فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم September 11, 2009, 03:21 AM
 
Lightbulb مسالك أسئلة الخلاص

مسالك أسئلة الخلاص

مشى نحو المسجد ، كان الآذان يملأ فراغ الفضاء للمدينة ، يتثاقل في خطاه ، كان يحدد موضع القدم أمامه ، كان منحنيا متواضعا أشد ما يكون عليه تواضع العبد لخالقه ، ينظر للأرض و هو يطوي هذه المسافة التي تبعده عن المسجد و ساحته ، كانت يداه للخلف تمسك إحداهما الأخرى ، كان الناس يهرولون ، يركضون ، يتسابقون في نفس الاتجاه ، قال في نفسه " كلنا نلبي النداء أترانا نسرع للوقوف بين يدي الله متلهفين لقائه ؟ " عض على شفته السفلى و قطب حاجبه و هو لا يزال ينظر إلى مواضع الخطى ، "المتسابقون لرحمة الله ، كان عليهم فقط ألا ينهروا السائلين الواقفين على أبوابهم طالبين المعونة ، قال لهم الله أسرعوا في قضاء حوائج عبادي الضعفاء المساكين من الفقراء و الأيتام و المكروبين ، أصحاب الحاجات ، إن الإسراع في رفع الغبن و الهمّ و الحزن عن البؤساء يماثل العبادة التي يتلهف العابد لتأديتها ، إن في عون العباد راحة نفس وسمو روح و رضا الرب ، لن يعدم صانع المعروف جوازيه . " قال في نفسه الكثير و قد تحركت شفتاه كأنه يشركهما، يطبع ما يفكر فيه عليهما ليكونا شهيدين.
" أتراهم يستريحون حين الوقوف بين يدي الله وتبعات الضعفاء والجائعين و المظلومين في رقابهم ، الكادحين المهمّشين المرضى و العجزة ، الذين استضعفوا في الأرض ، المأكولة حقوقهم ، ألبسوا سرابيل الباطل زورا وقهرا " كان ينظر في هذه الأجساد ، تمثلها زوارق في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب و ظلمات ظلم واقع يحياه مع الآخرين، من يحدد اتجاه هذه الزوارق في هذه التيارات الجارفة ؟ هل تجري بالأرواح التي تسكنها حقا ؟ أم أن إرادة أخرى تحدد لها مصيرها ؟ كان يسير وهو يفكر في كل حاكم على الأرض أقام بِنَاء ً يعبد فيه الله وطرّزه بالذهب و الفضة و النقوش ليجمع فيه الخلق ليتقربوا فيه من الله و يشتغلون بالدعاء لهم ، كان يفكر في الحاكم الذي بنى لله بيوتا و شرد عباده للجبال والأقبية ، جعلهم كالحيوانات في أكواخ القش وبيوت القصدير ، طردوهم من رحمة الله ليدخلوا أبواب الشياطين. ترى من يعرف الله حقا ؟ " رفع جبينه عاليا لتلك الزرقة ، الله في السماء ، شعر بثبات روحه وطمأنينة استقرت في أعماقه ، كان على كل من يفكر في هذا أن يصرف وقته وجهده في تبليغ الآخرين وينشأ بعث رسالة من جديد ، رسالة الله للإنسان ، أن تصرف خيرات الله و أمواله لسعادة عباده ، ليعيش الإنسان مكرما ، لقد كرمه الله حيثما حلّ ، فلما يهينه الحكام و دوائرهم " كان يمشي الهوينى ، يلعق التفكير عقله ، أنة في شفتيه ، يغتم كلما ركب السؤال ، يصير لون وجهه أصفر كأوراق الخريف ، كريات دمه ملّت دمه ، لبست ثوب العتاب، تعبت هي كذلك من دمه ، دمه كذلك تعب من مجراه ، يمر عليه الراكضون، يتقدمونه ، المتعجلون يلقون عليه التحية ، يرد عليهم السلام ، دون التعجل في الخطو ، لا يجرأ أن يحث رجلاه على ذلك ، لا يتحرك إلا بدافع روحه و تفكيره معا ، روحه مشغولة مع فكره في قلق السؤال ، يصل باب المسجد ، ينزع نعله الجلدي ، أسماله المتآكلة ، يضع حذاءه بهدوء في رف الأحذية المخصص لذلك ، الآخرون المتعجلون يضعون نعالهم في فوضى ، يسابقون الوقت للمثول أمام الله ، يدخل المسجد يشعر برهبانية ، ينظر في الصفوف ، قبل أن يصلي ركعتي التحية ، يلحظ أكثرية المصليين بثياب بيضاء ، فيهم الأعيان و الأشراف من رئيس المدينة إلى حاكمها ، قضى صلاته ، انتشر في الأرض ، أثناء خروجه سمع احد المصليين يشكو سرقة حذاءه الغالي الثمن ، كان يطوي مسافة العودة وصورة الأبيض تمناها لو كانت في القلوب السوداء الحاملة لوجع الإنسان و شقائه ، كان وهو عائد من الصلاة يغور في عمق السؤال متطلعا للإنسانية جمعاء ، للذين يبيعون الخراب و يصدرون الموت ، المعلنون للحروب و المشعليين للفتنة ، وحدهم هم من يملكون قدرة بناء الصوامع و الكنائس و المساجد ، هم من يطلب من القديس و الراهب و الإمام و الحبر أن يعلن آيات الله وأسفار الرب ونشرها في مواكب الجنائز و المقابر وفوق التوابيت ، هؤلاء الدافنين سبل سلام الإنسان ، العاملون على تحويل العبادة سلوكا بشريا بلا روح ، هؤلاء من يخنقون الإنسان بما يصنعون له من مآسي و شقاء " أتعبه هذا التفكير الذي كاد أن يكلفه حياته في إحدى أيام الصيف ، مضى متثاقلا في الأزقة التي ترش رائحة الألم من بين أركانها وزواياها ، تفضح عورات وجعها في صور فاجعة للحرمان ، من هذه الأزقة يمشي شبحها متثاقلا معه كلما مر عليه ، يجر الشبح الخيبة في التغيير ، ناقما على الأيدي الصانعة لقدر الإنسان ، كان يمر على الأزقة و المشردين نائمون على الأرصفة ، اللصوص مدققون ، متكئون على الجدران ، المياميس يلتقطن الزبائن كما تلتقط الحرباء الذباب ، يفرشن أعمارهن المزهرة سلعة للبغي لأجل لقمة العيش التي دفعتهم للخطيئة و المعصية ، كان يسير متثاقلا وقد بدت له هذه الأزقة نوافذ تطل على العالم ، هل يشبه العالم بعضه بعضا ؟ كاد نفَسُهُ يتقطع كما قلبه و أمامه رجال يتسارعون للعودة لديارهم يمرون على نفس الأماكن دون أن تتغير هذه الأماكن ، يتسارع الناس للعودة إلى عاداتهم الخفية المتستر عليها ، كما يعود آخرون إلى مخابرهم لاختراع وجع آخر منتظرين وقت العبادة لتطهير أرواحهم من الخطايا و الذنوب المقترفة في حق بعضهم البعض ، كان عليه أن يتأكد من الأكاذيب و لو تمسك العالم بمصطلحات الحريات الفردية و الجماعية ، كان عليه أن يمشي وحيدا متثاقلا ، يتصور نفسه ماشيا في كل أزقة العالم ، في فضاءات متعددة ومتنوعة . سأل نفسه هل أنا أشبههم ؟ لا أحد يستطيع خلق نفسه إنما يصنعها أو يرسمها غيره.
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم September 13, 2009, 04:06 PM
 
رد: مسالك أسئلة الخلاص

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف تكتسب الحماس الاستاذ سيف علم الإدارة والاتصال و إدارة التسويق و المبيعات 1 July 12, 2010 07:07 AM
صباحك ..... مساءك ..... حب .... !!!! بحر بلا امواج شعر و نثر 0 May 18, 2009 08:42 PM
نكبة الحماس إسمي الرسمي كلام من القلب للقلب 2 October 18, 2008 04:32 AM
كيف الخلاص ؟؟؟؟؟؟؟؟ advocate مقالات حادّه , مواضيع نقاش 0 May 27, 2008 10:49 AM
... مسالك الروح ... ஐஐغدير القمرஐஐ النصح و التوعيه 0 November 7, 2007 02:51 AM


الساعة الآن 04:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر