فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الموسوعة العلمية > بحوث علمية

بحوث علمية بحوث علمية , مدرسية , مقالات عروض بوربوينت , تحضير ,دروس و ملخصات



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم May 16, 2010, 04:36 PM
 
الأدب الإسلامي في المواجهة بقلم محمد القوصي أختيار محمد عباس عرابي

«الأدب الإسلامي» في مواجهة رياح التغريب والعلمنة والحداثةمجلة الوعي الإسلامي (العدد : 530)

منذ أن ظهرت الدعوة إلى تقديم «الأدب الإسلامي» كبديل لما هو موجود على الساحة، لم تتوقف الحرب ضد هذه الدعوة لحظة واحدة، وقد استخدم العلمانيون والحداثيون وإخوانهم كل الأسلحة لمحاربة فكرة الأدب الإسلامي، وعزله عن الوجود لتخلو الساحة لتيارات ومذاهب مستوردة تسرح وتمرح في حياتنا الثقافية، وراحوا يتساءلون، ما علاقة الأدب بالدين؟ ولماذا نقحم الإسلام في كل شيء؟ إلى غير ذلك من الأسئلة الخبيثة والماكرة والمستهجنة، لأنهم يرون أن الإسلام لابد أن يعزل مكانيًّا في زوايا المساجد، وأن يحصر زمانيًّا في يوم الجمعة وشهر رمضان، وما عدا ذلك فهو لأنصار العلمانية والحداثة والتنوير!
فمن أسف، أن العقيدة الإسلامية متهمة عند المغرضين والمشككين بأنها لا تشجع الأدب؛ لأنه يعتمد على الخيال، والخيال في فهم القاصرين نوع من الكذب لا يرضاه الدين.
ولاشك أن هذه الاستنتاجات خطأ من ألفها إلى يائها، فالعقيدة الإسلامية تهيئ أرضًا خصبة للتجارب الأدبية، وتذكي المشاعر وتكرم الأديب، ولست في مجال الاحتجاج لهذه المقولة، لأن التاريخ الإسلامي حجة وشاهد لها، ويكفي أن نشير إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ من البيان لسحرًا» (صحيح البخاري)، «وإنّ من الشعر لحكمة» (صحيح ابن ماجة للألباني) فضًلا عن استماعه للشعر، بل وشهادته لبعضه، وتشجيعه لحسان بن ثابت (رضي الله عنه) وغيره من الشعراء، لذلك عندما تكون للمسلمين نظرية صريحة تعلن على الملأ موقف الإسلام من الأدب، وتبين مدى احتضانه له، فإنها تقطع دابر الشبهات وتنير الدروب أمام الذين لا يعلمون.
إذْ لا يمكن أن يكون ربط الأدب الذي ينتجه الأدباء المسلمون بالعقيدة أمرًا يشكل خروجًا عن طبيعة الأدب- كما يزعم دعاة الخروج- بل إنه يصحح مسار العلاقة بين الأدب والعقيدة، فيربطه بأصدق عقيدة، ويهيئ له أوسع مجال للتصور وأدقه وأكثره تلاؤمًا مع الفطرة البشرية.
إن الأدب لابد أن يستند إلى معتقد، وأن يصدر عن تصور يكون خلف التعبير، وقد أدى الارتباط الخطأ وفساد التصور إلى زيادة قلق الإنسان وزيادة آلامه المضنية، فإذا أحسنا ووثقنا رابطته بالعقيدة الإسلامية صححنا مساره، وهيأنا له فرص إبداع عظيمة للغاية.

جيل الصحوة الإسلامية
قد استطاع جيل الصحوة الإسلامية في الوطن العربي أن يستعيد هوية الأمة، فهؤلاء الأدباء يملكون وعيًا حادا بالواقع والتاريخ، ويستشرفون المستقبل، ويواجهون تحديات الهيمنة العلمانية واليسارية والطائفية التي تترصد التوجه الإسلامي وتحاربه بضراوة، خاصة في مجالات الفكر والأدب، وكان في طليعة هؤلاء الرجال محمد قطب، ونجيب الكيلاني، وعبدالرحمن رأفت الباشا، وعماد الدين خليل، وأنور الجندي، ومحمد مصطفى هدارة...، بالإضافة إلى عدد آخر تولوا تحويل الدعوة النظرية للأدب الإسلامي إلى واقع عملي يعبر عن نفسه في تطبيقات ميدانية وأدبية، جعلت الأدب الإسلامي أمرًا واقعًا يتحدى المعارضين له، ويرغمهم على الاعتراف بوجوده وكيانه، ومن هؤلاء عبدالقدوس أبوصالح، وعبدالباسط بدر، وعبده بدوي، وحسن بن فهد الهويمل، وصابر عبدالدايم، وغيرهم.
كيف نتعامل مع التراث؟
وقام الأدباء الإسلاميون بالاتكاء على التراث العربي والإسلامي، ردًا على الهجمة الشرسة التي يقودها الآخرون على تراث الأمة ومطالبتهم بالتخلص منه وعزله عن الوجود.
نعم، فالتراث- عند الأدباء الإسلاميين- هو كل ما يرفد الفن القولي من كتابات إنسانية تثري الفكر وتهذب العقل وتشكل الوجدان وتوسّع آفاق الخيال، ومن ذلك الآثار الاجتماعية والتاريخية وما شابه هذه وتلك من كتب الرحلات والبلدان والشخصيات.
والحقيقة أن استيعاب التراث الأدبي ضرورة فنية لإنتاج أدب أصيل، والأصالة إحدى دعامتين أساسيتين يقوم عليهما أي أدب عظيم، والدعامة الثانية هي «المعاصرة»، إذ لابد لكل أدب حي صادق جيد من أن يمثل حلقة قوية من سلسلة متينة متصلة، تبدأ من ماضي هذا الأدب وتمتد إلى حاضره لتسلمه إلى مستقبله، ولابد في الوقت نفسه لهذا الأدب الحي الصادق الجيد أن يعكس نبض عصره الذي نتج فيه وروح زمانه الذي خرج منه، وبهذا يضيف المعاصرة إلى الأصالة، ويقوم فعلا على دعامتي الأدب العظيم.
وجدير بالذكر أن نذكر أصالة أخرى، وهي الأصالة الخاصة، أو أصالة الأديب نفسه، وهي تلك السمات الذاتية الفردية التي يعرف بها ويتميز عن الآخرين، والتي تشبه في كثير من الأحيان قسمات وجهه، بل بصمات أصابعه، وهذه الأصالة الخاصة المرتبطة بالفرد لا تغني عن الأصالة العامة المتصلة بالأمة؛ لأن الأصالة الكلية هي التي تحقق الأصالة الفرعية، أو هي التي تمهد لها وتخلقها، فنحن لا نتصور أديبا ينبتٌّ عن ماضي أمته، ويقطع صلته بجذور شعبه، وينتج كلامًا لا شيء فيه من قيم الأدباء أو مثل الأجداد، ولا روح فيه من عبق تلك الحضارة العربية العريقة، لا نتصور أديبًا كهذا إلا وقد أنتج كلامًا بعيدًا عن كل أصالة، مهما أوتي حظًا من سمات صاحبه، لأن أصالة الفرد امتداد لأصالة شعبه، أو هي في حقيقتها فرع من تلك الدوحة الكبرى التي هي الأصالة القومية، فلا أصالة فردية ما لم توجد أصالة كلية، ولا أصالة ذاتية دون أصالة قومية.

كيفية توظيف التراث؟
أعتقد أننا لو استطعنا أولا أن نستوعب هذا التراث كله، ونستله ونوظف ما فيه من حكايات ونوازع وشخصيات وأماكن ومدائن، توظيفًا أدبيًا فنيًا واعيًا، يثري الحاضر بتجارب الماضي، ويربط اليوم بالأمس، ويجعل تاريخنا وأدبنا متصل الحلقات، واضح السمات، متميز الشخصية، محق الأصالة، ثم بعد ذلك نتشبث بالمعاصرة؛ فلا نقف عند الماضي، وإنما نتجاوزه إلى كل منجزات الحاضر.. لو فعلنا ذلك لحققنا القصد، وبلغنا الهدف النبيل للأمة كلها.
ومن هنا ندرك ببساطة شديدة أن ارتباط الأدب بالتراث من وجوه عدة، الأول هو الحفاظ على تلك القيم الرفيعة والمبادئ الكريمة التي حواها هذا التراث، وهي القيم التي عرف بها الشعب العربي المسلم، وعاشت عليها أمتنا، وضمنت بها بقاءها، كقيم الشرف والنبل والوفاء والكرم والإيثار والنجدة والتضحية والعفة والصدق، وما إلى ذلك مما استوعبه تراثنا العظيم.
ونحن- دعاة الأدب الإسلامي- نعد التراث الأدبي كله من عصر الجاهلية إلى أعتاب العصر الحديث منجمًا غنيًا بالكنوز، نحتاج منه إلى النصوص التي تتحقق فيها وصية عمر للمسلمين، فتتميز محاسن الشعر ومحاسن النثر، لتكون جزءا من منهجنا التربوي.
فتراثنا الأدبي نشاط إبداعي يتضمن تجارب إنسانية مختلفة لمبدعيها، في بيئاتهم الزمانية والمكانية، تتصل بتجارب الإنسان في كل عصر، وتحمل سمات حياته، وقيمه المعنوية والجمالية، كما أننا في تعاملنا معه ننطلق من ركائز ثابتة، هي الاهتمام به والحرص عليه، والاستفادة منه في المحاور الثلاثة، محور المعرفة، ومحور الذوق، ومحور التربية، وفق مقتضيات كل منها.
وأعتقد أننا ننطلق في هذا الموقف من قاعدة إسلامية ثابتة، ومن تطبيق الأسلاف لها، ومن اقتناعنا الكامل بها، وهي قاعدة لا نفرط في تقدير التراث فنقدسه ونستسلم لكل ما جاء فيه استسلامًا كاملا، ولا نفرط في شيء منه، لأننا في حاجة إليه في إحدى محاور التوظيف الثلاثة، وهذه المحاور تضع كل نص من التراث موضعه حتى لو كان فيه شيء قليل من التجاوز، وأرى أن هذا الموقف من التراث، هو الذي ينبغي أن يقفه دعاة الأدب الإسلامي ونقاده ومناصروه.
كما تجدر الإشارة إلى حقيقة هامة، مؤداها أن الأديب المسلم مطالب بالوعي التام، والحذر الشديد وهو يقرأ التراث الإنساني، ولعل الدعوة إلى معرفة النقيض أو اكتشاف معالم الوجه المضاد تفتح أمام المفكر المسلم والأديب المسلم أبوابًا متعددة للدخول منها إلى عوالم الثقافة القديمة والحديثة، فالأديب المسلم ليس بمعزل عن التيارات السائدة، بل عليه أن يتحصن ضد المعرفة بالمعرفة، فيصفي ويحلل ويفحص ما يقدم إليه، ويقبل ما يتوافق مع فطرته الإنسانية، ورؤاه الفنية، ويكشف زيف الفكر الدخيل والرؤى الهدامة.

إشكالية «الحرية» و«الالتزام»
لابد أن نعرف وأن نفهم أن الحرية في الإسلام ليست نقيضًا للالتزام، فالحرية معدن الوجود وجمال الكون، وهي صفة الفطرة السوية، لكن الحرية التي نقصدها ليست الحرية التي تحدثت عنها الثورة الفرنسية، ولا التي تحدث عنها سارتر، ولا التي دعت إليها الليبرالية وزيفتها الدكتاتورية.
فالحرية هي التي تهب الأدب جمال الصدق والعزة في حسن البيان، إن هذه الدعوة إلى الحرية أعلى وأطهر وأنقى من دعوات فلسفة أوروبا كلها، وقد خرجت دعوتها من قصص الجنس الفاضح المدمر، فهذا «بودلير» الفرنسي يخرج شعره وفكره ومبادئه من بين أفعاله المنحلة، وافتتانه بفتاته «وزولا» في قصته «الأرض» حيث يعرض لنا واقعًا وقحًا.
وحريّ بنا أن نعلم أيضًا أن جوانب الانحراف ليست إلا صورًا ضئيلة في حياة المجتمع، وأعتقد أن رسم هذه الصور على نحو مكشوف صارخ فيه تجاوز للحق والصدق، وهو يعطي صورة توحي بغير الواقع نفسه، ولذلك فهي تنزع عن الكاتب أولى صفات الحرية وهي الأمانة والموضوعية والإخلاص.
إن حرية الفكر ليست مجرد شعارات ترفع، أو كلمات جوفاء يتشدق بها الناس، إنما لابد أن تكون واقعًا حيًا ملموسًا، وسلوكًا عمليًا يراه الناس ويمارسونه، والحريات ليست مجرد نصوص في دساتير ومواثيق، إنما لابد أن تكون تطبيقًا مؤثرًا، ودافعًا قويًا للإبداع والخلق.
أما ما يزعمه دعاة التمرد أو دعاة الخروج وأدعياء الحرية، فكل ذلك بمثابة «بدعة» يتشبث بها الضائعون والتائهون، تارة يسمونها فلسفة، وتارة أخرى يسمونها موقفًا وتعبيرًا عن الذات، بل ويحاولون أن يضعوا لها القواعد والأصول، وقد تكون لهذه البدع الفكرية في الغرب ما يبررها، لكن في الشرق المستعبد الممزق التائه، كيف يلتقطونها ويروجون لها، ويتخذونها دينًا جديدًا؟ فيسقطون في خطر داهم، وفناء محتم، وهو الخراب الفكري والعقدي.

مستقبل الأدب الإسلامي
الأدب الأسلامي الآن يقف على قاعدة صلبة، بفضل رجال آمنوا بأسلمة الأدب، وكشفوا عن أخطاء المناهج الغربية على النحو الذى رأيناه فى كتابات د.عبدالرحمن رأفت الباشا وتلامذته، وكذلك ما قدمه د.نجيب الكيلاني إبداعًا وتنظيرًا، واستطاع الأدباء الإسلاميون- الذين قادوا حركة اليقظة الإسلامية منذ أكثر من خمسين عامًا- ترسم خيوط الأدب الإسلامي وتصوره فى مواجهة المفاهيم المسمومة والزائفة التي فرضها دعاة التغريب والحداثة على الأدب العربي، وقد نبه إلى ذلك منذ الستينيات، وكشف عن فساد نظريات النقد الأدبي الوافدة، ومذاهب تاريخ الأدب وخاصة فيما يتعلق بأخلاقية الأدب، وأسلوب الشك والاعتماد على المصادر الزائفة وإقليمية الأدب، وجرت أحاديث عن أثر الاستشراق في الأدب العربى، وأثر الترجمة وأثر الأدب الإغريقي والمسرحية اليونانية وغير ذلك.
وحري بالعاقل أن يتساءل: لماذا لا تكون لنا مدرسة خاصة؟ ولماذا نكون تابعين لمدارس معينة في النقد الأدبى ولا تكون لنا نظريتنا الأصيلة، ومدارسنا المبتكرة القائمة على أساس من قيمنا؟ ولماذا نأقلم نحن نظريات الآخرين وهي غريبة عنا، ولا تكون لنا مناهجنا المستمدة من أدبنا؟!
وأكرر القول بأن مهمة إعادة الأدب الأسلامي ليس بتقديم النماذج الإسلامية فحسب، وإنما بتقديم التصور الإسلامي والكشف عن زيف التصور القائم في الجامعات والمعاهد اليوم، وأبرز أشكاله هو أدب العبث الذي تقدمه نظرية الوجودية، ونظرية الحداثة التي تجد لها تجمعات كارهة للإسلام والفصحى والقرآن، وتهدف أساسًا إلى قطع الحاضر عن الماضي، وتشويه البيان العربي على نحو ماكر خبيث (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (الشعراء:227).



بقلم الكاتب: محمد عبدالشافي القوصي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الخصائص الإيقاعية للشعر الحر للباحث محمد عباس محمد عرابي عضو رابطة الأدب الإسلامي محمس عربي بحوث علمية 1 January 25, 2010 09:23 PM
بحر البسيط والابتكارات فيه للباحث محمد عباس محمد عرابي عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية محمس عربي بحوث علمية 1 January 24, 2010 10:10 PM
الدعوة للشعر الحر للباحث محمد عباس محمد عرابي عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية محمس عربي بحوث علمية 1 January 24, 2010 10:08 PM
قصيدة النثر للناقد الأدبي محمد عباس محمد عرابي عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية محمس عربي بحوث علمية 0 January 11, 2010 09:35 AM


الساعة الآن 05:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر