فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم December 26, 2013, 08:22 AM
 
حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق

رد مع اقتباس
  #2  
قديم December 26, 2013, 08:22 AM
 
رد: حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق

بسم الله الرحمن الرحيم

كانت الأشياء مسخَّرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النُّبوَّة ، وهو في عمر الخمس عشرة سنة ، كان مسافراً مع أحد أعمامه ، وهو الزُبير بن عبد المطلب :

{ونزلوا في مكان فيه جمل هائج ، ولا يستطيع أحد أن يقف أمامه ، فاضطربوا وخافوا ، ولكن عندما رأى الجمل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إليه ، وسجد أمامه ، فركبه رسول الله حتى تخطُّوا هذه المنطقة وهذا المكان ، ونزل من عليه ، وأكملوا سفرهم

وعند رجوعهم من هذا السفر ، كان يوجد وادي منخفض ، وقد نزل سيلٌ فامتلأ بالماء ، فقالوا : ماذا نفعل ؟ قال لهم : {سِيْرُوا خلفي} فجمَّد الله سبحانه وتعالى له الماء فمشى عليه وساروا جميعاً خلفه صلوات الله وسلامه عليه ، وهذا قبل النبوة - فلما ذهبوا إلى مكة قصُّوا هذه القصة ـ قالوا : إن هذا الغلام سيكون له شأن}[1]


ودليل عناية الله به أنه تجرى له كل فترة عملية غسيل للقلب ، فقد غسل قلبه أربع مرات : مرة وعمره أربع سنوات وهو عند السيدة حليمة ، نزلت لجنة من الملائكة ، وأرقدوه ، وشقوا له صدره من غير مشرط ، وأخرجوا قلبه ، وغسلوه بماء زمزم ، وأخذوا منه قطعه سوداء ، وقالوا هذا حظ الشيطان ، وألقوها بعيداً ، ثم أرجعوه مرة أخرى ، ومروا بأيديهم على صدره ، فعاد كما كان

والمرة الثانية : وعمره عشر سنوات : وكان صلى الله عليه وسلم ماشياً فأخذوه ، وأرقدوه وشقوا صدره ، وقالوا : أخرجوا من قلبه الغل والحقد ، وأدخلوا في قلبه الشفقة والرأفة والرحمة ، فقال فقمت من بينهم وبي شفقة ورحمة لا توصف على جميع خلق الله


والمرَّة الثالثة : عندما نزل عليه الوحي : وكان كلَّما نزل عليه الوحي يخاف ويجرى ؛ ظناً أنه من الجنِّ ، فيجرى ويقول (زملوني ودثروني) وفي ذات مرة رأى سيدنا جبريل فهمَّ بالهروب فوجد سيدنا ميكائيل يسد عليه الطريق فأمسكوا به ، وأرقدوه ، وشقُّوا صدره وغسلوا قلبه بماء زمزم

والمرَّة الرابعة وكلنا نعلمها في ليلة الإسراء والمعراج : وكان هذا بجوار زمزم حيث كان نائماً في حجر إسماعيل فشقوا صدره وأحضروا طستا من الملكوت مليء إيماناً وحكمة ، وشقوا الصدر وغسلوه ، وملئوه إيماناً وحكمة ، وهل الإيمان والحكمة يوضعان في طست ؟ لا ، لأنهم شيء معنوي

فبهذا غسلوه ( أي قلبه ) أربع مرَّات وهو ابن أربع سنوات حتى لا يكون كالصبيان العاديين ، فلا يلهو ولا يلعب ولا يخرج منه كلمة بذيئة ، ولا يصدر منه فعل غير لائق ، ولذلك كانت كل حركاته من مشكاة النُّبوَّة حتى وهو طفل صغير ، ولذلك فقد قال سيدنا أبو بكر له :

{يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ عَاشَرْتُ العَرَبَ جَمِيعَاً ، وَعَاشَرْتُ الفُرْسَ ، وَعَاشَرْتُ الرُّومَ ، وَلَمْ أَرَ مِثْلَ أدَبِكَ وَخُلِقِكَ ، فَمَنْ أدَّبَكَ؟ ، فَقَاَلَ لَهُ : أدَّبَنى رَبِّى فَأحْسَنَ تأديبي}[2]

وعندما أشرف على سن البلوغ ، وكان عنده عشر سنين ، جاءت الطهارة الثانية ، لأن فترة البلوغ كما نعرف فيها فورة الشباب ، فكانت الطهارة هنا تحصيناً كاملاً من ربَّ العالمين سبحانه وتعالى له ، ورزقه الله تعالى بها عصمة الأنبياء

وعندما جاء الوحي كان لابد أن يتأهل ، لأنه سيخاطب الناس ، وقد يؤذونه أو يشتمونه ، أو يضربونه ، أو يسُّبونه ، ولابد أن يسع هذا ، ولا يؤثر فيه ، فكان التأهيل الثالث

وعندما كان سيناجى ملك الملوك ، فذلك يحتاج إلى تأهيل آخر وخاص ، حتى يذهب إلى هذه الحضرة العليِّة ، ويخترق السموات ، ويخترق العرش ، ويخترق الكرسي ، ويذهب إلى قاب قوسين أو أدنى ، فاحتاج إلى تأهيل خاص ، فكان التأهيل الرابع

والإمام مالك رضي الله عنه وأرضاه ، كان يقول : {ما بتَُ ليلة إلا ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام} وهذا كلَّ ليلة

فمن رحمة الله برسول الله أن قلبه الذي ارتضاه ربــــــه ، فيـــــه قـــــــوة ، ونورانيــــــة ، ونقــــــــاء ، وصفاء ، وقد سلم من كل شيء من أمراض الدنيا وعثراتها ، تجرى فيه آيات الرحمن التي نزلت عليه ، لم يخالطها شيء من قوة أخرى ، حيث كان كلام الله هو القوة والحياة ، وقد حفظه الله من الزيغ والنسيان ، وليس للشيطان سلطان عليه ، ومتى جرى قول الله في مكان ، أصبح هذا المكان بعيداً عن الهوى ، وهذا معنى قوله تعالى عنه {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}آل عمران159

وهذا هو المعنى في قوله تعالى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الشورى52


ولقد كان الكتاب والإيمان نوراً في قلبه ، وعلى قلبه ، وكان قلبه نوراً يهدى به الله من يشاء من عباده ، وأرسله جلَّ شأنه لهدى الناس إلى صراط الله المستقيم ، وهذا هو قلبه صلى الله عليه وسلم

يا عباد الله قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخالطه حقد ولا حسد ، فقد عاش هذا القلب بقوة كلام الله الذي أنزل عليه ، وكلام الله غذاء للروح والجسم وحياة الإنسان ، فكان سرُّ شق الصدر وتطهير القلب عناية من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حتى يستطيع تحمَّل الوحي الإلهي

ولذلك عندما كان ينزل عليه الوحي في الليلة الشاتية ، شديدة البرد كان جبينه يتفصَّد عرقاً، أي ينزل العرق منه بكثرة ؛ لأن الوحي له ثقل {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} المزمل5

حتى أنه قيل عندما كان ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب على جمل ، كان الجمل ينيخ برسول الله ، ولا يستطيع القيام ، إلا بعد أن ينتهي الوحي ، فلا يتحرك الجمل طالما الوحي موجوداً ، لماذا ؟ لأن الوحي نفسه كان شديداً وثقيلاً

ولذلك كان عندما يأتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكل من حوله يؤخذ ، ولا يستطيع الكلام ، فكلام الله هذا الذي فيه الأنوار والأسرار كان لابد وأن يكون له تأهيل في قلب النبي المختار صلى الله عليه وسلم ، ولذا قال الله فيه {مَا وَسِعَتْنِي سَمَاوَاتِى وَ لا أَرْضِى ، وَلكِنْ وَسِعَنِى قَلْبُ عَبْدِىَ الْمُؤْمِن}[3]

هذا القلب ، وسع ما لم تسعه السموات ولا الأرض ، فكان كل هذا فترة تأهيل ، فكل الفترة من ساعة الميلاد إلى ساعة نزول الوحي ؛ كانت فترة تأهيل وتدريب وتمحيص لرسول الله صلى الله عليه وسلم


[1] رواه ابن الجوزى في الوفا والحافظ الشامي في سبل الهدى والرشاد
[2] رواه السمعانى في أدب الإملاء عن النواس بن سمعان
[3] أخرجه أحمد في الزهد عن وهب بن منبه


https://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4

منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً



رد مع اقتباس
  #3  
قديم January 13, 2014, 12:20 AM
 
رد: حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق



لكي يظهر لنا بعض فضل رسول الله علينا نذكر في هذا المقام سيدنا إبراهيم عليه السلام
وهو نبي كريم ، وأبو الأنبياء ومع ذلك كان دائماً يدعو الله ويقول في دعائه :
{وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ{87} يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89} الشعراء


أي كل الذي أطلبه منك أن تسترني ، ولا تفضحني في يوم الموقف العظيم ، لأن الفضيحة في هذا اليوم على الملأ
أنت ومن؟ لم يقل إلا أنا وحدي ، ولم يقل حتى أولادي ، أو أنا وأهل بيتي ، بل قال ولا تخزني - أنا وحدي - يوم يبعثون
يوم لا ينفع مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب سليم


أما الحبَيب صلى الله عليه وسلم حتى تعرفوا فضل الله علينا به صلى الله عليه وسلم
فقد قال الله له من أول الأمر وبدون طلب لا تخف على نفسك ولا على من معك {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}

والمؤمنون معه ليسوا الذين في زمنه فقط ، ولكن الذين معه إلى قيام الساعة ،
وكيف حالهم في هذا اليوم؟ قال { نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}التحريم8


نورهم صلى الله عليه وسلم أمامهم ، ونور أعمالهم الصالحة في أيديهم ، فهو أمامهم وهم خلفه
والنور الثاني نور العمل الصالح سيكون في أيديهم ، فمعهم نوران : نور رسول الله
ونور العمل الصالح الذي عملوه لله في هذه الحياة


ويظلون سائرين وهم يطمعون في أكثر من ذلك ، من فضل الله علينا الذي بشرنا به النبي صلى الله عليه وسلم والذي منه :
{أذا كَانَ يَوْمَ القِيَامَة ، تَفْسَحُ الأمَمُ لأمَّتِى ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ تَقَدَمُوا ، فَأنْتُمْ الأخِرُونَ الأوَّلُون}[1]


ثم يتساءلون فيما بينهم أأنبياء هؤلاء؟ لأن الناس لا تفسح إلا للأنبياء ، فالملائكة تأمرهم أن يوسعوا لهذه الأمة
وأمامهم إمامهم صلى الله عليه وسلم ، ونحن خلفه ، والخلائق ينظرون إليهم حتى يصلون إلى العرش
فنحن أول أناس يصلون عند العرش ، لأننا الحاجزون لهذه المقاعد التي في منصة عرش الرحمن ، والتي في ظل العرش
فقد حجزها رسول الله لنا ، ولا يوجد لأحد آخر غيرنا فيها نصيب


فقسم لمن نشئوا في طاعة الله , وقسم لمن يحافظوا على الصلاة في بيت الله , وقسم لمن ينفقوا الصدقات والزكاة في السر
فلا تعلم شمالهم ما أنفقت يمينهم , وقسم لمن خافوا من الله فلو عرض على أحدهم مال أو امرأة ، قال : أنى أخاف الله

فالأقسام كلها ، وتذاكر المقاعد كلها محجوزة لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
والدرجة الأولى الممتازة هناك هي التي تحت العرش ، فلا بد أن تفسح الناس للذين سيجلسون على مقاعد الدرجة الأولى
ويقولون : أأنبياء هؤلاء؟ فيقولون لهم : لا ، ولكنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم


وفور وصولهم هناك ، يكونون أول من يتكلم مع الله ، فيقولون له : نحن لا نريد الذي أعطيته لنا هذا فقط
بل نطمع فيما وعدتنا ، وما هو؟ فيقولون {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} التحريم8


فيتمُّ نوره عليهم ، بأن يكشف لهم سبحانه وتعالى عن بديع وجهه ، فيرون وجه الله سبحانه وتعالى
ومن شاهد وجه الله حرَّمت عليه النار ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أليس المفروض علينا أن نعرفه؟
إذا أرسلك رجلٌ ، لرجل في القاهرة بطلب وأنت لا تعرفه ؛ فتقول له صفه لي ، حتى أذا رأيته أعرفه
ونحن كلنا يوم القيامة محتاجون له ، فلا يوجد أحد منا إلا ويحتاج إلى رسول الله

فالذي نال أعلى الدرجات في الإيمان منَّا ، محتاج إلى رسول الله ، والذي درجاته دون ذلك يحتاج أيضاً لرسول الله
حتى الذي سينزل منَّا في النَّار , وسيأخذ عقابا يحتاج لرسول الله ، لأنه سيخفِّف عنه ، ويرفع عنه العقاب
ويخرجه من هذا السجن فكلنا محتاجون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونريد أن نعرفه


نعرف صفاته ونعرف أوصافه حتى إذا ذهبنا هناك لا نتوه عنه صلوات الله وسلامه عليه
ومن الممكن لو أننا وضعنا هذه الصفات في عقولنا ، وانشغلنا بها بعض الشيء يأتينا في المنام ، ويعرفنا بنفسه
حتى نصبح عارفين له مقدماً ، لأنه يقول {مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ}[2]

متى سنراه؟ هناك يوم القيامة ، أو ساعة خروج الروح
فالناس الممتازون يحضر معهم ليسهل خروج الروح وينهى أوراقهم بسرعة ليطلعوا إلى الجنَّات
فلا سؤال الملكين ، ولا عذاب القبر ، لمن يحضرهم مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن لهم استثناء فوري


[1] رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما
[2] في الصحيحين وأبو داود عن أبي هريرة ، والطبراني عن أبي بكر ، والدرامي عن قتادة على روايات


https://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4

منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً





رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق عبد الحميد بن مختار النصح و التوعيه 0 November 18, 2013 12:23 PM
تحميل كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ألاء ياقوت كتب اسلاميه 0 July 28, 2010 10:26 AM


الساعة الآن 10:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر