فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم September 11, 2009, 03:03 AM
 
Lightbulb "خفايا ما بعد الحداثة" لشادية دروري هل يعيش التاريخ لحظة احتضاره؟

"خفايا ما بعد الحداثة" لشادية دروري هل يعيش التاريخ لحظة احتضاره؟
لا يمكن تتبع التأثير الفكري الفلسفي الواسع لألكسندر كوجيف (مهاجر روسي استقر في فرنسا) من دون الاعتراف بأنه من أشهر شُرّاح فلسفة هيغل في القرن العشرين، والأكثر تأثيراً في تشويه هذه الفلسفة، بحسب رأي الباحثة دروري. والسبب في هذا التشويه هو أن فهمه لفلسفة هيغل، ولا سيما في التاريخ، كان مغلوطاً ولم يكن وفقاً للجدلية الهيغلية الصرفة، بل أن ذلك الخليط العجيب من فلسفات هيغل ونيتشه وماركس وهايدغر، دفعه ليكون من عتاة المعادين لفكر التنوير بعامة.
وعلى الرغم من مسؤوليته عن تنكر ما بعد الحداثة للعقل وترذيله لمنجزاته، فإن سلسلة المحاضرات التي ألقاها كوجيف عن (ظواهرية العقل) لهيغل في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا بين 1933 1939، هي التي صاغت المشهد الفكري الفرنسي في القرن العشرين على نحو دراماتيكي. إذ حضرها عدد لا بأس به من المفكرين الفرنسيين من بينهم ريمون كونو وجورج بتاي وموريس ميرلو بونتي وأندريه بريتون وجاك لاكان وريمون آرون. وقد تعدى تأثير هؤلاء الى مفكري ما بعد الحداثة مثل ميشيل فوكو وجاك دريدا، وكان تأثيره كبيراً أيضاً في أميركا على أتباع ليو شتراوس أمثال ألن بلوم وفرانسيس فوكوياما، حتى أن معلقين أميركيين أشارا الى أن عمل كوجيف يمتاز "بذكاء وعمق لا مثيل لهما".
وبسبب شخصيته الغامضة والمتناقضة، فإن هذا الكتاب يروي كيف تصدر كوجيف الماركسي من "عالم الحرية" الى عالم "آخر البشر" بمفهومه النيتشي. فهو يروي كيف قلَبَ كوجيف "نهاية التاريخ" الى رمز لليأس الذي يصيب الذين يعتقدون أن التاريخ، بوصفه ميداناً للأحداث الهامة والأفعال المجيدة، هو أحد ضحايا عالم الحداثة.
إن مقولة كوجيف بنهاية التاريخ ذكرتنا بمقولة نهاية الإيديولوجيا التي سيطرت على العلوم السياسية في الولايات المتحدة في الخمسينات، ولكن وعلى الرغم من التشابهات، تبقى الفروق بين "النهايتين" أكثر أهمية. فبينما كانت نهاية الإيديولوجيا مُتجذّرة في العلم، تضرب نهاية التاريخ جذورها في التاريخانية، وبينما كانت الأولى مُتجذّرة في البراغماتية الأميركية، كانت الثانية متسربلة بالفلسفة الهيغلية، وبينما كانت الأولى تنزع نحو التفاؤل وهي خالية من عدم الثقة بالذات، كانت الثانية مفعمة بعدمية من نوع خاص.
إن ترذيل كوجيف للعقل، وتمجيده للماضي، وفهمه للحرية أسهمت في تطرف الفلسفة السياسية لما بعد الحداثة، وفي رومانسيتها المظلمة، ويأسها، وعجزها وتمجيدها للعنف المجاني. ويمكن اعتبار ما بعد الحداثة بمثابة رفض للعقلانية الموضوعية وعودة النسبوية لكن هذا المستوى لا يرمز الى مستوى اكتناه الجدة والخصوصية اللتين تحلّت بهما النسبوية بعد انبعاثها. ففي حين كان العقل في نظر النسبوية القديمة القاحلة عاجزاً، أصبح في نظر النسبوية الجديدة طاغية عنيداً، وقد بيّن الكتاب أن تجلّي النسبوية في عصر ما بعد الحداثة هو من صنع كوجيف بالدرجة الأولى. إن نظرية المعرفة عند نيتشه، في صيغتها المؤرخنة، تشكّل أساس ما بعد الحداثة. فهي تتصوّر أن التاريخ نفسه أثبت ما قاله نيتشه وتتصوّر أن عالمنا برهان حيّ على أن العقل وولاءه للحقيقة مدمّر للحياة البشرية. إن للنسبوية بصيغتها الجديدة كمّاً أكبر من الدرامية والمأسوية والغواية.
إن الصورة التي رسمها كوجيف للعالم الحديث ليست فقط لعالم يستبد فيه العقل، بل أيضاً لعالم تتحقق فيه الحقيقة. فالتاريخ حكاية تندحر فيها الإيديولوجيا أمام الحقيقة. ففي نهاية التاريخ تُنسف كل الإيديولوجيات. إن مصير الإنسان شبيه بمصير أدويب الذي جلب الدمار لنفسه لدى حله لغز أبي الهول. إن قبول تلامذة كوجيف ما بعد الحداثيين بمنطقه قادم الى التنكر للحقيقة والعقل.
وتتلخص أزمة ما بعد الحداثة بالتساؤلات الآتية: هل نستطيع أن نعيش في عالم تبيّن فيه أن مصدر الاستبداد الأعظم هو العقل وحقائقه؟ هل نستطيع أن نعيش في عالم نُسفت فيه كل الآفاق؟ هل نستطيع أن نعيش في عالم تُعَدّ فيه جميع المعتقدات من قبيل الأوهام؟ هل نستطيع أن نعيش في عالم خال من سحره وأساطيره وأوهامه ودياناته؟ هل نستطيع أن نعيش في عالم من دون تلك المحرمات أو المحظورات التي تسمو بالتجربة الإنسانية وتُصعّدها؟ هل نستطيع أن نعيش في عالم موسوم باستبداد النساء واندحار الرجولة؟ هل نستطيع أن نعيش في التاريخ لحظة احتضاره؟ يتوصل كل من الكتّاب الفرنسيين والأميركيين الذين سحرهم كوجيف الى استنتاجات مختلفة مع أنهم انطلقوا من الافتراضات الكوجيفية ذاتها.

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم October 22, 2012, 05:00 AM
 
رد: "خفايا ما بعد الحداثة" لشادية دروري هل يعيش التاريخ لحظة احتضاره؟

كتاب هام لمعرفة أصول العدمية المعاصرة ،،، شكرا للأخ الذي قدم الكتاب وللموقع الحبيب
رد مع اقتباس
  #3  
قديم October 22, 2012, 05:02 AM
 
رد: "خفايا ما بعد الحداثة" لشادية دروري هل يعيش التاريخ لحظة احتضاره؟

شكرا للأخ من المغرب الحبيب على التقديم لهذا الكتاب الجريء
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المحطة تعيد "منتجة" المسلسل لحذف الجمل "البذيئة" .. "mbc" تطلب من الصحفيين السعوديين عدم ا هدب عيني قناة الاخبار اليومية 7 June 11, 2011 06:16 PM


الساعة الآن 04:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر