فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم December 5, 2007, 07:23 PM
 
Icon11 أرجوا المساعده للاهميه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أحتاج لقصة قصيره تعبر عن غلاء الاسعار السائد في مجتمعاتنا




أرجوكم تساعدوني ابيها ضروري





تحياتي لكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم December 24, 2007, 10:47 PM
msx
 
رد: أرجوا المساعده للاهميه

السلام عليكم @ ahlom@ وجودك شرف لنا اما في الطلب ما اعتقد ان احد يكتب والسبب الكل يعاني من الغلى في بلده ودمتي بخير
رد مع اقتباس
  #3  
قديم December 24, 2007, 11:12 PM
 
رد: أرجوا المساعده للاهميه

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ahlom مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





أحتاج لقصة قصيره تعبر عن غلاء الاسعار السائد في مجتمعاتنا





أرجوكم تساعدوني ابيها ضروري





تحياتي لكم


الاخت ahlom
هذه قصة قصيرة من الأدب الجزائري تعبر عن غلاء الاسعار قراتها في احد المواقع
للكاتب : قادري عبد الخالق (::: .... ArabicStory.net ... :::)

من مواليد 1963 بمسيردة الفواقة ولاية تلمسان الجزائر
مهندس دولة في الهندسة المدنية .
ساكن بمدينة مغنية ، ولاية تلمسان. الجزائر . يكتب القصة القصيرة وقد نشر العديد منها في الصحف الوطنية الجزائرية، أسبوعية المجاهد، يومية صوت الأحرار وجريدة اليوم.


القصة:

القبوح

تقول القلة إن دخان احتراق القمامة العمومية خطر بسبب الكيماويات المسببة للسرطان.. ويقول آخرون، الأشد معارضة، إن الدخان لا علاقة له بأي مرض معللين ذلك بقلة استهلاكنا ونوعية فضلاتنا. يمكن لهم أن يخطئوا كما يخطئ الناس جميعاً.. لكن الرأي الشائع، هو أن الدخان يحوي أحياناً أقوى أنواع السموم على الإطلاق، تلك التي تخنق مرضى الربو، وتجعل لياليهم جحيما. خصوصا في ليالي الصيف القائضة. دخان كثيف، يلهب العيون، يغزو المدينة مساء كلما هبت نسمة شرقية .. لذا، في آخر مداولة للمجلس البلدي تقرر بيع حقوق استغلال القمامة الموسومة ب "قمامة الخنزير" لشركة استثمار أجنبي. لم يكن هذا القرار لضرورة صحية، بل لسد العجز المزمن في عتاد تنظيف المدينة من النفايات المنزلية.

أنا إنسان ضعيف أكسب لقمتي من نفايات الآخرين. ابن المدينة ومن عائلة عريقة. لست نازحا ولا لقيطا. ليس لدي ما أحارب به الشر، ولا أملك الوسائل لتغيير وضعيتي. الزمن صعب. زبال بن زبال. ترعرعت وسط الزبالة ونمى لحمي من جود القمامة. مند نعومة أظافري، أغافل الناس ليلا، وقد هجعوا وناموا، فآتي إلى حاوية القمامة أقتات مع الغربان، الجرذان، القطط، الكلاب الضالة والخنازير البرية. نسيت الذنب الذي ارتكبته، فاجتنبت الكحول والحشيش. شعاري: لن أحترف الشحاذة. وقراري النهائي هو ألا أسافر خارج بلدي، فأنا لا أحسّ حتى بالرغبة في مشاهدة البلاد الأجنبية. باق هنا ملتصق بالأرض كالعلق. مستعص على الهضم كشوك السمك وعظام الرأس. استوطنتني العفونة، واستسلمت لقدمي تقودني حيث تشاء.
نمت في العراء ملتحفا السماء، تعرضت للدغ الحشرات، وتغذيت على أوراق الشجر وحشائش الحقول. لم يتغير نمط حياتي ولم يتزعزع بأي شكل من الأشكال بسبب أو بآخر. لم أكن أنتظر إشارة ما أو بشارة بأن شيئا ما، لا يهم ماذا، قد، أو أنه، سيتغير. كل شيء بالنسبة لي، إما أن النسيان طواه، وإما أن لا عهد لي به. لست باردا، ولم أكن يوما ما قاسيا بعمد. ما أمنحه للعالم ليس سوى التحوط والضغينة. شيئا فشيئا ترسبت بداخلي القناعة، بأن كل أمل قد مات وأن لا فائدة من العناء. لجمت الخيال عن الأحلام، وضعت أمنياتي، أفراحي وذكرياتي في الخل، حتى صار الشيء الوحيد المهم في حياتي هو القمامة. من زمن قديم وأنا أواجه برد الشتاء، وحر الصيف ببدن رهيف، فشعرت أن الحياة طالت ، وأن وحدتي أبدية. لا يهمني أن أتاجر في الخردوات التي ألتقطها من الزبالة، أو أن أبيع الخبيز والهليون البري متجولا في المدينة، ولا يهمني كذلك أن أبيع النبق عند أبواب المدارس. كلّ ذلك لا يهم. القمامة ستضمن لي مستقبلاً سعيداً خالياً من الهموم ولامعاً. فالشيء الذي يؤرقني حقيقة هو البغض الذي أراه في عيون الناس. كم تمنيت أن أدخل المدينة، لا ينظر إليّ أحد، أمر لا يعبأ بي أحد.. هذه المنغصات التافهة لم تكن هي دافعي لتغيير مصيري، ولا تلك الرائحة العفنة التي كنت أحملها معي في حلّي وترحالي. بل كان الأمر بعيداً تماماً عن ذلك. فالصعوبة تكمن في أني عرضة لأن أصبح كتلة متكاملة من الفعالية الفوارة.
أتذكر اليوم الذي نظرت فيه أول مرة إلى القمامة، بدت كبيرة، وواسعة. امتدت نظرتي إلى أبعد ما تستطيع وصوله. كانت تستهويني منذ طفولتي. فيها معاشي، ومهد أسراري الحارقة. تعرفني جيدا، تعرف من اكون، وتعرف مأساتي الطويلة معها. فيها عزائي وسلواي، كم حنت وأشفقت على حالتي الذابلة وكآبتي العميقة، فتمنحني بهجة ولو قصيرة. فيها أرى ما لا يراه غيري، وأحس بما لا يحس به أحد. كنا نتنزه فيها كحديقة، أبي، أمي وأنا.. وعندما نشرع في تمشيط النفايات، بحثا عن كل ما ينفع، كانت أمي تدندن بأغنيات حزينة وهي تنظف الغنائم تحت عشة من كرتون، صنعها أبي لها خصيصا لاتقاء الشمس وبحلقة الرجال. ماتت أمي كان أبي ينزهني بمفردي بعد الدوام المدرسي والعطلات ويقف أمام المظلة يرى أمي وأراها، ويحدثني كثيرا عن القمامة وعن فوائدها. ويقول:
_ هذه القمامة فريدة في بلدي ولا يعرف قيمتها سواي، ثم يطبع قبلة طويلة على خذي، ونشرع في التنقيب.
مات أبي. وكأن الزمن استكثر علي هذه السعادة. أهز رأسي بعنف للتخلص من تلك الصور البالية. الأغبياء هم وحدهم الذين تستغرقهم مشاعر الحنين إلى آبائهم. لم نكن وحدنا، كان هناك خلق كثير، رجال، نساء، وأطفال. يستبشرون خيرا، ويهللون لرؤية شاحنات القمامة قادمة. عندما تفرغ حمولتها. بقضبان معقوفة، ننقض على الكومة، ننكشها ولا ننفض من حولها حتى نسويها بالأرض. المنافسة شرسة. تحدث شجارات من حين إلى آخر، هنا وهناك، على أشياء قد يراها الواحد فيسبق إليها الآخر، لا تنتهي إلا بالدم. البؤساء مساكين، هم وحدهم القادرون على تحطيم بعضهم دون رحمة.
منذ أن تشرق الشمس، وحتى ساعة متأخرة من النهار، تبقى القمامة تمور بالحياة والحركة. بالنسبة للمنخرطين الجدد الذين يزداد عددهم كل يوم وأولئك الذين كان العمر في غروبه.. فإنهم يرتعون في أطرافها ولا يقتربون من الشحنات الجديدة إلا بعد أن ننفض عنها. تورمت عروقهم وتآكلت مفاصلهم المتعبة من جراء سنوات التنقيب وتقوست ظهورهم بسبب انحناءات الخنوع والاختباء. الغانمون يندفعون على عجل، بينما الذين لم يواتيهم الحظ يتمشون على مهل، عسى ان يظفروا، آخر النهار بشيء يسدون به فما جائعا. أما الغاضبون منهم فيضرمون النار في أطرافها ويولون الأدبار. حتى أولئك التعساء جدا، لا يؤمنون إيمانا كاملا بتعاستهم المطلقة، إنهم في حاجة إلى فجوة صغيرة يكون بمقدورهم أن يتنفسوا من خلالها. القمامة كالغابة. القوي يأكل الضعيف والكبير يبتلع الصغير. أتعرض للمضايقات، في عراك دائم مع البشر، الغربان، الجرذان، القطط، الكلاب الضالة، والخنازير البرية. لقمة العيش المعفرة بالدم والعرق لا ترحم!
كان ثمة نوع غريب، متقد، مضطرب، متقلب، متهور من النشاط لذي، حين أمر وسط المدينة. أفقد السيطرة على نفسي، فأطلق العنان لها في غضب متهور. كانت أفعالي غريبة بالنسبة للمارة وعصية على التفسير. ليس من شك طبعاً في أن الأذكياء منهم يكتشفون أسراري ويسبرون أغواري، وبإمكانهم التخلص مني. أتضاءل أمامهم كلما نظرت إليهم بإمعان وتعمد، لأتحداهم بقبح ظاهر حتى وإن رمقوني بنظرات جانبية منبلجة بالاشمئزاز، فلا أجد بدا من ابتكار حماقات في الشارع. حول فمي، باستمرار، ابتسامة غامضة، حمقاء قليلاً. السبابة محشورة في الأنف تقشر مخاطه اليابس. أبحلق في من حولي رافعا حاجبي، ثم أعود للتحديق في الأرض محدثا نفسي بكلمات لا يسمعها غيري. أتمخط شامتا. أتجه صوب كيس القمامة. على مرأى منهم، ألتهم ما أستخرجه، كما يلتهم حيوان بريء فريسته في الغابة. تتقزز قلوبهم، يتجمد اللعاب في حلوقهم، يبصقون، يتقيئون أمعائهم، فأزداد إلا حبورا، وأنفجر بدوري بالسعادة التي يلهثون خلفها. يتمكلني الإعياء فلا أقدر علي شيء سوي أن أتسلل في خلسة ، خلف جذوع الأشجار، وأتوارى باستحياء في الأزقة الضيقة وتحت الجسور. إلا أنه ضرورات أخرى قد حتمت علي أن أتعلم فن الظهور في نفس الوقت في شارعين مختلفين. الضراط وقتما وحيثما أشاء. التبول على الجدران كاشفا عن عورتي أمام النساء. ترويض المواهب الاستراتيجية بالفرار والاختفاء في الأمكنة الأكثر اختباء.
منفصلا تماما عن عالمهم، معزول عمن ينبغي أن أحبهم وعمن ينبغي أن يحبوني. أكياس قمامتهم، صلتي الوحيدة بهم. أبدو مهما فقط، كلما وقعوا في ورطة ما، أو عندما تضيع أشياءهم. يستجيرون بي تحت جنح الظلام، أو خلسة من أعين معارفهم كمن يشتري الممنوعات. يترجونني بكل عبارات الود والامتنان. " الله يحفظك افعل ما بوسعك واعثر عليها". فأحدث نفسي بشيء من الغرور." لقد أصبحت زبالا ً ذا شأن. يتحرك بشكل مدروس. يتكلم قليلاً، ويمارس بصمت." أو يستنجدون بخبراتي في المجاري العفنة، عندما يفيض روثهم، فيسد المراحيض والقنوات.
" الله يسترك. زوجتي تقيأت أمعاءها والتحقت بأهلها؟ انظر كيف تصرف الماء ، سوف نغرق في الوحل. البيت لا يطاق من عبق الروائح النتنة. الجيران بدأوا يتأففون. يا للفضيحة "!.. فلماذا أطيقها أنا؟ ألم نخلق من طينة واحدة؟ أم نسي أن كل تلك النتانة خرجت منه؟

كنت كئيباً، ربما لأنني ولدت في الشتاء. صموتا ربما لأنني مسكين. ميالا إلى الوحدة والانزواء، قد يعود السبب إلى شكلي الدميم. شاردا على المدى الطويل ربما كذلك لأنني كنت بوّالا حتى سن متأخرة و تلقيت صفعاً متواصلاً من المعلم الذي كان يشم سراويلنا. أما وأنهم لا ينظرون إلي إلا شزرا فهذا ما لم أجد له تفسيرا، سوى أنني قبيح! لم أعتبر دمامتي ، ذنبا ارتكبه، ما كنت أظن قبل الآن أن شكل الرجل عيباً يشينه. هكذا أحيا حذراً وخائفاً دوماً. من نفسي أولاً، وممن حولي ثانياً، ومن المرأة والأنوثة ثالثاً. فأنا فقير ويجب أن أعرف حدودي في اعتقادي أن الناس جميعاً يحتقرون الفقير، وخاصة النساء.‏
وليكن، فأنا قبيح. أحبّ القبح .. فيه شيء غريب، دائماً يشدني ويسحرني وعند كل نظرة وعند كل ابتسامة أنسى كل الخطايا.‏ حينما أنظر لأول مرة في وجه قبيح تتغير ملامح وجهي من القلق حتى أني أصير مرتبكا بعض الشيء، ذلك الارتباك الذي يتوارى وراء تعابير الوجه المختلفة. تؤججني نظراته المملوءة بالخجل والسحر والغموض. وشيئا فشيئا يغويني، يحيرني ويغزوني، مثلما يفعل بي شيء قيم يلوح ويختفي وسط كومة القمامة، فتسري فيّ رعشة الاضطراب، تلح علي إلحاحا، وتستحود علي، الرغبة في الوصول إليه بأقصى سرعة لامتلاكه، ثم مسحه من الأوساخ، تقييمه ودسه برفق وقداسة.
كم ألوم أولئك الذين لا يعرفون قيمة القبح المقزز وينفرون منه. خصوصا أولئك الذين يتهافتون على الجمال. تلك التحف المنحوتة من شمع، التي تتطاول إليها الأيدي وتصبوا إليها الأنفس. في الشارع وسط الناس، في كل مكان يحل، تطارده النظرات. تلعق الأعين تموجات جسده، من الجيد إلى الأقدام، متتبعين انحناءات لحمه. فيشرعون أحلامهم في انتظار الموعد العزيز، الموعد الروحي، موعد الاستمناء!
الجمال باهض التكلفة، وعمره قصير كالورود. خصوصا ذلك الجمال الفرعوني الذي عيناه تتألقان بالزهو ويختزن المتع والذكريات لأيام الشيخوخة. تلاطفه يغضب. تضايقه يغضب. تترك له العنان، يتضوع عبيره إلى كل الناس. ترعاه، تسقيه كل صباح، تهب له روحك، وما يفتأ يذبل. أما القبح وديع أمين. كالكلب وفيّ . يمرّ دون أن يجلب الانتباه. حيثما ترميه ينمو. ولو في سبخة يسمق ويعمر. باق مستعص على الذبول . وهل يعرف الشوك الذبول؟ ليس من الضروري أن يكون جميع الناس في هذا العالم جميلين : هذا أمر طبيعي، فالقبيحون أيضا ضروري وجودهم، حتى يفهم الآخرون، كيف أن القبح قاس، فهل في مقدورهم التخلص منه؟".
كان قد أنهكني الترحال، جائبا دروب المدينة، خائضاً غمار القمامات، متكبدا جروحا لن تندمل، معانيا هزائم لا يمكن لأية طغمة إعلامية أن تحولها إلى انتصارات. تحركت في نفسي تلك الرغبة الدفينة في أن أبدو كآدمي وكبقية خلق الله . في هذه الفترة بالذات كان عملي، بين القمامة والسوق قد أخذ ينمو بسرعة، فَرٌحْت أبحث عن ذريعة لاستمرار حياتي التي لا لزوم لها. كنت سأبصق على السوق ومن فيه وألم سلعتي وأذهب، عندما رمقتها تتلصّص، تنهش بعينيها خيالي، تنظر إلي والشهوة تسيل من عينيها. لم أكن أنظر إليها ولكني كنت أراها. أصابتني رعشة لذيذة وبدأت تلك الأمنيات المخللة تتنفس بداخلي. مجبول على الابتسام. في أول الأمر، لم أكن أثير اهتمامها أبدا، عدتني واحدا من حثالة الشارع الذين مصتهم المدينة، حولتهم إلى مدمني كحول وحشاشين ثم صدت عنهم، لا هم لهم في الحياة سوى التطلع إلى أرداف النساء. في أثناء تحول عينيها، أو أثناء ردها على الزبائن يقع بصرها علي.ّ إنها لا تطيل الوقوف عندي. مجرد نظرة عابرة، ثم تشيح بوجهها عني بسرعة. أقتنص هذه اللحظة، لأعبر لها عما يختلج في أعماقي. فقلت لنفسي: قد تساعدني على ترميم حياتي، وتعيد أموري إلى نصابها. إن الشتاء قادم يطرق الأبواب. فلتكن تنوري الذي أصطلي به في أوقاتي الباردة، ومطمورتي التي أردم فيها أسراري .
نتجاور في رواق بائعي الخوردة. نتبادل كلمات عن غلاء المعيشة، ارتفاع الأسعار، وازدياد عدد الأرامل في السوق. بضاعتها المعروضة على قطعة بلاستيك تتمثل في؛ حزمتي مماسك ، مجموعة من الإبر من مختلف الأطوال , علبتي حنة، خمس ربطات صغيرة من الكحل، مرودين، ربطتي عر عار، رطلي غسول بلدي و بلوزة بالية، ذات صدر منقوش بعقيق باهت. نظراتها المتعبة، يجب أن تبعث فيّ إما الحياة أو الموت. كانت تخفي شعرها تحت خمار أسود رخيص، حذاؤها المطاطي يعود إلى تاريخ بعيد، وتتدثر بجلباب مغربي مهترىء عند الرقبة، قد انتشرت عليه بقع من الزيت والأصباغ لا يمكن إزالتها. برغم ذلك فشكلها وحركاتها تشي بأنها تخفي تحت أسمالها لحم طري.. عندما استقر نظرها علي مرة أخرى، رأت عيناي تتفرعان كعيني كلب شارد قد بلغتا فحوى الرسالة.
كيف اطمأن لها قلبي بهذه السرعة؟ لا أدري. المهم أننا تحدثنا طويلا وبدون عقد نقص. كانت الصور والحكايات تتدفق بازدحام وسلاسة عجيبة. أفرغنا جعبتينا عن آخرهما. أكثر فأكثر بدا أن مرحنا مشحون، وفي كل منا تغلي وتفور هواجس وتداعيات، وأن الجلسة ستنفجر في آخر السوق. تجاوبت معي بإعجاب كبير وهي تجيل النظر في أشيائي المعروضة على قطعة بلاستيك أزرق؛ حفنة مسامير، ثلاثة عشر براغي، فردة مقص، قدر ذات يد واحدة و ورضوض من كل جانب، دلو من غير يد، أزميل مدبب، مطواة صدئة، ميكانيزم راديو مسجل، كومة من لوائح الإليكترونية وربطات من أسلاك كهربائية لينة والقاسية. فبادرت بسؤالها. هل طعم اللقمة في أفواهنا كطعمها في أفواه الأغنياء؟ هزت رأسها وقالت:
_ سيان أن تكون مغفلا أو فطنا، كيسا أو سوقيا، متعلما أو جاهلا. المهم كيف تأتي باللقمة إلى فمك. في هذا الزمن الصعب، لا يعيش إلا الظالم أو اللص. إذا أراد الإنسان أن يعيش هنا، عليه أن يتواضع. يقبل قليلاً من الظلم، وحتى الذل والحقرة.
كثيراً فتّشت عن الكلمات، وطويلاً بقيت أحدّق إلى المرأة. كبحت جماح أفكاري، واقتربت منها في خشية. تناهت إلى أنفي رائحتها وهي مقرفصة وسط بضاعتهاً. لم أشعر بإحراج لتلك الرائحة العطنة، رائحة امرأة منهكة تنبعث من تلك الملابس الوسخة. لم يكن لدي أيما إثبات يدل على موهبتي، ولكن عندما أناطت اللثام عن وجهها، أفتر تغرها عن ابتسامة رائقة، ولم يبد أثرا للأسنان. رأيت وجها نحيل انحفرت عليه تجاعيد فقر فضحت سيرة حياتها. لم تخني موهبتي فقد كانت دميمة. الجمال للفقراء نقمة. استبشرت خيرا بمنظرها. حمدت الله وطار قلبي من الفرح. اقتربت منها أكثر. بدا على وجهها الاحمرار وتخثر الدم. تململت وقالت : لا تقترب أكثر.. (دون زواج).
لم تستوعب إغراءاتي، المهم أن حصونها المنيعة استسلمت. خوفا من انقضاء مدة صلاحيتها، ونكاية في العجائز اللائي يبعن سقط المتاع في السوق وينعتنها بالبائرة، بهزة من رأسها وافقتني على الزواج. كم مضى من الوقت. لا أدري. تحدثنا طويلا. لم نبع شيئا. أردت أن أهدي لها تلك البلوزة، كي لا تتهمني بالطمع في مالها. فقالت: صدرها عريض وأنا ليس لي صدر وما علي يكفيني.
جمعنا سلعنا. شحنتها في عربتي. خرجنا من الممر الضيق المزدحم وابتعدنا عن السوق. بكل المودة التي داهمتني على حين غرة. جنبا إلى جنب واضعة يدها على العربة، تتقدمنا مواكب البهجة، كنا نسير في شارع طويل معبدا ونظيفا، تحيط به من الجانبين منازل أنيقة. المحلات التجارية مفتوحة، المقاهي غاصة بالناس وعلى الأرصفة يتدفق الراجلون. تساءلت عما يمكن ان أقوله لها، لان الصمت بينها غدا محرجا. هل أحدثتها عن آخر كتاب قرأته؟ أم أناقشها بإسهاب في القرارات الاقتصادية الجديدة؟. حينما تقترب العربة منهم يفسحون الطريق. إذ علاوة على إشراق المدينة، فإن الناس فيها ودودون وطيبون كما لا يوجد مثلهم في أي مكان آخر. أما القدرة على الكلمة الطيبة والحركة الرقيقة التي بها يداعبون رؤوس كلابهم، فحدث ولا حرج. لم تكن لديّ أدنى فكرة عما يجوز قوله لها وعما لا يجوز. من حين للآخر كان يتناها إلى مسامعنا من الأرصفة وشرفات المقاهي تعليقات ساخرة:
_ الزبلة وجدت أختها!
_ الجميلة تأسر الوحش!
_ القاذورات تعرف بعضها!
أحنيت جذْعي على العربة، ابتسمت نشوانا. توقفت وابتسمت أكثر إذْ تراءى لي ما يوحي بفأل جميل. سرب من طيور البجع يرفرف فوقنا فيحمينا من وهج الشمس! واصلنا المسير، انعطفنا نحو القمة في الطريق الشمالي المُترِب، المُفضي إلى حي " اِبِْني واسكت" المُطمئن خلف جبل سيدي محمد المطلِّ على المدينة. أسكن في هذه الحي الضيق، حيث البيوت واطئة، متلاصقة. بلا فتحات بينها. يستند بعضها على بعض، كأنها لا ترغب في أن يمر أحد بينها، تكاد تشكل بيتا واحدا كبيرا من الصفيح، يبدوا وكأنه زريبة بهائم. على أطراف مجاري المياه الآسنة، أعشاب نبتت وحدها. أطفال كبروا وحدهم. حيوانات كذلك كبرت وحدها. كان الموت يطرق أبواب كثيرة، فيختطف أطفالا صغارا، دون سبب مفهوم. هذه الرقعة المسكونة بالوحشة والفراغ، تصطخبُ بالدسائس، النميمةَ، السحر الذي تمارسه القوادات، الشجارات بالسواطير والسكاكين والزجاجات المكسورة. الدعارة والأجنة الملفوفة في أكياس البلاستيك. خيِّل إليهاّ أنها ارتادت هذا المكان قبل زمن طويل، وأنها تعرفه قبل الآن، وأنه يسكنها منذ الأزل. عندما وصلنا في النهاية، كان النهار الخريفي المشمس قد شارف على الانتهاء. هيأ كل منا جوارح الحياة. اضطجعنا متعانقين. فجأة حل الموت، الخوف، الجوع، الاستحقاقات، الاتفاقيات، التوقيعات، والصفقات. الصباح لم يطلع بعد. نهضت من السرير. مشيت مترنّماً باتجاه القمامة. رأيتها محوطة بسياجين. بينهما طريق تجوبه سيارات الحراسة وكلاب العسس . وضعوا حاويات لفرز النفايات: البلاستيك، المعادن، الورق، الزجاج ... كل شيء على حدا. تساءلت. هل يريدون قطع رزقنا؟ أم يريدون تجويعنا؟ أنا لن أجوع. أخطف اللقمة من فم الكلب والخنزير ولن أجوع. لم نطالب بمساكن. لم نطالب بالشغل. لم نطالب بحياة أفضل. لم نطالب بقنوات صرف المياه القذرة. لم نقم بأية مظاهرة. كنا راضين بقسمتنا. فلماذا يزاحموننا على برازهم؟ ‏ نظرت حولي كانت عيون زملائي منطفئة ومثقلة بالنعاس. قوة عاملة خبيرة ورخيصة، انضمت إلى الشركة. بإشارة من المراقب، رؤوسهم مطأطأة، انطلقوا إلى مناصبهم. في نشاط وهمة، راحوا يفرزون الزبالة. نظرات الحراس الضارية، لم ترعبني. نظر إلي الجوع من قبلهم ولم يقهرني. أعزل إلا من عدة التمشيط. لن أخشاهم ما دامت هي بالقرب مني. النهاية حتمية. لن أصمد كثيرا. لكن لن أفرط في القمامة. وليكن صراعي معهم ببسالة حتى النهاية. لن أستسلم بدون معركة. لم يحزني أني عدت إلى البيت خاوي الوفاض، لكن أفزعتني كلاب الحراسة التي أطلقها علي العسس لتبعدني عن السياج. قفزت من سريري فزعا، مذعورا، متوترا، مثقلا بغيوم اليقظة الصعبة. حينما رأتني هلعا، داهمتني بالسؤال، وقد ساءتها البشاعة الجسدية لمخلوق قض مضجعه ذعر قادم من بلاد الجراد . كان الفجر ينبلج، في الواقع كان الظلام ما يزال مخيما وكانت المدينة برمتها ما تزال مستغرقة في النوم.
انتهت
__________________

أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف
ولكنني أحب الرصيف أكثر

أحب النظافة والاستحمام
والعتبات الصقيلة وورق الجدران
ولكني أحب الوحول أكثر.
(محمد الماغوط)



أنا من حدة العطر اجرح
أنفض ريشي كالطير
اقتبس الصمت اكتبه بدفاتر حبي
أساور ترنيمة أنت علمتني نصفها
يا لئيم فقط نصفها
أتذاهب ما زلت في موضعي
انما لست فيه
وعندك أمسي
وراء المخافر واللوز والياسمين
أفتش عن كلمتين
وأقنع نفسي بجدواهما
قلت : لم تكتمل هذه
غادرت عاقبت نفسي مغادرة
وأردت اكون كأنت
أنت وليس التفاصيل
أنت بدون الحجارة
والباب والغرف الجانبية
فوجئت بالغرف الجانبية
كنت تخون
تخون أصول الخيانة ايضا
وتسحب طاولة اللعب
تسحب من ورقي ودموعي
وتلعب ضدي
قامرت بالذكريات
هدرت دمي في الكؤوس
ووزعته للرفاق
تقربت ؟ لا لم تقترب
كتب البعد في قاف قربك مني
وللقاف نردان ارميهما
والمقادير ترمي
" مظفر النواب "






رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للاهميه, أرجوا, المساعده



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
للاهميه... الشخص الذي يكتب بيده اليسرى.... هـنددد الاسرة والمجتمع 10 January 24, 2010 11:52 PM
أرجوا المساعده ...............!! بنت الأسلام طلبات الاعضاء 2 March 13, 2008 05:34 PM


الساعة الآن 07:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر