ياأيها المترفون كفانا جنون

بسم خالقي ورازقي وحافظي
دنيا تحكُهما الأغنياء , يديرون دفتها كيفما شاءوا ومتى شاءوا, يختلقُون البدع ويجبرون الفقراء على التمسك بها , والسير على طريق معيشتهم .
بأموالهم يأتون بكل جديد يتمتعون ولا يُبالون , يُشكِلون دنياهم بالترف والبذخ اللامحدود , ينشرون المظاهر في أحياء الفقراء ,
ويعلمون أولادهم ـ الفقراء ـ الإسراف والصرف وركوب الديون , كي يستطيعوا مداراتهم , ويضحكون على من تخلف عنهم في الصعود على متن التطور المبتدع .
فبالأمس كان الزواج مُيسّر للجميع , تكاليفه مبسطة , وأفراحه متواضعة , وعاداته جميلة , يكتفون المهنئون بشرب الماء , ويأكلون ما تيسر .
ذوي الفتاة تشتري الرجل ذو الأخلاق والدين وتغض الطرف عن أشياء كثيرة منها نوعية الوظيفة , ومستوى التعليم , وكمية الرصيد .
هذا كله عندما كانت مسألة الزواج مسألة دينية , قُدسية , علة الخلق . وكذلك عندما كان أكثر البشر من الطبقة المتوسطة .
وأما عند انقلاب الموازين ودخول المال لبيوت الكثير من الناس , تبدلت تلك النظرية عن الزواج فبات الزواج اليوم
للعرض , للمظاهر ,للتباهي للتحدي , للمفاخرة , لمواكبة التطور,وإلى تبذير نهى عنه الخالق , وعادات لا تناسب
مجتمعنا المحافظ , , حضرها المترفون , وطبخها المتوسطون وأكلتها الفقراء .
وبعد أن كانت مراسيم الزواج بالأمس تتم في البيوت اليوم في أرقى الصالات , وأغلى الثياب , وأنفس الإكسسوارات,
وأفخم المطاعم , وأبرع أنامل كوافيرية ,وأشجى الطقاقات .
من يجرؤ اليوم على ترك واحدة من هذه الست التي تقصم ظهر العريس تلوكُه ألسن الناس ويكون عرضة للتندر !!
والبنت أضحت مزاد علني للسفلة من الآباء والإخوان . لذا أُجبِر الفقير على الصبر , والسلف , وبيع الغالي والنفس ,
لأجل إرضاء الناس الذين يعيبون وينتقدون ولا يساعدون .
وأما العادة البغيضة والدخيلة التي أبتدعتها الأغنياء تأسِيا بالغرب (دخول الزوج على زوجته في الصالة أمام جمهرة من النساء والفتيات الكاسيات
العاريات ) يدخل الزوج على زوجته محملا بالورود الحمراء يمشي بخطى وئيدة كالغزال يقترب من فتاة الأحلام ,
يرفعها من على الكوشة يلثمها على جبينها ومن ثم على خديّها المشبع بالأصباغ , يُقدِم لها الورود ,
ويجلسان معا يترقبان الحشود , ويستمعان أجمل الأغاني.ويسترجعان معا شريط الذكريات تارة , وتارة يستقرءان المستقبل ــ هذا الشخص المؤدب .
أما الشخص المنسلخ من الحياء والأدب يزيد على ذلك يرقص معها ويلمها إلى حضنه , ومن ثم يجلسها على فخِذيه غير آبه لنظرات وألسن الحاضرات
( كما فعلها أحد الجيران ) .
ومن يستنكف عن الدخول لصالة الأفراح النسائية من الشباب الملتزم دينيا فإنه متخلف ومعقد وشاذ عن المجتمع ولا يحب زوجته !!

كل ذلك لأن الشعب الخليجي ضعيف الشخصية , يتلون مع تغير البيئة , ويميل مع كل ريح , لاجذور تُثبِته ولاقاعدة تصلبه ولاوازع يردعه ,
فتجتثه الأهواء والمشتهيات بكل ليونة ويسر .
ونخاف من مواجهة أمواج المظاهر والبطر والعادات المستوردة التي تدفعها نحونا أيدي الأغنياء على شواطئنا , ونخشى أن نقف ونصرخ
في وجوههم لا . حرام . تبذير . غش . لى أن ذقنا وبال أمرنا وغرقنا في بحر السلف والديون والتقليد .
قال تعالى ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف )

بالفعل نقشتِ الذهب في متصفحي !!

شاكر لكـ مروركــ وحرووفكــ

لكـ الود والتقدير