خمسة أعوام

في الثالث من شهر يناير الماضي أكمل الجوال المريخي Spirit خمس سنوات على سطح الكوكب الأحمر ، ليتبعه توأمه opportunity و يحقق الإنجاز نفسه في الرابع و العشرين .
ما توقعه العلماء أن يتمكن الجوالان من العمل لثلاثة أشهر ( ربما مع تمديد قصير لكل من منهما إن سارت الأمور على ما يرام ) فالظروف الجوية الصعبة و درجات الحرارة شديدة الانخفاض كانت أقوى من أن يتصور أي من المتخصصين أن تستمر أجهزة هذين لجوالين في العمل أكثر من ذلك .
خلال مهمتهم الملحمية قام Spirit و Opportunity بإرسال ما يصل إلى 000 250 صورة و قطعا مسافة 21 كم تسلقا مرتفعات و هبطا في حفر ناتجة عن اصطدام نيازك بسطح المريخ ، كذلك قد تمكنا من تجاوز عواصف رملية بنجاح ، و أوصلا ما يعادل 36 قيقا بايت من المعلومات إلى الأرض عبر اتصالهم المباشر بالمسبار Mars Odyssey Orbiter المتواجد في مدار حول لأرض ، هذا لا يعني أن الأجهزه و الآلات على متنها تعمل بشكل مثالي ، فيتوجب على Spirit مثلاً أن يسير دائماً إلى الخلف بسبب تعطل إحدى عجلاته ..... أما Opportunity فذراعه الآلية تعاني من خلل بسبب انقطاع كابل كهربائي .
كذلك فقد عانى الجوالان عدة مرات من ضعف الطاقة التي توفرها بطارياتهما بسبب العواصف الرملية الشديدة الكثافة و التي كانت تتسبب بحجب ضوء الشمس الذي يعتمد عليه الجوالان في شحن تلك البطاريات عن طريق الألواح الشمسية .
هذان الجوالان مرنان للغاية إذا أخذنا بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي تعمل فيها أجهزتهما كل يوم ، يقول جون كالاس مدير مشروع الجوالين المريخين في مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory التابع لوكالة الفضاء الأمريكية NASA < ندرك أنه من الممكن أن يتوقف أي جزء على متن أي من الجوالين عن العمل في أي وقت الآن .... ما سيعني إنهاء مهمته بالكامل دون أي تحذير مسبق ، و لكن من جهة أخرى ، ما سنتمكن من تحقيقه من كل جوال خلال سنة واحدة قادمة سيعادل أربع مهمات رئيسية قادمة > ، أبحاث الناسا تشير إلى أن الرياح على المريخ أسهمت بشكل كبير في إطالة عمر الجوالين ، فقد كانت ساعد على إزالة الرمال و الغبار عن الألواح الشمسية ....... و مع ذلك فقد عانى من عدم حصوله على " تنظيف " جيد خلال الشهور الثماني عشر الماضية ما جعل استمراره بقائه خلال شتائه الثالث على الكوكب الأحمر أمراً في غاية الصعوبة إلى أنه لا يحصل على أكثر من 30% فقط من قدرة الطاقة التي يحتاجها للحركة و العمل .... لهذا فمتختصو الناسا يأملون في أن يجلب الربيع المريخي رياحا ً تعمل على إزالة الأتربة منه .
أما Opportunity فحظه كان أفضل من البداية ، فقد كانت منطقة هبوطه قريبة من خط استواء الكوكب حيث توجد ظروف جوية أفضل مقارنةً مع منطقة هبوط الجوال الآخر .... لذلك يرغب أعضاء الفريق المتابع لمهمة الجوالين في إرساله إلى فوهة Endeavour Crater التي تبعد عن موقعه الحالي مسافة 17 كم ...... قد يعتقد البعض أنها ليست بالمسافة الطويلة ، إلا أن ما يجب أن نعرفه هو أن الجوال سيمضي ما يقارب العامين قبل الوصول إلى تلك الفوهة .
كان الهدف الرئيسي من مهمة الجوالين هي البحث عن أية آثار تثبت وجود المياه على سطح المريخ سواء في حاضره أم في ماضيه ..... فما كنا متأكدين منه هو أن الماء موجود بصورته الصلبة ( جليد ) عند قطبي الكوكب ، إلا أن بقية سطحه كانت تبدو صحراء قاحلة .... opportunity تمكن من العثور على صخور غنية بالحديد Hematite و هو ما لا يتشكل عادةً إلا في بيئة غنية بالماء .
Spirit عثر أيضاً على أدلة قوية لوجود ينابيع ما ساخنة على المريخ و كانت هناك أيضاً صور شاهد العالم فيها خروج الماء لمسافات محدودة على السطح .
مع استمرار الجوالين في العمل و مع رغبة وكالة الفضاء الأمريكية في خفض تكاليفها ، تم تأجيل إطلاق الجوال الجديد : Mars Science Laboratory الذي سيكون بإمكانه التحرك بسرعة تصل أقصاها إلى 90 م \ الساعة مقارنةً ب 18 م \ الساعة التي كان الجوالان Spirit و Opportunity مصممين للوصول إليها ... علماً بأن السرعات الفعلية على المريخ لا يمكنها تجاوز ثلث السرعات القصوى لمحددات مختلفة .
الجوال الجديد سيحمل على متنه آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة بهدف البحث عن كائنات ميكروبية قد تكون موجودة اليوم على سطح الكوكب الأحمر ..... مهمة الجوالين ستكون الأساس الذي ستسير عليه المهمات القادمة .















............ مع تحياتي ............