فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم March 20, 2011, 09:05 AM
 
Computer د.نبيل فاروق يعترف أخيرا بحقيقة أدهم صبري في كتاب خاص .... اقرأه هنا الآن

هذا الكتاب هو القول الفصل في أمر أدهم صبري ... الكتاب اسمه ( رجل المستحيل وأنا ) ويتكون من تجميعة لأربعة عشر مقالا نشرهم الدكتور من قبل منفصلين .... و...... يبدو أنني أثرثر كثيرا ..... دعونا نبدأ بالكتاب بدون إبطاء .

الفصل الأول


للوهلة الأولى، عندما طلب منى الزميل (إبراهيم عيسى) أن أروي للقراء علاقتي برجل المستحيل، انتابتني حالة من الحرج الشديد، والتردُّد الأشد، والحيرة - ولأوَّل مرة - فى اتخاذ القرار..
فمنذ غادرت عالم الطب، إلى عالم الأدب، اعتدت أن أكتب عن أمور شتى، ليس بينها كتاباتي الشخصية؛ فمن وجهة نظري أنه لا يصح أن يكتب الكاتب عن نفسه، أو عن مؤلفاته وفلسفته..
ولكن ما طلبه مني إبراهيم لم يكن حديثاً عن المؤلفات، وإنما عن الشخصية نفسها..
عن شخصية رجل المستحيل، التى أتشرف بابتكارها وكتابتها، منذ ما يزيد عن عشرين عاماً..
والواقع أن الشخصية قد وُلِدَت فى أعماقى قبل هذا بكثير..
كثير جداً..

فمنذ حداثتي وصباى، كنت مبهوراً كبنى جيلي، بأبطال شتى، من مجتمعات مختلفة وثقافات متباينة، مثل (أرسين لوبين)، و(شيرلوك هولمز)، و(روكامبول)، و(جيمس بوند ) وغيرهم..
كنا مبهورين بأفكار رواياتهم، والإثارة الشديدة فى كل صفحة منها، على الرغم من أنها تتعارض تماماً مع كل القيم والأخلاقيات والمبادئ، التى تربينا عليها، ونشأنا فى كنفها..
ومع سنوات الجامعة الأولى، فى طب طنطا، بدأت الفكرة تلح على ذهنى، فى تواصل غير مسبوق..

لماذا لا تكون لدينا شخصية مماثلة، تحمل كل مميزات تلك الشخصيات الروائية الشهيرة، وكل ما تبهرنا به، من تشويق وإثارة، مع قيم مصرية وعربية أصيلة، تناسب عقيدتنا ومجتمعنا، وبدأت أنقل الفكرة إلى أصدقائى المقربين، فسخر منها معظمهم، فى حين قال أحدهم فى لا مبالاة: "طب ما تكتبها انت.."..

والعجيب أن عبارته لم تدفعنى أبداً لكتابتها، وإنما دفعتنى للتفكير فى الأمر أكثر وأكثر، ورسم الخطوط العريضة للشخصية، وأنا أفكر فيمن يمكن أن يصنع ما أحلم به..
والواقع أنه لم يخطر ببالى لحظة واحدة أيامها، أن يدور الزمن دورته، لتصبح الشخصية التى أحلم بها من ابتكاري أنا، خاصة وأننى قد قمت بمحاولة متواضعة لذلك، في عامي الثالث بكلية الطب، وسافرت إلى القاهرة، وكانت هذه مغامرة كبرى، بالنسبة لطنطاوي مثلي، وزرت مؤسسة صحفية كبرى، وعرضت على أحد المسئولين فيها فكرتي، ولكنه واجهني بأن الفكرة مرفوضة تماماً من أساسها؛ لأن الدراسات النفسية أكدت أن البطولة الفردية غير مقبولة، وذات تأثير ضار على الصغار والشباب..

وغادرت تلك المؤسسة، عائداً إلى طنطا، وأنا أتساءل فى حيرة: لماذا إذن يسمحون لعشرات المترجمات وأفلام السينما العالمية، بتقديم بطولات فردية مثيرة للغاية، مع مبادئ هدامة إلى أقصى حد، وهل البطولة الفردية مقبولة، لو أنها فى سبيل الملكة، ومرفوضة إذا ما كانت فى سبيل مصر؟!..
ومع حالة الإحباط التى أصابتنى، أسقطت الموضوع كله من تفكيرى تماماً، واعتبرتها فكرة فاشلة، لن تتحقق أبداً..

وفى عامى الأخير فى الكلية، وبمصادفة عجيبة، التقيت برجل أمن رفيع المستوى، بهرني بكل ما تحمله الكلمة من معان، وأطلق فى أعمق أعمالى ذلك الزلزال العنيف مرة أخرى..
فالرجل كان صورة لأفضل ما يمكن أن تتخيله فى رجل أمن، مع مهاراته وخبراته، وهدوئه، وتهذيبه الفائق للحد، وتواضعه الجم، الذى جعلني أعتبر مجرد وجوده هو إشارة أمل، ولمحة لا يمكن تجاهلها..
ومع شدة انبهارى به، أطلقت عليه فى أعماقى اسم (رجل المستحيل)..
وتخرجت من كلية الطب، وتباعدت علاقتى برجل الأمن، حتى اقتصرت على اتصالات بعيدة، وخطابات قليلة متفرقة، كنت أرسلها إليه من حضن (أبو دياب شرق)، فى قلب صعيد قنا..
ولأن المناخ هناك هادئ، والصداقات لا تشبع نهمى للثقافة والحديث، بدأت أقرأ فى غزارة، وأكتب فى روية، لتتحوَّل الشخصية، التى لم تفارق عقلى أبداً، إلى خطوط عريضة على الورق..
خطوط استقيت معظمها من ذلك الصديق، الذي كان وما زال يبهرني، والذي أطلقت عليه ذلك اللقب فى أعماقي..

وعندما انتهت فترة تكليفى فى محافظة قنا، كنت قد وضعت الخطوط الأساسية الكاملة لشخصية رجل المستحيل، ولكننى لم أكن قد كتبت قصة واحدة له بعد..
وتسلمت عملى فى قرية تابعة لمدينتي الأم طنطا..
وهنا بدأت مشكلة عجيبة للغاية، ومصرية قلباً وقالباً..

فالقرار الذى جئت به، من قنا إلى الغربية، كان يؤكد انتقالى من الأولى إلى الثانية، ولكن محافظة الغربية لم تكن لديها درجات مالية خالية، فاعتبرت أننى منتدب إليها ولست منقولاً..
ووفقاً للقواعد الروتينية، التى وضعها تحتمس الثالث على الأرجح، رفضت قنا صرف راتبى، باعتبارى منقولاً، ورفضت الغربية صرفه، باعتبارى منتدباً، وحرت أنا بين المحافظتين، دون أن أصرف راتبي لعدة أشهر..

كانت أسرتي يومئذ ميسورة الحال، ووالدي واحد من كبار المحاسبين، في مدينتي طنطا، إلا أن كرامتي لم تسمح لى أبداً بإخباره أنني مفلس، ولا أجد شروى نقير، وإن كنت أجهل ما هو النقير هذا، لذا فقد ملت على صديقي الدكتور محمد حجازي، واستدنت منه جنيهات خمس، كان علىَّ أن أقتصد فى إنفاقها إلى أقصى حد، حتى يأتي الفرج..
ولم أدر لحظتها أن الفرج قريب جداً، وأنه سيكون بداية الطريق إلى الحلم القديم..
حلم رجل المستحيل، و..
للذكريات بقية.
  #2  
قديم March 20, 2011, 09:07 AM
 
Computer الفصل الثاني

الفصل الثاني


لمرة واحدة في حياتي كلها، ابتعت مجلة تحمل اسم (عالم الكتب)، فى صيف 1984م، أثناء ركوبي قطار من قطارات الدرجة الثالثة، فى طريقى إلى قرية (سجين الكوم)، التى افتتحت فيها مع صديقي الدكتور محمد حجازي، عيادة ريفية صغيرة، بأمل الحصول على أي دخل، يكفي لحياة كريمة، بعد أن توقف راتبي تماماً؛ بسبب الخلاف بين قنا والغربية..
وفى القطار، قرأت المجلة، التى حوت مقالاً عن حقوق الملكية الفكرية، وقرأت على غلافها الأخير إعلاناً من المؤسسة العربية الحديثة، يطلب كاتباً لروايات من الخيال العلمى للشباب..
وما أن وصلت إلى العيادة، التي لم تستقبل، فى حياتها كلها، سوى عدد من المرضى، لا يتجاوز أصابع اليدين، حتى أخرجت مجموعة من الأوراق، ورحت أكتب رواية، كنت قد وضعت أسسها الأولى، فى جبال قنا..
واستغرقتني رواية الخيال العلمى، وخاصة مع غياب المرضى، حتى أنهيتها تقريباً، مع موعد القطار التالي، الذي يعود إلى طنطا، ثم ألقيتها فى درج المكتب، ونسيتها تماماً، مع انشغالي بمحاولة تدبير أموري المالية؛ لتوفير كل قرش ممكن، من الجنيهات الخمس، التى استدنتها من صديقي حجازي..
كانت المسابقة تنتهي فى 31 يوليو، عام 1984م، ولقد ظلت الرواية ملقاة فى درج المكتب، حتى فوجئت بالزميل محمد حجازي يعود بها إلى منزلي، ليلة الثامن والعشرين، ليسألني لماذا كتبتها؟!
ورويت له القصة كلها، ثم أخبرته فى نهايتها أن المسابقة وهمية حتماً، وأن الفائز الحقيقى قد تم اختياره بالفعل، كما يحدث فى كل المسابقات المماثلة، ولكنه أبدى إعجابه بالقصة، وطلب منى تقديمها فى المسابقة، إلا أنني، ومع حالة اليأس التى كنت أمر بها، رفضت الفكرة تماماً، وبمنتهى الإصرار..
وتطوَّعاً، قام محمد حجازي بكتابة القصة على الآلة الكاتبة، وصنع منها نسختين، عاد بهما إلى مكتبي، يوم 30 يوليو؛ ليحاول إقناعي مرة أخرى بتقديمها للمسابقة، وأواصل أنا إصرارى على رفض هذا تماماً..
ولحسن تدابير القدر، زارني فى الوقت نفسه زميل آخر، وهو أشرف صبحى، وسمع القصة من حجازي، مع شكواه من إصراري على رفض تقديمها، فقرَّر أن يحملها بنفسه إلى المؤسسة؛ نظراً لسفره إلى القاهرة فى اليوم التالي..
وسافر أشرف بالفعل مع القصة، وأنهى أعماله كلها، ثم حملها إلى الفجالة، حيث العنوان المذكور فى الإعلان، فى السابعة من مساء 31 يوليو 1984م..
وهناك، فوجئ بهم أشرف يغلقون المكتبة، وأصابه الذعر من أن يعود معلناً فشله فى تقديم القصة فى موعدها، فتشبث بالباب، وأصرّ على تسليمها، على الرغم من اعتراض العاملين على هذا..
ولأنه عنيد للغاية، اضطر العاملون إلى الاتصال بصاحب ومدير المؤسسة، الأستاذ حمدى مصطفى؛ لعرض الأمر عليه، فطلب منهم استلام القصة، حتى يتركهم أشرف فى حالهم على الأقل..
وأخبرني أشرف أنه قد سلَّم القصة، ولكنني أيضاً لم أبال، ولم أضع أى أمل على الأمر، وحاولت تجاهله فى أعماقي تماماً..
ولكن فجأة، وفى السابع من أغسطس، فوجئت بخطاب يصلني من المؤسسة؛ للحضور شخصياً، للتعاقد بشأن القصة..
والواقع أنها كانت مفاجأة كبرى بالنسبة لى، رجتني من الأعماق، وجعلتني أفقد توازني لحظات، قبل أن أقرِّر السفر إلى القاهرة، فى أول قطار فى اليوم التالي؛ ليتحوَّل الحلم إلى حقيقة، وأتعاقد على أول قصة في حياتي كلها..
وفى السادسة والنصف، من صباح الثامن من أغسطس، استقليت القطار، بتذكرة عودة يومية فى الدرجة الثالثة، كلفتنى خمسة وأربعين قرشاً كاملة، وأنا أرتدى حلة صيفية أنيقة، وأحمل حقيبة صغيرة فارغة (وما تسألنيش ليه)، وفى جيبى مائة وتسعين قرشاً فقط..
وفى الثامنة بالضبط، وصلت إلى القاهرة، وارتجف جسدي مع مرأى الزحام والغبار، اللذين لم أعتدهما فى بلدتي طنطا، وبدوت كالتائه، وأنا أسأل المارة، وسائقي الأتوبيسات، عن المنطقة الصناعية فى العباسية، حتى أخبرني سائق سيارة تاكسي، أنه يعرف موضعها، وطلب منى جنيهاً كاملاً، ثمناً لتوصيلي إليها..
ودفعت الجنيه صاغراً، وحملنى السائق إلى ميدان العباسية، ثم أنزلني هناك، ليخبرني بكل برود، أنه يجهل أين هى تلك المنطقة الصناعية، ثم انصرف وتركني كالتائه فى الصحراء، وفى جيبي تسعون قرشاً فحسب..
ورحت أسأل هنا وهناك، وكل شخص يرسلني عدة كيلو مترات، تحت شمس أغسطس، حتى وجدت نفسي فى التاسعة إلا خمس دقائق، أمام المطبعة العربية الحديثة، التى تسلمت منها خطاب التعاقد..
وبجسد يغمره العرق، وقدمين متهالكتين، من قطع كيلو مترين كاملين فى العراء، تحت شمس أغسطس، دخلت المطبعة لأوَّل مرة، وسألت عادل عبد الحميد عن الأستاذ حمدي، الذى يحمل الخطاب توقيعه، وكلى أمل فى أن أحصل على مكافأة المسابقة، لتغطية التسعين قرشاً التى تبقت، فى رصيدي كله..
وبمنتهى البساطة، أخبرني عادل أن الأستاذ حمدي غير موجود..
وسقط قلبي في جيبي، مع القروش التسعين، و…

للذكريات بقية..
__________________
  #3  
قديم March 20, 2011, 09:09 AM
 
Computer الفصل الثالث

الفصل الثالث


م تكن صدمتي الحقيقية هي أن الأستاذ (حمدى) غير موجود بالمطبعة، في تلك الساعة المبكرة، ولا أنني لم أحسن اختيار وقت الوصول، ولكن الصدمة الفعلية هى أننى لا أحمل في جيبي سوى تسعين قرشاً، ويفصلني عن المنطقة المأهولة كيلو مترات من العذاب والنار، تحت شمس أغسطس، لذا فما أن أخبرنى الأستاذ عادل عبد الحميد أن الأستاذ غير موجود، حتى قلت فيما بدا أنه حزم، في حين أنه كان في حقيقته تشبث ضائع بآخر فرصة لالتقاط أنفاسي :
"حاستناه"…
ثلاث ساعات كاملة، قضيتها بعدها، في مكتب صغير، مجاور لمكتب الأستاذ، أطالع مجموعة من كتب الدكتور (مصطفى محمود)، ويوالي عادل الاهتمام بي، عبر سيل من أقداح الشاي، فى اهتمام وكرم طبيعيين، ما زلت أحمل جميلهما حتى هذه اللحظة، وأنا أعد الدقائق والثواني، فى انتظار وصول الناشر، الذي بدا لي أشبه بالوصول إلى القمر، لما يعنيه من توقيع عقد، ونقود، وانتقال من إفلاس التسعين قرشاً، إلى ثراء الأفلام العربى القديمة، الذي يأتي بإنهاء مشهد وبدء آخر..
وفى الثانية عشرة تقريباً، وصل الأستاذ حمدي، وتنفست الصعداء، وذهبت لمقابلته، فاستقبلني بمنتهى الحرارة والذوق، وبادرني مؤكداً أن ما كتبته فى روايتي هو بالضبط ما كان يطمح إليه، عندما نشر إعلانه، ثم جلسنا نتحدث عن سلسلة خيال علمى، لم تكن قد حملت أيامها اسماُ واضحاً بعد..
وأعترف هنا أننى لم أتابع نصف الحوار؛ إذ كان ذهنى منشغلاً بالمكافأة، التي سأحصل عليها، لفوزى فى المسابقة، حتى وجدت نفسى أقول، بأسلوب مصرى أصيل، (لنحررة) الأمور: "طيب.. أستأذن أنا بقى.."..
ولكن الأستاذ حمدى طالبني بالجلوس لفترة أخرى، وسألني السؤال الذى كنت أخشاه: "حاجز فى قطر كام؟!.."..
ولأنني أحمل تذكرة درجة ثالثة، وعودة يومية أيضاً، فقد شعرت بالخجل، وأوهمته أننى أحمل تذكرة محترمة (مكيفة)، فى ديزل الثانية، مما جعله يطلب مني الانتظار، ويتطوَّع بإرسال (ويليام) لتوصيلي إلى المحطة، فى الوقت المناسب.. وهنا جلست، ووجدت أنها صفقة رابحة فى كل الأحوال، فحتى لو لم تكن هناك مكافأة، فالعودة بسيارة المؤسسة ستوفر التسعين قرشاً على الأقل..، وتواصل الحديث لنصف ساعة أخرى، قبل أن أدرك أن كل ما نقوله، لا صلة له، من قريب أو بعيد، بالنقود والمصاري أو حتى العملات المعدنية الصغيرة، مما جعلني أقبل الجزء الأصغر من الصفقة، وأنهض محاولاً دفع الأمور إلى النقطة التى أنتظرها، وأنا أستأذن للانصراف؛ بحجة الموعد الوهمى للقطار، متصوَّراً أن هذه المبادرة ستنقلنا حتماً إلى الحديث عن المكافأة، ولكن الأستاذ حمدي صافحني بكل بساطة، وهو يقول مبتسماً: "طيب.. مع السلامة"..
وخرجت من مكتبه، وأنا أدرك لأوَّل مرة ثقل أذيال الخيبة، التى كنت أجرها خلفي فى تلك اللحظات، وأنا أغادر المطبعة، بنفس القروش التسعين، التى دخلتها بها، وإن حافظت على ما تبقى من كرامتي، وأنا أجلس فى سيارة ويليام، الذى تشاغل ببعض الأمور، تاركاً إياي أحاول هضم مرارة الفشل..
ثم فجأة، رأيت الأستاذ (حمدي) يأتى مسرعاً من الداخل، وهو يعتذر لى بشدة، لأن الحديث سرقنا، فلم نوقِّع عقداً، ولم يدفع لي عربوناً، ثم سأل ويليام فى اهتمام، عما إذا كان يحمل نقوداً..
ولأننى لم أكن أعرف أيامها من هو ويليام بالضبط، فقد تصوَّرته مجرد سائق، وتساءلت مستنكراً، عما إذا كان ذلك العربون هو جنيهات خمس، مقابل مواصلاتى، حتى يأخذه من سائقه!!..
ولكن ويليام عاد إلىَّ، حاملاً مظروفاً منتفخاً، والأستاذ (حمدى) يقول فى بساطة مدهشة: "ده عربون مؤقت، والمرة الجاية تمضى العقد، ووصل بالعربون إن شاء الله.."..
وتحسَّست المظروف بكل لهفة الدنيا، وويليام ينطلق بالسيارة، وشعرت برزمة الأوراق المالية داخله، فاطمأن قلبي، وأدركت أنني قد تجاوزت مرحلة الإفلاس، حتى لو كان ما يحويه مجرد جنيهات (فرط)..
استغرق الوصول من العباسية إلى المحطة اثنتى عشرة دقيقة (قارن بين تلك الفترة والآن)، بدت لي أشبه بدهر كامل، وأنا أتحسَّس المظروف كل ثانية، وفضولي يكاد يلتهمنى؛ لمعرفة ما يحويه، حتى أن أول ما فعلته، عندما أنزلني ويليام عند المحطة، هو أن فتحت المظروف، وألقيت نظرة ملهوفة على محتوياته، وخفق قلبى بمنتهى العنف، عندما رأيت اللون الأخضر، لورقة من فئة العشرين في مقدمة الأوراق..
عندئذ فقط، صرخت في أعمق أعماقي.. "ودعتي الفقر يا مرجانة!"، وانتابتني رغبة عارمة، في الانتقام من أيام الفقر والإفلاس السابقة، التي لم يعلم بها سواي، وسوى صديقي محمد حجازي..
وألقيت تذكرة الدرجة الثالثة، فى أول سلة مهملات وأنا أتجه مرفوع الرأس، نحو شبابيك حجز الدرجة الأولى مباشرة..
كان هناك قطار ينطلق إلى (طنطا)، بعد عشر دقائق فحسب، إلا أنه لم تكن به مقاعد خالية، إلا فى عربات الدرجة الثانية فقط، لذا فقد أقدمت على خطوة، لا يمكن أن يتخيلها أحد..
خطوة عجيبة ومضحكة..
للغاية.
__________________
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
د.نبيل فاروق يعترف أخيرا بحقيقة أدهم صبري في كتاب خاص .... اقرأه هنا الآن

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصائد فاروق جويدة - شعر فاروق جويدة - اشعار فاروق جويدة - الاعمال الكاملة Yana تحميل كتب مجانية 5 March 28, 2011 09:58 PM
د . نبيل فاروق .. Sara •• شخصيات عربية 3 March 6, 2011 12:05 AM
قال عنه د/ نبيل فاروق أفضل أديب شاب ::: مجموعة (التوت المحروق)::: رائعة إيهاب رضوان سـمــوري كتب الادب العربي و الغربي 3 December 3, 2010 10:40 AM


الساعة الآن 04:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر