مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   مقالات حادّه , مواضيع نقاش (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_39.html)
-   -   دعاة فصل الدين عن السياسة هم حقا مفسدون (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_452013.html)

عبد الحميد بن مختار November 24, 2014 07:55 PM

دعاة فصل الدين عن السياسة هم حقا مفسدون
 
دعاة فصل الدين عن السياسة هم حقا مفسدون



لقد بات واضحا ان هناك حملة منظمة ضد الاسلام السياسي في العالم الاسلامي عموما وفي البلاد التي شهدت انتفاضة تحديدا ومنها تونس .. وتهدف هذه الحملة الى تنفير الناس من العمل السياسي على اساس الاسلام بدعوى ان الاسلام والسياسة ضدان لا يجتمعان وان الجمع بينهما مضر لكليهما ومن الحجج التي يستند اليها دعاة الفصل بين الاسلام والسياسة القول بان الاسلام مجاله العبادات و الاخلاق ولا دخل له في الاقتصاد و الحكم ومن ثم لا شان له في السياسة والقول بان الدين ثابت و السياسة متحولة و متغيرة و ان الدين مجاله القطعي المطلق و السياسة مجالها النسبي وعليه وجب الفصل بينهما حتى "لا تمس قدسية الدين باستعماله في غير ما شرعه الله له " و القول بان " اقحام الدين في السياسة مولد للفرقة و مشتت للعزائم و الصفوف " و القول بان " ليس لاحد ان ينصب نفسه واسطة بين العبد و ربه وليس لاحد ان يدعي احتكار الحقيقة المطلقة او يجنح الى العنف و تكفير من يخالفه "

فالى اي مدى تنطبق هذه الحجج على الواقع ؟فان كانت منطقية صار الخلط بين الدين والسياسة منكرا فضيعا ياثم فاعله وان كانت غير منطقية كان ادماج الدين في السياسة واجبا ياثم تاركه و للاجابة نقول :

:مفهوم الاسلام و مفهوم السياسة

الاسلام هو الدين الذي انزله الله تعالى على محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم اما لفظا و معنى وهو القران و اما معنى و عبر عنه الرسول بلفظ من عنده وهو الحديث او السنة و تشمل اقوال الرسول صلى الله عليه و سلم و تقاريره (سكوته) و هذان المصدران حددا علاقة الانسان بنفسه ( الاخلاق و الملبوسات و المطعومات) و علاقته بربه ( العقائد و العبادات ) و علاقته بغيره من بني الانسان ( المعاملات و العقوبات ) فلم يترك الاسلام شيئا الا و تطرق اليه " و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ "و لقد قامت على اساس الاسلام دولة ملات ارجاء التاريخ و رعت شؤون ملايين البشر من جاكرتا الى مراكش منذ دخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا الى سقوط الخلافة العثمانية في استانبول في سنة 1924 ولم يرو لنا التاريخ ان الخلافة في اي عصر من عصورها التجات الى الفقه الروماني او الى اليوناني لترعى به شؤون الناس بل كانت الاموال تجبى و توزع حسب احكام الشرع و كانت الاحوال الشخصية (علاقة المراة بالرجل )تسير حسب احكام الشرع و كانت التجارة الداخلية و الخارجية تسير حسب احكام الشرع كما ان علاقة الدولة مع الدول الاخرى من عهود و معاهدات .. تسير حسب احكام الشرع .. ويكفي المرء ان يفتح كتاب فقه و يلقي نظرة خاطفة على فهرسته ليتيقن ان الاسلام دين منه الدولة و دين منه الاقتصاد و سيجد على سبيل المثال لا الحصر كتاب القصاص والجنايات و الجهاد والهدنة و الجزية و الغنائم و اسرى الحرب و البيع و القرض و الرهن و المزارعةو النذر والتجارة و المضاربة و الشفعة و الوكالة و المساقاة و الشهادة و البيع و النفقة و الفرائض الخ .

-السياسة من ساس يسوس الخيل اي رعاها و راضها وادبها فمعنى السياسة في الاصل يطلق على الرعاية و الترويض في الدواب فاستعملت مجازا في رعاية امور الناس وسمي الراعي لهذه الامور سياسيا فقيل" الوالي يسوس الرعية " اذا تولى امرها و دبرها و احسن النظر اليها و من قولهم " كيف تكون الرعية مسوسة اذا كان راعيها سوسة "اي كيف تكون احوال الرعية بخير اذا كان المسؤول عنها مفسدا مثل السوسة التي تنخر الخشب . فالسياسة اذا هي مجموعة افكار و مفاهيم و معالجات تختلف باختلاف المبادئ التي تنبثق عنها او تبنى عليها تلك الافكار و المفاهيم و المعالجات .

و المبادئ في الدنيا ثلاثة _ الاسلام و الراسمالية و الاشتراكية و من هنا كانت هنالك سياسة اسلامية و سياسة راسمالية و سياسة اشتراكية . فالسياسة و الاسلام شيئان متلازمان لا ينفصل الواحد عن الاخر ما دام هنالك اسلام و ما دام هناك مسلمون كما ان السياسة ملازمة للراسمالية و الاشتراكية ما وجد هذان المبدان و ما بقي اناس ينتمون اليهما .

فالفارق بين المبادئ الثلاثة ليس في وجود السياسة او انعدامها و اذا هي موجودة بداهة وانما هو في مفهوم السياسة = اهي رعاية و حسن تدبير و صدق ووفاء عهد ( الاسلام )ام هي مكر و خداع و تضليل ( الراسمالية و الاشتراكية لانهما و ان اختلفا في الاسس فهما يشتركان في الماكيافلية )

بناء على تحديد مفهوم الاسلام و مفهوم السياسة يتبين و بشكل جلي ان الدعوة لفصل الدين عن السياسة كلمة توهم بالحق وهي باطل - توهم بالحق من حيث ان المسلم لا يجوز له ولا يليق به الا ان يكون مسلما كامل الاسلام بعيدا عن الدسائس و المكر و النفاق التي تقتضيها السياسة بمفهومها المنحرف , و اما كونها باطل فهو منع المسلم الملتزم الفقيه بدينه من القيام بدوره في اصلاح المجتمع بناء على احكام الاسلام . فدعاة الفصل بين الاسلام والسياسة هم حقا مفسدون في الارض اذ انهم بدل ان يعملوا الى اعادة السياسة الى حرم الاسلام ونطاقهليعود لها معناها المشرق و المشرف


الساعة الآن 05:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر