مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   روايات و قصص منشورة ومنقولة (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_133.html)
-   -   قصة النبي مع سيدنا جابر بعد غزوة ذات الرقاع ... بقلم المهندس لواءالدين محمد عبدالرحمن أحمد (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_202651.html)

لواءالدين محمد June 1, 2010 09:33 AM

قصة النبي مع سيدنا جابر بعد غزوة ذات الرقاع ... بقلم المهندس لواءالدين محمد عبدالرحمن أحمد
 
قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع جابر بن عبدالله بعد غزوة ذات الرقاع ... بقلم المهندس لواءالدين محمد عبدالرحمن أحمد

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... بسم الله الرحمن الرحيم ... الحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ... سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ... والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ... ثم أما بعد ...



ورد في السنة المطهرة : أنه بعد غزوة ذات الرقاع , وأثناء عودة المسلمين إلى المدينة المنورة , تحدث النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابي الجليل جابر بن عبدالله , ودار بينهما هذا الحوار .

قال الرسول صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه : هل تزوجت يا جابر ؟

فقال جابر رضي الله عنه : نعم يا رسول الله .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل بكرا يا جابر ؟

فقال جابر رضي الله عنه : لا ؛ بل ثيب يا رسول الله ( والثيب : يعني سبق لها الزواج قبل أن تتزوج منه )

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ولمَ ؟

فقال جابر رضي الله عنه : مات أبي يوم أحد وترك تسع بنات , فأردت أن أتزوج إمرأة تقوم على خدمتهن .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتعلم يا جابر ! عندما نصل إلى المدينة سننزل في صرار ( على أعتاب المدينة المنورة ) , فتعلم زوجتك بقدومك فتعد لك النمارق ( النمارق : يعني المخدات والوسائد )

فقال جابر رضي الله عنه : والله يا رسول الله , ما عندي نمارق .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه ستكونلكم نمارق إن شاء الله .

ثم مشيا , فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أنيهب ( يعطي ) لجابر مالاً .

فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : يا جابر

فقال جابر : لبيك يا رسول الله .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتبيعني جملك ؟

فقال جابر : سُمْه ( قدر ثمنه ) يا رسول الله .. بكم ؟

فقال النبي صلىالله عليه وسلم : بدرهم .

فقال جابر : درهم !!! تغبنني يا رسول الله !!!

فقالالنبيصلى الله عليه وسلم : بدرهمين .

فقال جابر : لا , تغبنني يا رسول الله , فمازالا يتزايدان حتى بلغا به أربعين درهماً ( أوقية من ذهب ) .

فقال جابر : نعم يا رسول الله بأربعين درهما ( أوقية من ذهب ) , ولكن أشترط عليك أن أبقى عليه إلى المدينة المنورة .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم .

فلما وصلوا إلى المدينة المنورة , مضى جابر إلى منزله وأنزل متاعه من علىالجمل ومضى ليصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم وربط الجمل عندالمسجد .

فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم قال له جابر : يا رسول اللههذا جملك .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا بلال ! أعط جابراًأربعين درهماً وزده .

فناول بلال جابراً أربعين درهماً وزاده , فحمل جابرالمال ومضى به يقلبه بين يديه متفكراً في حاله !!! ماذا يفعل بهذا المال ؟

- أيشتري به جملاً ؟؟؟

- أم يبتاع به متاعاً لبيته ؟؟؟

- أم ماذا يفعل به ؟؟؟

وفجأة التفت رسول اللهصلى الله عليه وسلم إلى بلال وقال : يا بلال .. خذ الجمل وأعطه جابراً .

فجبذ بلال الجمل ومضى به إلى جابر , فلما وصل به إليه , تعجب جابر .

وقال : هل ألغيتالصفقة ؟!

قال بلال : خذ الجمل يا جابر .

فقال جابر : ما الخبر ؟؟؟ !!!

فقال بلال : قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعطيك الجمل والمال .

فرجع جابر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله عن الخبر :أما تريد الجمل ؟؟؟ !!!

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتراني ماكستك لآخذجملك ؟؟؟ !!! ( يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض السعر لأجل أن آخذ الجمل وإنما لأجل أنأقدر كم أعطيك من المال معونة لك على أمورك ) .



أو كما ورد في السنة المطهرة .


************************************************** ******************




هذا الحديث غني جدا بالمواقف التي يمكن الإستفادة منها , ولعلنا نقف على بعضها :



01 - حوار النبي صلى الله عليه وسلم مع جابر , يعطي إنطباع عن المربي الفاضل , والقائد الحكيم , والأب الروحي ؛ وكثير جدا من المعاني الإنسانية موجودة في هذا الحوار الرائع .



02 - إستنكار النبي صلى الله عليه وسلم لزواج جابر من إمرأة ثيب , بسؤاله عن سبب زواجه من إمرأة ثيب بدلا من الأبكار , وفي بعض الروايات , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : هلا تزوجت بكرا تداعبها وتداعبك , وتلاعبها وتلاعبك ... وذلك رغبة من النبي صلى الله عليه وسلم في الإطمئنان الكامل على جابر رضي الله عنه ... ولعلم النبي صلى الله عليه وسلم برغبات الشباب في هذه المرحلة العمرية .



03 - إحساس جابر رضي الله عنه بالمسئولية إتجاه أخواته البنات , وأنه يريد أن يأتي لهن بمن تكون في مقام أمهن , بدلا من أن يأتي لهن بفتاة بكر في مثل أعمارهن , فتكون بينهم مشاكل كثيرة ... بينما نجد شبابانا هذه الأيام لا يطيقون حمل أي مسئولية , ويهربون منها ويتنصلون من القيام بها .



04 - روعة النبي صلى الله عليه وسلم , حين قرر أن يقف الجيش على أعتاب المدينة المنورة ( في صرار ) , حتى تعلم زوجة جابر رضي الله عنه بعودة زوجها , فتعد نفسها لإستقباله , وهذه النقطة لوحدها فيها من الروعة الشيء الكثير جدا ... فلو تأملنا مع بعضنا شكل إمرأة غاب عنها زوجها في الحروب شهرا كاملا , وهي تربي تسع بنات , فياترى كيف سيكون شكلها ؟ !!! لابد أنها ستكون في قمة البهدلة , فكانت لمسة رائعة جدا من النبي صلى الله عليه وسلم , بأن يوقف الجيش على أعتاب المدينة المنورة , حتى تعلم النساء بقدوم أزواجهن , فيتهيئن لذلك , ويصبح اللقاء الأول بينهما بعد هذه الغيبة , لقاءا حميما , وليس فاترا .



05 - ثم تأتي بعد ذلك نقطة هي الروعة ذاتها , وهي النقطة التي مثل فيها النبي صلى الله عليه وسلم التكافل الإجتماعي بين المسلمين دون إحراج أحدنا للآخر , ودون أن يمن أحدنا على الآخر ؛ فوهبه المال اللازم له حتى تستقيم به حياته دون أن يعطيه إحساسا بأنه يعطيه صدقة ؛ وإنما عرض عليه أن يشتري منه الجمل , وبدأ يعرض عليه المال من درهم وحتى وصل إلى أربعين درهما , وعندها رأى جابر أن هذا المبلغ يكفي لأن تستقيم به حياته .



06 - روعة جابر بن عبدالله رضي الله عنه وأرضاه , عندما إكتفى وإقتنع ورضي بالأربعين درهما , رغم أن الجمل قد يساوي أكثر , ولكنه لما علم أن هذا الجمل سيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم , إكتفى بما تستقيم به حياته فقط .



07 - يا ترى ما هو إحساس جابر رضي الله عنه عندما رجع إليه جمله ؟؟؟ وما هو الإحساس الذي سينتاب أي مواطن عندما يرى رئيس دولته يفعل معه هذا ؟؟؟ إنني أهدي هذا الموقف إلى حكوماتنا الموقرة , ولن أعلق أكثر من ذلك فيكفيني أن أهديهم هذا الموقف فقط , أهديهم هذه العظمة النبوية التي نفتقدها جدا .



08 - لو أردت أن أضع عنوانا لهذا الحديث من وجهة نظري الشخصية , فلن أجد أفضل من كلمة : ( الرحمة ) , لأن هذه القصة بالفعل تدل في كل حرف فيها على الرحمة , وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : إنما يرحم الله من عباده الرحماء .


************************************************** ******************


هذه بعض الأمور التي خرجت من الحديث , ومن أراد أن يستخرج أكثر فله ذلك , فمن المؤكد أنه سيجد الكثير والكثير والكثير جدا .


وجزاكم الله خيرا كثيرا .







أخوكم : م / لواءالدين محمد عبدالرحمن أحمد .



الساعة الآن 01:16 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر