فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الموسوعة العلمية > معلومات ثقافيه عامه

معلومات ثقافيه عامه نافذتك لعالم من المعلومات الوفيره في مجالات الثقافة و التقنيات والصحة و المعلومات العامه



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم July 16, 2010, 10:42 PM
 
Thumbs Down إحلال العامية محل العربية الفصحى

الدعوة إلى إحلال العامية في محل العربية الفصحى من أدب الناطقين بالضاد وثقافتهم ليست من مخترعات هذا الجيل ، بل هي فكرة استعمارية ، فكرت فيها عقول إنجليزية ، قبل عشرات السنين، وعرضت على هذه الأمة المصرية عرضاً جذاباً ظاهره البراءة وحسن النية والشفقة على ارتقاء المصريين وتقدمهم ، ولكن المصريين كانوا أحصف وأعظم ألمعية من أن تهزأ بهم العقول البريطانية هذا الاستهزاء فقابلوا ذلك بما يستحقه.

وحكاية ذلك أن الإنجليز يوم كان احتلالهم في مصر بالغاً أوج قمته من الثبات والتمكن ، كان للمصريين مجلة علمية اسمها (الأزهر) يصدرها عالمان كبيران من علمائهم وهما إبراهيم بك مصطفى والدكتور حسن بك رفقي ، وبعد أن استمرا فيها خمس سنوات إلى نهاية سنة 1892 نيطت بهما أعمال أوسع من أعمالهما الأولى ، ومنها إسناد نظارة مدرسة دار العلوم العليا إلى إبراهيم بك مصطفى بعد أن كان مدرساً للكيمياء في إحدى المدارس العليا ، فتخليا عن مجلة (الأزهر) من نهاية سنتها السادسة (يناير 1893) إلى المهندس الإنجليزي الشهير (وليم ويلكوكس) والأستاذ أحمد الأزهري ، وكانت فاتحة أعمال ويلكوكس عند انتقال مجلة (الأزهر) إليه أن ألقى محاضرة في نادي الأزبكية (أنجلو إجبشيان كلوب) موضوعها «لِمَ لمْ تُوجد قوة الاختراع لدى المصريين الآن؟» زعم فيها أن قوة الاختراع تأتي من القوة المفكرة ويرثها الإنسان من آبائه ، والقوة الخيالية ويرثها من أمهاته والأمهات المصريات جاهلات لا يلدن أبناء مخترعين وتأتي قوة الاختراع من الثبات والإقدام ، وأكثر المصريين يضيعون أوقات فراغهم في المقاهي بلعب النرد والضمنة. ثم زعم أن أهم عائق يمنع المصريين من الاختراع هو أنهم يؤلفون ويكتبون باللغة العربية الفصحى ، ولو ألفوا وكتبوا بالعامية لصاروا مخترعين ! واستدل على ذلك بأن الإنجليز كانوا يؤلفون باللاتينية فلم يكونوا مخترعين فلما اختاروا لغة الفلاحين الإنجليز وكتبوا بها صاروا مخترعين ويرجع ذلك إلى الزمن الذي نبغ فيه شكسبير وبيكون .
ونحب أن نقول الآن بعد 55 سنة من إلقاء هذه الخطبة إن صاحبها من أعظم مهندسي الدنيا في الري والخزانات والتحكم في مجاري الأنهار، وقد رمى بها غرضين بحجر واحد ، وأحد الغرضين خدمة الكنيسة ، والثاني هدم العربية بكتابة تلك الكتب باللغة العامية.

ولما ألقى خطبته في نادي الأزبكية قبل 55 سنة عرف المصريون أن غرضه الحقيقي من الدعوة إلى إحلال العامية بدل الفصحى حرمانهم من تراث الفصحى في الدين والعلوم والآداب لتسهل على الاحتلال مهمته. وتولت جريدة (المؤيد) ومجلة (الأستاذ) هتك أستار هذه الدعوة بما لا مزيد عليه . وهوجمت خطبة ويلكوكس في مجلة ويلكوكس نفسها (الأزهر) بأقلام المهندس إبراهيم بك مصطفى ناظر مدرسة دار العلوم ، وأحمد أفندي سليمان المهندس بالتنظيم ، والسيد أفندي الزمزمي .

وإذا قابلنا العربية باللغات الاشتقاقية التي هي أكثر استعمالاً في المعمورة كالإنجليزية والفرنسية نجد أن العربية امتازت بخصائص لا يرتاب أحد معها في أنها أليق اللغات وأكفلها بحاجة العلوم. فمن ذلك سعتها. فعدد كلمات اللغة الفرنسية 25 ألفاً وكلمات اللغة الإنجليزية 100 ألف (على أن معظم هذا العدد اصطلاحات صناعية ) أما العربية فعدد (موادها) على قول المطلعين 400 ألف مادة، ومعجم لسان العرب يحتوي على 80 ألف مادة (مادة لا كلمة) ومواد اللغة العربية تتفرع إلى كلمات، فإذا فرضنا أن نصف المواد الواردة في المعجم متصرفة بلغ عدد ما يشتق منها نصف مليون كلمة، وليس في الدنيا لغة اشتقاقية أخرى غنية بكلماتها إلى هذا الحد. وبسبب غنى العربية وسعتها تجد فيها للمعاني الشديدة التقارب كلمات خاصة بكل معنى ، مهما كانت درجة الالتقارب، وبذلك لا يكون محل للإلتباس أو الإبهام اللذين هما آفة العلم والأدب.

ثم ما هو المراد بقولهم (اللغة العامية) أهو شيء آخر غير العربية ؟ إننا إذا تتبعنا الكلمات والتراكيب العامية لم نجد فيها إلا قليلاً جداً من الكلمات المستحدثة عن الخلط ، وهذا لا تتألف منه لغة ، ولا يصح بسببه القول بأن لغة فيها نصف مليون كلمة لغة ميتة أو قاصرة وليس فيها ألفاظ تدل على المعاني المستحدثة التي يقتضيها التمدن العصري . نعم إن في العامية كلمات عربية ينطق بها كثير من الناس محرفة ، وتراكيب عربية لم تُراعَ فيها القواعد النحوية ، ولكنا نجد بجانب ذلك أن هذا التحريف وعدم مراعاة القواعد ليس واحداً عند الناس ولا متفقاً عليه بل كل واحد يذهب فيه ما شاء ، فهو مختلف باختلاف الأفواه من غير قاعدة ولا رابطة ، شأنَ كل تغير يكون حصل لا عن ضرورة إليه ، بل عن الجهل ، والجهل لا يكون إلا من عدم التعلم . وبسبب حصول هذه التراكيب على غير قواعد اللغة نرى المتكلم مضطراً دائماً بحسب الموضوع إلى الإشارة باليد والوجه وإجهاد نفسه لبيان حقيقة المعنى المقصود ، والكاتب يستعيض عن هذه الإشارة والحركات والإجهاد بتخريج عبارته على مقتضى القواعد فيتأنق في إحكام المعنى وتجويد الأسلوب ، وذلك شأن الكتّاب في كل اللغات ، فإذا كتبنا باللغة المحرّفة غير مراعين رفع الفاعل ونصب المفعول وجر المضاف إليه ، وبغير نظر إلى ما يميز المضارع من الماضي ، كانت الكتابة غير مفهومة ، وكان ذلك بمثابة العدول بالعربية عن شكلها التي نتبادل بها إحساساتنا وأفكارنا بطريقة محكمة. نعم عندنا طريق آخر هو استعمال الإنجليزية (وهي الجارية في تعبير ويلكوكس) بدلاً من السيدة (أي العربية الفصحى) ولا يكون ذلك إلا إذا دفنا السيدة ولعل هذا ليس هو مقصود صديقي ويلكوكس على ما أظن إلا أن هذه السيدة (أي العربية الفصحى) لا ترضى لنفسها بالدفن وهي حية في عنفوان شبابها ، ولقد قاومت كل من أراد أن يذهب بنضرتها وصباها في جميع الأوقات ، وهي تملك لمقاومة ما يدس لها دائماً من السموم ترياقاً أو لقاحاً تحفظ به سعتها وكمالها، والقرآن المجيد.

وعلى فرض أننا جمعنا تحريفات العامة وأحصيناها ونظرنا في تشابهاتها ووضعنا لها روابط وقواعد واتفقنا على استعمالها فمن ذا الذي يضمن لنا عدم خروج العامة عنها مدفوعين إلى ذلك بالأسباب التي أخرجتهم عن قواعد لغة القرآن ؟
إن تحريف العربية الفصحى عند العامة ناشئ عن أسباب هي عين أسباب التحريف الذي يشاهد الآن في اللغات الأوروبية ، وهي أسباب طبيعية يظهر معها التحريف في لغة كل أمة ، ولا يستغرب ذلك، وإنما يستغرب عدم مقاومته بما يقاومه به غيرنا .

ثم ذكر أساليب الإنجليز في مقاومة تحريف عوامهم للغتهم بما يلقونه من خطب فصيحة في الأندية العامة والمجامع الأدبية والعلمية، وبما يمثل من روايات بليغة في دور التمثيل لتعتاد آذان العامة على الفصيح فتصحح به أساليبها العامية. وأشار إلى انتشار الصحافة والكتب الشعبية وتوسيع دائرة التعليم بالإكثار من المدارس وبتحفيظ أبنائهم شعر شكسبير حتى عمّ التمثل بها على ألسنة الفقراء والأغنياء والعلماء والصناع والعمال. وقال: ونحن عندنا في مقابل ذلك تحفيظ القرآن المجيد لأبنائنا، وشكا من أن ما يحفظ منه في المدارس يومئذ قليل جداً لا يزيد عن جزء عم وتبارك، والذين يحفظونهما يحفظونهما بغير فهم، أما الشعر العربي الفصيح فقلما يعنى بتحفيظه للنشء.

ثم قال إن من وسائل إنجلترا في مقاومة العامية جعلها التعليم كله بجميع فروعه ودرجاته بلغتها دون غيرها، ولا تجيز لأولادها الشروع في تعلم لغة أجنبية إلا بعد أن يتمكن التلميذ من لغته وتتلبس فكرته بها. وقال : ولا تغتفر بريطانيا استعمال لغة غير لغتها في أية مصلحة من مصالحها، ولا تجيز نشر لغة غير لغتها، وبمثل هذا تقاوم العامية عندهم . قال: ومع كل هذه العناية وهذا الاجتهاد في جميع ممالك أوروبا صغيرها وكبيرها ، قديمها وجديدها لمقاومة العامية لا يزال في نطق كثيرين من العامة وأهل الضواحي من الإنجليز وغيرهم تحريف وخروج عن قواعد اللغة يجعل كلامهم غير مفهوم بالكلية إلا عند من تعوده كنطق السين زاياً، واستعمال ضمير من يعقل لما لا يعقل؛ وسوء استعمال أزمنة الفعل، ونطق كلمات على غير ما ينطق به العارفون باللغة مما لا يدخل تحت حصر. ومع وجود هذا التحريف لم نسمع أحداً منهم قال بوجوب استعمال هذا الخلط والتحريف بدل اللغة الصحيحة. وهذا مما يطمعنا في أن نرى تلك الوسائل مستعملة عندنا أيضاً فننتفع بها كما انتفع غيرنا.


صحيفة الفتح ، العدد 849 (ذو القعدة، 1366)، ص 865 868.
مقال عن فضائل العربية الفصحى، كتبه عالم مصري قبل 55 سنةمحب الدين الخطيب
رد مع اقتباس
  #2  
قديم July 19, 2010, 08:44 PM
 
رد: إحلال العامية محل العربية الفصحى

للأسف صآر الكلام بالعامية أسهل بكثير من الفصحى

الله يعطيك العافية

لك تشكراتي واحتراماتي
__________________
استغفر الله الذي لآ إله الإ هو الحي القيوم وأتوب إليه
رد مع اقتباس
  #3  
قديم August 17, 2010, 07:01 PM
 
رد: إحلال العامية محل العربية الفصحى

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امبرآطورة الابتسآمة مشاهدة المشاركة
للأسف صآر الكلام بالعامية أسهل بكثير من الفصحى


الله يعطيك العافية


لك تشكراتي واحتراماتي
صدقتي غاليتي للاسف الشديد
منورة حبيبتي
مودتي واحترامي
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحميل كتاب الأمثال العربية والأمثال العامية مقارنة دلالية ألاء ياقوت كتب اللغة والبلاغة 12 July 4, 2015 11:53 PM
وقفت إجلال واحترام Assim77 الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 10 November 20, 2010 11:50 AM
اللهجات العامية وخطرها على العربية غالية التاريخ 3 January 10, 2009 05:10 PM
تحية إجلال لهذا المنتدى الرائع محمدبن داخل الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 7 February 28, 2008 09:42 PM


الساعة الآن 03:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر