مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   كتب السيرة الذاتية والرحلات (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_271.html)
-   -   تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_444178.html)

معرفتي August 30, 2014 10:38 PM

تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf
 
تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf
تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf


https://up.ibtesama.com/upfiles/6rc25964.gif

المركز القومي للترجمة - العدد 2007
رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة
"رحلة الأبرياء إلى الخارج "
مارك توين
ترجمة وتقديم
عبد الباقي بركات

كتاب ضخم من الحجم الكبير قارب على 600 صفحة
https://up.ibtesama.com/upfiles/5m628378.gif
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها


https://up.ibtesama.com/upfiles/5m628378.gif
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها


https://up.ibtesama.com/upfiles/5m628378.gif
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

https://up.ibtesama.com/upfiles/zga28378.gif
جاء صدور هذا الكتاب إبان الإنتهاء من الحرب الأهلية الأمريكية، حيث شهد مناخ هذه الفترة تحولات فكرية وثقافية وعلمية ودينية خطيرة، خاصة أن أوروبا كانت قد بدأت إرهاصات ثورتها الصناعية مع ما واكبها من أحدث كبيرة وظهور رواد لحركة التنوير والانطلاق نحو التغيير ومنذ ظهور هذا الكتاب حتى اليوم لم يتوقف الجدل حوله، ومهما كان رأي القاريء فى الكتاب والكاتب فإننا لا نستطيع أن نغفل أهمية ما ورد فيه من قضايا تتعلق بنا مباشرة، وتمس العقيدة والسلوك والمناخ الذي كانت تحياه المنطقة العربية فى ظل الحكم العثماني. الكتاب يعد من أدب الرحلات حيث تبدأ الرحلة من نيويورك لتجوب الشرق والبحر المتوسط وتنتهي بفلسطين، محاولات إثارة قضايا تهم القاريء العربى المسلم والمسيحي.

التحميل

أتمنى لكم قراءة واعية

https://up.ibtesama.com/upfiles/dp526680.jpg


تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf
تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf

معرفتي August 30, 2014 10:43 PM

رد: تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf
 
فلسطين في عيون مارك توين
كتب إياد نصار في القدس العربي
بتاريخ 19-7-2011

فلسطين في عيون مارك توين
'الأبرياء في الخارج': نظرة استشراقية طافحة بالسذاجة والسخرية والكراهية


هذا كتاب قديم في أدب الرحلات، ولكنه خطير بمحتواه وأحكامه، التي تكتنفها السذاجة والمبالغات والسخرية والكراهية من كاتب مشهور، عرف عنه التحول في مواقفه وتوجهاته من تأييد الإمبريالية الى معاداتها، ومن النقد الديني الى النزعة المحافظة المدفوعة بتأثير ديني.
وللدلالة على خطورة الكتاب، يكفي أن نعلم أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكما ذكرت صحيفة هآرتس، حمل معه فقرتين من الكتاب في العام 2009 الى واشنطن، لتقديمها الى الرئيس الامريكي باراك أوباما، باعتبارها دليلاً دامغاً، ومن كاتب أمريكي مشهور له وزن كبير في تاريخ الادب الامريكي، وينتمي الى مرحلة تاريخية تسبق الصراع العربي الاسرائيلي ونشوء القضية الفلسطينية، ما يشي بموضوعيته، حيث لم يكن النزاع قائماً آنذاك، لاقناعه، كما يزعم، بزيف الحق الفلسطيني وتهافت الاتهامات التاريخية لليهود باغتصاب فلسطين وتهجير الفلسطينيين، باعتبار أن فلسطين كانت مهجورة، كما تردد الحركة الصهيونية، قبل وصول المهاجرين اليهود الذين اقاموا المستعمرات الزراعية الاستيطانية!

قام الاديب الامريكي المشهور مارك توين واسمه الحقيقي صامويل لانجهورن كليمنس (1835-1910)، برحلة الى الاراضي المقدسة مع مجموعة من الحجاج الامريكيين وعددهم حوالي الاربعين في العام 1867 ، مرورا بمدن شواطيء البحر الابيض المتوسط ، كطنجة في المغرب، ومرسيليا في فرنسا ومنها براً الى باريس، وجنوة والبندقية وفلورنسا وروما، ومنها جنوباً الى صقلية في ايطاليا، وأثينا و'القسطنطينية' اسطنبول مروراً بمضيق البوسفور، حتى وصل مدينة أوديسا على البحر الاسود في روسيا آنذاك، ثم عودة الى مدينة سميرنا (ازمير) في تركيا، ومنها الى سوريا ولبنان حيث زار دمشق وبيروت وبعلبك، حتى وصل فلسطين. وقد دأب مارك توين على ارسال مشاهداته في هيئة مقالات اسبوعية لزاوية في صحيفة ألتا كاليفورنيا. وعندما عاد الى الولايات المتحدة نشر مقالاته في كتاب سماه 'الأبرياء في الخارج' The Innocents Abroad بعدها بسنتين، وأصبح من أكثر كتبه انتشاراً رغم شهرته روائياً وقاصاً، وخصوصاً بعد روايته 'مغامرات توم سوير' التي يروي فيها مغامرات طالب مدرسة ذكي ومتمرد على القيم الاجتماعية المحافظة، ومغامرات زميله المتشرد واسمه هاكلبري فن، وفيما بعد، عاد وكتب رواية 'مغامرات هاكلبري فن' والتي جعل هاك بطلها عندما صار رجلاً، فكانت رواية كبرى في تاريخ الادب الامريكي المعاصر لنقد واقع الحياة في المجتمع الامريكي المحافظ بسخرية، وطرح مشكلات العبيد ومعاناتهم والمعاملة المهينة التي كانوا يلاقونها، ونقد النفاق الاجتماعي.

قام توين بعد عودته بعدة جولات في عدد من المدن الامريكية، وألقى محاضرات حول مشاهداته، وكان مجرد الاعلان عن أنها حول زيارته الى الاراضي المقدسة، سبباً لحضور الجمهور الكثيف. وفي احدى المحاضرات التي القاها وكانت بعنوان 'مخرب أمريكي في الخارج' فقد انتقد تلك الطبقة من الامريكيين البسطاء، والذين يسارعون الى زيارة المعالم الرئيسة في المدن، ويجمعون بقايا من حجارتها، فقال متهكماً: 'ما تم جمعه من حجارة من بيت كولومبس في ايطاليا يكفي لبناء بيت من أربع عشرة ألف قدم'! ولكن المدن الحقيقية، كما يقول، لم تعد كذلك، فهم انما يحملون معهم أساطير الماضي وليس الواقع الحالي.

وسجل توين في الكتاب مشاهداته خلال الرحلة بلغة ساخرة جارحة أحياناً، وضمنه القليل من جوانب الاعجاب، والكثير من النقد لنمط الحياة والثقافة والتقاليد والفن في المدن التي زارها، وعقد المقارنات بينها وبين نمط الحياة والثقافة في الولايات المتحدة، بما يعكس ثقافته ونمط حياته في مواجهة أنماط لم يعتد عليها من قبل.

يحتوي الكتاب على كثير من المقارنات التي تنطوي على تصورات وقناعات متناقضة بين تجارب مارك توين ومشاهداته حول الاماكن التي زارها، وما كتبه آخرون عنها والرد عليهم. وقد امتاز بأسلوبه المعروف في السخرية والنقد المر والاسهاب، مع الاقتباس من الكتاب المقدس، وخاصة في الجزء المتعلق بفلسطين، التي زار جانباً من مدنها وقراها وسهولها وجبالها ووديانها وكنائسها وأديرتها، حتى غادرها الى الاسكندرية، عائداً الى الولايات المتحدة.

وكما هو مألوف في النقد الادبي في تفسير معاني الرحلة، فإنها تصبح رمزاً يشير الى اكتشاف الذات والاخرين، وتجربة خوض الحياة بعيداً عن رتابة الحياة واعتياديتها في الوطن، واتساع الافق نتيجة المؤثرات الجديدة، وتكوين خبرات مغايرة خلالها، حتى تصبح الرحلة بمعنى الولادة الفكرية للمؤلف، والسفر في أعماقه لاكتشاف الذات وأوهامها السابقة. الا أن الكتاب لا يعكس تطوراً فكرياً كبيراً ملحوظاً طرأ على أفكار مارك توين نتيجة الرحلة، بل بقي ينطلق من سذاجة الصدمة أمام كل ما هو مختلف في المدن التي مر بها، ومن كثير من الكراهية والاستغراب من ممارسات السكان المحليين، وعدم تفهم أسبابها ودوافعها، واستمر في استخدام اللغة الجزافية التي تعمم الاحكام.

يظهر توين ، كما قال أحد النقاد، بمظهر الابله البريء، وخاصة في عدم تقديره لمنجزات الحضارات السابقة، أو أعمال الفنانين العظام، مثل مايكل أنجلو، التي لم يبد تجاهها أي تقدير. بل إنه عاد باكتشاف جديد، يقوم على أن الكثير من الرحالة الامريكيين لا يقولون الحقيقة عما يجري في الخارج، ويجمّلون الصورة وينقلون الى القاريء الامريكي ما يرضي تشوقه، وليس ما هو واقع فعلاً. عكست أفكار توين بعضاً من التصورات التي كانت شائعة في الغرب عن الاراضي المقدسة، ولكن مجمل الصورة التي قدمها عن بلاد الشام عموماً، وفلسطين خصوصاً، كانت بالغة السوء. وفي أحيانا كثيرة يتحول الى السخرية من سكان المدن والقرى التي زارها، والذي يستحوذ على جانب كبير من الكتاب. كما يلجأ كثيراً الى اسلوب المبالغات في إظهار ضيقه بما يشاهده، فتجده يصف فلسطين بأنها المكان الاكثر وحشة وعزلة وبشاعة!

لا بد من الاشارة الى أن توين قام بالرحلة عقب انتهاء الحرب الاهلية الامريكية (1861-1865) بسنتين، وكان عمره اثنين وثلاثين عاماً، ولا شك أن أجواء الحرب والقلق على مستقبل الوطن والتمسك به وبقيمته ومنجزاته وتاريخه مقارنة بغيره، والدفاع عنه أمام نهضة البلدان الاوروبية الاخرى، وهدوء الحياة فيها قد اثرت عليه، علاوة على انطباعات الشباب التي غالباً ما تميل الى ردة الفعل الانفعالية المتطرفة.

تتحدث الفصول من السادس والاربعين الى السادس والخمسين عن ذلك الجزء من رحلته الذي شمل فلسطين منذ لحظة دخولها من عند منبع نهر الاردن في رافديه دان وبانياس، ومن ثم منطقة باشان في الجولان والعرقوب جنوب غرب سوريا ولبنان عند التقائهما بفلسطين.

ولم يكن ما قاله من نقد مرير يقتصر على فلسطين وحدها، فسوريا التي وصلها من قبل، وصف قراها بطريقة تنم عن التعصب والكراهية والاستعلائية، وحتى لو سلمنا أن بعض المشاهد حقيقة، فإنه لم يحاول التعرف على أسباب هذه الحالة البائسة، التي كان يعاني منها السكان العرب في ظل حكم الدولة العثمانية المريضة المنهكة بالحروب والبيروقراطية والسلطة الهرمية المتخلفة، والتي أدت الى افقار وتخلف السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها. قال في وصف حياة قرية سورية: 'ترى فجأة طفلا عارياً يمد يده للاستجداء ويقول بغشيش. إنه لا يتوقع سنتاً واحداً، ولكنه تعلّم أن يشحد قبل أن يتعلم أن يقول أمي، ولا يستطيع ترك ذلك الان... القرية السورية أكثر منظرٍ مؤذٍ في العالم'!

يمعن توين في الوصف بطريقة تنم عن التعالي والازدراء. 'جلس هذا الصباح خلال الافطار التجمع المعتاد للبشر القذرين، وانتظروا أن تلقى اليهم الفتات نظراً لبؤسهم. لقد ذكروني بالكثير من الهنود الحمر. جلسوا في صمت وصبر لا يكل، يراقبون حركاتنا بتلك الوقاحة المقيتة، والتي هي فعلا من صفات الهنود، والتي تجعل الرجل الابيض عصبياً وهمجياً يود ابادة القبيلة بكاملها'. ويضيف: 'لهولاء البشر صفات أخرى. فالحشرات تأكلهم والاوساخ قد غطت أجسادهم تماماً. والاطفال في حالة يرثى لها. فعيونهم جميعاً ملتهبة'. ويعلق بكلمات تفوح منها العنصرية قائلاً: 'هل تتخيلون أن أما أمريكية يمكن أن تجلس لمدة ساعة وطفلها في يديها وتدع المئات من البعوض تدور حول عينيه كل هذا الوقت ولا تفعل شيئاً؟'


يتحدث توين عن مشكلة المواصلات والتنقل، والتي شكلت مبعث قلق بالنسبة له عندما علم أنه لا توجد في فلسطين خدمة نقل الركاب المسافرين، وأن من الصعوبة الحصول على مترجمين فوريين، أو الحصول على دواب للمرافقين. 'في القسطنطينية أبرق الجميع الى القناصل الامريكيين في الاسكندرية وبيروت لاخبارهم أننا سنكون في حاجة الى مترجمين ووسائل نقل. لقد كنا فاقدي الامل، وكنا سنأخذ خيولا، أو حميرا، أو جمالا أو كناغر، أو أي شيء'!

وينم حديثه عن نوع من خيبة الامل، التي أحس بها هو والحجاج الذين معه نتيجة تصوراتهم الخاطئة التي حملوها معهم قبل الزيارة، فلم يشعروا بابتهاج أنهم اقتربوا من دخول الارض التي قطعوا كل هذه المسافات لزيارتها. كتب يقول عن رفاقه: 'كانوا على مبعدة ساعة واحدة من حدود الارض المقدسة، غير أنهم بالكاد بدأوا يقدرون أنهم يقفون على الارض التي طالما قرأوا عنها، وبدأت الاسماء التاريخية تنفض عنها الغبار'. وفي رأي مارك توين فإن دان هو حد فلسطين من الشمال، وبئر السبع حدها في الجنوب، ويقول: 'إن هذا هو ما يدل عليه القول المعروف 'من دان الى بئر السبع'. وهذا شبيه بقولنا، 'من ماين الى تكساس' [أي من الشمال الى الجنوب] و'من بالتيمور الى سان فرانسيسكو'، [أي من الشرق الى الغرب]. وذكر أنه لو تم تقسيم ولاية ميسوري فإنها تساوي ثلاث فلسطينات!

شعر توين بالذهول أمام مساحة فلسطين الصغيرة مقارنة بالولايات المتحدة، ولكن الذي أثار دهشته وعكس سذاجة تفكيره واحتكامه الى معايير ثقافته التي تحكم على الاخرين والعالم من خلالها، هو أن لفلسطين هذا التاريخ العريق رغم مساحتها الصغيرة. 'لقد كانت أفكاري جامحة كثيراً. لقد ارتبطت الكلمة فلسطين في ذهني على الدوام بصورة غامضة لبلد كبير بحجم الولايات المتحدة. لا أعرف لماذا، ولكن هكذا بدا لي الامر. وأغلب الظن أن سبب ذلك كان باعتقادي أنني لم أتخيل أن بلداً صغيراً يمكن أن يكون له مثل هذا التاريخ العريق'. غير أنه يستدرك فورا لينقلب الى التهكم الساخر: 'لم تتغير فلسطين منذ تلك الايام لا في أخلاقها ولا عاداتها ولا عمارتها أو شعبها'.

ومن المقارنات الغريبة التي يوردها قوله: 'إن الرجال العرب حسنو المظهر، ولكن النساء العربيات لسن كذلك! نحن كلنا نؤمن بأن مريم العذراء كانت جميلة، ومن غير الطبيعي أن نفكر بغير ذلك. ولكن هل يفترض ذلك فينا أن نسير على نفس المنهج ونعد نساء الناصرة الحاليات جميلات؟'

ترد كلمة 'بغشيش' بلفظتها في الكتاب للاشارة الى اشياء لم يكن من الممكن تحقيقها دون اعطاء مبلغ من المال نظير الحصول عليها، وإنه لم يكن سوى البغشيش من سبيل لذلك. ويستخدم الكلمة كثيراً عند حديثه دائماً عن العرب الذين يمر بهم في سوريا وفلسطين، وإنه لا همّ لديهم سوى استجداء المال من الزوار.

وحول تجربته مع الاديرة الكاثوليكية في فلسطين والتي هزت قناعاته التي نشأ عليها، فقد كتب: 'لقد نشأت على كره أي شيئ كاثوليكي ، وأحيانا ، وكنتيجة لذلك ، فقد وجدت أنه من الاسهل أن تكتشف الاخطاء الكاثوليكية أكثر من الفضائل. ويقول: 'لكن هناك شيئاً واحدا لا أود نسيانه أو التغاضي عنه وهو العرفان بالجميل الذي ندين به أنا وكل الحجاج الى آباء الكنيسة في فلسطين، فأبوابهم دائماً مفتوحة، وهناك دائما ترحيب بمن يدخل... وبدون هذه الملاجيء المضيافة فإن السفر في فلسطين متعة لا يجرؤ أقوى الرجال على القيام بها'.

ولم تنج كنيسة المهد في بيت لحم من نقده المتعسف حيث ذكر أن 'طراز بناء مغارة الميلاد كان يفتقد للذوق، وتلك هي السمة البارزة في كل الاماكن المقدسة في فلسطين'. ولم ينج كذلك رعاة الكنيسة من نقده: 'ومثلما هو الحال في كنيسة القيامة، فإن الكهنة في كنيسة المهد كانوا يعبرون عن الشعور بالحسد ويفتقدون الى لمسة الاحسان'. وقال مصوراً الجو العام على نحو يفيض بالشكوى، ويبتعد بالمكان عن الروح الايمانية التأملية: 'لا يمكن أن تستطيع أن تفكر هنا على نحو يثير فيك الالهام والتأمل مثل أي مكان آخر في فلسطين، فالشحادون والمقعدون والرهبان يحيطون بك، ولا يجعلونك تفكر سوى بالبغشيش'. ولهذا لا يخفي سعادته الكبيرة بمغادرة بيت لحم الى القدس، بعد أن زار قبر راحيل، وابتعد عمن وصفهم بـ'جيوش الشحادين وباعة القطع الاثرية'.

لم تكن هذه المرة الاولى التي يلجأ مارك توين فيها الى السخرية من العرب، فقد ذكر في روايته 'هاكلبري فن'، التي كتبها بعد عدة سنوات من الرحلة أنه تم طلاء العبد الاسود الهارب عبر نهر المسيسبي باللون الازرق، وتصويره كمهرج في السيرك كي يتمكن من الهرب، وقد وضع عليه لوحة تقول 'العربي المريض' وبجانبها، كتب يقول: 'ليس مؤذياً عندما لا يفقد عقله'!

ومما يلفت الانتباه هو ميل مارك توين الى التشكيك دائما فيما كتبه الرحالة الاخرون، وتسفيه قناعاتهم واستغرابه منها بناء على تجربته هو: 'ربما تقتضيني الحكمة الشائعة أن أصطنع كذبة لطيفة واقول بأنني تركت فلسطين عن غير رغبة مني. إنهم يتظاهرون بقولها. ولذا اشك في كلام كل من يقول ذلك. وأقسم بأنني لم أسمع أياً من حجاجنا الاربعين يقول شيئاً من هذا القبيل'. تفيض الكراهية من كلماته بطريقة فجة حتى في لحظة وداعه للارض المقدسة في قوله: 'فلسطين مقفرة وغير جميلة. ولماذا تكون غير ذلك؟ هل يمكن للعنة الرب أن تجمّل أرضاً؟'

وأنا أعتقد أن الحالة النفسية لمارك توين بسبب البعد عن الوطن، وخاصة أنه قضى سنتين بعيداً عن نمط الحياة والثقافة التي تعود عليها، يضاف الى ذلك حالة الفقر والتخلف التي كانت سائدة في المنطقة تحت الحكم العثماني، والمفارقة الشديدة بين حال مدنها وقراها، وحال المدن الاوروبية التي زارها، لعبت كلها دوراً في شعوره بالصدمة استناداً الى تصوراته غير المنطقية التي حملها معه، مما جعله يلجأ الى اللغة التهكمية، كقوله: 'من بين كل البلدان التي تمتاز بالمشاهد الكئيبة الفظيعة، فإن فلسطين هي رائدها! تلالها مقفرة، وخاملة الالوان، وبلا ملامح جميلة الشكل. وديانها صحاري يرثى لحالها المزري، كل تضاريسها قاسية خشنة، إنها أرض كئيبة بلا أمل ينفطر لها القلب'!

إن وصف فلسطين، باعتبارها أرضاً يباباً بهذه الطريقة، لا يمكن أن يكون صحيحاً أبداً، وخاصة في ظل ازدياد رحلات الحج الى الاراضي المقدسة في عصره، والتي كان مارك توين نفسه أحد حجاجها.

بعد كل هذا، لا عجب أن وجدت الحركة الصهيونية في الكتاب كنزاً توظفه لإظهار أن فلسطين كانت مهجورة من السكان، وأن من عاشوا فيها ليس سوى مجموعات متناثرة من الفقراء البؤساء الذين تركوها خراباً آلاف السنين. ولهذا احتفى اليهود بالكتاب كثيرا لاسناد دعاويهم في أن بريطانيا 'منحت أرضا بلا شعب لشعب بلا أرض'.

يحتاج دحض المزاعم في الكتاب الى الكثير من الجهد والبحث التاريخي وتقديم الادلة التي تفند الادعاءات الصهيونية. ويكفي في عجالة أن نقول إن الفترة ما بين زيارة مارك توين لفلسطين في عام 1867، وقيام أول مؤتمر وطني فلسطيني في سنة 1919 ضد اليهود وسلطات الانتداب البريطاني، في اشارة الى بروز وعي واسع بخطورة الهجرة اليهودية وسلب الاراضي تبلغ حوالي خمسين عاماً. فهل تحولت فلسطين فجأة من بلاد مقفرة من السكان الى بلاد تمور بالحراك وبالثورات التي تعبر عن استشعار الخطورة ورفض المخططات للاستيلاء على فلسطين؟ كما أنه من المعروف أن فلسطين تشتهر بكثرة القرى والبلدات والتجمعات الزراعية من شمالها الى جنوبها بشكل كبير جدا، حتى لا تجد شبراً إلا وهناك قرية فلسطينية وباسمائها العربية. ومن ينظر الى خارطة فلسطين يدهشه هذا الكم الهائل من مواقع القرى التي لو رمينا إبرة عشوائيا على الخارطة لوقعت في كل مرة في موقع قرية فلسطينية. إن حجم القرى الفلسطينية والبيوت التي استولى عليها اليهود إثر نكبة عام 1948 يدل على كثرتها الهائلة، وعلى مدى الكثافة السكانية فيها، والدليل على ذلك أن عدد الفلسطينيين قبل النكبة بلغ مليون ونصف نسمة.

إن معظم شعب فلسطين قبل النكبة كانوا من الفلاحين المرتبطين بالارض والزراعة وبيوت الحجر والبيارات والبيادر، وليسوا متنقلين أو طارئين على المكان. والمفارقة، أن اليهود وبرغم هجراتهم الهائلة بالالوف التي سهلها الانتداب البريطاني وخاصة من اوروبا وشجعتها الحركة الصهيونية وقدمت لها المال، لم يبلغوا حجم سكان البلاد الاصليين وقت النكبة. كما لا يذكر التاريخ أن هذا العدد الضخم من الفلسطينيين قدم اليها مهاجرا من دول أخرى كما فعل اليهود. فمن أين اذن جاء الفلسطينيون لولا أنهم عاشوا على أرضها عبر التاريخ؟ إن الابرياء الذين اغتصبت أراضيهم فعلا في الخارج!

ناقد من الاردن

المصدر

معرفتي August 30, 2014 10:45 PM

رد: تحميل رحلة الحجاج الى الأرض المقدسة ، مارك توين ، حصريات مجلة الابتسامة pdf
 
من مارك توين.. إلى أوباما
الكتاب الذي أهداه رئيس وزراء إسرائيل إلى الرئيس الأميركي.. هل هو رسالة سياسية مغرضة؟



https://classic.aawsat.com/2009/05/29...ad1.521082.jpg

أوباما ونتنياهو.. رسالة سياسية في كتاب (إ. ب. أ)

https://classic.aawsat.com/2009/05/29...ad2.521082.jpg

واشنطن: محمد علي صالح
عندما زار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أميركا الأسبوع الماضي أهدى الرئيس الأميركي باراك أوباما كتابا هو: «إنوسنتس أبرود» (أبرياء في الخارج) الذي كتبه الكاتب الأميركي الشهير مارك توين عام 1867 وفيه يروي مشاهداته عندما زار الأراضي المقدسة في فلسطين. لكن داخل طائرة نتنياهو قبل هبوطها في واشنطن انقسم الوزراء المرافقون حول أهمية ورمز الهدية. في جانب، اعتقد وزراء انها ستكون مثل هدية الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز إلى أوباما، خلال مؤتمر قمة دول اميركا الوسطى والجنوبية. فقد قدم شافيز كتاب كتبه قبل ثلاثين سنة ادواردو غالينو من أوروغواي بعنوان «اوبن فينز» (شرايين مفتوحة في أميركا اللاتينية: خمسة قرون من نهب قارة)، وذلك في رسالة ضمنية من شافيز إلى أوباما بأنه يرفض «سياسات الهيمنة والتحكم» من قبل الولايات المتحدة الأميركية. وقال هؤلاء المرافقون لنتنياهو إن إهداء كتاب مارك توين إلى أوباما سيخدم هدفين: أولا: يوضح لأوباما «حقيقة» العرب والمسلمين، مثلما اوضح كتاب غالينو «حقيقة» رأي اللاتينيين في اميركا. ثانيا: يزيد توزيع كتاب مارك توين، مثلما زاد توزيع كتاب غالينو (بنسبة نصف مليون في المائة خلال اسبوع واحد. وكان، قبل ذلك، كتابا مجهولا). ثالثا: يوضح كتاب مارك توين ان اليهود كانوا في القدس في منتصف القرن التاسع عشر، قبل بداية الحركة الصهيونية التي دعت اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين لتأسيس وطن لهم هناك.
رابعا: يوضح صحة شعار اليهود: «شعب بلا وطن إلى وطن بلا شعب»، وان فلسطين، قبل اليهود، واعتمادا على ما جاء في الكتاب، كانت أرضا جرداء ومن دون سكان.
لكن، في الجانب الآخر، عارض وزراء إسرائيليون داخل طائرة نتنياهو هذه الهدية. وقالوا ان في إهدائها استفزازات كثيرة. ليس فقط الاستفزازات في الكتاب عن العرب والمسلمين، ولكن، ايضا، استفزاز أوباما بسبب الإساءة في كتاب مارك توين إلى العرب والمسلمين، فهناك مسلمون في عائلة أوباما. لكن من هو مارك توين؟ وماذا كتب في كتاب «أبرياء في الخارج»؟ ولماذا هذا الكتاب مثير للجدل حتى اليوم؟ يعتبر كثير من خبراء الأدب الأميركي مارك توين أديب أميركا الأول. فقد ولد وعاش في ريف ولاية ميسوري. وخلط بين الجد والتأمل. وكانت اغلبية تأملاته استهزائية وتهكمية، وتوفي سنة 1910. وغير كتاب «أبرياء في الخارج»، اشتهر بكتابة اثنتين من أشهر الروايات الأميركية:
أولا: «مغامرات توم سويار» (سنة 1876). وهي عن صبي في ريف ولاية ميسوري، وعن تأثير الكنيسة عليه، وعن صداقته مع الصبية «بيكي» ثانيا: «مغامرات هاكلبيري فين» (سنة1884). وهي عن الحياة في ذلك الوقت في ولايات الجنوب، على ضفاف نهر مسيسبي، وخاصة عن التفرقة العنصرية ضد الزنوج. وتمثلت هذه في علاقة بين هالكبيري، صبي ابيض، وصديقه «جيم»، صبي اسود، الذي شاركه في رحلة على طوف على النهر.
وفي السنة الماضية، صدر كتاب «من هو مارك توين؟»، وفيه مقتطفات من اكثر من نصف مليون صفحة بخط يد الرجل كانت موجودة في مكان مغمور. واكدت قصص الكتاب القصيرة اسلوب الرجل الذي يكثر من الاستهزاء والتهكم. توجد في الكتاب قصة «حفار القبور»، عن ميل الإنسان نحو الصراحة والشفافية وهو يقترب من الموت. وقصة «ذكريات سعيدة من كرسي طبيب أسنان»، وقصة «صندوق الموسيقى ليست فيه موسيقى» وفي سنة 1869، اصدر مارك توين كتابه «أبرياء في الخارج». وذلك بعد ان سافر في رحلة محيطية إلى أوروبا والشرق الأدنى مع «حجاج» مسيحيين كان هدفهم الأول هو زيارة القدس. وسيرا على فلسفة التهكم، تهكم توين على الفرنسيين الكاثوليك في وقت كان فيه الكاثوليك في الولايات المتحدة عشرة في المائة من السكان (الآن ثلاثون في المائة). وتهكم على فقراء ايطاليين يعيشون بالقرب من الفاتيكان، وسأل: ماذا سيقول عيسى المسيح اذا شاهدهم؟. وتهكم على روس وروسيات يمشون عرايا على بلاج اوديسا. وقال انهم، في هذا المجال، متحررون أكثر من الأميركيين والأميركيات. لكنه عاد وقال ان «التعري بهذه الطريقة ليس إلا توحشا وبربرية». حتى داخل السفينة، تهكم مارك توين على بقية المسافرين والمسافرات: الذي يشخر عندما ينام، والذي يبصق في الأماكن العامة، والذي يتفلسف ويعتقد انه يعرف المسيحية اكثر من غيره، والذي يعتقد انه سيقابل المسيح في القدس.
وتهكم من مسافرين قال انهم تعالوا على شعوب البلاد التي زارتها السفينة: واحد قال للبريطانيين في قاعدة جبل طارق ان قذيفة واحدة من مدمرة اميركية ستقضي على القاعدة. وواحد قال لصاحب مطعم فرنسي ان النبيذ الأميركي أفضل من الفرنسي. وواحد حاول تنصير مسلمين عندما رست السفينة في طنجة، في المغرب.
من طبرية، كتب: «شاهدت كل امرأة تحمل مهرها على رأسها: نقودا رصتها رصا، وجعلتها جزءا من غطاء الرأس. ليست أغلبية هؤلاء ثريات، لكني شاهدت ثرية، وحسبت ثروتها على رأسها، ووجدت أنها لا تزيد على تسعة دولارات».
من بيروت، كتب: «جاء عربي بحصان يحملني إلى القدس. كان يعتقد ان الحصان اعظم حصان في العالم. لكنه لم يكن. كان حصانا هزيلا، رغم كلمات الثناء والفخر من صاحبه العربي. امامي خاطب حصانه باللغة العربية، وترجموها لي. قال لحصانه: تريد ان تهرب ايها العملاق. اذا هربت سأكسر رقبتك. لكن، كان الحصان هزيلا وصاحبه هزيلا. حتى اذا هرب الحصان، ما كان صاحبه سيقدر على ان يلحق به».
من القدس كتب: «قادنا نحو الأماكن المقدسة شبان عرب يحملون سيوفا وخناجر وبنادق عتيقة. خفنا من ان يهجم علينا هؤلاء الحراس بسيوفهم، ولم نخف من بنادقهم لأننا كنا متأكدين انهم لا يعرفون كيف يستعملونها. واذا عرفوا ربما كانت الذخيرة فاسدة او هي بنادق استعراضية دون أي ذخيرة. هؤلاء هم البدو. لا تكاد تراهم من وراء ملابسهم الكثيرة والثقيلة. ولا تكاد تعرف من الحرس ومن غير الحرس. كلهم يشبهون بعضهم. وكلهم يمكن أن يهجمون علينا. كيف يحمي هؤلاء الهمج هذه المجموعة المسيحية المخلصة التي جاءت من أقاصي الأرض؟ ثم إننا مسلحون أضعاف أسلحتهم، وبنادقنا ومسدساتنا جاهزة في أي لحظة».
من طنجة، كتب: «كشفت لي مسلمة وجهها في غياب مسلمين. وعرفت سبب عدم كشف وجهوهن: إنها قبيحة. يحملن أطفالهن في أكياس يضعنها على ظهورهن. تماما مثل البدائيات في كل العالم. رأيت سمرا وسودا. وعرفت ان السمر يملكون السود. يملك الرجل الزنجية حتى تبلغ، ثم يتزوجها. ويملك الزنجي حتى يحفظ الجزء الأول من القرآن، ثم يعتقه. اعتقد أننا في الولايات المتحدة يمكن ان نطبق هذه العادة مع زنوجنا. نعتق الذي يحفظ الإنجيل».
وعن فلسطين، كتب: «من سفينتنا المحيطية، جاء معي إلى القدس الأربعمائة رجل، بعضهم مع زوجات واطفال، لرؤية اهم هدف من هذه الرحلة المحيطية: فلسطين. لكننا وجدناها غير ما توقعناها. لم نشاهد فيها غير بضع مئات من الناس. وقالوا لنا ان سكانها كانوا، في الماضي البعيد، ستة ملايين. وجدنا فلسطين في حجم ولاية ماساشوستس، لكنها صخور وجبال وصحار».
وعن المناظر الطبيعية في فلسطين، كتب: «يمكن أن تفوز فلسطين بالجائزة الأولى في مسابقة أقبح أراضي العالم. ليست فقط صحراء قاحلة، لكنها، أيضا، صحراء قبيحة. لا هي تلال رملية ناعمة تمتد إلى الأفق. ولا هي سلاسل جبال، جبلا وراء الآخر. انها خليط قبيح، هنا جبل قزم، وهنا مغارة مظلمة، وهنا نهر جاف، وهنا مزرعة خضراوات يجب ان تخجل من نفسها. حتى البحر الميت وبحيرة طبرية هزيلان. أقبح ما رأيت في حياتي. تحتاج فلسطين إلى رسام يحمل ريشة ملونة ليلونها بألوان جميلة».
عن سكان القدس، كتب: «يتكون سكان القدس من مسلمين ويهود ويونانيين ولاتينيين وأرمن وسوريين وأقباط وإثيوبيين، وقليل من البروتستانت. يبدو لي أن كل ألوان وألسنة العالم تتمثل في سكان القدس الذين لا يزيد عددهم على أربعة عشر ألف شخص. في ظل حكم اسلامي، ينتشر الفقر واليأس والظلم والقذارة أكثر من انتشار أعلام الهلال التي ترمز إلى الحكم الاسلامي. ينتشر المصابون بالجزام والمعاقون والعمي والسخفاء. ويحيطون بك من كل اتجاه وفي كل مكان. يبدو انهم لا يعرفون غير كلمة بقشيش.. وأنا أشاهد كل هذه المناظر من المشوهين والمرضى والقباح في هذه المدينة المقدسة، اقول انها ربما مثل ما كانت ايام ما قبل المسيح. لهذا، أتوقع هبوط الملائكة وعودة المسيح. شاهدت القدس بلا سعادة وبلا حركة وبلا حياة. ولا أريد أن أعيش هنا أبدا».
لم تأت من فراغ فكرة نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، بأن يهدي كتاب مارك توين هذا للرئيس أوباما. فمنذ اكثر من خمسين سنة، وبعد تأسيس إسرائيل، وبعد النقد بأنها تأسست على حساب الفلسطينيين، بدأ يهود يكتبون كتبا عن شعار: «شعب دون ارض إلى ارض دون شعب». ووجد بعضهم ان كتاب مارك توين يمكن ان يخدم شعارهم.
حتى نتنياهو نفسه، في كتابه قبل عشرين سنة، «ديورابل بيس» (سلام مستمر: إسرائيل وموقعها وسط الأمم)، أشار إلى كتاب مارك توين. وكتب: «لم تكن القدس مزدحمة بالسكان. ويعرف كل متحضر ومتعلم ان تلك الأرض، مع نهاية القرن التاسع عشر، كانت خالية من السكان».
وأشار نتنياهو إلى جمل من الكتاب لإثبات ذلك: «شاهدت ارض فلسطين الضائعة» و«يوجد في القدس عدد قليل من المسلمين»، و«لا يستفيدون من الأراضي التي تحيط بهم»، و«لم أشاهد قرية وانا انظر لثلاثين ميلا نحو الشمال، ولثلاثين ميلا نحو الجنوب»، و«سافرت لعشرة أميال ولم أقابل غير عشرة أشخاص»، و«تعيش أريحا في حطام بعد ثلاثة آلاف سنة منذ ان تركها النبي جوشوا»، و«لا شيء في بيت لحم سوى رعاة يرعون أغنامهم، رغم ان الملائكة غنت فيها: على الأرض السلام، وحسن النوايا للناس».
صار واضحا في كتاب نتنياهو انه اختار عبارات معينة من كتاب مارك توين. وايضا، عندما كتب عن آراء مارك توين في اليهود، اختار عبارات ايجابية، وحذف عبارات سلبية. الحقيقة هي ان مارك توين هاجم اليهود أحيانا، وأشاد بهم أحيانا. في سنة 1898، في مجلة «هاربر»، كتب: «نجح اليهود رغم معوقات أمامهم وحولهم. ذهب الفراعنة، والبابليون، واليونانيون والرومان. عاصرهم اليهود كلهم، لكنهم لم يذهبوا مثلهم... يعمل اليهودي في جد يحسد عليه. ويعتمد على إخوانه عندما يمرض. لم أشاهد شحاذا يهوديا. لا اعتقد اننا، نحن المسيحيين، نكره اليهود بسبب دينهم، ولكن حسدا، لأنهم يتألفون أكثر منا، ويجمعون المال أحسن منا».
بعد ضجة هدية نتنياهو إلى أوباما، ناقش أميركيون، يهودا وغير يهود، الموضوع. فقبل أسبوعين، كتب جوناثان توبين في مجلة «كومنتاري» اليهودية: «هدية او لا هدية، يجب ان يقرأ أوباما كتاب مارك توين لان أوباما يريد دولة فلسطينية، ومارك توين قال ان عدد الفلسطينيين كان قليلا جدا. وما كانوا يعرفون معنى الوطنية. وما كان عندهم وطن»، وأضاف: «لم يصبح الفلسطينيون وطنيين إلا بعد تأسيس إسرائيل».
وصار واضحا ان يهودا يستغلون كتاب مارك توين (أو أجزاء فيه) لإثبات ان فلسطين هي وطنهم. ففي سنة 1984، كتبت واحدة منهم، جون بيترز، كتاب «فروم تايم اموموريال» (منذ وقت سحيق). وأيضا، أوردت فقرات من كتاب مارك توين. وظهرت مشكلتان:
أولا: تجاهل كثير من الذين يكتبون آراء مارك توين السلبية عن اليهود.
ثانيا: نقلوا عن بعضهم بعضا حتى دون قراءة الكتاب.
اثبت النقطة الثانية فرانك مينتريز، مؤلف كتاب (ما بعد الجرأة). وهو رد على كتاب (الجرأة) الذي كتبه، قبل عشر سنوات الان ديرشوفتز، استاذ جامعي، ومن قادة المثقفين اليهود في اميركا. دافع الكتاب الثاني عن إسرائيل، واعترف بأن تأسيسها جرأة لا يقدر عليها غير اليهود. وقال الكتاب الأول إن ذلك ليس إلا دليلا على تعالي اليهود. وقال إن اليهود «يستغلون العداء للسامية، ويزورن التاريخ».
في الاسبوع الماضي، اشترك مينتريز في النقاش عن هدية نتنياهو إلى أوباما. وانتقد الاعتماد على كتاب مارك توين لإثبات حق اليهود في فلسطين. وكتب: «كان مارك توين سائحا وصحافيا. ولم يكن مساحا أو موظف إحصاء». وأضاف: «يمكن أن نستعل نفس المنطق، ونقول ان الذي يزور إسرائيل في الوقت الحاضر سيرى صحاري كثيرة ومناطق لا يعيش فيها أي يهودي. هل يعني ذلك أن إسرائيل تحتاج إلى هجرة شعوب غريبة»؟
وأخيرا، عندما كبر مارك توين، كتب كتاب: «مبشرون في السياسة العالمية» وهو عن تزايد قوة الولايات المتحدة (في القرن التاسع عشر، ناهيك عن القرن الحادي والعشرين). هل يعني هذا ان الرجل لم يكن وطنيا؟ هل خان وطنه؟ كيف يخون وطنه ويعتمد عليه بعض الناس لإثبات أوطان أخرى لشعوب أخرى؟

المصدر


الساعة الآن 02:24 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر