فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم June 30, 2019, 12:20 PM
 
Smile أبوحيان التوحيدي.. فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة


أبوحيان التوحيدي.. فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة

كتب : ماهر حسن

أبوحيان التوحيدى واحد من أعلام ومجددى القرن الرابع الهجرى، وهو فيلسوف متصوف، وأديب وعرف بتوصيف «فليسوف الأدباء وأديب الفلاسفة» وشهد له معاصروه بموسوعية ثقافته وروعة صياغته، فضلا عن تنوع القضايا فى مؤلفاته وتصانيفه وكان يتردد على مجالس الفكروالأدب والفلسفة، واتصل بأدباء عصره وعلمائه ومثقفيه واسمه كاملا هو (على بن محمد بن العباس التوحيدى البغدادى، وهو مولود فى بغداد سنة 310 هجرية، واختلف بعض الرواة فى سبب تسميته بالتوحيدى وبعضهم قال لأن أباه كان يبيع نوعا من التمر العراقى ببغداد يطلق عليه «التوحيد»، فيما قال ابن حجر العسقلانى نقلا عن جلال الدين السيوطى إن لقب التوحيدى مرده إلى التوحيد الذى هو جوهر دين الإسلام لأنه معتزلى والمعتزلة يلقبون أنفسهم بـأهل العدل والتوحيد.

فى كتابين من كتب أبو حيان التوحيدى وهما «المقابسات» و«الإمتاع والمؤانسة» نقف على صورة لطبيعة العصر الذى عاش فيه برجالاته وحياته الأدبية والعلمية والاجتماعية لكن التوحيدى نفسه كغيره من رجال تلك الفترة لم يلقَ المكانة التى يستحقها ولا الرعاية التى يحتاجها علمه.
نشأ أبوحيان التوحيدى يتيما فى عائلة فقيرة وعانى الحرمان بعد رحيل والديه ونشأ فى كفالة عمه وقيل إنه كان يقسو عليه كثيرا، فلما صارشابا امتهن حرفة الوراقة، الأمر الذى بث فيه نهم الاطلاع وتحصيل المعرفة فكان على اتصال دائم بثقافة عصره، ومما سبقه من عصور بمجالات الفكروالعلم والأدب، حتى أصبح مثقفا موسوعيا فاتصل بكبار مثقفى عصره البارزين من أمثال ابن العميد والصاحب بن عباد وأبو سعيد السيرافى الذى أخذ عنه النحو والـتصوف، وأبو زكريا يحيا بن عدى المنطقى الذى أخذ عنه الفلسفة، وعلى بن عيسى الرمانى الذى أخذ عنه علم اللغة وعلم الكلام.
ويظل كتاب الإمتاع والمؤانسة واحدامن أشهر مؤلفاته فضلا عن «البصائر والذخائر» وفيه ألوان شتى من المعرفة كذلك، وليس له منهج موضوعى جامع، ولذا جاء جمعا عجيبا لجملة من المعارف والحكم، ففيه مسائل فى اللغة والتصوف والنوادر والتاريخ والشعر والحكمة والفكاهة والمجون وقد جمعه فى خمسة عشر عامًا مما سمع وقرأ، وكتاب «أخلاق الوزيرين»، وقد تعددت أسماء هذا الكتاب فهو «مثالب الوزيرين» و«ذم الوزيرين» و«أخلاق الوزيرين» وقد كتبه إثرخصومة مع الوزيرين ابن العميد والصاحب ابن عباد، وهو تحفة أدبية يهجو فيه الوزيرين ويصف أحوالهما وأخلاقهما، مع التحامل عليهما والغض من شأنها وبخاصة ابن عباد، حتى لقد عد هذا الكتاب أهجى ما أثر من النثر العربى على الإطلاق.
ومن كتب أبى حيان كذلك «الإشارات الإلهية والأنفاس الروحانية» وهو كتاب فى التصوف، ضمنه خلاصة تجاربه الروحية، ويغلب على أسلوبه الرمز والغموض والإشارات والألغاز، وقد وصفه الفليسوف الدكتور عبد الرحمن بدوى بقوله: «إن الكتاب يعبر عن نفس دلفت إلى الإيمان المستسلم بعد أن عانت من تجارب الحياة أهوالًا طوالًا».
غير أن شخصية التوحيدى ظلت مثارا للجدل، وآراء المعاصرين له واللاحقين عليه حتى الآن متراوحة بين مدح وقدح ومما نذكره من وصف تاج الدين السبكى له حيث قال: «شيخ الصوفية وصاحب كتاب البصائر وغيره من المصنفات فى علم التصوف»، كما قال عنه ابن خلكان: «كان فاضلا مصنفا» وقال ابن النجار عنه: «له المصنفات الحسنة كالبصائر وغيرها، وكان فقيرا صابرا متدينا» ووصفه ياقوت الحموى بقوله: «كان مُتَفَنِّنًا فى جميع العلوم من النحو واللغة والشعر والأدب والفقه والكلام، وكان جاحظيًا، يسلُك فى تصانيفه مسلك الجاحظ، ويشتهى أن ينتظم فى سلكه، فهو شيخ فى الصوفية، وفيلسوف الأدباء، وأديب الفلاسفة، ومحقق أهل الكلام، ومتكلم المحققين، وإمام البلغاء فَرْدُ هذه الدنيا الذى لا نظير له ذكاء وفِطنة، وفصاحة ومُكْنة، كثير التحصيل للعلوم فى كل فن، حُفَظَةُ واسع الرواية والدراية».
غير أن التوحيدى لازمه الإحباط واليأس حتى بلغ ذروته، فما كان منه إلا أن أحرق كتبه بعد أن تجاوز التسعين من العمر، حيث رأى أن كتبه لم تنفعه وضن بها على من لا يعرف قدرها، فلم يسلم منها غير ما نقل قبل الإحراق، ومما يذكر أنه حينما لازمه الإحباط لاذ بالتصوف لعله يجد فيه العزاء وينشد فيه السكينة، ولعل السبب وراء إحباطه هذا هو مالاقاه فى حياته من شقاء ومعاناة وإهمال كما كان شديد الاعتداد بالنفس لكنه كان سوداوى المزاج. إلى أن توفى فى شيراز سنة 414 هجرية، ومما يروى عن بعض أصحاب أبى حيان أنه لما حضرته الوفاة كان بين يديه جماعة من الناس فقال بعضهم لبعض: اذكروا الله فإن هذا مقام خوف وكل يسعى لهذه الساعة ثم جعلوا يذكرونه ويعظونه، فرفع أبو حيان رأسه إليهم وقال: «كأنى أقدم على جندى أو شرطى إنما أقدم على رب غفور».

__________________
الحمد لله في السراء والضراء .. الحمد لله في المنع والعطاء .. الحمد لله في اليسر والبلاء


Save
رد مع اقتباس
  #2  
قديم August 3, 2022, 01:10 PM
 
رد: أبوحيان التوحيدي.. فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة

ما زلت أرجع إلى هذه المجلة الرائعة حتى أتذكر كيف كانت وأقرأ من مواضيعها الجيدة والمفيدة
__________________






رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أبو حيان التوحيدي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عبد الرحمن بدوي فيلسوف الأدباء معرفتي شخصيات عربية 0 August 21, 2018 03:57 PM
طلب كتاب (حوار حول حكم الصلاة في مسجد فيه قبر) لأبي ذر التوحيدي غير مسجل طلبات الكتب 0 February 2, 2018 04:21 PM
ابن قتيبة.. أديب الفقهاء ومحدث الأدباء ،، من هو ،، سيرته الذاتيه ،، برهافة حس شخصيات عربية 1 January 19, 2011 03:16 PM
كتاب التفسير التوحيدي. الشيخ حسن الترابي المستشار@1985 أرشيف طلبات الكتب 8 November 30, 2010 07:39 PM
الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي إسماعيل الجوهري كتب الادب العربي و الغربي 2 December 14, 2008 04:00 PM


الساعة الآن 02:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر