#1
|
||
|
||
خطاب الرئيس
خطاب الرئيس تحفزت نفسي لهذا الخبر ، واستعدت روحي لسماعه . يا الله ، يا الله . ماذا سيقول الرئيس بعد هذه المشاهد من القتل والإرهاب ؟ حاولتُ النوم ليلاً ، لكنني لم أستطع ، فأنا أتطلع لسماع كلمة الرئيس بأي شكل كان . قلت لنفسي : أنتظر قليلاً . أحاول أن أشغل نفسي بشيء من المشاهد . آه ! ! إنها مشاهد دموية قوية ! ؟ بدأتِ الدموع تهطل من عيني دون شعور مني بذلك . اختلط دمعي بالشاي الأخضر الذي أعددته ، شربتُ الشاي المختلط بدموعي ، لكنني أحسستُ أنه باردٌ وطعمه كالحنظل ! ؟ لم أحتمل كل هذا ! ! تخيلتُ المناظر التي أشاهدها وكأنها لإخواننا الفلسطينيين في غزة والضفة ، أو حتى فلسطينيي 48 ، وأن من يقوم بهذه الأعمال الوحشية هم الصهاينة المتكبرون . لقد خُيِّل إلى ذهني القصف الإسرائيلي على غزة يوم كانت تُحملُ الجثث والدماء تتقاطر منها . خُيِّل إلى ذهني ذلك الرجل الذي حمله أصحابه ورجله مقطوعة ينزف منها الدم المغلي . ما هذه المناظر ؟ ؟ حوقلتُ دون قصد مني بصوتٍ عالٍ ! ! لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . أصابتني وكزة غريبة ، وكأن الكهرباء قد لسعتني ! ! ما الذي يحصل ؟ نظرتُ حولي يميناً وشمالاً ، لم أجد نفسي إلا وأنا أبكي ، وليس هناك أحد بجانبي ! ! لقد كان الهدوء والسكون قد أخذ من كل شيء مأخذه ! ! نظرتُ في الساعة ، فإذا هي قد قاربتْ صلاة الفجر ! ! قمتُ لأتوضأ للصلاة . ماذا حصل ؟ ؟ آه آه ! ! أرجلي لا تتحرك ، وكأنها قد تسمرت في الأرض ! ! ما الذي حصل لي ؟ ؟ أحس في جسمي ألماً شديداً ! ! كأن الضرب الذي كان يضرب به الثوار في بلد الرئيس الذين رأيتهم ، كأنه كان لي ! ! حاولتُ تحريك رجلي ، رفعتها بيدي ! ! آه آه ! ! الحمد لله تحركت . نظرتُ في رجلي وفي يدي لأتأكد ، هل أصابها شيء من الرصاص أو الشظايا ! ! الحمد لله . لم أجد شيئاً ، إنما كان من طول الجلوس . حمدتُ الله تعالى على أن أعاد لي قوتي ، وأعضائي كما كانت ! ! قلتُ بملْءِ فِيَّ : الحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله . قمتُ وتوضأتُ ، وبدأت بصلاة التهجد . سجدتُ طويلاً ! ! بكيتُ طويلاً !! لم أتمالك نفسي بالدعاء . أصبح الدعاء يطير من لساني من غير أن أفكر فيه . أقول : يا رب يا رب . حتى ظننتُ نفسي أني لا أصلي ، فأردتُ أن أنهي الدعاء لأقوم . ولكني انتبهتُ أني في السجود . لم أكمل الركعتين إلا وقد أذَّنَ مؤذن الفجر . تجهزتُ للصلاة . ذهبتُ للمسجد . كنتُ أنظر للناس في المسجد وكأنهم ينظرون إلي وأنا في بلد الرئيس مصابٌ بين المصابين . نظر إليَّ أحدهم ، فطارت مني كلمة : لا لا . تعجب مني ! ! تعجبتُ منه ! ! قلتُ في نفسي : لماذا يظنني أنني في البلد الذي يقتل فيه أهله ؟ نظرتُ إلى جوانب المسجد علِّي أجد سلاحاً أو قنابل أو ذخائر حية . لكن ! ! لم أجد شيئاً ! ؟ تعجب مني أحدهم في المسجد ، فعمَّ أبحث وأفتش ؟ ؟ لكني انتبهتُ فجأة أني لستُ في المسجد الذي في البلد الذي يقتل فيه أصحابه ، وإنما أنا في مسجد الحي الذي أنا فيه . صليتُ بالناس إماماً . قرأتُ أول سورة القصص ! ! عشتُ مع موسى عليه السلام وفرعون وقوم موسى ، وولادة سيدنا موسى عليه السلام ، وكيف خافت أمه فرمته في الماء ، وكيف وصل إلى فرعون ، وكيف تربى في بيت فرعون ، وكيف كانت نهاية فرعون على يد موسى عليه السلام والذي تربى في بيته . انتهيت من الصلاة . لكني لا أدري هل أطلتُ أم قصرت ! ؟ لكن أحسستُ أن الصلاة كانت طويلة جداً جداً مع قصة طويلة العمر . لا تسألوني ( لم ؟ ) ! ! لأنني أنا نفسي لا أدري ( لم ؟ ) ! ! ثم عدتُ من الصلاة !! دخلتُ البيت ! ! ذهبت إلى غرفة الأولاد . نظرتُ إلى أولادي وتأكدت أنه لم يصبهم شيء ، ولم تأخذهم مخابرات الرئيس كما أخذت غيرهم ، ونظرت إلى أظفارهم فلم أجدها منزوعة كما فعلت مخابرات الرئيس بالأطفال الآخرين . أيقظتُهم حتى يذهبوا لمدارسهم . ثم ذهبتُ إلى عملي ، ولا أدري كيف وصلتُ إليه ؟ لقد كانت رصاصاتُ الأمن في بلد الرئيس تتطاير بجانبي من اليمين واليسار . كنتُ أخاف أن يصاب أحد الأبناء . وكنتُ أحاول أن أتفاداها . آه آه ! ! الحمد لله وصلت إلى عملي . انتبهتُ ، فإذا أنا في البلد الساحلي ، ولستُ في بلد الرئيس ، وليس هناك إطلاق نار ولا رصاص ! ! ما الذي يحصل لي ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . أكملتُ عملي . ولا أدري فعلاً كيف عملتُ ؟ وماذا أنجزتُ ؟ ولكن انتهى وقتُ العمل . رجعتُ إلى بيتي . سمعتهم في التلفاز يقولون : إن الرئيس سيخرج إلى الشعب بعد قليل . أخرجت الأولاد جميعاً . أصبح الهدوء يملأ الغرفة ، فلم أسمع في الغرفة إلا صوت زفيري وشهيقي ! ! جلستُ منتبهاً بكل جوانحي لما سيقول الرئيس . فجأة ! ! قالوا : وصل الرئيس إلى المجلس التشريعي ، وسيلقي كلمته الآن ! ! الحمد لله لقد وصل ، والآن سأستمع له . راقبتُ دخول الرئيس بكل التفاصيل ،كنتُ أنظر إلى وجهه وإلى حركاته ، وإلى علامات الحزن التي تبدو واضحة عليه ! لقد دخل سيادة الرئيس إلى القاعة ، وهو مخفض رأسه نحو الأرض . الحزن يدمي قلبه . مرَّ بين الناس وهو مغضب مما يحدث ! ! هتف المجلس التشريعي جميعاً : بالروح بالدم نفديك يا بلدي ! ! وقف الرئيس على المنصة ، وقال بصوت فيه بحة البكاء : بسم الله الرحمن الرحيم ، أيها الشعب الكريم . . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يجب أن نقف دقيقة صمت على ضحايا المجزرة العظيمة في بلادنا قبل أن أبدأ بحديثي هذا ! ! وقف الجميع فوراً ، وأحسستُ أني أقف معهم دون شعور مني ! ؟ ثم طلب من الجميع قراءة سورة الفاتحة على أرواح الشهداء الأبرار الذين قضوا نحبهم في هذه البلاد . فقرأها الجميع . انتهى الرئيس من قراءة الفاتحة ، والتي كان يقرؤها بصوت منخفض يظهر عليه أثر البكاء . ثم دعا للجميع بالخير والسعادة ، وأن يهنأ هذا البلد بالخير والاستقرار . ثم قال : أيها الشعب الكريم . . . لن يهنأ لنا عيش حتى نسترد كرامتكم التي أهدرتْ في بلادكم ، ولن أرجع إلى بيتي اليوم حتى يعود الناس إلى بيوتهم مطمئنين . فرح المجلس التشريعي بهذه الحماسة ، فقام أحدهم وقال : بالروح بالدم نفديك يا رئيس . . . لم يكمل كلمته إلا والرئيس يقاطعه قائلاً : بالروح بالدم نفديك يا بلادنا. فلستُ أنا إلا واحداً منكم ، وأنتم مني ، ولستُ ممن يحب هذه الشعارات ، فأنا هنا من أجلكم ، وقد ابتلاني الله تعالى بأن جعلني رئيساً عليكم ، فلو عثرت نملة في بغداد ، أقول نملة وليست بغلة ، نعم ، لو عثرت نملة في بغداد لسألني الله عنها ، ولن أكون إلا كما يرضي الله . وتابع قائلاً : إن أبوابي مفتوحة للجميع ، للصغير قبل الكبير ، للضعيف قبل القوي ، للفقير قبل الغني ، ولن يغلق هذا الباب أبداً ما دمتُ حياً . إنني بمسؤوليتي الكبيرة أحتاج إليكم أكثر مما تحتاجون إلي . إن هذا الوطن هو وطننا جميعاً ، ويتسع للجميع ، وأنا بدونكم لا شيء ، وسنبني من هذه اللحظة البلد سوياً ، ونعيد ترميم ما تهدم منها ، ونحارب الفساد سوية ؛ حتى تصبح بلادنا البلد الأولى على مستوى العالم . . . ارتفع صوت مجلس الشعب بصوت واحد : بالروح بالدم نفديك يا بلادنا. بالروح بالدم نفديك يا بلادنا . وبدأ الناس بالتصفيق بشدة . وما شعرتُ إلا وأنا أصفق معهم كما يصفقون . وبدأ الصوت يعلو شيئاً فشيئاً ، حتى فزعتُ من نومي من كثرت الإزعاج . انتبهتُ إلى نفسي فإذا أنا جالسٌ في مكاني ، والتلفاز أمامي ، والرئيس قد أنهى كلمته ، والمجلس التشريعي يصفق بشكل جنوني ، وسيادته يضحك ضحكات صفراء مزعجة . نظرتُ جيداً ! فإذا بي كنتُ من شدة تعبي قد نمتُ أولَ الكلمة ، ولم أسمع منها أي حرف . وإنما كان حلماً بعد كل ساعات الانتظار . ولكن ليتكم تخبروني : لماذا كان يضحك سيادته في خطابه هذا بعد هذه الأشلاء ؟ ولماذا كان يصفق المجلس التشريعي بهذه القوة والحرارة ؟ وماذا قال في هذا الخطاب ؟ أرجو ألا تنسوا إخباري . وشكراً لكم . بقلم د.ملهم الرغبان
__________________
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
عائض القرني يدعو الرئيس نيلسون منديلا إلى الإسلام في خطاب عجيب | باحث عن الشهادة | شخصيات عربية | 2 | November 10, 2009 10:18 PM |
عائض القرني يدعو الرئيس نيلسون منديلا إلى الإسلام في خطاب عجيب! | قرآني منهج حياتي | النصح و التوعيه | 2 | October 30, 2009 02:10 AM |