مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   روايات و قصص منشورة ومنقولة (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_133.html)
-   -   تحليل كتاب إختفاء أدب السجون (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_437042.html)

Yaqot June 15, 2014 04:40 PM

تحليل كتاب إختفاء أدب السجون
 




خليل قنديل: ‏في سبعينات القرن الفائت كان يصعب تعميدك ككاتب مبدع إن لم تقرأ المجلدات السميكة والكتب ذات القطع المتوسط والصغير التي كانت لها علاقة حبرية صميمية بأدب السجون والمعتقلات، وكان يبدو من العيب على أي مثقف يضع نفسه في مصاف الكتاب الطليعيين، ألا يعرف شاعر تركيا العظيم ناظم حكمت وحبيبة أسره «منور» التي انتظرته لمدة تزيد على الـ30 عاماً.
وكان من الصعب أيضأً على القارئ الذي يتسم بالمواظبة، ولديه السجل الكامل بالمعتقلين المناضلين من كتاب العالم ألا يمتلك القدرة على المواظبة في تتبع أخبارهم، إذ إنه من العيب عليك وأنت المتابع لكل القضايا التي ترتج لوقعها الثقافة العالمية، ألا تتبع النفي الذي عاشه شاعر إسبانيا العظيم «روفائيل البرتي» الذي عاش منفياً عن وطنه إسبانيا لمدة تزيد على الـ«39» عاماً. وألا تعرف المعاناة التي عاشها شاعر تشيلي العظيم بابلو نيرودا، وألا تكون قد قرأت كتابه ذائع الصيت آنذاك «أعترف بأني قد عشت».
والأمر ذاته كان ينطبق على الكتاب الأمثل عن أدب السجون الذي كتبه الروائي الروسي دوستفيسكي والموسوم بـ«مذكرات من بيت الموتى»، والذي يتحدث عن عذاب المعتقلين الروس في منطقة سيبيريا.
أما بخصوص الكتابات الإبداعية العربية فجميع جيلي السبعيني يذكر رواية «الكرنك» التي كتبها صاحب «نوبل» الروائي نجيب محفوظ، وتلك الضجة التي أحدثتها تلك الرواية في مجال أدب السجون والمعتقلات، وجميع أفراد جيلي من المواظبين على مثل هذا النوع من القراءات لايزالون يذكرون ارتعاشة أيدينا ونحن نهرب رواية «شرق المتوسط» للروائي الراحل «عبدالرحمن منيف»، ونحن نرتعش خوفاً على بطلها رجب الذي ذاق الأمرين في السجون والمعتقلات السياسية العربية.
وأنا مازلت أذكر الرواية الوثائقية التي كتبها الكاتب الفلسطيني توفيق فياض وحملت عنوان «المجموعة 778»، وهي ترصد اعتقال خلية فلسطينية مناضلة بتوثيقية مُدهشة، وكان قد كتبها فياض على ورق السجائر وحينما أفرج عنه إثر المعاهدة المصرية الإسرائيلية قام بطباعتها ونشرها.
وجميعنا كنّا نقف خلف الشاعر الفلسطيني المقاوم وهو يهجو عدوه بالكتابات التي كانت قادرة على تحريك مظاهرات.
والسؤال المُربك فعلاً، الذي ينهض كضربة قفاز مؤلم في وجه من يسأله هو: أين اختفى هذا النوع من الأدب الذي كان يفرض نفسه علينا بإجلال خاص يقترب من التقديس؟ وهل المعتقلات السياسية العربية نظيفة إلى الدرجة التي لا تكاد تحصل على عمل إبداعي يرصد عذابات المعتقلين فيها، أم أن الكتابة في هذا النوع من الأدب قد استنفدت أغراضها؟
لكن الإجابة الصحيحة عن هذا الفراغ الذي تركه غياب الكتابة في هذا النوع يقول إن السلطة السياسية العربية كانت قد بدأت تبرم ميثاقاً مع الكتاب العرب منذ مطلع التسعينات ومع تقوض الاتحاد السوفييتي ونشوء الديمقراطيات العربية الطازجة والانفتاح البرلماني وتشرد الثورة الفلسطينية في أكثر من عاصمة عربية، فهو ميثاق يقوم على علاقة ليبرالية جديدة استطاعت أن تدخل المثقف كحليف للنظام السياسي العربي، وكشريك في معظم القرارات المصيرية.
كل هذا ساعد على تحاشي الاعتقال السياسي مثلما ساعد على طمس الكتابة عن السجون العربية والمعتقل العربي، لكن الأعتى من كل هذا أن السلطة السياسية العربية اكتشفت أنها أرقّ وأعدل بكثير من المثقف العربي حين يتسلط على شقيقه المثقف الآخر.





الساعة الآن 12:26 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر