مصابيح العلم على درب الرجال؟!

وعلى درب الرجال تأتي تلك الكوكبة المباركة من مصابيح الدجى من علماء السلف الأجلاء ممن أسهروا ليلهم وأمضوا أعمارهم في حفظ شريعة الله وتعليمها للناس فكانوا مصابيح هداية ومشاعل نور تنير للأمة طريقها فأولئك الذين قال فيهم سيد الرجال صلى الله عليه وسلم: " يرث هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". فمن هؤلاء الأئمة:

* الإمام الزهري زعيم المحدثين:
ربى أجيالاً من أهل الحواضر الإسلامية وجعلهم أئمة في الحديث وما كان ذلك يكفيه بل كان ينزل بالأعراب يعلمهم يحفظ من بقي صحيح العقيدة ويتلطف مع من نجح أهل البدع في حرفه فيرجعه إلى التوحيد وجدد آخرون سيرة الزهري منهم الفقيه الواعظ أحمد الغزالي أخو الإمام صاحب الأحياء فإنه كان يدخل القرى والضياع ويعظ لأهل البوادي تقربا إلى الله.
* معجزة الإسلام محمد بن إسماعيل البخاري:
إنه حافظ الإسلام وحارس سنة خير الأنام صاحب أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى الذي قطع الفيافي والقفار وساح في الأقطار والأمصار حتى يحفظ لأمتنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله دره من إمام لم تعرف الدنيا له نظيرا في علمه وعمله وخدمته لسنة سيد المرسلين.
يقول رحمه الله: لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم من أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر.
وأما مدى الجهد الذي تكبده ليخرج لنا صحيحه المشهور فيحكي لنا عنه قائلاً: ( أخرجت هذا الكتاب – يعني الصحيح – من زهاء ستمائة ألف حديث ويقول أيضا: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين).
* ابن الجوزي شيخ الواعظين:
إنه صاحب مجلس الوعظ الذي تاب فيه الآلاف وأسلم فيه المئات وبكت آلاف العيون من مواعظه الندية ملأ بغداد دعوة إلى الله وحثا عليها واسمع إليه رحمه الله: ( الزاهد في مقام الخفافيش قد دفنوا أنفسهم بالعزلة عن نفع الناس وهي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير من جماعة واتباع جنازة وعيادة مريض إلا أنها حالة الجبناء أما الشجعان فهم يتعلمون ويعلمون وهذه مقامات الأنبياء عليهم السلام).
ثم يقول وهو يحكي لفرسان الدين طرفا من ثمار جهده وبذل وقته في دعوة الناس: ( ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف وأسلم على يدي أكثر من مائتي نفس وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام ورما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصير وزللي.
ولقد جلست يوماً فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إا من قد رق قلبه أو دمعت عينه فقلت لنفسي: كيف بك إن نجوا وهلكت فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي إن قضيت عليَّ بالعذاب غدا فلا تعلمهم بعذابي صيانة لكرمك لا لأجلي لئلا يقولوا عذب من دل عليه).
فرسان النهضة على الدرب:
وها هم علماء هذه الأمة وصناع حضارتها ونهضتها يحجزون لهم مكاناً سامياً في قافلة الرجال الذين أناروا الدنيا بحضارة الإسلام ؛ فانطلوا يفتحون أبواب العلم والحضارة والتقدم حتى ساهموا في نهضة هذه الأمة وصناعة حضارتها التي سادت الدنيا يوما من أقصاها إلى أقصاها.
* فارس الكيماء جابر بن حيان:
وصفه ابن خلدون في مقدمته وهو بصدد الحديث عن علم الكيميا فقال: " إمام المدونين فيها جابر بن حيان حتى إنهم يخصونها به فيسمونها " علم جابر " وله فيها سبعون رسالة ".
يعد مؤسس علم الكيمياء التجريبي فهو أول من استخلص معلوماته الكيمائية من خلال التجارب والاستقراء والمستنتاج العلمي وكان غزير الانتاج والاكتشافات حتى إن الكيمياء اقترنت باسمه فقالوا: كيمياء جابر " والكيمياء لجابر – وكذلك " صنعة جابر " كما أطلق عليه أيضا " شيخ الكيميائيين " " وأبو الكيمياء ".
لقد كانت أعمال جابر القائمة على التجربة المعملية أهم محاولة جادة قامت آنذاك لدراسة الطبيعة دراسة علمية دقيقة فهو أول من بشر بالمنهج التجريبي المخبري وتكاد الإجراءات التي كان يتبعها في أبحاثه تطابق ما يقوم به المشتغلون بالمنهج العلمي اليوم.
فقد كان لجابر بن حيان العديد من المؤلفات العلمية والتي تأثر بها الغرب ونقل عنها حتى قرر ابن النديم أن له 306 كتابا في الكيمياء بأسلوبه الخاص في أنحاء العالم.
ولقد ترجمت كتب جابر بن حيان إلى اللاتينية وظلت المرجع الأوفى للكيمياء زهاء ألف عام وكانت مؤلفاته موضع دراسة مشاهير علماء الغرب أمثال: " كوب وبرثوليه وكراوس وهولميارد الذي أنصفه في القمة وبدد الشكوك التي أثارها حوله العلماء المغرضون.
وأيضا " سارتون " الذي أرخ به حقبة من الزمن في تاريخ الحضارة الإسلامية يقول: ( ما قدر جابر أن الكتب التي ألفها لا يمكن أن تكون من وضع رجل عاش في القرن الثاني للهجرة لكثرتها ووفرة ما بها من معلومات ).
* محمد بن زكريا الرازي..معجزة الطب عبر الأجيال:
لم يكن الرازي طبيب فحسب ولا معلما فقط ولكنه أبدع كذلك في مجالات الأخلاق والقيم والدين كما أبدع ولا شك في ذلك في مجال الإنسانية حتى أصبح علما من أعلام الفضيلة كما كان علما من أعلام الطب ولا شك أن هذا الرجل العظيم من أعظم صور الحضارة الإسلامية.
لقد انتشر في زمان ا لرازي الطب اليوناني والفارسي والهندي والمصري نتيجة اجتهاد العلماء في ترجمة كتب تلك الأمم فقرأها الرازي جميعا لكنه لم يكتف بالقراءة بل سلك مسلكا رائعا من أرقى مسالك العلم وهو الملاحظة والتجربة والاستنتاج.
فالرازي هو أول مبتكر لخيوط الجراحة.
وهو أول من صنع مراهم الزئبق.
وهو أول من فرق بين النزيف الوريدي والنزيف الشرياني ، واستخدم الضغط بالأصابع لإيقاف النزيف الوريدي واستخدم الربط لإيقاف النزيف الشرياني وهذا عين ما يستخدم الآن؟!!
وهو أول من وصف عملية استخراج الماء من العيون.
وهو أول من استخدم الأفيون في علاج حالات السعال الجاف.
وهو أول من أدخل الملينات في علم الصيدلة.
وهو أول من اعتبر الحمى عرضا لا مرضا.
لم يكن الرازي مبدعا في فرع واحد من فروع الطب ؛ بل قدم شرحا مفصلا للأمراض الباطنية والأطفال والنساء والولادة والأمراض التناسلية والعيون والجراحة.. وغير ذلك.
* فرسان اليوم يستلمون الزمام:
ولأن الخير باق في هذه الأمة إلى يوم الدين فقد استمرت قوافل الرجال تتسلم راية الدين حتى يومنا هذا ولا زالت مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم تخرج من صنوف الرجال كل زوج بهيج ، إنهم رجال ونساء وشباب وفتيات وأطفال وبنات يعلنون في وجه العالم أجمع:
هذه الدنيا أصيخي واشهدي === أنا بغير محمد لا نهتدي

__________________
تــســـألـيـنــي
كــيــف تـــعـــشـــق صــامـــتـــاً
فـــالـــحـــب لا يـــحـــلـــو بـــغـــيـــر ســـكـــات.
اذا كـــانــت الـــكـــلـــمـــات تـــحـــســـب الـــهـــوى
فــالـــصـــمـــت يـــخـــلـــق أعـــظـــم
الــكــــلــمـــات
@ksauk

وفقت في الانتقاء يا ولد الشيوخ ..
جميلة هي عبارات انتقائك ..
في انتظار جديدك ..

__________________

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .