيدا واضاءت لهن دربا لا يعترف بخشبة مسرح تطوقه الجدران بل هو امتد ليشغل مكانا بلا اسيجة ولا سقف ولا اتجاهات مغلقة بافق تمتد اليه الابصار.
المسرح هو الثورة المجتمعية ضد كل اشكال الاستلاب ، وان صمت فأن الامر يعود لخلل جسيم في جسد الثقافة التي عليها دائما احداث التغيير في البرك الساكنة ، وها هي "ايمان" ترمي حجرها الخاص لتبعث في السكون دفق حياة تتجدد عبر صرخات اصوات لا تعرف الاختناق بقدر ما تفتح حنجرة الصمت لمزيد من اصوات العالم المتفرج على سكون الاشباح.
هذا المسرح الذي نحن بحاجة اليه الان ومجتمعنا يعاني من واد نساء لا حصر لهن وهو يرجمهن على يد من يرتكب كل الخطايا مستترة ومعلنة ، ليست المرأة لوحدها من تعاني اشكالية الوجود بل الرجل ياخذ حيزا مضافا لكنه يغلفه برجولة زائفة ليرضي غرورا اجوفا يقول له ان الذكورة تلتصق بشرف الانوثة فان خرجت من شرنقة الوئد فأن الثلمة ستصيبه بعارها اينما تقادمت عليه الازمان!!
هذا هو مجتمع مسرح ايمان وهو صورة عاكسة لمجتمع لا يحمل جنسية واحدة بل هو صالح لحمل كل جنسيات مدن المسافات القاحلة بانسانيتها الحقيقية.
نساء الكبيسي ينتظرن مسرحا بخشبة مفتوحة يجمعن حولها كل الاصوات لتهتف .. هذا هو المسرح الذي نريد.. بوركت ياايمان .
رد مع اقتباس
  #494  
قديم March 20, 2018, 03:45 PM
 
رد: غير مسجل هاهي مجلة الإبتسامة الإلكترونية ’’ننتظر تواجدك معنا ,,

مسرحية
تسميل
تأليف
ايمان الكبيسي
2017م












الشخصيات

الرجل: رجل في متوسط العمر بشخصية مهزوزة ضعيفة.
الشاب1: شخصية ناقمة على الواقع.
الشاب2: شخصية مسالمة جدا.
الشاب3: شخصية شجاعة.
فارس: رجل في متوسط العمر ثائر, محب لوطنه.
مياس: رجل في متوسط العمر مخادع, كاذب, طماع.
صوت الإلهة: طاغية, ظالمة.
المهرج: رجل في الخمسين من عمره, شخصية متلونة, متملقة.
الجوقة.







المشهد الاول
( المسرح فارغ ألا من راية كتب عليها حرف النون, وأجساد مجموعة من الشباب مقيدة جذوعهم بسلاسل يرتدون نظارات سوداء ويحملون عصي في إشارة إلى أنهم فاقدو البصر, في حركات عبثية تجوب المسرح وكأن رياح عاتية تبعثرهم, من أصوات لرياح شديدة وإضاءة متقطعة توحي باضطراب الحركة, يدخل رجل أعمى وهو يبكي وينوح بصوت عال, تخفت أصوات الرياح, ويحاول التحدث متنقلا بين الشباب)
الرجل: تعالوا معي نطلب المغفرة...هيا... الرياح ستقتلع جذورنا...أرجوكم ساعدوني, لا يمكنني العيش بدونها(يشعر بالاختناق مخاطبا الجمهور مع عودة أصوات الرياح والرجال في حركاتهم مستمرون) حتى أنفاسي غاضبة مني ...هي أيضا تريد هجراني, أكاد اختنق.(يذهب إلى الشاب الأول) اشعر انك لن تخذلني.
الشاب1:أطفالي ...أطفالي (يتحسس القيود) هم من كبلني وجعلني مطيعا خانعا, أطفالي... دموعهم تُسكن الأسى والحزن في روحي, بكاؤهم يذكرني بألم الرماد الذي دُس في عيني منذ سنين, حزنهم يُشعل في صدري موقدا لا تُطفئ ناره ...نار تفوق ما احترق بها كل يوم ( يخاطب الرجل) اذهب فلا أطفال لديك, يمكنك العيش بسلام, حلق في السماء وغادر هذه الأرض الملعونة وحرثها المُكبِل للأرواح.
الرجل: (بنفور وغضب) من قال لك أن نعيمي في السماء , إنها هنا على الأرض, (بهدوء) نعم هي ارضي التي اسكن إليها...لكنها غاضبة مني وغضبها يُغضِب الإلهة (ترتفع أصوات الرياح).
الشاب1: وها نحن نعاني الآن من رعونتك وحمقك!!!
الرجل: (يتوسل إلى الشاب الثاني) تعال أنت معي (يتلمس جسد الشاب) أنت حسن المظهر ورخيم الصوت...ستشفع ليس عندها.
الشاب2: (يضحك بهستيريا) ا تمزح ؟ أنا آخر من يمكنه مساعدتك!!!(بغرور) سيدتي تغار عليّ حتى من قيودي.
الشاب1: (إلى الشاب 2) لازلت مغفلا هن لا يعشقن سوى أنفسهن, أنها تعشق فيك ذُلك وخنوعك لسطوتها, كما تعشق سيدتي جبني وضعفي.
الشاب2: رضاها يعني رضا الإلهة.(يختفي صوت الرياح ويسقط الشباب على الأرض متعبين)
الرجل : (يخاطب الشاب الثالث بيأس) ستعتذر كرفيقيك!!!! اعرف ذلك.
الشاب3: من قال ذلك؟ أنا لا زوجة لي ولا أطفال, يمكنني مساعدتك, لكن ....
(يدخل المهرج وهو يرقص مع ارتفاع موسيقى راقصة وتجتمع الجوقة حوله وهي تصفق).
المهرج: صفقوا هيا... أفراح ...أفراح
الرجل: (كانت ناقصتك)!!!!
المهرج: ما الذي يجري, الكل مجتمعون!!!(يعود للرقص)
الشاب2: كل يوم يخرج لنا معتوهٌ غوغائي يُغضب منا الإلهة العظيمة.
المهرج: (يتوقف عن الرقص) الهتنا العظيمة غاضبة, يا ويلي, من هذا الجاحد المُسرف الذي اغضب الرحمة والعدالة والكمال.
الرجل: (بأسف) سيدتي غاضبة مني, وغضبها يثير الإلهة.
المهرج: لو صرحت لي الإلهة بعقابك لقطعت راسك.
الرجل: (بغضب) اغرب عن وجهي أيها الفاسق, أنت نذير شؤم, أعوذ بالإلهة منك, أعوذ بالإلهة منك (يحاول اللحاق به وضربه فيمنعه الشاب3)
الشاب3: دعك منه.
الرجل: (يرفع يديه متضرعا) شكرا لك على نعمة العقل.(يعود المهرج للرقص)
الشاب3: أصدقني القول ما سبب غضب سيدتك؟
الرجل : (يعود للبكاء) اااااه عليّ اللعنة, ما أشنعه من فعل فعلته, غفوت قبل أن تأذن لي مولاتي...اعترف بذلك لكني وحق الإلهة العظيمة لم اقصد ذلك, كان سهوا.
(ينهض الجميع بفزع): نمت في حضرتها؟!!! يا له من ُجرم!!!
الشاب3: كيف سولت لك نفسك فعل ذلك, ا نسيت ذلك الخمر المعتق, الفراش الوثير, لباسك المترف, نظرة الرضا من عينها, مجهودها وهي تقودك كل أسبوع إلى المعبد لتحمد الإلهة على ما أنت عليه من نِعَم, نسيت كل هذا؟ صحيح إن الانسان ظلومٌ كفور.
المهرج: جاحد ...كافر...فاسق(يعود للرقص )
الرجل: (في ندم وبكاء) أنا المخطئ... العاصي , أنا المذنب.
الجوقة: الرجال عاصون, مخطئون, مذنبون.
الشاب3: يا شباب لنذهب إلى المعبد ونتضرع لإلهتنا المبجلة من اجل هذا المسكين, ونشفع له عند مولاته, عسى أن نُوفق في مسعانا هيا ...هيا
المهرج: (بفرح) المعبد ااااه كم أحب هذا المكان, سأنشد في حضرة الإلهة آخر قصائدي. (ينهض الشابان ويشكلون طابورا واحدا يمسك احدهم الأخر ويخرجون من المسرح, تبقى الجوقة يتجمعون سوية متلاصقين من الخلف وعصيهم واقفة على الأرض كأنهم خلف قضبان السجن, إضاءة حمراء مسلطة عليهم).
(يدخل رجلان متخفيان عند خروج الجميع من المسرح, تُسلط عليهما بقعتين ضوئيتين, مع إظلام لباقي أجزاء المسرح)
فارس: (يراقب خروجهم في الجانب الثاني من المسرح ثم يعود) أسمعتَ ما سمعتْ انا؟
مياس: نعم شيء غريب, والأغرب ما شاهدتُ!!!!
الجوقة : قرية العجائب!!!كل مباح فيها ممنوع وكل ممنوع مباح.
فارس: (بأسف) نعم شاهدتَ قرية لا يُشاهدُ فيها الرجال.
مياس:غريب!!!!
الجوقة: ظلام...ظلام ...ظلام.
فارس: (يذهب إلى الجانب الثاني من المسرح, بحزن) هذه هي بلدتي حكمها الجهل والعتمة فصدقوا الخرافة, كل الذكور في قريتي تُسمل أعينهم عند سن السادسة, بأمر من الإلهة.
مياس: (بتعجب) لكنك مبصر؟!!!
فارس: (يقترب منه بسرعة) صه , لا ترفع صوتك, فان علم الناس إنّا مبصران سارعوا إلى تسميل أعيننا, علينا مجاراتهم حتى يحين الوقت لإنقاذهم.
الجوقة : تسميل...تسميل...تسميل.
مياس: كيف تمكنت من الحفاظ على عينيك سليمتين؟
فارس: (يسرح بخياله, بقعة ضوء خضراء كبيرة تسلط عليه, بينما تتجمع الجوقة في صف واحد وتعلن التحية العسكرية, كأنها تحيي العلم وتضع العصا على كتفيها كأنها بندقية) كنت في حضرة ملكوتها, تلك النخلة الباسقة يتلاشى المستحيل بين سعفاتها الغضة, في صوتها أغنية البنفسج, روحها كفراشة بريئة, ايقونات العذوبة تنتج عند شرفة عينيها...كانت نخلة شامخة رفضت أساليب العبودية الحمقاء, عارضت الانقياد الأعمى, رفضت تكفيف عينيّ وحيدها, صارعت الآلهة (تتبعثر الجوقة حال سماع كلمة الإلهة ومن ثم تتجمع زحفا في أعلى المسرح) وتحملت جُلّ المصاعب, هربت بي إلى بلاد لا تدين بدين الآباء والأجداد.
مياس: ووالدك هل كان ضريرا؟
فارس : كان بصير العقل, عاقبته الإلهة, اغتالته من بين أحضان جنته...عقوبة لها.
مياس: يا لها من مجاهدة!!تشبه أمي كثيرا !!!
الجوقة: (ضحكات ساخرة بصوت عال)
فارس: صحيح لم تحدثني يوما عن والديك؟
مياس: (بقعة ضوء صفراء إلى مياس, يتحدث إلى نفسه بسخرية) يطالبني بالحديث عن والديّ!!!
الجوقة: وهل تعرف أنت والديك؟!!!
فارس: هل قلت شيئا؟
مياس: (متفاخرا) قالت لي أمي إن والدي كان احد أبطال الحروب الذين صارعتهم لكنه أحبها بعد ذلك, انا لم أره يوما فقد قُتل قبل ولادتي, أما عن والدتي فهي مجاهدة من الطراز الأول تصارع الرجال الأشداء, كانت في كل ليلة تصرع احدهم(مع نفسه) كانت مجاهدة الفراش(يعود للتحدث إلى فارس) كان تقاتل من اجل التعري من كل قيد.
فارس: كم هي عظيمة!!تقاتل من اجل الحرية.
الجوقة: كلهن عظيمات...كلهن عظيمات.
مياس: (يذهب بعيدا عن فارس ويرفع صوته) لم تترك حربا ألا وكان لها دور البطولة, تشهد لها أسرة الوغى, عفوا اقصد ساحات الوغى.
الجوقة: تنكب سلاح.
فارس: (يقترب منه ويضرب على كتفيه) ولهذا أنجبت رجلا شجاعا مثلك يا صديقي, لكنك لم تذكرها لي سابقا.
مياس:( في قلق) دعك من هذا, المهم كيف تنقذ رجال قريتك؟
الجوقة: ( بضحك شديد) رجال ...رجال.
فارس: اسمعني جيدا (يتفقد المكان خشية أن يسمعهما احد, ويأخذ برأس مياس ويقربه منه بينما تحاول الجوقة استراق السمع) ضمن ناموس الإلهة هنا, يُطرد الرجال من بيوتهم خمسة أيام من كل شهر, أي عند منتصف كل شهر حين يقترب القمر من أن يكون بدرا, بدعوى أن تخلد الإلهة وباقي النسوة للهدوء والاستجمام, وهذه فرصتنا الذهبية في التواصل مع رجال القرية بمعزل عن سلطة الإناث.
(يدخل المهرج يتفاجئ بوجود الرجلين, ويوجس مياس منه خيفة)
المهرج: أشم رائحة غريب!!!(يحرك بعصاه إلى الأمام والجوانب)
فارس: (إلى مياس) لا تخف يا صديقي انه أعمى البصيرة.
الجوقة: أنت من لا يفقه شيئا يا أعمى القلب والعقل.
فارس: ا تذكرني يا عم أنا ابن حمدون صديقك القديم.
الجوقة: لا صديق ...لا صديق, سيتركك الجميع, عد من حيث أتيت, سيتركك الجميع , فهم أما منافق أو غبي أو جبان, لكن حذار من الصديق.
المهرج: عذرا يا ولدي فللسن أحكام, ما رأيكما ببعض الأعمال السحرية, والحركات البهلوانية. (يبدأ المهرج بحركاته البهلوانية)
فارس: يا عم نحن ضريران, فما الجدوى مما تفعل؟
المهرج: والغريب ضرير أيضا؟!!!
فارس: نعم.
المهرج: أنا أيضا ضرير, لكني ارقص واغني دوما عرفانا بفضل الإلهة, وتقربا لها.
مياس: يبدو انه مُسلي, لكنه مجنون بعض الشيء.
الجوقة: مهرجون في كل واد يهيمون...في كل واد يهيمون.
فارس: (يشير إلى مياس) انه صديقي مياس.
المهرج: لا تثق بصديق, لا تثق باخ, فقط الإلهة من تستحق أن نكون خلفها مسيرون دون تفكير.
فارس: كان المهرج صديقا للاطفال, وبطلا للاحتفالات إلى أن حلت اللعنة وخسر مشاهديه من الرجال, فأصبح يجوب الشوارع من دون عمل حتى فقد عقله, وينتظر عطفا من هذا أو ذاك.
الجوقة: ربما فقد عقله...ربما فقد عقله.
مياس: علينا الاعتناء به, ربما نحتاج مهاراته الاستعراضية.
المهرج: (إلى مياس) أنت العاقل الوحيد, أنت من سيقتل الحمقى, يا لهم من حمقى.
مياس: لا تخف ستعود أيامك الخوالي.
المهرج: (يؤدي له التحية العسكرية ويخرج من المسرح وهو يرقص ويغني, فارس ومياس يضحكان)
فارس: الم اقل لك انه فقد عقله.(مياس ينظر إلى السماء)
الجوقة : سيصبح القمر بدرا...القمر بدرا
مياس: لم يبق لدينا سوى يومين ويبدأ وقت طرد الرجال.
فارس: لذا سنتظاهر بأننا ضريران , حتى لا تشي بنا نسوة القرية ويُفتضح أمرنا.
مياس: انه عين الصواب, اااه عفوا نسيت إن العين معطلة في قريتكم.(يخرجان وهم يضحكان)
الجوقة: (تغني). عد وانه اعد ونشوف يا هو أكثر هموم ...من عمري ست سنين للنظر محروم.












المشهد الثاني
(مقهى يجتمع فيه الرجال عند منتصف كل شهر, مجموعة كراسي, إضاءة فيضية, المهرج يقوم بحركات راقصة في جانب المسرح)
الشاب2: لقد نجحنا في مهمتنا.
الرجل: حمدا للإلهة , حمدا للإلهة (يقبل كفه ويضعه على جبهته)
(يدخل فارس وصديقه يلقيان التحية ويتظاهران بالعمى)
فارس ومياس: أسعدت الإلهة أوقاتكم .
الرجل: أهلا أيها العزيز ابن العزيز, تعال واجلس بجانبي اليوم أنت وكل الرجال ضيوفي, قربانا للإلهة التي رحمت ضعفي.
فارس: ماذا تعني؟
الرجل: الم يخبرك الرجال إن مولاتي غفرت لي كبائري؟
فارس : يا رجال أغلبكم يعرف والدي, كان رجلا صادقا محمود الخلق, وقد زرع في قلبي حبكم, وحب القرية, وحالكم هذا لا يرضي عدوا ولا حبيب.
الرجل: ماذا تعني بحالنا؟
فارس: تعلمون إني سافرت مع والدتي إلى بلاد بعيدة, تحملتْ من اجلي الكثير.
الجوقة: (تغني) دلول يا الولد يا ابني دلول, عدوك قريب لراسك ينول.
الشاب2: سمعنا إنها عصت الإلهة, فطردت من القرية.
فارس: تلك نصف الحقيقة...هي من اختارت الهروب وهي نصف اله كما تزعمون...تعرفون لماذا ؟ لأنها أيقنت زيف وكذب الإلهة.
الجوقة: الخطر قادم...الخطر قادم...ستغضب الإلهة.
الشاب2: اسكت... أنت تجلب لنا الشقاء, ستغضب الإلهة.(يحدث ضجيج ورفض خوفا من غضب الإلهة)
فارس : هذه الإلهة لا سلطة لها ألا في داخلكم, في ثنايا خوفكم, ضمن عتمة ظلامكم. لا تخافوا فهي وكل النسوة في إجازاتهن للاستجمام.
الرجل: إنها تحكم العالم كله.
فارس: هي لا تسيطر ألا على عقولكم.
الشاب1: إلى أين تريد الوصول بنا؟
فارس: جئتكم أنا وصديقي مياس (يشير إلى صديقه) من بلاد بعيدة كنا فيها أسيادا لا عبيد, بلاد تعطي للرجل مكانته الحق, يا رجال تذكروا, لو لا قوة أجسادكم لما بقيت القرية صامدة بوجه الغزاة, لولا وجودكم لما تناسل بني البشر, لولاكم لما عرفن النساء معنى النشوة واللذة, هن بحاجة إليكم كحاجتكم إليهن. فانتم الأقوى والأشجع وربما في بعض الحالات أجمل, فلماذا تكونوا عبيدا لمخلوقات ضعيفة لا يميزهن عنا سوى النظر الذي تنازلنا عنه باختيارنا.
الشاب2: لم يكن خيارنا, انه أمر الإلهة.
الجوقة: خيار الإلهة, خيار الإلهة.
فارس: لا وجود للإلهة...إنها طفيلي عاش على ضعفنا.
الشاب1: ضعفنا الذي لا مفر منه, مللت كل شيء, من العتمة التي ترافقني صباح مساء, خضوعي لشيء اجهل ملامحه, من اغتصاب فحولتي كل مساء, من اقتيادي كالخراف إلى ذلك المعبد.
فارس: هو المعبد, اسمعوني يا رفاق, عليّ الاعتراف أمامكم أني لست أعمى(يخلع النظارة) أنا مبصر(يتفاجئ الجميع) ...أرى الحياة بألوانها الزاهية أسير مع نور الشمس واحلم مع ضوء القمر.
المهرج: أنت ترى!!!(يضحك ) انت مجنون مثلي, أخيرا سيكون لي رفيق.
(ضجيج واضطراب في حركات الرجال شمال ويمين المسرح من هول الصدمة, ضجة تملئ المكان وبعض الرجال يريدون المغادرة, فيمسك بهم مياس): أرجوكم انتصوا إلى فارس لا تتعجلوا الحكم .
فارس:لقد عدت إلى القرية لإنقاذكم من قيودكم التي تحبس أنفاسكم, من دموع أبنائكم الذكور وصرخاتهم عند تسميل أعينهم, لكني لا استطيع فعل شيء دون عونكم لي.
الشاب1: أنا معك.
الرجل: أنا (يتردد) لا لا لا أريد إغضاب مولاتي مرة أخرى.
الشاب 3: كيف يمكننا مساعدتك وأنت المبصر.
الشاب2:ما بكم يا رجال ...انه يخدعكم, يريد أن يخرجكم من النعيم.(يركن إلى الجهة الأخرى من المسرح).
المهرج: عرفت ذلك, ها أنت رفيقي في الجنون (يغادر المسرح)
الجوقة:عد من حيث أتيت أيها المجنون , فليس بالإمكان أحسن مما كان.
فارس: إمامنا خمسة أيام ...وهي كافية لطرد الإلهة وترويض النساء.
مياس: ماذا تعني يا صديقي؟
الجوقة: لا صديق, لا يوجد صديق ,لا يوجد صديق
فارس: ثقوا بي يا رجال وسوف تنجون.
الرجل: كلامك معسول, أخشى تصديقه!!!
فارس : بل عليك تصديقه, وان كنت كاذبا اعصبوها براسي وقولوا للإلهة أن كان قد خان فقد عصاكِ أهل له من قبل.
الشاب1: نحن معك حيثما تريد.
فارس: أولا علينا تحطيم المعبد تلك الحجارة الصماء, هذا سيمنع دخول الإلهة إلى القرية, فلن يكون لها سكن في القرية.
الرجل: النسوة سيُسكنونها بيوتنا.
فارس: ولهذا فكل واحد منكم سيعود إلى بيته ويحبس زوجته فيه إلى أن ينصلح حالهن.
الشاب2: (يقترب من المجموعة وكأنه بدأ يصدق كلام فارس) من سيُسّير أمور القرية, سنموت جوعا!!!!
فارس: لا تخافوا, بعد النصر سنحدد كل خطواتنا, أما ألان فإلى المعبد(يحمل جرسا بيده وهو يحركه ليتبعه الجميع) اتبعوني ...لا عبودية بعد اليوم كلنا أحرار, لا ظلم بعد اليوم كلنا أحرار(يخرج الجميع وهم يرددون خلف فارس, ألا الجوقة ومياس)
مياس: (مع نفسه)غريب أمر هذه القرية...كل شيء فيها عجيب, آلهتهم تُهلك الحرث والنسل, والكل صاغر, يستعبدون الرجال ويقدسون النساء, ااااه لو كنت هنا يا أمي لأصبحت من أكثر المعبودين, ربما تصيرين إلهة ولكِ عباد, وما أكثر عبادكِ!!!
الجوقة: أنت فاشل ...فاشل يا ولدي.
مياس: لست كما تظنين وسأثبت لك ذلك, وسأجعل منك اله يُعبد, لا يهم من يكون والدي يكفيني أن سأكون ابن لإلهة مثلكِ.
(يدخل المهرج وهو يتمتم ): لا صديق ...لا رفيق (ينظر إلى مياس) أنت هنا, لِمَ لمْ تذهب لتحطيم المعبد؟
مياس: ربما كنت انتظرك!!!
المهرج: تنتظرني أنا؟
مياس: اسمعني جيدا انت لست بضرير, فلا داعي للكذب.
المهرج: ( مع نفسه) لا يعرف ابن الحرام ألا ابن الحرام.
مياس: (يذهب ويمسكه من يديه ) فارس يريد إنقاذ الرجال, أما أنا فأسعى لخلاصك.
المهرج: أنا صعلوك لا دين لي, فمن ماذا تخلصني؟
مياس: إن تعاونا انا وأنت, أنت وأنا, سأخلصك من فقرك وحاجتك وسيكون لك شأن كبير.
المهرج: لا أرى فيك شيم النبلاء!!! أصدقني القول ماذا تريد مني؟!!!
مياس: دهاؤك, لسانك المعسول, قدرتك على التلون, وسأغدق عليك بخير لم تره عيناك من قبل.
المهرج: لا لا عرضك بخس.
مياس: اطلب ما تريد؟
المهرج : طعام كثير, خروف في كل وجبة.
مياس: موافق.
المهرج: الحرير والجواهر.
مياس: لك ما تريد.
المهرج: النساء...نساء القرية جميلات جدا, أنا الرجل الوحيد المعذب بفتنتهن, طيلة أيام عمري كان بإمكاني النظر خلسة دون الاقتراب.
مياس: بدل ان ترقص وتغني ليضحك الناس, سأجعل خيرة نساء القرية يتمايلن أمامك هائمات, تأكل ما لذ وتتعطر بالطيب وتلبس الحرير.
الجوقة : (تغني) لما بدا يتثنى...لما بدا يتثنى...حبي جماله فنتنا...أمر ما بلحظة اسرنا...غصن ثنى حين مال (المهرج يتمايل )
المهرج: (يتوقف) شرط أخير
مياس: قل.
المهرج: أن أكون سفيرا للقرية أشارك في كل نشاطاتها الخارجية والداخلية واحصد الجوائز.
مياس: موافق.
المهرج: وإنا أيضا موافق.(يصافحان بعضهما البعض)
الجوقة: النساء...الطيب... الحرير...الجوائز رهن إشارتك.
مياس: لتبارك الآلهة اتفاقنا.
المهرج: (باستغراب) أي آلهة, آلهتهم أم آلهتنا؟!!!
مياس : بل الهي الأوحد الهي الجديد.
(يغادران المسرح, الجوقة تغني)
المشهد الثالث
(المسرح فارغ ألا من مدرج خشبي يقف عليه فارس وهو يخاطب الإلهة المهزومة, والجوقة وبعض رجال القرية, الدخان يعم المسرح, وبعض أصوات التحطيم للمعبد, راية الإلهة المهزومة, بقعة ضوء خضراء على مكان فارس على المدرج, ورجال القرية يقفون حول المدرج ويرفعون عصيهم إلى الأعلى لطرد الإلهة )
صوت الإلهة: ستحطمك الإلهة...لن اغفر لك.
فارس: كل ما يحلو لك قومي به, فلن تطالني يداكِ, لست مؤمنا بك كي أخافك.
الجوقة: لست مؤمنا بك حتى أخافك.
صوت الإلهة: انك تعلن الحرب على الآلهة, وعلى روح والدتك.
فارس: هي من أشعل الجمرة الأولى في صدري للانتقام منكِ, ألا تذكرين كيف اُحرقتْ أضلاعها النادية؟ الجمرات التي زرعِتها في روحها وأنتِ تحاولين سرقة حلمها الوحيد, غصة الفراق جففت عروقها.
صوت الإلهة: لا لم افعل ذلك, بل أردت أن التقي بوالدك لأمنحه سمة الالوهة, فيكون جديرا بها.
فارس: بل قولي انك راودته عن نفسه, أردته أنيسا لبعض لياليك المتجمدة, مُسكنا شهواتك المسعورة.
صوت الإلهة: أنا الإله وهو فرد من عبيدي.
الجوقة: أنا الإله وهو فرد من عبيدي ...فرد من عبيدي.
فارس: فعلا هو فرد من عبيدك, كان عليه أن يقف في الطابور أمام باب مخدعك ليخرج منه إلى حتفه, ومن خلفه كل رجال القرية الذين يسكنون العتمة, ويضاجعون المجهول؟
صوت الإلهة: هذه خطيئة ابن جنسهم ذلك اللعين الذي تجرا على النظر إلى جسدي وأنا أسبح في شلالات الإلهة, سولت له نفسه اغتصاب مفاتني بتلك العينان اللامعتان... اضطررت للأمر بتسميل عيون الذكور حفاظا على عفة أهل القرية.
الجوقة : عفة القرية ...عفة القرية.
فارس: بل حفاظا على سمعتك القذرة, وخوفا من افتضاح مغامرتك مع بعض رجال القرية وخيانتك لنسائها, فالرجال لا يبصرون والنساء مخدوعات في مخادعهن.(صوت رياح قوية)
صوت الإلهة : انك تُغضبني .... لن اغفر لك...ستندم لأهانتك جلالتي.
فارس: (يضحك بصوت عال) سأنتظرك دوما, أما الآن فأنت مطرودة من القرية.
الشاب1: اخرجي من قريتها أيتها النجسة.
المجموعة: هيا اخرجي ...يا لك من وضيعة.(ضجيج )
(يهتف الجميع ): لا عبودية بعد اليوم ...لا ظلم بعد اليوم.(يدخل مياس والمهرج وينظمان إلى المجموعة, ينزل فارس إلى الرجال).
فارس: من الآن فصاعدا انتم أحرار, سيكون هذا اليوم من كل شهر عيدا رسميا للقرية, نمرح فيه ونرقص ونناقش أمور القرية بالتشاور.
الشاب3: نريدك يا فارس قائدا لنا.
المهرج: (يغني ويرقص) أنت يا فارس قائدنا يا نور العين, منه وبينه ومن عدنا يا نور العين.(يغني معه الرجال)
فارس: (يحاول تهدأتهم) لدي أمور كثيرة أهم من القيادة ارغب في تحقيقها لأهلي.
المهرج: ااااه يا لها من معجزة لقد عاد إلي بصري...انا أرى, نعم أراكم بوضوح!!!
فارس: هل انت جاد في ما تقول؟
المهرج: نعم أنا ارى.
مياس: يبدو إن الأقدار اختارت أن تعيد أليه بصره لما تعهده فيه حكمة وذكاء, ربما يُستثمر في بناء القرية.
فارس: أتمنى إن يبصر الجميع.
مياس: صديقي يفكر في البحث عن علاج يعيد البصر إليكم, أليس كذلك يا صديقي؟
فارس: صحيح , كنت أفكر في أن نذهب أنا ومياس في رحلة للبحث عن العلاج, فقد قرأت ذات مرة عن غابات في أقاصي الأرض ينبت فيه عشب سحري.
مياس: يا صديقي أن تركناهم بمفردهم صاروا طعما يسيرا للإلهة.
الجوقة: صاروا طعما...وصرت طعما...وصرنا طعما.
فارس : صحيح, إذن ساترك فيكم مياس أخي وصديقي أطيعوه وأعينوه.
المهرج: نعم الخليفة من تركت.
الرجل: لقد عاد للمهرج عقله ...وبصره.
فارس: والآن علينا وقبل كل شيء تنظيم دستور القرية, سأقرأ عليكم مسودته للتصويت. موافقون؟
الرجال جميعا: موافقون.
فارس : (يصعد المدرج ثانية) أولا لا يحق لأي كائن تسميل العيون ولا حتى الإلهة, موافقون؟
الرجال : موافقون.
فارس:ثانيا الكل في القرية متساوون في الحقوق والواجبات, مع أفضلية للرجال في الحكم, كونهم الأقوى والأجدر بقيادة القرية, موافقون؟
الرجال: (يبدأون بالرقص والأهازيج) بالروح بالدم نفديك يا زعيم.
فارس: ثالثا لا يحق للنساء الترشيح أو الانتخاب في السنين العشر الأولى خوفا من عودة الإلهة, رابعا سيادة القرية ووحدتها ضمن محيطها الإقليمي من أهم المقدسات. موافقون.(يعود الرجال لنفس الاهزوجة) خامسا الحكم بالقرية بالتشاور ولا يحق لأحد الانفراد بالرأي,(تعود الأهازيج) سادسا: حرية العبادة مكفولة لكل فرد, موافقون.
الرجال: (وهم يرقصون, موافقون موافقون, حتى الموت معك سائرون)
فارس : سأدون بنود الدستور في لائحة أسلمها لأخي وصديقي مياس, إلى أن يبصر أهل القرية فنعلقها في الساحات العامة ليعرف الجميع حقوقهم وواجباتهم. (يتوجه نحو صديقه) أما أنت يا رفيقي فأوصيك خيرا بأهلي, فأنت محل ثقة.
المهرج: (بتملق) نعم الاختيار...أن تصطفي خليل عمرك حكمة ما بعده حكمة.
مياس: لا تقلق, سافر وأنت مطمئن, اهلك في رعايتي.
(تعتيم)















المشهد الخامس
( نفس المنظر السابق, مياس والمهرج وهما مزينان بالحلي والثياب الفاخرة, حركة مستمرة لأهل القرية في البناء, تسلط إضاءة فيضية على المسرح فيظهر في خلفية المسرح قصر كبير)
مياس: من الآن فصاعدا سيكون هذا مكان الاحتفال الشهري, بهذه المناسبة أوجه شكري للرجال الأشداء الذين ساهموا في بناء القصر.
الشاب 1: نريد ان نعرف ما الجدوى من هذا الصرح.
مياس: سؤال جميل ...جمعتكم اليوم لأقرا عليكم ما ورد في رسالة فارس التي وصلتني قبل أيام, يذكر فيها انه يبلغكم التحية ويقول انه أوشك على الحصول على العلاج فهو الآن في منفى الآلهة, ويطلب في رسالته بناء دار للضيافة والحكم, يسكن فيها من يحكم القرية فيما بعد, أما الآن فانا من يسكن هذه الدار.
الشاب3: هذا ليس عدلا أنت لم تعمل فيها!!!!
مياس: لكني المُخطط لكل إعمالكم , أتعلمون يا أحبائي انتم تنامون ليلكم وعيني تبقى ساهرة حتى الصباح وأنا أفكر في راحتكم ورفاهية القرية أليس كذلك يا مهرج.
المهرج: حقا وأنا اشهد على ذلك.
الجوقة: شهادة حق ...وشاهد صادق.
مياس: ثم أني اسكن القصر مؤقتا, حتى يعود فارس بالعلاج, وأعود إلى وطني, فانا في شوق لأهلي ووطني لضريح أبي البطل وقبر أمي الطاهر.
المهرج: ما بكم يا رجال؟ لقد ضحى مياس من اجلنا بأهله ووطنه وانتم تستكثرون عليه السكن لأيام في قصر الضيافة, الم يكن هو ضيفنا ويجب إكرامه؟
الرجال: (في لغط ) معك حق...من حق مياس أن يسكن في القصر متى يشاء.
مياس: بينما انتم نائمون اخرج أنا لتفقد أحوال القرى من حولنا, وبصراحة رأيت مالا يسر.
الرجل: (بخوف) ماذا؟ ماذا رأيت؟
مياس: أهل المدينة قد تعاونوا مع القرى المجاورة على تحشيد الجيوش وبتحريض الإلهة للغزو على قريتنا وإنهاء تجربتنا الديمقراطية (إلى الرجال) ساعدوني في اتخاذ القرار.
الشاب1: نبعث لهم برسل سلام ونفتح الحوار معهم.
الشاب2: بل نقاتلهم ونعلن دولتنا العظمى على أراضيهم.
المهرج: لنستمع ما يقوله قائدنا العظيم.
مياس : أنا أرى أن نبني سورا حول القرية ونعلن انفصالنا عنهم رسميا.
الشاب3: اعتقد أن هذا مخالف للدستور.
مياس : يخرج الدستور من جيبه ويقرا, سيادة القرية ووحدتها ضمن محيطها الإقليمي من أهم المقدسات, ألا في حالة الاعتداء عليها. وهذا ما يجري الآن.(يعطي الورقة إلى المهرج) اقرأ الفقرة رابعا .
المهرج: سيادة القرية ووحدتها ضمن محيطها الإقليمي من أهم المقدسات, ألا في حالة الاعتداء عليها.
الشاب3: ربما كنت مخطئا ...اعذروني.
مياس: ما رأيكم يا إخوتي.
المهرج : القول قولك والرأي رأيك , ولا قول بعد قولك, فهم لا يرون ما ترى بعينيك كل مساء, أليس كذلك (يخاطب الرجال)
الرجال: نعم صحيح.
مياس: وحتى نحفظ سيادة دولتنا ينبغي أن نضع لها علما بدل هذه الخرقة التي نشترك فيها مع غيرنا, ونشّيد نصبا نحتفل فيه بحريتنا ونصرنا ويكون رمزا لنا.
الشاب2 : فكرة ممتازة, (يبدأ بإشعال الأهازيج) نموت نموت ويحيا الوطن
الجميع: نموت نموت ويحيا الوطن.
الشاب3: من سيحدد شكل الرمز؟ أو النصب؟
المهرج: طبعا زعيمنا وقائدنا الأوحد, السيد مياس.
الشاب3: لما لا ننتظر عودة فارس ونحدد بعدها؟
المهرج: ألا تذكرون آخر كلمات قالها فارس قبل سفره الميمون, أطيعوا مياس وأعينوه.
مياس: لا مانع لدي من تأجيل كل هذه الخطوات لكن العدو لن ينتظر, انه على الأبواب, والرأي لكم من قبل ومن بعد.
الشاب2: أنا موافق.
الشاب1: وأنا أيضا.
الجميع: نحن موافقون... نموت نموت ويحيا الوطن.
مياس : النصب سيكون لسيدة جليلة جاهدت في سبيل التحرر.
الشاب1: (باستنكار) امرأة؟!!!!
مياس: أنها تختلف عن ما تعرفون من نساء, وألان اسمحوا لي أن اذهب و أراقب تحركات العدو, استمتعوا بوقتكم.(يخرج)
المهرج: (بعصبية) ما بكم أيها الحمقى؟ ا تريدون عودة تلك الإلهة اللعينة, إن قائدنا يفكر في أموركم أفضل منكم, يسهر كل ليلة حتى تنعموا بالراحة, وانتم تشككون في نواياه.
الرجل: معك حق نحن مخطئون فما يقولوه هو دوما على صواب.
الجميع: نعم هو دوما على صواب.
المهرج: والآن فليذهب كل منا إلى عمله , يجب أن نعمر أرضنا هيا يا أبطال هيا إلى بناء نصب دولتنا الجديدة.(يخرج الجميع ألا المهرج)
الجوقة: (تغني وتتحرك على المسرح وكأنها في استعراض عسكري) لاحت رؤوس الحراب...تلمع بين الروابي.
المهرج: (في جانب المسرح) مللت لعب الأدوار, ارتداء الأقنعة, التملق للقوي, متى سأصبح أنا الأوحد أنا الآمر الناهي ؟ متى؟
الجوقة: (تعود للغناء) لاحت رؤوس الحراب تلمع بين الروابي.
المشهد السادس
(نفس المنظر الخامس مع نصب لتمثال امرأة عارية, الجميع متعبون بعد إنهاء العمل, بعض الحجارة هنا وهناك)
الجوقة: دولة بعلم, بنصب, بقصر ضيافة, دولة بلا نساء , دولة بلا دين.
الشاب1: كان عملا شاقا.
الشاب3: (يتلمس النصب) أظنه أصبح جميلا.
المهرج: كيف لا يكون جميلا والمهندس الكبير اشرف على تصميمه, ولولا زعيمنا لهلكنا جميعا.
الرجل: انه رجل نبيل.
الشاب2: متى يعود فارس لا تمكن من رؤية هذا الانسان المبدع الذي بنى دولتنا.
(يدخل مياس وهو فزع متعب بيده ورقة وهو يصرخ): يا للمصيبة, يا للصدمة, ا يعقل هذا؟(يملئ المكان ضجة واضطراب)
المهرج: ما بك أيها القائد المفدى؟
مياس: لا استطيع الكلام (يحاول التمثيل) اشعر أن قوتي تنهار(يسقط أرضا,كأنه فقد الوعي).
الرجل: ما الذي يحدث؟ لا افهم شيئا!!!(يأخذ المهرج الورقة من يد مياس ويبدأ بالقراءة)
المهرج: (يُظهر استغرابا) رسالة من فارس إلى الإلهة العظيمة المبجلة, الآن وبعد أن انطلت حيلنا على أهل القرية لم يبق سوى القليل ونقضي عليهم جميعا, لقد تركت فيهم صديقي الأحمق دون علم منه حتى يثقوا بي, وحال تمكننا منهم سنقضي عيهم وعلى ذلك الأحمق معهم ,عبدك المطيع فارس.
الرجل : يا لها من كارثة, كنت اعلم أن الإلهة لن تترك حقها فينا, ستعاقبنا.
(يذهب المهرج إلى مياس في محاولة لإيقاظه): سيدي, مولاي تعالوا ساعدوني في إنقاذه لم يتحمل هول الصدمة.
(يتظاهر مياس بالإفاقة يتكلم وهو متعب): لا تقلقوا , أنا بخير, دولتنا ليست بخير.
الجميع: ( في لغط ) وما العمل؟
مياس: يبدو انه ذهب إلى منفى الآلهة لعقد اتفاق مع الإلهة المخلوعة لبيعكم, لا تقلقوا سنجد الحل, مادمت بينكم لا تخشوا شيئا.
المهرج: (يحاول إسكات الناس) دمت لنا قائدا ومنقذا وهاديا.
مياس: لكن علينا منع الخائن من دخول الدولة, اذهبوا إلى بيوتكم وأوصوا نساؤكم بان يطعن الأوامر وإلا سيكنّ ضمن دائرة الخيانة, وكل خائن سيعدم في الساحة العامة, فنحن في حالة حرب.
الجميع: سمعا وطاعة أيها العظيم, سمعا وطاعة أيها المنقذ.(يخرج الجميع ألا مياس والمهرج)
المهرج: (يتأكد من خروج الجميع) لقد غلبتني في التمثيل حتى كدت اصدق ما أرى.
مياس: نحن نسير بخطى واثقة, ومادمنا متعاونين سنحقق ما حلمنا به.
المهرج: وما هي الخطوة التالية.
مياس: انتظر قليلا حتى يصلوا إلى بيوتهم, وبعدها اذهب اليوم اجتمع بهم وابلغهم أن الإلهة بالتعاون مع فارس قد أرسلت روحا شريرة سكنت النصب, وهي تقتل كل من يشاهدها, وبلغهم باني سأجتمع بالرجال فقط بعيدا عن النصب في المقهى القديم غدا عند الفجر.
المهرج: يا لك من داهية, (بسخرية) صحيح أنت من نسل الأبطال.
مياس: إذا أردت امتحان صبري فلا تفعل, وإلا حطمتك.
المهرج: إني أمازحك وحسب.(يخرج )
مياس: (ينظر إلى النصب) أماه لم يبق القليل وتكونين الإلهة , واثبت لك إني لست بفاشل.
الجوقة: الرموز عراة, الرموز عراة, رمز لا يستر نفسه, لا يحمي جسده, كيف يحمي الاجساد. (تعتيم)

المشهد السابع
(نفس المنظر الثاني مجموعة كراسي في مقهى شعبي, الرجال متجمعون, يدخل مياس والمهرج فينحني رجلان في وضع الركوع ليصعد مياس على ظهرهما)
مياس: أهلا بكم يا شعبي العظيم, تمر دولتنا الفتية بمصاعب عدة, ما يجعلنا في حالة طوارئ, ومنها ما سمعتم عن تلك الروح التي سكنت النصب, لذا فقد قررت وقراري نافذ غير قابل للنقاش وفقا لحالة الطوارئ ما يأتي:
1. حفاظا على أرواح نساؤكم ونسلكم سيتم من ظهر هذا اليوم تسميل عيون النساء والأطفال كافة على أن يتولى هذه العملية سيادة الوزير السيد مهرج.
2. على النساء أن يقمن بواجبهن تجاه البلدة كما يفعل الرجال, ففي كل ليلة تأتي أحدى النساء للسهر مع تلك الروح وإمتاعها حتى نأمن شرها.
3. في كل أسبوع تقدم القرابين والهدايا من قبل الرجال فقط إلى تلك الروح, أما النساء فقرابينهن من نوع آخر.
4. صلاة الرجال عند النصب عند منتصف كل أسبوع. أما النساء ففي نهاية الأسبوع.
5.لإثبات حرصي على أرواحكم سأكون أول من يُسمل عينه, أما السيد مهرج فسيقوم بالعملية على نفسه بعد إنهاء مهمته تسميل جميع الشعب. هذه إجراءات مؤقته ستزول بزوال الخطر.(يتظاهر بتسميل عينيه وهو يصرخ)
الجميع: سمعا وطاعة أيها المفدى ...عيوننا أرواحنا تفديك يا زعيم.(يخرج الجميع)
الجوقة:( في جانب المسرح, تغني وهي تلطم ) لا تعاشر البذات وال ماله تالي ... مثل إلي يلم الماي يرد كفه خالي ( تظهر على خلفية المسرح تسجيل لأهل القرية يحملون رايات بألوان شتى وهو يطوفون حول النصب المزعوم للمرأة, ومن ثم يجسدون, مع موسيقى توحي بالخشوع).

(النهاية)




مسرحية
تسميل
تأليف
ايمان الكبيسي
2017م












الشخصيات

الرجل: رجل في متوسط العمر بشخصية مهزوزة ضعيفة.
الشاب1: شخصية ناقمة على الواقع.
الشاب2: شخصية مسالمة جدا.
الشاب3: شخصية شجاعة.
فارس: رجل في متوسط العمر ثائر, محب لوطنه.
مياس: رجل في متوسط العمر مخادع, كاذب, طماع.
صوت الإلهة: طاغية, ظالمة.
المهرج: رجل في الخمسين من عمره, شخصية متلونة, متملقة.
الجوقة.







المشهد الاول
( المسرح فارغ ألا من راية كتب عليها حرف النون, وأجساد مجموعة من الشباب مقيدة جذوعهم بسلاسل يرتدون نظارات سوداء ويحملون عصي في إشارة إلى أنهم فاقدو البصر, في حركات عبثية تجوب المسرح وكأن رياح عاتية تبعثرهم, من أصوات لرياح شديدة وإضاءة متقطعة توحي باضطراب الحركة, يدخل رجل أعمى وهو يبكي وينوح بصوت عال, تخفت أصوات الرياح, ويحاول التحدث متنقلا بين الشباب)
الرجل: تعالوا معي نطلب المغفرة...هيا... الرياح ستقتلع جذورنا...أرجوكم ساعدوني, لا يمكنني العيش بدونها(يشعر بالاختناق مخاطبا الجمهور مع عودة أصوات الرياح والرجال في حركاتهم مستمرون) حتى أنفاسي غاضبة مني ...هي أيضا تريد هجراني, أكاد اختنق.(يذهب إلى الشاب الأول) اشعر انك لن تخذلني.
الشاب1:أطفالي ...أطفالي (يتحسس القيود) هم من كبلني وجعلني مطيعا خانعا, أطفالي... دموعهم تُسكن الأسى والحزن في روحي, بكاؤهم يذكرني بألم الرماد الذي دُس في عيني منذ سنين, حزنهم يُشعل في صدري موقدا لا تُطفئ ناره ...نار تفوق ما احترق بها كل يوم ( يخاطب الرجل) اذهب فلا أطفال لديك, يمكنك العيش بسلام, حلق في السماء وغادر هذه الأرض الملعونة وحرثها المُكبِل للأرواح.
الرجل: (بنفور وغضب) من قال لك أن نعيمي في السماء , إنها هنا على الأرض, (بهدوء) نعم هي ارضي التي اسكن إليها...لكنها غاضبة مني وغضبها يُغضِب الإلهة (ترتفع أصوات الرياح).
الشاب1: وها نحن نعاني الآن من رعونتك وحمقك!!!
الرجل: (يتوسل إلى الشاب الثاني) تعال أنت معي (يتلمس جسد الشاب) أنت حسن المظهر ورخيم الصوت...ستشفع ليس عندها.
الشاب2: (يضحك بهستيريا) ا تمزح ؟ أنا آخر من يمكنه مساعدتك!!!(بغرور) سيدتي تغار عليّ حتى من قيودي.
الشاب1: (إلى الشاب 2) لازلت مغفلا هن لا يعشقن سوى أنفسهن, أنها تعشق فيك ذُلك وخنوعك لسطوتها, كما تعشق سيدتي جبني وضعفي.
الشاب2: رضاها يعني رضا الإلهة.(يختفي صوت الرياح ويسقط الشباب على الأرض متعبين)
الرجل : (يخاطب الشاب الثالث بيأس) ستعتذر كرفيقيك!!!! اعرف ذلك.
الشاب3: من قال ذلك؟ أنا لا زوجة لي ولا أطفال, يمكنني مساعدتك, لكن ....
(يدخل المهرج وهو يرقص مع ارتفاع موسيقى راقصة وتجتمع الجوقة حوله وهي تصفق).
المهرج: صفقوا هيا... أفراح ...أفراح
الرجل: (كانت ناقصتك)!!!!
المهرج: ما الذي يجري, الكل مجتمعون!!!(يعود للرقص)
الشاب2: كل يوم يخرج لنا معتوهٌ غوغائي يُغضب منا الإلهة العظيمة.
المهرج: (يتوقف عن الرقص) الهتنا العظيمة غاضبة, يا ويلي, من هذا الجاحد المُسرف الذي اغضب الرحمة والعدالة والكمال.
الرجل: (بأسف) سيدتي غاضبة مني, وغضبها يثير الإلهة.
المهرج: لو صرحت لي الإلهة بعقابك لقطعت راسك.
الرجل: (بغضب) اغرب عن وجهي أيها الفاسق, أنت نذير شؤم, أعوذ بالإلهة منك, أعوذ بالإلهة منك (يحاول اللحاق به وضربه فيمنعه الشاب3)
الشاب3: دعك منه.
الرجل: (يرفع يديه متضرعا) شكرا لك على نعمة العقل.(يعود المهرج للرقص)
الشاب3: أصدقني القول ما سبب غضب سيدتك؟
الرجل : (يعود للبكاء) اااااه عليّ اللعنة, ما أشنعه من فعل فعلته, غفوت قبل أن تأذن لي مولاتي...اعترف بذلك لكني وحق الإلهة العظيمة لم اقصد ذلك, كان سهوا.
(ينهض الجميع بفزع): نمت في حضرتها؟!!! يا له من ُجرم!!!
الشاب3: كيف سولت لك نفسك فعل ذلك, ا نسيت ذلك الخمر المعتق, الفراش الوثير, لباسك المترف, نظرة الرضا من عينها, مجهودها وهي تقودك كل أسبوع إلى المعبد لتحمد الإلهة على ما أنت عليه من نِعَم, نسيت كل هذا؟ صحيح إن الانسان ظلومٌ كفور.
المهرج: جاحد ...كافر...فاسق(يعود للرقص )
الرجل: (في ندم وبكاء) أنا المخطئ... العاصي , أنا المذنب.
الجوقة: الرجال عاصون, مخطئون, مذنبون.
الشاب3: يا شباب لنذهب إلى المعبد ونتضرع لإلهتنا المبجلة من اجل هذا المسكين, ونشفع له عند مولاته, عسى أن نُوفق في مسعانا هيا ...هيا
المهرج: (بفرح) المعبد ااااه كم أحب هذا المكان, سأنشد في حضرة الإلهة آخر قصائدي. (ينهض الشابان ويشكلون طابورا واحدا يمسك احدهم الأخر ويخرجون من المسرح, تبقى الجوقة يتجمعون سوية متلاصقين من الخلف وعصيهم واقفة على الأرض كأنهم خلف قضبان السجن, إضاءة حمراء مسلطة عليهم).
(يدخل رجلان متخفيان عند خروج الجميع من المسرح, تُسلط عليهما بقعتين ضوئيتين, مع إظلام لباقي أجزاء المسرح)
فارس: (يراقب خروجهم في الجانب الثاني من المسرح ثم يعود) أسمعتَ ما سمعتْ انا؟
مياس: نعم شيء غريب, والأغرب ما شاهدتُ!!!!
الجوقة : قرية العجائب!!!كل مباح فيها ممنوع وكل ممنوع مباح.
فارس: (بأسف) نعم شاهدتَ قرية لا يُشاهدُ فيها الرجال.
مياس:غريب!!!!
الجوقة: ظلام...ظلام ...ظلام.
فارس: (يذهب إلى الجانب الثاني من المسرح, بحزن) هذه هي بلدتي حكمها الجهل والعتمة فصدقوا الخرافة, كل الذكور في قريتي تُسمل أعينهم عند سن السادسة, بأمر من الإلهة.
مياس: (بتعجب) لكنك مبصر؟!!!
فارس: (يقترب منه بسرعة) صه , لا ترفع صوتك, فان علم الناس إنّا مبصران سارعوا إلى تسميل أعيننا, علينا مجاراتهم حتى يحين الوقت لإنقاذهم.
الجوقة : تسميل...تسميل...تسميل.
مياس: كيف تمكنت من الحفاظ على عينيك سليمتين؟
فارس: (يسرح بخياله, بقعة ضوء خضراء كبيرة تسلط عليه, بينما تتجمع الجوقة في صف واحد وتعلن التحية العسكرية, كأنها تحيي العلم وتضع العصا على كتفيها كأنها بندقية) كنت في حضرة ملكوتها, تلك النخلة الباسقة يتلاشى المستحيل بين سعفاتها الغضة, في صوتها أغنية البنفسج, روحها كفراشة بريئة, ايقونات العذوبة تنتج عند شرفة عينيها...كانت نخلة شامخة رفضت أساليب العبودية الحمقاء, عارضت الانقياد الأعمى, رفضت تكفيف عينيّ وحيدها, صارعت الآلهة (تتبعثر الجوقة حال سماع كلمة الإلهة ومن ثم تتجمع زحفا في أعلى المسرح) وتحملت جُلّ المصاعب, هربت بي إلى بلاد لا تدين بدين الآباء والأجداد.
مياس: ووالدك هل كان ضريرا؟
فارس : كان بصير العقل, عاقبته الإلهة, اغتالته من بين أحضان جنته...عقوبة لها.
مياس: يا لها من مجاهدة!!تشبه أمي كثيرا !!!
الجوقة: (ضحكات ساخرة بصوت عال)
فارس: صحيح لم تحدثني يوما عن والديك؟
مياس: (بقعة ضوء صفراء إلى مياس, يتحدث إلى نفسه بسخرية) يطالبني بالحديث عن والديّ!!!
الجوقة: وهل تعرف أنت والديك؟!!!
فارس: هل قلت شيئا؟
مياس: (متفاخرا) قالت لي أمي إن والدي كان احد أبطال الحروب الذين صارعتهم لكنه أحبها بعد ذلك, انا لم أره يوما فقد قُتل قبل ولادتي, أما عن والدتي فهي مجاهدة من الطراز الأول تصارع الرجال الأشداء, كانت في كل ليلة تصرع احدهم(مع نفسه) كانت مجاهدة الفراش(يعود للتحدث إلى فارس) كان تقاتل من اجل التعري من كل قيد.
فارس: كم هي عظيمة!!تقاتل من اجل الحرية.
الجوقة: كلهن عظيمات...كلهن عظيمات.
مياس: (يذهب بعيدا عن فارس ويرفع صوته) لم تترك حربا ألا وكان لها دور البطولة, تشهد لها أسرة الوغى, عفوا اقصد ساحات الوغى.
الجوقة: تنكب سلاح.
فارس: (يقترب منه ويضرب على كتفيه) ولهذا أنجبت رجلا شجاعا مثلك يا صديقي, لكنك لم تذكرها لي سابقا.
مياس:( في قلق) دعك من هذا, المهم كيف تنقذ رجال قريتك؟
الجوقة: ( بضحك شديد) رجال ...رجال.
فارس: اسمعني جيدا (يتفقد المكان خشية أن يسمعهما احد, ويأخذ برأس مياس ويقربه منه بينما تحاول الجوقة استراق السمع) ضمن ناموس الإلهة هنا, يُطرد الرجال من بيوتهم خمسة أيام من كل شهر, أي عند منتصف كل شهر حين يقترب القمر من أن يكون بدرا, بدعوى أن تخلد الإلهة وباقي النسوة للهدوء والاستجمام, وهذه فرصتنا الذهبية في التواصل مع رجال القرية بمعزل عن سلطة الإناث.
(يدخل المهرج يتفاجئ بوجود الرجلين, ويوجس مياس منه خيفة)
المهرج: أشم رائحة غريب!!!(يحرك بعصاه إلى الأمام والجوانب)
فارس: (إلى مياس) لا تخف يا صديقي انه أعمى البصيرة.
الجوقة: أنت من لا يفقه شيئا يا أعمى القلب والعقل.
فارس: ا تذكرني يا عم أنا ابن حمدون صديقك القديم.
الجوقة: لا صديق ...لا صديق, سيتركك الجميع, عد من حيث أتيت, سيتركك الجميع , فهم أما منافق أو غبي أو جبان, لكن حذار من الصديق.
المهرج: عذرا يا ولدي فللسن أحكام, ما رأيكما ببعض الأعمال السحرية, والحركات البهلوانية. (يبدأ المهرج بحركاته البهلوانية)
فارس: يا عم نحن ضريران, فما الجدوى مما تفعل؟
المهرج: والغريب ضرير أيضا؟!!!
فارس: نعم.
المهرج: أنا أيضا ضرير, لكني ارقص واغني دوما عرفانا بفضل الإلهة, وتقربا لها.
مياس: يبدو انه مُسلي, لكنه مجنون بعض الشيء.
الجوقة: مهرجون في كل واد يهيمون...في كل واد يهيمون.
فارس: (يشير إلى مياس) انه صديقي مياس.
المهرج: لا تثق بصديق, لا تثق باخ, فقط الإلهة من تستحق أن نكون خلفها مسيرون دون تفكير.
فارس: كان المهرج صديقا للاطفال, وبطلا للاحتفالات إلى أن حلت اللعنة وخسر مشاهديه من الرجال, فأصبح يجوب الشوارع من دون عمل حتى فقد عقله, وينتظر عطفا من هذا أو ذاك.
الجوقة: ربما فقد عقله...ربما فقد عقله.
مياس: علينا الاعتناء به, ربما نحتاج مهاراته الاستعراضية.
المهرج: (إلى مياس) أنت العاقل الوحيد, أنت من سيقتل الحمقى, يا لهم من حمقى.
مياس: لا تخف ستعود أيامك الخوالي.
المهرج: (يؤدي له التحية العسكرية ويخرج من المسرح وهو يرقص ويغني, فارس ومياس يضحكان)
فارس: الم اقل لك انه فقد عقله.(مياس ينظر إلى السماء)
الجوقة : سيصبح القمر بدرا...القمر بدرا
مياس: لم يبق لدينا سوى يومين ويبدأ وقت طرد الرجال.
فارس: لذا سنتظاهر بأننا ضريران , حتى لا تشي بنا نسوة القرية ويُفتضح أمرنا.
مياس: انه عين الصواب, اااه عفوا نسيت إن العين معطلة في قريتكم.(يخرجان وهم يضحكان)
الجوقة: (تغني). عد وانه اعد ونشوف يا هو أكثر هموم ...من عمري ست سنين للنظر محروم.












المشهد الثاني
(مقهى يجتمع فيه الرجال عند منتصف كل شهر, مجموعة كراسي, إضاءة فيضية, المهرج يقوم بحركات راقصة في جانب المسرح)
الشاب2: لقد نجحنا في مهمتنا.
الرجل: حمدا للإلهة , حمدا للإلهة (يقبل كفه ويضعه على جبهته)
(يدخل فارس وصديقه يلقيان التحية ويتظاهران بالعمى)
فارس ومياس: أسعدت الإلهة أوقاتكم .
الرجل: أهلا أيها العزيز ابن العزيز, تعال واجلس بجانبي اليوم أنت وكل الرجال ضيوفي, قربانا للإلهة التي رحمت ضعفي.
فارس: ماذا تعني؟
الرجل: الم يخبرك الرجال إن مولاتي غفرت لي كبائري؟
فارس : يا رجال أغلبكم يعرف والدي, كان رجلا صادقا محمود الخلق, وقد زرع في قلبي حبكم, وحب القرية, وحالكم هذا لا يرضي عدوا ولا حبيب.
الرجل: ماذا تعني بحالنا؟
فارس: تعلمون إني سافرت مع والدتي إلى بلاد بعيدة, تحملتْ من اجلي الكثير.
الجوقة: (تغني) دلول يا الولد يا ابني دلول, عدوك قريب لراسك ينول.
الشاب2: سمعنا إنها عصت الإلهة, فطردت من القرية.
فارس: تلك نصف الحقيقة...هي من اختارت الهروب وهي نصف اله كما تزعمون...تعرفون لماذا ؟ لأنها أيقنت زيف وكذب الإلهة.
الجوقة: الخطر قادم...الخطر قادم...ستغضب الإلهة.
الشاب2: اسكت... أنت تجلب لنا الشقاء, ستغضب الإلهة.(يحدث ضجيج ورفض خوفا من غضب الإلهة)
فارس : هذه الإلهة لا سلطة لها ألا في داخلكم, في ثنايا خوفكم, ضمن عتمة ظلامكم. لا تخافوا فهي وكل النسوة في إجازاتهن للاستجمام.
الرجل: إنها تحكم العالم كله.
فارس: هي لا تسيطر ألا على عقولكم.
الشاب1: إلى أين تريد الوصول بنا؟
فارس: جئتكم أنا وصديقي مياس (يشير إلى صديقه) من بلاد بعيدة كنا فيها أسيادا لا عبيد, بلاد تعطي للرجل مكانته الحق, يا رجال تذكروا, لو لا قوة أجسادكم لما بقيت القرية صامدة بوجه الغزاة, لولا وجودكم لما تناسل بني البشر, لولاكم لما عرفن النساء معنى النشوة واللذة, هن بحاجة إليكم كحاجتكم إليهن. فانتم الأقوى والأشجع وربما في بعض الحالات أجمل, فلماذا تكونوا عبيدا لمخلوقات ضعيفة لا يميزهن عنا سوى النظر الذي تنازلنا عنه باختيارنا.
الشاب2: لم يكن خيارنا, انه أمر الإلهة.
الجوقة: خيار الإلهة, خيار الإلهة.
فارس: لا وجود للإلهة...إنها طفيلي عاش على ضعفنا.
الشاب1: ضعفنا الذي لا مفر منه, مللت كل شيء, من العتمة التي ترافقني صباح مساء, خضوعي لشيء اجهل ملامحه, من اغتصاب فحولتي كل مساء, من اقتيادي كالخراف إلى ذلك المعبد.
فارس: هو المعبد, اسمعوني يا رفاق, عليّ الاعتراف أمامكم أني لست أعمى(يخلع النظارة) أنا مبصر(يتفاجئ الجميع) ...أرى الحياة بألوانها الزاهية أسير مع نور الشمس واحلم مع ضوء القمر.
المهرج: أنت ترى!!!(يضحك ) انت مجنون مثلي, أخيرا سيكون لي رفيق.
(ضجيج واضطراب في حركات الرجال شمال ويمين المسرح من هول الصدمة, ضجة تملئ المكان وبعض الرجال يريدون المغادرة, فيمسك بهم مياس): أرجوكم انتصوا إلى فارس لا تتعجلوا الحكم .
فارس:لقد عدت إلى القرية لإنقاذكم من قيودكم التي تحبس أنفاسكم, من دموع أبنائكم الذكور وصرخاتهم عند تسميل أعينهم, لكني لا استطيع فعل شيء دون عونكم لي.
الشاب1: أنا معك.
الرجل: أنا (يتردد) لا لا لا أريد إغضاب مولاتي مرة أخرى.
الشاب 3: كيف يمكننا مساعدتك وأنت المبصر.
الشاب2:ما بكم يا رجال ...انه يخدعكم, يريد أن يخرجكم من النعيم.(يركن إلى الجهة الأخرى من المسرح).
المهرج: عرفت ذلك, ها أنت رفيقي في الجنون (يغادر المسرح)
الجوقة:عد من حيث أتيت أيها المجنون , فليس بالإمكان أحسن مما كان.
فارس: إمامنا خمسة أيام ...وهي كافية لطرد الإلهة وترويض النساء.
مياس: ماذا تعني يا صديقي؟
الجوقة: لا صديق, لا يوجد صديق ,لا يوجد صديق
فارس: ثقوا بي يا رجال وسوف تنجون.
الرجل: كلامك معسول, أخشى تصديقه!!!
فارس : بل عليك تصديقه, وان كنت كاذبا اعصبوها براسي وقولوا للإلهة أن كان قد خان فقد عصاكِ أهل له من قبل.
الشاب1: نحن معك حيثما تريد.
فارس: أولا علينا تحطيم المعبد تلك الحجارة الصماء, هذا سيمنع دخول الإلهة إلى القرية, فلن يكون لها سكن في القرية.
الرجل: النسوة سيُسكنونها بيوتنا.
فارس: ولهذا فكل واحد منكم سيعود إلى بيته ويحبس زوجته فيه إلى أن ينصلح حالهن.
الشاب2: (يقترب من المجموعة وكأنه بدأ يصدق كلام فارس) من سيُسّير أمور القرية, سنموت جوعا!!!!
فارس: لا تخافوا, بعد النصر سنحدد كل خطواتنا, أما ألان فإلى المعبد(يحمل جرسا بيده وهو يحركه ليتبعه الجميع) اتبعوني ...لا عبودية بعد اليوم كلنا أحرار, لا ظلم بعد اليوم كلنا أحرار(يخرج الجميع وهم يرددون خلف فارس, ألا الجوقة ومياس)
مياس: (مع نفسه)غريب أمر هذه القرية...كل شيء فيها عجيب, آلهتهم تُهلك الحرث والنسل, والكل صاغر, يستعبدون الرجال ويقدسون النساء, ااااه لو كنت هنا يا أمي لأصبحت من أكثر المعبودين, ربما تصيرين إلهة ولكِ عباد, وما أكثر عبادكِ!!!
الجوقة: أنت فاشل ...فاشل يا ولدي.
مياس: لست كما تظنين وسأثبت لك ذلك, وسأجعل منك اله يُعبد, لا يهم من يكون والدي يكفيني أن سأكون ابن لإلهة مثلكِ.
(يدخل المهرج وهو يتمتم ): لا صديق ...لا رفيق (ينظر إلى مياس) أنت هنا, لِمَ لمْ تذهب لتحطيم المعبد؟
مياس: ربما كنت انتظرك!!!
المهرج: تنتظرني أنا؟
مياس: اسمعني جيدا انت لست بضرير, فلا داعي للكذب.
المهرج: ( مع نفسه) لا يعرف ابن الحرام ألا ابن الحرام.
مياس: (يذهب ويمسكه من يديه ) فارس يريد إنقاذ الرجال, أما أنا فأسعى لخلاصك.
المهرج: أنا صعلوك لا دين لي, فمن ماذا تخلصني؟
مياس: إن تعاونا انا وأنت, أنت وأنا, سأخلصك من فقرك وحاجتك وسيكون لك شأن كبير.
المهرج: لا أرى فيك شيم النبلاء!!! أصدقني القول ماذا تريد مني؟!!!
مياس: دهاؤك, لسانك المعسول, قدرتك على التلون, وسأغدق عليك بخير لم تره عيناك من قبل.
المهرج: لا لا عرضك بخس.
مياس: اطلب ما تريد؟
المهرج : طعام كثير, خروف في كل وجبة.
مياس: موافق.
المهرج: الحرير والجواهر.
مياس: لك ما تريد.
المهرج: النساء...نساء القرية جميلات جدا, أنا الرجل الوحيد المعذب بفتنتهن, طيلة أيام عمري كان بإمكاني النظر خلسة دون الاقتراب.
مياس: بدل ان ترقص وتغني ليضحك الناس, سأجعل خيرة نساء القرية يتمايلن أمامك هائمات, تأكل ما لذ وتتعطر بالطيب وتلبس الحرير.
الجوقة : (تغني) لما بدا يتثنى...لما بدا يتثنى...حبي جماله فنتنا...أمر ما بلحظة اسرنا...غصن ثنى حين مال (المهرج يتمايل )
المهرج: (يتوقف) شرط أخير
مياس: قل.
المهرج: أن أكون سفيرا للقرية أشارك في كل نشاطاتها الخارجية والداخلية واحصد الجوائز.
مياس: موافق.
المهرج: وإنا أيضا موافق.(يصافحان بعضهما البعض)
الجوقة: النساء...الطيب... الحرير...الجوائز رهن إشارتك.
مياس: لتبارك الآلهة اتفاقنا.
المهرج: (باستغراب) أي آلهة, آلهتهم أم آلهتنا؟!!!
مياس : بل الهي الأوحد الهي الجديد.
(يغادران المسرح, الجوقة تغني)
المشهد الثالث
(المسرح فارغ ألا من مدرج خشبي يقف عليه فارس وهو يخاطب الإلهة المهزومة, والجوقة وبعض رجال القرية, الدخان يعم المسرح, وبعض أصوات التحطيم للمعبد, راية الإلهة المهزومة, بقعة ضوء خضراء على مكان فارس على المدرج, ورجال القرية يقفون حول المدرج ويرفعون عصيهم إلى الأعلى لطرد الإلهة )
صوت الإلهة: ستحطمك الإلهة...لن اغفر لك.
فارس: كل ما يحلو لك قومي به, فلن تطالني يداكِ, لست مؤمنا بك كي أخافك.
الجوقة: لست مؤمنا بك حتى أخافك.
صوت الإلهة: انك تعلن الحرب على الآلهة, وعلى روح والدتك.
فارس: هي من أشعل الجمرة الأولى في صدري للانتقام منكِ, ألا تذكرين كيف اُحرقتْ أضلاعها النادية؟ الجمرات التي زرعِتها في روحها وأنتِ تحاولين سرقة حلمها الوحيد, غصة الفراق جففت عروقها.
صوت الإلهة: لا لم افعل ذلك, بل أردت أن التقي بوالدك لأمنحه سمة الالوهة, فيكون جديرا بها.
فارس: بل قولي انك راودته عن نفسه, أردته أنيسا لبعض لياليك المتجمدة, مُسكنا شهواتك المسعورة.
صوت الإلهة: أنا الإله وهو فرد من عبيدي.
الجوقة: أنا الإله وهو فرد من عبيدي ...فرد من عبيدي.
فارس: فعلا هو فرد من عبيدك, كان عليه أن يقف في الطابور أمام باب مخدعك ليخرج منه إلى حتفه, ومن خلفه كل رجال القرية الذين يسكنون العتمة, ويضاجعون المجهول؟
صوت الإلهة: هذه خطيئة ابن جنسهم ذلك اللعين الذي تجرا على النظر إلى جسدي وأنا أسبح في شلالات الإلهة, سولت له نفسه اغتصاب مفاتني بتلك العينان اللامعتان... اضطررت للأمر بتسميل عيون الذكور حفاظا على عفة أهل القرية.
الجوقة : عفة القرية ...عفة القرية.
فارس: بل حفاظا على سمعتك القذرة, وخوفا من افتضاح مغامرتك مع بعض رجال القرية وخيانتك لنسائها, فالرجال لا يبصرون والنساء مخدوعات في مخادعهن.(صوت رياح قوية)
صوت الإلهة : انك تُغضبني .... لن اغفر لك...ستندم لأهانتك جلالتي.
فارس: (يضحك بصوت عال) سأنتظرك دوما, أما الآن فأنت مطرودة من القرية.
الشاب1: اخرجي من قريتها أيتها النجسة.
المجموعة: هيا اخرجي ...يا لك من وضيعة.(ضجيج )
(يهتف الجميع ): لا عبودية بعد اليوم ...لا ظلم بعد اليوم.(يدخل مياس والمهرج وينظمان إلى المجموعة, ينزل فارس إلى الرجال).
فارس: من الآن فصاعدا انتم أحرار, سيكون هذا اليوم من كل شهر عيدا رسميا للقرية, نمرح فيه ونرقص ونناقش أمور القرية بالتشاور.
الشاب3: نريدك يا فارس قائدا لنا.
المهرج: (يغني ويرقص) أنت يا فارس قائدنا يا نور العين, منه وبينه ومن عدنا يا نور العين.(يغني معه الرجال)
فارس: (يحاول تهدأتهم) لدي أمور كثيرة أهم من القيادة ارغب في تحقيقها لأهلي.
المهرج: ااااه يا لها من معجزة لقد عاد إلي بصري...انا أرى, نعم أراكم بوضوح!!!
فارس: هل انت جاد في ما تقول؟
المهرج: نعم أنا ارى.
مياس: يبدو إن الأقدار اختارت أن تعيد أليه بصره لما تعهده فيه حكمة وذكاء, ربما يُستثمر في بناء القرية.
فارس: أتمنى إن يبصر الجميع.
مياس: صديقي يفكر في البحث عن علاج يعيد البصر إليكم, أليس كذلك يا صديقي؟
فارس: صحيح , كنت أفكر في أن نذهب أنا ومياس في رحلة للبحث عن العلاج, فقد قرأت ذات مرة عن غابات في أقاصي الأرض ينبت فيه عشب سحري.
مياس: يا صديقي أن تركناهم بمفردهم صاروا طعما يسيرا للإلهة.
الجوقة: صاروا طعما...وصرت طعما...وصرنا طعما.
فارس : صحيح, إذن ساترك فيكم مياس أخي وصديقي أطيعوه وأعينوه.
المهرج: نعم الخليفة من تركت.
الرجل: لقد عاد للمهرج عقله ...وبصره.
فارس: والآن علينا وقبل كل شيء تنظيم دستور القرية, سأقرأ عليكم مسودته للتصويت. موافقون؟
الرجال جميعا: موافقون.
فارس : (يصعد المدرج ثانية) أولا لا يحق لأي كائن تسميل العيون ولا حتى الإلهة, موافقون؟
الرجال : موافقون.
فارس:ثانيا الكل في القرية متساوون في الحقوق والواجبات, مع أفضلية للرجال في الحكم, كونهم الأقوى والأجدر بقيادة القرية, موافقون؟
الرجال: (يبدأون بالرقص والأهازيج) بالروح بالدم نفديك يا زعيم.
فارس: ثالثا لا يحق للنساء الترشيح أو الانتخاب في السنين العشر الأولى خوفا من عودة الإلهة, رابعا سيادة القرية ووحدتها ضمن محيطها الإقليمي من أهم المقدسات. موافقون.(يعود الرجال لنفس الاهزوجة) خامسا الحكم بالقرية بالتشاور ولا يحق لأحد الانفراد بالرأي,(تعود الأهازيج) سادسا: حرية العبادة مكفولة لكل فرد, موافقون.
الرجال: (وهم يرقصون, موافقون موافقون, حتى الموت معك سائرون)
فارس : سأدون بنود الدستور في لائحة أسلمها لأخي وصديقي مياس, إلى أن يبصر أهل القرية فنعلقها في الساحات العامة ليعرف الجميع حقوقهم وواجباتهم. (يتوجه نحو صديقه) أما أنت يا رفيقي فأوصيك خيرا بأهلي, فأنت محل ثقة.
المهرج: (بتملق) نعم الاختيار...أن تصطفي خليل عمرك حكمة ما بعده حكمة.
مياس: لا تقلق, سافر وأنت مطمئن, اهلك في رعايتي.
(تعتيم)















المشهد الخامس
( نفس المنظر السابق, مياس والمهرج وهما مزينان بالحلي والثياب الفاخرة, حركة مستمرة لأهل القرية في البناء, تسلط إضاءة فيضية على المسرح فيظهر في خلفية المسرح قصر كبير)
مياس: من الآن فصاعدا سيكون هذا مكان الاحتفال الشهري, بهذه المناسبة أوجه شكري للرجال الأشداء الذين ساهموا في بناء القصر.
الشاب 1: نريد ان نعرف ما الجدوى من هذا الصرح.
مياس: سؤال جميل ...جمعتكم اليوم لأقرا عليكم ما ورد في رسالة فارس التي وصلتني قبل أيام, يذكر فيها انه يبلغكم التحية ويقول انه أوشك على الحصول على العلاج فهو الآن في منفى الآلهة, ويطلب في رسالته بناء دار للضيافة والحكم, يسكن فيها من يحكم القرية فيما بعد, أما الآن فانا من يسكن هذه الدار.
الشاب3: هذا ليس عدلا أنت لم تعمل فيها!!!!
مياس: لكني المُخطط لكل إعمالكم , أتعلمون يا أحبائي انتم تنامون ليلكم وعيني تبقى ساهرة حتى الصباح وأنا أفكر في راحتكم ورفاهية القرية أليس كذلك يا مهرج.
المهرج: حقا وأنا اشهد على ذلك.
الجوقة: شهادة حق ...وشاهد صادق.
مياس: ثم أني اسكن القصر مؤقتا, حتى يعود فارس بالعلاج, وأعود إلى وطني, فانا في شوق لأهلي ووطني لضريح أبي البطل وقبر أمي الطاهر.
المهرج: ما بكم يا رجال؟ لقد ضحى مياس من اجلنا بأهله ووطنه وانتم تستكثرون عليه السكن لأيام في قصر الضيافة, الم يكن هو ضيفنا ويجب إكرامه؟
الرجال: (في لغط ) معك حق...من حق مياس أن يسكن في القصر متى يشاء.
مياس: بينما انتم نائمون اخرج أنا لتفقد أحوال القرى من حولنا, وبصراحة رأيت مالا يسر.
الرجل: (بخوف) ماذا؟ ماذا رأيت؟
مياس: أهل المدينة قد تعاونوا مع القرى المجاورة على تحشيد الجيوش وبتحريض الإلهة للغزو على قريتنا وإنهاء تجربتنا الديمقراطية (إلى الرجال) ساعدوني في اتخاذ القرار.
الشاب1: نبعث لهم برسل سلام ونفتح الحوار معهم.
الشاب2: بل نقاتلهم ونعلن دولتنا العظمى على أراضيهم.
المهرج: لنستمع ما يقوله قائدنا العظيم.
مياس : أنا أرى أن نبني سورا حول القرية ونعلن انفصالنا عنهم رسميا.
الشاب3: اعتقد أن هذا مخالف للدستور.
مياس : يخرج الدستور من جيبه ويقرا, سيادة القرية ووحدتها ضمن محيطها الإقليمي من أهم المقدسات, ألا في حالة الاعتداء عليها. وهذا ما يجري الآن.(يعطي الورقة إلى المهرج) اقرأ الفقرة رابعا .
المهرج: سيادة القرية ووحدتها ضمن محيطها الإقليمي من أهم المقدسات, ألا في حالة الاعتداء عليها.
الشاب3: ربما كنت مخطئا ...اعذروني.
مياس: ما رأيكم يا إخوتي.
المهرج : القول قولك والرأي رأيك , ولا قول بعد قولك, فهم لا يرون ما ترى بعينيك كل مساء, أليس كذلك (يخاطب الرجال)
الرجال: نعم صحيح.
مياس: وحتى نحفظ سيادة دولتنا ينبغي أن نضع لها علما بدل هذه الخرقة التي نشترك فيها مع غيرنا, ونشّيد نصبا نحتفل فيه بحريتنا ونصرنا ويكون رمزا لنا.
الشاب2 : فكرة ممتازة, (يبدأ بإشعال الأهازيج) نموت نموت ويحيا الوطن
الجميع: نموت نموت ويحيا الوطن.
الشاب3: من سيحدد شكل الرمز؟ أو النصب؟
المهرج: طبعا زعيمنا وقائدنا الأوحد, السيد مياس.
الشاب3: لما لا ننتظر عودة فارس ونحدد بعدها؟
المهرج: ألا تذكرون آخر كلمات قالها فارس قبل سفره الميمون, أطيعوا مياس وأعينوه.
مياس: لا مانع لدي من تأجيل كل هذه الخطوات لكن العدو لن ينتظر, انه على الأبواب, والرأي لكم من قبل ومن بعد.
الشاب2: أنا موافق.
الشاب1: وأنا أيضا.
الجميع: نحن موافقون... نموت نموت ويحيا الوطن.
مياس : النصب سيكون لسيدة جليلة جاهدت في سبيل التحرر.
الشاب1: (باستنكار) امرأة؟!!!!
مياس: أنها تختلف عن ما تعرفون من نساء, وألان اسمحوا لي أن اذهب و أراقب تحركات العدو, استمتعوا بوقتكم.(يخرج)
المهرج: (بعصبية) ما بكم أيها الحمقى؟ ا تريدون عودة تلك الإلهة اللعينة, إن قائدنا يفكر في أموركم أفضل منكم, يسهر كل ليلة حتى تنعموا بالراحة, وانتم تشككون في نواياه.
الرجل: معك حق نحن مخطئون فما يقولوه هو دوما على صواب.
الجميع: نعم هو دوما على صواب.
المهرج: والآن فليذهب كل منا إلى عمله , يجب أن نعمر أرضنا هيا يا أبطال هيا إلى بناء نصب دولتنا الجديدة.(يخرج الجميع ألا المهرج)
الجوقة: (تغني وتتحرك على المسرح وكأنها في استعراض عسكري) لاحت رؤوس الحراب...تلمع بين الروابي.
المهرج: (في جانب المسرح) مللت لعب الأدوار, ارتداء الأقنعة, التملق للقوي, متى سأصبح أنا الأوحد أنا الآمر الناهي ؟ متى؟
الجوقة: (تعود للغناء) لاحت رؤوس الحراب تلمع بين الروابي.
المشهد السادس
(نفس المنظر الخامس مع نصب لتمثال امرأة عارية, الجميع متعبون بعد إنهاء العمل, بعض الحجارة هنا وهناك)
الجوقة: دولة بعلم, بنصب, بقصر ضيافة, دولة بلا نساء , دولة بلا دين.
الشاب1: كان عملا شاقا.
الشاب3: (يتلمس النصب) أظنه أصبح جميلا.
المهرج: كيف لا يكون جميلا والمهندس الكبير اشرف على تصميمه, ولولا زعيمنا لهلكنا جميعا.
الرجل: انه رجل نبيل.
الشاب2: متى يعود فارس لا تمكن من رؤية هذا الانسان المبدع الذي بنى دولتنا.
(يدخل مياس وهو فزع متعب بيده ورقة وهو يصرخ): يا للمصيبة, يا للصدمة, ا يعقل هذا؟(يملئ المكان ضجة واضطراب)
المهرج: ما بك أيها القائد المفدى؟
مياس: لا استطيع الكلام (يحاول التمثيل) اشعر أن قوتي تنهار(يسقط أرضا,كأنه فقد الوعي).
الرجل: ما الذي يحدث؟ لا افهم شيئا!!!(يأخذ المهرج الورقة من يد مياس ويبدأ بالقراءة)
المهرج: (يُظهر استغرابا) رسالة من فارس إلى الإلهة العظيمة المبجلة, الآن وبعد أن انطلت حيلنا على أهل القرية لم يبق سوى القليل ونقضي عليهم جميعا, لقد تركت فيهم صديقي الأحمق دون علم منه حتى يثقوا بي, وحال تمكننا منهم سنقضي عيهم وعلى ذلك الأحمق معهم ,عبدك المطيع فارس.
الرجل : يا لها من كارثة, كنت اعلم أن الإلهة لن تترك حقها فينا, ستعاقبنا.
(يذهب المهرج إلى مياس في محاولة لإيقاظه): سيدي, مولاي تعالوا ساعدوني في إنقاذه لم يتحمل هول الصدمة.
(يتظاهر مياس بالإفاقة يتكلم وهو متعب): لا تقلقوا , أنا بخير, دولتنا ليست بخير.
الجميع: ( في لغط ) وما العمل؟
مياس: يبدو انه ذهب إلى منفى الآلهة لعقد اتفاق مع الإلهة المخلوعة لبيعكم, لا تقلقوا سنجد الحل, مادمت بينكم لا تخشوا شيئا.
المهرج: (يحاول إسكات الناس) دمت لنا قائدا ومنقذا وهاديا.
مياس: لكن علينا منع الخائن من دخول الدولة, اذهبوا إلى بيوتكم وأوصوا نساؤكم بان يطعن الأوامر وإلا سيكنّ ضمن دائرة الخيانة, وكل خائن سيعدم في الساحة العامة, فنحن في حالة حرب.
الجميع: سمعا وطاعة أيها العظيم, سمعا وطاعة أيها المنقذ.(يخرج الجميع ألا مياس والمهرج)
المهرج: (يتأكد من خروج الجميع) لقد غلبتني في التمثيل حتى كدت اصدق ما أرى.
مياس: نحن نسير بخطى واثقة, ومادمنا متعاونين سنحقق ما حلمنا به.
المهرج: وما هي الخطوة التالية.
مياس: انتظر قليلا حتى يصلوا إلى بيوتهم, وبعدها اذهب اليوم اجتمع بهم وابلغهم أن الإلهة بالتعاون مع فارس قد أرسلت روحا شريرة سكنت النصب, وهي تقتل كل من يشاهدها, وبلغهم باني سأجتمع بالرجال فقط بعيدا عن النصب في المقهى القديم غدا عند الفجر.
المهرج: يا لك من داهية, (بسخرية) صحيح أنت من نسل الأبطال.
مياس: إذا أردت امتحان صبري فلا تفعل, وإلا حطمتك.
المهرج: إني أمازحك وحسب.(يخرج )
مياس: (ينظر إلى النصب) أماه لم يبق القليل وتكونين الإلهة , واثبت لك إني لست بفاشل.
الجوقة: الرموز عراة, الرموز عراة, رمز لا يستر نفسه, لا يحمي جسده, كيف يحمي الاجساد. (تعتيم)

المشهد السابع
(نفس المنظر الثاني مجموعة كراسي في مقهى شعبي, الرجال متجمعون, يدخل مياس والمهرج فينحني رجلان في وضع الركوع ليصعد مياس على ظهرهما)
مياس: أهلا بكم يا شعبي العظيم, تمر دولتنا الفتية بمصاعب عدة, ما يجعلنا في حالة طوارئ, ومنها ما سمعتم عن تلك الروح التي سكنت النصب, لذا فقد قررت وقراري نافذ غير قابل للنقاش وفقا لحالة الطوارئ ما يأتي:
1. حفاظا على أرواح نساؤكم ونسلكم سيتم من ظهر هذا اليوم تسميل عيون النساء والأطفال كافة على أن يتولى هذه العملية سيادة الوزير السيد مهرج.
2. على النساء أن يقمن بواجبهن تجاه البلدة كما يفعل الرجال, ففي كل ليلة تأتي أحدى النساء للسهر مع تلك الروح وإمتاعها حتى نأمن شرها.
3. في كل أسبوع تقدم القرابين والهدايا من قبل الرجال فقط إلى تلك الروح, أما النساء فقرابينهن من نوع آخر.
4. صلاة الرجال عند النصب عند منتصف كل أسبوع. أما النساء ففي نهاية الأسبوع.
5.لإثبات حرصي على أرواحكم سأكون أول من يُسمل عينه, أما السيد مهرج فسيقوم بالعملية على نفسه بعد إنهاء مهمته تسميل جميع الشعب. هذه إجراءات مؤقته ستزول بزوال الخطر.(يتظاهر بتسميل عينيه وهو يصرخ)
الجميع: سمعا وطاعة أيها المفدى ...عيوننا أرواحنا تفديك يا زعيم.(يخرج الجميع)
الجوقة:( في جانب المسرح, تغني وهي تلطم ) لا تعاشر البذات وال ماله تالي ... مثل إلي يلم الماي يرد كفه خالي ( تظهر على خلفية المسرح تسجيل لأهل القرية يحملون رايات بألوان شتى وهو يطوفون حول النصب المزعوم للمرأة, ومن ثم يجسدون, مع موسيقى توحي بالخشوع).

(النهاية)
رد مع اقتباس
  #495  
قديم March 20, 2018, 03:50 PM
 
رد: غير مسجل هاهي مجلة الإبتسامة الإلكترونية ’’ننتظر تواجدك معنا ,,

مسرحية ترانزيت
ايمان الكبيسي

الشخصيات
الشيخ :كبير الغجر.
الطبيبة: فتاة من غير الغجر، طالبة في كلية الطب.
(رامي، فهد، سليم): اخوة الفتاة
الفتاة: ابنة الشيخ، فتاة من الغجر.
مسعود: مستطرق.
شمس: فتاة من الغجر
العرافة.
الام: ام الفتاة وزوجة الشيخ.
القابلة







المشهد الأول
(مجموعة من السلايدات بيضاء المتحركة على جنبات المسرح وكأنها غرف زجاجية تعمل عوارض لخيال الظل، امرأة خلف احد السلايدات وكأنها في عملية وضع مع القابلة، بينما اولادها الثلاثة على المسرح يحاولون صيانة الادوات الموسيقية).
رامي: سنُرزق بأخ اخر... يملأ البيت فرحا.
(صيحات وألم، بكاء طفل إيذانا بولادته، تخرج القابلة وهي فرحة وسط زغاريد النسوة).
القابلة: بشراكم ... بشراكم إنها فتاة ...إنها مفتاح سعدكم... هي باب الثراء. (سليم ورامي شاردان مصدومان وكأن صاعقة ضربت راسيهما)
فهد: (يترك الالة التي في يديه، ويخرج من محفظة اخيه سليم نقود ليعطيها للقابلة) شكرا لك يا خالة...سنجهز لامنا واختنا كوخ العزل حتى يبرءان.
القابلة: سأعاود القدوم إليها مساءا للاطمئنان على صحتها وصحة المولود، مبارك لكم (تخرج).
فهد: (يغني وينقر على الطبل الذي يحمله ويرقص فرحا، بينما سليم ورامي لازالا في صدمتهما، ثم ينتبه الى اخويه فيتفاجئ بحالهما) ما بالكما؟
رامي: (في ذهول) انثى!!!
فهد: نعم انثى يال سعدنا... انثى(يعود للرقص والعزف)
سليم: (إلى اخويه) ما العمل يا إخوتي...فقد وضعت أمنا انثى؟
رامي: ليس أمامنا إلا أن نفعل ما أمرنا به أبانا.
فهد: (يتذكر فيضرب بيده على راسه)ااااااه انثى!!!!
سليم: (الى فهد) النبوءة... أنسيت ما قالته العرافة لأبيكم؟
(يظهر على الداتا شو مشهد لرجل يستمع لامراة تغطي وجهها بخمار لايظهر منه الا عينين جاحظتين، وصوت كئيب).
العرافة: سبب شقاء ابناءك واهلك فتاة من صلبك، تحطم القلوب قبل البيوت، وتصلب القريب قبل الغريب. سبب شقاء ابناءك واهلك فتاة من صلبك، تحطم القلوب قبل البيوت، وتصلب القريب قبل الغريب.
رامي: حماية القرية مسؤوليتنا، حتى يعود... (تقاطعه إلام وهي تخرج متعبة وفي أحضانها الطفلة)
الام: انه مجرد كلام لعرافة خِرفة، لا يمكننا الأخذ به، فقد كذبت وان صدقت. إن كبدي يتفطر حزنا وأنا انظر إلى الجمال الملائكي الذي وادعه الله فيها، كيف لنا أن ونواريه التراب.(يذهب الإخوة إلى أمهم لرؤية الصغيرة وإذا بها تسحرهم بجمالها).
فهد: ليس لنا بد من ذلك يا امي.
الام : خطرت لي فكرة بعدما بشرتني القابلة بها, سنخفي هذه الطفلة عن اعين الناس ونُوهِم الجميع بأنها ماتت، لحين انقضاء سنين سفر أبيكم، وعندها يحلها الحلال، بصراحة قلبي لا يطاوعني على تنفيذ ما أراده أباكم، فما رأيكم؟
فهد: انا معكِ يا أمي.
سليم: لا لن أخالف أمر أبي.
رامي: انا كذلك لن اعصي امر والدي.
الام: لقد حباها الله بجمال يفوق الحد، وهذه نعمة لنا معشر الغجر ستكون سبب سعدنا وغنانا.
رامي: لكن النبوءة قالت عكس ذلك؟
سليم: ربما كان معكِ حق، فهي جميلة جدا وربما تكون بالفعل سببا لسعدنا، لكني اخشى غضب والدي.
الام: سنحاول ايجاد حل قبل وصوله بالسلامة.
سليم: اذهبي لتستريحي ريثما نحظر لكما كوخ العزل، اااااه صحيح فالقابلة ستعود مساءا عندها يجب إخبارها بوفاة الفتاة حتى لا يفتضح امرنا عند ابينا.
المشهد الثاني
(المسرح مقسم إلى منطقتين يمين ويسار بواسطة بعض السلايدات، في يمين المسرح سلايد في زاوية المسرح, فهد والفتاة يصارعان الرياح والظروف المناخية القاسية في الصحراء وكأنهما هاربين من شيء، الوقت صباحا، وعلى شمال المسرح خيمة كبيرة وفتيات يرقصن رقصات الغجر خلف السلايدات وبعض الرجال يجلسون بشكل نصف دائرة، أجواء صاخبة, المسرح يعج بالأغاني والرقصات الغجرية والإضاءة الملونة، او لربما استعاض المخرج عن هذه اللوحة بعرض (داتا شو) لإحدى حفلات الغجر حسب رؤيته الذاتية. الوقت مساءا تضاء الجهة اليسرى مع خفوت أصوات الغناء والإضاءة في الجهة الأخرى).
الفتاة: إلى متى نبقى نرتحل... مضت أعوام وأعوام ونحن على هذا الحال.
فهد: معك حق... لكنّنا مطاردين ونساء القرية في كل المدن يتنقلن، يبيعن، ويكشفن الطالع ويتسولن، وأخشى ان يتعرفن علينا لو راينّنا.
الفتاة: اشكالنا تغيرت ومن الصعوبة ان يتعرف علينا احد.
فهد: ربما، لكن ذلك الوشم الذي يزين ذراعك واليدين لازال لم يتغير.
الفتاة: لقد مللت الترحال
فهد: ربما هي لعنة الغجر.
الفتاة: ماذا تعني؟
فهد: انها قصة طويلة بدأت بقتل جدنا (كين) لاخاه فعاقبه الله بان يهيم في الارض، لذا فالغجر يرتحلون لا مستقر لهم ولا وطن.
الفتاة: والأرض التي كنا عليها ونحن صغار ا ليست وطنا؟!
فهد: لا... حتى تلك الأرض ترفضنا بحجة إننا نُقلقُ راحتها برقصاتنا وأغانينا.
(تعود الإضاءة إلى الجهة الثانية وارتفاع اصوات الغناء مع اظلام الجهة اليمنى من المسرح، يدخل مسعود وهو رجل ثلاثيني متعب يرتدي بزة رسمية ممزقة، تظهر عليها بعض الأتربة، وبعض الكدمات والجروح تعتلي الوجه والجسد, يخفت الصخب دون أن ينتهي بينما يتوجه نحوه شيخ من الغجر.
مسعود: (يتحدث إلى نفسه) كان عليّ أن أطيع أمي فقد نهتني عن السفر هذا اليوم، نجوت بإعجوبة.
الشيخ: علامات التعب ظاهرة عليك، استرح قليلا يا بني.
مسعود: تعرضت سيارتي على بعد مسافة من قريتكم لعبوة زُرعت في الطريق ... نجوت بأعجوبة، وقد شارف النهار على توديعي فلم أجد سوى أضواء احتفالاتكم هاديا استدل بها في وحشة الظلام.
الشيخ: جئت أهلا وحللت سهلا، ما اسمك يا ولدي؟
مسعود: اسمي مسعود.
الشيخ: عاشت الاسامي يا مسعود، استرح هنا ريثما انادي لك ابنتي طبيبة القرية (يذهب الشيخ إلى إحدى الراقصات ويهمس في اذنها, فتأتي معه).
مسعود باستغراب إلى الشيخ) ا هذه طبيبة القرية؟!!
الطبيبة: ما الغرابة في ذلك؟
مسعود: طبيبة وترقص؟!!!
الطبيبة: الست مسعود وانفجرت في وجهك عبوة؟!!
مسعود: معكِ حق فكل شيء في زماننا جائز.
الطبيبة: دعني افحص جسدك لاتاكد من سلامتك.
(يتمدد مسعود على الاريكة الطينية التي يجلس عليها بينما تحاول الطبيبة تضميد جراحه، بينما يعود الشيخ الى مكانه في الاحتفال).
مسعود: هذا الرجل ابيكِ؟
الطبيبة: لا... لكنه يعاملني كأبنته، لقد فقد فتاة بعمري فيما مضى، لذلك يعدني مثل ابنته التي فقدها.
مسعود: فقدها؟!!
الطبيبة: سمعت من أهل القرية إن نبوءة مشؤومة اقتضت وأد الفتاة، وهذا ما أراده والدها إيمانا بتلك النبوءة، لكن أبناءه وزوجته اتفقوا عن إخفاء الأمر عنه واعطائها لاحدى النساء التي لم تُنجب في القرية... كبُرت الفتاة وزاد جمالها زهوا والقا، وما ان وقعت عين الاب عليها حتى وقع في حبها، قد بدتْ راضية من نظراتها له خصوصا وهو كبير القرية وكان معروفا بوسامته واناقته، فأراد الزواج بها فلم يكن امام زوجته وابناءه الى الاعتراف له بالحقيقة لمنع هذا الزواج، عندها تذكر تلك النبوءة فلم يكن امامه الا ان يقضي على الفتاة، فقرر أخيها الصغير خطفها والذهاب بها بعيدا حيث لا يعلم احد عن مكانهما حتى الآن.
(إظلام للجهة اليسرى وتعود الإضاءة إلى الجهة الأخرى)
الفتاة: انا اكره الغجر.
فهد: لا يا صغيرتي ... أهلنا أناس طيبون... يعيشون بسلام مرددين ابق حيث الغناء، فالأشرار لا يغنون.
الفتاة: وأبي الم يكن يغني؟
فهد: يقال انه من أجمل الأصوات في شبابه.
الفتاة: كيف يفكر في قتلي وهو يمارس الغناء؟
فهد: ربما لأنه ترك الغناء منذ زمن !!! او ربما كان مجبرا فعرافة القرية لا تخطئ تنبؤاتها.
الفتاة: إذن أنت تصدق كلامها!!!!
فهد: رغم انّا لم نشهد عليها غير الصدق...لكنك أختي التي أحب واضحي لأجلها بحياتي... ابقي هنا يا صغيرتي بينما ابحث عن طعام لنا.
الفتاة: سأختبئ في ذلك الكهف حتى تعود.
(إظلام الجهة اليسرى وإضاءة الجهة الأخرى )
مسعود: كل ما في هذا المكان غريب!!!
الطبيبة: ليس اغرب من الخارج، كل عالمنا غريب، او ربما نحن غريبون عن عالمنا (تحاول تغيير الموضوع) جراحك ليست عميقة، لكن من الأفضل أن تستريح حتى تشفى تماما.
الشيخ: (مقتربا منهما) ستحل ضيفا علينا حتى تشفى، (يُمسك بمسعود ويحاول ايقافه) هيا تعال معي لتستريح في داخل البيت (يخرجان).
(تعود أصوات الصخب والغناء تعم المسرح)
شمس: ( تخرج من خلف السلايد نحو الطبيبة) من هذا الذي اطل علينا؟
الطبيبة: رجل مصاب وقد ضل طريقه.
شمس: ضل طريقه؟
الطبيبة: وهل يأتي إلى هنا الا الضالين؟
شمس: أراكِ نادمة على ما انتِ فيه!!!
الطبيبة: لم يعد في العمر متسع للندم...هي ايام نعيشها كيفما تكون.
شمس: ان أردت الهروب يمكنني مساعدتكِ.
الطبيبة: اهرب؟!!! وقد دخلت الحمام بملء ارادتي, ومِنْ مَنْ اهرب؟ فالناس هنا طيبون لا هم لهم سوى إشاعة الفرح، عادلون فالكل سواسية الكل يعمل الكل يفرح والكل يعيش.
شمس: لطالما سالت نفسي (باستغراب) كيف لشابة جميلة متعلمة مثلكِ ان تعتاد حياة الغجر؟
الطبيبة: (اظلام المسرح الا من بقعة ضوء صفراء حول الطبيبة) "ميوازيك على المر الا الامر منه" كنت طالبة في المرحلة الأولى لكلية الطب، اجتهدت كثيرا، كي احصل على مقعد في كلية الطب...اخيرا سيتحقق حلمي سأصبح (بصوت عالي وتفاخر) الدكتورة نهى سأشغل عيادة تدر لي الكثير وسأشتري لوالدي الضرير مسكنا في العاصمة بيتا يؤوي أجسادنا انا وأخواتي الثلاث، لكن القدر كان يُضمر لي غير ذلك في جعبة ذلك الأستاذ الوسيم، فقد أدركَ عوزي واستدلَ على مفاتيح كنوزي.
(بقعة ضوء حمراء في اعلى المسرح، يظهر من خلالها الاستاذ الوسيم)
الاستاذ: يا فاتنتي...الا تدركين الرماد الذي تركته نيرانكِ, ادركيني ... تعالي نسبح نحو امواج الهيام. (يقترب منها ويرقصان في بقعة واحدة، يتغير لون البقعة الى الاحمر)
الطبيبة: لا اعرف السباحة ...دعني وشأني...اخشى الغرق. (تحاول الخروج من بقعة الضوء لكنه يمسك بها بحركة راقصة ويعيدها الى البقعة والى الرقص).
الاستاذ: ذلك الجسد الممشوق النديّ يُغرِق لا يغرق...لا تخشيّ الغرق ما دمتِ معي، سأكون قارب نجاة غارقا في محيطاتك، سفينة تسكن مياهك تنتقل بين جبالكِ والهضاب.
الطبيبة: (تخرج من البقعة خائفة, تجوب المسرح وكأنها تطرق الابواب المتمثلة بالسلايدات، التي تسلط عليها اضاءة خضراء، وهي تخاطب خالقها) لم يبق باب لم اقف عنده واتضرع اليه، ابكي عند ضريحه...كل اولياءك الصالحين سمعوا بكائي وتوسلي، دعوتك سرا وعلانية، في المطر... امام البحر...عند الخسوف والكسوف، وقت السَحر، عند الفجر، في الكنائس والجوامع ان تُنجني من عبادك الطالحين، تبعد عني كل ما يغضبك مني ... فانت اقرب لي من حبل الوريد...(تسكت وكأنها يائسة من الاجابة) لم تستمع لشكواي، ربما صوتي لم يكن عاليا بما يكفي لاسماعك، لم تشملني رحمتك بجمع الحافظين فروجهم والحافظات، كنت اعلم ضعفي فالتجات الى قوتك، وقلة حيلتي فوكلت امري اليك... تركتني لقدري...فهل تحاسبني اذا ما اخطأت؟
الاستاذ: (يعيدها للبقعة ويرقصان) ذلك الجسد الممشوق النديّ يُغرِق لا يغرق...لا تخشيّ الغرق ما دمتِ معي، سأكون قارب نجاة غارقا في محيطاتك، سفينة تسكن مياهك تنتقل بين جبالك والهضاب.
الطبيبة: (وهو يراقصها) صدقته... لامست قدماي مياه البحر ...اخذت ابحر وابحر... آمنت بكل خرافاته, صدقت اكاذيبه، وبدون ان ادري وجدت نفسي اغرق...اغرق لا قوارب ولا بزات نجاة،(يتركها ليعود الى البقعة الاولى)، بل حتى تلك السفن الناقلة غيرت مسارها إلى شواطئ اخرى، كنت مجرد محطة يسكنُها لاه ٍ لحظات الانتظار.
الاستاذ: لم تصبري...كان عليك تحمل المصاعب معي ومن اجلي.
الطبيبة: (تصفق بحماس) احسنت... احسنت كنت ممثلا بارعا، دور(روميو) تقمص فيك بجدارة، لكنك لم تعِ بعدها مكان (جولييت)، لِمَ اضعتها؟ ستُسدل الستار وهي اسيرة...محطمة ... مكسورة، في ما انت تبحث عن دور جديد وانثى اخرى تؤمن بك وبلعبتك التي تُجيد.
الاستاذ: كان عليك ان تحذري من الأمواج العاتية (تقاطعه)
الطبيبة: صه... صه ايها الوسيم!! (تطفئ البقعة الموجهة نحو الاستاذ فيما يخرج هو دون ان يشعر به الجمهور) فقد وصلتُ حدا في صراعي مع الموج لا تستطيع الوصول اليه...انا الان اركب امواجا لا قبل لك على مجاراتها... حطمتُ ارقاما قياسية في ركوب الامواج. (يضاء المسرح)
شمس: ربما كان الوضع أفضل مما أنت عليه الان, ربما كانت لك فرصة أخرى.
الطبيبة: الأقدار لا تهب الفرص للفقراء، حتى مهنة الطب ليست للفقراء. أي فرصة تلك التي تمنحني مصروفي وتكاليف دراستي وسكني, أي قَدَرٍ ذلك الذي يمحي الديون المتراكمة فوق كاهلي...لا شيء ...لاشيء سوى ذلك العمل المسائي.
شمس: مادمت تعملين ... تحققين الحلم.
الطبيبة: نختار أحلاما بمقاسات كبيرة فنتعثر بها، كان عملي هو استئصال لحلمي...انا اعمل ليلا متخفية عن الأنظار، حتى بدأ ذلك العمل يجذب الزبائن من مختلف الأوساط فمنهم أبناء محلتي ومنهم زملائي في مقاعد الدراسة... وشاع الخبر وذاع صيتي, أصبحت مشهورة (باستهزاء) وبدل ان اكون طبيبة أعالج الناس من الإدمان أصبحت ذلك المخدر الذي يدمنونه بل حتى انا أدمنته، فإلى أين اهرب؟ ولمن؟ ولماذا؟ اتعرفين؟!! احيانا احسدك.
شمس: تحسديني؟!! انا!!
الطبيبة: نعم فقد ولدتِ في هذه البيئة وكل من يمت إليك بصلة يمتهن مهنتك, فلا محظورات لديك ولا تابوهات... لا احد يطاردكِ... لاخوف من النهار.
(تدخل الام وهي حزينة، تقترب من شمس والطبيبة)
الام: هل من اخبار عن ابنتي واخيها؟
شمس: لا ياخالة لاجديد.
الطبيبة: الكل يبحث...من يبحث ليغفر ... ومن يبحث لينتقم ... من يبحث عن الحب... ومن يبحث لقتل الحب...اما انا فعليّ الاختباء من كل اولئك الباحثين. (تختفيان خلف السلايدات مع أغنية "انه طبيبة ديرتي واشتكيت اصبحت ابحث عن طبيب مداوي" وتستمر الرقصات خلف السلايدات)
الام: هل ستعود إلى أحضاني؟ أحقا ستعود!!! فهد يا ولدي لا تبتعد بها بعيدا، لقد أكل الندم جسد والدك، ألا تعودا؟
العرافة: (تدخل المسرح لعرض بضاعتها) اعرف الطالع ... واكشف المستور ... أسنان ذهب للحلوات... خرز وقلائد للمحبة... للرزق. (تنظر إلى الام) لماذا تستعجلين الخراب؟ ذلك القدر آتٍ لا محال، (تستذكر النبوءة) سبب شقاء أبناءك واهلك فتاة من صلبك، تحطم القلوب قبل البيوت، وتصلب القريب قبل الغريب.
الام: كفاكِ كذبا يا وجه الشؤم ها قد ضاعت البنت وأخوها ربما أكلتهما الذئاب وكل ذلك بسبب خرافتك. ( اغنية ع الياني الياني على الي راح وخلاني، مع الرقصات خلف السلايدات)
العرافة: ستعود ...ستعود لتُقّتل الباقين ...ستعود
(يقف كل من في جهة المسرح اليسرى دون حراك مع خفوت الإضاءة ليتحول المشهد إلى الجهة الأخرى، كهف كبير وأصوات مرعبة)
الفتاة: تأخر أخي ...أخشى البقاء وحدي... يا الهي ... لماذا يتحتم عليّ ان ابقى مطاردة، مطرودة؟ (تتلمس وجهها وجسدها بتفاخر) هذا الابداع والسحر يدفن بالتراب!!! لماذا يُقدم هذا الجمال قربانا لرؤوس عفنة؟ لماذا اُحرم من حضن امي؟ من قربي لاخوتي، من حبهم، من حنو الاب على ابنته، لماذا يقف قدري عائقا امام من اراد تثمين انوثتي؟ يالَ حظي العاثر ... لايدق القلب الا لذلك المُحرم الذي ينوي قتلي... ايتها الاقدار لقد رسمت لي طريقا لاسعادة فيه، لكني ساسعى لاكماله سأنتقم من كل دفعني اليه، الحرب، فهي سبيلي الذي رسمته الاقدار، الحرب لاقلب لها... لادين، لافرق بين مُذنب وبريء، بين عاصٍ او مطيع فالكل حطب ووقود، فالحرب كالحب كل شيء فيها مباح. (اضاءة خافتة مع ظهور خيال لشخص مقيد خلف السلايد)
صوت من داخل الكهف: أيتها الجميلة ساعديني....أنقذيني.
الفتاة: (بخوف وهي ترتجف) هل من احد هنا؟
الصوت2: إني مقيد هنا منذ سنين ومفتاح قيدي في مكان ما في هذا الكهف ... أرجوك ساعديني وابحثي لي عنه ...وسأكون رهن إشارتك لا اعصي لك أمرا.
الفتاة: من أنت؟
الصوت2: انا عفريت... عاقبتني ملكة العفاريت وتركتني في هذا الكهف مقيد.
الفتاة: (يظهر عليها الخوف والتردد) ماذا افعل؟ يا الهي اهرب من البشر فتصادفني العفاريت.
الصوت2: لاتخافي... اعدك اني لن اُسيء اليكِ.
الفتاة: (اصوات ذئاب مرعبة واضاءة بعد أن استجمعت قواها وبعد تفكير) إن انا أنقذتك ما المقابل؟
الصوت2: اطلبي ما شئت سأكون لك عبدا او أخا، ابا ان رغبتِ.
الفتاة: بل أريدك زوجا.
الصوت2: كيف تريدين هيئة زوجك, نجار؟ شاعر؟ تاجر؟
الفتاة: (بعد تفكير) رجل دين.
الصوت2: رجل دين؟ طلب غريب!!!
الفتاة: نعم ... رجل الدين هو الوحيد الذي يُطاع بدون تفكير... ثقة مطلقة ... وولاء اعمى...سيفي الذي ابطش به.
الصوت2: سأكون لك بهيئة رجل الدين وأتقدم لخطبتك من أخيكِ.
الفتاة: ااااااه اخي لقد نسيتُ أمره...انه سيرفض هذا الزواج, فلا يحق للغجرية ان تقترن بغير الغجريّ.
الصوت2: إن أردت أكن غجريا سأكون.
الفتاة: لا لا داعي لذلك, فقط عليك قتل أخي ثم الزواج بيّ.
الصوت2: اقتل أخيكِ؟!!! هل تعنين ما تقولين؟
الفتاة: أخي وهذا الوشم (تنظر إلى كفيها) هما ناقوس يدق في عالم النسيان, لذا علي التخلص منهما...فالحرب لا قلب لها, هذا شرطي إن أردت حريتك.
الصوت2: موافق
الفتاة: وتكون رهن اشارتي ...لاتعص لي امرا.
الصوت2: أنقذيني... ولكِ ما أردت وأكثر.
(تعتيم)

المشهد الثالث
(لوحة راقصة للطبيبة مع مسعود توحي بالحميمية والتقارب الحاصل بينهما، مع موسيقى هادئة، تخفت اصوات الموسيقى مع ارتفاع ضحكاتهما بانتهاء الرقصة)
الطبيبة : ها قد شفيت تماما يمكنك الان العودة من حيث اتيت.
مسعود: لا اظنني شفيت... بل زاد المي ووجعي.
الطبيبة : ( تضرب على كتفه) جروحك التأمت ...كفاك دلالا(تروم المغادرة)
مسعود: (يمسك يدها محاولا منعها من تركه) الا تذكرين ليلتنا؟
الطبيبة: (بارتباك) انا لا اذكر سوى اللحظة التي أعيشها الآن.
مسعود: اما انا فلا زال ذلك النور المنبعث من الجسد المرمري يغشى عيني... ينابيع السعادة الغامرة ... شلالات الحب الدافئ ... طراوة الوديان ... ارتفاعات الجبال وقممها الحادة، تلك النهايات المستفزة، الشمس التي تشرق في العينين بعد ليل ساحر... لم يكن حلما، بل كانت رحلة إلى جِنان الله، سفر بين السماء والأرض.
الطبيبة: (تحاول تخليص يدها بارتباك) هذا عملي وأتقاضى عليه اجر.
مسعود: لا تكذبي... لم يكن كما تصفين.
الطبيبة: ربما كانت فسحة للنفس...او رحلة كما وصفتها انت وها قد انتهت رحلتنا.
مسعود: بل ربما بدات، اني احبكِ.
الطبيبة: انك تبيع الماء في حارة السقايين, نحن بائعو الهوى، اذهب ببضاعتك بعيدا ان أردت ان لا تخسرها.
مسعود: لن اخسرها ولن اخسرك...لقد اخترتك من بين كل النساء.
الطبيبة: هناك مثل للغجر يقول" لا تختر امرأة في ضوء القمر" عندما يحل النهار ستكون لك نظرة اخرى فالشمس تعرينا، وتكشف عيوبنا.
مسعود:حتى عيوبك اعشقها، ارجوكِ تعالي معي إلى بر الامان، إلى مكان لا تخشي فيه ضوء الشمس، كفاك العيش في الظلامات.
الطبيبة: ما الذي تريده مني؟
مسعود: اريد الزواج بكِ.
الطبيبة: (تضحك بهستيريا) تتزوجني...كيف ستعُرّفني للناس، لاهلك، بماذا ستخبرهم عني...اتجرؤ ان تخبرهم اني اسكن مع الغجر؟
مسعود: سأسعى لاقناعهم، هذا وعد.
الطبيبة: اذهب من حيث اتيت...فعالمك لا يعنيني.
مسعود: اعلم انك تبادليني الشعور.اعطِ لنفسكِ فرصة... فكري مليا.
الطبيبة: علمتني الحياة ان لا فرص لأمثالي.
مسعود: ما الذي يعجبكِ في هذه الحياة؟
الطبيبة: لم اجد افضل منها، اما عالمك الذي تغريني به فهو سبب وجودي هنا انا مطرودة من عالمك.
مسعود: ستعودين اليه معي...سنكمل الحلم سويا.
الطبيبة:عدّ إلى الاقنعة الملتصقة بالوجوه... الى القتل إلى الانفجارات اليومية إلى قوافل الموتى، مواكب العزاء المستديمة، إلى الكذب، الخداع، الكفر بكل شيء...انه عالم الموتى...مكان ليس لي فيه مكان، ودعني اعيش بسلام.
مسعود: اراكِ تجبريني على قرار لا اريد اتخاذه.
الطبيبة: بل اعلن لك حبي وخوفي، ابتعد كي اضمن سلامتك، فالنار تحرق من يقترب منها.
مسعود: لن اترككِ.
الطبيبة: ولن يترككَ الغجر حيا...واهلي الذين يبحثون عني سينتقمون منك ومني...اذهب ولا تعد الى هنا( تخرج من المسرح باكية)
مسعود: ساطلب يدكِ من شيخ الغجر واسكن معكِ... ساكون واحدا منكم.
( اظلام للمسرح كله لتظهر خلف السلايدات خيالات لرقاصات مع اغنية " انه غريب بهالبلد انشد وادور، اسمر وشامة بالحنج عينة وسيعة")

المشهد الرابع
(رقصة للطبيبة على ايقاعات غجرية خلف السلايد مع اغنية الهجع، ثم تتوقف، لتكرر الفتاة على المسرح تلك الحركات مع تسليط الضوء بشكل بقعة عليها، تكرر العملية مرة اخرى، تصرخ الفتاة وهي تجوب المسرح هلعا مغلقة اذانها بيديها، فهي لا تريد سماع هذا الايقاع، تتحدث مع نفسها )
الفتاة: كفى...كفى... (تتنقل بحركات قلقة ) اسكتوا تلك الاصوات اخرسوا تلك الانغام ... لا اطيق سماع ايقاعاتهم...إلى متى يلاحقني ذلك الماضي، لا اطيق غناءهم حركاتهم العبثية... سنين وسنين تمر وهذا الهاجس لايغادر مسمعي... لماذا ينصاع جسدي لاصواتهم ؟
(يدخل العفريت بهيئة رجل الدين، وهو يحاول الامساك بزوجته وتهدئتها)
الزوج: كل يوم وانت مع هذا الكابوس ياحبيبتي ...دعكِ من هذا الماضي، واستمعي لاجمل اخباري.
الفتاة: فعلتُ كل شيء لانسى ذلك التاريخ الاسود، لا اريد ان انُعت بالغجرية، اريد ان تحطِم بيوتهم فوق رؤوسهم، لا اريد لهؤلاء القوم اثر يذكرني بهم.
الزوج:ما في جعبتي من اخبار تُنسيكِ كل شيء، الا ذلك المستقبل الذي يريد احتضانكِ، فاسمعي مني...ولا تتعجلي هلاكهم... كل ماعليك ان تصبري، وعندما تكونين مسؤول البلدة الجديد سيكون لك ان تعاقبي او تصفحي.
الفتاة: وهل سيُدلي سكان المدينة باصواتهم لشخص لايعرفوا له اصل؟
الزوج: هذا دوري، اصدار الفتاوى، وتحريم انتخاب هذا، ومباركة انتخاب ذاك... كل الاصوات ستؤول الى صندوق غاليتي.
الفتاة: والغجر؟
الزوج: تلك هي المفاجئة!!! لقد علمت من مصادر موثوقة ان الغجر يمثلون بيئة خصبة لكل فتاة تود الهرب من اهلها وقبيلتها او حتى زوجها.
الفتاة: ما الجديد في ذلك؟ كل الناس تعلم ذلك علم اليقين.
الزوج: لكن الجديد عندما تلجأ اليهم انثى مطلوبة من عشيرتها التي تمثل اكثر من نصف سكان البلدة سيكون الامر مختلف.
الفتاة: لم افهم ما تعني!!!
الزوج: علمتُ ان اباكِ يحمي فتاة كانت تدرس الطب في العاصمة، وبعد ان تركت دراستها وهربت من اهلها لجأت الى قرية الغجر، ولازالت قبيلتها تبحث عنها لغسل عارها، وغيرها الكثير ممن تركت زوجها او اهلها الى ذلك الملاذ الامن.
الفتاة: كومة قش وما علينا سوى اشعال الفتيل.
الزوج: احسنت يافاتنتي... مساعدتنا لتلك القبيلة مع قليل من الفتاوى تضمن اصواتا تؤهلكِ لحكم البلاد باكمله لا مدينة صغيرة حسب، اما الان فعودي الى ذلك الماضي ومتعيني بميلانكِ ودوران ذلك الخصر المنحوت، واشعلي ليلتنا قبل اشعال النار في ذلك القش.
الفتاة: لا... لا سيكون الاحتفال الكبير يوم تحقيق حلمي... سارقص لك حتى الصباح على تلك الارض التي طُردت منها.
(هتافات من خلف الكواليس) انتِ انتِ لاسواكِ...لانرضى بحاكم سواكِ
بالروح بالدم نفديكِ يابنت الاكابر...بالروح بالدم نفديكِ يارمز المفاخر
الزوج: الم اقل لكِ ...ان الفرح قادم...ساخرج لهم واحشدهم للهجوم على الغجر، وابعث احد اتباعي ليُدل قبيلة الطبيبة على مكانها.
الفتاة: اذهب وحالما يتحقق النصر سنعلن الافراح...ونحيي الليالي الملاح.
(تعتيم)






المشهد الخامس
(حفل عرس الطبيبة من مسعود واجواء احتفالات واغاني ورقصات، اضاءة ملونة)
العرافة: ستعود...ستعود...سبب شقاء أبناءك واهلك فتاة من صلبك، تحطم القلوب قبل البيوت، وتصلب القريب قبل الغريب.
الشيخ: دعك من هذا وتعالي شاركينا الفرح.
العرافة: ستعود...ستعود...رياح لاتُبقي ولاتذر...نار تُحرق الاخضر واليابس... سيُنحر الحب ...سيُنحر الحب (صوت رياح عاتية تشتت جمع المحتفلين، اضاءة مضطربة، اصوات اطلاقات نار يسقط على اثرها العروسان وهما مخضبان بالدماء، هدوء يعم المكان الا من بكاء الشيخ وصدى صوت العرافة، اظلام للمسرح الا من ثلاث بقع للضوء واحدة موجهة حول الشيخ وهو يحتضن جثة الطبيبة، والبقعة الاخرى موجهة الى الفتاة التي تدخل من اطلاق النار، والاخيرة موجهة نحو العرافة ).
الشيخ: (يوجه كلامة الى جثة الطبيبة) ابنتي... اجيبيني...لاتتركي اباكِ.
العرافة: ابنتكَ سبب شقائكَ...ها قد عادت لِتُهلك الحرث والنسل.
الفتاة: انتِ سبب شقائي وشقائهم.
الشيخ: (يتوجه الى الفتاة) فهد؟ اين فهد؟ هل كان اول ضحاياكِ؟
الفتاة: ادعُ له بالرحمة فقد اكلته الذئاب.
العرافة: الذئاب البشرية...نعم اكلته الذئاب... كم من الجرائم مرتكبة باسمكَ ياذئاب... يوسف اكلته الذئاب ... فهد تاكله الذئاب.
الشيخ: لماذا عدتِ؟
الفتاة: لاحقق نبوءة تلك الحمقاء... فتنال عقابك... ويأكل الحزن قلبك بعد ان يُقتل اهلك واحبائك.
الشيخ: ما ذنبهم؟ وما ذنب هذه الفتاة ؟...كانت ملاك رحمة.
الفتاة: وما ذنبي انا حين قررت قتلي.
الشيخ: لم تكن رغبتي...لكن حفاظا على اهلي وناسي.
الفتاة: انا كذلك...لم تكن رغبتي أن اطردكم من هذه الارض او ان اقتلكم...لكن حفاظا على اهلي ...وخُلقي ...وناسي.
الشيخ: ناسكِ؟ من هم ناسكِ؟
الفتاة: ستعرف الان من هم ناسي.
(اصوات من خارج المسرح لجماهير محتشدة تطالب بطرد الغجر او قتلهم، يظهر الزوج وهو يركب عربة تنزل من الاعلى، تبقى معلقة بين الارض واعلى المسرح، مع ارتفاع صوته، بالتحريض)
الزوج: طهروا ارضكم من اولئك المفسدين...ذلك التراب اُغرق لسنين طوال بدماء زكية، لايجوز لاولئلك الضالين تدنيسه.
الشيخ: نعم نحن مفسدون ... لاننا نشيع الفرح كما تشيعون القتل ... ربما نمتهن بيع الهوى بقدر امتهانكم لبيع البغض... لكننا لم نقتل... لم نسرق... ولم نُجبِر احدا على القدوم الينا, فمن يأت الينا هو راغب في حياتنا ...لامجبر عليها...نحن مفسدون، وانتم المصلحون... فاصلحوا الارض بقدر صلاحكم... واغرقوها بالدماءالطاهرة. (اظلام للمسرح مع اطلاقات نار كثيفة ودخان يملئ المسرح)

(سِتار)
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
غير مسجل أبتسم معنا .. فأنت فى مجلة الإبتسامة احساس مرهف بالحب المواضيع العامه 522 October 27, 2018 03:02 AM
:: مجلة الإبتسامة الإلكترونية :: استطلاع + آراء || أنتظرك هنا مُصعب مُصعب مقالات حادّه , مواضيع نقاش 14 May 11, 2013 08:32 PM
يا غير مسجل ؛ صفحات مجلة الإبتسامة / مجلة الإبتسامة الإلكترونية على مواقع التواصل الإجتماعي مُصعب الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 167 April 4, 2012 10:22 AM
فعآليات مجلة الإبتسامة .. إتحدى، شارك ، وتميز معنا .. أمينة سالم الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 52 July 15, 2011 11:08 PM


الساعة الآن 01:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر