فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم July 10, 2010, 04:03 PM
 
Smile رينيه ماريا ريلكه - احد اكبر شعراء العصر الحديث




حكمة ريلكه
تأليف :اورليتش باير


مؤلف هذا الكتاب هو الباحث والمترجم اورليتش باير وهو هنا يقدم لقراء اللغة الانجليزية كتاباً مهماً عن أحد كبار الشعراء في القرن العشرين: رينيه ماريا ريلكه ويقسم المؤلف كتابه على هيئة موضوعات: كموضوع العمل، والفن، والإيمان، والطيبة الداخلية، والحب، والموت، وفي كل موضوع يقدم لنا نصوصاً لريلكه تعطينا رأيه حول هذا الموضوع بالذات.

فماذا قال عن الحب مثلاً؟ وماذا قال عن الموت؟ وماذا قال عن الايمان والدين، الخ.. كما ويقدم المؤلف لمحة تاريخية عامة عن حياة ريلكه والتجارب التي عاشها والبلدان التي زارها.

وبالإضافة إلى كل ذلك فانه يترجم إلى الانجليزية، وللمرة الأولى، مالا يقل عن سبعة آلاف رسالة كان ريلكه قد كتبها بالألمانية أو بالفرنسية مباشرة. ومنذ البداية يقول لنا المؤلف ما معناه: ولد رينيه ماريا ريلكه في مدينة براغ عام 1875 في عائلة كثيرة، الخلافات، عائلة متمزقة وتعاني من مشاكل عديدة فأمه كانت متزمتة دينياً وذات سطوة وطغيان على الأسرة، ووالده كان عسكرياً متقاعداً ثم عينوه مفتشاً لسكك الحديد والقطارات. ولم يكن يطيق امرأته وكثيراً ما كانت تنشب بينهما الخلافات الصاخبة والعنيفة تحت أنظار الصغير ريلكه.

وقد ترك ذلك على نفسيته الغضة آثاراً لا تمحى ويمكن القول بان كابوس الطفولة الشقية لم يفارقه حتى مات. ومنذ البداية لم يكن ريلكه متأقلماً مع الحياة. ففي المدرسة كان رفاقه يسخرون منه ومن مظهره الهش والغريب. ثم أرسله والده إلى الكلية العسكرية لكي يتخرج ضابطاً، وكان ذلك بين عاميّ (1886 1891).

وهناك ايضاً عانى من سخرية زملائه منه ومن تكوينه الجسدي الضعيف والهزيل. وفي كل الأحوال فقد كان احتكاكه مع الواقع قاسيا ومؤلماً. ويمكن القول بأن السنوات التي قضاها في المدرسة العسكرية كانت من أقسى لحظات عمره.

وقد انعكس كل ذلك في شعره ونثره لاحقاً. ومعلوم أن نفسيته كانت مليئة بالقلق والرعب الداخلي غير المفهوم. وربما كان ذلك هو الوقود الذي يغذي شعره باستمرار. فلو أنه تخلص من القلق هل كان سيستمر في كتابة الشعر يا ترى؟

لقد درس ريلكه في براغ، وميونيخ، وبرلين على التوالي ولكن دون أن يتوصل إلى نتيجة ملموسة. والواقع انه كان يسجل اسمه في الجامعة لكي يرضي أمه او والده أو العائلة التي تدفع له مصاريفه.

أما الشيء الذي كان يهمه في الواقع فهو الكتابة وليس نيل الشهادات الجامعية في مجال ناشف جداً وجاف ككلية الحقوق مثلاً! فما علاقة شخص حساس جداً كريلكه بالقوانين والتشريعات؟ وقد ابتدأ ينشر مبكراً في مجلات المانية ونمساوية. ومن دواوينه الأولى نذكر: قرابين إلى الآلهة، إكليل من الحلم، استهلال عيد الميلاد، لكي احتفل بي وكان لا يزال رومانطيقيا في تلك الفترة.

ومنذ البداية تبدت العاطفة الدينية العميقة في شعر ريلكه، ولكنه تدين روحاني بالطبع، او ميتافيزيقي، وليس طائفياً ضيقاً. كما وتبدت مهارته في الكتابة. فقد كان ضد التدين الأصولي المتعصب.

وبسبب مشاكله أو عقده النفسية فإن ريلكه عاش حياة معزولة ومليئة بالوحدة والتأمل والاستيطان الداخلي. ومن هذه الناحية فهو يشبه الفيلسوف الدانماركي كيركيغارد، أو الفيلسوف الألماني نيتشه، أو الشاعر الكبير هولدرلين.

ثم يتحدث المؤلف عن أهم لقاء حصل في حياة ريلكه ويقول: في برلين، وفي عام 1897، التقى ريلكه لأول مرة بالأديبة الحسناء التي دوخت العقول سابقاً: لو اندريا سالومي. ومعلوم أنها كانت قد التقت بنيتشه قبل ذلك التاريخ بعشر سنوات أو أكثر قليلاً فأحبها وكاد ان ينتحر من أجلها لأنها رفضته.

ولكن ريلكه كان أصغر منها سناً بكثير على عكس نيتشه. ولذلك أحبته وقبلت به. ويبدو أنها ساعدته على اكتشاف الحب وتجاوز عقده النفسية الراسخة في أعماقه. وربما لولا لقاؤه بها لكان قد جن اوانتحر. فقد حلَّت عقدته وأعطته ثقة بنفسه.

وسوف يظل يتذكرها ويراسلها حتى نهاية حياته وحتى بعد ان كانت علاقتهما العاطفية قد انتهت كليا منذ سنوات عديدة. فقد كانت نجيته والوصية عليه من الناحية النفسية والحياتية. وكان يستشيرها في كل شيء تقريباً. وقد سافر معها إلى ايطاليا وروسيا في رحلات غرامية وانسانية وفكرية رائعة. وفي روسيا زارا تولستوي الذي استقبلهما بشكل سيئ لأسباب عديدة منها أنه كان على خلاف عنيف مع زوجته، وربما مع نفسه.

ويقال بأن ريلكه كتب إلى لو اندريا سالومي حوالي العشرين الف رسالة! وهي الوحيدة التي يكتب اليها بكل صراحة وبدون أي لف أو دوران، بمعنى آخر فانه لا يخشى من أن يعري نفسه أمامها وينكشف على حقيقته.

وفي أثناء ذلك او بعده بقليل نشر ريلكه ثلاث مجموعات شعرية هي: نشيد الحب والموت لكورنيت كريستوف ريلكه، وكتاب الساعات، وكتاب الفقر والموت.. ويمكن ان نضيف اليها كتاب الحياة التقشفية، وكتاب الحج.

ثم راح ريلكه يتجاوز شيئاً فشيئاً المرحلة الرومانطيقية البدائية. وراح يحذف من شعره كل أثر للفنائية الرائعة على طريقة شعراء المدرسة الرمزية الفرنسية. وأصبح اسلوبه أكثر محسوسية ودقة: أي اكثر واقعية. والدليل على ذلك ديوانه الجديد: كتاب الصور (1902) الذي تجاوز فيه كل دواوينه السابقة.

واما ديوانه كتاب الساعات الذي كتب في الفترة نفسها ونشر عام 1905 فإنه يعكس الحالة النفسية القلقة لريلكه بشكل اقوى مما سبق ربما. فايمانه بالله لم يستطع أن يقضي على قلقه من الزمن الهارب والخوف من الموت.

في ديوانه الذي يتخذ العنوان التالي: كتاب الفقر والموت، يكتب ريلكه هذه الأبيات:

يارب، أعط لكل واحد موته الخاص،


موتاً يكون ناتجاً فعلاً عن حياته،


حيث يجد الحب، والمعنى، والعذاب.


ثم يواصل المؤلف حديثه عن حياة ريلكه، أو عبوره السريع في هذا العالم، ويقول: في عام 1902 سافر ريلكه إلى باريس للقاء الفنان الشهير رودان من أجل ان يكتب أطروحة جامعية عنه ولكنه لم يحب باريس للوهلة الأولى وشعر بالضيق والانزعاج فسافر إلى إيطاليا. وهناك جاءه الإلهام الشعري فكتب خلال أسبوع واحد الجزء الثالث من كتاب الساعات وهو: كتاب الفقر والموت.

ثم عاد ريلكه إلى باريس لكي يشتغل كسكرتير عند رودان وفي البداية كانت العلاقة جيدة بين الرجلين ولكنها انتهت بخصومة وتحت تأثير رودان كتب ريلكه ديوانه: قصائد جديدة وهو من أجمل ما كتب.

ثم واصل ريلكه بعدئذ حياته المتشردة ولكنه كان دائماً يعود إلى باريس وهناك ألف كتابه النثري الشهير: دفاتر مالت لوريدج بريم: أي مذكرات شاب يشبهه جداً. وقد انتهى منه عام 1910 بعد أن شغله مدة سبع سنوات أو ثماني سنوات على الأقل.

وبعد ان انتهى من هذا الكتاب دخل ريلكه في مرحلة انهيار نفسي خطير وفكر عندئذ في عرض نفسه على أحد المحللين النفسانيين لمعرفة سبب قلقه الداخلي والكوابيس التي تلاحقه ولكنه تراجع عن ذلك في آخر لحظة بتأثير من لواندريا سالومي التي قالت له: إياك أن تفعل ذلك.

وبين عامي 1910-1914 سكن في خمسين منطقة مختلفة، والواقع انه كان كالبدو الرحل لا يستقر على حال فقد سافر إلى افريقيا الشمالية ومصر، واسبانيا، وإيطاليا، وسويسرا، الخ. ولكنه مكث في ألمانيا طيلة فترة الحرب العالمية الأولى (1914-1918) على الرغم من انه كان قد استأجر بيتاً في باريس ونوى الإقامة في هذه المدينة التي أحبها في نهاية المطاف ثم بعد انتهاء الحرب تلقى دعوة من سويسرا لإلقاء شعره في المراكز الثقافية هناك وكان ذلك عام 1919 وبدءاً من تلك اللحظة أدار ظهره لألمانيا كلياً تقريباً وراح يعيش بين فرنسا وسويسرا بشكل أساسي.

وبدءاً من عام 1922 أخذ يكتب رائعته الخالدة: مراثي الدومينو وهي قصائد طويلة كتبها في قصر الدومينو فسميت باسمه وكان ضيفاً على عائلة أرستقراطية تملك هذا القصر الرائع المطل على مناظر خلابة في سويسرا.

ثم كتب بعدها مباشرة أناشيد إلى أورفيوس، أو أغاني مهداة إلى أورفيوس وأورفيوس هو أكبر شاعر أسطوري في اليونان وقد خلع عليه الاله أبولو كل المواهب بالإضافة إلى قيثارة رائعة كهدية وعندما كان يغني كانت الأنهار تتوقف عن مجراها والوحوش تصبح أنيسة ناعمة.

وفي عام 1924 ابتدأ ريلكه يكتب لأول مرة قصائد بلغة أخرى غير لغته الأم وكان ان أنتج ديوانه: رياض، أو بساتين، وعلى الرغم من أن سيطرته على الفرنسية تبدو غير مؤكدة إلا أنه استطاع ان يكتب بهذه اللغة قصائد رائعة.

وفي عام 1925 جرحته وردة حمراء عندما كان يقطف باقة من الأزهار لكي يقدمها كهدية لإحدى السيدات واكتشف الأطباء عندئذ انه مصاب بسرطان الدم وقد أدى إلى موته نهاية عام 1926.

ومعلوم أنه كان مهووساً بالورود الحمراء التي يتكرر ذكرها كثيراً في شعره وهكذا قتلته الوردة التي أحبها أكثر من غيرها في الوجود أو قل انها كشفت له عن سر مقتله..

في قصيدة بعنوان: «يوم من أيام الخريف»، يكتب ريلكه:


ياربّ، الأجل قريب، الصيف كان عظيماً


ظلك، ضعه على الساعات الشمسية


وعلى السهوب سرِّحْ الرياح


أصدرْ أمراً للثمار الأخيرة لكي تصبح ناضجة


أمهلها يومين آخرين لكي تصبح رصينة أكثر


عجل في اكتمالها، واضغط على عصيرها


في الخمر الثقيل


من ليس له بيت، لن يبني بيتاً جديداً


من كان وحيداً، سيبقى وحيداً لفترة طويلة،


يقرأ رسائله ويطيل سهراته،


وكالمضطرب سوف يمشي هنا، أو هناك


في الممرات حيث تتساقط أوراق الخريف وتذروها الرياح .

الكتاب: دليل شاعر إلى الحياة: حكمة ريلكه


الناشر: المكتبة الحديثة نيويورك 2005


الصفحات: 215 صفحة من القطع المتوسط

The Poet's Guide To Life:

The Wisdom Of Rilke

Urlich Baer

Modern Library - New York 2005

رد مع اقتباس
  #2  
قديم August 5, 2010, 04:57 PM
 
رد: رينيه ماريا ريلكه - احد اكبر شعراء العصر الحديث

__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم August 31, 2010, 10:21 AM
 
رد: رينيه ماريا ريلكه - احد اكبر شعراء العصر الحديث

بعد أن تستسلمَ الوردةُ للشمس، وتذوي

تَرث الرّيحُ الغُبارَ الذّهبي

وتقول الأرض عن أشلائها:

هذه أغنيتي رُدّتْ إليّ.


رينيه ماريا ريلكه

سلمت يداك مودتي واحترامي لك
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ديوان [شعراء العصر الجاهلي] тнє ємρєяσя شعر و نثر 20 August 12, 2010 04:13 AM
تحميل كتاب الأوقاف في العصر الحديث ألاء ياقوت كتب اسلاميه 0 May 28, 2010 07:39 PM
فارس الدعوة في العصر الحديث محمس عربي بحوث علمية 0 March 24, 2010 07:35 AM
شعراء العصر الحديث ابتسام صبحى شعر و نثر 3 February 21, 2009 04:13 PM
الاكتاءب مرض العصر الحديث مفهومه و طرق علاجه aymen كتب الادارة و تطوير الذات 2 May 5, 2008 08:11 PM


الساعة الآن 12:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر