فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الموسوعة العلمية > بحوث علمية

بحوث علمية بحوث علمية , مدرسية , مقالات عروض بوربوينت , تحضير ,دروس و ملخصات



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم August 1, 2010, 09:06 PM
 
سماحة المفتي في حوار مع مجلة المعرفة التربوية

حوار
سماحة المفتي في حوار مع المعرفة: دور المناهج التعليمية في غرس مفهوم الرحمة في نفوس الناشئين والطلاب في غاية ال
2010-07-31 19 /8 /1431 أوضح سماحة المفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن دور المناهج التعليمية في غرس مفهوم الرحمة في نفوس الناشئين والطلاب في غاية الأهمية.
وقال سماحته في حديثه للمعرفة إن المناهج التعليمية كلما كانت قريبة من روح الشريعة الإسلامية، وكلما تأسست على أسس التربية الإسلامية التي تجمع بين الحزم والرحمة مع البعد عن العنف والشدة في العملية التربوية والتعليمية، كانت ناجحة ومؤثرة ومثمرة..
وذكر سماحته أن الأخلاق أمر اكتسابي يكتسب بالتربية والتمرن والممارسة- وإن كان بعض الناس يجبلون- على أخلاق معينة، إلا أن الأغلب منهم يكتسب الأخلاق، ومنها خلق الرحمة بالتعلم والتمرن والتدرب العملي، مؤكدًا أهمية المحاضن الأساسية الثلاث للتربية وهي الأسرة والمدرسة والمسجد.
كما تطرق سماحته لبعض القضايا المتعلقة بمفهوم الرحمة في الشريعة الإسلامية..
فإلى الحوار مع سماحته..


ماذا يجب على علمائنا ودعاتنا تجاه إشاعة مفهوم وخُلق «الرحمة» في مجتمعنا..؟
- الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الذين بلغوا رسالة الرحمة والخير والصلاح إلى شعوب العالم الأقربين منهم والأبعدين.. أما بعد:
ففي مستهل هذا الحوار نحب أن نبين أهمية خلق (الرحمة) وعظيم منزلتها في الإسلام.. فنقول:
إن مما يدل على أهمية الرحمة وجليل مكانتها أنها صفة ربنا تبارك وتعالى، فالله هو الرحمن الرحيم، ورحمته وسعت كل شيء، قال تعالى: }ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون{، وقد تجلت رحمته سبحانه في خلقه لهذا الكون، فسبقت رحمته غضبه، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي».
ومما يدل على أهمية الرحمة أنها صفة نبي الله وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، فقد وصفه الله باللين والرحمة فقال: }فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك{، وقال تعالى: }لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم{، وقال تعالى: }ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم{، وقد أرسله الله رحمة للخلق أجمعين، قال تعالى: }وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين{.
فكان صلى الله عليه وسلم من أعظم الناس رحمة ورفقًا بعباد الله، بل وبالحيوان والجماد، وكان أبعد الناس عن الشدة والغلظة والفظاظة، كما هو مسطور ثابت في سيرته العطرة، سواء ذلك في معاملته مع أهله، أو مع أصحابه، أو مع غير المسلمين، بل وحتى في حروبه وغزواته وفي مواقفه مع ألدّ أعدائه من الكفار والمشركين. ولا يخفى ذلك على أحد، ولا ينكره إلا معاند، أو مكابر.
ومما يدل على المنزلة الرفيعة لخلق الرحمة أن دين الإسلام وجميع تشريعاته موصوفة بالرحمة، فليس فيها شيء يوصف بالشدة أو العسر والحرج، يقول ابن القيم رحمه الله: (فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها)، ويقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: (الشريعة كلها مبنية على الرحمة في أصولها وفروعها، وفي الأمر بأداء حقوق الله وحقوق الخلق... وإذا تدبرت ما شرعه في المعاملات والحقوق الزوجية وحقوق الوالدين والقرابة، وجدت ذلك كله خيرًا وبركة... ولقد وسعت هذه الشريعة رحمتُها وعدلها العدو والصديق، ولقد لجأ إلى حصنها الحصين كل موفق رشيد).
فلا يوصف شيء من أحكام الإسلام وتعاليمه بأن فيه تشددًا أو تعسيرًا أو تضييقًا على الناس، أو فيه ظلمًا، وهضمًا لحقوق أحد... كلا وحاشا، بل إن شريعة الله كلها رحمة ويسر وعدل، قال تعالى: }يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر{، وقال: }وما جعل عليكم في الدين من حرج{، وقال: }إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون{.
وفي ضوء هذا التمهيد الذي ذكرنا يتبين لنا بوضوح الواجب الذي على العلماء والدعاة تجاه نشر خلق (الرحمة) في المجتمع، ويتحقق هذا الواجب بأمرين:
الأمر الأول: دعوة الناس إلى التزام دين الله والاستجابة لأوامره ونواهيه، وتطبيق تعاليمه في حياتهم الفردية والاجتماعية وفي نواحي الحياة كلها، وذلك لأنه كلما ظهرت شعائر الإسلام وتعاليمه في المجتمع، تجلت الرحمة في أبها صورها وأجلى معانيها وأدق مفاهيمها. فهذا هو أول واجب العلماء والدعاة الذين هم دعاة الرحمة الحقيقية في المجتمع.
والأمر الثاني: دعوة الناس إلى إشاعة خلق الرحمة واللين والرفق في تعاملهم وسلوكهم مع الآخرين، ونبذ الشدة والعنف بجميع أنواعه، سواء كان ذلك في الأفعال والتصرفات، أو في الأقوال والمخاطبات، وذلك لأن إشاعة الرحمة بين الناس مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الإسلامية، يقول صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا وبشروا، ولا تنفروا»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».
وقد رغب الإسلام في التخلق بخلق الرحمة، فقال صلى الله عليه وسلم: «الراحمون، يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر الله لكم»، وحث على توخي الرفق واللين في الأمور كلها، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله».
وقد جعل الله الرحمة صفة عظيمة من صفات المؤمنين، يلتزمون بها، ويتواصلون عليها، قال تعالى: }يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين{، وقال تعالى: }محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم{، وقال تعالى: }ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة{، والرحمة والتراحم من أبرز صفات المجتمع المسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى».
والإيمان والرحمة أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله: «أكمل المؤمنين إيمانًا أعظمهم رحمة».


مؤسساتنا التعليمية، هل أنتم راضون عن تعليمها وتربيتها للطلاب والطالبات على مفهوم الرحمة نظريًا وعمليًا..؟
- لا شك أن دور المناهج التعليمية في غرس مفهوم الرحمة في نفوس الناشئة والطلاب في غاية الأهمية، وتلك المناهج كلما كانت قريبة من روح الشريعة الإسلامية، وكلما تأسست على أسس التربية الإسلامية التي تجمع بين الحزم والرحمة مع البعد عن العنف والشدة في العملية التربوية والتعليمية، كانت ناجحة ومؤثرة ومثمرة في سبيل إعداد أجيال يحملون في أنفسهم معاني الرحمة، والرفق، والشفقة، مع اتصافهم بالقوة، والحزم، والجدية، والإيجابية، والبعد عن العنف، والتشدد، والقسوة.
وأرجو أن تكون مناهجنا التعليمية قد وفقت في مهمتها التربوية في ترسيخ تلك المعاني في نفوس الطلاب والطالبات، وتطبيق هذا المفهوم على أرض الواقع التعليمي والتربوي.


كيف نعمل على توظيف مفهوم «الرحمة» في خطابنا الديني والدعوي..؟
- الخطاب الديني والدعوي له جانبان: جانب المحتوى، وجانب الألفاظ.
أما من حيث محتوى هذا الخطاب، فكما بينا في مستهل هذا الحوار أن الدعوة إلى تعاليم الكتاب والسنة، وتطبيقها في مختلف جوانب الحياة الفردية والاجتماعية كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هو تجسيد لمفهوم (الرحمة) بعينها.
وأما من حيث ألفاظ هذا الخطاب ومصطلحاته، فإن الخطاب الديني ينبغي أن يلتزم بالألفاظ والمصطلحات الشرعية، فإن تلك المصطلحات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنتائج وآثار تترتب عليها من الناحية الشرعية، مع الحرص على توخي جانب اللين، والرفق والحكمة في الخطاب، والبعد عن الفظاظة واستعمال الألفاظ النابية، وتوخي حسن الظن بالآخرين، وعدم اتهام النوايا، ودعوة الناس من منطق الشفقة والرحمة بهم، لا من منطق التشفي، والقسوة والترفع عليهم، ومع مراعاة حال المخاطب، والبصيرة بالواقع، ومآلات الأمور، قال تعالى: }ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن{.
إلى جانب الأخذ بجانب التيسير والتبشير، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره قال: «يسروا، ولا تعسروا، وبشروا، ولا تنفروا».
واختيار أيسر الأمرين في الأمور المباحة التي يخير الإنسان في الأخذ بها، ما لم يكن إثمًا ولم يفض إلى إثم، قالت عائشة رضي الله عنها: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه).


ما مدى حرص الشريعة الإسلامية على تضمن «الرحمة» لأحكامها وتوجيهاتها؟
- سبق أن قلنا أن الشريعة الإسلامية وتعاليمها الحنيفة كلها متضمنة (الرحمة) والتيسير ورفع الحرج والعنت عن الناس.
فهذه الشريعة جاءت لتحل للناس الطيبات التي حرمت على الأمم السابقة، ولترفع الإصر والأغلال التي كانت عليهم، قال تعالى: }الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم{.
واتسمت أحكامها باليسر والسماحة والرحمة سواء في جانب العبادات، أو في جانب المعاملات، أو في جانب التعامل والسلوك والأخلاق.
فراعى الإسلام جانب الرحمة والتيسير في باب العبادات، فلم يكلف المسلم إلا بما في وسعه وطاقته، ورفع الحرج والمشقة فيها، فقد خفف الله عن المسافر فأباح له قصر الصلاة، والجمع بين الصلاتين، والفطر في رمضان، كما أباح المسح على الخفين والجبائر، وأباح التيمم عند فقد الماء، وغيرها من الرخص والتخفيفات، قال تعالى في ختام آية الطهارة في سورة المائدة: }ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون{، وقال في ختام آية الصوم: }يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون{.
ونهى الإسلام عن الغلو والتنطع في الدين والعبادة، قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين»، وقال: «إن هذا الدين يسر، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا».
وفي جانب المعاملات، جعل الإسلام الأصل في الأشياء الحل، قال تعالى: }هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا{، وجعل الأصل في العقود الجواز والإباحة، قال تعالى: }وأحل الله البيع وحرم الربا{، وأباح الشروط بين المتعاقدين إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا، وأباح الجهالة اليسيرة والغرر اليسير في المعاملات، لما في تجنبه مشقة على الناس، وجعل الضرورة تبيح المحظورات والمحرمات، وأباح التعامل مع غير المسلمين، وأمر بالسماحة في جميع المعاملات، قال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشترى سمحًا إذا قضى»، وغير ذلك من أوجه التيسير والرحمة بالناس في معاملاتهم وعقودهم.
وفي جانب علاقة المسلم بأخيه المسلم جعل الإسلام من حقوق المسلم على أخيه المسلم: رد السلام، وإجابة الدعوة، والنصيحة، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وكل هذه الحقوق مبنية على الرحمة والشفقة والمودة.
وفي جانب السلوك والأخلاق أمر الإسلام بالرحمة بين الزوجين، والرحمة بالأولاد الصغار، وبالوالدين والإحسان إليهما، وبالأيتام والأرامل، والعجزة من الكبار، وبالمساكين والفقراء، وأمر بصلة الرحم، وأمر بالتخفيف عن المعسر، والرحمة بالجار والإحسان إليه، وتوخي الرفق في الطريق وفي السير، وعدم إيذاء المارة، والرحمة بالخدم والعمال والإحسان إليهم..
ونهى بالمقابل عن جميع خصال الشدة، والعنف، والقسوة، والإيذاء، وعن كل ما فيه ترويع المسلمين وتخويفهم، ونهى عن الظلم، وبخس حقوق الناس، والمماطلة في أدائها، ونهى عن السباب والشتم واللعن والتقبيح، والتهاجر والتقاطع والتباغض.
ثم رحمة الإسلام رحمة شاملة تتسع لجميع المسلمين برهم وفاجرهم، بل تتسع حتى للكفار غير المحاربين، بل الحيوان، فقلب المسلم قلب رحيم، يمتلئ رقة وعطفا، ولايحمل حقدًا وظلمًا، ورحمة العصاة والكفار لا تعني محبة عصيانهم وكفرهم، أو السكوت على باطلهم، ولكن الرحمة بهم تكون في تعاملهم، وفي دعوتهم إلى الحق والحرص على هدايتهم.


الرحمة هل هي بالفطرة، أم أنه يمكن اكتسابها؟
- الرحمة كسائر الأخلاق أمر اكتسابي يكتسب بالتربية والتمرن والممارسة، وإن كان بعض الناس ربما يكون خلق الرحمة فطرة وجبلة فيه، كما قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: «إن فيك خلتين يحبهما الله الحلم والأناة»، قال: يا رسول الله، أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما قال: «بل الله جبلك عليهما»، قال: الحمد لله الذي جبلني خلقين يحبهما الله ورسوله.
ولكن أغلب الناس يكتسب تلك الأخلاق- ومنها الرحمة- بطريقة الاكتساب، يقول صلى الله عليه وسلم عن صفتي العلم والحلم: «إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، من يتحرّ الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه»، ومن هنا جاء الأمر والترغيب في التخلق بخلق الرحمة والاتصاف بها، كما مر معنا في الآيات والأحاديث التي ذكرناها.


من تنزع الرحمة من قلبه، كيف السبيل إلى علاجه؟
- علاج الأخلاق والعادات السيئة، واكتساب الأخلاق الحسنة والعادات الطيبة في الإسلام يكون بأمور:
أولًا: بالترغيب في الخلق الحسن بذكر محاسنه، وفوائده في الدنيا، وذكر ما يترتب عليه من الأجر والثواب في الآخرة، والفوز برضوان الله ورحمته. وقد سبق ذكر جملة من الآيات والأحاديث الواردة في أهمية خلق الرحمة، والترغيب فيها، وما يناله صاحبها من الأجر والثواب، والجزاء الحسن.
ثانيًا: بالترهيب من الخلق الذميم، بذكر مساوئه، وأضراره في الدنيا، وذكر ما يترتب عليه من العقوبة، وغضب الله وسخطه وعذابه في الآخرة. وقد جاء الترهيب من العنف، والشدة، والقسوة في آيات الكتاب الكريم، وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: }فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك{، وقال صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم، ولا يغفر لمن لا يغفر، ولا يعف عمن لا يعف»، وجاء أعرابي عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أتقبلون الصبيان، فما نُقبلهم، فأنكر صلى الله عليه وسلم عليه ذلك العمل، وقال: «أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة».
ثالثًا: بالتربية على الخلق الحسن من الصغر، وجعل قدوة طيبة للطفل يحتذي بها، فينشأ الطفل على هذا الخلق ويصير صفة ملازمة له في الكبر.
وأما بالنسبة للكبار فيكون ذلك بالتمرن والتدرب العملي والتعويد على اكتسابه تدريجيًا، بحيث يكون التخلق به في الابتداء بنوع من الصعوبة والتكلف، إلى أن يصبح خلقًا ثابتًا وقيمة راسخة في النفس.
ومن هنا تأتي الأهمية لدور المحاضن الأساسية الثلاثة للتربية وهي:الأسرة، والمدرسة، والمسجد في غرس معاني الرحمة والشفقة واللين في نفوس الناشئة والشباب، والطلاب والطالبات.


ما هو تعليقكم على الحديث الشريف: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، و: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي».
- هذان الحديثان يصبان في جانب الدعوة إلى التخلق بخلق الرحمة.
فالحديث الأول جاء لبيان منزلة الرحمة وما ينال صاحبها من رضوان الله ورحمته، ومن نال رحمة الله فقد نجا من عذابه، ونال من جزيل ثوابه، وفاز فوزًا عظيمًا، وهذه درجة عالية ينبغي أن يسعى لنيله كل إنسان، وذلك بأن يتصف بالرحمة والشفقة على عباده، وعلى خلقه.
والحديث الثاني جاء لبيان أن من نزعت الرحمة من قلبه فهو إنسان شقي، غير سوي، بعيد عن الخير، ومحروم من السعادة الحقيقية، فينبغي للمسلم البعد عن القسوة، والغلظة، والفظاظة، فإنها صفات ذميمة لا تليق بالمسلم.
فالحديث الأول في جانب الترغيب، والحديث الثاني في جانب الترهيب، والترغيب والترهيب من أساليب التربية الأخلاقية في الإسلام، كما سبق بيانه في جواب السؤال السابق.


لماذا كل جيل أكثر رحمة من الجيل الذي بعده؟
- هذا الأمر ليس على إطلاقه، قد يصدق ذلك على القرون الأولى من صدر الإسلام، يقول صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق أيمانهم شهادتهم وشهادتهم أيمانهم»، فهذه القرون الثلاثة هي القرون المفضلة في الإسلام، هم يتفاضلون فيما بينهم، ثم هم جميعًا أفضل ممن بعدهم من القرون.
وأما بالنسبة لغيرهم من الأجيال فالأمر نسبي، فربما كان الجيل السابق أفضل من الجيل الذي بعده، وأكثر اتصافًا بخلق الرحمة والشفقة، وربما كان العكس، فهذا يرجع إلى صلاح كل جيل، وقربه أو بعده عن تعاليم الإسلام، وشدة تمسكهم بخلق الرحمة والاتصاف بها أو عدمه.
هذا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من عباده الرحماء، وأن يرحمنا برحمته، ويحفظنا بحفظه، ويكلأنا برعايته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

رد مع اقتباس
  #2  
قديم September 5, 2010, 08:13 PM
 
رد: سماحة المفتي في حوار مع مجلة المعرفة التربوية

يسلمو وبارك الله فيك
رزقك الله الجنة
احترامي
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم November 24, 2010, 11:14 PM
 
رد: سماحة المفتي في حوار مع مجلة المعرفة التربوية

رائع جدا

شكر ولك جزيل الشكر


تحياتي لك


لا عدمنا من طرحك
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صدور العدد 1 من مجلة المعرفة علومومعرف كتب الكمبيوتر و الحاسب و الالكترونيات 0 July 12, 2010 05:20 PM
المعرفة في الصدارة التربوية للكاتب محمد عباس عرابي محمس عربي مقالات الكُتّاب 0 October 14, 2009 07:03 AM
سماحة المفتي أكد أن أسباب الأزمة الاقتصادية الربا و دعا التجار إلى مخافة الله في الفقراء الابتسامة..! قناة الاخبار اليومية 0 December 8, 2008 02:03 PM


الساعة الآن 04:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر