فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم February 18, 2013, 05:08 PM
 
بين الآلام والأمال

بين الآمال والآلام

بين مفردة آلام وأمال ثمة فرق بسيط في ترتيب الحروف فيصيران كلمة واحدة لكن بينهما في المعنى بون واسع
إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يمكن اجتماعهما في شخص ما فيعيش حياته بين الآلام المتنوعة وبين الآمال المتقطعة ..فكم من آمال قطعتها الآلام وتبخرت في الأحلام .
وكم من آلام تغلغلت بين أحشائها الآمال لكنها أضحت سراباً .
لا تكاد تخلو حياة أياً منا من منغصات عدة في شتى مناحي الحياة وليس بالضرورة أن تكون هذه المنغصات كوارث أو مفجعات ولكنها قد تكون أحياناً من قبيل الصغائر التي تخلف كبائر الآثار وعظيم الأخطار ، فرب كلمة خرجت من فم شخص عزيز عليك تجعلك في كدر طيلة ذلك اليوم ليس لشيء سوى أنها من فرد عزيز الذي لم ولن تريد أن تسمع منه إلا كل جميل وطيب، فتلك الكلمة مع افتراض براءة قائلها إلا أنها قد تترك آثاراً يبلغ صداها القلب فيحزن والعين فتدمع والخاطر فيتكدر ولعل الاعتذار يطفئها ولعله ربما لا يخمد جذوتها وهذا يعود لنفسية المتلقي وقبوله العذر .
يعيش بعضنا ليسعد نفسه ويسعد من حوله ويسعد الآخرين وهذا الفريق بالنظر إلى ما يبدر منه ممدوح فعله مشكور سلوكه ، وأما الفريق الآخر فيفكر في سعادة نفسه وأهله ، وهو أقل ممن قبله. وفريق ثالث يسعد نفسه فقط ،وهو أقل ممن قبله .وفريق يسعى لسعادة كل من حوله من أهل وأصحاب وأناس لا يعرفهم ويضحي بسعادته من أجلهم ولا يهمه كدرها ولا شك أنه في عين المنصفين أعلى الفرق السابقة شأناً وأجلها قدراً وأكثرها عطاءً ..
لكن هذا الفريق يعيش بين آلام مريرة وعلى أمال كثيرة فهو يأمل أن تنال السعادة محلها وتتغلغل في قلوب المقصودين فتسعدهم وتفرج أساريرهم وتزيل كدرهم وهمهم وغمهم
يأمل أن يراهم مشروحي الصدر عالية همتهم راقية أفكارهم ثائرة أمانيهم ..
وبالمقابل لا يأمل أن يرى منهم بعد هذا المبذول ترصد وتقصد فيُلام على تبرعه وينتقص من جهده ويسخر من تضحياته ويقلل من إنجازاته بل هو لا يطمح بأكثر من كلمات شكرِ معلبة على الأقل لجعله مستمراً في تلك التضحيات وإن عدمت فلا بأس فالجزاء من المعبود خير ممن سواه .
لكن الحاصل الآن في واقعنا المرير أن كثيرين حولنا يحترقون ليضيئون لغيرهم الطريق ويسهرون لينال غيرهم النجاح ويتعبون ليعانق غيرهم المجد وفي كل الأحوال لا يرجون درهماً ولا ديناراً ولا منصباً ولا مدحاً يكفيهم قليل الشكر وقليل الامتنان من باب من لا يشكر الناس لا يشكر الله فلا يرون من ذلك أثرا ولا بعراً بل أنهم يغمزن ويلمزون وتتهم نياتهم وتقلل جهودهم فأصبحوا بين أمرين إما الاستمرار مع عدم الالتفات للمغرضين أو الرجوع والانكفاء على النفس خشية من سلطوا ألسنتهم في فلان وعلان .
فذلك الموظف يتفانى في خدمة المتعاملين فيجد اللذة وهو يراهم مسرورين بلقائه فخورين بأسلوبه داعين له على لينه وتعاونه ..
وذلك المعلم ينتشي فرحا ً وهو يرى طلابه مقبلين على العلم والاستفادة منه وهم مع ذلك بأدب جم ورغبةٍ في العلم صادقة وأهدافٍ سامية .
والأب المسكين يتعب ويكد ويجتهد ليرى أولاده من خيرة الأولاد لا ينقصهم شيء ولا يسؤهم أمر ولا يكدر راحتهم مكدر فلا يلتفت لتعبه ولا تقوس ظهره ولا تصبب عرقه دام أنه يرى الابتسامة على شفاه أولاده والسعادة تملا ثيابهم ..
وكم هو جميل أن أسهر وأتعب من أجل إفادة طلابي في غد مشرق فيتخرجون ويقولون رحم الله المعلم فلان فقد كان وكان وكم هو جميل أن يقول يوما أبنائي لقد علمنا أبي كذا وكذا فيترجمون ما تعلموه في واقعهم وكم هو جميل أن يقول الناس في أنفسهم لقد رأينا من فلان كل خير …
هذه الرسائل تبشر عن استفادة وتنبئ عن رسالة أثمرت فيخرج المحصول وافر الثمر جميل المنظر .
لكن كم هو مؤلم بعد جد واجتهاد وسهر وعذاب أن ترى وأنت المعلم من طلابك إنكارا ونكارة فتطعم غماً وتشرب مرارة ..
وكم هو قاسٍ أن تضحي لأبنائك فيغدون بعد سنوات عكس أمنياتك وعلى خلاف أحلامك وأهدافك فيسلكون طريقا لا ترضاه ويركبون موجاً لا تهواه ويتشربون فكراً سيء المذاق ينعكس عليهم بسوء الأخلاق !
وكم هو قاس ومرير ومؤلم أن تسعد وتسعد وتقوم وتقعد من غير أن تنال منك نفسك شيئاً فتتركها من غير تحقيق أمالها ومعانقة أمانيها فتمضي الأيام بين أمنيات على الورق وبين آهات تسبب الحرق ….
ليس أشد ألما ً من أن لا تحقق أهدافك التي تبعد عنك خطوات قليلة وليس أسوأ من أن تتقاعس عن إغراق نفسك بالإنجازات التي تقدر عليها بسهولة وليس أتعس من أن تجمل نفسك بثوب لا يليق عليها !
إننا أحيانا لا نعرف ماذا تريده النفس البشرية ويحق لكل منا أن يجلس ويعرف ..
لكن الألم أن تخرج وقد عرفت ماذا تريد هذه النفس من أمنيات لكنك حالك مشهده أن يداك مكتوفة ورجلاك حافية وعيناك خجلة وقلبك لا يرضى بسلوكات ستسبب ألاماً كبيرة لنفسك فتؤذيها من حيث أردت نفعها …
كيف الطريق إلى إسعاد نفسك ومن حولك لا يعرفون أنك قد أفنيتها في سعادتهم وحرمتها من أجل إطعامهم وقلمت أظفارها لكيلا تضرهم أسهرت عينيك من أجل أن لا ينالهم ما يكدر لذيذ نومهم ؟
كيف الطريق وغيرك لا يعرف أنك قد ضحيت بالكثير والقليل، بمالك ووقتك وجهدك وفكرك لينال غيرك مبتغاهم وهم ضاحكين غير مبالين بحالك وغير مهتمين بشأنك ؟
كيف الطريق حينما تغدو في طريق وغيرك في طريق ويمر بك وكأنه لا يعرفك أو يتظاهر بأنه لا يعرفك أو يتمنى انه لا يعرفك ؟!!
كيف السبيل والأماني كثيرة ؟
كيف السبيل وأنت لا ترضى لنفسك بالذل ولا أنت ممن يقبلون المهانة ؟
كيف وأنت رب كلمة قاسية منعتك منام ثلاث ليال تباعاً ؟
كيف لو جاءت تلك الكلمة ممن أسعدتهم وأمتعتهم وحرمت نفسك لأجلهم وهاهي الآن تجازي نفسك الكريمة على ما قدمت ؟!

من أجل ذلك …قلت للأمنيات وللأماني قفي حتى حين، ويا نفس عيشي على الآلام حتى يجعل الله لك مخرجاً.
بدي أشوف رأي الأعضاء بالموضوع ؟؟؟؟؟
رد مع اقتباس
  #2  
قديم February 18, 2013, 07:19 PM
 
رد: بين الآلام والأمال

هذه حقيقة
و قد اجدت الوصف و التحليل
و يبقى على الإنسان أن يوطن نفسه و يروضها على الخلق الجميل
بعدها يتوكل على الله و يدعو لهم بالهداية و التوفيق لأن الهداية من الله سبحانه و تعالى فلا يمكننا أن نحمل الناس إلى أي طريق لو لم يوفقنا الله لذلك الطريق القويم و في قصص الأنبياء عليهم افضل الصلاة و السلام عبرة و عظة
ألم يمكث سيدنا نوح اكثر من تسعمائة سنة و لم يؤمن له إلا القليل
موضوع جميل
اسعدك الله
ودي و تقديري
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مدونتي "طفولة بين (الآلام والآمال)" sada.islam90 كلام من القلب للقلب 228 July 3, 2015 04:14 PM
الآلام الرقبة , اسباب الآلام الرقبة , الوقاية من الآلام الرقبة ألاء ياقوت مقالات طبية - الصحة العامة 4 March 29, 2012 09:01 PM
نصيبنا من الألام وتين الشوق الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 3 August 24, 2008 05:14 AM
عاشق الآلام عاشق الآلام الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 3 November 24, 2007 02:14 PM


الساعة الآن 11:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر