فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم July 7, 2007, 02:35 PM
 
حاسة الذوق

أبحاث عالمية مثيرة حول حاسة التذوق
العلماء يكشفون أسرار الطعم المميز للآيسكريم وحب الأطفال الكبير للحلويات

الرياض: د. حسن محمد صندقجي
لماذا نُحب تناول بعض المأكولات أو المشروبات مثلجة والأخرى باردة والبعض الآخر منها لا نستسيغه إلا أن يكون ساخناً؟ سؤال يحير البعض، لكن الباحثين من جامعة ليوفين الكاثوليكية في بلجيكا بالتعاون مع زملائهم من اليابان والولايات المتحدة حاولوا الإجابة عليه في دراسة نشرتها مجلة «نيتشر» العالمية في عدد منتصف شهر ديسمبر الماضي، وتناولت بالنتيجة كيف أن الإحساس بدرجة الحرارة يُؤثر على الإحساس بطعم المأكولات أو المشروبات، وبالتالي يتحكم في الكيفية المُقدمة بها لتقبلها وتفضيل تناولها. هذا ويحاول الفرنسيون كما تحدثوا في أوائل شهر ديسمبر الماضي إيجاد حلول لتفضيل الكثيرين تناول المأكولات المحتوية على الدهون وطعمها، عبر مزيد من التعمق في تطوير نتائج دراسات الدكتورة ندى أبو مراد من جامعة واشنطن في سانت لويس المنشورة أوائل شهر نوفمبر الماضي في مجلة الأبحاث الإكلينيكية الأميركية، والتي اكتشفت فيه لأول مرة وجود بروتين على أسطح خلايا اللسان وغيره من أعضاء الجسم يُدعى بروتين «سي دي 36» قادر على رصد الدهون وتمييزها وإرسال إشارات عصبية للدماغ حولها.
لكن الباحثين من فيلادلفيا في بنسلفينيا يتحدثون بلغة أخرى لا نفهمها نحن كبالغين لقصور فينا، بل ربما يفهمها جيداً فلذات أكبادنا من الأطفال الصغار، وذلك حينما قدموا ما يعلل ولع الأطفال بالحلويات والسكريات، والأمر كما وجدوه هو أن الحلويات تعمل عمل البنج (المخدر) أو مُسكن الألم لديهم! وتخفف من شعورهم بالألم مما يجعلهم يُقبلون عليها بخلاف البالغين.
والحقيقة أن الاهتمام العلمي والطبي بموضوع التذوق ما يزال يحبو حبواً بطيئاً، ولا عجب أن حتى اهتمام الناس بالموضوع وتصور علاقته بالأمراض المختلفة وشؤون الصحة تكتنفه ضبابية وعدم وضوح.
إن البحث في التذوق لم يعد اليوم ترفاً بل إن البعض من الأطباء يرون فيه مفتاحاً علاجياً لكثير من المشاكل الصحية المرتبطة بالغذاء، فحالات السمنة واضطرابات الكولسترول وأمراض شرايين القلب ومرض السكري وغيرها كثير تواجه اليوم مقاومة قوية من المرضى في اتباع وسائل العلاج المعتمدة على سلوك نمط الحياة الصحية من الحمية وغيرها. وإذا ما ظل إهمال الأطباء لهذا الجانب، طعم الأكل أو الشراب، وتأثيراته الصحية فإنهم سيخسرون أحد أهم الوسائل العلاجية الواعدة التي من خلالها وعبر التحكم فيها يمكن أن يساعدوا مريض السكري مثلاً على التقليل من تناول السكريات إذا ما جعلوا لسانه لا يتقبلها وكذلك الحال مع الدهون وحتى ربما مع الكحول أو التبغ. ودعونا نعرض بعضاً مما يدور في الوسط الطبي العلمي حول هذا الموضوع.
التذوق وأنواع الطعم
* إن قدرة الإنسان الطبيعي على الاستمتاع بطعم المأكولات أو المشروبات، لا مجرد الإحساس بتذوقها، يتطلب إثارة العديد من أطراف الخلايا العصبية في فمه وأنفه.
وبحسب ما خلُصت إليه الدراسات التشريحية والفسيولوجية فإن بإمكان الفم من خلال اللسان وغيره أن يميز في التذوق بين خمسة أنواع أساسية من المواد المُختلفة، وهي المالحة والحلوة والحامضة والمرة. كما أن هناك نوعاً خامساً يُقال له باللغة اليابانية «يم مي» umami، وهو ما يعني بالترجمة إلى العربية «الطعم اللذيذ»، أو ما تصفه الأمثال لدى البعض «الأكل ذو الطعم الذي يسيل له اللعاب» أو «الذي نأكل أصابعنا من بعده». ويحصل الإحساس بما هو «يم مي» عند تناول طعام أو شراب يحتوي على ما يُشبه المرق أو الصوص sauce، كما في طعم اللحم الطري المشوي أو الجبن الناضج، وذلك ربما نتيجة الإحساس والإثارة بمادة كيميائية بروتينية تدعى «غلوتاميت أحادي الصوديوم».
من هنا فإن ما نعبر عنه بالتذوق يختلف عن الطعم. فالطعم هو في الحقيقة يشمل التذوق والنكهة. والنكهة يُحددها إحساسنا بجُملة أمور تتعلق بالرائحة والكتلة في الفم ودرجة الحدة وغيرها من خصائص الطعام أو الشراب، وهو ما يبني الذواقة المُحترفون أو عامة الذواقة من هواة الناس تقويمهم للطعم.
وكانت الأبحاث الأخيرة قد أشارت إلى عوامل أخرى تُساهم في تكوين الطعم وبالتالي النكهة، منها هذه الدراسة الأخيرة التي تعيد الاعتبار إلى دور درجة حرارة الطعام ليس فقط في إعطاء نوعية طعمه بل وحتى في تقبله وكيف نُفضل تناوله. ومنها ما تحدثت عنه في زاوية الأخبار الطبية قبل أكثر من ستة أسابيع في ملحق صحة الشرق الأوسط حين عرضت بحث الدكتورة دانا سمول وزملائها في جامعة يال ومختبرات جون بيرسي بالولايات المتحدة المنشور آنذاك في مجلة الخلية العصبية الأميركية. وتبين فيها لأول مرة بشكل واضح أن الإحساس بالرائحة عبر الأنف يثير في الدماغ إحساساً بأن مصدر الرائحة يأتي من خارج الجسم بينما الإحساس بها عن طريق الأجزاء الخلفية للأنف حينما تمر الرائحة أولاً عبر الفم هو ما يجعل الدماغ يحس كما لو أنها صادرة من الفم وما فيه من طعام، وبالتالي يساعد الدماغ على تركيز الإحساس وربطه بنكهة الطعام أو الشراب. والدراسة أيضاً أكدت عدم وجود قدرة خاصة للفم على الإحساس بالرائحة لا للطعام ولا لغيره، وأن ما ينشأ في الدماغ حين تناول الطعام أو الشراب هو محصلة أمرين، الأول إحساس الفم بالطعم المجرد والثاني إحساس الأجزاء الخلفية في الأنف بالرائحة. آلية التذوق
* كيف يبني الدماغ تصوره عن تذوق ما نتناول؟
آلية إحساسنا بتذوق ما نضع في الفم عبارة عن قصة طريفة وذات أحداث مشوقة تعمل على تحويل إحساس الخلايا العصبية بالمواد المختلفة الطعم إلى تيار كهربائي ينقل المعلومات إلى الدماغ. وفي البدء يتم استقبال التذوق في حزمة من النهايات العصبية تُدعى براعم التذوق، وتنتشر على اللسان. هذه البراعم المكونة من مستقبلات عصبية تحتوي في أسطحها الخارجية على مجموعة من البروتينات القادرة على ملاحظة اختلاف ما يحتويه الطعام أو الشراب من مواد حلوة أو مرة أو مالحة أو حامضة أو يم مي. والملاحظة التي تكونها هذه البروتينات بعد ملامستها لأجزاء الطعام أو الشراب هي في الحقيقة عبارة عن معلومة أو مجموعة من المعلومات وعلى حسب اختلاف المعلومات المتجمعة لدى هذه البروتينات عن الشيء الذي في الفم يكون تفاعل خلايا الإحساس بالتذوق. التفاعل الذي تُبديه خلايا التذوق حينها يتمثل في فتح قنوات أو بوابات ميكروسكوبية (مجهرية) في جدار الخلية العصبية الواحدة للتذوق، مما يؤدي إلى دخول أو خروج بعض أنواع الأملاح كالكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم ذات شحنات كهربائية ضمن برمجة خاصة وترتيب متناسق، ينتج عنه بالتالي ظهور اختلاف بين نوعية الشحنات الكهربائية فيما بين داخل خلية التذوق وخارجها مما يؤدي إلى سريان نوع من التيار الكهربائي أو الإشارات العصبية، التي تبدأ من خلايا التذوق وتمر في الأعصاب حتى تصل إلى الدماغ، الذي بدوره يترجم هذا السيل من الشحنات الكهربائية أو المعلومات حسب ما يعني كل منها، ويُكون بالمحصلة إحساساً لدى الإنسان عما تناوله للتو في فمه.
الطعم والحرارة
* اما بالنسبة الى درجة الحرارة واختلاف طعم ما نتناول، فقد توصل فريق البحث من جامعة ليوفين في بلجيكا بالتعاون مع العلماء الأميركيين واليابانيين، إلى اكتشاف أن هناك قنوات أو بوابات تُدعى «تي أر بي ام 5 » Trpm5-channl موجودة في جدران خلايا براعم الإحساس بالتذوق العصبية التي على اللسان، وهذه البوابات أو القنوات التي من اللازم فتحها لإتمام عملية التذوق هي بالأصل ذات حساسية عالية لأي تغير في درجة حرارة الطعام أو الشراب الذي يُوضع في الفم. وعند تناول ما درجة حرارته 15 درجة مئوية من النادر وبصعوبة أن يتم فتح هذه القنوات أو البوابات، بينما تزداد القدرة على فتحها بمقدار 100 مرة وبالتالي كفاءة الإحساس بالتذوق عند تناول ما درجة حرارته 37 درجة مئوية!.
من هنا فإنه كلما كان الطعام أو الشراب ذا حرارة أعلى كلما تفاعلت قنوات أو بوابات «تي أر بي ام 5» بشكل أكبر وأقوى، وزادت بالنتيجة قوة سيل الشحنات الكهربائية أو رسائل المعلومات الذاهبة إلى الدماغ لإخباره بتذوق ما هو داخل الفم. وعلى سبيل المثال، فالطعم الحلو للآيسكريم (البوظة) يتم الإحساس به وإدراكه فقط حينما يذوب الأيسكريم وترتفع درجة حرارته داخل الفم، ولذا فإن تقديم أيسكريم دافئ نسبياً وليس مثلجاً يُعطي فرصة أكبر لإحساس من يتناوله بحلاوة طعمه. وهذا الأمر نجد الكثيرين منا يميزونه، فنحن نحب ونحس بشكل أكبر حلاوة طعم سيل الآيسكريم المنساب من الجهاز الآلي أو طعم بوظة الحليب العربية بعد طرقها ومزجها وبالتالي رفع درجة حرارتها، بخلاف الإحساس حين تناول الآيسكريم المثلج كأعواد الأيسكريم مثلاً.
الضرورة الطبية للتحكم في الطعم وحاسة التذوق. هذا البحث حول اختلاف درجة قوة الإحساس بالطعم الحلو بناء علي اختلاف درجة حرارة الطعام أو الشراب يفتح الطريق أمام مزيد من الأبحاث في هذا الاتجاه إضافة إلى الكثير المتوفر منها حول تأثير الخصائص الفيزيائية وكذلك الكيميائية على كفاءة عمل براعم التذوق العصبية من أجل رفع الإحساس بالطعم المُتقبل وتثبيط تأثير بعض المواد المُقللة للاستمتاع بالطعم في المنتجات الغذائية، خاصة لدى الأطفال ممن يصعب حثهم على تناول أنواع مفيدة من الأغذية أو الحد من تناولهم للضار منها. وأيضاً إعادة النشاط لبعض براعم التذوق المندثرة وإيجاد توازن بين أنواعها لدى كبار السن. وموضوع إحساس كبار السن بطعم ما يتناولون هو موضوع متشعب ومهم في نفس الوقت، لأن هناك جملة من الأمور تُؤثر على تذوقهم للأطعمة وأنواع الشراب، منها ما هو نفسي ومنها ما هو فسيولوجي عضوي، فمشاكل الأنف والجيوب الأنفية كالحساسية والالتهابات أو اللحميات، وتناول بعض الأدوية كأنواع من المضادات الحيوية أو علاجات ارتفاع ضغط الدم أو العلاج الكيميائي، ومشاكل الفم واللثة، وإصابات الرأس أثناء الحوادث، والتدخين، والأمراض العصبية كالألزهايمر أو باركنسون، كلها قد تؤثر على قدرات الإحساس بالتذوق. وأهمية الأمر ليس كما قد يتصور البعض أنه ترف ومضيعة لوقت البحث العلمي، فكثير من أنواع الحمية الغذائية للمرضى من كبار السن تواجه مشكلة عدم التطبيق والانتظام في اتباع تعليماتها، والسبب الرئيس في هذا هو الصعوبات التي يواجهها المرء منهم في تقبل ما يُوضع له أو يُنصح بتناوله حماية لصحته كمرضى شرايين القلب واضطرابات الكولسترول والدهون وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري والفشل الكلوي والكبدي والسمنة وغيرهم. كما أن عدم تميز المرء لطعم ما يأكل قد يؤدي به إلى تناول كميات عالية من الأملاح أو إضافة بعض الإضافات الغذائية المحتوية على مواد قد تضره.
والمجالات هنا منها ما يتعلق بتفضيل أنواع من الأطعمة كالدهون مثلاً كما سيأتي، ومنها ما له علاقة بالتعود وهو ما يحتاج إلى البحث عن وسائل تعديله.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الذوق, خاصة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اجمل الستائر على شكل لوحات فنية لاصحاب الذوق الرفيع .... جوري السعوديه الفنون الجميله 18 November 25, 2010 06:34 AM
اضطرابات حاسة الشم / فقدان او انعدام حاسة الشمضعف حاسة الشم غالية مقالات طبية - الصحة العامة 2 July 12, 2010 10:20 PM
السكرتيرة.. مؤهلات خاصة جدا بو راكان علم الإدارة والاتصال و إدارة التسويق و المبيعات 5 October 19, 2008 12:01 AM
وظيفه شاغرة مبرمج حاسب آلي بو راكان وظائف شاغرة 1 January 14, 2007 07:30 AM


الساعة الآن 02:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر