مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   روايات و قصص منشورة ومنقولة (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_133.html)
-   -   أهم تحليل أدبي لرواية زليخة (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_431098.html)

Yaqot May 8, 2014 10:56 AM

أهم تحليل أدبي لرواية زليخة
 

رواية “زليخة” بين العقل الاجتماعي والإرادة الذاتية قراءة في ” زليخة”.

قراءة في ” زليخة”.
إنجاز الشاعر المقتدر شاهر خضرة
*******************************
رواية “زليخة” بين العقل الاجتماعي والإرادة الذاتية

عن دار سندباد المصرية للنشر والإعلام صدرت رواية “زليخة” للكاتبة المغربية سميّة البوغافريّة من القطع المتوسط على امتداد 300 صفحة بغلاف وإخراج جميلين …
دائما أقول إن القراءة مثل الطعام بتعدد طيباته فلا يمكن أن يقتصر المرء على طعام واحد فيقصيه الملل ومن جميل ما قرأت في هذا قول لـ عباس محمود العقاد : المريض فقط هو الذي يحدد له الطبيب ماذا يأكل يسمح له ببعض الطعام ويمنعه عن بعض ، أما الشخص السليم فلا أحد يمنعه عن أي طعام .
قصدت وأنا في غمرة جارفة من القراءة المفتوحة الشهية للروايات العالمية المشهورة منذ أشهر وجدت وقتا أخصصه لرواية (زليخة) للكاتبة المغربية سمية البوغافرية وهي التي عرفتها قاصة خلال سنوات كنا نكتب معا في منتديات موقع القصة العربية ، كنت أقرأ لقاصة لا يمكن أن تكون مزيفة ولا منتحلة لاسم أو تختبئ تحت اسم (كما اعتدنا في الأنترنت كثيرا) كانت تشعرني كتاباتها أنها امرأة تحمل رسالة تؤمن بها في حياتها وتكرس قلمها لهذه الرسالة دون أن يكون ذلك رسالة دعوية أو خطابية مباشرة بل بلغة أدبية سردية لا ينقصها الفن تلتزم صاحبتها الهم الاجتماعي بكل ما تعنيه الأخلاق والدين كشأن حضاري إنساني منفتح متقبل الآخر .
أما أن تكون سمية كتبت رواية ومنذ عام 2004 فمسألة تحتاج لتهيؤ من نوع آخر لتلقيها لي كقارئ ولذا قلت سأقرأ الرواية سأقرؤها وسأخصص لها ساعة يوميا حتى تنتهي على اعتبار أن الرواية مهداة من كاتبة صديقة وهكذا دخلت على مهل على ظن بأنني أعرف مسبقا أسلوب الكاتبة القصصي ولكن ….
ما أن قرأت الصفحات العشر الأولى حتى وجدتني أمام أسلوب يختلف عن أسلوب القصة الذي تكتبه سمية وأيقنت أنني في رواية وبلغة سلسة جميلة مختلفة .
قبل أشهر رأيت مقالا صحفيا نقديا لصديقنا الكاتب شريف صالح عن الرواية فتجنبته كي لا أستبق المقال على الرواية وأرجأته (لأنني أقول إن شريف صالح يرتج على ما سيقال بعده وهو الأديب القاص صاحب اللغة الساحرة) وكما قلت دخلت في الرواية ونسيت الوقت وأرقام الصفحات وعلمت أنني في رواية تشدني حكايتها منذ البدء منذ طفولة زليخة المثيرة بالبيئة البشرية والطبيعية حولها ولدقائق الوصف الذي نثرته الكاتبة في ثنايا السرد من تفاصيل حالة المرأة متمثلة بامرأة عمها التي تعامل من عمها معاملة وحشية مقارنة بين عمل المرأة الذي يستلزم الانحناء وتتساءل في
ص 10((بدت لها الانحناءة لصيقة بالمرأة فتساءلت محتارة ” أهنّ يحنين رؤوسهن لأن أشغالهن تستلزم الانحناء أم لأنهن ضعيفات؟؟))
وبالطبع انبنت صورة زليخة على أن تتمرد بالمداورة على واقعها دون أن تذكر الكاتبة مصدرا يمد زليخة بهذا التمرد اللهم إلا إن كان ذلك ردة فعل على ما يجري حولها ولكن ردة الفعل وحدها لا تؤتي أكلها إلا إذا تهيأت الظروف ولكن سمية لم تذكر تصريحا أيا من هذه الظروف المؤهلة ولم تربط أحداث الرواية بسياقات اجتماعية أو تحولات وطنية كبرى فظلت البطلة بمعزل عن نسيج المجتمع الكلي وارتباط الريف بالمدن وتأثيرات كل على الآخر ولهذا بدت زليخة كأنها مقطوعة من شجرة خلال أيام زواجها فلا تواصل مع أحد حتى من الأهل أهل الزوج أو أهل الزوجة باستثناء زيارة دخيلة من صديق زوجها علي بو عمران المقيم في فرنسا والمتزوج من ابنة خالته المتفرنسة والتي صورتها بالمرأة المنسلخة عن قيم المغرب وأدارت بينها وبين زليخة حوارا كان سطحيا أضعف الفصل ولم يتعمق في طرح وجهتي نظر متباينتين كما في الروايات الكلاسيكية وكان برأيي أضعف نقطة في الرواية وقد ورد شيئا عن هذا عرضا في مقالة شريف صالح ، وظلت زليخة أسيرة البيت الزوجي كزوجة صالحة حد مسح حذاء زوجها وتقليم أظافره وهذا حقيقة يتنافر مع شخصية زليخة في طفولتها وفي يفاعتها كما صورتها الكاتبة ناهيك عن أن زليخة كانت تخطط للالتحاق بالجامعة مع أخيها مهدي وكانت رافضة فكرة الزواج ولا ندري كيف رضخت لإرادة والديها ، وحين وجدناها في بيت الزوج وجدنا أنفسنا مع شخصية زوجة جل اهتمامها ارضاء زوجها وجعل البيت واحة رضى وملاذا نفسيا للزوج ، هل قصدت الكاتبة من ذلك رسالة للمرأة أن تكون زوجة همها طاعة زوجها وتوفير كل الراحة له أي زوجة صالحة ؟.
تحول زليخة لسنوات الزواج الأولى لم يطغ على شخصية زليخة الفتاة القوية فبعد أن قرر الزوج المتضجر من حياته في القرية أن يهاجر ويترك زوجته وأولاده رغم كل محاولات زليخة على جعله راضيا بالحياة ، مثلها ، وفشلها في إقناعه ثم رحيله هنا تعود زليخة إلى قوتها وتقرر مواجهة الحياة بإرادة إنسانة قوية ووضعت خطة وهدفا أن تربي أولادها كما يجب وأن تكون منتجة متفاعلة مع نساء القرية بأن تصبح الخياطة الماهرة لتعتمد على نفسها في شؤون الحياة وهي تنتظر عودة الزوج “سعيد” الذي على ما بدا لم يتوفق في غربته فقرر طلاقها وكونها اعتادت غيابه فكان الطلاق أمرا ليس كارثة ولم يدمرها بل شد من عزيمتها لتكون الأم والأب بالوقوت نفسه وهكذا تجتاز بولديها العمر وتصل بهما إلى الجامعة فيتخرجا منها البنت طبيبة والشاب مهندسا وهي خلف مكنة الخياطة تخيط وكل هدفها أن تكون مستقلة ناجحة حتى استطاعت الحصول على حصتها من الميراث من أهلها وأن تبني بيتا للأسرة وتترك بيت زوجها القديم وأن تنتقل إلى مكان أفضل وكانت تريد أن يكون زوجها شريكا لها في هذا البيت ولكنه ارسل لها ورقة الطلاق مما جعلها تحبط من عودته إليها كزوجة وقفت معه في غيابه .
لا أدري ماذا يقول النقاد في عدم ذكر الكاتبة لحياة أهلها وكيف سارت حياتهم فحصولها على الميراث لم يكن واضحا وانقطاع ذكر الأهل تماما في خلال فترة غياب الزوج وموقفهم من ذلك كله ظل مغيبا ولم تعد لتلك الرابطة أي ذكر سوى لأخيها مهدي الذي ظهر في نهاية الرواية لحاجة الرواية لاستعادة سعيد إلى أولاده ومن ثم بيته فيما بعد ،
إن امرأة خطت حياتها بصبر وقوة ونجحت بتربية ابنيها وتوصيلهم إلى بر الأمان وتغلبها على كل الصعوبات وابتداعها لأساليب من حياتها المتاحة لتعمير حياتها وملأها بالعمل وبالنساء زبوناتها في الخياطة لا يجب مع هذه الشخصية من وجهة نظري تدجينها بالرضى والخنوع لإعادتها إلى زوجها بمجرد بوسة ذقن ، هذه المرأة ما كان حسب شخصيتها عليها أن تتنازل عن عمرها الذي قضته في سبيل ولديها بعد أن جعلتهما هدفا لها لتعويض نقصها وما فاتها من تعليم وقد فازت فوزا قلما يفوزه إلا ذو إرادة وصلابة نفسية لامرأة إنسانة .
ولكن لا أعرف ماذا كان في رأس الكاتبة وهي تعطينا شخصيتين متناقضتين لبطلتها الأولى شخصية زليخة حتى قرار زواجها ثم تبدلها فورا لامرأة مستكينة تابعة طائعة تحت إيمان عرفي اجتماعي وشرعي ديني حد مسح حذاء زوجها تطوعا ، ولربما أنا كقارئ أرغب رغبة غير واقعية لأن تكون زليخة نافرة ناشزة عن سياق الحياة الزوجية في مجتمعاتنا العربية لتستقيم الحكاية مع شخصية المتمردة في طفولتها ومن ثم انتهاء البطلة بموقف عاطفي ضعيف تحت ضاغط اجتماعي لتعود زوجة في نهاية عمرها كما يجب أن أتخيل كقارئ أنها قبلت دون شروط أن يجمعها وسعيد بيت واحد كي لا أقول سرير واحد آن لم يعد تلك الأهمية لهذا السرير بعد أن تمزق شباب جسدها حرقة وحسرات وهي وحيدة في يباب السرير الزوجي .
يمكنني التخمين (وأنا لست إلا قارئ روايات وليس من اختصاصي لا نقد الروايات ولا باعي طويل في نقديا) تخميني هو أن الكاتبة قد تكون (أكيد) متمكنة في معرفة نفسية المرأة وما ينطوي في أعماقها أكانت ذات شخصية قوية أو ضعيفة فبالنهاية محكومة بتقاليد وأعراف وشرع وواقعة تحت كل هذه السلطات وإن كانت سمية البوغافرية تريد للمرأة أن تكون على تلك القوة فتطرح الظلم وتكسر نير العبودية وتؤسس لامرأة ترفض (الانحناء) فإن سمية ليست تستورد أفكارها التحررية من الغرب ومن الأفكار المستوردة وهذا ما أجزم فيه فـ سمية هي متجذرة في بيئتها ومتأصلة في أخلاق مجتمعها وتستمد حريتها (حرية المرأة) وزليخة كنموذج من مبادئ عقيدتها وعقيدة مجتمعها الإسلامية بما يحقق للمرأة تلك المكانة كإنسانة حرة ولكن من ضمن ما يرسمه لها دينها كزوجة صالحة ندا للرجل في الحياة يدها بيده لبناء الأسرة بناء المجتمع بفهوم الإصلاح والتعاون لا بمفهوم الثورة الواردة الغريبة التي تؤدي إلى الهدم القيمي وتمزيق الأسرة والتي هي لبنة الأساس في كل مجتمع حسبما ترى الكاتبة وها هي زليخة توصي ابنتها :
صفحة 190 ((حذاري أن تغتري بالمال وترخين زمام بيتك فالمال يُدرك بالعمر ومنابعه كثيرة أما بيتك فأنت عصب الحياة فيه وساقيته الوحيدة التي يرتوي منها كل أفراد أسرتك وإذا فلت منك زمامه لا قدر الله جرفتك الرياح واعلمي أن سعادة المرأة في سعادة أسرتها ونجاحها الحقيقي في نجاح أفراد أسرتها وأن أي نجاح يأتي على حساب نجاح أسرتك وسعادتها هو ضربة هدم لأساس بيتك …))
لذلك كانت تطغى النزعة التصالحية على شخصية زليخة وقد تركتنا في نهاية نتخيلها أن المجتمع الرجولي قدّر لها ندّيتها وقدّر لها قوة استقامة عزة نفسيتها دون أن يعني ذلك أن هذه المرأة القوية تصل حد إلغاء الرجل في حياتها والاستغناء عنه ، ولكن أي رجل إنه الرجل الذي لم يقدّرها وهجرها وهجر ولديه معها ولا أعرف هل انقطعت الرجال فلم تجعل الكاتبة حلا آخر لزليخة فتزوجها من رجل تختاره فتبدأ حياة زوجية جديدة فتنجح بها أو تفشل .
وهذه افتراضات اجتماعية لا يجوز فرضها على الكاتبة ونقول لها لماذا كتبت روايتك هكذا فهي لم تكتب لتراعي قارئا بحد عينه ولم تفكر بما أفكر به أنا كقارئ وبما أنها كاتبة تبطن أفكارها طوايا روايتها فأنا قارئ قد أخالفها الرأي في أفكارها وهذا الخلاف خلاف فكري لا دخل له في بنية الرواية من الناحية الفنية أو الأدبية فـ سمية لا تجعلني مجبرا على قراءتها ولو كانت روايتها دون أهمية ما كنت قرأتها أساسا ولكني قرأت الرواية ناسيا الوقت حتى نهايتها دون انقطاع في نهار واحد وهذه ليست مزية لي أكثر مما هي مزية للرواية التي أدخلتني في شبكة نسيجها دون ملل من أولها إلى آخرها بلغة سهلة سهولة ماء غزير في أرض بسيطة .
وكون الرواية هي الأولى للكاتبة فأرى أنها ستعطي الأفضل من كل النواحي في مستقبل الكتابة ولا ينقصها شيء سوى تعميق التجربة الكتابية والروائية بشكل خاص من جهة الفن الروائي وأراهن على أن سمية تتقبل مني ومن غيري تلك الملاحظات مع تأكيدي على أن قراءتي هي قراءة قارئ يقول رأيه مكتوبا ليس إلا ….
ولابد في النهاية من أن أقول كلمة بحق الأخطاء الإملائية والنحوية وأنحو بالعتب على دار النشر التي يديرها صديقنا الكاتب خليل الجيزاوي التي من المفروض أن يكون لديها من يراجع الكتاب قبل النشر فإن سهى الكاتب عن كلمات يكون للمدقق دور في ذلك .
وعلى كل هي أخطاء موجودة ولكن ليست بالكثيرة .

دمشق
25-5-2012
شاهر خضرة



الساعة الآن 11:22 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر