فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الموسوعة العلمية > تحميل كتب مجانية > كتب اسلاميه

كتب اسلاميه تحميل كتب في جميع العلوم الاسلامية, كتب الحديث ,الفقه , التفسير وغيرها



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم August 10, 2012, 06:20 PM
 
كتاب بألف كتاب، لا يريدونك أن تقرأه، "الإسلام بين الشرق والغرب"، ترجمة للإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب بألف كتاب، لا يريدونك أن تقرأه، "الإسلام بين الشرق والغرب"، ترجمة للإسلام
تحميل كتاب الإسلام بين الشرق والغرب pdf

https://sa.ae/314d334/


ألف هذا الكتاب الرئيس الأول للبوسنة والهرسك الذي حقق استقلالها الديمقراطي، عل يعزت بيجوفيتش

ألقى هذا الفيلسوف الراقي نظرة على الإسلام وتشربه، ثم قدم لنا ترجمة عصرية بلغتنا التي نفهم
حقاً إنه لكتاب بألف كتاب


تحميل كتاب الإسلام بين الشرق والغرب pdf

https://sa.ae/314d334/


لن تجد كتاباً مثله، يحاربه الطغاة كيلا تقرأه


تحميل كتاب الإسلام بين الشرق والغرب pdf

https://sa.ae/314d334/

بمجرد قراءتك لهذا الكتاب، بن تجد محيداً عن إتمامه
رد مع اقتباس
  #2  
قديم August 11, 2012, 12:07 PM
 
رد: كتاب بألف كتاب، لا يريدونك أن تقرأه، "الإسلام بين الشرق والغرب"، ترجمة للإسلام

في هذا الكتاب يرفض الفكرة الدينية، والفكرة المادية
ماذا بقي إذاً؟
رد مع اقتباس
  #3  
قديم August 13, 2012, 11:53 AM
 
رد: كتاب بألف كتاب، لا يريدونك أن تقرأه، "الإسلام بين الشرق والغرب"، ترجمة للإسلام

مقدمة لقراءة بيجوفيتش/ بقلم عبد الوهاب المسيري

الرئيس على عزت بيجوفيتش (الرئيس السابق للبوسنة، وقائدها السياسى، وزعيمها الفكرى والروحى) صاحب اجتهادات مهمة فى تفسير ظاهرة الإنسان فى كل تركيبيتها. وهذه التركيبية، المرتبطة تمام الارتباط بثنائية الإنسان والطبيعة، هى نقطة انطلاقه والركيزة الأساسية لنظامه الفلسفى. ولكن قبل أن نحاول أن نصنف إشراقاته وأفكاره المختلفة، وقبل أن نتكشف عالمه الفكرى لابد وأن نشير إلى أنه ليس “مجتهدًا” وحسب، وإنما هو “مجاهد” أيضًا، فهو مفكر ورئيس دولة، يحلل الحضارة الغربية ويبيَّن النموذج المعرفى المادى العدمى الكامن فى علومها وفى نموذجها المهيمن، ثم يتصدى لها ويقاوم محاولتها إبادة شعبه. ولكنه فى ذات الوقت يستفيد من اجتهادات المفكرين الغربيين المدافعين عن الإنسان، ولعل إيمانه بالإنسان (الذى ينبع من إيمانه بالله وإدراكه لثنائية الطبيعة البشرية) هو الذى شد من أزره إلى أن كتب الله له ولشعبه النجاة، وهو الذى مكنه من أن يلعب هذا الدور المزدوج… دور المجاهد والمجتهد، ودور الفارس والراهب.

وتتميز كتابات على عزت بيجوفيتش بالوضوح والتبلور (وقد قام الأستاذ محمد يوسف عدس بترجمة أهم كتبه الإسلام بين الشرق والغرب إلى العربية بلغة فصيحة وخطاب فلسفى مركب، فجاءت ترجمته عملا فلسفيا راقيا يتسم بالدقة والجمال). وتجربة بيجوفيتش فريدة، فقد درس العالم الغربى الرأسمالى عن كثب، ولذا نجد فى دراسته –على سبيل المثال- إحصاءات عن دور السينما التى تعرض أفلاما إباحية فى ألمانيا، وعن نسبة الجريمة وتصاعدها فى الولايات المتحدة الأمريكية، وعن معدلات الانتحار فى الدول التى توصف بأنها “متقدمة”.

وهو قادر على استيعاب كل هذه المعلومات وتصنيفها وتوظيفها لأن لديه إلماما غير معتاد بالفلسفات الغربية، وهو ليس كإلمام أساتذة الفلسفة الذين يعرضون للأفكار الفلسفية المختلفة عرضا محايدًا، بل هو إلمام المتفلسف الحقيقى الذى يقف على أرضية فلسفية راسخة ويطل على الآخر فيدرك جوهر النموذج المعرفى الذى يهيمن عليه. فنراه يتحدث بطلاقة غير معتادة عن نيتشه وياسبرز وكيركجارد، وذلك فى سطور قليلة تبين مدى استيعابه لرؤاهم الفلسفية، وكذا مدى وصوله إلى أعماقها وبنيتها المادية العدمية المدمرة، أو بنيتها الإيمانية الكامنة.

ومعرفة النظام الرأسمالى بعمق جزء من تجربة كثيرين من مثقفى العالم، لكن الذى يميز على عزت بيجوفيتش هو أنه إلى جانب معرفته هذه عاش تحت ظلال الماركسية والاشتراكية، فأدرك منذ البداية أننا لا نتحدث عن نظامين مختلفين، واحد رأسمالى والآخر اشتراكى، وإنما نتحدث فى واقع الأمر عن نموذج معرفى واحد كامن يأخذ شكلا اشتراكيا فى حالة الاشتراكية، وشكلا رأسماليا فى حالة الرأسمالية، وأن هناك -من ثَم- رؤية واحدة وراء كل تلك المنظومات المتصارعة المتنازعة.

والتجربة الرأسمالية هنا لا تختلف على الإطلاق عن التجربة الاشتراكية، إذ يصدر النمطان عن مقولة الإنسان الطبيعى، أى الإنسان ذى الأصول المادية الطبيعية الكامنة وراء كل من النظامين الرأسمالى والاشتراكى.

وقد توصل على عزت بيجوفيتش إلى إدراك هذه الوحدة الكامنة وراء التنوع لأنه استخدم نموذجا تحليليا معرفيا مركبا. فقد أدرك البعد المعرفى الكلى والنهائى للظواهر التى يدرسها، سواء أكانت نظرية التطور أم الفلسفة العدمية أم العقيدة الإسلامية. ودراسة البعد المعرفى والنهائى الكلى هو فى نهاية الأمر إجابة عن سؤال أساسى وهو: ما الإنسان؟ والإجابة عن هذا السؤال هى التى تحدد طبيعة النموذج الحاكم. واستخدامه النموذج كأداة تحليلية مكّنه من الربط بين ظواهر قد تبدو وكأنها لا علاقة للواحد منها بالآخر، بل متناقضة، ظواهر لا يمكن الربط بينها إن اتبعنا منهج الوصف الموضوعى العادى. فبيجوفيتش يربط بين كل من الدين والأخلاق والفن والحرية وذلك باستخدامه النماذج المركبة.

ومن النقاط الأساسية المنهجية التى يجب أن نتنبه إليها أن على عزت بيجوفيتش فى استخدامه النموذج كأداة تحليلية لم يشيّئه، أى لم يتصور أن له وجودًا ماديا مستقلاً وكأنه مقياس جاهز يقيس به الدارس كل شيء، بل رأى أنه مجرد آلية يمكن تصنيف المعلومات والظواهر من خلالها ثم تفسيرها. وهو يدرك تماما أن النموذج المجرد الذي قد يهيمن على الإنسان مختلف تمام الاختلاف عن تجربته الحياتية المعيشة، فيقول: إن الإنسان الذي يهيمن عليه النموذج المادي أو الإلحادي لا يمكن أن يكون ماديًا ملحدًا تمامًا حتى ولو أراد ذلك من أعماق قلبه. ثم يضرب مثلا بماركس والماركسية فيقول إن ماركس رغم أنه ملحد، لكنه -على حد قول برتراند رسل- بشّر بأمل كوني لا يمكن تبريره إلا إذا كان صاحبه من المؤمنين بالألوهية، أى بشىء متجاوز للواقع المادى المباشر. بل إن ماركس حول الرأسمالية والطبقة البروليلتارية إلى رموز حية للشر والخير. والماركسية فى إطارها المادى “تتبنى فكرة الحتمية التاريخية، ولكن كحياة معيشة كان لابد أن تتخلى عن هذه الفكرة”.

والنموذج كأداة تحليلية، لا كشىء إمبريقى، يشبه المجاز اللغوى. فالمجاز ليس شيئا، وإنما هو أداة نقوم من خلالها بربط المعلوم بالمجهول، وبذلك يمكننا أن نعمق من إدراكنا للمجهول. فالمجاز (مثل النموذج) يعبر عن الثنائية التى تَسِم الوجود الإنسانى، وثنائية النموذج (المجرد) فى مقابل الواقع المعيش هو تعميق لهذه الثنائية. وكما سنبين… فهذه الثنائية ليست ازدواجية؛ لأن التجربة المعيشة هى توحيد بين الجانبين النظرى والعملى، الروحى والمادى، ومن ثم فهذه التجربة المعيشة ليست هذا ولا ذاك، بل هى أكثر تركيبية من أى منهما بمفرده.

لهذا نجد أن بيجوفيتش لا يلجا إلى مجرد السرد الوصفى أو التوثيق المجرد، وإنما يقدم لنا ثمرة رحلته التحليلية، التفكيكية التركيبية، بأسلوب شاعرى رائع، يبتعد عن الرتابة التى قد تلحق بعض الكتابات الأكاديمية، بل كان ينتقل من نقطة إلى أخرى ويتعامل مع كل نقطة وكأنها مستقلة عن غيرها تماما، بينما هى فى واقع الأمر مجرد تبدٍّ آخر لنموذجه التحليلى الذى ينطلق من ثنائية الطبيعة/ المادة، فى مقابل الإنسان /الإنسان أو الإنسان /الربانى.

ويستخدم على عزت بيجوفيتش المجاز لينقل رؤيته هذه. ففى حديثه عن الثقافة الروحية يقول: “يمثل الدين والعقائد والدراما والشر والأخلاق والجمال وعناصر الحياة السياسية والقانونية التى تؤكد على قيم الشخصية والحرية والتسامح … يمثل كل هذا الخط المتصل للثقافة الإنسانية الذى بدأ مشهده الأول فى السماء بين الله والإنسان “.. وحينما نصل إلى هذه المنطقة، منطقة اللامحسوس والماوراء. ينتقل بيجوفيتش من اللغة الإخبارية إلى اللغة المجازية: “إنه صعود الجبل المقدس، الذى تظل قمته بعيدة المنال .. إنه سيرٌ فى الظلام بواسطة شمعة مضيئة يحملها الإنسان “.

إن المجاز هنا ليس مجرد زخرفة، وإنما هو نتيجة طبيعية لاستخدام النماذج المركبة التي تتعامل مع المادى وغير المادى، مع الطبيعة والماوراء، مع الظاهر والباطن، مع المادة والإنسان. إن المجاز مرتبط تماما بظاهرة الإنسان.
الإنسان الطبيعى/ المادى

يتضح تمييز على عزت بيجوفيتش بين النموذج المجرد والتجربة المعيشة فى أنه يصوغ السؤال المعرفى “ما هو الإنسان ..؟” بطريقة خاصة تجمع بين المجرد والمتعين إذ يقول: “قضية أصل الإنسان هى حجر الزاوية لكل أفكار العالم، فأية مناقشة تدور حول: كيف ينبغى أن يحيا الإنسان، تأخذنا إلى الوراء. حيث مسألة أصل الإنسان”، أى أنه بدلاً من أن يسأل السؤال المعرفى بطريقة مباشرة جافة مجردة، يحوله إلى إشكالية وجودية متعينة، يمكن للإنسان أن يدركها بطريقة مباشرة. وحين يتعامل مع إشكالية الأصل هذه فإنه يتناولها بطريقة فريدة. فبدلا من أن يناقش الرؤية المادية المتمثلة فى نظرية داروين فى التطور، وبدلاً من أن يحاول تفنيدها من خلال علم البيولوجيا والعلوم الطبيعية.. فإنه يلجا لاستراتيجية مختلفة تماما، إذ يحاول أن يبين عجز النظريات المادية، بما فى ذلك نظرية التطور الداروينية، عن تفسير البعد الإنسانى فى ظاهرة الإنسان.
أصل الإنسان

يطرح على عزت بيجوفيتش التصور الداروينى (المادى) للإنسان، فيتحدث عن إشكالية الأصل. فكل المخلوقات حسب التصور الداروينى المادى ترجع إلى الأشكال البدائية للحياة (الأميبا)، والتى ظهرت بدورها نتيجة عملية طبيعية كيميائية [مادية]. إن الإنسان فى الحقيقة (من هذا المنظور) إن هو إلا حيوان تطور من المادة إلى الأميبا، والأميبا تطورت حتى وصلت إلى القردة العليا، ومنها إلى الإنسان “الذى اتجه نحو الكمال الجسمى والفكرى ومنه إلى الذكاء الخارق. فالتطور من حيث هو حيوانى وخارجى فى جوهره بسيط ومنطقى أو نفعى ووظيفي، لأنه ظل محدودًا فى نطاق الطبيعة/المادة”. إن “التطور” بطبيعته (وبغض النظر عن درجته فى التعقيد أو الحقبة الزمنية التى استغرقها) لم يستطع أن ينتج إنسانا، وإنما مجرد حيوان مثالى، قادر على التحرك داخل الجماعة بكفاءة عالية لتحقيق هدف البقاء المادى. فثمة أشياء مشتركة أكيدة بين الإنسان و الحيوان، ثمة أشياء مشتركة أكيدة بين الإنسان والحيوان.. “فهناك شعور وذكاء ووسيلة أو أكثر من وسائل الاتصال، وهناك الرغبة فى إشباع الحاجات، والالتحاق بمجتمع، وبعض أشكل الاقتصاد”. بالنظر من هذه الزاوية.. فليس فى الإنسان شىء لا يوجد أيضا فى المستويات العليا من الحيوانات الفقارية والحشرات. والفرق بين الإنسان والحيوان، حتى بعد “تطور” الإنسان، إنما هو فرق فى الدرجة والمستوى والتنظيم وليس فى النوع، فليس هناك (حسب هذه النظرية المادية) جوهر إنسانى متميز.

ولكن الإنسان فى واقع الأمر مختلف بشكل جوهرى عن هذا الإنسان الطبيعى/المادى، فهو ليس مجرد وظائفه البيولوجية، إذ أن فيه “شيئًا” ينقله من عالم الضرورة والحتميات الطبيعية والسببية المطلقة والمنفعة المادية.. إلى عالم الحرية والاختيار والقلق والتركيب والتضحية.
الدّوَار الميتافيزيقى واللحظة الفارقة

يرى على عزت بيجوفيتش أن ثمة شىء ما حدث للإنسان جعله لا يقنع بجانبه الطبيعى المادى الحيوانى ودفعه إلى أن يبحث دائما “عن شىء آخر غير السطح المادى الذى تدركه الأسماع والأبصار وصولاً إلى ما لا تدركه الأسماع والأبصار” (ولنسمه “المقدس”)، بحيث بدأ يفكر فى معنى حياته وفيما وراء الطبيعة، “فيما وراء القبور”. ما هذا الشيء الذى جعل الإنسان لا يكتفى “بصنع الآلات التى تحسّن من مقدرته على البقاء المادي، وبدلا من ذلك بدأ فى صنع العبادات والأساطير والمعتقدات الخرافية والغريبة والرقصات والأوثان والسحر وأفكاره عن الطهارة والنجاسة والسمو واللعنة والبركة والقداسة والمحرمات والمحظورات الأخلاقية التى تشمل حياته بأسرها..؟ ما الذى جعل الإنسان لا يقنع بالدلالة المباشرة للأشياء، وإنما يضيف لها دلالة متخيّلة تكون أكثر أهمية فى نظره من دلالتها الواقعية؟” فبينما يذهب الحيوان للصيد مباشرة ويوظف كل ذكائه فى اصطياد الفريسة ويستجيب للمثيرات المادية التى من حوله بشكل مباشر “يحيط الإنسان مثل هذا الفعل بطقوس وأحلام وصلوات، وبينما كان الحيوان يتابع فريسته بمنطق صارم، كان الإنسان يقدم الضحايا والقرابين ويقيم الصلوات والشعائر (الصوم مثلا). وبينما كان النحل يقضى على كل أعضاء جنسه ممن لا فائدة لهم ولا نفع، كان الإنسان يكرّم المسنين والموتى ويقيم الشعائر الجنائزية، وبينما تتعامل الحيوانات مع عالم السطح الظاهر المادى فى وظيفية مدهشة، يغوص الإنسان إلى أعماق حقيقية ومتخيلة، داخله وخارجه، ومن هنا تظهر أهمية النية وأهمية الإلهام”.

“وبينما تؤدى الحيوانات وظائفها فى حتمية بالغة: تتقدم نحو فريستها حينما تسنح الفرصة، وتفر حينما تحس بالخطر، وتعيش فى القطيع أو السرب أو الخلية دون فزع أو اكتئاب.. فإن الإنسان دائم التردد، وسلوكه مرتبط بحريته واختياراته المتنوعة، فهو لا يمكن أن يكون جزءًا من آلية وظيفية اجتماعية مقررة مسبقا. ثم هناك هذا الخوف والقلق الذى يشعر به الإنسان من خلال تأمله الدائم فى الكون ومعضلاته، وهو ليس مجرد خوف بيولوجى (مثل ذلك الذى يستشعره الحيوان)، إنما هو خوف روحى كونى بدائى، موصول بأسرار الوجود الإنسانى وألغازه، وممتزج بحب الاستطلاع والإعجاب والدهشة والنفور. تلك المشاعر المختلطة هى العامل الخالد الأزلى المحدد لوجود الإنسانى (هايدجر)، وهى تكمن فى أعماق الثقافة الإنسانية.

يرى على عزت بيجوفيتش أن الإنسان أصيب بدوار مجهول الأصل ليس له سبب مادى ملموس، ولذا يسميه “الدوار الميتافيزيقى”، وهو دوار يشكل لحظة فارقة فى تاريخ البشرية، ذلك أنه إلى جانب الإنسان الصانع (باللاتينية: هومو فابر homo Faber) الذى أدت إليه عملية التطور، وجد الإنسان العاقل (باللاتينية: هومو سابين homo sapiens) وهو إنسان مختلف عن الحيوان وعن إنسان داروين الطبيعي، فهو إنسان ذو عقل وخيال ووجدان، يحس بأنه جزء من الطبيعة وغريب عنها فى ذات الوقت، إذ توجد مسافة تفصله عنها. ولذا فهو يشعر بأن ثمة عالما آخر يحتاج للتعبير عنه والتواصل معه، فيميل الإنسان (بغض النظر عن مستوى تقدمه أو تخلفه التكنولوجى) نحو الرسم والغناء وتقديم القرابين ولإقامة شواهد القبور. فهو يشعر بأن هناك فى داخله ما يميزه عن الحيوانات التى قد تصنع الآلات (كالقردة التى تستخدم العصا للوصول إلى الموز فى أعلى الشجرة، أو الدب الذى يستخدم الحجر لقتل أعدائه)، ولكنها لا يمكن أن تقدم أية قرابين أو ترسم أية لوحات ولا تشعر بوخز الضمير.

ومن الواضح أن الدوار الميتافيزيقى فصل الإنسان عن عالم الطبيعة/المادة، ولذا فهو يقف متعاليا عليها رغم وجوده فيها، ومن هنا نشأت ثنائية الطبيعى المادى من جهة والإنسانى/ الروحى من جهة أخرى. وحتى ندرك أبعاد هذا المفهوم المحورى فى فكر على عزت بيجوفيتش لابد أن نميز بين كل من التوحيد والواحدية، إذ إنهما يقفان على طرفى نقيض. فالتوحيد هو الإيمان بإله واحد منزه عن الطبيعة والتاريخ (ليس كمثله شىء)، مما يعنى ثنائية الخالق والمخلوق، وهذا مقتضى النموذج الإيمانى الذى يقول إن الله خلق العالم ولم يحل فيه، بمعنى أن الخالق غير متعادل مع مخلوقاته. بعكس المنظومات المادية التى لا يوجد فيها إلا جوهر واحد هو الجوهر المادى، ولذا فهى منظومات واحدية. ولو افترض أن آمن مادى بإله، فهذا الإله لابد أن يكون حالا فى المادة، ومن هنا فإننى أقول دائما: إن كثيرًا من كلام أهل الحلول من دعاة وحدة الوجود هو فى جوهره مادي، حتى وإن استخدموا مصطلحات صوفية إيمانية، لأن من يؤمن بوجود جوهر واحد فى الكون يؤمن بالواحدية ولا يؤمن بالتوحيد، إذ التوحيد يعنى أن الله مفارق للمادة منزه عنها. وهذه الثنائية غير الأثنينية التى سادت فى بعض المنظومات الوثنية، والتى تذهب إلى أن الكون يحكمه عنصران متعادلان متساويان. إن ثنائية الوجود الإنسانى (ثنائية المادى والروحى) لا يمكن تفسيرها وضمان بقائها واستمرارها إلا بافتراض ثنائية أخرى، هى ثنائية الخالق والمخلوق، ثنائية تأسيسية لا يمكن ردها إلى ما هو خارجها. ومن هنا يرى على عزت بيجوفيتش أن الإنسان بصفة أساسية لا يوجد “إلا بفعل الخلق الإلهى”. ومن ثم، إذا لم يكن هناك إله فلن يوجد إنسان (استخدم الشيخ القرضاوى مصطلح “الثنائية التكاملية” للتعبير عن الفكرة نفسها).
أسطورة الصدفة

وهنا يمكن أن ننتقل إلى السؤال المعرفى الذى طرحه على عزت بيجوفيتش وهو السؤال المتعلق بأصل الإنسان. عادة ما يلجأ الإيمانيون إلى الهجوم على نظرية التطور الداروينية التى تؤكد الأصل المادى للإنسان، محاولين تفنيدها وإثبات “عدم علميتها” ووجود ثغرات فيها، من خلال الإشارة إلى دلائل مادية ونظريات علمية عديدة. وهذا الأسلوب فى التفنيد مهم، ولكنه ليس حاسما؛ لأن دعاة النظرية الداروينية سيأتون هم أيضا بأدلة مادية، مما يجعل من المستحيل حسم القضية. أما على عزت بيجوفيتش فيلجأ لأسلوب مختلف تماما. فهو يحاول أن يثبت عجز النموذج الداروينى فى التطور عن تفسير ظاهرة الإنسان فى سياق الثنائية الجوهرية التى أشرنا إليها، أى ثنائية الإنسانى والطبيعى.

يبدأ على عزت بيجوفيتش تقويضه النظريات المادية بأن يبين أن من المستحيل تصديق فكرة أن العالم قد ظهر نتيجة تفاعلات كيمائية تمت بالصدفة وأدت إلى ظهور خلايا بسيطة ثم تطورت إلى أن أصبحت “الإنسان”. وفرضية الصدفة هذه تقع فى صميم نظرية التطور وكل النظريات المادية. يبين على عزت بيجوفيتش أن خلق العالم بالصدفة هو مجرد افتراض وتخمين وليس حقيقة. ومن أشهر الاعتراضات على هذه الفرضية أن الإيمان بها يعادل الإيمان باحتمال أن يقوم فرد بالخبط على آلة كاتبة فيكتب لنا قصيدة رائعة أو باحتمال أن يلقى إنسان (أو قرد) بالنرد ويحالفه الحظ ويأتى 6/6 ليس مرة واحدة ولا ألف مرة وإنما 44 ألف مرة متتالية! كما أن المصادفة وحدها لا تجدى فى تفسير الخلق، فإن تكوين الكائنات من تلك الذرات الهائمة يعنى أنها كانت مصممة، بحيث أنها إذا اجتمعت بهذه الطريقة تكوَّن منها ذهب، وإذا اجتمعت بتلك الطريقة يتكون منها ماء، وهكذا.. أى أن التصميم لابد وأن يسبق الصدفة.

ثم يضرب على عزت بيجوفيتش مثالاً آخر يبيّن مدى لاعقلانية المؤمنين بنظرية النُّشوء من خلال الصدفة فيقول: “إذا وجدنا في اكتشاف أثري حجرين موضوعين في نظام معين أو قُطعًا لغرض معين، فإننا جميعا نستنتج بالتأكيد أن هذا من عمل إنسان ما في الزمان القديم. فإذا وجدنا بالقرب من الحجر جمجمة بشرية أكثر كمالا وأكثر تعقيدًا من الحجر بدرجة لا تقارن، فإن بعضا منا لن يفكر في أنها من صنع كائن واع، بل ينظرون إلى هذه الجمجمة الكاملة أو الهيكل الكامل كأنهما قد نشأ بذاتهما أو بالصدفة هكذا.. بدون تدخل عقل أو وعى!”.

“أما هؤلاء الذين يرون أن المادة (من خلال الصدفة وحدها) قد أدت إلى ظهور عناصر متجاوزة للمادة مثل الإنسان والوعى والعقل والغائية، فهم -فى نهاية الأمر- ينسبون للمادة قُدرات غير مادية، ومن ثم فإنهم يكونون قد خرجوا بذلك عن مقاصد الفلسفة المادية، خصوصا وأن فرضياتهم لا تعدو كونها تكهنات عنيدة طفولية تضمن لهم الاستمرار فى ماديتهم البسيطة، وتضمن لهم فى الوقت نفسه تفسير ما حولهم من تركيب ووعي وغائية”.
الإنسان والمقدس

ولا يكتفى على عزت بيجوفيتش بالتأكيد على أن فكرة الصدفة ليست فكرة من الصعب تصديقها وأنها ليست فكرة علمية أكيدة كما يدّعون، وإنما فكرة تخمينية، ليست نتيجة عملية تجريبية أو ملاحظة علمية وإنما نتيجة عملية عقلية محضة تحاول سد ثغرة فى النظام المادى وتدعى أنها علم.. لا يكتفى علي عزت بيجوفيتش بذلك، بل يلجا إلى طريقة أكثر حسما وهى توضيح العجز التفسيرى الكامل لنظرية التطور فى تناولها الظواهر الإنسانية. وهو ينجز ذلك عن طريق استخدام نموذج مركب يأخذ فى الاعتبار كلا من العناصر المادية والإنسانية.

ولذا نجده يشير إلى أن النظرية الداروينية لم تكرس اهتماما كافيا للظواهر الثقافية، لسبب بسيط، وهو أن هذه ” الظواهر ليست نتاج التطور (فهى تقف متعالية عليها، مفارقة لها)، ولذا يركز عليها على عزت بيجوفيتش، لأنها تحمل فى ثناياها إجابات عن بعض الأسئلة الحاسمة عن الوجود الإنسانى. فإذا كان هناك خط متصل “للتطور المادى ” يؤكد على الكفاءة والمنفعة وتسخير الطبيعة والآلات، فهناك خط مواز للثقافة الإنسانية يؤكد على قيم مختلفة تماما لم يحدث فيها تقدم أو تطور (التضحية والضمير والخوف من الموت والمجهول) وعلى نشاطات إنسانية مختلفة (الفن والدين والأخلاق والفلسفة). وهذه القيم والنشاطات الإنسانية فرع سلالة واحدة تشير إلى وجود عالم آخر (نظام آخر) إلى جانب عالم الطبيعة وهى لا تعرف التقدم أو التطور. إن نظرية التطور الداروينية لا تفسر كيف لم يتغير تاريخ البشر الجُوّانىّ كثيرًا.. فالإنسان (بأخطائه، وفضائله، وشكوكه، وخطاياه، وكل ما يشكل وجوده الجُوّانىّ) يبرهن على عدم قابليته للتغيير. فدراسة رسوم إنسان نياندرتال فى فرنسا تبين أن الحياة النفسية للإنسان البدائى لا تختلف إلا قليلا جدًا عن الحياة النفسية للإنسان المعاصر.

لماذا أصيب الإنسان بالدوار الميتافيزيقى ..؟ لماذا توقف عن تحسين كفاءته فى الصيد ليقوم ببعض الشعائر التى لا معنى لها من منظور مادى نفعى ..؟ كان الإنسان يسأل عن كيفية البقاء وعن آليات الاستمرار، ثم بدأ يسأل فجأة عن المعنى والهدف من وجوده.. أى أنه بدأ يسأل لماذا ..؟.. “لو كنا حقا من أبناء هذا العالم، فلن يبدو لنا فيه شيء نجسًا أو مقدسًا، فهذه أفكار مناقضة للعالم الذي نعرفه. نحن لا نستطيع أن نجد أثرًا لعبادات أو محرمات أو مقدسات في أكثر أنواع الحيوانات تطورًا.

إن ظاهرة الحياة الجُوّانية أو التطلع إلى السماء ظاهرة ملازمة للإنسان، غريبة عن الحيوان. هذا الجانب من الإنسانية، وهذه الظواهر [الخير والشر، المقدس والمدنس، الشعور بالفجيعة، الصراع الدائم بين المصلحة والضمير، التساؤل عن وجودنا] تظلّ جميعها مستعصية على أى تفسير منطقى. ولكن إنطلاقا من الإيمان بثنائية الإنسان والطبيعة، والاختلاف الجوهرى بين الاثنين، وثنائية الطبيعة البشرية، يبين على عزت بيجوفيتش أن أصل الإنسان لا يمكن أن يكون ماديا فهو ليس نتيجة تطور مادي، فالعنصر الروحى فى الإنسان الذى يستعصى على التفسيرات المنطقية المادية لا يمكن أن يوجد إلا بفعل الخلق الإلهى، والخلق ليس عملية مادية وإنما فعل إلهى، ليس شيئًا متطورًا، وإنما هو فعل فجائى (كن.. فيكون). “فمنذ تلك اللحظة المشهودة، لم يعد ممكنا لإنسان أن يختار بين أن يكون حيوانا أو إنسانا، إنما اختياره الوحيد أن يكون إنسانا أو لا إنسان”. وبذلك ربط على عزت بيجوفيتش بين الإنسان وبين الله، بمعنى أن الإنسان لا يمكن أن يكون إنسانا إلا بوجود الله، فإن مات الله (كما يزعمون فى الحضارة الغربية) مات الإنسان، أو إن نسينا الله (كما نقول نحن) فإننا ننسى أنفسنا.
قضية الحرية

يركز على عزت بيجوفيتش على سمة إنسانية أخرى يقوّض من خلالها نظرية التطور البيولوجى المادى، وهى مقدرة الإنسان على الاختيار، أي قضية الحرية (وهنا يظهر أثر كانط عليه، وإن كان بيجوفيتش قد عمّق من هذه الأطروحة وطبقها بطريقة ربما لم تخطر على بال الفيلسوف الألمانى العظيم). ففى عالم الطبيعة/المادة توجد الأشياء وجودًا موضوعيا، خاضعا لقوانين موضوعية صارمة. فالأرض تدور حول الشمس سواء عرفنا أم لم نعرف، شئنا أم أبينا. ثمة حتمية مادية تسيطر على عالم الحقائق الموضوعية، وهو ما لا يمكن وصفه بالخير أو بالشر، فنحن فى هذا العالم لا نفعل ما نريد أن نفعله، بل ما علينا أن نفعله. ثمة جانب فينا خاضع للحتميات المادية، ولكن الإنسان لا يعيش فى عالم المادة وحسب، فهناك عالم جوانى قوامه الحرية التى تعبر عن نفسها فى النوايا والإرادة والشوق والرغبة.

أما خارج الإطار المادي فثمة حيز للإنسان يتحرك فيه بحيث يمكنه الاختيار بين بدائل مختلفة، فيختار -مثلا- أن يتجاوز البرنامج الطبيعي الحتمي ويقوم بفعل قد يبدو غير عملي وغير مفيد من الناحية المادية، مثل أن يدافع عن كرامته أو يرفض الظلم. والإنسان الذي ينطلق من الرؤية المادية قادر ولا شك على الاختيار والحرية والبذل والعطاء، ولكنه بذلك يكون قد سلك بطريقة تتناقض وماديته المزعومة، فقد تجاوز قوانين المادة. فهو إن ضحى بنفسه من أجل ابنه القعيد -مثلا- فإنه لا يمكنه إخضاع هذا الفعل للنموذج المادي، وعلينا أن نهنئ هذا المادي على نبله وعظمته التي تجاوز بها منظوره المادي! إذ أنه حين اختار أن يدافع عن ابنه ويحمله قد عبَّر عن شيء عظيم داخله يتجاوز منظومته المادية الواحدية.

إن قضية الخلق (كما يؤكد علي عزت بيجوفيتش) هي، في الحقيقة، قضية الحرية الإنسانية. فإذا قبلنا فكرة أن الإنسان لا حرية له، وأن جميع أفعاله محددة سابقا -إما بقوى مادية داخله أو خارجه- لا تكون الألوهية ضرورية في هذه الحالة لتفسير الكون وفهمه. ولكننا إذا سلمنا بحرية الإنسان ومسئوليته عن أفعاله، فإننا بذلك نعترف بوجود الله إما ضمنًا وإما صراحة. فالله وحده هو القادر على أن يخلق مخلوقا حرًّا، فالحرية لا يمكن أن توجد إلا بفعل الخلق. الحرية ليست نتيجة ولا نتاجا للتطور، فالحرية والإنتاج فكرتان متعارضتان. فالله لا ينتج ولا يشيد .. إن الله يخلق..!

“قد ينجح الإنسان (آجلا أو عاجلا، خلال هذا القرن أو بعد مليون سنة من الحضارة المتصلة) في تشييد صورة مقلدة من نفسه، نوع من الإنسان الآلي أو مسخ، شيء قريب الشبه بصانعه. وهذا المسخ الشبيه بالإنسان لن تكون له حرية، سيكون قادرًا فقط على أن يتحرك في إطار ما بُرمج عليه. وهنا تتجلى عظمة الخلق الإلهي، الذي لا يمكن تكراره أو مقارنته بأي شيء حدث من قبل أو سيحدث من بعد في هذا الكون. في لحظة زمنية من الأبدية، بدأ مخلوق حر في الوجود، بينما لم يكن ممكنا أن تتحول نتيجة التطور (بدون تلك اللمسة الإلهية) إلى الإنسان. إن التطور، بدون تلك اللمسة، كان سينتج -على الأرجح- حيوانا أكثر تطورًا، حيوانا مثاليا، أو كائنا بجسم إنسان وذكائه، ولكن بدون قلب ولا حياة جُوّانية. ذكاء متحرر من وخز الضمير والأخلاق، وربما كان أكثر كفاءة.. ولكن أشد قسوة في الوقت نفسه”.

“وترتبط بفكرة الخلق الإلهى فكرة الذات الإنسانية. وفى حقيقة الأمر.. كل شىء يمكن اكتشافه فى الطبيعة فيما عدا الذات الإنسانية أو الشخصية، إننا نتصل، فقط من خلال هذه الذات، باللانهائى، ومن خلالها وحسب نشعر بالحرية وندرك العالم الآخر الذى نتشارك معه فى ميراث واحد. الإنسان وحده فقط، يستطيع أن يشهد بوجود عالم الأرواح والحرية. وبدون الذات، يستحيل أن يشهد عالما وراء الطبيعة، ذلك لأن كل شىء آخر (بجانب ذات الإنسان) هو وجود برانى ظاهري. والتأمل استغراق فى الذات، محاولة للوصول، واكتشاف لهويتنا وحقيقة حياتنا ووجودنا… والوصول إلى الحقيقة الكبرى، السر الوحيد الأكبر، هذه الحقيقة تعنى كل شىء ولا شىء: كل شىء بالنسبة للروح، ولا شىء بالنسبة لبقية العالم”.

“وقل الشىء نفسه عن فكرة الخلود والبعث. فإحساس الإنسان بالخلود هو محاولته النظر فيما وراء القبور والبحث المجهد عن طريقة خارج هذا العالم الذى أصبح الإنسان فيه غريبا. وإذا غاب إحساس الإنسان بالخلود فإن الذات المرتبطة باللانهائى تغيب هى أيضا، ولا يبقى سوى المادة والعدم”.
الأخلاق والمادية

بعد أن أكد على عزت بيجوفيتش على حرية الاختيار كسمة إنسانية أساسية، ينتقل إلى قضية أخرى هى قضية الأخلاق، حيث يفرق بين الموقف المادى من الأخلاق والموقف الإنسانى. فالأخلاق المادية (الداروينية النيتشوية) تنطلق من التسوية بين الإنسان والمادة، وبذا يصبح الهدف الوحيد لكل منهما هو البقاء، وآلياته الأساسية هى الذكاء والقوة. فى هذا الإطار المادى لا يمكن أن نتحدث إلا عن الفعل ورد الفعل. فالمثير (المادى) تتبعه استجابة مادية بلا تردد أو ثنائيات أو ذكريات أو كوابح أو محرمات.

فى هذا الصراع من أجل البقاء (المادى) لا يفوز الأفضل (بالمعنى الأخلاقى) وإنما الأقوى والأكثر تكيفا مع قوانين الطبيعة، أى الأفضل بالمعنى الطبيعى/المادى. ولذا فإن صوت الطبيعة هو “تخلص من الضمير والشفقة والرحمة… إقهر الضعفاء واصعد فوق جثثهم” على حد قول نيتشه، ابن داروين وبسمارك..! إن كل ما فعله نيتشه هو تطبيق قوانين البيولوجيا على الإنسان، فكانت النتيجة المنطقية هى نبذ الحب والرحمة وتبرير العنف والكراهية.

والأخلاق المادية هى النفعية المادية، ومن ثم يكون الانغماس فى كثير من النشاطات المادية للإنسان (التى تحقق الربح المادى له) هو قمة الالتزام الخلقى المادي. خذ على سبيل المثال ما يسمى بالجرائم المقنَّنة (أى التى يسمح بها القانون) “كالفن الإباحى، والكتابات الداعرة، واستعراضات العرايا، وقصص الجرائم وما شابه ذلك… أى فيلم داعر أرخص فى إنتاجه عشرات المرات من إنتاج فيلم عادى وأرباحه تزيد عشرات المرات على أرباح الفيلم العادى”. إن إنتاج مثل هذا الفيلم من منظور المعايير المادية أفضل من إنتاج فيلم يلتزم بالمعايير الثقافية والإنسانية .. ومع غياب أية منظومات أخلاقية متجاوزة للنظام الطبيعى المادى تصبح اللذة هى الخير والألم هو الشر، ويصبح ما يحققه الإنسان نفسه من منفعة مادية (تزيد من إمكانيات بقائه المادى) هو الخير الأعظم. أو كما يقول بنتام -صاحب مذهب المنفعة- “لقد أخضعت الطبيعة البشر لحكم سيدين، هما: اللذة والألم. فهما وحدهما اللذان يحكمان أفعالنا”.

وهنا يطرح على عزت بيجوفيتش السؤال التالى: هل يمكن للعقل (الذى يدور فى الإطار المادى ) أن يولد منظومات أخلاقية ..؟ ويجيب عنه بالنفى: “إن العقل يستطيع أن يختبر العلاقات بين الأشياء ويحددها، ولكنه لا يستطيع أن يصدر حكما قيميًا عندما تكون القضية قضية استحسان أو استهجان أخلاقى”.. “الطبيعة والعقل على السواء لا يمكنهما التمييز بين الصحيح والخطأ، بين الخير والشر. فهذه الصفات ليست موجودة فى الطبيعة”.. “إن محاولة إقامة الأخلاق على أساس عقلى لا تستطيع أن تتحرك أبعد مما يسمى بالأخلاق الاجتماعية، أو قواعد السلوك اللازمة للمحافظة على جماعة معينة، وهى فى واقع الأمر نوع من النظام الاجتماعى”، نوع من الإجراءات والقوانين الخارجية. كما أن التحليل العقلى للأخلاق يختزلها إلى أنانية وتضخيم للذات.

ولكننا حين نتفحص الأمر بشيء من العمق نجد أن في الإنسان شيئا ما يرفض هذا النموذج المادي وأن الأخلاق الحقيقية (كما هو الإنسان ذاته) ضد الطبيعة/المادة. فالإنسان ليس مجرد لاهث وراء اللذة أو المصلحة الشخصية كما تصوره العلوم الإنسانية العلمانية، التي تستند إلى نماذج مستمدة من العلوم الطبيعية، فهو كثيرًا ما يرفضها، بل إن الخبرة الإنسانية في مجال الأخلاق تناقض الفكرة المادية. فأية لذة توجد في الزهد والتبتّل والصيام وفى كثير من أنواع نكران الذات وكبح النفس ..؟ فالإنسان “يضحى بنفسه من أجل الوطن أو من أجل جوانب معنوية ليست لها أية قيمة مادية، ويموت دفاعا عن الشرف. وهو، حينما يرى مشهد العدالة المهزومة، قد يهب لنصرة المظلوم رغم القوة الغاشمة، رغم أنه يعرف أن هذا قد يودى به، وهو على استعداد للتضحية بنفسه من أجل الغير (وعنده أيضا الإمكانية للبطش به)”.

فإذا “غامر الإنسان بحياته فاقتحم منزلا يحترق لينقذ طفل جاره، ثم عاد يحمل جثته بين ذراعيه، فهل نقول إن عمله كان بلا فائدة لأنه لم يكن ناجحا ..!؟ إنها الأخلاق، التى تدور فى إطار غير مادى، هى التى تضفى القيمة على هذه التضحية عديمة الفائدة، لهذه المحاولة التى لم تنجح”.

وكما يقول بيجوفيتش، فإن التضحية “تمثل ظهور مبدأ جديد [خطًّا فارقًا ملموسًا فاصلاً] بين الإنسان والحيوان. لكن هذا المبدأ مناقض لمبدأ المصلحة والمنفعة والحاجات. المصلحة حيوانية، أما التضحية فهى إنسانية” (والأفكار الأساسية فى السياسة والاقتصاد السياسى لا تتعامل مع التضحية وإنما تتعامل مع المصلحة والمنفعة).

إن الأخلاق الحقيقية ليست مربحة.. “ويمكن تصور مواقف عديدة يكون الظلم فيها والكذب هما المفيدين [من الناحية المادية]. وبالمثل، فإن التسامح الديني والسياسي والعرقي والوطني ليس مفيدًا بالمعنى [المادي] المعتاد للكلمة، أما تدمير الخصوم مثلا.. فهو أكثر فائدة من وجهة النظر العقلية [المادية] البحتة. فحماية العجزة والمقعدين، أو العناية بالمعوقين والمرضى الذين لا أمل في شفائهم، كل ذلك ليس من قبيل السعي وراء الفائدة. فالأخلاق لا يمكن أن تخضع لمعايير المنفعة. نعم.. قد يكون السلوك الأخلاقى أحيانًا مفيدًا، ولكن ليس معنى هذا أن شيئا قد أصبح أخلاقيا لأنه أثبت فائدته فى فترة ما من فترات الخبرة الإنسانية. على العكس.. فهذه الخبرة نادرة الحدوث”.

ثم يتناول على عزت بيجوفيتش مفهوما محوريا فى الحضارة الغربية، وهو مفهوم التقدم (فى الإطار المادى)، ويدرسه فى إطار علاقته بالأخلاق. فيشير إلى ما يسمى “عقدة الإنسان البدائى” وهى قيام الإنسان البدائى بأفعال تتناقض وتطوره وتقدمه المادى مثل مفهوم المحرمات والعبادة والفن. فبينما كانت الحيوانات تحقق صعودًا فى سلم التطور، نجد الإنسان يكبّل نفسه بالتزامات أخلاقية تجعله يتعثر. فهل هذا يعنى تقدم الحيوان وتخلف الإنسان ..!؟

وثمة مفهوم آخر عرض له بيجوفيتش، وهو مفهوم المساواة، حيثما يرى أن هذا المفهوم لا يمكن أن يتحقق في الإطار المادي. فلو نظرنا إلى البشر ورصدناهم بطريقة علمية مادية لوجدنا التفاوت بينهم في الصفات، فهذا بدين وذاك نحيفٌ، وهذا ذكى وذاك غبى، وهذا جمجمته كبيرة وذاك جمجمته صغيرة، وهذا أبيض وذاك أسود، وهذا أصفر وذاك أحمر. وبناء على هذا الاختلاف يمكن أن نختار فنقرر ألا يبقى إلا الأذكياء، أما الأغبياء فلنتخلص منهم، بمعنى أن عملية الرصد أو عملية الحكم العلمية المادية لا تنطوي على فكرة المساواة على الإطلاق.

ويبيّن على عزت بيجوفيتش أن ثمة علاقة بين فكرة المساواة بين الناس وفكرة الخلود. ومن ثم نجد أن “أخلاقيات الأديان السماوية وحدها تسلّم بجلاء لا لبس فيه بمساواة جميع البشر باعتبارهم مخلوقات الله. أما النظم الدينية والأخلاقية التي لا تعترف بالخلود أو لديها فكرة مشوشة عنه، فهي لا تعترف بالتالي بهذه المساواة. فإذا لم يكن الله موجودًا، فإن الناس بجلاء وبلا أمل غير متساويين”.
الفن والدين

وفى محاولته تقويض النظرية المادية الداروينية يشير على عزت بيجوفيتش إلى الفن باعتباره تعبيرًا عن ثنائية الإنسان (أىباعتباره كائنا طبيعيًا/ ماديًا، قادرًا فى الوقت نفسه على تجاوز الطبيعة/المادة). ولتوضيح وجهة نظره هذه يؤكد أن الفن (شأنه شأن الأخلاق والدين وكل الظواهر الروحية) يتجاوز الرؤية المادية، ولذا لا يمكن تفسيره تفسيرًا ماديا. فالعلم (الذى يدور فى الإطار المادى) يعطينا صورة دقيقة عن العالم، ولكنها صورة خالية من “الحياة” ومن الروح، مما يجعل الإنسان خلوًا من الإنسانية، فالهيكل العظمى للإنسان، مهما كانت دقته وفائدته، ليس هو الإنسان الفرد فى نبله وخسته، وفى عظمته وضعفه. إن العلم فى علاقته بالإنسان ممكن فقط، إذا كان الإنسان حقا جزءًا من العالم أو نتاجا له. على عكس ذلك نجد الفن، فاللوحة الفنية لا تُحلّل إلى كمية الألوان المستخدمة فيها، والمسجد لا يمكن أن يُرد إلى عدد الأحجار والأعمدة الخشبية المكونة له. “الفن ممكن فقط إذا كان الإنسان مختلفًا عن الطبيعة، إذا كان غريبا فيها، إذا كان هوية متميزة”.

ثم ينتقل على عزت بيجوفيتش إلى ظاهرة إنسانية مميزة أخرى وهى رغبة الإنسان فى تجميل نفسه، فيميز بين هذه الرغبة الجمالية وحاجته (المادية) لتغطية جسمه وحمايته .. “هذه الحقيقة يمكن تتبعها من عصور ما قبل التاريخ حتى اليوم.
الإسلام والثنائية التكاملية
يرى على عزت بيجوفيتش أن هناك ثلاث وجهات نظر عن العالم

1- الرؤية المادية التي ترى العالم باعتباره مادة محضًة، وهى فلسفة تنكر التطلعات الروحية للإنسان. والاشتراكية مثل جيد على هذه الفلسفة، فهي تقدم خلاصا خارجيا فقط (من خلال الاستهلاك وتحسين مستوى الدخل أو تغيير البيئة الاجتماعية … إلخ).

2- الرؤية الدينية المجردة (أو الروحية الخالصة)، و هي رؤية للدينباعتباره تجربة روحية فردية خاصة لا تذهب أبعد من العلاقة الشخصية بالله، وهذه الرؤية تنكر الاحتياجات المادية للإنسان. والمسيحية مثل جيد على هذه الرؤية، فهى تقدم خلاصًا داخليا فحسب.

إن أي حل يغلّب جانبًا من طبيعة الإنسان على حساب الجانب الآخر من شأنه أن يعوق القوى الإنسانية أو يؤدى إلى الصراع الداخلي. فالحياة، كما يقول على عزت بيجوفيتش، “مزدوجة، وقد أصبح من المستحيل عمليًا أن يحيا الإنسان حياة واحدة منذ اللحظة التى توقف فيها أن يكون نباتا أو حيوانًا.

3- ثمة رؤية ثالثه تعترف بالثنائية الإنسانية، وتحاول تجاوزها عن طريق توحيد الروح والمادة، وهذه هى الرؤية الإسلامية. إن الإسلام يخاطب كل ما في الإنسان ويتقبله. ويرى على عزت بيجوفيتش أن الإسلام وُجد قبل الإنسان، وهو -كما قرر القرآن بوضوح- المبدأ الذي خُلق الإنسان بمقتضاه، ومن ثم نجد انسجاما وتطابقا فطريا بين الإنسان والإسلام. “الإنسان هو وحدة الروح والجسد، [وكذا] الإسلام .. [فهو أيضًا] وحدة بين الاتجاه الروحي والنظام الاجتماعي، وكما أن الجسم في الصلاة يمكن أن يخضع لحركة الروح، فإن النظام الاجتماعي يمكن بدوره أن يخدم المُثل العليا للدين والأخلاق”.

إن الإسلام انطلاقا من إدراك ثنائية الإنسان “لا يتعسف بتنمية خصال لا جذور لها في طبيعة الإنسان. إنه لا يحاول أن يجعل منا ملائكة؛ لأن هذا مستحيل. بل يميل إلى جعل الإنسان إنسانا. في الإسلام قدر من الزهد، ولكنه لم يحاول به أن يدمر الحياة أو الصحة أو الأفكار أو حب الاجتماع بالآخرين، أو الرغبة في السعادة والمتعة. هذا القدر من الزهد أريد به تحقيق التوازن في غرائزنا، أو توفير نوع من التوازن بين الجسد والروح. إن القرآن يتناول الغرائز متفهما لا متهما، ولحكمة ما سجدت الملائكة للإنسان. ألا يشير هذا السجود إلى معنى تفوق ما هو إنساني على ما هو ملائكي؟”.

هذه الثنائية هي سبب سوء فهم العقل الغربي لهذا الدين، وهو سوء فهم لا يزال مستمرًا إلى هذا اليوم. “فمن جانب الدين [الروحي المجرد] اتُهم الإسلام بأنه أكثر لُصوقًا بالطبيعة والواقع مما يجب، وأنه متكيف مع الحياة الدنيا. واتهم من جانب العلم أنه ينطوي على عناصر دينية وغيبيه. وفى الحقيقة هناك إسلام واحد وحسب، ولكن شأنه شأن الإنسان له روح وجسم. فزعم التعارض فيه يتوقف على اختلاف وجهة النظر. فالماديون لا يرون فى الإسلام إلا أنه دين وغيب، أى اتجاه ،”يمينى”. بينما يراه المسيحيون فقط حركة اجتماعية سياسية، أى اتجاه “يسارى”! وفى واقع الأمر، ليس الإسلام هذا ولا ذاك، وإنما هو يجمع بينهما فى كلّ واحد متكامل متوازن.
تجلّيات الثنائية الإسلامية

تظهر الثنائية الإسلامية التفاعلية أو التكاملية فى الرؤية الإسلامية لمفهوم الأمة. فالإسلام -كما يقول على عزت بيجوفيتش- ليس مجرد أمّة بالمعنى البيولوجى أو الإثنيّ أو العرقى، وليس حتى جماعة دينية بالمعنى الروحى الخالص للكلمة، وإنما هو “دعوة لأمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أى تؤدى رسالة أخلاقية”. انطلاقًا من ذلك يؤكد على عزت بيجوفيتش أنه لا يمكن إغفال المكوّن السياسى للإسلام وقصره على النزعة التصوفية الدينية، لأن فى هذا “تكريسا صامتا للتبعية والعبودية”. ولا يمكن كذلك إغفال المكون الدينى (الروحى) فى الإسلام؛ لأن فى هذا كذلك رفضًا صامتًا للقيام بالأعباء الأخلاقية. إن الإسلام الحقيقى ليس مجرد دين روحى أو طريقة حياة فقط، بل هو منهج ومبدأ لتنظيم الكون أكثر منه حلا جاهزًا، إنه المركب الذى يؤلف بين المبادئ المتعارضة. إن الإسلام ليس دينا ودولة كما يقول البعض (الذين وقعوا صرعى التعريفات العلمانية الغربية، والتى تعطى مركزية هائلة للدولة)، بل هو دين ودنيا يتوجه للجانبين الروحى والمادى فى الإنسان.

ويشير على عزت بيجوفيتش إلى أن الثنائية التكاملية الإسلامية تتبدى فى أن للإسلام مصدرين أساسيين: هما القرآن والسنة النبوية، فهما يمثلان كلا من الإلهام والخبرة، الخلود والزمن، التفكير والممارسة، الفكرة والحياة. ثم يضيف إلى النظام الثنائى حالة كل من مكة وغار حراء. فقد كانا يمثلان عند لحظة ظهور الإسلام التضاد بين الواقعى والعالم الباطنى، بين الفاعلية والتأمل. وقد تطور الإسلام على مرحلتين، الأولى فى مكة والثانية فى المدينة.. فترتين سُجل اختلافهما فى الروح والمعنى فى كل ما كُتب عن تاريخ الإسلام. هنا تصادف التضاد نفسه أو “التناقض الظاهرى” فى إطار الإيمان والسياسة.. مجتمع الإيمان ومجتمع المصالح”.

ثم يحاول أن يوضح رؤيته للثنائية الإسلامية من خلال عقد مقارنة بين الإسلام والمسيحية كنظرية (وليس كتطبيق) باعتبارها دينا روحيا محضا. وهى مقارنة تنطوى على احترام للعقيدة المسيحية، ولا تشكل هجومًا عليها بمقدار أنها محاولة لتوضيح سمات الإسلام الأساسية.

فيقارن بين قاموس المفردات المستخدمة فى الأناجيل وتلك التى وردت فى القران، قيستخلص أن الأناجيل أكثر لصوقا بعالم الروح، بينما فى القرآن، نجد المصطلحات نفسها مُصاغة على صورة هذا العالم وقد اكتسبت واقعية وتحديدًا.

ثم يعقد مقارنة بين المسجد والكنيسة، ويخلص إلى نفس النتائج، “فالمسجد مكان للناس، أما الكنيسة فهى “معبد الرب”. فى المسجد يسود جو من العقلانية، وفى الكنيسة جو من الصوفية. المسجد بؤرة نشاط دائم وقريب من السوق فى قلب المناطق المعمورة بالسكان، أما الكنيسة فتبدو أقل التحاما ببيئتها. يميل التصميم المعمارى للكنيسة إلى الصمت والظلام والارتفاع، إشارة إلى “عالم آخر”. “عندما يدخل الناس كاتدرائية قوطية يتركون خارجهما كل اهتمام بالدنيا كأنهم داخلون إلى “عالم آخر”. أما المسجد، فمن المفروض أن يناقش الناس فيه بعد انتهائهم من الصلاة هموم دنياهم”.

وقد نتج عن هذا الاتجاه ظاهرة لا تُعرف إلا فى إطار الثقافة الإسلامية وهى ما يمكن أن يطلق عليه “المسجدْرسة”، وهو بناء فريد يجمع بين وظيفتى المسجد والمدرسة معا.. هذا البناء المتميز هو المعادل المعمارى لتلك المسلَّمة الإسلامية لوحدة الدين والعلم أو الروح والمادة.

ويتضح الاختلاف أيضا فى المقارنة التى يعقدها على عزت بيجوفيتش بين مبدأ العصمة البابوية من جهة، ومبدأ الإجماع الإسلامى من جهة أخرى. فالأول ينطلق من مبدأ واحدى نخبوى، والثانى ينطلق من رؤية مركبة تجمع بين نقيضين. فمبدأ العصمة يعطى فردًا واحدًا حقا مطلقا فى تقرير ما هو الخطأ وما هو الصواب، أما فكرة الإجماع عند الإمام الشافعي مثلا فتعنى اتفاق جميع الآراء، وعند الطبرى والرازى: اتفاق أغلب علماء الفقه، أى أن الإسلام يجمع بين مبدأ الصفوة ومبدأ العدد معا. فى الإجماع هناك الصفوة النوعية (الأرستقراطية)، كما أن هناك الجانب العددي (الديمقراطي).(*)

ويتضح الاختلاف بين الإسلام والديانات الروحية المجردة فى هذه المقارنة التى يعقدها على عزت بيجوفيتش بين ما جاء فى الإنجيل وفى القرآن بخصوص العمل وفكرة العدالة.

وتتبدى الثنائية الإسلامية فى اهتمام الإسلام بكل من القراءة والكتابة باعتبارهما أقوى محرك للمجتمعات الإنسانية. فلا “غرابة أن يعنى بهما الوحى، فكانت أول ما نزل على محمد (صلى الله عليه وسلم) من آيات القرآن.(*) وقد تبدو الكتابة غريبة عن الدين (الروحى المجرد). فقد بقيت الأناجيل تقليدًا شفهيا لفترة طويلة من الزمن. وعلى قدر علمنا، بدأت كتابتها بعد جيل كامل من رفع عيسى (عليه السلام). وعلى عكس ذلك، اعتاد محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يملى آيات القرآن على كُتّاب الوحي فور نزولها.

وتظهر الثنائية فى أن القرآن لا يحوى “حقائق علميه جاهزة، ولكنه يتضمن موقفا علميا جوهريا.. اهتماما بالعالم الخارجى، وهو أمر غير مألوف فى الأديان. يشير القرآن إلى حقائق كثيرة فى الطبيعة ويدعو الإنسان للتفاعل معها. الأمر بالعلم (بالقراءة) لا يبدو هنا متعارضا مع فكرة الألوهية، بل إنه قد صدر باسم الله: “اقرأ بسم ربك الذى خلق”. الإنسان (بمقتضى هذا الأمر) لا يلاحظ ويبحث ويفهم “طبيعة خلقت نفسها”، ولكن الكون الذى أبدعه الله. ولذلك فإن الملاحظة ليست بلا هدف، أو لا مبالية، أو خالية من الشوق، وإنما هى مزيج من العلم وحب الاستطلاع والإعجاب الدينى. وكثير من أوصاف الطبيعة فى القرآن على درجة عالية من الشاعرية” .
الثنائية ومفهوم التقدم

انطلاقا من إدراكه لثنائية الإنسان (المادة والروح) يقدم على عزت بيجوفيتش الرؤية الإسلامية للتاريخ. فيبدأ بنقد مفهوم التقدم المادى الذى يهيمن على الحضارة العلمانية الحديثة، فهذا التقدم لا يؤدى إلى سمو الإنسان، إذ هو منفصل تماما عن القيمة. إن كل تقدم بيولوجى أو تقنى فى الإطار المادى الداروينى المنفصل عن القيمة يؤدى إلى أن الأقوى يقهر الأضعف، بل ويحطمه.

فى مقابل ذلك يطرح على عزت بيجوفيتش رؤية مختلفة. فالحياة -فى تصوّره- نتيجة التفاعل المتبادل بين عاملين مستقلين هما: الأساس المادى والتأثير الخلاق لعامل الوعى الإنسانى، متمثلا فى الشخصيات القوية والأفكار الكبرى والمُثل العليا. فالوضع التاريخى فى أية لحظة من الزمن هو نتيجة التفاعل بين هذين العاملين المستقلين بصفة أساسية، ولذا فالتأثير الإنسانى على مجرى التاريخ يتوقف على قوة الإرادة والوعى. وكلما عظمت القوة الروحية للمشارك فى الأحداث التاريخية كلما عظم استقلاله عن القوانين الخارجية، والعكس صحيح. والتاريخ قصة متصلة من مجموعات صغيرة من أناس تميزوا بالحسم والشجاعة والذكاء، تركوا طابعا لا يمحى فى مجرى أحداث التاريخ وتمكنوا من تغيير مساره. “إن قوة الظروف الموضوعية تتزايد بالنسبة ذاتها التى يتناقص فيها العامل الفردى .. فكلما أصبح هذا (العامل الفردى) خاملا غير فعال، نقص قدره من الإنسانية وزاد نصيبه من الشيئية. إننا نملك القوة على الطبيعة وعلى التاريخ إذا كانت لدينا القوة على أنفسنا. هذا هو موقف الإسلام من التاريخ”.

ولذا فهدف التاريخ ليس هو التقدم المادى وإنما أمر مختلف تماما. فالهدف هو خلق إنسان متسقة روحه وبدنه، فى مجتمع تحافظ قوانينه ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية على هذا الاتساق ولا تنتهكه (ومن ثم؛ فهذا هو أيضا المفهوم الإسلامي للتقدم).

إن الإسلام بهذا المعنى هو البحث الدائم عبر التاريخ عن حالة التوازن الجوانى والبرانى. هذا هو هدف الإسلام اليوم، وهو واجبه التاريخي المقدّر له في المستقبل. ولذا فعلى عزت بيجوفيتش يرى أن وحدة الإسلام قد انشطرت “على يد أناس قصروا الإسلام على جانبه الديني المجرد، فأهدروا وحدته، وهى خاصيته التي يتفرّد بها عن سائر الأديان. لقد اختزلوا الإسلام إلى دين مجرد أو إلى صوفية (فتدهورت أحوال المسلمين). ذلك لأن المسلمين عندما يضعف نشاطهم وعندما يهملون “دورهم فى هذا العالم” يتوقفون عن التفاعل معه، وتصبح الدولة الإسلامية كأية دولة أخرى، ويصبح تأثير الجانب الديني في الإسلام كتأثير أي دين آخر، وتصبح الدولة قوة لا تخدم إلا نفسها. فى حين يبدأ الدين (الخامل) يجر المجتمع نحو السلبية والتخلف، ويشكّل الملوك والأمراء والعلماء الملحدون، ورجال الكهنوت وفرق الدراويش والصوفية، والشعراء السكارى.. يشكلون جميعا الوجه الخارجي للانشطار الداخلي (الذي أصاب الإسلام). وهنا نعود إلى المعادلة المسيحية. “أعط ما لقيصر لقيصر، وما لله لله”. إن الفلسفة الصوفية (المنكفئة على الأمور الروحية البحتة) والمذاهب الباطنية تمثل -على وجه اليقين- نمطًا من أكثر الأنماط انحرافا.

وتتبدى الثنائية في بنية القرآن نفسه، الذي يرى البعض أنه “من الناحية الموضوعية لا يتبع نظاما محددًا، ويبدو وكأنه مركب من عناصر متناثرة. ولكن، لابد أن يكون مفهوما بادئ ذي بدء، أن القرآن ليس كتابا أدبيا، وإنما هو منهج حياة. والإسلام نفسه طريقة حياة أكثر من كونه طريقة في التفكير. إن التعليق الوحيد الأصيل على القرآن هو القول بأنه “حياة”، وكما نعلم كانت هذه الحياة في نموذجها المجسد هي حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). إن الإسلام في صيغته المكتوبة (أعنى القرآن) قد يبدو بغير نظام في ظاهره، ولكنه في حياة محمد (صلى الله عليه وسلم) قد برهن على أنه وحدة طبيعية: من الحب والقوة، المتسامي والواقعي، الروحي والبشرى. هذا المركب المتفجر حيوية من الدين والسياسة يبث قوة هائلة فى حياة الشعوب التي احتضنت الإسلام. إن الإسلام يتطابق في لحظة واحدة مع جوهر الحياة”.
الثنائية وأركان الإسلام الخمسة

يرى على عزت بيجوفيتش أن من المستحيل تطبيق الإسلام انطلاقا من مستوى واحدى، فثنائية المادى والروحى تقع فى صميمه. فالصلاة -وهى نشاط روحى- لا يمكن أداؤها أداءً صحيحاً إلا من خلال إجراءات علمية “بضبط الوقت والاتجاه فى المكان، فالمسلمون مع انتشارهم على سطح الكرة الأرضية عليهم أن يتوجهوا جميعا فى الصلاة نحو الكعبة مكيفين أوضاعهم فى المكان (على اختلاف مواقعهم). وتحديد مواقيت الصلاة تحكمه حقائق علم الفلك. ولابد من تحديد هذه المواقيت للصلوات الخمس) تحديدًا دقيقا خلال أيام السنة كلها. ويقتضى هذا تحديد موقع الأرض فى مدارها الفلكى حول الشمس”. ولا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للزكاة التى تحتاج إلى إحصاء ودليل وحساب. والحج الذى يتطلب الإلمام بكثير من الحقائق التى يتطلبها المسافر إلى مسافات بعيدة. ولعله بسبب هذه الثنائية تطورت جميع الميادين العلمية فى القرن الأول الإسلامى إذ إنها بدأت بمحاولات إقامة الفرائض الإسلامية.

وتتبدى الثنائية فى أهم فعل إسلامى وهو عملية النطق بالشهادتين الذى يعلن به الشخص اعتناقه للإسلام. فالنطق لابد وأن يؤدى أمام الشهود؛ لأن الشخص الذى يعتنق الإسلام -رجلا كان أو امرأة- ينضم إلى جماعة لها جوانبها الاجتماعية والاقتصادية، وهو الأمر الذى تترتب عليه التزامات قانونية، وليس فقط التزامات أخلاقية. فالإنسان الذى يلحق بدين روحى مجرد لا يستلزم وجود شهود ولا يتطلب الإعلان حيث إن هذه علاقة بين الإنسان وربه. فمجرد عقد النية أو اتخاذ قرار باطنى كاف تماما بهذا الخصوص. ولكن الإسلام ليس دينا مجردًا، ولذا يصبح الشهود ويصبح الإعلان أمرًا لازما”.

والصلاة هى الأخرى تبدٍّ للثائية الإسلامية. فالصلاة تؤكد الجانب الروحى. هذا حقيقى، ولكن الصلاة فى الإسلام، تشمل أيضا العناصر المادية (الطبيعية). ومن هذه الناحية تنتمى الصلاة إلى عالمنا الذى يحدده الزمان والمكان. هذا الجانب من الصلاة (سمِّه إن شئت الجانب الدنيوى، أو العلمى، أو الطبيعى) يزكى بقوة صفة أخرى، هى الصفة الاجتماعية. فالصلاة ليست مجرد اجتماع الناس لأداء الصلاة فى جماعة، ولكنها أيضا مناسبة لتنمية العلاقات الشخصية المباشرة، وبهذا الاعتبار، تكون الصلاة ضد الفردية والسلبية والانعزال. فإذا كانت الحياة تفرق الناس، فإن المسجد يجمعهم ويربط بينهم”.

ثم ينتقل على عزت بيجوفيتش إلى الزكاة ليكتشف النمط نفسه، فيشير إلى أن الزكاة في المرحلة المكية كانت تمنح للفقراء على سبيل التطوع (صدقات). ولكن عندما تأسس مجتمع المدينة -وهى اللحظة التاريخية التى تحولت فيها الجماعة الروحية إلى “دولة”- بدأ محمد (صلى الله عليه وسلم) يطرح الزكاة باعتبارها التزاما قانونيا (فريضة شرعية)، أى ضريبة يدفعها الأغنياء للفقراء. وهى، على حد علمنا، أول ضريبة من نوعها فى التاريخ. كأن الإسلام قد أنشأ الزكاة عندما أضاف عنصر الإلزام القانونى إلى المؤسسة المسيحية للصدقة”. واستخدام على عزت بيجوفيتش النموذج المركب يمكنه من ربط الصلاة بالزكاة، حيث يشير إلى أن المنطق الذى “حول الصلاة التأملية المجردة إلى صلاة “إسلامية”، هو نفسه الذى جعل من الصدقة التطوعية زكاة واجبة، والنتيجة النهائية أنه حول الدين الروحى المجرد إلى إسلام”، أى إلى دين ودنيا..

ولكن هل الزكاة مجرد ضريبة برانية لمساعدة الفقراء مثل الضرائب التي تفرضها الدولة العلمانية الحديثة؟ يجيب على عزت بيجوفيتش عن هذا السؤال بالنفي. فالزكاة تحوى العنصرين: البرانى والجوانى، المادي والروحي .. “فالفقر ليس قضية اجتماعية بحتة. فسببه ليس فى العوز فقط، وإنما أيضا فى الشر الذى تنطوى عليه النفوس البشرية. فالحرمان هو الجانب الخارجي للفقر، أما جانبه الباطني فهو الإثم (أو الجشع)، وإلا فكيف نفسر وجود الفقر في المجتمعات الثرية”.

ولذا.. “لا يُعالج الفقر بنقل ملكية بعض السلع، وإنما أيضا من خلال التضامن الشخصي، والقصد، والشعور الودّي. فلا شيء يمكن إنجازه على الوجه الصحيح بمجرد تغيير ملكيه سلع العالم طالما بقيت في النفوس الكراهية والاستغلال والاستعباد. وهذا هو السبب في إخفاق الثورات الدينية المسيحية، والثورات الاشتراكية جميعا”. لأن نصيب كل حل اجتماعي لم يتضمن حلا إنسانيا كان هو الإخفاق في تحقيق أحلامه في العدالة والحرية.

ثم يشير على عزت بيجوفيتش إلى ظاهرة فريدة في العالم الإسلامي، وهى ظاهرة الأوقاف، التي يصفها بأنها ثورة هادئة حدثت نتيجة لإصرار التعاليم الإسلامية على العطاء.. “فلا تكاد توجد دولة إسلامية واحدة ليست فيها ممتلكات كبيرة مخصصة للأوقاف وخدمة الخير العام. ولم يُذكر الوقف في القرآن، ولكنه لم يظهر في المجتمعات الإسلامية بمحض الصدفة، إنما كان ظهوره نتيجة لسيادة روح التضامن، ولتأثير وظيفة الزكاة التعليمي في المجتمعات المسلمة.

سنجد الثنائية نفسها في الصوم .. “فقد اعتبر المسلمون الصوم خلال شهر رمضان مظهرًا لروح الجماعة. ولذلك فإنهم حساسون لأي انتهاك علني لهذا الواجب. فالصيام ليس مجرد مسألة إيمان.. ليس مجرد مسألة شخصية تخص الفرد وحده، وإنما هو التزام اجتماعي. هذا التفسير للصيام كشعيرة دينية غير مفهوم عند الأديان الأخرى. إن الصيام الإسلامي وحدة تجمع بين التنسك والسعادة، بل والمتعة كذلك في حالات معينة.. إنه أكثر الوسائل التعليمية طبيعية وقوة. فالصوم يُمارس في قصور الملوك وفى أكواخ الفلاحين على السواء.. في بيت الفيلسوف وفى بيت العامل”..

ثم يأتي على عزت بيجوفيتش للركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج (إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة)، حيث يذهب إلى أنه لا يمكن فهمه إلا في إطار نموذج مركب، فهو شعيرة دينية وتجربة روحية، ولكنه أيضا تجمّع سياسي، ومعرض تجارى، ومؤتمر عام للأمة.

ويجب التنبيه على أن هذه الثنائية ليسلت ازدواجية.. “فالإسلام ليس وسطا حسابيا بسيطا، ولا قاسما مشتركا بين تعاليم هاتين العقيدتين. فالصلاة والزكاة والوضوء كينونات لا تقبل التجزئة، لأنها تعبير عن شعور فطرى بسيط، إنها يقين مُعبّر عنه بكلمة واحدة وبصورة واحدة فقط، ولكنها مع ذلك تظل -منطقيًا- تمثل دلالة ازدواجية. والتماثل هنا مع الإنسان واضح، فالإنسان هو مقياسها ومفسرها”.
خاتمة

يرى علي عزت بيجوفيتش أن هناك ظروفاً أساسية في حياة الإنسان يطلق عليها “الأوضاع الحدية” [وهى الأوضاع التي يوجد فيها الإنسان اضطرارًا]. من المؤكد أن واجب الإنسان هو أن يبذل جهده لتحسين كل شيء في هذا العالم بما في مقدوره. ومع ذلك، فسيظل هناك أطفال يموتون بطريقة مأساوية حتى في أكثر المجتمعات كمالاً. والإنسان على أحسن الفروض قد يستطيع أن يقلل من كم المعاناة في هذا العالم، ومع ذلك سيبقى الظلم والألم مستمرين”. العالم ليس يوتوبيا تكنولوجية، يمكن فهم كل شيء فيها، والتحكم في كل المخلوقات التي تسير فيها، إذ سيظل هناك المجهول وغير المتوقع.. سيظل هناك الخير والشر.

ماذا يفعل الإنسان في مواجهة ذلك ؟ هناك إجابتان مختلفتان عن السؤال نفسه، الأولى هى التمرد والتحريف والانحراف والعدمية. ولكن هناك أيضا التسليم لله، والاعتراف بالقدر، أى الاعتراف بالحياة على ما هي عليه، وقرار واع بالتحمل والصمود والتجمّل بالصبر. والتسليم لله هو ضوء يانع يخترق التشاؤم ويتجاوزه .. إنه قوة جديدة، وطمأنينة جديدة. الشعور بالأمن لا يمكن تعويضه بأي شيء آخر. ولا يعنى التسليم لله السلبية في موقف الإنسان، كما يظن كثير من الناس خاطئين. إن طاعة الله تستبعد خضوع البشر للبشر. إنها صلة جديدة بين الإنسان وبين الله، ومن ثم بين الإنسان وأخيه الإنسان.

ويخلص على عزت بيجوفيتش من كل هذا إلى “أن الإسلام لم يأخذ اسمه من قوانينه ولا نظامه ولا محرماته، ولا من جهود النفس والبدن التى يطالب الإنسان بها.. وإنما من شىء يشمل هذا كله ويسمو عليه: من لحظة فارقة تنقدح فيها شرارة وعى باطنى.. من قوة النفس فى مواجهة محن الزمان .. من التهيؤ لاحتمال كل ما يأتي به الوجود من أحداث.. من حقيقة التسليم لله. إنه استسلام لله.. والاسم. إسلام”.

والله أعلم.

(*) يشير بيجوفيتش بهذا إلى مسألة تحقق الإجماع، وفيه رأيان مشهوران: الأول أنه لا يكون إلا باتفاق المجتهدين كلهم، فلو اتفق أكثرهم فلا يكون إجماعا ولا حجه. والثانى: أنه ينعقد باتفاق الأكثر من أهل الاجتهاد، إذا كان المخالف نادرًا كالواحد والاثنين، لأن رأى الأمة يطلق ويراد به الكثرة منها، فتكون العصمة من الخطأ فى رأى الكثرة، ولأن العبرة بالغالب فى سائر الأمور الفقهية. وفى المسألة تفصيلات أخرى فى كتب أصول الفقه.

(*) يشير بيجوفيتش بهذا إلى سورة العلق -وهى أول ما نزل من القرآن- الذى فيه الأمر بالقراءة مرتين، كما أن فيه التنويه بنعمة تعليم الإنسان الكتابة بالقلم: “اقرأ بسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذى علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم”.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإسلام بين الشرق والغرب بيجوفيتش pdf



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب الأربعون الاقتصادية "صور من السبق الاقتصادي في الإسلام" درر العلم كتب الإقتصاد 3 September 1, 2011 10:52 AM
كتاب "المعاملات" من "القواعد النورانية" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى درر العلم كتب الإقتصاد 2 September 1, 2011 10:48 AM
مقتطفات من كتاب "حديث الى الامهات" لمؤلفه الدكتور سبوك ترجمة منير عامر فائزعبدالكريم امومة و طفولة 2 February 1, 2010 06:59 PM
لطفاً .. كتاب "الشيخ والبحر" ترجمة منير البعلبكي zayer9 أرشيف طلبات الكتب 2 September 2, 2008 08:10 PM


الساعة الآن 09:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر