فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم May 21, 2012, 08:35 PM
 
الايــــــــــــام دولــــــــ

الايــــــــــــام دولــــــــ

هذه قصة واقعية من ايامنا هذه ترسلها زوجة الى جريدة الاهرام ونشرها محرر" بريد الجمعة " عبد الوهاب مطاوع في مقالة تحت عنوان :
الضوء الاخير
تقول هذه الزوجة : دفعني للكتابة اليك بيتاً الشعر اللذان قراتهما في ردك على احدى الرسائل ويقولان :

انما الدنيا هبات ......وعوار مستردة
شدة بعد رخاء ..... ورخاء بعد شدة
عوار : جمع عارية وهي الشيء المستعار

فاردت ان اروي لك قصتي عسى ان تكون عبرة لغيري فأنا زوجة وام لفتاة بالسنة النهائية باحدى الكليات النظرية
ولي ابن شاب متزوج ولديه طفلان وزوجي ضابط عسكري بالمعاش ونعيش في احد احياء القاهرة
ومنذ ان بدأت حياتي مع زوجي ونحن نعيش حياة رغدة وقد استعنت طوال حياتي الزوجية على تربية اولادي بمربيات عدة
لا اتذكر عددهن من كثرتهن ولاعجب في ذلك فقد كانت كل واحدة منهن لا تمكث عندي اكثر من شهرين
ثم تفر من قسوة زوجي العدواني بطبعه والذي لا اعرف هل اكتسب عدوانيته هذه خلال رحلة حياته ؟
ام انها وراثية فيه فقد كان يتفنن في تعذيب اي مربية تعمل عندنا ولا انكر اني شاركته في بعض الاحيان جريمته .


ومنذ خمسة عشر عاماً وابنتي في السابعة من عمرها وابني في المرحلة الاعدادية
جاءنا مزارع من معارف زوجي ومن ابناء بلدته يصطحب معه ابنته الطفلة ذات الاعوام التسعة
فاستقبله زوجي بكبرياء وترفع وقال المزارع البسيط : انه اتى بابنته لتعمل عندنا مقابل عشرين جنيهاً في الشهر ووافقنا وترك المزارع المكافح طفلته الشقراء فانخرطت الطفلة في البكاء وهي تمسك بجلباب ابيها وتستحلفه ان لا يتاخر عن زيارتها وألا ينسى ان يسلم لها على امها واخوتها
وانصرف الرجل دامع العينين وهو يعدها بما طلبت وبدأت الطفلة حياتها الجديدة معنا
فكانت تستيقظ في الصباح الباكر قبل ان يستيقظ طفلاي لتساعدني في اعداد طعام الافطار لهما
ثم تحمل الحقائب المدرسية وتنزل بها الى الشارع وتظل واقفة مع ابنتي وابني حتى يحملهما اتوبيس المدرسة
وتعود للشقة فتتناول طعام افطارها وكان غالباً من الفول بدون زيت وخبز على وشك التعفن
وفي بعض الاحيان قد نجود عليها بقليل من العسل الاسوداو الجبن ثم تبدأ في ممارسة اعمال البيت من تنظيف وشراء الخضر والمسح وتلبية النداءات حتى منتصف الليل
فتسقط على الارض كالقتيلة وتستغرق في النوم وعند اي هفوة او نسيان او تأجيل اداء عمل مطلوب ينهال عليها زوجي ضرباً بقسوة شديدة فتتحمل الضرب باكية صابرة ورغم ذلك فقد كانت طفلة في منهى الامانة والنظافة والاخلاص لمخدوميها تفرح بابسط الاشياء وتغني غناءً خافتاً يعبر عن شوقها لبلدها وامها واخوتها وهي تغسل الاطباق.

ورغم اعترافي باني كنت شريكة لزوجي في قسوته على الخادمات وتفننه في تعذيبهن حتى انه كان احياناً يختلق الاسباب لضرب اي خادمة تعمل عندنا الا انه كانت تاخذني الشفقة في بعض الاحيان بهذه الفتاة ,
لطيبتها وانكسارها واخلاصها فأناشد زوجي الا يضربها واقول له : انها قد كبرت وتعودت على طباعنا وتحملتنا كثيراً
فلا داعي للاستمرار في ضربها فكان يقول لي مقهقها ً : انه لولم يضربها فانها ستطلب منه ان يضربها لأنها تعودت عليه وان هذا الصنف من الناس لا تجدي معه المعاملة الطيبة واستمرت الفتاة تتحمل العذاب في صمت وصبر
واتذكر هذه الطفلة التي تماثل ابنائي في العمر تنظف وتغسل دون شفقة وبعد ان تنتهي من اعمالها الشاقة ترتدي فستاناً قديماً لكنه نظيف لأنها كانت تحرص على نظافة ملابسها البسيطة ,
اما ابوها فلم تره تلك الطفلة الا مرات معدودة بعد عملها عندنا فقد انقطع عن زيارتها بعد شهور وبدأ يرسل احد اقاربه لاستلام اجرتها الشهرية كما لم تر امها واخوتها الا في ثلاث مناسبات محددة
الاولى حين مات شقيقها الاكبر في حادث عند عودته من الاردن وكانت الفتاة المحرومة تعلق املا كبيرا على عودته وتحلم بان ينتشلها من العذاب الذي تعانيه عندنا فاذا به يلقى مصرعه وتفقد اخر امل لها فبكته بحرقة وسراً حتى لايراها زوجي فتلقى عقاباً على يديه


والمرة الثانية لم تكن تعطفا منا عليها وانما كانت تخلصا منها في الحقيقة فقد كانت مريضة بمرض معدٍ وخشينا على طفلينا من انتقال العدوى اليهما فابعدناها الى بلدتها بحجة ان ترى امها واخوتها .

وكانت المرة الثالثة عند وفاة ابيها بعد ان دخلت مرحلة الصبا واستقر الحزن والانكسار في قلبها .
وارجو ان تصدقني يا سيدي اذ ليس لدى مايبرر ان ادعي شيئاً غير صادق وانا كتبت لك بارادتي اذا قلت اني ابكي الان كما تذكرت قسوة عقابنا لها اذا اخطأت اي خطأ كان لا بد ان تخطئ كأي طفلة وكأي انسان فقد كان زوجي يصعقها بسلك الكهرباء !!
وكثيرا ما حرمناها من وجبة العشاء في ليالي البرد القاسية فباتت على الطوى جائعة ولا اتذكر انها نامت ليلة لمدة سنوات طويلة دون ان تبكي .


وسوف تتسائل ولماذا تحملت كل هذا العذاب ولم تهرب بجلدها من جحيمكم ؟
واجيبك بان الفتاة حين قاربت سن الشباب خرجت ذات يوم لشراء الخضراوات ولم تعد
فسأل زوجي البواب عنها وعرف انها كانت تتحدث لفترات طويلة مع شاب يعمل لدى جزار بنفس الشارع وانه من المحتمل ان تكون قد اتفقت معه على ان يتزوجها وينتشلها من هذه الحياة فلم يمض اسبوع حتى كان نفوذ زوجي قد تكفل
باحضارها من مخبئها واستقبلناها عند عودتها استقبالا حافلا بكل انواع العذاب , فقام زوجي بصعقها بالكهرباء وتطوع ابني بركلها بعنف بينما بكت ابنتي وهي تقول لأبيها : حرام يا بابا حرام ... حرام .

ففقد سيطرته على نفسه واستدار اليها وضربها هي ايضا وكانت المرة الاولى في حياتها التي يضربها فيها ابوها !!
وعادت الفتاة لحياتها الشقية معنا واستسلمت لمصيرها , واستمر الوضع كما كان عليه تخطئ
او تؤجل عمل شيء بعض الوقت فيضربها زوجي ضرباً مبرحاً ونخرج في الاجازات الى منطقة الاهرامات لنستمتع بشيء من اللحم ,
ونترك لها بقايا طعام الاسبوع لتأكله ... الخ

ثم شيئاً فشيئاً بدأنا نلاحظ عليها ان الاكواب والاطباق تسقط من يديها و وانها وانها تتعثر كثيرا في مشيتها ,
فعرضناها على الطبيب فأكد لنا ان نظرها قد ضعف جداً وانه ينسحب تدريجياً ,
وانها لا ترى حالياً ما تحت قدميها اي انها اصبحت شبه كفيفة ورغم ذلك فلم نرحمها
وظلت تقوم بكل اعمال نظافة المسكن وتخرج لشراء الخضر كما كانت تفعل بل وكثيرا ما صفعتها اذا عادت من السوق بخضراوات ليست طازجة
وكثيرا ما كانت تفعل لضعف بصرها الشديد فاشفقت عليها زوجة البواب فكانت تجلسها في مدخل العمارة وتذهب هي لشراء الخضراوات لها حتى تنقذها من الاهانة والضرب واستمر الحال هكذا لفترة من الزمن ثم خرجت الفتاة ذات يوم من البيت بعد ان اصبحت كفيفة تقريبا ولم تعد اليه مرة اخرى

ولم نهتم بالبحث عنها هذه المرة .
ومضت السنوات فأحيل زوجي للتقاعد وفقد المنصب والنفوذ واستقبل حياة الفراغ أسوأ استقبال فتضاعفت عصبيته وثوراته وانفلاتاته
الى حد غير محتمل ومع ذلك فقد تحملته بسبب عشرة السنين .
وتخرج ابني في الجامعة وعمل ثم اراد ان يخطب احدى زميلاته فخطبناها له وهي فتاة رائعة الجمال وتزوجها وسعدنا بها واكتملت سعادتنا
حين عرفنا انها حامل . ثم جاءت اللحظة السعيدة ووضعت مولودها فاذا بنا نكتشف لصدمتنا القاسية انه كفيف لا يبصر
وتحولت الفرحة الى سحابة كثيفة من الحزن القاتم وبدأنا الرحلة الطويلة مع الاطباء بلا فائدة واستسلم ابني وزوجته للامر
وانطفأ الامل في قلبيهما وادخلنا حفيدنا الموعود بالعناء حضانة للمكفوفين وقررت زوجة ابني الا تحمل مرة اخرى خوفا
من تكرار الكارثة . لكن الاطباء طمأنوها الى ان هذا مستحيل لانه لا توجد صلة قرابة بينها وبين زوجها تؤكد العوامل الوراثية وشجعوها
على الحمل وانجاب طفل اخر يعيد البسمة الى حياتها وزوجها وشجعناه نحن ايضا على ذلك على امل ان يرزق ابننا بطفل طبيعي يخفف من حزنه وصدمته في طفله الاول
وحملت زوجة ابني وانجبت طفلة جميلة شقراء انزلت الى الحياة فتوقفت قلوبنا حتى زفّ الطبيب البشرى بانها ترى وتبصر كالاطفال
العاديين وسعدنا بها سعادة مضاعفة وانهالت عليها وعلى شقيقها اللعب والملابس والهدايا
وبعد سبعة شهور لاحظنا عليها ان نظرها مركز في اتجاه واحد لا تحيد عنه
فعرضناها على اخصائي عيون للاطمئنان على سلامة عينها فاذا به يصدمنا بحقيقة اشد هولاً وهي انها لا ترى الا مجرد بصيص من الضوء
وانها معرضة ايضاً لفقد بصرها ولا حول ولا قوة الا بالله
ورأى زوجي ذلك فاصيب بحالة نفسية فسدت معها ايامه وكره كل شيء
ثم تطورت حالته حتى نصحنا الطبيب بادخاله مصحة نفسية لعلاجه من الاكتئاب وانقبض قلبي واحسست بهموم الدنيا تطأ صدري بقسوة
وفي ضيقي واحزاني تذكرت فجأة الفتاة الكسيرة التي هربت من جحيمنا كفيفة بعد ان امضت معنا عشر سنوات ذاقت خلالها اهوال الصعق
بالكهرباء والضرب والهوان والحرمان وسألت نفسي في جزع هل هذا عقاب السماء ( كثيرا ما يتكلم النصارى والجهلة بمثل هذه الالفاظ امر السماء ارادة السماء عقاب السماء فينبغي على المسلم ان ينسب تدابير الكون الى الله سبحانه فيقول : قدر الله وامر الله وعقاب الله والله اعلم ) لنا على ما فعلنا بها ؟؟؟

واصبحت صورة هذه الفتاة اليتيمة التي اهملنا علاجها وتسببنا في كف بصرها تطاردني في وحدتي
وتعلق املي في عفو ربي عما جنينا في ان اجد هذه الفتاة واكفر عما فعلنا بها ورحت اسأل الجميع حتى دلنا احد الجيران الى مكانها
وعلمنا انها تعمل خادمة باحد المساجد

فذهبت اليها واحضرتها لتعيش معي ما بقى لي من ايامي ورغم كل قسوة الذكريات فقد فرحت بسؤالي عنها وسعيي اليها لاعادتها
وحفظت العشرة التي لم نحفظها
وعادت معي تتحسس الطريق وانا امسك بيدها وفرحت بسماع صوت ابنتي الشابة التي طالما احبتها هذه الفتاة الطيبة في طفولتها وصباها وبسماع صوت ابني الذي
عرف الهم طريقه الى قلبه واستقرت الفتاة معنا واصبحت ارعاها بل واخدمها هي وحفيديّ الكفيفين
واملي دعائي لربي ان يغفر لي ما كان وان اقول لمن نضبت الرحمة ( قال رسول الله : لا تنزع الرحمة الا من شقي ) من قلوبهم ان الله حي لاينام فلا تقسوا على احد
فسوف يجيء يوم تطلبون فيه الرحمة من ارحم الراحمين وتندمون على ما فعلتم في قوتكم وجبروتكم

هذه هي قصتي يا سيدي التي دفعني بيتا الشعر اللذان قراتهما في ردك لان ارويها لك
وارجو ان يقرأها الجميع ويعتبروا بما فيها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جريدة الاهرام بريد الجمعة ص 16 بتاريخ 15 _ 1_ 1991

المصدر / ساعة وساعة نوادر وعجائب / محمود المصري ابو عمار
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم May 22, 2012, 10:27 PM
 
رد: الايــــــــــــام دولــــــــ

يسلمو ع الطرح الروعة وبانتظار جديدك تقبل مروري
رد مع اقتباس
  #3  
قديم May 22, 2012, 10:48 PM
 
رد: الايــــــــــــام دولــــــــ

يا سبحان الله ... يا سبحان الله
لا يندمون على جرائمهم إلا عندما يبتليهم الله في انفسهم !!!

آلمتني القصة أشد الألم ..
وآأسفاه على الرحمة المفقودة من قلوب الكثير من الناس

لا حول ولا قوة إلا بالله ..

شكرا لك أخي سعد .. دائما أختيارك متميز
يحفظك الله ~~
__________________
مَجَلة الإبْتسامة
لا يُعيدُنا إليكِ في كُلِ مَرة .. سوى الحَنين
لِأيَامٍ حُلوَة مضتْ
وأصَحابٍ ألِفنَاهُم و أحْببنَاهُم ،،
ثُم فارقنَاهُم .. وكُلٌ مضى في سَبِيلهِ
وكَأنَ هذا المَكانْ لم يجمعنا إلا لِيومٍ واحد فقطْ !
ولم يَبقى لنا منهُ سوى ذكرَياتهِ الحُلوَة ،،
ربِ أسْعَدهُم إينَما كانُوا...

* * *
سُبحانكَ اللَهُم وبحَمدِكَ .. أسْتَغْفرُكَ وأتُوبُ إليكْ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع



الساعة الآن 04:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر